مرض الخرس الزوجي الأسباب – العلاج
مرض الخرس الزوجي الأسباب – العلاج
بسم الله الرحمن الرحيم
الخرس في الحياة الزوجية مرض قاتل وداء فتاك , يقضي على الأس والأصول التي ينبغي أن تبنى عليها الحياة الزوجية , والتي أرشدنا إليها القرآن الكريم في قوله سبحانه : \" وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) سورة الروم.
وأرشدنا إليها النبي الكريم صلى الله عليه وسلم حينما حثنا على الزواج من ذوات الأبكار , فعَنْ جَابِرٍ ، قَالَ:
هَلَكَ أَبِي ، وَتَرَكَ سَبْعَ بَنَاتٍ ، أَوْ تِسْعَ بَنَاتٍ ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً ثَيِّبًا ، فَقَالَ لِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : تَزَوَّجْتَ يَا جَابِرُ ؟ فَقُلْتُ : نَعَمْ ، فَقَالَ : بِكْرًا أَمْ ثَيِّبًا ؟ قُلْتُ : بَلْ ثَيِّبًا ، قَالَ: فَهَلاَّ جَارِيَةً تُلاَعِبُهَا وَتُلاَعِبُكَ ، وَتُضَاحِكُهَا وَتُضَاحِكُكَ ؟ قَالَ : فَقُلْتُ لَهُ : إِنَّ عَبْدَ اللهِ هَلَكَ ، وَتَرَكَ بَنَاتٍ ، وَإِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَجِيئَهُنَّ بِمِثْلِهِنَّ ، فَتَزَوَّجْتُ امْرَأَةً تَقُومُ عَلَيْهِنَّ وَتُصْلِحُهُنَّ ، فَقَالَ : بَارَكَ اللهُ لَكَ ، أَوْ قَالَ خَيْرًا. أخرجه \"أحمد\" 3/308(14357) و\"البُخَارِي\" (4052) و\"مسلم\" 4/176(3629) والتِّرْمِذِيّ\" 1100 .
والخرس الزوجي يبعث على مشاعر اليأس لدى كثير من السيدات،حيث ترى زوجها إذا كان خارج البيت يضحك ويمازح فإذا ما دخل إلى بيته أصيب بسكتة كلامية , كما أن هذا الخرس يستثير الرجل ويزعجه بصورة كبيرة، ويترتب على الصمت الذي تغرق فيه العلاقة الزوجية حدوث أزمة حقيقية يترتب عليها مشاكل صحية، ونفسية واجتماعية , بل ويتأثر به الأولاد تأثرا مباشرا فلا يعرفون فن الحوار ولا يجيدون فن الاتصال والتواصل مع الناس .
ومرض الخرس في الحياة الزوجية له أسباب كثيرة منها :
1- عامل التنشئة : فقد ينشأ الزوجان في بيت يعاني من هذا المرض فيتوارثانه , ولا يستطيعان التخلص منه.
2- انعدام الكفاءة بين الزوجين : فقد تختلف ثقافة واهتمامات كل منهما عن الآخر لعامل السن أو التعليم أو التربية فلا يستطيعان التواصل .
3- بعض السلوكيات المنفرة من أحد الزوجين : فالسلوكيات والتصرفات المنفرة من أحد الزوجين قد تدفع الطرف الآخر إلى تجنب الحديث معه إيثاراً للسلامة وبعدا عن الشقاق والخلاف .
سمعت الصحيفة المشهورة بهذه الزيجة الناجحة التي استمرت لمدة ستين عاماً ، وزادت الدهشة عندما وصلت تقارير المراسلين تقول أن الجيران أجمعوا على أن الزوجين عاشا حياة مثالية ، ولم تدخل المشاكل أبداً إلى بيت هذين الزوجين السعيدين .هنا أرسلت الصحيفة أكفأ محرريها ليعد تحقيقاً مع الزوجين المثالين ، وينشره ليعرف الناس كيف يصنعون حياة زوجية سعيدة .. المهم المحرر قر أن يقابل كلا الزوجين على انفراد ، ليتسم الحديث بالموضوعية وعدم تأثير الطرف الآخر عليه . بدأ بالزوج سيدي ، هل صحيح أنك أنت وزوجتك عشتما ستون عاماً في حياة زوجية سعيدة بدون أي منغصات ؟ نعم يا بني ولم يعود الفضل في ذلك ؟ يعود ذلك إلى رحلة شهر العسل فقد كانت الرحلة إلى إحدى البلدان التي تشتهر بجبالها الرائعة ، وفي أحد الأيام ، استأجرنا بغلين لنتسلق بهما إحدى الجبال ، حيث كانت تعجز السيارات عن الوصول لتلك المناطق . وبعد أن قطعنا شوطاً طويلا ، توقف البغل الذي تركبه زوجتي ورفض أن يتحرك ، غضبت زوجتي وقالت : هذه الأولى ثم استطاعت أن تقنع البغل أن يواصل الرحلة . بعد مسافة ، توقف البغل الذي تركبه زوجتي مرة أخرى ورفض أن يتحرك غضبت زوجت ي وصاحت قائلةً : هذه الثانية ثم استطاعت أن تجعل البغل أن يواصل الرحلة . وبعد مسافة أخرى توقف البغل الذي تركبه زوجتي وأعلن العصيان كما في المرتين السابقتين ، فنزلت زوجتي من على ظهره ، وقالت بكل هدوء : وهذه الثالثة ثم سحبت مسدساً من حقيبتها ، وأطلقت النار على رأس البغل ،فقتلته في الحال .. فثارت ثائرتي ، وانطلقت أوبخها ، لماذا فعلت ذلك ؟ كيف سنعود أدراجنا الآن ؟ كيف سندفع ثمن البغل ؟ انتظرت زوجتي حتى توقفت عن الكلام ، ونظرت إليّ بهدوء وقالت : هذه الأولى.
4- عدم استماع الزوج إلى زوجته , وعدم استماعها إليه , إضافة إلى عدم اهتمام كل منهما بمشاعر الآخر وباهتماماته وهواياته.
4- ضغوط الحياة الاقتصادية وكثرة الأعباء والمسئوليات قد تجعل أحد الزوجين ينصرف عن الآخر .
5- التكبر والتعالي من أحد الزوجين : فقد يتكبر أحد الزوجين ويتعالى على الآخر وينظر إليه بازدراء فيضطر الطرف الآخر للانصرف عنه , أو قد يفهم بعض الرجال مفهوم القوامة على غير وجهها الصحيح فيظن أن القوامة تعالياً على الزوجة وضع للفواصل بينه وبينها , وينسى قول الله تعالى \" هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ (187) سورة البقرة , وقول النبي صلى الله عليه وسلم : \" خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى. أخرجه ابن ماجة (1977) عن ابن عباس رضي الله عنه .
فيعتقد هذا الزوج أن ملاطفة الزوجة وملاعبتها يعد انتقاصاً لرجولته، أو سقوطاً لهيبته ومنزلته . وهذا مخالف لهدي نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، الذي كان يداعب أزواجه ويضاحكهن ويلاطفهن، والأخبار في هذا مشهورة معلومة . فمنها: قوله صلى الله عليه وآله وسلم :( كل ما يلهو به الرجل المسلم باطلٌ إلا رميه بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته أهله فإنهن من الحق ) رواه الترمذي(1637) وقال: حديث حسن صحيح .
ولقد طبق صلى الله عليه وسلم هذا النهج عملياً في حياته , وفي معاملته مع زوجاته .
وهناك الحديث المشهور الذي روته كتب السن , حينما جلس صلى الله عليه وسلم مع أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يسامرها فحكت له قصة طويلة فقالت: \" جَلَسَ إِحْدَى عَشْرَةَ امْرَأَةً فَتَعَاهَدْنَ وَتَعَاقَدْنَ أَنْ لَا يَكْتُمْنَ مِنْ أَخْبَارِ أَزْوَاجِهِنَّ شَيْئًا \" وهي قصة أم زرع .والقصة بطولها في : البخاري (5/1988 ، رقم 4893) ، والترمذي في الشمائل (1/209 ،رقم 254) . وأخرجه أيضًا : مسلم (4/1896 ، رقم 2448) ، والنسائي في الكبرى (5/354 ، رقم 9138) ، وأبو يعلى (8/154 ، رقم 4701) ، وابن حبان (16/25 ، رقم 7104) .
وكذا مسابقته صلى الله عليه وآله وسلم لعائشة-رضي الله عنها-، فقد حدثت-أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها- أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ قال: فسابقته فسبقته على رجلي، فلما حملتُ الحم سابقته فسبقني، فقال: ( هذه بتلك السبقة ) . رواه أحمد(23598)، وأبو داود(2578) والفظ له، وقال الألباني: صحيح. ورواه ابن ماجه(1979).
وأيضاً وفي صلح الحديبية لما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتابة المعاهدة،وجد بعض الصحابة أن في بعض هذه الشروط إجحاف وظلم على المسلمين حتى أن عمر بن الخطاب قال :فَأَتَيْتُ نَبِيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، فَقُلْتُ : أَلَسْتَ نَبِيَّ اللهِ حَقًّا ؟ قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : أَلَسْنَا عَلَى الْحَقِّ ، وَعَدُوُّنَا عَلَى الْبَاطِلِ ؟ قَالَ : بَلَى ، قُلْتُ : فَلِمَ نُعْطِي الدَّنِيَّةَ فِي دِينِنَا إِذًا ؟قَالَ : فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قَضِيَّةِ الْكِتَابِ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لأَصْحَابِهِ : قُومُوا فَانْحَرُوا ، ثُمَّ احْلِقُوا ، قَالَ : فَوَاللهِ ، مَا قَامَ مِنْهُمْ رَجُلٌ ، حَتَّى قَالَ ذَلِكَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ، فَلَمَّا لَمْ يَقُمْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، دَخَلَ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ ، فَذَكَرَ لَهَا مَا لَقِيَ مِنَ النَّاسِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : يَا نَبِيَّ اللهِ، أَتُحِبُّ ذَلِكَ ، اخْرُجْ ، ثُمَّ لا تُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ كَلِمَةً ، حَتَّى تَنْحَرَ بُدْنَكَ ، وَتَدْعُوَ حَالِقَكَ فَيَحْلِقَكَ ، فَخَرَجَ ، فَلَمْ يُكَلِّمْ أَحَدًا مِنْهُمْ ، حَتَّى فَعَلَ ذَلِكَ ، نَحَرَ بُدْنَهُ ، وَدَعَا حَالِقَهُ فَحَلَقَهُ ، فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِكَ قَامُوا فَنَحَرُوا ، وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يَحْلِقُ بَعْضًا ، حَتَّى كَادَ بَعْضُهُمْ يَقْتُلُ بَعْضًا غَمًّا. أخرجه أحمد 4/323(19116) و\"البُخَارِي\" 2/206(1694 و1695) السيرة النبوية لابن كثير 3/335.
حتى في المواقف التي تحتاج إلى تعليم وزجر , لم ينس صلى الله عليه وسلم أن يفتح حواراً مع زوجاته ليصح المفهوم ويبين الخطأ , ولا يترك الحل للصمت وأخذ المواقف السلبية , عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسِ بْنِ مَحرَمَةَ بْنِ الْمُطَّلِبِ ، انَّهُ قَالَ يَوْما : إلا أحدثكم عَنِّى وَعَنْ امِّى . قَالَ فَظَنَنَّا انَّهُ يُرِيدُ أمه التي وَلَدَتْهُ . قال : قَالَتْ: عَائِشَةُ إلا أحدثكم عَنِّى وَعَنْ رَسُولِ الَّه ِ صلى الله عليه وسلم قلنا بَلَى . قال : قَالَتْ:لَمَّا كَانَتْ ليلتي التي كَانَ النَبِيُّ ُ صلى الله عليه وسلم فيها عندي ، انْقَلَبَ فَوَضَعَ رِدَاءَهُ ، وَخَلَعَ نَعْلَيْهِ ، فَوَضَعَهُمَا عِنْدَ رِجْلَيْهِ ، وَبَسَطَ طَرَفَ إزاره عَلَى فِرَاشِهِ ، فَاضْطَجَعَ. فَلَمْ يَلْبَثْ إلا رَيْثَمَا ظَنَّ أن قَدْ رَقَدْتُ. فَاخذَ رِدَاءَهُ رُوَيْدا ، وَانْتَعَلَ رُوَيْدا ، وَفَتَحَ الْبَابَ فَخرَجَ. ثُمَّ اجَافَهُ رُوَيْدا ، فَجَعَلْتُ درعي في راسي ، وَاخْتَمَرْتُ ، وَتَقَنَّعْتُ ازَارِى ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ عَلَى أثره . حَتَّى جَاءَ الْبَقِيعَ فَقَامَ . فأطال الْقِيَامَ . ثُمَّ رَفَعَ يَدَي ْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ . ثُمَّ انْحَرَفَ فَانْحَرَفْتُ . فأسرع فأسرعت . فَهَرْوَلَ فَهَرْوَلْتُ . فَاحْضَرَ فأحضرت . فَسَبَقْتُهُ فَدَخَلْت . فَلَيْسَ إلا إن اضْطَجَعْتُ فَدَخَل . فَقال : مَا لَكِ يَا عَائِشُ ؟ حَشْيَا رَابِيَةً ، قَالَتْ: قُلْتُ: لا شَىْء . قال : لَتُخْبِِِرِينِِي أو ليخبرني الَّطِيفُ الْخَبِير . قَالَتْ: قُلْت: يَا رَسُولَ الَّهِ بابي أنت وَامِّى . فأخبرته قال : فأنت السَّوَادُ الذي رأيت امَامِى . قُلْت: نَعَمْ . فَلَهَدَنِى في صدري لَهْدَةً أوجعتني ثُمَّ قال : أظنت أن يَحِيفَ الَّهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ ؟ قَالَتْ: مَهْمَا يَكْتُمِ النَّاسُ يَعْلَمْهُ الَّهُ . نَعَمْ . قال : فَانَّ جِبْرِيلَ اتَانِى حِينَ رأيت . فَنَادَانِى. فَاحفَاهُ مِنْكِ . فأجبته . فَاحفَيْتُهُ مِنْكِ . وَلَمْ يَكُنْ يَدْحلُ عَلَيْكِ وَقَدْ وَضَعْتِ ثِيَابَك .ِ وَظَنَنْتُ أن قَدْ رَقَدْتِ . فَكَرِهْتُ أن أوقظك . وَخشِيتُ أن تستوحشي . فَقال : إن رَبَّكَ يأمرك أن تأتى أهل الْبَقِيعِ فَتَسْتَغْفِرَ لَهُمْ . قَالَتْ: قُلْت: كَيْفَ أقول لَهُمْ يَا رَسُولَ الَّهِ ؟ قال : قولي: السَّلامُ ع َلَى أهل الدِّيَارِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُسْلِمِينَ وَيَرْحَمُ الَّهُ الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنَّا وَالْمُسْتَاخرينَ وإنا ، إن شاء الَّهُ بِكُمْ لَلاحِقُونَ. أخرجه أحمد 6/221 . و\"مسلم\" 3/64.
|