|
#1 | |
:: كاتبة قديرة :: |
باب الاعتكاف فى رمضان
بــــــاب الاعتكـــاف في رمضـــــان ؟؟
بسم الله و الحمد لله وحده و أشهد أن لا إله إلا الله وحده و أشهد أن محمداً رسوله و عبده عليه الصلاة و السلام وعلى آله و صحبه و من ألتحق بحزبه أما بعد، فاعلموا عباد الله أن الاعتكاف سنةٌ ثابتةٌ عن النبي صلى الله عليه و آله و صحبه و سلم لكن ما أقل من يُحيي هذه السنة خصوصاً في مدننا و قـُرانا، و حديثنا عن الاعتكاف سيتناول بحول الله و قوته نقاط نافعة و منها : أولاً = تعريفه ثانياً = حكمه ثالثاً = مكانه و زمانه رابعا ً = شروط الاعتكاف خامسا ً = الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة سادساً = مسائل ذات صلة بالاعتكاف أولاً = تعريفه الاعتكاف لغةً الاحتباس و المكث والوقوف و المقام و الإقبال على الشيء. يقول الشيخ العلامة/ محمد صالح العثيمين رحمه الله ( الشرح الممتع 6/499 ): الاعتكاف افتعالٌ من العكوف افتعل أي دخل في العكوف مأخوذ من عكف على الشيء أي: لزمه و داوم عليه و منه قول إبراهيم عليه الصلاة و السلام لقومه: {إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ }الأنبياء52 أي لها ملازمون و قول الله تعالى : { يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَّهُمْ }الأعراف138 أي يلازمونها و يداومون عليها. انتهى. قال شيخنا العلامة/ أحمد النجمي رحمه الله ( تأسيس الأحكام 3/295 ): الاعتكاف هو الاحتباس و اللزوم للشيء. فمن الاحتباس قوله تعالى : { وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أَن يَبْلُغَ مَحِلَّهُ }الفتح25، أي محبوساً. و من اللزوم قوله تعالى : {قَالُوا لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَى }طه91، و في هذه الآية اخبارٌ منهم بأنهم سيلازمون عبادة العجل إلى أن يرجع إليهم موسى عليه السلام. و في الشرع هو : الإقامة في المسجد بنية التقرب إلى الله عز وجل ساعة ً فما فوقها ليلاً أو نهاراً ( المحلى لإبن حزم – مسألة رقم 624 ). وهو : في الشرع اللبث في المسجد بنية الاعتكاف، و التاء في الاعتكاف تفيد ضرباً من المعالجة و المزاولة لأن فيه كلفة و لما كان المرء لا يلازم و يحتبس إلا على من يحبه و يعظمه شرعَ اللهُ لأهل الإيمان أن يعكفوا على ربهم و أخص البقاع بذكر اسمه و العبادة له بيوته المبنية لذلك و لذلك طهر الله المساجد لعبادته و ليس لشيء من العبادات مختص المسجد بأصل الشرع إلا الاعتكاف و الطواف و تحية المسجد. انتهى ( حاشية الروض 3/472-473 ). ثانياً = حكمه : حكمه سنةٌ ثابتة عن الرسول صلى الله عليه و سلم فعله و فعله أصحابه رضوان الله عليهم. دلّ على سنية الاعتكاف الكتاب : قال تعالى : { وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ }البقرة 125 . و السنة : ففي الحديث عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ يَعْتَكِفُ الْعَشْرَ الأَوَاخِرَ مِنْ رَمَضَانَ حَتَّى تَوَفَّاهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ اعْتَكَفَ أَزْوَاجُهُ مِنْ بَعْدِهِ. أخرجه البخاري و مسلم. ودلَّ على سنيته الإجماع نقله ابن المنذر ( الاجماع ص 53 ) و ابن عبدالبر ( التمهيد 23/52 ) و غيرهم كثير. وزمانه = الاعتكاف سنة في رمضان و في غيره من الأيام و آكده في رمضان و أفضله العشر الأواخر منه. و دلَّ على عدم اختصاصه برمضان أنه ثبت عنه صلى الله عليه و سلم الاعتكاف في العشر الأول من شوال : عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - قَالَتْ كَانَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - يَعْتَكِفُ فِى الْعَشْرِ الأَوَاخِرِ مِنْ رَمَضَانَ ، فَكُنْتُ أَضْرِبُ لَهُ خِبَاءً فَيُصَلِّى الصُّبْحَ ثُمَّ يَدْخُلُهُ ، فَاسْتَأْذَنَتْ حَفْصَةُ عَائِشَةَ أَنْ تَضْرِبَ خِبَاءً فَأَذِنَتْ لَهَا ، فَضَرَبَتْ خِبَاءً ، فَلَمَّا رَأَتْهُ زَيْنَبُ ابْنَةُ جَحْشٍ ضَرَبَتْ خِبَاءً آخَرَ ، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - رَأَى الأَخْبِيَةَ فَقَالَ « مَا هَذَا » . فَأُخْبِرَ فَقَالَ النَّبِىُّ - صلى الله عليه وسلم - « آلْبِرُّ تُرَوْنَ بِهِنَّ » . فَتَرَكَ الاِعْتِكَافَ ذَلِكَ الشَّهْرَ ، ثُمَّ اعْتَكَفَ عَشْرًا مِنْ شَوَّالٍ . أخرجه البخاري و مسلم. و لفظة العشر الأول هي عند مسلم. و أمر عمر بن الخطاب رضي الله عنه بالوفاء بنذر ٍ له نذره في الجاهلية و هو الاعتكاف ليلة في المسجد الحرام : عَنِ ابْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ عُمَرَ سَأَلَ النَّبِىَّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ كُنْتُ نَذَرْتُ فِى الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، قَالَ « فَأَوْفِ بِنَذْرِكَ » . أخرجه البخاري و مسلم . و المنع من الاعتكاف في غير رمضان يحتاج دليل و لا دليل مع المانعين. رابعا ً = شروط الاعتكاف : و قبل الشروع في شروطه يذكر لنا الشيخ العلامة عبدالرحمن بن قاسم رحمه الله أركانه ( حاشية الروض 3/473 ) : و أركانه: معتكف ( المسلم العاقل الذي ليس بجنب و لا حائض و لا نفساء ) و معتكفٌ فيه ( المسجد ) و لبثٌ ( الإقامة فيه ) و نية. انتهى. شروطه : أن يكون من مسلمٍ عاقل و لو مميزاً لا غُسلَ فيه ( لا حائض و لا جُنُب ) و أن يكون في المساجد لقوله تعالى : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد ، أن لا يخرج المعتكف إلا لحاجته التي لا بد له منها ، ولا يعود مريضاً، ولا يمس أمراته ، ولا يباشرها. و ليس بشرطٍ الصوم على الصحيح من أقوال أهل العلم ولا حد لأقله إذ لم يرد نصٌ في هذا و لو ورد لقلنا به. خامسا ً = الاعتكاف في غير المساجد الثلاثة : فيه قولان لأهل العلم مع إتفاقهم أن الاعتكاف في المساجد الثلاث ( المسجد الحرام و النبوي و الأقصى ) أفضل : • القول الأول : يشرع الاعتكاف في كل مسجد إلا لمن تلزمه و لذلك يستحبون أن يكون المسجد جامعاً حتى يصلي فيه الصلوات و الجمعة و عليه جمهور أهل العلم و دليلهم قوله تعالى : ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد قالوا الآية دالة على عموم المساجد. وقالوا أن حديث حذيفة ضعفه عبدالله بن مسعود رضي الله عنه حكماً و روايةً و لا يُعقل أن يكون هذا الحكم في الآية و في كتاب الله لمشارق الأمة و مغاربها ثم نقول أن الاعتكاف لا يصح إلا في المساجد الثلاثة فالصواب أنه يصح في كل مسجد. • القول الثاني : لا يُشرعُ الاعتكاف إلا في المساجد الثلاثة وقد قال به من السلف حذيفة بن اليمان ، وسعيد بن المسيب ، وعطاء ، إلا أنه لم يذكر المسجد الأقصى ، و دليلهم : حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قال لِعَبْدِ اللَّهِ - يَعْنِى ابْنَ مَسْعُودٍ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ - عَكُوفًا بَيْنَ دَارِكَ وَدَارِ أَبِى مُوسَى وَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« لاَ اعْتِكَافَ فِى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَوْ قَالَ فِى الْمَسَاجِدِ الثَّلاَثَةِ ». فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ : لَعَلَّكَ نَسِيتَ وَحَفِظُوا وَأَخْطَأْتَ وَأَصَابُوا الشَّكُّ مِنِّى. أخرجه الطحاوي في مشكل الآثار (4/20 ) والإسماعيلي في المعجم (112/2 ) والبيهقي (4/316 ) بإسناد صحيح عن حذيفة ابن اليمان رضي الله عنه ، وهو مخرج في "الصحيحة" (رقم 2786) ، مع الآثار الموافقة له مما ذكرنا أعلاه ، وكلها صحيحة . وقالوا أن هذا الحديث مخصص للآية، فالله أعلم. سادساً = مسائل ذات صلة بالاعتكاف : - الاعتكاف لا يكون واجباً إلا إذا كان نذراً. ( شرح عمدة الفقة ) - تمنع المرأة من الاعتكاف في المسجد وحدها إلا أن يكون معها محرم. ( تأسيس الأحكام 3/297 ). - يجوز قطع الاعتكاف إذا أراد قطعه بعد أن دخل فيه وهل يقضي أم لا؟ الجمهور لا يوجبون عليه القضاء و آخرون يقولون يجوز بنية القضاء لأن النبي صلى الله عليه و سلم قضى اعتكاف العشر من رمضان في شوال. ( تأسيس الأحكام 3/298 ). - الاشتراط قبل الشروع في الاعتكاف يُجوِّز للمعتكف زيارة المريض و حضور الجنازة. ( تأسيس الأحكام 3/298 ). - الاعتكاف في رمضان سنة مؤكدة و في غيره سنة مستحبة. ( تأسيس الأحكام 3/297 ). - يستحب للمعتكف الاشتغال بفعل القرب كقراءة القرآن و الذكر و صلاة النوافل. ( شرح عمدة الفقة ). - لم يرد في مدة الاعتكاف فيما أعلم ما يدل على التحديد لا بيوم و لا بيومين ولا بما هو أكثر من ذلك. ( فتاوى بن باز 15/441 ). - السنة للمعتكف أن يدخل معتكفه حين ينوي الاعتكاف و يخرج بعد مضي المدة التي نواها و له قطع ذلك إذا دعت الحاجة. ( فتاوى بن باز 15/442 ). - يستحب لمن اعتكف العشر الأواخر من رمضان دخول معتكفه بعد صلاة الفجر من اليوم الحادي و العشرين اقتداءً بالنبي صلى الله عليه و سلم و يخرج متى انتهت العشر. ( فتاوى بن باز 15/441 ). لله الحمد من قبل و من بعد و له الحمد فبنعمته تتم الصالحات و صلى الله و سلم على نبينا محمد صلي الله عليه وسلم مواضيع ذات صلة |