عشق امرأة العزيز ليوسف عليه السلام وما راودته وكادته به
والحال التى صار إليها يوسف بصبره وعفته وتقواه
مع أن الذى ابتلى به ، أمر لا يصبر عليه إلا من صبره الله
فإن مواقعة الفعل بحسب قوة الداعى وزوال المانع
وكان الداعى ها هنا فى غاية القوة وذلك من وجوه
-- ثلاثة عشر سبباً كانت تدعوه الى الزنى
أولها ما ركبه الله سبحانه فى طبع الرجل من ميله إلى ،
كما يميل العطشان إلى الماء ، والجائع إلى الطعام
حتى أن كثيراً من الناس يصبرعن الطعام والشراب ولا يصبر على النساء
الثانى أن يوسف عليه السلام كان شاباً
وشهوة الشباب وحدته أقوى
الثالث أنه كان عزباً
ليس له زوجة ولا سرية تكسر قوة الشهوة
الرابع أنه كان فى بلاد غربة يتأتى للغريب فيها من قضاء الوتر
ما لا يتأتى له فى وطنه بين أهله ومعارفه
الخامس أن كانت ذات منصب وجمال ،
بحيث أن كل واحد من هذين الأمرين يدعو إلى مواقعتها
السادس أنها غير ممتنعة أو أبية
فإن كثيراً من الناس يزيل رغبته فى إباؤها وإمتناعها
لما يجد فى نفسه من ذل الخضوع والسؤال لها
السابع أنها طلبت وأرادت وراودت وبذلت الجهد
فكفته مؤنة الطلب وذل الرغبة إليها ،
بل كانت هى الراغبة الذليلة ، وهو العزيز المرغوب إليه
الثامن أنه فى دارها وتحت سلطانها وقهرها ،
بحيث يخشى إن لم يطاوعها من أذاها له ،
فإجتمع داعى الرغبة والرهبة
التاسع أنه لا يخشى أن تنم عليه هى ولا أحد من جهتها ،
فإنها هى الطالبة الراغبة ،
وقد غلقت الأبواب وغيبت الرقباء
العاشر أنه كان فى الظاهر مملوكاً لها فى الدار
بحيث يدخل ويخرج ويحضر معها ، ولا ينكر عليه
وكان الانس سابقاً للطلب
الحادى عشر انها استعانت عليه بأئمه المكر والإحتيال
فأرته إياهن وشكت حالها إليهن لتستعين بهن عليه
فأستعان هو بالله عليهن فقال :- ( وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ ) يوسف 33
الثانى عشر أنها توعدته بالسجن والصغار وهو نوع إكراه
إذ هو تهديد من يغلب على الظن ووقوع ما هدد به
فيجتمع داعى الشهوة وداعى السلامة من ضيق السجن والصغار
الثالث عشر ان الزوج لم يظهر من الغيرة والنخوة
ما يفرق به بينهما ويبعد كلا منهما عن صاحبه
بل كان غاية ما قابله به أن قال ليوسف : ( يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا )