 |
  |
|
|
|
|
#1 |
|
عضوة شرفية |
تأملات في عام رحل.. وآخر بدأ
قبل أيام معدودة انقضي العام بأحزانه وأفراحه.. بآماله وآلامه.. أحباب كانوا بجوارنا الأمس واليوم فقدناهم.. سعادة كانت بين أيدينا منذ ليالٍ ومع غروب شمس ضيعناها.. حب كان يملأ حنايانا وفي غفلة أصبح الفؤاد خاليا.. حسنات تملأ صفحاتنا تسعدنا وفي لحظات تصير سيئات تشقينا. وها نحن نستشرق نسمات عام جديد لا زال مجهولا بالنسبة لنا، ونضع أقدامنا على أعتابه في رهبة وجل، وقد نسينا الجهة التي غادرناها.. وماذا خلفنا وجنينا من ورائها؟.. ونسينا أن هذا العبور يباعدنا من الحياة ويدنو بنا نحو الآخرة.
*** بدأ العمل بالتاريخ الهجري وجعله التاريخ المعمول به للمعالت الإسلامية، وترك ماعداه في سنة ست عشر من الهجرة النبوية الشريفة، وكان ذلك بقرار صادر من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فغدا التاريخ المقدم عند المسلمين ويجب أن نأخذ العبر من رحلة الهجرة فيها ما يعجز القلم والفكر والروح التعبير عنه من الدروس والقيم والحب والتضحية وإنكار الذات والتخطيط والتدبير والتمكين والنصر ومجاهدة العدو والاعتصام بحبل الله تعالى وحسن التوكل عليه مع الأخذ بالأسباب، فهلا قرأ شبابنا قصة الهجرة الرائعة، فهي قصة تاريخ نعتز ونفتخر به ونحافظ عليه ونقتدي به. وللأسف فإن دول معدودة التي تسير على التقويم الهجري، وبالتالي فإن الكثيرين يحتفلون برأس السنة الميلادية وتقام الحفلات الصاخبة، ويدفعون فيها المال الكثير، والحجز المسبق قبل تلك الليلة، والتدافع من أجل مطرب أو مطربة، فيستقبلون العام الجديد الميلادي عند بزوغ أول فجر بالمعاصي والآثام ولا حول ولا قوة إلا بالله. *** ها هو العام 1431ه قد احتضر ولا ندرى من احتضر معه.. وها هو العام 1432ه قد ولد وبدأ يتنسم أولى أنفاسه ولا ندرى من ولد معه.. وكلنا يعلم كما لكل عام نهاية، فلهذه الحياة نهاية، وهذه النهاية مجهول زمانها ومكانها، لكن المعلوم إنها مابين مآلين: نهاية تطوى عندها الصفحات مليئة بالباقيات الصالحات وما أحلاها من نهاية وما أعذبها من خاتمة.. ونهاية تطوى بالخطايا والعثرات فما أشقاها من نهاية وما أمَّرَها من خاتمة، وشتان مابين النهايتين. *** إن تعاقب الليالي والأيام قد يكون نعمة وقد يكون نقمة، قال صلى الله عليه وسلم: "خير الناس من طال عمره وحسُن عمله، وشر الناس من طال عمره وساء عمله". (رواه أحمد والترمذي [2330] وصحه الألباني قي صحيح الترمذي). *** يقول تعالي: { يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِّأُوْلِي الْأَبْصَارِ} (النور: 44). إن الشمس تشرق وتغرب كل يوم وليلة، وهذا دليل أن الدنيا ليست دار قرار والأعوام تت. وإذا ما أطَلَّ العام الجديد نؤمل بطول العمر ونتعلق بحبال الأماني وزيادة أيام المرء في دنياه نقصان، قال داود الطائي لرجل من أهله: "يا أخيه إنما الليل والنهار مراحل تنزل بالناس مرحلة مرحلة حتى ينتهي بهم ذلك إلى آخر سفرهم، فإن استطعت أن تقدم في كل يوم مرحلة زادا لما بين يديك فافعل، فإن انقطاع السفر عن قريب، والأمر أعجل من ذلك فتزود لسفرك، واقض ما أنت قاض من أمرك، فكأن بالأمر قد باغتك". *** كل عام نتبادل التهاني ورسائل الهواتف والإنترنت والبرقيات والمهاتفات، وتكثر البرامج المرئية والسمعية التي تتعرض لأحداث الهجرة النبوية، لكنها كالزفة التي تبدأ بالدق على الدفوف، ثم سرعان ما يخيم الصمت بعد انصراف كل إلى حال سبيله. لكن يبقى السؤال الذي يجب أن يتبادر لقلوبنا قبل أذهاننا: كيف مر العام بنا؟ وماذا جنينا منه؟ - هل حملت يا أخي هم الإسلام والمسلمين خلال هذا العام؟ وماذا فعلت وقدمت؟ - هل شعرت بالحزن والهم لانتهاك حرمات الإسلام والمسلمين؟ - هل فكرت في اليهود الذين لم تقم لهم قائمة ولا دولة إلا في أحضان أمة الإسلام وعلى مرأى من العالم وملوكه ورؤسائه وشعوبه؟ - هل تدعو عند سجودك بين يدي الله أن يعز الله الإسلام وينصر إخواننا المجاهدين والمستضعفين في كل مكان؟ - ألا تذكرت وأنت في فراشك الوثير إخواننا وأخواتنا في غزة الذين صبروا وجاعوا وشُردوا وتشت أسرهم ومُنعوا أبسط سبل الحياة من كهرباء ومياه وعلاج؟ - هل بذلت من مالك أو مصروفك ما تعينهم به وجميع المجاهدين الصابرين والمرابطين في سبيل الله والمعوزين والمرضى والغارمين؟ - هل أرتعت في رياض الجنة وتلمست مجالس الذكر؟ - أكان كتاب الله تعالى غايتك ورسوله قدوتك؟ - أقدمت يوما ما كلمة ناصحة ودعوة صادقة؟ - أصليت ركعات في جوف الليل والناس نيام؟ - أعاينت حلاوة تلاوة كتاب الله تعالى وذقت حلاوة ذكره؟ - أصمت يوما لله ليباعد بين وجهك والنار سبعون خريفا؟ - أكانت تجارتك مع الله هذا العام رابحة يُربيها لك.. أم خاسرة يُمحقها الله؟ - إن الشركاء يتحاسبون في نهاية العام، فصاحب العمل يراجع كشوفاته، وصاحب الرصيد يراجع حسابه والبنك يراجع والدول تعد ميزانية آخر العام، فهل وقفت أنت وقفة صادقة معك نفسك لمحاسبتها؟ - كيف كانت عبادتك لأرحم الراحمين؟ فالعبادة أنواع كما قال على ابن أبي طالب رضي الله عنهما: "إن قوماً عبدوا الله رغبة فتلك عبادة التجار، وإن قوما عبدوا الله رهبة فتلك عبادة العبيد، وإن قوما عبدوا الله شكراً فتلك عبادة الأحرار". ولنتساءل: ماسبب الذل والهوان الذي تعيشه الأمة الإسلامية والعربية؟ قال الله تعالى: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} (الروم: 41). قال ابن عباس : "هو نقصان البركة بأعمال العباد كي يتوبوا". وقال مجاهد: "أما والله ما هو بحركم هذا، ولكن كل قرية على ماء جار فهو بحر". *** نتوقف عند دعاء الإمام بن حنبل : "اللهم أعزني بطاعتك ولا تذلني بمعصيتك". ودعاء إبراهيم بن أدهم: "اللهم انقلني من ذل المعصية إلى عز الطاعة". لقد مضى عام 1431ه بذكرياتنا حلوها ومرها.. وأحزاننا وأفراحنا وأيام وليال من أعمارنا.. لقد رحل بلا عودة.. مثلما رحل أحباؤنا بلا عودة، وتفاوت مشاعر الناس مابين فرحة وحزن.. كل حسبما تمر عليه الليالي والأيام. يقول الشاعر: أيام تمر على أصحابها كالأعوام وأعوام تمر على أصحابها كالأيام!! |
|
|
#2 |
|
|
رد: تأملات في عام رحل.. وآخر بدأ
مشكورة
اللهم أجعله عام خير على المسلمين |
|
|
#3 |
|
|
رد: تأملات في عام رحل.. وآخر بدأ
بارك الله فيك
 وجعل مثواك الجنه وكثر الله من امثالك تقبلي مروري اختك ام ورد |
|
|
#4 |
|
|
رد: تأملات في عام رحل.. وآخر بدأ
شكرلكم
|
|
|
#5 |
|
|
رد: تأملات في عام رحل.. وآخر بدأ
 .. للابدع عنوان وانتي عنوانه .. .. سلمت يداك غلاي..على المجهود والطرح .. .. الاكثر من روعه .. .. لاتحرمينا من جديدك...... |
