لماذا اتيت ؟
لماذا اتيت ؟
رأيتك تتسلل الى عالمي اكثر من مرة.. فأي ريح جاءت بك إليَ؟
هل جئت تبحث عن عطر شبابك بين اوراقي؟ هل جئت تختبر قوة ذاكرتي بك؟
هل جئت تجس نبض احساسي بك بعد هذا العمر، وهذا الفراق، وهذا الغياب؟
هل جئت تزور ضريح الحكاية في أعماقي، وتترك وردك الابيض عليه؟
هل جئت تزيل غبار صورتك المعلقة في غرفة اعماقي منذ ليل فراقك الأسود؟
هل جئت باحثا عن الطفلة التي كبرت بين يديك حبا، وتعلمت منك اللعبة الاولى، واللهفة الاولى، والكذبة الاولى،
والدهشة الاولى، والخطيئة الاولى؟
هل جئت باحثا عن مراهقة الثامنة عشرة التي نزفت في عينيها أروع رسائلك، وأصدق مشاعرك، وبللت ذقنك
خلفها بأصدق دموعك؟
هل جئت باحثا عن الفارسة التي علمتها الخيل والليل، ووضعت يدك في يدها، وانت تسابقها على ظهر الخيل،
وتصرخ في الفضاء" أحبك بحجم هذا الفضاء"
هل جئت تبحث عن صاحبة الظفائر التي اوصيتها بظفائرها وعطرها وليلها وحلمها وطهرها وقلبها خيرا؟
هل جئت تبحث عن النقية التي أحرقت علية سجائرك.. وكسرت زجاجة خمرك.. وعلمتك الصلاة والصيام
والزكاة، وحلمت بأن ترافقك الى بيت الله الحرام؟
هل جئت باحثا عن انثاك التي تركت عطر يديك في يديها.. وخزت صوتك في اذنيها.. وحفرت ملامح وجهك في
عينيها، وزرعت اشجار حنينك في ليلها، حتى امتلات بك، وفاضت؟
هل جئت باحثا عن المجنونة التي اهديتها يوما مشط شعرك المستخدم، وفرشاة اسنانك القديمة، وقطعة محارم
صغيرة مسحت بها جبينك المرهق يوما والقيتها بإهمال، فتلقفتها هي بحب؟
هل جئت باحثا عن الاحساس الذي لايموت، والحكاية التي لا تتكرر، والعمر الذي لايعود؟
وبعد ان ارعبنا المساء
معظمهم بعد الاوان يعودون.. وليتهم لا يفعلون!
|