|
رد: سلسلة رحلتي إلى النور أم الزبير
سلسلة رحلتي إلى النور أم الزبير
السلام عليكم حبيباتي
بعد ان ذهبنا الى المملكة العربية السعودية , الحمد لله منَّ الله على امي بلبسها للنقاب , والحمد لله عشنا حياة مريحة من ناحية المصاريف المعيشية , ولكن بصراحة انا عشت عشر سنوات الله المستعان احسست فيها بمعنى الغربة الحقيقي , رغم صغر سني في ذلك الوقت
وكنت ابكي كل يوم عندما أجد نفسي وحيدة في البيت بعد ذهاب أمي للعمل < أمي مدرسة لذوي الاحتياجات الخاصة فئة المعاقين ذهنياً > , وذهاب اخواتي الى المدرسة وانا كنت ابقى مع ابي في البيت
كنت اشعر بالوحدة والغربة في نفس الوقت
كنت ابكي مراراً
اعيدوني الى مصر
اريد ان ارجع إلى جدتي
إلى حارتي وأصدقائي
سبحان الله ذهبت معهم أول سنة وكان عمري اربع سنين , السنة التي بعدها بقيت في مصر مع جدتي وأخوالي وجدي
حيث اشعر بينهم بالأمان والمحبة فأمي هي البنت الوحيدة والكبيرة ولها اربع من الأولاد , بقيت هذه السنة ودخلت مدرسة خاصة , ودرست الصف الأول الإبتدائي فقط
بعدها رجعت مع أمي الى المملكة , لأن أمي تعبت أثناء غيابي عنها , حيث كنت أنا الصغيرة والمدلة و
وقد أنعم الله عليَّ بذكاء وسرعة بديهة والحمد لله , سبحان الله هذه الصفات التي منَّ الله بها علي كانت ولله الحمد السبب في معاناتي لمدة سبع سنوات
رجعت إلى المملكة ودخلت الصف الثاني الإبتدائي وكانت بداية دراستي في المملكة , درست التوحيد والفقه والقرآن والحديث والتفسير والتجويد وباقي المواد العلمية
وكنت كل سنة أكون الأولى على رفيقاتي في المدرسة , وكانت المدرسات يعطوني الهدايا الكثيرة , ودائما أُكَرَّم في الطابور الصباحي , وعرفت في المدرسة بالممتازة والمثالية والمؤدبة , فكنت عند والديَّ محبوبة وقد قرت عينهما بي , وفي نهاية كل عام كنا نسرع الى الهاتف لأخبر جدتي أني نجحت وطلعت الأولى وأخبرها بموعد مجيئنا الى بلدي حبيبتي مصر .
كانت صديقاتي في المدرسة لا يحبوني لأني كنت متفوقة عليهن , حتى في الحارة التي كنت أسكن فيها كانوا لا يريدوني ألعب معهم , لأنهم بساطة يغارون مني , يا الله !!
بقيت على هذه الحالة من التفوق والإمتياز إلى الصف الخامس الإبتدائي
في الصف السادس بدء مستواي العلمي يضطرب , وبدأت المدرسات يشتكين مني , وهذا غير معتاد ,
وبدئت أهمل في نفسي , وأصبحت أنام لفترات طويلة جدا , ولم يعرف مستواي بالمرتفع او المنخفض , احيانا اكون في القمة واحيانا اكون في القاع , وأصبحت أمي غاضبة علي جدا
بدأت حالتي تزداد سوءاً يوما بعد يوم , وأنا لا أعرف ما الذي جرى لي
حتى أصدقائي , أصبحوا ينفرون مني , لأنهم تعودوا على الممتازة التي تساعدهم على حل الواجبات , في المواد العلمية وبالخصوص مادة اللغة الانجليزية , فقد كنت اقدم لهن المساعدات حتى يحبوني ويجعلوني العب معهم واتحدث معهم , لأني لا أحب الوحدة , ولكن بعد التدني الذي أصبح يرافقني يوما بعد يوم , فقدت كل شيء إلا واحده فقط
هي أختي الكبرى , هي إحدى التوأم وهي الكبيرة , هذه كانت أمي وصديقتي وأختى , اما أختي الأخرى كانت أمي تحبها كثيرا لانها طيبة ولا تحب التجربة مثلنا وليس عندها حب استطلاع هي فقط تريد أن تأكل وتنام وتستمع إلى الشرائط الإسلامية وتصلي .. فقط
لذلك كانت امي تحبها جدا جدا ,
بعد أن أنهيت الصف السادس الإبتدائي , انتقلت بعدها إلى المرحلة المتوسطة ( الإعدادية ) ودخلت الصف الأول الإعدادي , وهنا أصبحت حياتي تتسم بالفوضى وعدم الإستقرار , وبعدما ضاعت مني الراحة التي أناشدها في البيت , بحثت عنها خارج البيت , وتعرفت على بنات في هذه المدرسة , وقد اشتهرت هذه المدرسة بالسلوكيات السيئة جدا, ولكن كل مكان في العالم كما فيه شر فيه أيضا خير
كان في تلك المدرسة معلمة لازلت اذكر اسمها واذكر ملامح وجهها , هي مدرسة للمواد الشرعية وكانت في المدرسة الثانوية , ولكن ماشاء الله عليها نحسبها على خير والله حسيبها , كانت جميع الطالبات يحبونها , ويحبون حصتها كثيرا , كان لها اسلوب الله اكبر كالسحر , عندما تتحدث الى الطالبات كانت تستطيع ان ترق قلوبهن القاسية , وتجري على خدودهن أنهار الدموع الجارية . سبحان الله , وأي نشاط ديني في المدرسة كانت هي المسئولة عنه .
أما أنا كنت دائما أشعر بالضيق , والاختناق , ودائما دائما أبكي بدون سبب داعي للبكاء , وتعرفت على بنات ليس لهم هم إلا الموضه وأدوات التجميل وسماع الأغاني
لقد بحثت عن الحب والعطف والراحة خارج المنزل , وجدتها معهن , فكنا كثيرا ما نضحك ونمزح وكنت اذهب اليهن في المنزل واستمع معهن الى الأغاني , واستمع إلى قصصهن الغرامية مع الشباب , وأنا لم أتربى على ذلك , وأنا أعرف حق المعرفة أن هذا خطأ ويغضب الله تعالى , ولكني أستغفر الله لم أعمل حساب لربي ولكن كل ما أخاف منه هي أمي , أخاف أن تعلم بأمري , وبما يحدث أثناء لقائي بصديقاتي , كانت ترفض بشدة أن أذهب اليهن في البيت , وتقول أنا لا أحب اجتماع البنات مع بعضهن , لأن هذا يجلب المصائب والضياع للبنات , كنت اذهب اليهن بعد إلحاح شديد على أبي
, لأن أمي كانت ترفض أي شيء خطأ , كانت تعلم ان تجمعنا هذا لا يأتي من وراءه خير , لكنها لو أخذتني في حضنها وقال يا ابنتي يا حبيبتي أنا اخاف عليك , و
لما كنت عصيتها أبدا....
الصف الأول الإعدادي مر عليا كأسوأ مايكون في حياتي .
وكانت اخواتي التوأم في اخر مرحلة من الثانوية , وبعدها ليس لهم جامعة في المملكة فهم أجانب ليس من حقهم دخول جامعات في المملكة . وكان القرار أنهم سيسافروا الى مصر الحبيبة لكي يكملن الدراسة الجامعيه .
أما نحن فبقينا في المملكة لأن أختي الصغيرة عندها ثقبين في القلب . وكانت تعالج في المستشفى ولن نرجع الا بعد ان تكمل علاجها .
بعدها انتقلنا من الأحساء إلى منطقة أخرى بالقرب من الرياض اسمها حوطة بني تميم , وسافرا خواتي الى مصر ليقيموا عند جدتي واخوالي كما كنت انا عندهم من قبل , ورجعت انا وامي وابي واخي واختي الصغيرة الى المملكة .
كانت امي خائفة جدا على اخواتي من دخولهن الجامعه , اكثر مما تخاف اي ام على بناتها عند دخول الجامعه , لأنهما أتوا من دولة فيها عادات وتقاليد وتحفظات , الى دولة فيها عادات وتقاليد مختلفة جدا وفيها انفتاح وحرية غير ما تعودنا عليه , وايضا الاختلاط الغير معتاد علينا , فهناك المدرسة كلها نساء من طالبات ومدرسات وعاملات حتى البواب يكون زوج احدى العاملات حتى تقابله وتاخذ منه الطلبات الخاصة بالمدرسةاو تساعده في اي شيء
المهم كانت جدتي بمثابة الام الحنونة عليهم اكثر من امي , لاسيما وهي التي ربتهم عندما كانوا صغار قبل ذهابنا الى المملكة . وجدي واخوالي كالآباء لهم .
كنت احن كل لحظة الى اختي الكبيرة واعد الايام واليالي لاعود والتقي بها واجلس معها واحكي لها وتسمعني , ازدادت حالتي سوءا بعد انتقالنا الى هذه البلدة الجديدة
كنت اجلس في الفصل لا احد يتحدث معي لاني جديدة في المنطقه ولا اعرف فيها احد
يأتي وقت الفسحة الكل يخرج وانا ابقى بمفردي في الفصل , ليس عندي اصدقاء
اذكر اول مادخلت الفصل تسابقت الطالبات علي وكانت هذه اسئلتهم
ما اسمك؟
ما جنسيتك ؟
من وين جايه ؟
عندما كنت في الإجازة الصيفية في مصر , ذهبت إلى مدرس لغة انجليزية ودرست عنده منهج الصف الثاني الإعدادي وذهبت إلى مدرس اخر للرياضت لادرس عنده المنهج السعودي الخاص بالصف الثاني الإعدادي
قررت ان ابدء حياة جديدة بعيدة عن الذنوب والمعاصي التي كنت غارقة فيها , وقررت بداية عام جديد في منطقة جديدة
بدأت الدراسة وكنت متفوقة جدا في جميع المواد , الرياضيات وسبق شرحها لي وكذلك اللغة الانجليزية , أما اللغة العربية كان ابي يذاكرها لي والمواد الشرعية كنت انا اذاكرها ولله الحمد كنت متفوقة فيها جدا .
ولكن الوحدة كادت تقتلني , لا اخوات , ولا صديقات ,, بقيت وحيده مع نفسي والشيطان , اجلس وحيده بمفردي في غرفتي وأجلس ابكي بالساعات لا احد يعرف عني شيئا , وكنت انتهز فرصة غياب امي وابي عن البيت لأفتح التلفاز واستمع الى الاغاني او اشاهد مسلسل يسلي وقتي ويشعرني بالحنين الى بلدي واهلي والى سماع كلامنا المصري
نعود الى الظلام الذي كنت اعيش فيه , ياربي حتى زميلاتي كانوا لا يسلمون علي الا اذا كان في واجب يريدون نقله مني, واذا لم يكن في واجبات لا يسلمون علي , ولا يلقون علي حتى السلام , واذا مرضت فليس لهم علاقة بي , عادي فأنا لا اعني لهم شيئا الا لمصلحتهم ,
كرهت نفسي , وكرهت ان اكون متفوقة في دروسي , واصبح عندي اكتئاب شديد
كل هذا ولا احد يعلم عني شيء الا ربي سبحانه علام الغيوب , كنت الحمد لله متفوقة في المدرسة , لكن كان يحدث لي شيء غريب , اذا جاء وقت الامتحانات يزداد الهم والضيق ولا اعرف اذاكر اي شيء واذهب الى الامتحانات من غير مذاكرة فقط اعتمد على الله اولا ثم على ما فهمت من خلال الشرح في الفصل
وكان الجميع ينتظر ان اكون الاولى على الفصول كلها , لانه ذاع صيتي في المدرسة بين المعلمات والطالبات باني ممتازة و
وهنا تاتي الصاعقة اني حتى لم انجح بتقدير ممتاز
سبحان الله المعلمات يكاد يحدث لعقولهن شيئا , كيف , ولماذا
انتي كنتي تجيبين على الاسئلة في الفصل بتفوق , وكنتي متميزة ونشيطة , حتى الطالبات استغربن من ذلك .
ولكن هذا ما يحدث لي عند كل امتحانات , اشعر بالضيق والهم ولا اطيق الكتاب ولا المذاكرة .
وتاتي كلمات امي الجارحه لتهنئني بالنتيجه الغير متوقعه مني ,, ولكن ماذا افعل هذا قدر الله .
انتهت السنة الدراسية وعدنا لنقضي الاجازة الصيفية في مصر , وخلال الاجازة لم اشعر بالفرحة التي تغمرني بوجودي مع اخواتي واقاربي , بل كنت منعزلة عن الجميع وابكي كالعادة ولا اعرف سبب بكائي , حتى تحدثت مع ابي ووصفت له حالي وبعض الاشياء التي كنت اشعر بها لان ابي كان اقرب لي من امي وكان يسمعني اذا اشتكيت له وكان دائما يحدثني عن الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة ويحبهم الى قلبي .
فقلت له : بابا انا بحس بحاجات غريبه بتحصلي ,,
قال : بتحسي بإيه
قلت : انا دايما مخنوقة ومتضايقة وزهقانه وعايزة اقعد لوحدي
وفي حاجه غريبة بتحصلي كمان
قال : ايه الحاجة دي
قلت : لما بدخل الخلاء اعزكم الله , بعد ان اقضي حاجتي اجلس وقت طويل جدا في الخلاء لا اعرف لماذا ولا اشعر بالوقت الذي يمر علي وانا بالداخل الا اذا اتى من يريد ان يدخل او احد نبهني وطرق الباب , وايضا عندما اكون جالسه تكون يدي اليسرى فوق اليمنى وتكونان على شكل صليب والعياذ بالله , وعندما اسرع بالفكاك لا استطيع شيء ما يمنعني من فكها .
فقال : لا تقلقي خير ان شاء الله ساعرضك على طبيب نفسي
لكن ابي عرضني على طبيب نفسي , وذهبنا , ودخلت امي معي عند الطبيب , وكل ما يسألني لا اجيب الله المستعان كأن شيء يربط لساني لا استطيع ان اتحدث , وبعدها قال لي : ماما تخرج بره ؟؟
قلت يا عم الحاج ماكان من الصبح لسه فاكر
قلت : نعم
فخرجت امي : )))
وقال لي : يلا قولي مالك
بتحثي بايه < الطبيب كان عنده كل الحروف ضاربه عاملة حادثة >> يعني يتحسي بإيه ؟
لا استطيع التحدث , شيء ما يخنقني بشدة كلما اردت التحدث
فأخذ يطرح علي الاسئلة وانا اجيب بنعم ولكن نعم كانت تخرج بصعوبة واحيانا اهز رأسي
|