جاء الإسلام نوّر الأكوان وتبدلت الأزمان، أشرق نوره من عند خير الخلق محمد بن عبد الله عليه الصلاة والسلام، وانتشر في ربوع الأرض ومشارقها ومغاربها، تمدد ليصل إلى كل ذي قلب حي، تعاليمه تشريع من رب الأرباب ملك الملوك، جاءت لتبقى ثابتة شامخة راسخة بجذور يستحيل اقتلاعها، ومن حكمها أنها تغير جل ما حولها مما فيه ضرر للإنسان إلى كل ما فيه خيره في الدنيا والآخرة، جاءت لتجعل حياة الإنسان طيبة طاهرة زكية، ولتنعش الأفكار وتطهر القلوب.
فلا يوجد شيء مهما كان دقيقا أو رقيقا إلا وجاء الإسلام ليصححه وليرسم للعبد دربه، طريق يأخذ الملتزم به إلى سعادة وطمأنينة يجعله سيد العقلاء، ويقوده إلى رضا الرحمان وجنة عرضها السموات والأرض التي وعد الله بها عباده الصالحين، ويجعله حبيب سيد الخلائق ومربي الأجيال ومعلمهم الذي شهد له العرب والغرب بذلك، طوقه الرزاق بأطهر وأجمل الأخلاق، نقى قلبه فكان أبيض من الثلج، كان كريم النفس حميما، كان رحيم القلب حليما عطوفا، إنه الصادق المصدوق عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم.
إسلام جاء ليختم الله به جميع الديانات، إسلام جعله الله محفوظا من أي تغيير أو تحريف الجاهلين الفجار، حيث قال تعالى: "إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون".
بعدما قد بعث الله رسلا وأنبياء وجعل شرائع وكتب سماوية لإصلاح العباد في الأرض لكنها زيغت، وللأسف ما زال لحد الآن بشر يتبعون طريقا ما هو بصحيح وما صار كما أنزله المولى جل وعلا، بل هو سبيل فيه من الباطل ما يغلب على الحق، تشوبه شركيات، والشرك كان أول ما حاربه سيد الأنبياء الذي ما نطق عن الهوى، الأمي الذي أخبر منذ مئات السنين عن ما اكتشفه اليوم أكبر علماء العرب والغرب..
لست أتكلم عن الجهلة من عبدة الثيران والفئران أو النجوم والشمس أو العلمانيين الذين نكست فطرهم من كل الجوانب، بل من اتبعوا دينا قد هَدم بظهور الإسلام، وجعلوا النصرانية أو اليهودية دينهم، تركوا الإسلام الذي يجعلك في جميع الحالات فائزا غير خاسر، فبه تؤمن بجميع الرسل وتتبع أفضل الشرائع، يجعلك توحد ربا واحدا ولا تشرك به شيئا، يجعلك تقطف من بستان الأخلاق أزكى وأجمل الورود، يقذف في قلبك رحمة للخلائق وحبا لا مثيل له، حب فيه من الإخلاص ما يديمه ويبقيه..
وللأسف يوجد من قد ادعوا الإسلام وما هم إلا يخدعون أنفسهم، ولكن لا يعلمون حيث اتبعوا دينا ما كان للرسول صلى الله عليه وسلم أن يعترف به ويقره..
شهدوا لله بالوحدانية ثم أشركوا به وأشركوا مخلوقات في عبادته، شهدوا للرسول محمد عليه الصلاة والسلام بالرسالة لكن قالوا أن عليا كان أحق بها..
لا لعقل امرئ سليم أن يقبل غير دين محمد الذي جعلوا له اسم طائفة بعدما تفرعت جذوع وأغصان مختلفة سميت كلها بالإسلام وما هي كذلك، أسموه "السلفية" على أنه على منهج أفضل الخلق بعد الرسل والأنبياء خيرة الخلق من اصطفاهم الباري سبحانه لصحبة حبيبه عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم سلفنا الصالح أجمعين..
من الذين ادعوا الإسلام ولم يتبعوا منهج السلف عبدة قبور يدعون ويتوسلون بالأموات، والله قد قال: "وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا".
والله قد قال :"وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعان"، كيف الله يأمرنا أن ندعوه دون وسيط، وقال "فإني" ولم يقل فقل لهم أني، وهم يلجؤون لأموات لا يستطيعون حيلة ولا يملكون قوة، والله خالقهم..،منهم من جعل شيخه كإله له، منهم من اتخذ قبور الأولياء أماكن لتبرك والشفاء ومجلبة الرزق
فسبحان الله، جعل بعضهم لعلي رضي الله عنه قدرة وقوة وتصرفا في الدنيا والآخرة لا تكون إلا لله الواحد القهار..
كيف لدين محمد أن يأمر بلعن من أسلموا لله وعنت وجوههم للحي القيوم؟ كيف به أن يحثنا على لعن زوجة من أزواجه عليه الصلاة والسلام ورضي الله عنهن!!!
يقيمون المنادب واللطمات، ويعذبون أنفسهم بالسيوف والأسواط والجمرات، زعما منهم بمواساة ريحانة المصطفى، وهو سيد من أسياد الجنة، جاهد واستشهد في سبيل الله ونصرة لدينه، إذا كان استشهاده مصيبة تستدعي تعذيب النفس، والذي هو ليس من أخلاق المسلمين فكيف بأعظم مصيبة وهي رحيل خير الخلق وانقطاع الوحي وانقطاع الاتصال بين السماء والأرض، أو سيستدعي ذلك الانتحار!!! حيث قد أقر عليه الصلاة والسلام أنها أعظم مصيبة، وأمر أن يتعزى كل مصاب بمصيبته.
هل سيفرح الحسين رضوان الله عليه بما يفعله هؤلاء الجهلة في أنفسهم، وديننا ينهانا عن الحزن أكثر من ثلاث أيام؟
قال أحد شيوخهم أن الإنسان إذا تعب في الصلاة أو في الصيام في تلك المواقف عليه أن لا يضر نفسه ويصلي جالسا ويفطر إن أتعبه الصيام، أما في مصيبة الحسين فلا بل تعذيبها مشروع !!!!
عجب عجاب