ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ

ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ (https://fashion.azyya.com/index.php)
-   قصص و روايات (https://fashion.azyya.com/81)
-   -   مجرد صدفة (https://fashion.azyya.com/149232.html)

**غلا** 06-05-2010 06:13 PM

مجرد صدفة
 
مجرد صدفة


في إحدى الأيام التي يمر بها رجلٌ قصير القامة , مستدير الوجه , وسيم الشكل إسمهُ فهدٌ في الثلاثين من عمره , كان يعمل نادلاً في أحد المطاعم الشهيرة في مدينة الرياض , هذا اليوم غيَر له مجرى حياته التي أعتاد عليها فقد مل و كل من روتينه اليومي , يذهب إلى المطعم عصراً و يقابل زبائن يجهلون تعب مهنته و يرجع إلى البيت ليلاً لكي ينام و ينسى يومهُ المليء بالشقاء و العناء , لكن حدث ما لم يكُن في الحسبان , دخل رجلٌ طويل القامة , كثيف الشعر , أسمر الون , يلبس نظارةً طبية يبدو عليه أنه كثير القراءة و الإطلاع , كان معه طفلاً لا يتجاوز سن العاشرة من عمره و له من ملامحه فأكيدٌ أنه آبنه , جلس هذا الرجل مع آبنه على أقرب طاولة نظيفة و رفع يده مُنادياً للنادل , هنا أخذ فهدٌ دفترهُ الصغير و قلمه و ذهب بسرعةٍ كي يرى ما هي طلبات هذا الزبون الجديد , وقف فهدٌ و هو مُنحني الرأس ينظر إلى دفترهِ و ينتظر ما سيطلبه الزبون كي يسجله فمن عادته أن لا يرى إلى الزبائن و هُم يتكلمون وهذا يُعدُ أحتراماً لهم .

قال فهدٌ و في قولهِ إبتسامةٌ تُعبر عن ترحيبهِ بالزبون : أهلاً بك في مطعمنا .. نرجو أن يعجبك ما سنقدمهُ لك .

رد عليهِ الرجل و هو مبتسم : لا بد أنه لذيذ و شهي .

فهدٌ سمِع صوت الرجل فبدا عليهِ هذا الصوت مألوفاً , رفع فهدٌ رأسه لكي يرى من هو صاحبُ الصوت , و فُجئ بأنه زميلهُ أيام الثانوية , تمعن في وجههِ لكي يتأكد ما أعتقدهُ ليجد أن إعتقادهُ صحيح , فهذا الرجل هو زميلي المقرب عبد العزيز , أسترجع فهدٌ الذكريات في مخيلتهِ كي يتذكر كيف كان لقاءهُ مع هذا الشخص , قد جمعتهما مدرسة واحدة بل صفاً واحد , أصبحوا يكتبون الدروس معاً يشاركون معاً ويغشون في بعض الأحيان معاً حتى أصبحا أكثر من إخوة , إلى أن ما أنتهت الدراسة لكي يفرقهما القدر و يذهب كلاً منهما للبحث عن نفسهِ في هذه الحياة , فهدٌ وجد نفسهُ نادل مطعم مدخولهُ الشهري لا يأهلهُ إلى الزواج و هذا جعله يتخلى عن هذه الفكرة , فكل همهِ كان التضحية بإحتياجاتهِ الخاصة ليوفر الدواء لأمهِ المريضة و التي عانت كثيراً بعد وفاة أبيه .

أستيقظ فهدٌ من ذكرياتهِ التي أخذتهُ بعيداً إلى الماضي كي يسمع صوت عبد العزيز و هو يقول : أحضر لي صحن مشويات و صحن مقبلات و كأسان من عصير البرتقال الطازج .

أجابه فهدٌ و هو مبتسم : لك ما أردت .

ذهب فهدٌ ليقدم للطاهي طلب عبد العزيز و هو يتسائل و يقول في نفسه : هل عرفني و تجاهلني أم لم بعرفني أبداً ؟

وجه فهدٌ عيناهُ نحو عبد العزيز و آبنه كي يسترق النظر و يرى ما وصل إليه في سباق دُنياه , فقال فهدٌ بصوتٍ لا يسمعه أحداً سواه : لا يبقى شيئاً على حالهِ .. فالصغير يكبر و الحي يموت .

أنتهى الطاهي من طبخ طلب عبد العزيز , أخذ فهدٌ الأطباق و كأسا العصير و ذهب ليقدمهما لعبد العزيز و آبنه .

وضع فهدٌ الأطباق و قال و هو مبتسم كعادته : هل تريدون ماء ؟

أجابه عبد العزيز : نعم .. أحضر كأسان من فضلك .

ذهب فهدٌ ليحضر ما طلب عبد العزيز و هو يقول في نفسه : لما لا أذكرهُ بي إن كان قد نسيني أنا و أيامنا الحُلوة ؟

فقر فهدٌ أن يُذكر عبد العزيز و من دون أي تردد , ذهب فهدٌ و في يدهِ كأسان من الماء , وضع الكأسان على الطاولة و وقف ليتكلم مع عبد العزيز , لكنهُ تئتئ بكلمات غير مفهومة .

أستعجبهُ عبد العزيز و سئلهُ في فضول : ما بك ؟

أجابهُ فهدٌ و هو متردد : لا شيء .

و ذهب فهدٌ بسرعةٍ مُحمر الوجه ما حصل لأنهُ تذكر بأنهُ نادل و النادل يجب أن تكون بينهُ و بين الزبائن حدود لا يمكن أن يتخطاها و يجب عليه أيضاً أن يتحمل جميع الإساءات التي تأتي إليه من الزبائن و هذا كي لا يخسر عمله الذي شقى و تعب كثيراً كي يحضى بهِ في زمناً فرص العمل فيهِ ضئيلة .
أنتهى عبد العزيز و آبنه من الأكل و نهضا ليغسلا إيدهما , عبد العزيز أعطى آبنه مفاتيح السيارة لكي يذهب لتشغيلها أما هو سيحاسب حق الطعام و سيلحق به , أخرج محفظتهُ المليئة بالمال من جيبهِ ثم سئل عن حق الطعام , أجابه فهدٌ بخجل من نفسه على ما حدث قبل قليل .

عبد العزيز أعطى فهدٌ الحساب و هو يقول بتذكير نفسه : تبدو ملامحك مألوفةً لدي .. لكن لا أتذكر أين رأيتك ؟

أجابه فهدٌ بلهفة : نعم .. أنا أعرفك .

قال عبد العزيز و علامة الإستفهام على وجهه : تعرفني ! .. هل تقابلنا مُسبقاً ؟

أجابه فهدٌ بإبتسامةٍ بيضاء : ألا تذكرني ؟ .. أنا زميلك فهدٌ المقرب لك أيام الثانوية .

أبتسم عبد العزيز و تذكرهُ و تمعن في ملامحهِ , ماذا حصل له .. لماذا وصل إلى هُنا إن مستواهُ الدراسي جيد و أعلى من هذا و أرقى , لا بد أن الحياة لعبت لعبتها معه .

قال عبد العزيز سائلاً : و ما هي أخبارك .. ما الذي أوصلك إلى هُنا ؟

أجاب فهدٌ بكل أسى : لم أجد عملاً أُقبل فيه إلا هذا .

سئل عبد العزيز متعجباً : لكن ما أعرفهُ عنك بأنك دخلت الجامعة .. و أنت شخصٌ مُجدٌ و مُثابر .. هل تغيرت و أنت هُناك ؟

أجابهُ فهدٌ بأسى يطغى أساهُ السابق : أنا مثل ما أنا و تخرجت بشهادة بكالوريوس لغة عربية و بنسبة 97% و لكن ماذا أقول .. هذا نصيبي و أنا راضٍ به .

قال عبد العزيز بأسفٍ على حالة فهدٌ : أي نصيبٍ هذا ؟ .. يجب أن تسعى و لا تقف هكذا .. أنت أفضل من أن تكون كالخادم تتلقى الآوامر من هذا و ذاك .

قال فهدٌ و هو يحاول بأن يبتعد عن أخبارهِ التي لا تسر و يسمع أخبار عبد العزيز : أترك مني و أخبرني عنك و ما هي أخبارك في هذه الدنيا ؟

أجابهُ عبد العزيز و في إجابتهِ حمداً لله : أنا الآن أعمل في شركة الأتصالات و مدخولي الشهري يؤهلني للعيش مرتاحاً .. و ها أنا ذا تزوجتُ من أبنت عمي و أنجبت لي طفلاً أسمهُ تُركي .. أكيدٌ انك رأيتهُ قبل قليل .

أجاب فهدٌ بإبتسامة و هو يبحث عن الطفل متلفتاً : نعم رأتيه .. بالمناسبة أين هو .. أريد أن أسلم عليه .

أجابهُ عبد العزيز و هو متذكراً : يا إلهي لقد نسيتهُ في السيارة .. عن إذنك سأذهب إليه .. خذ هذا رقمي .. أتنمى أن تتصل بي و تسئل عني بين حيناً و آخر .

أخذ فهدٌ الرقم و هو سعيدٌ بأنهُ أسترجع ذكرى جميلة عاشها أيام شبابه .

تجري الأيام لِتكون أسبوعاً راحلاً و فهدٌ على حالهِ لم يتغير به شيئاً بإستثناء شكلهِ فهو لم يحلق ذقنهُ منذ مدة و ذات يوماً و هو في المطعم , جالساً بكل ملل لا يعمل لأن المطعم لم يكتظ بالزبائن بشكلهِ المعتاد , أخذ هاتفهُ النقال كي يُسلي نفسه لكنه تذكر
عبد العزيز و آبنه عندما أتيا إلى هذا المطعم .

أخذ فهدٌ يبحث عن رقمهِ الذي سجله في هاتفهِ النقال قبل مدة و أتصل عليه و أنتظر فهدٌ أن يرد عليه عبد العزيز حتى سمع صوته و هو يقول : ألو .. ؟

أجاب فهدٌ و هو يحاول تذكير عبد العزيز بنفسه : أنا فهدٌ الذي صادفتني قبل أسبوع .

أجاب عبد العزيز و هو مبتسماً لإتصالهِ : أهلاً يا فهدٌ .. ما أخبارك ؟

أجاب فهدٌ : الحمد لله .

قال عبد العزيز لفهدٍ : أما زلت تعمل في المطعم ؟

أجابهُ فهدٌ و في صوتهِ بحة : نعم .. ماذا تريد مني أن أفعل .

قال عبد العزيز لفهدٍ : أريد أن أراك .. أنت و أوراقك الخاصة بك .. لدي لك مفاجأة .. أنتظرت أتصالك طويلاً و الحمد لله أنك أتصلت .

قال فهدٌ و علامة التعجب و الإستفهام تغزو وجهه : و ماذا تريد بي ؟

أجابهُ عبد العزيز : لن أقول لك .. لأنها مفاجأة .

و حدا موعداً يناسبهما و يناسب ظروفهما و حدا مكاناً يلتقيان فيه هما الأثنان .

مرت الأيام و فهدٌ لم ينم ليلةً واحدة هنيئاً من كثرة التفكير فيما قال له عبد العزيز : تُرى ماذا يريد مني عبد العزيز و لما طلب مني أن أُحضر أوراقي الخاصة ؟

و أخيراً جاء اليوم الموعود و تقابلا فهدٌ و عبد العزيز في مقهى من مقاهي الرياض و بعد السلام الحار و القُبلات المتبادلة , جلسا على طاولة و طلبا لهما كوبان من القهوة التركية , كان فهدٌ متلهفاً و متشوقاً لمعرفة ماذا يريد منه عبد العزيز , جاءت القهوة التركية التي طلبوها .

أخذ عبد العزيز كوبه و رشف رشفةً واحدة ثم وضع الكوب و قال لفهدٍ : ستصبح معلماً عما قريب .. فقد تكلمت مع أحد الأشخاص الذين أعرفهم .. و قال لي سوف يرى في أمرك و بحث كثيراً حتى وجد لك مدرسةً تحتاج إلى معلم لغةٍ عربية .. و لكنه طلب مني أن آخذ أوراقك و أعطيها له لكي يرى ما هي شهادتك و ما هي الدورات التي خضتها و كم شهادة تقديرٍ حصلت عليها .

ذُهل فهدٌ ما سمع و كأنه حُلم , حاول أن يسئل عبد العزيز ليتأكد من صحة ما يقولهُ : هل أنت جادٌ فيما تقول ؟

أجابهُ عبد العزيز بإبتسامة : نعم .. و هذا الشخص يريد أن يقابلك بعد ثلاثة أيام .. فأستعد لمقابلته .

فرح فهدٌ لما سمع و أضاف إلى معلوماته معلومة جديدة و هي

(( يجب أن لا يئس الإنسان من هذه الحياة مهما واجه من صعاب و مشاكل تؤدي إلى سقوطه ليعجز على أكمال مشواره بل على العكس يصبّر نفسه ليقف بعد كل مشكلة مر بها من جديد و يضع الأمل أمام عيناه ))

و فعلاً أتى اليوم الموعود و قابل فهدٌ الشخص هذا , الذي ساعده إلى الدخول في مدرسة متوسطة حكومية يعلم فيها أجيالاً , مجرد صدفة غيرت حياة إنسان بالكامل فها هو فهدٌ تغيرت حياته و أصبح أستاذ لغةٍ عربية لطلابٍ كان مكانهم قبل أن يكون ما كان عليه الآن .


زٍحَ’ـمةَ حَ’ـڪيّ..||≈ 06-05-2010 06:46 PM

رد: مجرد صدفة
 
روعه


مشكوره ياقلبي


الساعة الآن توقيت السعودية الرياض و الدمام و القصيم و جدة 04:13 PM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024,
vBulletin Optimisation provided by vB Optimise (Pro) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.


Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0