![]() |
الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
السلام عليكم ورحمة الله خصصت هذه الصفحة لاختي فالله بنت عالم وناس وكل اخت تحب التستر ويمنعها من ذلك شيء وهي بعنوان
""الحجاب غطاء الوجه"" وساقدم فيها باذن الله الادلة الشرعية على ذلك واتمنى من الاخوات المشاركة وجزاكن الله خيرا... ابدا على بركة الله... ... ... ............. الدرس1 الى اختي التي لم تتحجب بعد أختي الحبيبة : سلام من الله عليك ورحمة وبركات سلام من الذي خلق السموات والارض والطيور والازهار سلام من الذي خلق لنا العينين واللسان والشفتين سلام من الذي لو جلسنا معا نحصي نعمه علينا لن تكفي مائة سنة لجلستنا هذا هو رب العباد الذي خلق ودبر وأعطى وقدر والذي أعلم علم اليقين أن حبه ملأ قلبي وقلبك هذا الحب الذي لولاه لكنا تائهين حائرين … لولاه لكنا في دلاهم ضالين اليس هو من يتودد الينا ويدعونا اليه كل حين بل ويقول اغفر زلاتكم وهفواتكم وما أكثرها من زلاتٍ وهفوات أليس هو من يمد يده الينا كل ليلة ليتوب مسيء النهار … وبكرمه تعالى يعود ويفعل ذلك في النهار ايضا ليتوب مسيء الليل … فبالله عليك أيجوز أن يخلقنا ونعبد غيره ويرزقنا ونشكر سواه أيجوز أن يكون خيره الينا نازل وشرنا اليه صاعد … أليس هو الذي يتحبب الينا بالنعم وهو الغني عنا ونتبغض اليه بالمعاصي ونحن أفقر شي إليه … أليس هو الذي إذا أقبلنا اليه تلقانا من بعيد وإن أعرضنا عنه نادنا من قريب وإذا تركنا لأجله أعطانا فوق المزيد … إن تبنا إليه فهو حبيبنا فإنه حبيب التوابين والمتطهرين وإن لم نتب إليه فهو طبيبنا يبتلينا بالمصائب ليطهرنا من المعايب … الحسنة عنده بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى أضعافا كثيرة، والسيئة عنده بواحدة فإن ندمنا عليها واستغفرنا غفرها لنا … يشكر اليسير من العمل ويغفر الكثير من الزلل … رحمته سبقت غضبه وحلمه سبق مؤاخذته وعفوه سبق عقوبته … وهو أرحم بعباده من الوالدة بولدها. فبالله عليك أفبعد هذا الحبيب حبيب وبعد هذا الطبيب طبيب وبعد هذا القريب قريب … من كان هكذا عطفه ومن كان هكذا حلمه ومن كان هكذا عفوه ومن كان هكذا رحمته ألا يجدر أن تكون عبادته أحق عبادة ... ألا يجدر أن تكون طاعته أحق طاعة … ألا يجدر ان يكون حبه أكبر حب وعشقه فوق كل عشق… أعلم بكل يقين أن ستقولين:" بلى "……… إذا حبيبتي في الله، الذي خلقني وإياك وحماني وإياك ورزقني وإياك هيا بنا نتقرب إلى خالقنا ورازقنا الذي أقل ما نتقرب به إليه التزامنا بالحجاب الشرعي… الذي هو عفة وطهارة وعلو وميزة حبانا الرحمن نحن المسلمات به… أختي الحبيبة ما كتبت لك هذه الكلمات إلا لحبي لك في الله ولخشيتي عليك وحرصي على مصلحتك فأرجو أن تكملي قراءتها فإن لم تفدك بشيء فمن المؤكد أنها لن تضرك وإن أفادتك فهو فضل من الله فلا تنسين حمده ولا تبخلين علي بالدعاء فكلنا فقراء إليه .. أختي الحبيبة لماذا لم تلبسي الحجاب ؟؟ .. سأجيب على هذا السؤال بشائع الإحتمال.. لنقل مثلاً انك تريدين تأجيل الأمر إلى ما بعد الزواج ..فهل منع الحجاب الفتيات من الزواج ؟ وهل تضمنين أن يكون زوجك الذي اختارك وأنت غير محجبة يوافق على ارتدائه بعد الزواج ؟ وهل تضمنين أن يكون رجلاً متديناً وقد اختارك وأنت متبرجة ؟ وهل تضمنين أن تعيشي حتى تتزوجي ؟ وإن لم يكتب الله لك الزواج فمتى سترتدينه ؟ ربما قلت :" إني لا أبدو جميلة بالحجاب " ومن قال لك ذلك ؟ بل انت بحجابك أجمل أتعرفين لماذا ؟ لأن وجهك سيستنير بنور الإيمان برضا الله عليك وستكونين وقورة أكثر وسيلقي الله في قلوب البشر القبول والمحبة لك لطاعتك لأمره... وهناك شيء مهم أختاه أن من سيختارك زوجة له لن يختارك بشكل مزيف وبوجه مليء بالأصباغ فهو حين يعجب بك دون مكياج سيزداد حين تتجملين له والعكس صحيح ... لننتقل لأمر آخر يا أختي الغالية .. لنقل انك تستمتعين بعبارات الإعجاب التي يلقيها عليك الشباب فهل هذا الأمر يرفع من قدرك أم العكس ؟ هل ترضين أن تتحولي لمجرد شيء ملفت للنظر عرضة لمختلف العبارات البذيئة ؟ هل منهم من تعتقدين انه الرجل الذي يصلح لأن يكون زوجاً لك وأباً لأولادك ؟ هل امعنت النظر في هيئاتهم المخجلة وشخصياتهم التافهه ؟ أنت أكبر وأغلى وأعز من أن تكونين كذلك فاحفظي نفسك وقدرك وقيمتك بالحجاب .. أرادنا الرحمن أن نكون كنوز مكنونة… أرادنا ان نكون درر مصونة … أرادنا ان نكون لآلئ محفوظة… فهل سبق وأن رأيت كنز ملقى على قارعة الطريق … أو درة ترمى بجانب الشارع… أو لؤلؤة لا حافظ لها… وإنما كانت قارعة الطريق وجانب الشارع والأشياء التي بلا حفظ هي لسفاسف الأشياء وليس أثمنها … فمع من تريدي أن تكوني؟ لا أظنك تريدين إلا أن تكوني مع الغالي فأنت غالية … غالية بدينك … غالية بإيمانك … غالية بحيائك … غالية بعفافك … حتى وإن تعالت أصوات توابع من لا دين لهم الذين لا يريدون إلا ان تكوني عارية من أغلى الأشياء وأثمنها وأحبها إلى قلبك … حجابك … والذي يحمل شعار كتب عليه أنا طاهرة أنا راقية أنا غالية أنا شريفة … أختاه إن لطاعة الله حلاوة في القلب ستذوقينها حين تعلنين تحررك من عبودية الشيطان باتباعك لأوامر الرحمن.. إن للحجاب فوائد جمة ستجدينها حين تلتزمين بلبسه بالشكل الشرعي.. سينشرح صدرك ويضيء قلبك وترتاح سرائرك وتنفرج همومك وكيف لا والله يقول :" ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب " ويقول :" ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً " هذا وعد من الله الذي لا يخلف الميعاد فماذا تنتظرين ؟ عاهديني بالله عليك أن تكوني من الصالحات فوالله لن تندمي يوما من الأيام وهلمّ إلى رضى الرحمن واجعلي من حرصك على ان لا يظهر شي ولو يسير من جسدك، قربة لك عند الرحمن مبتغية بذلك حبه لك ورضاه عنك وسوف ترين يوم تقوم الساعة من تكون له عقبى الدار. واختم بسؤال بسيط لك حبيبتي، عندما نقوم ليوم الحساب … أمام رب العباد … هل هناك من هو مستعد في تلك اللحظة يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه … هل هناك ممن نظروا إليك واستمتعوا بأناقتك وشخصيتك وجمالك وجاذبيتك، أقول هل هناك واحد منهم مستعد لأن يعطيك ولو اليسير من حسناته أو أن يأخذ عنك ولو جزء من سيئاتك لينقذك من عذاب التبرج أومن لهيب مبارزة الرحمن بالسفور؟… أترك الجواب لك … متفائلة بجزيل حبي لك وخوفي عليك ورحمة الباري بك … واستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك أختكِ في الله… .............................. .............................. ............ اعذار من لاتردي الحجاب اركبي ـ يا أختاه ـ قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك. تأملي ـ يا أختاه ـ في هذا العرض اليوم قبل الغد. فكري فيه ـ يا أختاه ـ من الآن. أحمد الله (تعالى) كما ينبغي لجلال وجـهــــــه وعظيم سلطانه، وأصلي وأسلم على رسوله الكريم الذي رسم الطريق إلى رضوان الله وجنته. فكان ذلك الطريق مستقيماً، تحف جنباته الفضيلة، ويحفَلُ بطيب الأخلاق، ويزدان بزينة الطهر والستر والعفاف. وكان طريقاً يقود شِقّي المجتمع الإنساني ـ الرجــل والمرأة ـ إلى مرافئ الاطمئنان والسعادة في الدنيا والآخرة. فـكــان مـــن ذلــك: أن أوجـب المولى (تبارك وتعالى) على المرأة الحجاب؛ صوناً لعفافها، وحفاظاً على شرفها، وعنواناً لإيمانها. من أجل ذلك كان المجتمع الـــذي يبتعد عن منهج الله ويتنكّبُ طريقه المستقيم : مجتمعاً مريضاً يحتاج إلى العلاج الذي يقوده إلى الشفاء والسعادة. ومن الصور التي تدل على ابتـعــاد المجـتـمــع عن ذلك الطريق، وتوضح ـ بدقة ـ مقدار انحرافه وتحلله: تفشي ظاهرة السّفور والتبرج بين الفتيات. وهذه الظاهرة نجد أنها أصبحت ـ للأسف ـ مـن سمـات المجـتـمع الإسلامي، رغم انتشار الزي الإسلامي فيه، فما هي الأسباب التي أدت إلى هذا الانحراف؟. للإجابة على هذا السؤال الذي طرحناه على فئات مختلفة من الفـتـيات كانت الحصيلة: عشرة أعذار رئيسة، وعند الفحص والتمحيص بدى لنا كم هي واهية تـلـك الأعذار. معاً أختي المسلمة نتصفح هذه السطور؛ لنتعرف ـ من خلالها ـ على أسباب الإعراض عن الحجاب، ونناقشها كلاّ على حدة: العذر الأول: قالت الأولى: (أنا لم أقتنع بعد بالحجاب). نسأل هذه الأخت سؤالين: الأول: هل هي مقتنعة أصلاً بصحة دين الإسلام؟. إجابتها بالطبع: نعم مقتنعة؛ فهي تقول: (لا إله إلا الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالعقيدة، وهي تقول (محمد رسول الله)، ويعتبر هذا اقتناعها بالشريعة، فهي مقـتـنـعــــة بالإسلام عقيدة وشريعة ومنهجاً للحياة. الثاني: هل الحجاب من شريعة الإسلام وواجباته؟. لو أخلصت هذه الأخت وبحثت في الأمر بحث من يريد الحقيقة لقالت : نعم. فالله (تعالى) الذي تؤمن بألوهيته أمر بالحجاب في كتابه، والرسول الكريم الــــذي تـؤمــن برسالته أمر بالحجاب في سنته . وهو لعن المتبرجات السافرات. فماذا نسمي من يقتنع بصحة الإسلام ولا يفعل ما أمره الله (تعالى) به ورسوله الكريم؟، هو عـلـى أي حـــال لا يدخل مع الذين قال الله فيهم: ((إنَّمَا كَانَ قَوْلَ المُؤْمِنِينَ إذَا دُعُوا إلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ)) [النور: 51]. خلاصة الأمر: إذا كانت هذه الأخت مقتنعة بالإسلام، فكيف لا تقتنع بأوامره؟. العذر الثاني: قالت الثانية: (أنــا مـقـتـنـعـة بوجوب الزي الشرعي، ولكن والدتي تمنعني لبسه، وإذا عصيتها دخلت النار). يجـيـب على عذر هذه الأخت أكرم خلق الله، رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، بقول وجيز حكيم: (لا طاعة لمخلوق في معصية الله)(1). مكانة الــوالــدين في الإسلام ـ وبخاصة الأم ـ سامية رفيعة، بل الله (تعالى) قرنها بأعظم الأمور ـ وهي عبادته وتوحيده ـ في كثير من الآيات، كما قال (تعالى): ((وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوَالِدَيْنِ إحْسَاناً)) [النساء: 36]. فطاعة الوالدين لا يحد منها إلا أمر واحد هو: أمرهما بمعصية الله، قال (تعالى): ((وَإن جَاهَدَاكَ عَلَى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُمَا)) [لقمان: 15]. ولا يمنع عدم طاعتهما في المعصية من الإحسان إليهما وبرهما؛ قال (تعالى): ((وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً)). خلاصة الأمر: كيف تطيعين أمك وتعصين الله الذي خلقك وخلق أمك؟. العذر الثالث: أما الثالثة فتقول: (إمكانياتي المادية لا تكفي لاستبدال ملابسي بأخرى شرعية). أختنا هذه إحدى اثنتين: إما صادقة مخلصة، وإما كاذبة متملصة تريد حجاباً متبرجاً صارخ الألوان، يجاري موضة العصر، غالي الثمن. نبدأ بأختنا الصادقة المخلصة: هل تعلمين يا أختاه أن المرأة المسلمة لا يجوز لها الخروج من المنزل بأي حال من الأحوال حتى يستوفي لـبـاسـهـــــا الشروط المعتبرة في الحجاب الشرعي والواجب على كل مسلمة تعلمها، وإذا كنت تتعلمين أمور الدنيا فكيف لا تتعلمين الأمور التي تنجيك من عذاب الله وغضبه بعد الموت..؟!، ألم يـقـل الله (تعالى): ((فَاسْأََلُوا أََهْلَ الذِّكْرِ إن كُنتُمْ لا تَعْلَمُونَ)) [النحل: 43]، فتعلمي يا أختي شروط الحجاب. فإذا كان لا بد من خروجك فــلا تخرجي إلا بالحجاب الشرعي؛ إرضاءً للرحمن، وإذلالاً للشيطان؛ وذلك لأن مفسدة خروجك سافرة متبرجة أكبر من مصلحة خروجك للضرورة. يا أختي لو صَدَقَتْ نيّتُك وصـحّـــتْ عـزيـمـتُـك لامتدت إليك ألف يدٍ خيِّرة، ولسهل الله (تعالى) لك الأمور!، أليس هو القائل: ((وَمَن يـَـتَّـقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ)) [الطلاق: 2، 3]؟. أما أختنا المتملصة، فلها نقول: ـ الكرامة وسمو الـقـدر عند الله (تعالى) لا تكون بزركشة الثياب وبهرجة الألوان ومجاراة أهــل الـعـصـــــــر، وإنما تكون بطاعة الله ورسوله والالتزام بالشريعة الطاهرة والحجاب الإسلامي الصحيح، واسمعي قول الله (تعالى): ((إنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ)) [الحجرات: 13]. خلاصة الأمر: في سـبـيــل رضوان الله (تعالى)، ودخول جنته: يهون كل غالٍ ونفيس من نفس أو مال. العذر الرابع: جــــاء دور الــرابـعــة، فقالت: (الجو حار في بلادي وأنا لا أتحمله، فكيف إذا لبست الحجاب؟).. لمثل هذه يقول الله (تعالـى): ((قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ)) [التوبة: 81]. كيف تقارنين حرّ بلادك بحر نار جهنم. اعلمي ـ أختي ـ أن الشيطان قد اصطادك بإحدى حبائله الواهية، ليخرجك من حر الدنيا إلى نار جهنم، فأنقذي نـفـســك من شباكه، واجعلي من حر الشمس نعمةً لا نقمة، إذ هو يذكرك بشدة عذاب الله (تعالى) الذي يفوق هذا الحر أضعافاً مضاعفة، فترجعي إلى أمر الله وتضحي براحة الدنيا في سبيل النجاة من النار، التي قال (تعالى) عن أهلها: ((لا يَذُوقُونَ فِيهَا بَرْداً وَلا شَرَاباً (24) إلاَّ حَمِيماً وَغَسَّاقاً)) [النبأ: 24، 25]. خلاصة الأمر: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات. العذر الخامس: لنستمع الآن إلى عذر الخامسة، حيث قالت: أخاف إذا التزمت بالحجاب أن أخلعه مرة أخرى؛ فقد رأيت كثيرات يفعلن ذلك!!. وإليها أقول: لو كان كل الناس يفكرون بمنطقك هذا لتركوا الدين جملة وتفصيلاً، ولتركوا الصلاة؛ لأن بعضهم يخاف تركها، ولتركوا الصيام؛ لأن كثيرين يخافون من تركه.. إلخ.. أرأيت كيف نصَبَ الشيطان حبائله مرة أخرى فصدك عن الهدى؟. والله (تعالى) يحب استمرار الطاعة حتى ولو كانت قليلة أو كانت مستحبة، فكيف إذا كانت واجباً مفروضاً مثل الحجاب؟!. قال: (أَحَبّ العمل إلى الله أدومه وإن قل).. لماذا لم تبحثي عن الأسباب التي أدت بهؤلاء إلى ترك الحجاب حتى تجتنبيها وتعملي على تفاديها؟. لماذا لم تبحثي عن أسباب الثبات على الهداية والحق حتى تلتزميها؟. فمن تلك الأسباب: الإكثار من الدعاء بثبات القلب على الدين كما كان يفعل النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك: الـصـــلاة والخشوع، قال (تعالى): ((وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إلاَّ عَلَى الخَاشِعِينَ)) [ الـبـقـرة: 45]، ومنها: الالتزام بكل شرائع الإسلام ـ ومنها: الحجاب ـ قال (تعالى): ((وَلَوْ أَنَّهـُـــــمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْراً لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً)) [النساء: 66]. خلاصة الأمر: لو تمسكت بأسباب الهداية وذُقـتِ حـــــلاوة الإيمان لما تركتِ أوامر الله (تعالى) بعد أن تلتزميها. العذر السادس: الآن ها هي ذي السادسة، فما قولها؟ قالت: قيل لي: (إذا لبست الحجاب فلن يتزوجك أحد، لذلك سأترك هذا الأمر حتى أتزوج). إن زوجاً يريدك سافرة متبرجة عاصية لله هو زوج غير جدير بك، هو زوج لا يغار على محارم الله، ولا يغار عليك، ولا يعينك على دخول الجنة والنجاة من النار. إن بيتاً بني من أساسه على معصية الله وإغضابه حَقّ على الله (تعالى) أن يكتب له الشقاء في الدنيا والآخرة، كما قال (تعالى): ((وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكاً وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى)) [طه: 124]. وبعدُ، فإن الزواج نعمة من الله يعطيها من يشاء، فكم من متحجبة تزوجت، وكم من سافرة لم تتزوج. وإذا قلت: إن تبرجي وسفوري هو وسيلة لغاية طاهرة، ألا وهي الزواج، فإن الغاية الطاهرة لا تبيح الوسيلة الفاجرة في الإسلام، فإذا شرفت الغاية فلا بد من طهارة الوسيلة؛ لأن قاعدة الإسلام تقول: (الوسائل لها أحكام المقاصد). خلاصة الأمر: لا بارك الله في زواج قام على المعصية والفجور. العذر السابع: وما قولك أيتها السابعة؟ قالت: (لا أتحجب؛ عملاً بقول الله (تعالى): ((وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ)) [الضحى: 11]، فكيف أخفي ما أنعم الله به عليّ من شعر ناعم وجمال فاتن؟). أختنا هذه تلتزم بكتاب الله وأوامره ما دامت هذه الأوامر توافق هواها وفهمها!، وتترك هذه الأوامر نفسها حين لا تعجبها، وإلا فلماذا لم تلتزم بقوله (تعالى): ((ولا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْهَا)) [النور: 31]، وبقوله (سبحانه): ((يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ)) [الأحزاب: 59]. بقولك هذا يا أختاه تكونين قد شرعت لنفسك ما نهى الله (تعالى) عنه، وهو التبرج والسفور، والسبب: عدم رغبتك في الالتزام. إن أكبر نعمة أنعم الله بها علينا هي نعمة الإيمان والهداية، ومن ذلك: الحجاب الشرعي، فلماذا لم تظهري وتتحدثي بأكبر النعم عليك؟. خلاصة الأمر: هل هناك نعمة أكبر للمرأة من الهداية والحجاب؟. العذر الثامن: نأتي إلى أختنا الثامنة، التي تقول: ( أعرف أن الحجاب واجب، ولكنني سألتزم به عندما يهديني الله). نسأل هذه الأخت عن الخطوات التي اتخذتها حتى تنال هذه الهداية الربانية؟. فنحن نعرف أن الله (تعالى) قد جعل بحكمته لكل شيء سبباً، فكان من ذلك أن المريض يتناول الدواء كي يشفى، والمسافر يركب العربة أو الدابة حتى يصل غايته، والأمثلة لا حصر لها. فهل سعت أختنا هذه جادة في طلب الهداية، وبذلت أسبابها من: دعاء الله (تعالى) مخلصة كما قال (تعالى): ((اهْدِنَا الصِّرَاطَ المُسْتَقِيمَ))[الفاتحة: 6]، ومجالسة الصالحات؛ فإنهن خير معين على الهداية والاستمرار فيها، حتى يهديها الله (تعالى)، ويزيدها هدى، ويلهمها رشدها وتقواها، فتلتزم أوامره (تعالى) وتلبس الحجاب الذي أمر به المؤمنات؟. خلاصة الأمر: لو كانت هذه الأخت جادة في طلب الهداية لبذلت أسبابها فنالتها. العذر التاسع: وما قول أختنا التاسعة؟، قالت: (الوقت لم يحـن بعد، وأنا ما زلت صغيرة على الحجاب، وسألتزم بالحجاب بعد أن أكبر، وبعد أن أحج!). ملك الموت، أيتها الأخت، زائر يقف على بابك ينتظر أمر الله (تعالى) حتى يفتحه عليك في أي لحظة من لحظات عمرك. قال (تعالى): ((فَإذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَاًخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ)) [الأعراف: 34]، الموت يا أختاه لا يعرف صغيرة ولا كبيرة، وربما جاء لك وأنت مقيمة على هذه المعصية العظيمة تحاربين رب العزة بسفورك وتبرجك. يا أختاه سَابقي إلى الطاعة مع المسابقين، استجابة لدعوة الله (تبارك وتعالى): ((سَابِقُوا إلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ)) [الحديد: 21]. يا أختاه: لا تنسي الله (تعالى) فينساك، بأن يصرف عنك رحمته في الدنيا والآخرة، وينسيك نفسك، فلا تعطينها حقها من طاعة الله وعبادته.. قال (تعالى) عن المنافقين: ((نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ)) [التوبة: 67]، وقال (تعالى): ((وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ)) [الحشر: 19]، أختاه: تحجبي في صغر السن عن فعل المعاصي؛ لأن الله شديد العقاب سائلك يوم القيامة عن شبابك وكل لحظات عمرك. خلاصة الأمر: ما أطول الأمل!!، كيف تضمني الحياة إلى الغد؟. العذر العاشر: وأخيراً قالت العاشرة: (أخشى إن التزمت بالزي الشرعي أن يطلق علي اسم جماعة معينة وأنا أكره التحزب). أختاه في الإسلام: إن في الإسلام حزبين فقط لا غير، ذكرهما الله العظيم في كتابه الكريم، الحزب الأول: هو حزب الله، الذي ينصره الله (تعالى) بطاعة أوامره واجتناب معاصيــه، والـحـزب الثاني: هو حزب الشيطان الرجيم، الذي يعصي الرحمن، ويكثر في الأرض الفساد، وأنـت حـيـــن تلتزمين أوامر الله ـ ومن بينها الحجاب ـ تصيرين مع حزب الله المفلحين، وحين تـتـبـرجـيـن وتُبْدين مفاتنك تركبين سفينة الشيطان وأوليائه من المنافقين والكفار، وبئس أولئك رفيقاً. أرأيتِ كيف تفرِّين من الله إلى الـشـيـطان، وتستبدلين الخبيث بالطيب، ففري يا أختي إلى الله، وطبقي شرائعه ((فَفِرُّوا إلَى اللَّـــــهِ إنِّي لَـكُــــم مِّـنْـهُ نَذِيرٌ مُّبِينٌ)) [الذاريات: 50]، فالحجاب عبادة سامية لا تخضع لآراء الناس وتوجيهاتـهــم واخـتـيــــاراتهم؛ لأن الذي شرعها هو الخالق الحكيم. خلاصة الأمر: في سبيل إرضاء الله (تعالى) ورجاء رحمته والفوز بجنته: اضــــربي بأقوال شياطين الإنس والجن عرض الحائط، وعضي على الشرع بالنواجذ، واقتدي بأمــهـــــات المؤمنين والصحابيات العالمات المجاهدات. خاتمة: الآن يا أختاه أحدثك حديث الصراحة: جسدك معروض في سوق الشيطان، يغوي قلوب العباد: خصلات شعر بادية، ملابس ضيقة تظهر ثنايا جسمك، ملابس قصيرة تبين ساقيك وقدميك، ملابس مبهرجة مزركشة معطرة تغضب الرحمن وترضي الشيـطـان.. كل يوم يمضي عليك بهذه الحال يزيدك من الله بعداً ومن الشيطان قرباً، كل يـــوم تنصبّ عليك لعنة من السماء وغضب حتى تتوبي، كل يوم تقتربين من القبر ويستعد مـلـك الموت لقبض روحك: ((كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ وَإنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ القِيَامَةِ فَمَن زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الحَيَاةُ الدُّنْيَا إلاَّ مَتَاعُ الغُرُورِ)) [آل عمران: 185]. اركبي ـ يا أختاه ـ قطار التوبة قبل أن يرحل عن محطتك. تأملي ـ يا أختاه ـ في هذا العرض اليوم قبل الغد. فكِّري فيه ـ يا أختاه ـ الآن قبل فوات الأوان. ============== الهوامش : 1) أخرجه الإمام أحمد. ....يتبع............. |
رد: الىاخيتي بنت عالم وناس
الحجاب سترة لكل بنت
اسأل الله أن يهدي كل بنت ما ترتديه أن ترتديه والله انه زينة لكل بنت على بركة الله اختي .. |
رد: الىاخيتي بنت عالم وناس
- قال الله تعالى: "ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها".
في هذه الآية دلالة واضحة على وجوب الحجاب الكامل، وبيان ذلك من وجوه: - الوجه الأول: العفو عما ظهر بغير قصد. إذا حصل الفعل باختيار: أسند إلى الفاعل، وإلا لم يسند..مثال ذلك: فعل "ظهر".. - إذا كان عن اختيار، قيل: "أظهر"؛ أي فعل ذلك بإرادة وقصد. - وإذا كان عن غير اختيار، قيل: "ظهر"؛ أي بغير بإرادة من الفاعل. وفي الآية جاء الفعل "ظهر"، وليس "أظهر"، فالاستثناء إذن في قوله: {إلا ما ظهر منها}، يعود إلى ما يظهر من المرأة، من زينتها، بدون قصد. ولننظر الآن: ما الزينة التي تظهر منها بغير قصد؟. يقال هنا: قوله: "ما ظهر منها"، ضابط يندرج تحته كل زينة المرأة: الظاهرة، والباطنة. الوجه والكف، وما دونهما، وما فوقهما، فكل ما ظهر منها بغير قصد، فمعفو عنه، لأن الشارع لا يؤاخذ على العجز والخطأ. وبيان هذا: أن ما يظهر من المرأة بغير قصد على نوعين: - الأول: ما لا يمكن إخفاؤه في أصل الأمر: عجزا. وذلك مثل: الجلباب، أو العباءة، أو الرداء. [بمعنى واحد]، ويليه في الظهور: أسفل الثوب تحت الجلباب، وما يبدو منه بسبب ريح، أو إصلاح شأن، وكل هذه الأحوال واقعة على المرأة لا محالة. - الثاني: ما يمكن إخفاؤه في أصل الأمر، لكنه يظهر في بعض الأحيان: عفوا دون قصد. مثلما إذا سقط الخمار، أو العباءة، أو سقطت المرأة نفسها، فقد يظهر شيء منها: وجهها، أو يدها، أو بدنها. ففي كلا الحالتين: حالة العجز، وحالة العفو. يصح أن يقال: "ظهر منها" (1). وحينئذ فالآية بينت أنها غير مؤاخذة، لأنها عاجزة، ولأنها لم تتعمد، وبمثل هذا فسر ابن مسعود – رضي الله عنه - الآية، وجمع من التابعين، فذكروا الثياب مثلا على ما يظهر بغير اختيار، قال ابن كثير في تفسيره [6/47]: "{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها"، أي ولا يظهرن شيئا زينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وقال ابن مسعود: كالرداء والثوب. يعني ما كان يتعاناه نساء العرب، من المقعنة التي تجلل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثوب، فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكن إخفاؤه. ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها، وما لا يمكن إخفاؤه". وهذا التفسير يطابق معنى الآية، ولا يعارضه بوجه، أما قول من فسر الآية: {ما ظهر منها}، بالوجه واليد، فإن فيه إشكالا: فأصحاب هذا القول، يصرحون بجواز إظهارهما مطلقا، دون قيد، ولو أنهم جعلوا مناط الجواز: حال العفو. لكان موافقا لمعنى الآية، لكنهم قصدوا حال الاختيار والتعمد، وهذا ينافي معنى وتفسير الآية, كما تقرر آنفا. إذن في الآية قرينة تبين أن المراد: ما ظهر منها بعفو؛ من دون قصد، وتعمد، واختيار. وغير هذا القول يتعارض كليا مع لغة العرب، التي نزل بها القرآن، ومن شروط التفسير ألا يعارض كلام العرب. - استطراد في بيان موقف الشيخ الألباني رحمه الله من هذا الوجه. هذا الإحكام في الدلالة: حمل الشيخ الألباني، رحمه الله وأعلى درجته، على ترجيح أن الآية دلت صراحة على وجوب ستر الزينة كلها، وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب، إلا ما ظهر بغير قصد، واستدل بقول ابن مسعود رضي الله عنه في تفسيره: "إلا ما ظهر منها" بالثياب. وقد كان ذلك رأيه، رحمه الله، في أول الأمر.. ثم إنه تراجع عنه، ومال إلى قول من رجع بالاستثناء على الوجه والكف، قال: " ففي الآية الأولى [آية الزينة] التصريح بوجوب ستر الزينة كلها، وعدم إظهار شيء منها أمام الأجانب، إلا ما ظهر بغير قصد منهن، فلا يؤاخذن عليه إذا بادرن إلى ستره، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره..". فذكر المنقول من كلامه آنفا، ثم قال: "وهذا المعنى الذي ذكرنا في تفسير: {إلا ما ظهر منها}، هو المتبادر من سياق الآية، وقد اختلفت أقوال السلف في تفسيرها: فمن قائل: إنها الثياب. ومن قائل: إنها الكحل، والخاتم، والسوار، والوجه. وغيرها من الأقوال التي رواها ابن جرير في تفسيره عن بعض الصحابة والتابعين، ثم اختار هو أن المراد بهذا الاستثناء: الوجه والكفان. قال:...". ومضمون ما ذكره ابن جرير: أن ما ظهر منها هو الوجه واليد. باعتبارهما ليسا بعورة في الصلاة؛ أي أنه قاس عورة النظر على عورة الصلاة. لكن الشيخ تعقبه فقال: "وهذا الترجيح غير قوي عندي، لأنه غير متبادر من الآية على الأسلوب القرآني، وإنما هو ترجيح بالإلزام الفقهي، وهو غير لازم هنا، لأن للمخالف أن يقول: جواز كشف المرأة عن وجهها في الصلاة، أمر خاص بالصلاة، فلا يجوز أن يقاس عليه الكشف خارج الصلاة، لوضوح الفرق بين الحالتين. أقول هذا مع عدم مخالفتنا له في جواز كشفها وجهها وكفيها في الصلاة وخارجها، لدليل، بل لأدلة أخرى غير هذه، كما يأتي بيانه، وإنما المناقشة هنا في صحة هذا الدليل بخصوصه، لا في صحة الدعوى، فالحق في معنى هذا الاستثناء، ما أسلفناه أول البحث، وأيدناه بكلام ابن كثير، ويؤيده أيضا ما في تفسير القرطبي: قال ابن عطية: ويظهر لي بحكم ألفاظ الآية، أن المرأة مأمورة بأن لا تبدي، وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء فيما يظهر بحكم ضرورة حركتها فيما لا بد منه، أو إصلاح شأن، ونحو ذلك فـ{ما ظهر} على هذا الوجه، مما تؤدي إليه الضرورة في النساء، فهو معفو عنه. قال القرطبي: قلت: هذا قول حسن، إلا أنه لما كان الغالب من الوجه والكفين، ظهورهما عادة عبادة، وذلك في الحج والصلاة، فيصلح أن يكون الاستثناء راجعا إليهما..". وبعد أن نقل كلامه بتمامه قال الشيخ: "قلت: وفي هذا التعقيب نظر أيضا، لأنه وإن كان الغالب على الوجه والكفين ظهورهما بحكم العادة، فإنما ذلك بقصد من المكلف، والآية حسب فهمنا، إنما أفادت استثناء ما ظهر منها دون قصد، فكيف يسوغ حينئذ جعله دليلا شاملا، لما ظهر بالقصد؟! فتأمل". وكما قلت آنفا، فقد كان هذا رأيه في دلالة هذه الآية، في أول الأمر، فلم ير فيها ما يدل على كشف الوجه واليد، وإن كان يرى جواز كشفهما، لكن لأدلة أخرى. وبغض النظر عن إمكان الجمع بين قوليه: - القول بأن الآية دلت على ستر الزينة كلها، وعدم إظهار شيء منها للأجانب، إلا ما ظهر بغير قصد. - والقول بجواز كشف الوجه واليد، لكن بأدلة أخرى. فإن الشيخ مال بعد إلى القول الذي كان رده أولاً، فقال: "ثم تأملت؛ فبدا لي أن قول هؤلاء العلماء [من فسر الآية بالوجه والكف] هو الصواب، وأن ذلك من دقة نظرهم رحمهم الله، وبيانه: أن السلف اتفقوا على أن قوله تعالى: {إلا ما ظهر منها}، يعود إلى فعل يصدر من المرأة المكلفة، غاية ما في الأمر أنهم اختلفوا، فيما تظهره بقصد منها، فابن مسعود يقول: ثيابها؛ أي جلبابها. وابن عباس ومن معه من الصحابة وغيرهم يقول: هو الوجه والكفان منها. فمعنى الآية حينئذ: إلا ما ظهر منها عادة بإذن الشارع وأمره". ثم استدل لهذا الرأي، بأن كشف الوجه والكف هو عادة النساء في عهد النبوة وبعده، فقال: "فإذا ثبت أن الشرع سمح للمرأة بإظهار شيء من زينتها، سواء كان كفا أو وجها أو غيرهما، فلا يعترض عليه بما كنا ذكرناه من القصد، لأنه مأذون فيه، كإظهار الجلباب تماما، كما بينت آنفا. فهذا هو توجيه تفسير الصحابة الذين قالوا: إن المراد بالاستثناء في الآية: الوجه والكفان. وجريان عمل كثير من النساء في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وبعده". قال: "قلت: فابن عباس, ومن معه من الأصحاب، والتابعين، والمفسرين: إنما يشيرون بتفسيرهم لآية: {إلا ما ظهر منها}، إلى هذه العادة، التي كانت معروفة عند نزولها، وأقروا عليها، فلا يجوز إذن معارضة تفسيرهم بتفسير ابن مسعود". [جلباب المرأة المسلمة 39-53] فهذا كلامه بالتفصيل، ويلاحظ ما يلي: (1) صريح الآية استثناء ما ظهر بغير قصد، فلا يدخل فيه الوجه والكف، لأنهما يظهران بقصد، وهذا ما أقر به الشيخ في أول كلامه، ودعا للتأمل فيه. (2) لا يصح صرف هذا المعنى الصريح [استثناء ما ظهر بغير قصد] إلى غيره [استثناء ما ظهر بقصد] إلا بقرينة صحيحة، والقرينة التي استدل بها الشيخ هنا هي: عادة النساء في عهد النبوة. وهذه قرينة غير مسلمة، فللمنازع أن يرد ذلك، بأن عادة النساء لم تكن في الكشف، بل في الستر، ويسوق على ذلك آثارا صريحة، لا ينكرها الخصم، بل يثبت أن الكشف كان عادتهن في أول الأمر، حتى أمرن بالتغطية، كيلا يتشبهن بالإماء، كما في آية الإدناء، وحينئذ فقوله هو الراجح، أو لا أقل من أن يكونا متساويين، وحينئذ، في الحالين، لا تصح القرينة هنا، فإن القرينة لا بد أن تسلم من المعارضة. ثم كيف يكون عادتهن، في عهد النبوة: الكشف. والتغطية مستحبة في أدنى أقوال العلماء..؟!!.. أفكان ذلك الرعيل الأول من المؤمنات مفرطات في هذا الثواب الجزيل، مع ما نقل عنهن من تسابق للخير، يوازي مسابقة الصحابة رضوان الله عليهم؟!. (3) إذا بطلت القرينة، بقيت الآية على حالها، صريحة في استثناء ما ظهر بغير قصد، ومن ثم تبطل دلالتها على جواز كشف الوجه الكف. (4) تشبيه الوجه والكف بالجلباب باطل، لأن الوجه والكف يمكن إخفاؤه، والجلباب لا يمكن. (5) مة نزاع في فهم كلام الصحابة، كابن عباس رضي الله عنهما: ما أراد بالوجه والكف؟. فالآثار عنه تبين أنه أراد جواز إظهارهما للمحارم غير الزوج، وليس الأجانب، وسيأتي تفصيله بعد قليل. (6) يبطل بذلك قول الشيخ أن معنى الآية: "إلا ما ظهر منها بإذن الشارع وأمره"؛ الوجه والكف، إلا في حالة واحدة، هي: إذا ظهرا بغير قصد. * * * الوجه الثاني: الزينة ليست المتزين. الزينة في كلام العرب هي: ما تتزين به المرأة، مما هو خارج عن أصل خلقتها، كالحلي. وكذلك استعملت الزينة في القرآن للشيء الخارج عن أصل خلقة المتزين، من ذلك قوله تعالى: - {يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد}، أي الثياب. - {إنا جعلنا ما على الأرض زينة لها}، فالزينة على الأرض، وليس بعض الأرض. - {إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب}، فالكواكب زينة للسماء، وليست منها. وهكذا، فلفظ الزينة يراد بها ما يزين به الشيء، وليس من أصل خلقته. وعلى ذلك فتفسير الزينة ببدن المرأة خلاف الظاهر، ولا يحمل عليه إلا بدليل، فقول من قال: إن الزينة التي يجوز للمرأة إظهارها هو: الوجه والكف. خلاف المعنى الظاهر، فإذا فسرت بالثياب استقام في كلام العرب ولغة القرآن. [انظر: أضواء البيان 6/198-199]. ويؤيد هذا ما رواه ابن جرير [التفسير 17/257] بسنده: - عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص، عن عبد الله بن مسعود – رضي الله عنه - قال: {إلا ما ظهر منها}، قال: الثياب. قال أبو إسحاق: "ألا ترى أنه قال: {خذوا زينتكم عند كل مسجد}". فاستدل أبو إسحاق على صحة تفسير الزينة بالثياب بالقرآن، ففسر القرآن بالقرآن، وهذا أعلى درجات التفسير، لأن الله تعالى أعلم بمراده. فإن قال قائل: قد علمتم أن من الأقوال التي قيلت تفسيرا للزينة في الآية أنها: الكحل والخضاب. وهما من الزينة، لا شك في ذلك، وليسا من أصل الخلقة، فلم لا يكون الاستثناء عائدا إليهما، فيجوز للمرأة حينئذ إظهار الكحل في العين، والخضاب في اليد، وإذا حصل ذلك، لزم منه كشف الوجه واليد. فالجواب أن يقال: لا يلزم من جواز إظهار الكحل في العين: إظهار الوجه. ثم لا نسلم لكم أن ابن عباس رضي الله عنهما قصد بذكر الوجه والكف، أو الكحل، والخاتم، والخضاب: إظهارهما للأجانب. فإن هذا هو محل النزاع: ماذا عنى ابن عباس؟، وسيأتي بيان هذه المسألة. * * * الوجه الثالث: هو قول طائفة من السلف. القول بأن الذي يتسامح في ظهوره للأجانب هو الثياب، هو قول طائفة من السلف: - روى ابن جرير بسنده عن ابن مسعود، قال: "{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: الثياب". - وروى أيضا بسنده إبراهيم النخعي قال: "{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: الثياب". - وروى بسنده عن الحسن في قوله: {إلا ما ظهر منها}، قال: الثياب. - ومثله عن أبي إسحاق السبيعي. [التفسير 17/256-257] - وقال ابن كثير في تفسيره [6/47]: "{ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، أي ولا يظهرن شيئا زينة للأجانب، إلا ما لا يمكن إخفاؤه. وقال ابن مسعود: كالرداء والثوب. يعني ما كان يتعاناه نساء العرب، من المقعنة التي تجلل ثيابها، وما يبدو من أسافل الثوب، فلا حرج عليها فيه، لأن هذا لا يمكن إخفاؤه. ونظيره في زي النساء ما يظهر من إزارها، وما لا يمكن إخفاؤه. وقال بقول ابن مسعود: الحسن، وابن سيرين، وأبو الجوزاء، وإبراهيم النخعي وغيرهم". فهذه أقوال جمع من السلف، كلها دلالتها صريحة على وجوب تغطية الوجه، فعلى الرغم من أن الآية عمدة عند القائلين بجواز الكشف، إلا أن هؤلاء الأئمة لم يفهموا هذا الفهم بوجه ما. وبهذه الأوجه يثبت من غير شك: أن دلالة الآية قاطعة، على وجوب الحجاب الكامل على المرأة. * * * استطراد: اعتراض، وجواب. فإن قال قائل: فما تصنعون بالآثار الواردة عن الصحابة، ومن بعدهم من الأئمة في تفسير: {ما ظهر منها}، بالوجه والكف. وهي آثار منها الثابت، ومنها ما دون ذلك، والحجة في الثابت منها. فالجواب ما يلي: - (جواز كشف الوجه واليد للمحارم، لا الأجانب). ما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية بالوجه والكف: مفسر بما جاء عنه في الرواية الأخرى، التي رواها ابن جرير فقال: - "حدثني علي، قال: ثنا عبد الله، قال: ثنى معاوية، عن علي، عن ابن عباس قوله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها}، قال: والزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم. فهذه تظهر في بيتها، لمن دخل من الناس عليها". [التفسير 17/259] (2). من هم الناس في كلام ابن عباس؟. أهم الأجانب؟.. كلا، فإن تحريم دخول الأجانب على النساء، لا يخفى على أحد، فضلا عنه، وقد قال رسول الله صلى الله وسلم: (إياكم والدخول على النساء)، والآية: {وإذا سألتموهن متاعا فسألوهن من وراء حجاب}. إذن فقصده إذن: من دخل عليها من محارمها غير الزوج. فهذه تبدي لهم ما ظهر منها، مما يشق عليها إخفاؤه في بيتها، فعلى هذا يحمل قول ابن عباس، لا على نظر الأجانب إليها. وهذا يوافق ما جاء عنه في تفسير قوله تعالى: {يدنين عليهن من جلابيبهن}، فقد روى ابن جرير بسنده إلى ابن عباس في الآية قال: "أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة، أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة" [التفسير 19/181]، فهذا صريح في تغطية الوجه، وقد تقدم. ومن المعلوم المقرر عقلا: أنه إذا وردت عن الصحابي رواية صريحة في المعنى، وأخرى محتملة للمعنيين، كان حملها على المعنى الصريح هو المتوجب، فكيف إذا كانت هذه الأخرى أقرب إلى معنى الرواية الأولى؟. * * * مع يقيننا أن هذا الوجه قاطع للنزاع في معنى كلام ابن عباس رضي الله عنهما، فهو أحرى من فسر لنا كلامه، وقد بين أنه أراد إظهار الوجه والكف للمحارم، لمن دخل منهم البيت، وهو الموافق لقوله في آية الجلباب، إلا أنه تنزلا، وجدلا نقول: هب أن ابن عباس لم يرد عنه ما يفسر كلامه، فهل تفسيره الآية بالوجه والكف ليس له إلا احتمال واحد هو: جواز إظهارهما للأجانب؟. والجواب: كلا، بل ثمة احتمالات أخر، هي: أولا: استثناء أم نهي؟. في الآية نهي واستثناء، فقوله: {ولا يبدين زينتهن} = نهي. وقوله: {إلا ما ظهر منها} = استثناء. فقول ابن عباس وغيره، إما أن يحمل على: النهي، أو الاستثناء. فأكثرهم نظر إلى الاستثناء، ولم ينظر إلى النهي، مع أنه محتمل، ففي الاستثناء: المعنى أنهن نهين عن إبداء زينتهن، ومنها الكف والوجه، وربما يكون سبب تخصيصهما حينئذ بالذكر: لأنهما أكثر ظهورا. بالنظر إلى كشفهما في الصلاة والإحرام، وحينئذ يكون تفسير ابن عباس لقوله: {ولا يبدين زينتهن}، لا قوله: {إلا ما ظهر منها}، وهو محتمل. وقد أورد ابن كثير هذا الاحتمال فقال: - "وهذا يحتمل أن يكون تفسيرا للزينة التي نهين عن إبدائها"، إلى أن قال: "ويحتمل أن ابن عباس ومن تابعه: أرادوا تفسير ما ظهر منها بالوجه والكفين، وهذا هو المشهور عند الجمهور"[التفسير6/47]. فإن احتج المخالف بأن هذا الوجه غير مشهور عند العلماء، قلنا: هو كذلك، لكن ليس هذا موضع الاحتجاج من إيراد هذا الوجه، إنما في وجود احتمال آخر غير المشهور، له ذكر عند العلماء، يوافق المشروع وغير باطل عقلا، ومعلوم أنه إذا تطرق الاحتمال بطل الاستدلال، ومن ثم لا تكون هذه التفسيرات من الصحابة رضوان الله عليهم حجة قاطعة على الكشف، بل محتملة غير ملزمة. وإذا كان هذا هو حال هذه التفسيرات، فكيف يعارض بها الدلالة المحكمة لآيات: الحجاب، والجلباب، والزينة؟!. ثانيا: العفو عما ظهر بغير قصد. تقدم في الوجه الأول: أن الآية تسامحت فيما ظهر من المرأة بغير قصد. ومعلوم أن المرأة قد يظهر منها الوجه والكف بغير اختيارها، وهذا يحصل كثيرا، بخلاف غيرهما، وعلى هذا يمكن حمل كلام ابن عباس وغيره من الصحابة رضوان الله عليهم على ما ظهر من المرأة بغير قصد، مما هو من زينتها، أو بدنها، كالوجه والكف، والخضاب، ونحو ذلك. ثالثا: التدرج في الحجاب. ثمة جواب هنا ورد عن ابن تيمية هو: أن الحجاب هكذا شرع في بداية الأمر، ستر البدن كله، إلا الوجه والكفين، ثم لما نزلت آية الجلباب أمرن بستر الوجه والكف أيضا. قال: "(فصل في اللباس في الصلاة) وهو أخذ الزينة عند كل مسجد، الذي يسميه الفقهاء: (باب ستر العورة في الصلاة)، فإن طائفة من الفقهاء ظنوا أن الذي يستر في الصلاة، هو الذي يستر عن أعين الناظرين، وهو العورة، وأخذ ما يستر في الصلاة من قوله: {ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، ثم قال: {ولا يبدين زينتهن}؛ يعنى الباطنة: {إلا لبعولتهن}الآية. فقال يجوز لها، في الصلاة، أن تبدى الزينة الظاهرة دون الباطنة، والسلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين: - فقال ابن مسعود ومن وافقه هي: الثياب. - وقال ابن عباس ومن وافقه هي: فى الوجه واليدين؛ مثل الكحل والخاتم. وعلى هذين القولين تنازع الفقهاء في النظر إلى المرأة الأجنبية، فقيل: يجوز النظر لغير شهوة إلى وجهها ويديها. وهو مذهب أبى حنيفة والشافعي وقول في مذهب أحمد. وقيل: لا يجوز. وهو ظاهر مذهب أحمد، فإن كل شيء منها عورة، حتى ظفرها، وهو قول مالك. وحقيقة الأمر أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة، وزينة غير ظاهرة. وجوز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج، وذوي المحارم، وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب، كان النساء يخرجن بلا جلباب، يرى الرجل وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها، لأنه يجوز لها إظهاره. ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن}، حجب النساء عن الرجال، وكان ذلك لما تزوج زينب بنت جحش، فأرخى الستر ومنع النساء أن ينظرن، ولما اصطفى صفية بنت حيي بعد ذلك، عام خيبر، قالوا: (إن حجبها فهي من أمهات المؤمنين، وإلا فهي مما ملكت يمينه)، فحجبها. فلما أمر الله أن لا يسألن إلا من وراء حجاب، وأمر: أزواجه، وبناته، ونساء المؤمنين. أن يدنين عليها من جلابيبهن، والجلباب هو: الملاءة. وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره: الرداء. وتسميه العامة: الإزار. وهو الإزار الكبير الذي يغطى رأسها وسائر بدنها، وقد حكى أبو عبيد(3) وغيره: أنها تدنيه من فوق رأسها فلا تظهر إلا عينها. ومن جنسه النقاب، فكن النساء ينتقبن، وفى الصحيح: (أن المحرمة لا تنتقب، ولا تلبس القفازين)، فإذا كن مأمورات بالجلباب، لئلا يعرفن، وهو ستر الوجه، أو ستر الوجه بالنقاب، كان الوجه واليدان من الزينة التي أمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقى يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة. فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين". [الفتاوى 22/109-111] رابعا: عورة النظر غير عورة الصلاة. هذه الآية ليست في عورة النظر، بل عورة الصلاة. وذلك أن العورة عورتان: - عورة في النظر، وهذه تعم جميع البدن. - وعورة في الصلاة، وهذه تعم البدن إلا الوجه والكف. وطائفة من العلماء يقولون بأن للمرأة أن تكشف وجهها وكفها. ومقصودهم أن ذلك في الصلاة، لأنها مأمورة به في الصلاة، ويدل على هذا أن كلامهم في جواز كشف الوجه يأتي عند الكلام على ستر العورة في الصلاة، وقد نص طائفة من أهل العلم على التفريق بين عورة النظر وعورة الصلاة: - قال البيضاوي في تفسيره قوله تعالى: {ولا يبدين زينتهن..}: "والمستثنى هو الوجه والكفان، لأنهما ليسا من العورة، والأظهر أن هذا في الصلاة لا في النظر، فإن بدن الحرة كلها عورة، لا يحل لغير الزوج والمحرم النظر إلى شيء منها، إلا لضرورة، كالمعالجة وتحمل الشهادة". - قال الشهاب في شرحه تفسير البيضاوي [عناية القاضي وكفاية الراضي 6/373، انظر: عودة الحجاب 3/228،231]: "ومذهب الشافعي رحمه الله، كما في الروضة وغيرها، أن جميع بدن المرأة عورة، حتى الوجه والكف مطلقا، وقيل: يحل النظر إلى الوجه والكف، إن لم يخف فتنة، وعلى الأول: هما عورة إلا في الصلاة، فلا تبطل صلاتهما بكشفهما"، قال: "وما ذكره [البيضاوي] من الفرق بين العورة في الصلاة وغيرها، مذهب الشافعي رحمه الله". - وقال ابن تيمية: "التحقيق أنه ليس بعورة في الصلاة، وهو عورة في باب النظر، إذ لم يجز النظر إليه". وقال: "فليست العورة في الصلاة مرتبطة بعورة النظر لا طردا ولا عكسا" [الفتاوى الكبرى 4/409] - وقال ابن القيم: "العورة عورتان: عورة في الصلاة، وعورة في النظر، فالحرة لها أن تصلي مكشوفة الوجه والكفين، وليس لها أن تخرج في الأسواق ومجامع الناس كذلك". [إعلام الموقعين 2/80] - وقال الأمير الصنعاني في سبل السلام (1/176): "ويباح كشف وجهها، حيث لم يأت دليل بتغطيته، والمراد كشفه عند صلاتها، بحيث لا يراها أجنبي، فهذه عورتها في الصلاة، وأما عورتها بالنظر إلى نظر الأجنبي إليها فكلها عورة". - وقال عبد القادر الشيباني الحنبلي في نيل المآرب بشرح دليل الطالب 1/39 [عودة الحجاب 3/230]: " والوجه والكفان من الحرة البالغة عورة خارج الصلاة، باعتبار النظر، كبقية بدنها". - يقول الشيخ أبو الأعلى المودودي: "الفرق كبير جدا بين الحجاب وسترة العورة، فالعورة ما لا يجوز كشفه حتى للمحارم من الرجال، وأما الحجاب فهو شيء فوق ستر العورة، وهو ما حيل به بين النساء والأجانب من الرجال" [تفسير سورة النور ص158، انظر: عودة الحجاب 3/232]. وليس المقصود استقصاء هذه الأقوال، لكن المقصود بيان أنه لا يصح أن يفهم من مجرد قولهم: والمرأة الحرة كلها عورة إلا وجهها وكفيها. أو بقولهم في الآية: {إلا ما ظهر منها}، هو الوجه والكف. أن مذهبهم جواز الكشف أمام الأجانب. إذ قد يكون مقصودهم أن هذا في الصلاة، فلا بد إذن من دليل آخر يدل صراحة على أن مذهبهم جواز كشف الوجه أمام الأجانب. إذن كل الأدلة تفضي إلى وجوب تغطية الوجه والكف وسائر البدن، وعلى هذا كلام جماهير أهل العلم. * * * - لا يعارض القطعي بالظني. لو فرضنا جدلا أن هذه الآثار تخالف الدلالة القطعية للآية، فالحجة فيما أثبتته الآية، فقول الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم مقدم على قول كل أحد، وكم من النصوص فسرت بما يعارضها، وكان الواجب طرحها والإعراض عنها.. فلو قدرنا أن هذه الآثار المفسرة للآية بكشف الوجه ثابتة السند والمعنى، فلا ريب أن الحجة فيما قطع بدلالته، وآية الزينة بينة الدلالة على وجوب التغطية، كما أثبتنا، وقد أثبتنا قبل ذلك قطعية دلالة آية الحجاب، وكذا آية الجلباب، على وجوب الحجاب الكامل، فكيف تطرح هذه القطعيات لبعض الأقوال، وبعضها لا تثبت، وبعضها ليست قطعية الدلالة، لها تأويل؟!. كما قد تبين بالبيان السابق. فإن قيل: هل أنتم أعلم أم ابن عباس ومن وافقه، وقد فسروا: {ما ظهر منها}، بأنه الوجه والكف؟. فيقال: بل هم أعلم، إنما النزاع في معنى ما ورد عنهم، فقد تبين بالأوجه السابقة: أن توجيه كلامهم نحو جواز كشف الوجه واليد مطلقا، فيه نظر !!، ولا يسلم للمخالف به، والذي حملنا على هذا الرأي: (1) ما ورد عنهم من قول خلاف ذلك، حيث تقدم قول ابن عباس أنها في الذي يدخل على المرأة بيتها، والمقطوع به أن ابن عباس رضي الله عنهما لم يكن ليجيز لغير محرم دخوله على امرأة أجنبية، فضلا أن يجيز لها كشف وجهها ويديها أمامه، في بيتها، كيف وهو الذي فسر الإدناء، بأن تغطي المرأة وجهها، فلا تبدي إلا عينا واحدة، أفكان يأمرها بالتغطية خارج البيت، ويأذن لها بالكشف داخل البيت؟!. (2) أن أصل الحجاب مشروع، ونصوصه الدالة عليه عديدة، فهي شعيرة، ومن المحكمات، فليس من السهولة تجاوز هذا الحكم الواضح لأجل آثار، بعضها لا تثبت، وبعضها لها تأويل سائغ، فتكون من المتشابهات التي يجب ردها إلى المحكمات. (3) أن من الصحابة رضوان الله عليهم، وهو ابن مسعود رضي الله عنه، من صرح في الآية بغير هذا المعنى، فقال هو: الثياب. وتبعه على ذلك جمع من التابعين. * * * - القول في قوله تعالى: "وليضربن بخمرهن على جيوبهن". قال الإمام البخاري: "باب {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}"، ثم ذكر سنده إلى عائشة رضي الله عنها قالت: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، شققن مروطهن، فاختمرن بها). [فتح الباري 8/489] يرى الشيخ الألباني، رحمه الله وأعلى درجته، أن الخمار عند الإطلاق هو غطاء الرأس فقط، دون الوجه، وقد يستعمل أحيانا في غطاء الوجه، يقول: - "الخمار غطاء الرأس فقط، دون الوجه" [الرد المفحم ص13]. - "كما أن العمامة عند إطلاقها، لا تعني تغطية وجه الرجل؛ فكذلك الخمار عند إطلاقه، لا يعني تغطية وجه المرأة".[الرد المفحم ص18]. - "وجملة القول: إن الخمار والاعتجار عند الإطلاق؛ إنما يعني: تغطية الرأس، فمن ضم إلى ذلك تغطية الوجه، فهو مكابر معاند، لما تقدم من الأدلة".[الرد المفحم ص25]. - "لا ينافي كون الخمار غطاء الرأس، أن يستعمل أحيانا لتغطية الوجه". [الرد المفحم ص23] وقد بنى رأيه هذا على أمور ثلاثة هي: - الأول: نصوص من الكتاب والسنة دلت على أن الخمار: غطاء الرأس. قال: " وأما مخالفته للسنة فهي كثير؛ منها قوله صلى الله عليه وسلم: "لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار" وهو حديث صحيح، مخرج في الإرواء (196) برواية جمع؛ منهم ابن خزيمة، وابن حبان في صحيحيهما. فهل يقول الشيخ التويجري، بأنه يجب على المرأة البالغة أن تستر وجهها في الصلاة ؟!. ومثله قوله صلى الله عليه وسلم في المرأة التي نذرت أن تحج حاسرة: (مروها فلتركب، ولتختمر، ولتحج)، وفي رواية: (وتغطي شعرها)، وهو صحيح أيضا، خرجته في الأحاديث الصحيحة (2930). فهل يجيز للمحرمة أن تضرب بخمارها على وجهها، وهو يعلم قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة المحرمة..)؟!. ومثل ذلك أحاديث المسح على الخمار في الوضوء". [الرد المفحم 16-17] - الثاني: أقوال المفسرين والفقهاء في معنى الخمار. قال رحمه الله : "فمن المفسرين: إمامهم ابن جرير الطبري، والبغوي، والزمخشري، وابن العربي، وابن تيمية، وابن حيان الأندلسي، وغيرهم كثير، وكثير ممن ذكرنا هناك. ومن المحدثين: ابن حزم، والباجي الأندلسي..". قال: " ومن الفقهاء: أبو حنيفة، وتلميذه محمد بن الحسن، في الموطأ، وستأتي عبارته في ص (34)، والشافعي القرشي، والعيني". [الرد المفحم 18،21] - الثالث: كلام أهل اللغة في معنى الخمار. قال: "ومن ذلك قول العلامة الزبيدي في (شرح القاموس) 3/189، في قول أم سلمة رضي الله عنها: إنها كانت تمسح على الخمار. أخرجه ابن أبي شيبة في (المصنف) 1/22: أرادت بـ(الخمار): العمامة؛ لأن الرجل يغطي بها رأسه؛ كما أن المرأة تغطيه بخمارها. وكذا في (لسان العرب). وفي المعجم (الوسيط)، تأليف لجنة من العلماء، تحت إشراف (مجمع اللغة العربية)، ما نصه: (الخمار): كل ما ستر. ومنه خمار المرأة، وهو ثوب تغطي به رأسها. ومنه العمامة؛ لأن الرجل يغطي بها رأسه، ويديرها تحت الحنك". [الرد المفحم 17-18] * * * كان ذلك رده رحمه الله على من فسر الخمار بغطاء الوجه، في قوله تعالى: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}، حيث يرى رحمه الله: أن الآية لا تدل على غطاء الوجه، بل الرأس، لأن معنى الخمار كذلك. وقد استنكر كل قول يفسر الخمار بغطاء الوجه، ووصف كل ما ورد عن الأئمة بهذا المعنى أنه: إما زلة، أو سبق قلم، أو تفسير مراد. فقال [الرد المفحم ص13]: "وتشبث في ذلك ببعض الأقوال، التي لا تعدو أن تكون من باب: زلة عالم، أو سبق قلم، أو في أحسن الأحوال: تفسير مراد، وليس تفسير لفظ؛ مما لا ينبغي الاعتماد عليه في محل النزاع والخلاف". * * * وتعليقا على ما أورده الشيخ يقال هنا: - أولا: ليست الآية هي الحجة في وجوب غطاء الوجه. هذه مسألة مهمة، وهي: أن آية الخمار ليست العمدة في وجوب غطاء الوجه، فدليل الوجوب قد تقدم في الآيات الثلاثة: آية الحجاب، وآية الجلباب، وآية الزينة. ودلالتها محكمة على الوجوب. وعلى ذلك: فعدم قطعية دلالة هذه الآية على وجوب غطاء الوجه، لا يسقط الحكم أو يلغيه. ومعلوم أن الآية وردت نهيا عن تشبه النساء المؤمنات بالجاهلية، حيث كانت المرأة تلبس الخمار على رأسها، ثم تسدل من الخلف، فينكشف الصدر والعنق، كما يفعل نساء النبط، فأمرن بالسدل من الأمام، حتى يغطين كل ذلك، وهذا يحتمل: - أن يغطى معه الوجه، وهو الأقرب، والموافق للأمر في نصوص: الحجاب، والجلباب، والزينة. - أن يدور حول الوجه، مغطيا الأذن، ثم العنق، ثم الصدر. والمعنى يحتمل هذا الوجه. ولأجله فإن الآية ليست قاطعة الدلالة في الجهتين. فإذا كان لا يحق لمن يقول بالتغطية الاحتكام إليها، فكذلك من يقول بالكشف، لا يحق له التحكم بمعناها، والقول بأنها تدل على الكشف بالقطع. بل إذا فسرت بتغطية الوجه، فهو تفسير معتبر، لأنه تفسير في ضوء نصوص الحجاب الأخرى، فتتلاءم، وفي كلام العلماء وأهل اللغة تفسير الخمار بغطاء الوجه. ولو فسرت بتغطية العنق والصدر وما جاور الوجه، فهذا لا يمنع من وجوب غطاء الوجه، لكن بالنصوص الأخرى، فتكون هذه الآية نصت على تغطية العنق والصدر، وخصت بالذكر لشيوع كشفها في الجاهلية. - ثانيا: العلماء الذين فسروا الخمار في النصوص الشرعية بغطاء الوجه. نص بعض العلماء على أن الخمار في المصطلح الشرعي هو: غطاء الوجه. منهم ابن تيمية، والعيني صاحب عمدة القاري، وابن حجر. - فأما ابن تيمية فقال: " الخمر التي تغطي: الرأس، والوجه، والعنق. والجلابيب التي تسدل من فوق الرؤوس، حتى لا يظهر من لابسها إلا العينان". [الفتاوى 22/147]. - وأما العيني فقال: " قوله: (نساء المهاجرات)؛ أي النساء المهاجرات، قوله: (مروطهن)، جمع مرط، بكسر الميم، وهو الإزار. قوله: (فاختمرن بها)، أي غطين وجوههن بالمروط التي شققنها". [عمدة القاري 10/92، انظر: عودة الحجاب3/287]. - وأما ابن حجر فقال:"قوله: (فاختمرن)؛ أي غطين وجوههن؛ وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها، وترميه من الجانب الأيمن على العاتق الأيسر، وهو التقنع. قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها، وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار، والخمار للمرأة كالعمامة للرجل". [الفتح8/498].. فكلامه هنا صريح في أن الخمار غطاء الرأس والوجه، وله نص آخر صريح، قال فيه: "ومنه خمار المرأة؛ لأنه يستر وجهها" [الفتح 10/48، الأشربة، باب: ما جاء أن الخمر ما خامر العقل] يؤكده قوله في التخمير: "وهو التقنع"، فالخمار هو القناع عنده، وقد عرف القناع فقال: - "قوله: (باب التقنع) بقاف ونون ثقيلة، وهو: تغطية الرأس، وأكثر الوجه، برداء أو غيره" [في الفتح، باب اللباس، باب: التقنع. 10/274] - وقال: "قوله: (مقنع) بفتح القاف والنون المشددة: وهو كناية عن تغطية وجهه بآلة الحرب" [الفتح 6/25] إذن الخمار غطاء الرأس والوجه، وهو القناع، والقناع ما يغطي الرأس والوجه، هكذا يقول ابن حجر. فهل يسوغ بعد هذا أن يقال: إنما ذلك سبق قلم منه، أو خطأ من الناسخ، أو أنه أراد معنى مجازيا..؟!. هذا ما ذهب إليه الشيخ الألباني، أعلى الله درجته، فقال [الرد المفحم ص19-21]: "وهنا لا بد لي من الوقفة- وإن طال الكلام أكثر مما رغبت- لبيان موقف للشيخ التويجري، غير مشرف له، في استغلاله لخطأ وقع في شرح الحافظ لحديث عائشة الآتي في الكتاب (78) في نزول آية (الخُمُر) المتقدمة، وبتره من شرح الحافظ نص كلامه المذكور لمخالفته لدعواه! فقال الحافظ في شرح قول عائشة في آخر حديثها:( فاختمرن بها) (8/490): ( أي: غطين وجوههن، وصفة ذلك أن تضع الخمار على رأسها، وترميه من الجانب الأيسر، وهو التقنع. قال الفراء: كانوا في الجاهلية تسدل المرأة خمارها من ورائها، وتكشف ما قدامها، فأمرن بالاستتار، و (الخمار) …) إلى آخر النص. فأقول: لقد ردّ الشيخ في كتابه (ص 221) قولي الموافق لأهل العلم –كما علمت- بتفسير الحافظ المذكور: (غطين وجوههن)، وأضرب عن تمام كلامه الصريح في أنه لا يعني ما فهمه الشيخ، لأنه يناقض قوله: (وصفة ذلك …) فإن هذا لو طبَّقه الشيخ في خماره، لوجد وجهه مكشوفاً غير مغطى!. ويؤكد ذلك النص الذي بتره الشيخ عمداً أو تقليداً، وفيه تشبيه الحافظ خمار المرأة بعمامة الرجل، فهل يرى الشيخ أن العمامة أيضاً- كالخمار عنده- تغطي الرأس والوجه جميعاً؟!. وكذلك قوله: (وهو التقنع)، ففي كتب اللغة: (تقنّعت المرأة؛ أي: لبست القناع وهو ما تغطي به المرأة رأسها)، كما في (المعجم الوسيط) وغيره، مثل الحافظ نفسه فقد قال في (الفتح 7/235 و 10/274):( التقنع: تغطية الرأس). وإنما قلت: أو تقليداً. لأني أربأ بالشيخ أن يتعمد مثل هذا البتر، الذي يغيّر مقصود الكلام، فقد وجدت من سبقه إليه من الفضلاء المعاصرين، ولكنه انتقل إلى رحمة الله وعفوه، فلا أريد مناقشته. عفا الله عنا وعنه. وبناءً على ما سبق فقوله: (وجوههن)، يحتمل أن يكون خطأ من الناسخ، أو سبق قلم من المؤلف، أراد أن يقول: (صدورهن) فسبقه القلم! ويحتمل أن يكون أراد معنىً مجازياً؛ أي: ما يحيط بالوجه. من باب المجاورة، فقد وجدت في (الفتح) نحوه، في موضع آخر منه، تحت حديث البراء رضي الله عنه: (أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ بالحديد …) الحديث. رواه البخاري وغيره، وهو مخرج في (الصحيحة) (2932) فقال الحافظ (6/ 25): (قوله: مقَنَّع. بفتح القاف والنون المشددة: وهو كناية عن تغطية وجهه بآلة الحرب). فإنه يعني ما جاور الوجه، وإلا لم يستطع المشي فضلاً عن القتال كما هو ظاهر". هنا ثمة ملاحظات: الملاحظة الأولى: جزم الشيخ بأن وصف ابن حجر لطريقة وضع الخمار: يلزم منه كشف الوجه. وهذا لا يسلم له به، فالمرأة إذا وضعت خمارها على رأسها، ثم لفت طرفه الأيمن على وجهها، ثم ألقت الذيل على العاتق الأيسر، كان ذلك غطاء للوجه، وهذا ما عناه ابن حجر، ولذا جعل التخمير تغطية الوجه. الملاحظة الثانية: استدل الشيخ لرأيه بقول ابن حجر: "وهو التقنع"، وجزم أنه يعني بالتقنع غطاء الرأس فحسب، وساق تعريفا له قال فيه: "التقنع: تغطية الرأس"، لكن فات الشيخ رحمه الله أن ينقل التعريف بتمامه، وفيه ذكر الوجه، وهو كما تقدم، قال ابن حجر: ": "قوله: (باب التقنع) بقاف ونون ثقيلة، وهو: تغطية الرأس، وأكثر الوجه، برداء أو غيره" [في الفتح، باب اللباس، باب: التقنع. 10/274]. الملاحظة الثالثة: أبى الشيخ إلا أن يوجه قول ابن حجر في المقنّع: "وهو كناية عن تغطية الوجه بآلة الحرب". بأنه: "يعني ما جاور الوجه، وإلا لم يستطع المشي".!!.. هكذا قال، لكن كل من عرف قناع الحرب، أدرك أن منه ما يغطي الوجه كاملا، وله فتحات عند العين للرؤية، فلا يدخل إذن هذا التعريف من ابن حجر دائرة المحال، حتى يصح اللجوء إلى المجاز.!!. إذن، ابن حجر، يرى الخمار هو القناع، ومعناهما: تغطية الوجه والرأس. فإنه يقول: - "قوله: (فاختمرن بها)؛ أي غطين وجوههن". - "ومنه خمار المرأة؛ لأنه يستر وجهها". ويفسر الخمار بأنه القناع، ويقول عن القناع: - "تغطية الرأس، وأكثر الوجه، برداء أو غيره". - وعن الرجل المقنع: "هو كناية عن تغطية الوجه بآلة الحرب". وبعد: فهل كل هذا سبق قلم، أو خطأ من الناسخ، أو معنى مجازي ؟!!. ولنا أن نسأل: هل يستحيل عقلا أن يقول ابن حجر: الخمار غطاء الوجه والرأس؟!. إن صنيع الشيخ هذا، من الحكم بالخطأ والتأويل بالمجاز، لو كان مع نص شرعي، يرى دينا تأويله، بقصد الجمع بين النصوص ومنع تعارضها، كما هو مذهب أهل السنة في النصوص المتشابهة، لكان سائغا. لكن الذي لا يسوغ أن يصنع كذلك بنص بشري غير معصوم، فإلزام ابن حجر أنه لا يقصد بالخمار غطاء الوجه، ولا بالقناع، يحمل على التساؤل: ولم لا يكون ابن حجر أراد ما قاله ظاهرا؟. هل ما قاله يستحيل أن يقول به إنسان أو عالم؟. لا نظن أنه من المحال أن يقول أحد من الناس: إن الخمار غطاء الوجه. حتى ولو فرض أنه خطأ، فإذا ثبت عدم الاستحالة، فلم لا يترك قوله على ظاهر، ويعقب بالقول بأنه أخطأ، دون اللجوء إلى المجاز ونحوه؟!. الملاحظة الرابعة: استنكر الشيخ أن تغطي العمامة الوجه مع الرأس. وأن يكون معنى الاعتجار: تغطية الوجه، ولا وجه لاعتراضه رحمه الله وأعلى درجته، فإن العمائم قد تستخدم لتغطية الوجه، والأدلة ما يلي: (1) قال محمد بن الحسن: "لا يكون الاعتجار إلا مع تنقب، وهو أن يلف بعض العمامة على رأسه، وطرفا منه يجعله شبه المعجر للنساء، وهو أن يلفه حول وجهه".[ المبسوط 1/31. انظر: عودة الحجاب 3/288] (2) قال ابن الأثير: "وفي حديث عبيد الله بن عدي بن الخيار: (جاء وهو معتجر بعمامته، ما يرى وحشي منه إلا عينيه ورجليه)، الاعتجار بالعمامة: هو أن يلفها على رأسه، ويرد طرفها على وجهه، ولا يعمل منها شيئا تحت ذقنه". [النهاية في غريب الحديث والأثر 3/185]، فالعمامة إذن تستعمل في تغطية الرأس وحده، وقد يكون معه الوجه. كالخمار، فلا وجه إذن للمنع من دلالة ذلك على غطاء الوجه. ومع هذا فإن الشيخ قال: "هو صفة كاشفة للاعتجار، وليست لازمة له". [الرد المفحم ص25] فالشيخ لايرى غطاء الوجه لازما للاعتجار، خلافا لابن الأثير. (3) ما قاله ابن الأثير مؤيد بأشعار العرب، حيث قال الشاعر النميري [المصون في سر الهوى المكنون 40]: يخبئن أطراف البنان من التقى *** ويخرجن جنح الليل معتجرات فإذا كن يغطين أطراف أصابعهن تقى، فهذا دليل على أن اعتجارهن كان بتغطية الوجه مع الرأس، فلم يكن ليخبئن الأطراف، ويظهرن الوجه. (4) ثمة قبيلة معروفة، شعارها تغطية الرجال وجوههم بالعمائم، وهم قبيلة الطوارق، الساكنون في موريتانيا على الحدود، فإنهم يعتجرون العمائم، فيغطون بها وجوههم، فلا يرى منه إلا العين. فإذا قيل: اعتجرت المرأة. دل ذلك على غطاء رأسها ووجهها، ولا يمُنع من ذلك إلا بقرينة صحيحة، ولاوجه للقول إنها زلة عالم، فتفسير هذه الكلمات بهذا المعنى ليس غريبا، ولا شاذا، ولم يقل أحد إنها كذلك، والشواهد السابقة دليل على صحة هذا المعنى، ولم نر أحدا من علماء اللغة، أو التفسير، أو الحديث، أو الفقه خطأ من قال بذلك، ووصف قوله بأنها زلة، لم نر ذلك إلا من كلام الشيخ رحمه الله تعالى.!!. * * * ثالثا: الخمار غطاء الرأس والوجه. من ينظر في كتب اللغة يجد عامة أهل العربية قد اصطلحوا على تفسير الخمار بالغطاء، وخمار المرأة بغطاء رأسها، ثم إن الشيخ رحمه الله أخذ هذا المعنى اللغوي، وحكمه على نصوص شرعية، وفيه نظر من جهتين: - الأولى: من جهة الفرق بين المصطلح الشرعي واللغوي. - والثانية: من جهة حقيقة قول من فسر الخمار بغطاء الرأس. الجهة الأولى: الخمار بين المصطلح الشرعي واللغوي. من المعلوم أن ثمة فرقا بين المصطلح الشرعي واللغوي للكلمة الواحدة، وأضرب مثلا: الإيمان في كلام أهل اللغة هو التصديق. لكنه في اصطلاح الشارع أعم من ذلك، حيث يشمل: التصديق بالقلب، والقول باللسان، والعمل بالجوارح. فإن ورد لفظ الإيمان في نص شرعي، كان هذا معناه، وخطأ المرجئة أنهم قصروا المعنى على الاصطلاح اللغوي، ولم ينظروا في الاصطلاح الشرعي. ثم إن الإيمان نفسه قد يرد في نص شرعي، ويراد به المعنى اللغوي، أو قريبا منه، وذلك إذا اقترن بالإسلام، فيكون دالا على الباطن، والإسلام على الظاهر. وبالنظر والتأمل نجد أن للخمار الحكم نفسه، ففي اللغة هو خمار الرأس. لكن جاء الاصطلاح الشرعي فزاد فيه الوجه، والدليل مركب من مقدمات ثلاثة ونتيجة: - أن غطاء الوجه مشروع، لا يجادل في هذا عالم، إما وجوبا أو استحبابا. - أن المؤمنات أمرن بالتخمير: {وليضربن بخمرهن على جيوبهن}. - يصح في الخمار أن يكون غطاء الوجه والرأس معا، وهذا أمر أقر به الشيخ رحمه، حيث قال عنه: "لا يلزم من تغطية الوجه به أحيانا، أن ذلك من لوازمه عادة، كلا". [جلباب المرأة المسلمة ص73] - والنتيجة: أن الخمار الشرعي: هو غطاء الوجه والرأس، سواء كان وجوبا أو استحبابا. لكن قد يأتي الخمار في مصطلح شرعي، ويراد به الرأس فحسب، إذا وجدت القرينة، كما في حديث صلاة المرأة بخمار، وغيره من النصوص التي استدل بها الشيخ الألباني، فالقرينة حاكمة، فإنه من المقطوع به أن المرأة إذا صلت أمرت بتغطية رأسها، دون وجهها وكفيها، فهذا قرينة تدل على أن المقصود بالخمار في الأثر هو غطاء الرأس، لكن إذا خلت من القرينة، فالمصطلح الشرعي للخمار هو غطاء الوجه والرأس. إذن الأمر عكس ما ذهب إليه الشيخ الألباني: فالخمار إذا أطلق في النصوص الشرعية: دل على غطاء الرأس والوجه معا، سواء على جهة الوجوب، أو الاستحباب [على قول من يقول به]، ليس غطاء الرأس فحسب. الجهة الثانية: حقيقة قول من فسر الخمار بغطاء الرأس. يلاحظ في كلام العلماء في تفسير الخمار أنهم قالوا: غطاء الرأس. ولم يذكروا الوجه، ولم ينفوه. أفلا ينم هذا عن عدم ممانعتهم: أن يكون الخمار شاملا الاثنين، وإن اكتفوا بذكر الرأس؟. قد يقال وما الداعي لهذا الاحتمال؟. الجواب: أن الوجه من الرأس، ودخوله في المعنى وارد، وإذا أضيف إلى ذلك أمر الشارع بغطاء الوجه، سواء على جهة الوجوب، أو الاستحباب [لمن قال به]، فهذان وجهان يؤيدان دخول الوجه في المعنى، ويكون العلماء ذكروا الرأس، واستغنوا عن الوجه، لأنه يدخل ضمنا فيه، ونضرب ابن حجر مثلا: تقدم رأيه رحمه الله في الخمار أنه: غطاء الوجه والرأس. بنصوص صريحة، ومع ذلك وجدناه يقول: "والخمر، بضم الخاء والميم، جمع خمار، بكسر أوله والتخفيف: ما تغطي به المرأة رأسها" [الفتح 10/296، اللباس، باب: الحرير للنساء] فنحن إزاء هذا بين أمور: - فأما أن نحكم عليه بالتناقض، ونعرض عن قوله كليا. - وإما أن نرجح أنه أراد غطاء الرأس، ونبطل قوله الآخر، كما فعل الشيخ رحمه الله تعالى. - وإما أن نرجح أنه أراد غطاء الوجه والرأس، ونحمل قوله الآخر على الأول. فأما التناقض فلا وجه له، وذلك لأن التناقض يكون عند تعذر الجمع، وهنا غير متعذر، فالوجه من الرأس، فالاكتفاء بذكر أحدهما عن الآخر وارد، ولو أنه قال في الأول الرأس، وفي الآخر القدم، لصح التناقض. وأما ترجيح غطاء الرأس دون الوجه فلا وجه له أيضا: وذلك لأننا أمام نصوص عديدة له، كلها يفسر فيها الخمار بغطاء الوجه والرأس، فلا يمكن تجاهل هذه النصوص، وترجيح أن الخمار غطاء الرأس فحسب. إذن ليس أمامنا إلا ترجيح أنه أراد بالخمار غطاء الوجه والرأس جميعا، ونحمل قوله الآخر على هذا الأول، ولا نعارضه به، لأمور: (1) لأنه صريح كلامه، في أكثر من موضع. (2) لأن الوجه من الرأس، فيصح أن يكون مع تغطية الرأس تغطية الوجه، ولا يمتنع ذلك شرعا ولا عقلا، كما يقر الشيخ نفسه بهذا، لما ذكر أن الخمار قد يكون يغطى به الوجه. (3) لأنه لو أخذنا بقوله أن الخمار غطاء الوجه والرأس، لم نبطل قوله الآخر، لكن لو أخذنا بظاهر قوله أنه غطاء الرأس، ورجحنا أنه أراد الرأس فحسب. نكون أبطلنا قوله الأول. وإذا أمكن إعمال القولين، من غير مانع عقلي أو شرعي، فهو أولى من إبطال أحدهما، ولا مانع عقلي أو شرعي. ومما يدل على أن العلماء لا يمانعون من دخول الوجه في معنى الخمار، ولو اقتصروا على ذكر الرأس: أنهم عرفوا النصيف، فقالوا: "والنصيف: الخمار" [لسان العرب14/166]، ومعروف أن النصيف غطاء الوجه، يدل على هذا: - ما جاء في لسان العرب [14/166]: "قال أبو سعيد: النصيف ثوب تجلل به المرأة فوق ثيابها كلها، سمي نصيفا، لأنه نصف بين الناس وبينها، فحجز أبصارهم عنها". والأبصار لن تحجز إلا بغطاء كامل يدخل فيه الوجه. - وما جاء في قصة المتجردة زوجة النعمان، فقد ذكر أبو الفرج الأصفهاني في كتابه (الأغاني 11/11) "أن النابغة الذبياني كان كبيرا عند النعمان، خاصا به، وكان من ندمائه وأهل أنسه؛ فرأى زوجته المتجردة يوما، وغشيها بالفجاءة، فسقط نصيفها، واستترت بيدها وذراعها، فكادت ذراعها أن تستر وجهها لعبالتها وغلظها".. قال [11/14]: "وقال في قصيدته هذه، يذكر ما نظر إليه من المتجردة، وسترها وجهها بذراعها: سقط النصيف ولم ترد إسقاطه *** فتناولته واتقتنا باليد". إذن ذكر العلماء غطاء الرأس معنى للخمار، لا ينفي دخول الوجه تبعا، كما أن ذكرهم التصديق معنى للإيمان، لا يلزم منه نفيهم دخول العمل فيه.!، إذ قد يقصدون المعنى اللغوي فحسب، وقد يقصدون التصديق الشامل للقلب، واللسان، والجوارح (4)، فمن أراد نسبة أحد إلى الإرجاء، فعليه أن يأتي بكلام صريح عنه، يخرج العمل من الإيمان، أو يفسر الإيمان شرعا بأنه: التصديق، أو المعرفة، أو يضيف النطق باللسان. وكذلك في معنى الخمار، لا بد من كلام صريح، فيه نفي دخول الوجه، وإلا فلا. هذا مع أنه قد جاء في أشعار العرب ما يدل على اندراج الوجه في الخمار، حيث قال القاضي التنوخي: قل للمليحة في الخمار المذهب *** أفسدت نسك أخي التقي المذهب نور الخمار ونور خدك تحته *** عجبا لوجهك كيف لم يتلهب وقد نقله الشيخ الألباني، وعقب عليه بقول: "لا يلزم من تغطية الوجه به أحيانا، أن ذلك من لوازمه عادة، كلا". [جلباب المرأة المسلمة ص73] إذن موضع الخلاف مع الشيخ أعلى الله درجته: أنه يرى أن الخمار إذا أطلق دل على غطاء الرأس فحسب. وبينما الرأي الآخر يقول: بل إذا أطلق الخمار دل على الرأس أصالة، لأن الخمار يوضع عليه أولاً، وعلى الوجه تبعا، لأن الوجه من الرأس.. وفي الاصطلاح الشرعي: الوجه يدخل أصالة. - لأن التغطية مشروعة، سواء على جهة الوجوب أو الاستحباب، لمن قال به. - ولأن الخمار يصح إطلاقه على غطاء الوجه والرأس معا. * * * ومما يجدر لفت النظر إليه: أن الشيخ ذكر: -عن جمع من المفسرين، كابن جرير، والبغوي، والزمخشري، وابن العربي، وابن تيمية، وابن حيان. - وعن جمع من الفقهاء، كأبي حنيفة، ومحمد بن الحسن، والشافعي، والعيني. أنهم يقولون: الخمار هو غطاء الرأس. وهنا ملاحظة: فبالإضافة إلى ما تقدم من تفصيل في معنى الخمار، ودلالته على الرأس والوجه جميعا، يقال: - ومن هؤلاء العلماء من مذهبه تغطية الوجه، كابن العربي وابن تيمية. - ومنهم من صرح بوجوبها في بعض الآيات، دون بعضها، كابن جرير والبغوي في آية الحجاب. والزمخشري وابن حيان في آية الجلباب. - من هؤلاء من نص صراحة على أن الخمار: غطاء الرأس والوجه. كما تقدم عن ابن تيمية، والعيني. هذا ولم أتتبع قول كل من ذكر ذلك من العلماء، بل كان هذا مما مر بي من أقوالهم عرضا. * * * وفي كل حال لنا أن نسأل سؤالاً نراه مهما: - إذا كان الخمار ليس غطاء الوجه. - وإذا كان القناع ليس غطاء الوجه. - وإذا كان الاعتجار ليس غطاء الوجه. - وإذا كان الجلباب ليس غطاء الوجه. فهذا الذي تغطي المرأة به وجهها: ماذا يكون، وبماذا يسمى؟. * * * وبعد: فالنتيجة المهمة التي نخرج بها من هذا المبحث هي: - أنه إذا كانت الآية قطعية الثبوت، وهذا بإجماع المسلمين، لأنها من القرآن، والله تعالى حفظه. وإذا ثبتت قطعية دلالتها على وجوب حجاب الوجه، بما سبق من الوجوه والأدلة. فنخرج من ذلك: أن الآية محكمة الدلالة، فتكون من المحكمات، التي يصار إليها حين الخلاف، فما عارضها، وكان ثابتا بسند صحيح، بدلالة صريحة على الكشف، فهو متشابه، كأن يكون قبل الأمر بالحجاب، أو لعذر خاص، وحالة خاصة،، فيرد هذا المتشابه إلى هذا المحكم، ويفهم في ضوئه، وبذلك ينتفي التعارض، فهذا سبيل التعامل مع المحكمات، لا يصح ولا يجوز تعطيلها لأجل متشابه. هذا لو كان هذا المتشابه بهذا الوصف من الثبوت والدلالة، فكيف إذا كان باطل السند، كحديث أسماء؟، أو محتمل الدلالة غير قطعي في الكشف، كحديث الخثعمية؟. وهذا حال الآثار التي استدل بها الذين أجازوا الكشف، فحينئذ فلا ريب أن الواجب طرحه، وعدم الالتفات إليه، ولا يجوز بحال تقديمه على نص محكم * * * -------------------------------- (1) ظاهر سياق الآية ورد في حالة العجز عن إخفاء الزينة، ولا يمنع أن يتضمن المعنى حالة العفو، فكلها يجمع بينها عدم القصد لإظهار الزينة. (2) سند هذه الرواية صحيح، كما تقدم من كلام الإمام أحمد، وابن حجر، في مبحث آية الجلباب. (3) هذا القول مشهور عن عبيدة السلماني، وليس أبا عبيد، فيبدو ثمة تصحيف هنا. (4) قراءة متفحصة لأقوال العلماء في لسان العرب [مادة: أمن] تعرف القارئ وتوقفه على هذه الحقيقة. |
رد: الىاخيتي بنت عالم وناس
تغطية الوجه عادة ام عبادة
تتعرض كثير من شعائر الإسلام للهجران أو محاولة تقليل الأخذ بها عند كثير من الناس، ومن تلك الشعائر ما يتعلق بالمرأة، وذلك انطلاقا من أن إفساد المرأة إفساد للمجتمع، ومما تعرض للهجوم والانتقاص في العقود الأخيرة ستر المرأة وجهها بحضرة الرجل الأجنبي، وأول ما بدأ ذلك ما تلقاه المسلمات في بلدان الكفر حيث منعت من ارتداء الحجاب في كثير من الأماكن، لكن الأمر لم يقتصر على تلك البلاد التي تكفر برب العباد وشريعته، بل تعدتها إلى كثير من الدول الإسلامية، حتى تورط في ذلك بعض من ينسب إلى العلم، وأول ما بدأ الأمر في الدول الإسلامية التخفي والاستتار خلف قول مجموعة من أهل العلم أن تغطية وجه المرأة بحضرة الرحل الأجنبي ليس بواجب-مع أنهم قالوا إن التغطية مستحبة وفضيلة-لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد بل تعداه لما هو أطغى وأطم فوجدنا من يكتب كتابا نشازا بعنوان "تذكير الأصحاب بتحريم النقاب"، ثم فوجئنا أخيرا ببعض المرجعيات الدينية من يزعم أن تغطية المرأة وجهها بحضرة الرجل الأجنبي عادة وليس عبادة، وكذبوا في ذلك وما صدقوا، وكأنهم لما رأوا أن القول بتغطية وجه المرأة أمام الرجل الأجنبي سنة وفضيلة ليس بواجب لا يحقق ما يريدونه من إبعاد المرأة المسلمة عن التمسك بأحكام دينها؛ لأن المسلمة تحرص على الإتيان بالسنة ولو لم تكن فرضا وواجبا، أرادوا نفي الأمر بالكلية وقد أنفقوا الملايين في الدعاية لذلك القول وتعميمه ثم أصدروا بعض القرارات المبنية على ذلك القول الكاذب ليجبروا الناس على الالتزام به، مع أنهم لم ينفقوا درهما واحدا في سبيل الحديث عما هو متفق عليه بين المسلمين كافة وهو حرمة التبرج التي تقع فيه نساء كثيرات حتى نتج عن ذلك من الفتنة والبلايا ما تعجز الصحائف عن تحمله، ومن هنا كان لا بد من بيان ما في ذلك القول من الباطل والخطأ الصراح. فالعبادة: اسم جامع لما يحبه الله تعالى ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة الصادرة من المكلف ابتغاء وجه الله ومرضاته، وما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال قد دل عليه وبينه الوحي المعصوم من الكتاب والسنة، ومن ثم فإن العبادة لا تثبت إلا بالدليل الدال عليها والمثبت لها، ولا وجه لإثبات عبادة لم تدل عليها نصوص الشارع بوجه من وجوه الدلالة المعتبرة، وعلى ذلك فكل ما أمر الشارع المكلفين بفعله أو قوله يكون الإتيان به من العبادة سواء كان الأمر أمر إيجاب أم أمر استحباب والعادة: تكرير الشيء دائما أو غالبا على نهج واحد بلا علاقة عقلية، وقيل: ما يستقر في النفوس من الأمور المتكررة المعقولة عند الطباع السليمة" (تاج العروس للزبيدي) ، وقال السعدي: "العادة هي الديدن وهو الدأب والاستمرار على الشيء وسميت بذلك لأن صاحبها يعاودها ويرجع إليها مرة بعد أخرى"، ومن ثم فهي اسم جامع لما يعتاد الناس قوله أو فعله، كالأكل والشرب والزواج ودفن الموتى ونحو ذلك من الأمور العادية المشتركة بين الناس. وما يعتاده الناس أنواع، فمنه ما يكون مرجعه للجبلة التي خلق الله الخلق عليها كاعتيادهم للنوم والاستيقاظ والقيام والقعود والأكل والشرب واللباس ونحو ذلك، ومنه ما يكون مرجعه إلى العرف الشائع بين الناس في زمان أو مكان، ومنه ما يكون مرجعه القياس والتجربة، ومنه ما يكون مرجعه إلى أوامر الدين ونواهيه، كما يعتاد المسلم الأكل والشرب باليمين، وكما يعتاد إلقاء السلام إذا قدم على جماعة من الناس وكما يعتاد دخول المسجد بالرجل اليمنى والخروج بالرجل اليسرى ونحو ذلك، وهذا النوع الأخير يجتمع فيه الوصفان فيكون عبادة من قبل طلب الشارع له، ويكون عادة من قبل المداومة على الإتيان به، ولا يناقض أحدهما الآخر، فاعتباره عادة لا ينفي كونه عبادة، واعتباره عبادة لا يناقض كونه عادة. والعادة في مجتمع المسلمين تكون بأحد أمرين: إما أن تكون عادة موروثة أو عادة محدثة 1- فالعادة الموروثة: إما أن تكون مأخوذة مما دلت عليه النصوص الشرعية، وإما أن تكون من أمر الناس القديم منذ القرون المفضلة مما تعاقبت عليه الأمة جيلا بعد جيل من غير نكير من أحد من علماء المسلمين فيكون من عرف المسلمين، وفي كلا الحالين تكون العادة معتبرة شرعا يؤخذ بها وتؤسس عليها الأحكام الشرعية. 2- والعادة المحدثة إما أن تكون عادة أحدثها الناس من تلقاء أنفسهم من بعد القرون المفضلة، أو تكون عادة قادمة من غير بلاد المسلمين وقد دلت النصوص الشرعية إما إجمالا وإما تفصيلا على فسادها ومخالفتها لنصوص الشريعة أو مقاصدها، وفي كلا الحالين فإن العادة مرفوضة غير مأخوذ بها ولا معول عليها. فالعادة على ذلك نوعان: عادة صحيحة، وهي التي لا تخالف نصاً من نصوص الكتاب أو السنة، ولا تفوت مصلحة معتبرة، ولا تجلب مفسدة راجحة، وهي التي تذكر في مثلها القاعدة الفقهية المشهورة: "العادة محكمة". وعادة فاسدة، وهي التي تكون مخالفة للنص الشرعي من الكتاب أو السنة أو مخالفة للمقاصد الشرعية، أو فيها تفويت مصلحة معتبرة أو جلب مفسدة راجحة. ومن هنا نسأل الذين يزعمون أن تغطية المرأة وجهها بحضرة الرجل الأجنبي عادة وليس عبادة-أي يثبتون لها العادة وفي الوقت نفسه ينفون عنها العبادة، فتكون نسبتها للدين حينئذ بدعة (حسب دعواهم السابقة)-هل هي عادة فاسدة أم عادة صحيحة؟ والجواب واضح لكل من كان ذا عقل ولب يفهم ويعي ويقيس الأمور بمقياسها الصحيح. وإذا نظرنا لمسألة تغطية المرأة وجهها بحضرة الرجل الأجنبي من جهة العادة فقط تبين بما لا مجال فيه للمناقشة أن هذه العادة موروثة ليست حادثة بعد القرون المفضلة ولا مستجلبة من بلاد الكفار، وحينئذ يقال: هذه العادة الموروثة من أين ورثها المسلمون؟ فإما أن يقال: إنهم ورثوها من أيام الجاهلية واستمرت فيهم بعد مجيء الإسلام، وإما أن يقال: إنهم ورثوها من نصوص الشريعة التي تدل على ذلك. فإن قيل: إنهم ورثوها من النصوص الشرعية دل ذلك على أن تغطية وجه المرأة مما دلت عليه الشريعة وطلبته من نساء المؤمنين وبذلك تكون أيضا عبادة إلى جانب كونها عادة. وإن قيل: إنهم ورثوها من أيام الجاهلية[1]، قلنا لهم: عندما جاء الإسلام ووجد الأمر على ذلك النحو هل نهى عنه أم أقره؟ فإن قالوا نهى عنه قلنا لهم: كذبتم أين النهي؟ أين نهى الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم نساء المؤمنين عن تغطية وجوههن بحضرة الرجل الأجنبي؟ ولا يوجد نهي عن ذلك فمن قاله فهو كاذب مفتر على الله ورسوله. وإن قالوا: أقره، قلنا: قد ثبت المطلوب، وهو حجة عليكم، فإذا أقره الشرع دل على حسنه وصوابه، فالشرع لا يقر الناس على عمل باطل ويسكت عن بيان وجه الصواب فيه، والقائل في هذه الحالة: إن الشرع سكت عن بيان موقفه من هذه القضية ولم يبين الحق فيها، طاعن في القرآن وطاعن في السنة: أما القرآن فقد فقال الله تعالى عنه أنه هدى ونور وأنه مبين وأنه بيان، وما كان هذا شأنه فلا يسكت عن بيان الحق، وأما السنة فقد قال الله تعالى عن رسوله صلى الله عليه وسلم: "وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم"، فالرسول صلى الله عليه وسلم يبين للناس ما أنزله الله إليهم فيدلهم على الحق حتى يتمسكوا به، كما ينهاهم عن الباطل حتى يجتنبوه، وإذا سكت عن شيء بعد علمه به دل أن ذلك الشيء مما تقبله الشريعة وتقره، ولذلك عد علماء الأصول من السنة التي يؤخذ بها وتستقى منها الأحكام: التقرير، ويقال لها سنة تقريرية: وهو أن يحدث شيء في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل فيبلغه ويسكت عن النهي عنه فيكون هذا إقرارا له وبيان أنه حق ومشروع إذ الرسول صلى الله عليه وسلم معصوم عن إقرار الباطل وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم يستدلون على إقرار الشارع لأمر ما بوجود هذا الأمر بينهم معمولا به ولا ينهاهم القرآن عنه، كما قال جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: "كنا نعزل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل"[2]، زاد سفيان في رواية مسلم: "لو كان شيئا ينهى عنه لنهانا عنه القرآن"، وفي رواية أخرى لمسلم: "كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم ينهنا" فلو قدر أن القرآن لم يأمر نساء المسلمين نصا بتغطية وجوههن إلا أنه أقر ذلك ولم ينه عنه، ولما كانت المسلمات تفعل ذلك تدينا لأنه لم يكن من عادتهن قبل ذلك،كان هذا الإقرار إقرارا أنه حق ودين وعبادة. وهذا الكلام كله يقال على فرض أن تغطية المرأة وجهها بحضرة الرجل الأجنبي عنها لم يرد فيها غير عادة المسلمين، لكن هل هذا الافتراض صحيح؟ بالطبع لا، فقد جاءت أدلة متعددة من الكتاب ومن السنة تدل على أن المرأة تغطي وجهها بحضرة الرجل الأجنبي عنها، فمن ذلك: 1- قوله تعالى: "يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذالك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما" [الأحزاب:59]، وهذا أمر من الله تعالى لرسوله الكريم المبلغ عنه وحيه وشرعه أن يأمر نساءه وبناته ونساء المؤمنين بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، وهذا معناه تغطية وجوههن ورؤسهن وسائر أجسادهن بحضرة الرجل الأجنبي، وقد اتفقت كلمة كثير من المفسرين على أن تغطية وجه المرأة بحضرة الرجل الأجنبي داخل في المراد بإدناء الجلابيب، وهناك العديد ممن تكلم بذلك من العلماء العالمين بتفسير كلام رب العالمين[3]، وكفى بذلك دليلا وحجة واضحة على أن التغطية من الدين ومن العبادة التي أمر النساء بها. والجلابيب جمع جلباب، والجلباب هو الثوب الذي تشتمل به المرأة فيغطي جميع الجسد، قال ابن حجر رحمه الله تعالى في بيان تفسير الجلباب :"الجِلْباب وهو بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما ألف، قيل :هو المقنعة، أو الخمار، أو أعرض منه، وقيل :الثوب الواسع يكون دون الرداء، وقيل :الإزار، وقيل :الملحفة، وقيل :المُلاءة، وقيل :القميص"[4] فكل هذه ألفاظ متقاربة في المعنى يراد بها الثوب الذي يستر البدن كله. وقوله :"يدنين" أي يقربن "من جلابيبهن" أي شيئا من جلابيبهن، والمعنى يقربن إلى وجوههن شيئا من جلابيبهن فيغطين بها وجوههن. أقوال بعض أهل العلم في بيان ذلك: وقد فسر جمع من أهل العلم قديما وحديثا آية الجلابيب بتغطية المرأة لوجهها في مواجهة الرجال الأجانب، فمن هؤلاء: 1- ابن جرير الطبري قال رحمه الله تعالى :"يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم :يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين :لا تشتبهن بالإماء في لباسهن إذا هن خرجن من بيوتهن لحاجتهن، فكشفن شعورهن ووجوههن، ولكن ليدنين عليهن من جلابيبهن، لئلا يعرض لهن فاسق إذا علم أنهن حرائر، بأذى من قول"، فبين رحمه الله تعالى أن الإدناء المأمور به يعني تغطية الشعور والوجوه يخالفن الإماء بذلك، ليدل على أنهن حرائر، ثم بين الطبري أن أهل التفسير منهم من قال بهذا القول الذي اختاره، ومنهم من لم يقل به، فقال :"ثم اختلف أهل التأويل في صفة الإدناء الذي أمرهن الله به فقال بعضهم :هو أن يغطين وجوههن ورءوسهن فلا يبدين منهن إلا عينا واحدة... وقال آخرون :بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن"[5] وقد ذكر ابن جرير من قال بكل قول من هذين القولين من أهل التفسير. 2- أبو بكر الجصاص الحنفي: "في هذه الآية يدنين عليهن من جلابيبهن، دلالة على أن المرأة الشابة مأمورة بستر وجهها عن الأجنبيين وإظهار الستر والعفاف عند الخروج، لئلا يطمع أهل الريب فيهن، وفيها دلالة على أن الأمة ليس عليها ستر وجهها وشعرها، لأن قوله تعالى ونساء المؤمنين ظاهره أنه أراد الحرائر"[6]. 3- القرطبي المالكي: "لما كانت عادة العربيات التبذل وكن يكشفن وجوههن كما يفعل الإماء، وكان ذلك داعية إلى نظر الرجال إليهن وتشعب الفكرة فيهن، أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يأمرهن بإرخاء الجلابيب عليهن إذا أردن الخروج إلى حوائجهن، وكن يتبرزن في الصحراء قبل أن تتخذ الكُنُف، فيقع الفرق بينهم وبين الإماء فتعرف الحرائر بسترهن، فيكف عن معارضتهن من كان عذبا أو شابا"[7]، وقال في معنى الجلباب: "والصحيح أنه الثوب الذي يستر جميع البدن"[8]، وكلام القرطبي هنا واضح في أنه يفسر الإدناء بتغطية الوجه وعدم كشفه، ثم حكى القرطبي القولين كما فعل الطبري. 4-ابن كثير الشافعي: "يقول تعالى آمرا رسوله صلى الله عليه وسلم تسليما أن يأمر النساء المؤمنات -خاصة أزواجه وبناته لشرفهن -بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية، وسمات الإماء، والجلباب هو الرداء فوق الخمار...قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما :أمر الله نساء المؤمنين إذا خرجن من بيوتهن في حاجة أن يغطين وجوههن من فوق رؤوسهن بالجلابيب، ويبدين عينا واحدة، وقال محمد بن سيرين :سألت عبيدة السلماني عن قول الله عز وجل :يدنين عليهن من جلابيبهن، فغطى وجهه ورأسه وأبرز عينه اليسرى"[9]. 5-القاضي البيضاوي الشافعي :"يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن :يغطين وجوههن وأبدانهن بملاحفهن إذا برزن لحاجة"[10]. 6-جلال الدين المحلي :"يدنين عليهن من جلابيبهن :جمع جلباب وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة :أي يرخين بعضها على الوجوه إذا خرجن لحاجتهن إلا عينا واحدة"[11]. 7- وقال أبو السعود :"أي يغطين بها وجوههن وأبدانهن إذا برزن لداعية من الدواعي"[12]. 8-وقال النسفي الحنفي :"ومعنى يدنين عليهن من جلابيبهن يرخينها عليهن، ويغطين بها وجوههن وأعطافهن، يقال إذا زال الثوب عن وجه المرأة ادن ثوبك على وجهك، ومن للتبعيض أي ترخى بعض جلبابها وفضله على وجهها، تتقنع حتى تتميز من الأمة، أو المراد أن يتجلببن ببعض ما لهن من الجلابيب، وأن لا تكون المرأة متبذلة في درع وخمار كالأمة، ولها جلبابان فصاعدا في بيتها، وذلك أن النساء في أول الإسلام على هجيراهن في الجاهلية متبذلات تبرز المرأة في درع وخمار، لا فضل بين الحرة والأمة، وكان الفتيان يتعرضون إذا خرجن بالليل لقضاء حوائجهن في النخل والغيطان للإماء، وربما تعرضوا للحرة لحسبان الأمة، فأمرن أن يخالفن بزيهن عن زي الإماء، بلبس الملاحف وستر الرؤس والوجوه، فلا يطمع فيهن طامع"[13]. 9-وقال الزمخشري :"يدنين عليهن من جلابيبهن :يرخينها عليهن ويغطين بها وجههن وأعطافهن، يقال :إذا زل الثوب عن وجه المرأة :أدنى ثوبك"[14]. 10-وقال أبو إسحق أحمد بن محمد بن إبراهيم الثعلبي النيسابوري: "أي يرخين أرديتهن وملاحفهن فيتقنّعن بها، ويغطّين وجوههن ورؤوسهن ليُعلم أنّهنّ حرائر فلا يُتعرّض لهنَّ ولا يؤذين"[15]، وغيرهم من أهل العلم كثير. ومما يدل على أن المراد بإدناء الجلابيب يدخل فيه تغطية الوجه أن تلك الآية قد توجه الأمر فيها بالإدناء لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم فكان المعنى شاملا لتغطية الوجه لوجوب ذلك عليهن بالإجماع، وهو ما يعني أن نساء المؤمنين عليهن تغطية وجوههن عند الرجال الأجانب، لتوجه الأمر إليهن بإدناء الجلابيب مع نساء النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد خرج الأمر بذلك مخرجا واحدا. 2- قول الله عز وجل :"يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم.. إلى قوله تعالى :وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن.."الآية [الأحزاب:53] قال ابن كثير رحمه الله تعالى :"هذه آية الحجاب وفيها أحكام وآداب شرعية، وهي مما وافق تنزيلها قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما ثبت في الصحيحين عنه أنه قال :وافقت ربي في ثلاث قلت :يا رسول الله لو اتخذت من مقام إبراهيم مصلى، فأنزل الله تعالى :"واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى"، وقلت :يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر، فلو حجبتهن، فأنزل الله آية الحجاب، وقلت لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما تمالأن عليه في الغيرة :عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن، فنزلت كذلك"[16]. ومعلوم أن الحجاب الذي كان يطلبه عمر ليس هو مجرد تغطية الرأس والنحر أو العنق مع كشف الوجه، وإنما كان يريد غطاء البدن كله بما فيه الوجه، بل كان يريد أكثر من ذلك، كان يريد عدم الخروج من المنزل إطلاقا، وقد دل على رغبته تلك حديثه في قصة خروج سودة رضي الله تعالى عنها عندما قال لها عند خروجها قد عرفناك يا سودة-وكان يعرفها قبل الحجاب وكانت جسيمة لا تخفى على من عرفها-فانظري كيف تخرجين. والاستخدام القرآني للفظ الحجاب إنما جاء في الستر، ويدل لذلك آيات كثيرة منها قوله تعالى في حق مريم رضي الله تعالى عنها :"فاتخذت من دونهم حجابا" والحجاب الذي اتخذته مريم فيه ثلاثة أقوال : أحدها :الستر والحاجز. والثاني :أن الشمس أظلتها فلم يرها أحد من أهلها وذلك مما سترها الله به. والثالث :أنها اتخذت حجابا من الجدران"[17]، وكلها تدور حول سترها كلية عن نظر الناس، وليس ستر شعرها ونحرها. والعلماء لم يختلفوا في المعنى المراد من الحجاب في آية الحجاب، لكن هل الأمر بالحجاب قاصر على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أم هو عام يشمل نساء المؤمنين جميعهن؟. أسباب ورود الآيات تبين أن الحديث كان عن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، لكن بالنظر إلى أدلة كثيرة يتبين أن نساء المؤمنين يشتركن في ذلك الحكم مع أمهات المؤمنين. أولا :لما تقرر في الأصول أن العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب. وثانيا :لاشتراك الجميع في علة الحكم، وهي قوله تعالى :"ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن"، قال ابن جرير رحمه الله تعالى :"وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب يقول :وإذا سألتم أزواج رسول الله، ونساء المؤمنين اللواتي لسن لكم بأزواج، متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، يقول :من وراء ستر بينكم وبينهن، ولا تدخلوا عليهن بيوتهن، ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن، يقول تعالى ذكره :سؤالكم إياهن المتاع إذا سألتموهن ذلك من وراء حجاب، أطهر لقلوبكم وقلوبهن من عوارض العين فيها التي تعرض في صدور الرجال من أمر النساء، وفي صدور النساء من أمر الرجال، وأحرى من أن لا يكون للشيطان عليكم وعليهن سبيل"[18]. وقال القرطبي :"في هذه الآية دليل على أن الله تعالى أذن في مسألتهن من وراء حجاب، في حاجة تعرض أو مسألة يُستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى، وبما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها كما تقدم، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة :كالشهادة عليها، أو داء يكون ببدنها، أو سؤالها عما يَعرِض وتَعَيَّن عندها"[19]، وقال أبو بكر الجصاص :"قوله تعالى :وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب، قد تضمن حظر رؤية أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وبين به أن ذلك أطهر لقلوبهم وقلوبهن، لأن نظر بعضهم إلى بعض ربما حدث عنه الميل والشهوة، فقطع الله بالحجاب الذي أوجبه هذا السبب، قوله تعالى :وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله، يعني بما بين في هذه الآية :من إيجاب الاستئذان، وترك الإطالة للحديث عنده، والحجاب بينهم وبين نسائه، وهذا الحكم وإن نزل خاصا في النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه، فالمعنى عام فيه وفي غيره؛ إذ كنا مأمورين باتباعه والاقتداء به، إلا ما خصه الله به دون أمته"[20] 3-ومن أدلة الأمر بالحجاب قول الله عز وجل :"ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها، وليضربن بخمرهن على جيوبهن"[النور:31]. فقد نهى الله تعالى النساء عن إبداء زينتهن، واستثنى من ذلك ما ظهر من الزينة، وفي ذلك قولان مشهوران لأهل العلم :القول الأول :أن ما ظهر منها، هو ما ظهر بدون قصد منها أي بغير اختيارها، فهو الذي ظهر،كأن يقع الستر أو يسقط، أو تكشفه الريح ونحو ذلك، ولم تكن هي التي أظهرته باختيارها، أو ما لا يمكن إخفاؤه كالثياب الظاهرة، فهو ظاهر بوضعه. والقول الثاني :أن ما ظهر منها، هو الوجه والكفان، وما تعلق بهما كالكحل والخضاب والأَسورة والخاتم. واللغة تبين أن ظهر غير أظهر، فما ظهر من الزينة هو الذي ظهر، ولم يظهره أحد، والوجه والكفان لا يظهران إلا إذا أظهرتهما المرأة، فالقول الأول أقوي وأصوب لدلالة الاستعمال اللغوي عليه، فمعنى الآية على ذلك نهي النساء عن إبداء الزينة، لكن ما ظهر من هذه الزينة بغير اختيارها-على التفصيل المتقدم-لا تنهى عنها لأنه خارج عن إرادتها. وعندما جاء الحديث عن إبداء الزينة باختيار المرأة وإرادتها قال الله تعالى :ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن... الآية فهنا إبداء الزينة يحدث باختيار المرأة وإرادتها لأنها هي الفاعلة له، لذلك قيد هذا الإبداء بزوجها ومحارمها، فتظهر المرأة زينتها باختيارها لمن ورد ذكرهم في قوله تعالى:"ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن ..."الآية، وهم الأزواج والآباء والأبناء وسائر من جاء في الآية، لأن الآية حصرت إبداء الزينة فيهم، أي لا يجوز أن تبدي شيئا من بدنها لأجنبي عنها لا وجهها ولا كفيها ولا غير ذلك،وقد دل على ذلك أيضا ووضحه أن من الذين استثنتهم الآية ممن يجوز إبداء الزينة لهم صنفان : الأول :غير أولي الأربة من الرجال، وهم الذين لا شهوة لهم، وليس لهم رغبة في النساء. والثاني :الأطفال الصغار الذين لم يظهروا على عورات النساء، فيعلموا ما هنالك، فهذان الصنفان لا يتأثران بزينة المرأة ولا تثير زينتها فيهم شيئا، ولذلك جاز الإبداء لهم، مما يعلم معه أن تلك التدابير إنما هي لمنع فتنة الرجال بالنساء، وبهذا يتبين أن ستر وجه النساء مطلوب؛ لأنه موضع الجمال ومكمن الافتتان. 4- ومما يدل على أن ستر الوجه مطلوب بدرجة كبيرة أن الآيات نهت النساء عن الضرب بالأرجل لأن ذلك يُظهر زينة الحلي المخفية فقال تعالى :"ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن"، ولا شك أن فتنة النظر إلى وجه المرأة أشد وأقوى من سماع صوت خلخال مستور لا يرى على أرجل بعض النساء، والذي لا يُشك فيه أن وجه المرأة يجمع محاسنها، وهو محل نظر الرجال، وأن الفتنة الحاصلة بالنظر إليه أكثر بكثير من النظر إلى غيره، أو سماع صوت حلي مستور، ثم إن سياق الآية يبين أن النساء كن منهيات عن إبداء موضع الخلخال، وإلا لو كان يصلح لهن إبداء الموضع وإظهاره لما احتجن إلى الضرب بالأرجل حتى يعلم السامع بتلك الزينة المخفية. وحينئذ يقال :أيهما أشد فتنة وتأثيرا في القلب :رؤية وجه المرأة، أم رؤية موضع الخلخال وعليه الخلخال أو رؤية قدم المرأة؟ وإذا كانت الشريعة قد منعت من إظهار الخلخال أو موضعه أفتجيز الشريعة بعد ذلك إظهار الوجه؟ 5-وقد جاء في السنة عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ :قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم :" لَا تَنْتَقِبِ الْمَرْأَةُ الْمُحْرِمَةُ وَلَا تَلْبَسِ الْقُفَّازَيْنِ"[21] القفازان :مثنى، مفرده القُفَّاز بضم القاف وتشديد الفاء، وهو شيء يلبس على قدر اليد، فيغطي الكف والأصابع. النقاب :الخمار الذي تستر به المرأة وجهها، ولا يبدو منه إلا العينان وهو مصنوع على قدر الوجه. المحرمة :المرأة التي أهلت بالحج أو العمرة أو كليهما. تنتقب :تستر وجهها بالنقاب. هذا طرف من حديث طويل بين فيه الرسول صلى الله عليه وسلم ما لا يلبس المحرم من الثياب، كما بين فيه ما لا تلبس المحرمة، وأنها لا تستر وجهها بالنقاب، فكان في ذلك دليل من باب مفهوم المخالفة أن المرأة غير المحرمة يشرع لها أن تستر وجهها بالنقاب، وكان أيضا دليلا على أن النقاب كان معروفا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت النساء تستعملنه وتلبسنه، حتى احتاج رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبين للنساء المحرمات أنها لا تنتقب، وكان في منع المرأة المحرمة من الانتقاب دليل على أن وجه المرأة ليس بعورة، كعورة الصدر والنهدين مثلا، وإنما يُطلب تغطيته من أجل نظر الرجال، فإذا كانت المرأة بحيث لا يراها الرجل الأجنبي عنها :كأن تكون في بيتها، أو في سيارة مظللة بما يحجب رؤية ما بداخلها، أو عليها ستور، أو في مكان خال لا يوجد فيه رجال، لم يجب عليها تغطية وجهها، بل يجوز لها إبداؤه. وذلك أن أمر المرأة في الإسلام مبني على الستر والصيانة وعدم التبذل، مع عدم تضييق الواسع، لذلك جاءت النصوص تأمر المرأة بالقرار في بيتها، وترك الخروج منه إلا لحاجة، وألزمتها النصوص عند الخروج بأحكام وآداب كلها محققة للستر والصيانة، فمُنعت النساء من الاختلاط بالرجال في المجامع العامة، وفي الطرقات، وأُمرت النساء بالاحتجاب من الرجال، والحجاب :هو كل ما منع شيئين أو حال بينهما وسترهما عن بعضهما. وحجاب المرأة قد يكون بقرارها في البيت الذي تحجز جدرانه النساء عن أعين الرجال، ويكون بمنع الرجال الأجانب من الدخول على النساء في البيوت والخلوة بهن، كما يكون بثيابها التي تغطي بدنها كله فتكون حاجزا بين المرأة وبين نظر الرجال عند الخروج. والنقاب نوع من أنواع الحجاب الذي أُمرت به المرأة، كما أن جدار البيوت أو المنازل حجاب، وكذلك الخيمة حجاب، والثياب حجاب، وكل ما حجب شيئا عن شيء أو منعه فهو حجاب، فالحجاب معنى عام يمكن تحقيقه في عالم الواقع بعدة طرق كالتي مرَّ ذكرها، والنقاب هو أحد تطبيقات الحجاب في عالم الواقع. والحجاب نوعان : حجاب الأشخاص وذلك عن طريق الاحتجاب بالجدر أو الخيمة أو الستور، وحجاب الرؤية وذلك عن طريق الثياب، ولا ينحصر الحجاب في صورة واحدة من الصور، بل يتحقق احتجاب النساء عن الرجال بأمور كثيرة منها: أ-قرار المرأة في بيتها وعدم خروجها منه بغير حاجة، وعدم اختلاطها بالرجال كما جاء في قوله تعالى :"وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى"[الأحزاب:33] . ب-منع دخول الرجال الأجانب على النساء في بيوتهن والخلوة بهن من غير وجود محرم، كما دل على ذلك قوله تعالى :"وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب" ج-ستر المرأة جسدها كله من الرأس حتى القدمين عند الخروج،كما في قوله تعالى: "يدنين عليهن من جلابيبهن"، قال ابن تيمية: " فآية الجلابيب في الأرْدِية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن" فالذي ينبغي التعويل عليه وخاصة في ذلك العصر الذي كثرت فيه الفتن، وفشت فيه الخيانة وضاعت فيه الأمانة، أن تغطي المرأة رأسها ووجهها ونحرها وجسدها كله، بثياب واسعة لا تشف ولا تصف، ولا تظهر شيئا منها صونا لدينها وحفظا لحيائها وعفافها، والمرأة لا تخسر شيئا بتغطيتها وجهها، بينما تشهد الوقائع الكثيرة المتكررة أن في كشفه خسارة عليها وعلى غيرها، وظهور وجه المرأة خاصة إذا كان الوجه حسنا وضيئا-وهو كذلك في نظر كثير من الرجال وتقديرهم وإن لم يكن كذلك في الحقيقة والواقع-قد يحمل بعض أهل الفضل والديانة، من أصحاب الصدور السليمة التي لا غش فيها ولا خيانة، على النظر إليه وإن لم يرد من وراء ذلك سوءا، فكيف بمن لم يكن كذلك، بل كان أكبر همه أن يجيل ناظريه في وجوه النساء؟ كشف النساء وجهها أمام الرجل الأجنبي أمر حادث طارئ: والمتتبع لمسألة كشف المرأة وجهها بحضرة الرجل الأجنبي من الناحية الواقعية يجد أنه أمر حادث ليس من شأن الناس القديم، ويدل لذلك أمور منها: الأول :أن سفور المرأة وكشفها وجهها له دعاة معروفون، وله بداية يؤرخ لها في عصرنا الحاضر، فيقولون :أول من دعا إلى سفور النساء فلان، وأول من خلعت الحجاب وكشفت وجهها للرجال الأجانب فلانة، وهذا يعني أنه لم يكن من أمر الناس القديم، بل هو شيء حدث بعد أن لم يكن حادثا، وهو أمر لم يمض عليه أكثر من سبعين عاما، وقد يختلف هذا التوقيت نوعا ما باختلاف البلدان وقربها من العمل بأحكام الشرع أو بعدها عنه، وما زالت هناك حتى الآن بلاد تحافظ على هذا الحجاب نسأل الله لها الثبات. الثاني :ما نقله أهل العلم في كتبهم من تتابع نساء المؤمنين على ستر وجوههن عن الرجال الأجانب، قال ابن حجر رحمه الله تعالى :"ولم تزل عادة النساء قديما وحديثا يسترن وجوههن عن الأجانب"[22]ونقل عن الغزالي قوله :"لم تزل الرجال على ممر الزمان مكشوفي الوجوه، والنساء يخرجن متنقبات"[23]. تنبيه: نهي المرأة المحرمة عن لبس النقاب والقفاز لا يعني أنه يجب عليها أن تكشف وجهها وكفيها، ولا تسترهما عن أعين الرجال، إذ ليس هناك ما يمنع النساء من ستر وجوههن وهن محرمات عن الرجال الأجانب، كل ما هناك أنها لا تستعمل النقاب في ذلك، وقد بين أهل العلم العلة في النهي عن النقاب والقفاز، أنه مصنوع على قدر العضو، فالمنع من تغطية عضو أو جزء من الجسد بغطاء مصنوع على قدره يحيط به لا يقتضي المنع من ستره بالكلية بغير ذلك النوع من الغطاء، فإن الرجل المحرم يحرم عليه لبس السراويل، ومع ذلك فلا يحرم عليه تغطية المكان نفسه بإزار بل يجب عليه تغطيته. وقد دل على أن النساء المحرمات يغطين وجوههن عند حاجتهن إلى ذلك إذا اقترب منهن الرجال أو اقتربن هن من الرجال، ما روته السيدة عائشة رضي الله تعالى عنها قالت :"كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات، فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزونا كشفناه"[24]، وقول الصحابي كنا نفعل كذا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو كنا نفعل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صيغة لها حكم الرفع كما قرر ذلك علماء الأصول، و ما روته فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت :"كنا نغطي وجوهنا من الرجال، وكنا نتمشط قبل ذلك في الإحرام"[25]، وعن عائشة رضي الله عنها قالت :"المحرمة تلبس من الثياب ما شاءت إلا ثوبا مسه ورس أو زعفران، ولا تتبرقع ولا تلثم، وتسدل الثوب على وجهها إن شاءت"[26]، وروى سعيد بن منصور بسنده عن عائشة قالت :"تسدل المرأة جلبابها من فوق رأسها على وجهها"[27] وقال ابن حجر :"وقال ابن المنذر :أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها، إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلا خفيفا، تستتر به عن نظر الرجال، ولا تخمره، إلا ما روي عن فاطمة بنت المنذر قالت :كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر، تعني: جدتها، قال :ويحتمل أن يكون ذلك التخمير سدلا، كما جاء عن عائشة قالت :كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مر بنا ركب سدلنا الثوب على وجوهنا ونحن محرمات، فإذا جاوزنا رفعناه، انتهى، وهذا الحديث أخرجه هو من طريق مجاهد عنها وفي إسناده ضعف "[28]، وقال ابن عبد البر :"وعلى كراهية النقاب للمرأة جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار أجمعين،لم يختلفوا في كراهية الانتقاب والتبرقع للمرأة المحرمة، إلا شيء روي عن أسماء بنت أبي بكر :أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وروي عن عائشة أنها قالت :تغطي المحرمة وجهها إن شاءت، وقد روي عنها أنها لا تفعل، وعليه الناس"،إلى أن يقول :"ولا خلاف بين العلماء بعد ما ذكرنا، في أنه جائز للمرأة المحرمة لباس القمص والخفاف والسراويلات، وسائر الثياب التي لا طيب فيها، وأنها ليست في ذلك كله كالرجل، وأجمعوا أن إحرامها في وجهها دون رأسها، وأنها تخمر رأسها وتستر شعرها وهي محرمة، وأجمعوا أن لها أن تسدل الثوب على وجهها من فوق رأسها سدلا خفيفا، تستتر به عن نظر الرجال إليها، ولم يجيزوا لها تغطية وجهها وهي محرمة إلا ما ذكرنا عن أسماء، روى مالك عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر أنها قالت :كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر الصديق، وقد يحتمل أن يكون ما روي عن أسماء في ذلك كنحو ما روي عن عائشة أنها قالت :كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا مر بنا راكب سدلنا الثوب من قبل رؤوسنا وإذا جاوزنا الراكب رفعناه"[29] وذكر ابن القاسم :"أن مالكا كان يوسع للمرأة أن تسدل رداءها من فوق رأسها على وجهها إذا أرادت سترا، وإن كانت لا تريد سترا فلا تسدل"[30] وهذا الذي ذكره ابن عبد البر احتمالا وكذلك ابن المنذر، قد جاء ما يؤيده في رواية فاطمة المتقدمة التي أخرجها سعيد بن منصور فإن فيها "كنا نغطي وجوهنا من الرجال" فبينت أنهن كن يغطين وجوههن، ولم تقل :نخمر، وبينت أيضا أن ذلك لم يكن على الدوام، إنما ذلك بسبب الرجال أي عند مرور الرجال. فائدة : ما جاء عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله تعالى عنهما من أنها كانت تغطي وجهها أو تخمره وهي محرمة، دليل على بطلان الرواية المنسوبة إليها أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليها ثياب رقاق فأعرض عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال :يا أسماء إن المرأة إذا بلغت المحيض لم تصلح أن يري منها إلا هذا وهذا وأشار إلى وجهه وكفيه، فلو كان هذا ثابتا عندها ما كانت تحتاج لتغطية وجهها في الإحرام الذي جاء فيه قول الرسول صلى الله عليه وسلم :لا تنقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين. وأخيرا: قد تبين بما أوردت من النصوص وأقوال أهل العلم أن تغطية وجه المرأة بحضرة الرجل الأجنبي قربة وطاعة وعبادة لله تعالى إلى جانب كونها من عادات المسلمين، وأن أقوال أهل العلم من مختلف مذاهب المسلمين لم تخرج عن ذلك فهي دائرة بين إيجاب التغطية وبين استحبابها، فأعلاها الوجوب وأدناها الاستحباب، فيكون قول القائل إن تغطية المرأة لوجهها بحضرة الرجل الأجنبي عادة وليس عبادة أي ليست التغطية من الدين مخالفا لإجماع المسلمين بيقين، وهو متوعد على ذلك بالعذاب الشديد، قال تعالى "ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا" فمتبع غير سبيل المؤمنين الذي هو طريقهم متوعد بعذاب جهنم وساءت مصيرا نسال الله تعالى بمنه وفضله أن يبصرنا بأمور ديننا وأن ينجينا من عذاب جهنم، وأن يجعلنا من الذين يصدقون في حديثهم ولا يقولون إلا الحق ولا يبيعون دينهم بعرض من الدنيا ومن الذين يبلغون شريعة الله ويخشونه وحده ولا يخشون أحدا سواه |
رد: الىاخيتي بنت عالم وناس
الحجاب عفة وطهارة وحياء
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وبعد:- فقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها ، وتجعلها عزيزة الجانب ، سامية المكان ، وإن الشروط التي فرضت عليه في ملبسها وزينتها لم تكن إلا لسد ذريعة الفساد الذي ينتج عن التبرج بالزينة ، وهذا ليس تقييداً لحريتها بل هو وقاية لها أن تسقط في درك المهانة ، ووحل الابتذال ، أو تكون مسرحاً لأعين الناظرين . فضائل الحجاب الحجاب طاعة لله عز وجل وطاعة للرسول صلى الله عليه وسلم : أوجب الله طاعته وطاعة رسول صلى الله عليه وسلم فقال :{ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُّبِينًا } [الأحزاب : 36] وقد أمر الله سبحانه النساء بالحجاب فقال تعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا } [النور : 31] وقال سبحانه : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33] وقال تعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [ الأحزاب : 53] وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ } [الأحزاب : 59]. وقال الرسول صلى الله عليه وسلم :" المرأة عورة" يعني يجب سترها . الحجاب عفة فقد جعل الله تعالى التزام الحجاب عنوان العفة ، فقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ } [الأحزاب : 59] لتسترهن بأنهن عفائف مصونات { فَلَا يُؤْذَيْنَ } فلا يتعرض لهن الفساق بالأذى، وفي قوله سبحانه { فَلَا يُؤْذَيْنَ } إشارة إلى أن معرفة محاسن المرأة إيذاء لها ولذويها بالفتنة والشر . الحجاب طهارة قال سبحانه وتعالى :{ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ } [الأحزاب : 53]. فوصف الحجاب بأنه طهارة لقلوب المؤمنين والمؤمنات لأن العين إذا لم تر لم يشته القلب ، ومن هنا كان القلب عند عدم الرؤية أطهر ، وعدم الفتنة حينئذ أظهر لأن الحجاب يقطع أطماع مرضى القلوب :{ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } [الأحزاب : 32]. الحجاب ستر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الله حيي ستير ، يحب الحياء والستر " وقال صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة نزعت ثيابها في غير بيتها خرق الله عز وجل عنها ستره "، والجزاء من جنس العمل . الحجاب تقوى قال تعالى : { يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ } [ الأعراف : 26] الحجاب إيمان والله سبحانه وتعالى لم يخاطب بالحجاب إلا المؤمنات فقد قال سبحانه وتعالى :{ وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ } وقال الله عز وجل { وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ} ولما دخل نسوة من بني تميم على أم المؤمنين – عائشة رضي الله عنها – عليهن ثياب رقاق قالت :"إن كنتن مؤمنات فليس هذا بلباس المؤمنات ، وإن كنتين غير مؤمنات فتمتعن به ". الحجاب حياء قال صلى الله عليه وسلم :" إن لكل دين خلقاً ، وإن خلق الإسلام الحياء" وقال صلى الله عليه وسلم :" الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنة " وقال عليه الصلاة السلام : " الحياء والإيمان قرنا جميعاً ، فإن رفع أحدهما رفع الآخر ". الحجاب غيرة يتناسب الحجاب أيضاً مع الغيرة التي جُبل عليها الرجل السوي الذي يأنف أن تمتد النظرات الخائنة إلى زوجته وبناته ، وكم من حرب نشبت في الجاهلية والإسلام غيرة على النساء وحمية لحرمتهن ، قال علي رضي الله عنه :" بلغني أن نساءكم يزاحمن العلوج –أي الرجال الكفار من العجم – في الأسواق ألا تغارون ؟ إنه لا خير فيمن لا يغار ". قبائح التبرج التبرج معصية لله ورسول صلى الله عليه وسلم ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ، ولن يضر الله شيئاً ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى "، قالوا : يا رسول الله ومن يأبى ؟ قال :" من أطاعني دخل الجنة ، ومن عصاني فقد أبى ". التبرج يجلب اللعن والطرد من رحمة الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات ، على رؤوسهن كأسنمة البخت ، العنوهن فإنهن ملعونات ". التبرج من صفات أهل النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" صنفان من أهل النار لم أرهما : قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ، ونساء كاسيات عاريات .. " الحديث . التبرج سواد وظلمة يوم القيامة رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال :" مثل الرافلة في الزينة في غير أهلها ، كمثل ظلمة يوم القيامة لا نور لها "، يريد أن المتمايلة في مشيتها وهي تجر ثيابها تأتي يوم القيامة سوداء مظلمة كأنها متسجدة في ظلمة والحديث – وإن كان ضعيفاً – لكن معناه صحيح وذلك لأن اللذة في المعصية عذاب ، والطيب نتن ، والنور ظلمة ، بعكس الطاعات فإن خلوف فم الصائم ودم الشهيد أطيب عند الله من ريح المسك . التبرج نفاق قال النبي صلى الله عليه وسلم :" خير نسائكم الودود الولود ، المواسية المواتية ، إذا اتقين الله ، وشر نسائكم المتبرجات المتخيلات وهن المنافقات لا يدخلن الجنة إلا مثل الغراب الأعصم "، الغراب الأعصم : هو أحمر المنقار والرجلين ، وهو كناية عن قلة من يدخل الجنة من النساء لأن هذا الوصف في الغربان قليل . التبرج تهتك وفضيحة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أيما امرأة وضعت ثيابها في غير بيت زوجها ، فقد هتكت ستر ما بينها وبين الله عز وجل ". التبرج فاحشة فإن المرأة عورة وكشف العورة فاحشة ومقت قال تعالى :{ وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء} [الأعراف:28] والشيطان هو الذي يأمر بهذه الفاحشة { الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء}[البقرة:268] التبرج سنة إبليسية إن قصة آدم مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله إبليس كشف السوءات ، وهتك الأستار ، وأن التبرج هدف أساسي له ، قال تعالى :{ يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا} [الأعراف:27] فإذن إبليس هو صاحب دعوة التبرج والتكشف ، وهو زعيم زعماء ما يسمي بتحرير المرأة . التبرج طريقة يهودية لليهود باع كبير في مجال تحطيم الأمم عن طريق فتنة المرأة وهم أصحاب خبرة قديمة في هذا المجال ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم :" فاتقوا الدنيا واتقوا النساء ، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء ". التبرج جاهلية منتنة قال تعالى : { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى } [الأحزاب :33] وقد وصف النبي صلى الله عليه وسلم دعوى الجاهلية بأنها منتنة أي خبيثة فدعوى الجاهلية شقيقة تبرج الجاهلية، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم :"كل شيء من أمر الجاهلية موضوع تحت قدمي "، سواء في ذلك تبرج الجاهلية ، ودعوى الجاهلية ، وحمية الجاهلية . التبرج تخلف وانحطاط إن التكشف والتعري فطرة حيوانية بهيمية ، لا يميل إليه الإنسان إلا وهو ينحدر ويرتكس إلى مرتبة أدنى من مرتبة الإنسان الذي كرمه الله ، ومن هنا كان التبرج علامة على فساد الفطرة وانعدام الغيرة وتبلد الإحساس و موت الشعور : لحد الركبتين تشمرينا *** بربك أي نهر تعبرين كأن الثوب ظلٌ في صباح *** يزيد تقلصاً حيناً فحينا تظنين الرجال بلا شعور *** لأنكِ ربما لا تشعرينا التبرج باب شر مستطير وذلك لأن من يتأمل نصوص الشرع وعبَر التاريخ يتيقن مفاسد التبرج وأضراره على الدين والدنيا ، لا سيما إذا انضم إليه الاختلاط المستهتر . فمن هذه العواقب الوخيمة : * تسابق المتبرجات في مجال الزينة المحرمة ، لأجل لفت الأنظار إليهن .. مما يتلف الأخلاق والأموال ويجعل المرأة كالسلعة المهينة . ومنها : فساد أخلاق الرجال خاصة الشباب ودفعهم إلى الفواحش المحرمة . ومنها : المتاجرة بالمرأة كوسيلة للدعاية أو الترفيه في مجالات التجارة وغيرها . ومنها : الإساءة إلى المرأة نفسها باعتبار التبرج قرينة تشير إلى سوء نيتها وخبيث طويتها مما يعرضها لأذية الأشرار والسفهاء . ومنها : انتشار الأمراض لقوله صلى الله عليه وسلم :" لم تظهر الفاحشة في قوم قط حتى يعلنوا بها إلا فشا فيهم الطاعون والأوجاع التي لم تكن في أسلافهم الذين مضوا ". ومنها : تسهيل معصية الزنا بالعين : قال عليه الصلاة والسلام : " العينان زناهما النظر " وتعسير طاعة غض البصر التي هي قطعاً أخطر من القنابل الذرية والهزات الأرضية .قال تعالى :{ وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا}[الإسراء:16]، وجاء في الحديث : "أن الناس إذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعذاب ". فيا أختي المسلمة : هلا تدبرت قول الرسول صلى الله عليه وسلم :" نَحِ الأذى عن طريق المسلمين " فإذا كانت إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان فأيهما أشد شوكة ... حجر في الطريق ، أم فتنة تفسد القلوب وتعصف بالعقول ، وتشيع الفاحشة في الذين آمنوا ؟ إنه ما من شاب مسلم يُبتلى منك اليوم بفتنة تصرفه عن ذكر الله وتصده عن صراطه المستقيم – كان بوسعك أن تجعليه في مأمن منها – إلا أعقبك منها غداً نكال من الله عظيم . بادري إلى طاعة الله ، ودعي عنك انتقاد الناس ، ولومهم فحساب الله غداً أشد وأعظم . الشروط الواجب توفّرها مجتمعه حتى يكون الحجاب شرعياً . الأول: ستر جميع بدن المرأة على الراجح . الثاني: أن لا يكون الحجاب في نفسه زينة . الثالث: أن يكون صفيقاً ثخيناً لا يشف . الرابع: أن يكون فضفاضاً واسعاً غير ضيق . الخامس: أن لا يكون مبخراً مطيباً . السادس : أن لا يشبه ملابس الكافرات . السابع : أن لا يشبه ملابس الرجال . الثامن : أن لا يقصد به الشهرة بين الناس . احذ ري التبرج المقنع إذا تدبرت الشروط السابقة تبين لك أن كثيراً من الفتيات المسميات بالمحجبات اليوم لسن من الحجاب في شيء وهن اللائي يسمين المعاصي بغير اسمها فيسمين التبرج حجاباً ، والمعصية طاعة . لقد جهد أعداء الصحوة الإسلامية لو أدها في مهدها بالبطش والتنكيل ، فأحبط الله كيدهم ، وثبت المؤمنين و المؤمنات على طاعة ربهم عز وجل . فرأوا أن يتعاملوا معها بطريقة خبيثة ترمي إلى الانحراف عن مسيرتها الربانية فراحوا يروجون صوراً مبتدعة من الحجاب على أن أنها "حل وسط " ترضي المحجبة به ربها –زعموا- وفي ذات الوقت تساير مجتمعها وتحافظ على " أناقتها "! سمعنا وأطعنا إن المسلم الصادق يتلقى أمر ربه عز وجل ويبادر إلى ترجمته إلى واقع عملي ، حباً وكرامة للإسلام واعتزازا ً بشريعة الرحمن ، وسمعاً وطاعة لسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم غير مبال بما عليه تلك الكتل الضالة التائهة ، الذاهلة عن حقيقة واقعها والغافلة عن المصير الذي ينتظرها . وقد نفى الله عز وجل الإيمان عمن تولى عن طاعته وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم فقال: { وَيَقُولُونَ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالرَّسُولِ وَأَطَعْنَا ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُم مِّن بَعْدِ ذَلِكَ وَمَا أُوْلَئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (47) وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُم مُّعْرِضُونَ } [النور:47،48] إلى قوله { إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ {51} وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ} [النور : 51،52 ] وعن صفية بنت شيبة قالت : بينها نحن عند عائشة –رضي الله عنها – قالت : فذكرت نساء قريش وفضلهن ، فقالت عائشة –رضي الله عنها -:" إن لنساء قريش لفضلاً ، وإني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً لكتاب الله ، ولا إيماناً بالتنزيل ، لقد أنزلت سورة النور { وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ } [النور : 31] فانقلب رجالهن إليهن يتلون ما أنزل الله إليهن فيها ، ويتلو الرجل على امرأته وابنته وأخته وعلى كل ذي قرابته ، فما منهن امرأة إلا قامت إلى مرطها المرحل ( أي الذي نقش فيه صور الرحال وهي المساكن ) فاعتجرت به ( أي سترت به رأسها ووجهها ) تصديقاً وإيماناً بما أنزل الله في كتابه ، فأصبحن وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان " وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه . |
رد: الىاخيتي بنت عالم وناس
لكي لا ينتثر العقد
أختاه ...أيتها الدرة المصونة والجوهرة الغالية ! أرعي لي سمعَك وقلبَك فإن لي إليكِ حديثاً .. مازال يتردد في جناني ويملأ عليّ فؤادي الذي اكتوى غيرة عليك ومحبة للخير لك ... كيف و ما رأيتُه منكِ هناك ، تفطَّر له قلبي واغرورقت له عيناي ،حتى امتلأتا بحرقة الوجدان قبل دموع الأجفان .. وأنا أرى بأم عينيّ كيف أغارت مخططات الأعداء وسهامهم الحاقدة المسمومة ، على عزتكِ وشموخكِ ودينكِ .. وحتى صرتِ ألعوبة في أيدي حثالة القوم وسقط المتاع من أرباب الأزياء والموضة ، التي صنعها لك عُبَّادُ الصليب وأحفاد القردة والخنازير ، وروّج لها تاجرٌ أعمى القلب قدم حبَّ المال على حب الله ورسوله ... أجل ! فما كان والله يخطر لي ببال أنكِ تسقطين في شراكهم ، فقد كنتُ أحسب أنكِ في مأمن من ذلك كله وكنتُ أرى لك رأياً وإيماناً ! كيف وقد أصبحتِ وأصبح حجابكِ وأمسى كالسفينة المشرفة على الغرق ، والتي يتقاذفها الموج ويأتيها الموت من كل مكان ، أو كالذي تهوي به الريح في مكان سحيق !! أ رأيتِ كيف خماركِ – ومعه هذه الطُرَح المزركشة - فقد صار لثاماً ولعبة في يدكِ يكشف لذاك ويسدل لهذا ، تفعلين ذلك وكأن الله لا يراك !! أما تعلمين أنه مطلع على خطرات نفسك التي بين جنبيك : "وَاعلَمُوا أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا في أنفُسِكُم فاحْذَرُوهُ.." ؟ و اللهُ أمَرَكِ بالستر عن جميع الرجال غير المحارم دون استثناء !! فعن عائشة رضي الله عنها قالت : " يرحم الله نساء المهاجرات الأُوَل ، لمّا نزلت (وَليَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ..) شققنَ مُرُطَهُنَّ فاختمرنَ بها " رواه البخاري . وقال الحافظ ابن حجر : قولها " فاختمرن " أي غطَين وجوهَهن!. وعن أم علقمة قالت : رأيتُ حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر دخلتْ على عائشة رضي الله عنها وعليها خمار رقيق يشف عن جبينها فشقته عائشة عليها وقالت : " أما تعلمين ما أنزل الله في سورة النور؟ " ثم دعت بخمار فكستها . رواه بن سعد والإمام مالك في الموطأ وغيرهما. أ فرأيتِ لو أبصرتكِ عائشة رضي الله عنها وأنت على هذا النقاب الفتان ، وهذه العيون الكحيلة التي لا يقر لها قرار .. و أنت على هذه الحالة التي لا ترضي الله ماذا تقول أم المؤمنين وماذا تفعل ؟!! وقد أجمع أهل العلم على وجوب ستر الوجه عند خشية الفتنة ، وإن لم يكن هذا زمان الفتن فأيّ زمان ؟ ثم إنهم أسقطوا عباءتكِ عن علياء رأسكِ ، وألبسوكِ ثوباً أسوداً أشبه شيء بأثواب الرجـال ، وسموه كذباً وزوراً ( عباءة ! ) ، نعتوها بالعمانية تارة وتارة بالفرنسية وبالمغربية تارة أخرى ، لا يلوون على شيء طالما أنها تحقق لهم هدفهم الأكبر وهو إسقاط حجابكِ بالكلية ، وإلا فمنذ متى سمعتِ أن فرنسا تعرف الحجاب وتصدِّره وتدعو إليه ؟؟؟ ألا وإنها سميت بالفرنسية لأنها ليست عباءة أصلاً !! ثم بعد ذلك جاءوك بالطامة ، ألا و هي العباءة الأمريكية ، وهي باختصار فستان على شكل بنطال كالذي تلبسه الكوافر !! فانظري كيف يتدرجون بك إلى الهاوية خطوة خطوة ، و هكذا خطوات الشيطان ، فأي سخرية بالدين وبشعائر الإسلام هذه ؟؟ قال الله عز وجل في شأن المنافقين والمستهزئين بالدين : " قُل أَبا لله وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُم تَسْتَهْزِؤونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إيمَانِكُمْ " ! فنعوذ بالله من موارد الضلال ومن فتن يرقق بعضها بعضاً .. أمّا الجلباب في الاصطلاح الشرعي فليس بثوب ذا أكمام وأكتاف وخاصرة ، وإنما هو ملاءة تلتحف بها المرأة فوق ثيابها تستر به جميع بدنها وثيابها وزينتها ، وهاكِ الدليل القاطع على هذا ، وذلك عندما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء المؤمنين بأن يشهدن صلاة العيد ، فقد روى البخاري ومسلم عن أم عطية رضي الله عنها قالت : " قلت يا رسول الله إحدانا لا يكون لها جلباب " ، قال : " لتُلبسَها أختُها من جلبابها ". فلو كان الجلباب ثوباً ذا أكمام وأكتاف لاستحال أن يأمر النبي صلى الله عليه وسلم أم عطية أو غيرها من الصحابيات الجليلات أن تُلبــس أختَها منه ، ولكان ذلك من التكليف بما لا يطاق .. أمَا وإن هذا الثوب الذي ترتدينه لم يبق فيه من الجلباب الشرعي والعباءة ، سوى الأحرف التي سرقوها من تيك الأولى العالية الشامخة ، تلك التي طالما رفعتها على رأسكِ تاجاً لعزكِ وعنواناً لمجدكِ وفخراً لكِ بين الأمم على مر التاريخ ! أختاه .. أنتِ تعلمين أن هذا الثوب أو الفستان الأسود الذي كنتِ ترفضينه من قبل بشدة قبل أن يسموه لك عباءة وقبل أن .. وقبل أن .... ، تعلمين - دون ريب - أنه ذريعة محققة لإسقاط الحجاب كلية - أسأل الله أن ينتقم ممن يسعى لذلك وأن يرينا فيهم عجائب قدرته -.. وهو بذلك محرمٌ من باب سدِّ الذرائع ، فكل ما أفضى إلى حرام فهو حرام ، كما هو معلوم عند أهل العلم سلفاً وخلفاً ، وكما أفتى بحرمته العلماء من هذا الوجه ، ومن وجوه أخرى ، كإظهاره لتفاصيل جسد المرأة ومشابهته لطريقة لبس الرجال أرديتهم ، ولمخالفته لقول الله عز وجل ( يَا أيُّهَا النَّبيُّ قُل لأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ .. الآية ) . وكما هو محقَّق عند أهل اللغة أن استعمال الحرف "على" وهو من حروف المعاني ، يفيد العلو ، وأعلى الجسد هو الرأس وليس الكتف . نعم !! تعلمين أنه ذريعة أكيدة لأهدافهم الدنيئة ، وقد رأيتِ بنفسكِ كيف وسعوا أكمامه ، حتى ما إذا جئتِ لإتمام الصفقة -الخاسرة- و ما إن رفعتِ يدكِ لإعطاء ذلك البائع الجشع نقوداً - يالله - ثمنا باهظاً لإنقاص ستركِ ، حتى انكشفتْ ذراعك إلى المرفق ..! وربما زركشوها وربما .. وربما .. ورأيتِ كيف أخذتْ يد التخريب الآثمة في تضييق ذلك الثوب ، وتشريحه من هنا وهناك وتزيينه ، حتى صار بعض ما يلبس في البيوت أقلَّ فتنة مما تلبسين في السوق ، ثم تحسبين أنكِ على شيء وأن لكِ حجة .. أختي الغالية .. أو ما سمعتِ ذلك المنصِّر الذي وقف في أحد مجامعهم في بلاد الغرب ، ثم قال : تظنون أننا لم نفعل شيئا في جزيرة العرب ولم نحقق نجاحاً ؟؟ ثم صمت قليلاً وقال : نعم ، نحن لم نستطع أن نُدخلَ رجالهم في النصرانية ، ولكننا نجحنا في أن نُلبس نسائَهم لباس راهبات الكنيسة ! وإن شئتِ فقارني بين لباس راهبات النصارى وبين هذه العباءات المستحدثة ، وستعلمين حجم المؤامرة التي يدبرها أعداء الفضيلة وحزب الشيطان ..ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون .. وقد وقعت عيني على مقابلة مع واحدة ممن شاركن في تصميم هذه العباءات الجديدة ، وهي مصممة الأزياء الإيطالية رفايئلا كاردينالي – وبالمناسبة فإن كاردينال رتبة من رتب الكنيسة - ، حيث جاءت لتقيم عرض أزياء في مدينة الرياض !! وقالت أن أولى زياراتها كانت عام 1997م بعدها اعتادت على الحضور وأنها – على زعمها -أحبَّتْ هذا البلد كثيراً ، خاصة أن أهل البلد يشتهرون بحسن الضيافة كما هي عادات العرب دائماً . وعبرت عن سرورها لما قد حقق العرض الذي أقامته نجاحاً كبيراً ، وأنها لذلك تخطط للمجيء هنا مرات ومرات !! وتحت عنوان "العباءة السعودية زي ينافس الأزياء العالمية" حيث كان هذا الحوار: س : (سهام صالح): ما الذي جذبك في العباءة السعودية؟ ج : (رفايئلا كاردينالي) : العباءة السعوديـة تشبه "الكوت " الأوروبي ، لذلك يمكنها المنافسة في الأسواق الأوروبية خاصة في المساء مع الشال. فالسهرات في أوروبا تعتمد على الكوت والشال. إذن هي فكرة قريبة جداً من الذوق الأوروبي، على الرغم أنها تمثل زياً عربياً (!!!!!) . إضافة إلى أن تصميم العباءة شئ رائع وجذاب ومختلف. س :(سهام صالح) :ما هي الخامات التي استخدمتها في تصميم العباءة القريبة من الكوت الأوروبي؟ ج :(رفائيلا كاردينالي) : الكوت دائماً ما يكون مصنوعاً من الصوف وبالتالي عادة ما يفتقد الأناقة. لذلك عمدت إلى صنع العباءة التي تصلح ككوت من خامات غير الصوف كالحرير والساتان والكتان وغيرها . س : (سهام صالح) :هل قمت بتصميم أزياء سعودية أخرى غير العباءة كالثوب السعودي مثلاً؟ ج : (رفائيلا كاردينالي) : لا .. ربما في المستقبل فأنا لا أعرف مدى تقبل السوق لتصميمي للثوب ..الخ.(1) فانظري إلى من يصمم حجابك الذي تَدينين الله به ومن يتلاعب به ويخطط له ، حتى صار أثراً بعد عين أو كاد ، إنهن الساقطات من نصرانيات أوروبا ويعينهن على ذلك أناس من بني جلدتنا ويتكلمون بألسنـتنا ، ثم جئتِ أنت لتكونين شماعتهم المتنقلة التي يعلقون عليها بضاعتهم المسمومة شئتِ أم أبيتِ ، وتعطينهم مقابل ذلك مالاً وفيراً خسارة في الدنيا وخسارة في الدين ، فعياذا بالله من الحور بعد الكور ومن الضلال بعد الهدى ومن خاتمة السوء. أمَا وهذه الرزيئة المدلهمة وهذه الغُربة المستحكمة - وطوبى للغرباء - لنحن أحق بتمثّل هذا الرثاء ممن سبقنا من أهل الملة البيضاء: هذا الزمان الذي كنا نحاذرهُ + فيما يحدِّث كعبٌ وابن مسعودِ دهرٌ به الحـقُّ مردودٌ بأجمعه + وطالعُ الكفر فيه غير مردودِ إن دام هذا ولم يحدث له غِيَرٌ +لم يُبكَ مَيْتٌ ولم يُفرح بمولودِ من أين هذا الزيّ ؟ أختاه .. لقد قال ربي وربك : ( يَا بَني آَدَمَ قَدْ أَنْزَلنَا عَلَيكُمْ لِبَاسَاً يُوارِي سَوءَاتِكُم وَرِيشَاً وَلباسُ التَّقوى ذلكَ خَيْر ، ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللهِ لَعَلَّهُم يَذَّكَّرُونَ ). وقد كنتُ بالأمس أمام بيوت الأزياء التي زخرفوها لكِ ، وأقسم لكِ بالله أني لا أكاد أصدق أن من يشتري هذه المزق القماشية القصيرة والضيقة والشفافة ، وهذه البناطيل الفاضحة التي علقوها على جدرانهم وتماثيلهم وأسموها ملابس !! ، وقد أعمى بصائرهم الجشعُ عن كل فضيلة .. أقسم لك بالله ثانية أنني لا أكاد أصدق أن من يشتري هذه الزينة المحرمة ، وهذا السفور البُواح ، هنّ أنتِ وأترابكِ من المؤمنات العفيفات اللاتي حملن في قلوبهن لا إله إلا الله ، وخفقتْ في صدورهن آيات كتاب الله وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم .. من أين هذا الزي؟ ما عرفتْ + أرضُ الحجازِ ولا رأتْ نجدُ هذا التبـــذُّل يا محدثتي + سهـمٌ من الإلحـاد مـرتدُّ ضدان يا أختاه ما اجتمـعا + دينُ الهـدى والفسق والصدُّ والله ما أزرى بأمتنـــا + إلا ازدواجٌ ما لـه حــدُّ رويداً .. رويــداً !! أحقاً أنت حفيدة خديجة وفاطمة وعائشة وأسماء وأم سليم وأم عمارة ، وذلك الطراز الأول من النساء اللاتي يتشرف بذكر أسمائهن المداد ويتضوع بشذا عَرفهن أجواء بيوت الطهر والإيمان ؟!!! أحقاً أنت حفيدة أمهات المؤمنين و سليلة نساء الأنصار ، اللاتي قالت عنهن عائشة رضي الله عنها فيما رواه ابن أبي حاتم عن صفية : ( ذكرنا عند عائشة نساء قريش وفضلهن فقالت : إن نساء قريش لفضلاء ، ولكني والله ما رأيت أفضل من نساء الأنصار أشد تصديقاً بكتاب الله ولا إيماناً بالتنـزيل ، لقد أُنزلت سورة النور: (وَليَضْرِبنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ ) فانقلب رجالهن إليهن يتلون عليهن ما أنزل فيها ، ما منهم امرأة إلا قامت إلى مرطها فأصبحن يصلين الصبح معتجرات كأن على رؤوسهن الغربان ).. وهاهي أم المؤمنين عائشة أعلم نساء هذه الأمة رضي الله عنها لا تفرط من ذلك بشيء ، بل وهي في حال الإحرام رغم أن له حكم خاص عُلِم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين" رواه البخاري.. إلا أن حكم الحجاب بحضرة الرجال الأجناب قدم عند تعارضهما ، ويقر ذلك كله رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحي ، قالت عائشة رضي الله عنها : " كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزونا كشفناه " رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة و الدارقطني و البيهقي .. قال القاضي أبو بكر بن العربي المالكي : " قوله في حديث ابن عمر: "لا تنتقب المرأة المحرمة" وذلك لأن سَترَها وجهها بالبرقع فرض إلا في الحج، فإنها ترخي شيئاً من خمارها على وجهها غير لاصق به، وتُعرض عن الرجال ويُعرضون عنها " . وقال شيخ الإسلام ابن تيمية تعليقاً على حديث بن عمر فيما يتعلق بالنقاب والقفازين : "وهذا مما يدلّ على أن النقاب والقفازين كانا معروفين في النساء اللاتي لم يحرمن، وذلك يقتضي ستر وجوههن وأيديهن" . وروى أبو داود في السنن والبخاري في الكُنى بسنديهما ، وهذا لفظ أبي داود : عن حمزة بن السيد الأنصاري ، عن أبيه رضي الله عنه ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول وهو خارج من المسجد فاختلط الرجال مع النساء في الطريق فقال النبي صلى الله عليه وسلم للنساء : " استأخرن فإنه ليس لكنّ أن تَحْقِقْنَ الطريق ، عليكن بحافات الطريق " فكانت المرأة تلصُق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها " ...! ولعمر الله إنها صورة تهز وجدان المؤمن ، فهذا هو أفضل جيل وقرن على مر التاريخ ، وهاهن أفضل النساء بين أفضل الرجال ، وهم خارجون من مسجد رسول الله بعد أداء فريضة من فرائض الله ، وبين ظهرانيهم سيد الأولين والآخرين صلوات ربي وسلامه عليه ، ثم يأمر رسول الله نساء المؤمنين فما يكون منهن إلا الاستجابة الكاملة : " فكانت المرأة تلصق بالجدار حتى أن ثوبها ليتعلق بالجدار من لصوقها " !! أفلا يتحرك قلبك ..؟ ألا يهتز جنانك ..؟ ألا تهمل دمعتك وأنت ترين هذه الصورة التي هي في غاية الحشمة والطهارة ..؟؟؟ فأين أنت من ذلك يا أمة الله ، لا أقول في بيوت الله فإني أراك لاهية عن ذلك الموطن بغيره من زينة الدنيا وزخارفها - ولا أخفيكِ أني أخشى عليك أن تكوني ممن لا يدخل المسجد إلا محمولة على الأعناق ، يوم تلتف الساق بالساق ، إلى ربك يومئذ المساق .. ولكن أين أنت من ذلك الخُلُق .. خلُق الحياء ، خلق هذه الأمة ، "الحياء شعبة من الإيمان" ، أين أنت منه في الأسواق وفي المطاعم وفي المنتزهات وفي دور الأفراح ؟؟ قال مجاهد عند قوله تعالى ( وَقَرْنَ في بُيُوتِكُنَّ وَ لا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الجَاهِلِيَّةِ الأُولَى ) : " كانت المرأة تخرج تمشي بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية " !! وقال صلى الله عليه وسلم : " المرأة عورة فإذا خرجت من بيتها استشرفها الشيطان ، وأقرب ما تكون من رحمة ربها وهي في مقر بيتها " رواه الترمذي وابن حبان و الطبراني في الكبير. أما إذا كنت تظنين – لا قدر الله - أن أمر الستر والحجاب من القشور - كما يزعم بعض المغرضين والمغفلين - ، وكما نسمع هنا وهناك ، فإنه من نافلة القول أن أقول لكِ إن دين الله عز وجل وشريعته المطهرة أعظم وأجل من أن يكون بها قشور ، فإن كان هذا البيان وهذه الحجة لا تكفي ، وإن كان لا يزال من ذلك في نفسكِ شيء ، فأسوق لك ما جاء في السنة من حديث ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه يوم القيامة ، فقالت أم سلمة : فكيف يصنع النساء بذيولهن ؟ قال : يرخين شبراً ، قالت : إذن تنكشف أقدامهن ! ، قال : فيرخينه ذراعاً لا يزدن عليه " . رواه مالك وأحمد وأصحاب السنن وغيرهم ، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. فانظري رحمك الله إلى هذه الطاهرة المطهرة أم سلمة المخزومية القرشية الشريفة رضي الله عنها وأرضاها ، وكيف لها من الفقه في دين الله أنها أدركت بذكائها وبصيرتها وبذوقها السليم ، أن المرأة مناط للستر والحجاب - وانظري ذلك في قولها " فكيف يصنع النساء بذيولهن؟ " رغم شبهة التعارض مع النص الدال على حُرمة جر الثوب خيلاء ، ورغم أن الإسبال من الكبائر ورغم ما تعلق ذلك من العقوبة العظيمة وهو حرمان المسبلين خيلاء نظر الله إليهم يوم القيامة ، ويالها من حسرة ويالها من عقوبة !! فكيف إذا بعقوبة المتبرجة والسافرة ... إنها نار جهنم -كما سيأتي الدليل على ذلك بعد قليل - حماني الله وإياك من حرها وأظلنا الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله . وانظري سلكني الله وإياك طريق الرشاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أقرها على هذا الفهم النافذ وهذه البصيرة الباصرة ، بأن رخَّص للنساء وهو المؤيَّدُ بوحي السماء ، أن يرخين الجلباب ( العباءة ) شبراً ثم ذراعاً ! وهذا من أجل ستر الأقدام وحسب فكيف بما غير ذلك من زينة المرأة ومفاتنها ؟ لا شك أنه داخل بالقياس المطرد من باب أولى .. بل إن الله عز وجل أمر بأكثر من ذلك ، ربكِ وخالقكِ ، قال تعالى : ( وَلا يَضْرِبْنَ بَأَرْجُلِهِنَّ لِيُعلَمَ مَا يُخفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ ) فإن ذلك محرم بنص القرآن ولو كانت القدمان مستورتين !!! وهذه الصِدِّيقة أسماء بنت الصدِّيق رضي الله عنها وأرضاها ، تكتب درساً تسجله لنا أسفار التاريخ بماء الذهب تقول : " انطلقتُ يوماً إلى أرض الزبير التي أقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعمل بها، وفي يوم من الأيام حملتُ النوى على رأسي ، وقفلتُ راجعة إلى الدار ، وفي الطريق قابلتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه نفر من الأنصار، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم حملي فناداني وأناخ بعيره ليحملني ، فاستحييتُ أن أركب معه وأن أسير مع الرجــال ، فعرف ذلك رسولُ الله صلى الله عليه وسلم ومضى وتركني ، ومضيتُ أنا حتى بلغتُ الدار " .. وأترك هذا الصورة الناطقة تختزل أسفاراً من المروءة والمجد ، يهشُّ لها وجه الشمس وتبتسم لها نجوم السماء ، أتركها دون تعليق وأكتفي بما ربما يعتمل في قلبكِ ويذرف من عينكِ .. فيا من تركب مع السائق مسلماً كان أم كافراً ، تذكري دائماً هذا الحديث وقولي : أين هو من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟ وأين أنا من أسماء ..؟؟ وتذكري ذلك وأنت تدخلين على الطبيب دون محرم !! وتذكري ذلك وأنت تتحدثين مع البائع بطريقة غير لائقة ، حتى ليكادُ المرء أن يجزم أنه أخوك أو خالك أو عمك .. فإذا كنتِ تريدين السلامةَ لدينكِ والطهارةَ لقلبكِ - وأحسبكِ كذلك - وذهبتِ إلى السوق لحاجة فاذهبي مع ذي محرم ، واتركي له أمر محادثة الرجال والاختلاط بهم ، ومن ترك شيئاً لله عوضه الله خيراً منه .. وقد علمنا هذا الأدب ربنا عز وجل ، حيث خاطب أفضل الرجال وأفضل النساء بقوله : ( وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعَاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاءِ حِجَاب ، ذَلِكُم أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ ) .. فيا سبحان الله إنه خلق الحياء .. الحياء خلق هذه الأمة !! وفي أيام الحج ، خطب صلى الله عليه وسلم فيما روى البخاري ومسلم فقال : " لا تسافر امرأة إلا مع ذي محرم " فقام رجل فقال : يا رسول الله إن امرأتي خرجتْ حاجّة ، وإني اكتتبتُ في غزوة كذا وكذا .. فقال صلى الله عليه وسلم : " انطلق فحج مع زوجتك ".. قالها عليه الصلاة والسلام دون قيد أو شرط ، ولم يسأل عن حالها أهي شابة أهي موثوقة ؟ أهي مع رفقة مأمونة ؟؟ ، قالها لرجل ليس بذاهب إلى منافسة رياضية أو إلى سَمْرة مسائية مع الأصدقاء ، ذاهب إلى الغزو في سبيل الله ، وهذه المرأة ليست مسافرة من أجل زيارة قريبة أو صديقة من أجل التسوق و التفسح وتغيير الجو ، ولكنها ذاهبة إلى جهاد المرأة من الحج والعمرة !! وقال صلى الله عليه وسلم في حديث آخر فيما خرجه بعض أهل العلم في المتواتر الذي يرتقي من رتبة الظن الغالب إلى اليقين في الثبوت : " لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر إلا مع ذي محرم ". أخيّتي افتحي قلبك أزيلي عنك هذه الغشاوة ، فإنه يوشك أن ينفلت الخطام وأن يتناثر العقد ... أرى تحت الرماد وميضَ جمر +وأخْلِقْ أن يكون له ضِرامُ وقد غفلت أمية عن سناها+ويوشك أن يكون لها اضطرامُ أقول من التعجب ليت شعري + أ أيقاظ أمــية أم نيامُ وقال الآخر : أرى ناراً تأجَّج من بعيدٍ *** لها في كل ناحيةٍ شَـعاعُ وقد نامت بنو العباس عنها ***وأضحت وهي غافلةٌ رتاعُ كما نامتْ أميـة ثم هبتْ *** لتدفع حين ليس لها دفاعُ ويومها ستكونين أنت الخاسرة أولاً و آخراً .. وتوشك الفتن أن تموج كموج البحر ، وحينذاك فإن باطن الأرض خير لنا من ظاهرها .. وقد جاء في وصف أهوال فتنة الدجال أنه ينزل في سبخة بمرقناه ، فيكون أكثر من يخرج إليه النساء حتى إن الرجل يرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطاً مخافة أن تخرج إليه (2) نسأل الله العصمة والتثبيت .. و لا تحسبي أن ذلك بعيد ، وإن أمام الدجال سنون خداعة ، و ها قد بدأت العلامات تظهر واحدة تلو الأخرى ، فقد أعلن مؤخراً وزير الزراعة الإسرائيلي في ما نقلته وكالات الأنباء العالمية ، أن مياه بحيرة طبرية بدأت في التناقص الشديد ، والتي سوف تؤول بها إلى الجفاف و لابد من وجود حل لمشكلة المياه ... إن هذا الخبر في غاية الخطورة : لأن واحدةً من علامات ظهور المسيح الدجال المؤكدة في الصحيح جفاف بحيرة طبرية ، كما ذكر هو بنفسه حيث سأل عن ثلاثة أمور منها أنه قال : أخبروني عن بحيرة طبرية هل فيها ماء ؟ قالوا : نعم ، قال : إنّ ماءها يوشك أن يذهب !! و هذا في الحديث الطويل من قصة تميم الداري رضي الله عنه – وكان من أحبار النصارى ثم أسلم ونال شرف الصحبة- الذي أقره رسول الله صلى الله عليه وسلم… وقد نُقل عن العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله أنه عندما سمع بانخفاض مياه بحيرة طبرية إلى الربع غلبه البكاء ، وقال هذا زمن خروج الدجال... وإن من علاماته أنه يأتي والناس في ذهول عن ذكره ، حتى إذا أصبح على مشارف المدينة وصعد أحداً ينظر إلى الحرم النبوي ويقول " هذا القصر الأبيض هذا مسجد أحمد " فعن محجن بن الأدرع أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خطب فقال : ( يوم الخلاص و ما يوم الخلاص ) ثلاثا فقيل له : و ما يوم الخلاص ؟ قال : يجئ الدجال فيصعد أحداً فينظر المدينة فيقول لأصحابه : أترون هذا القصر الأبيض ؟ هذا مسجد أحمد ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها ملكاً مصلتاً فيأتي سبخة الحرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق و لا منافقة و لا فاسق و لا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص ).(3) وقد رأيت بعيني صورة التقطتْ للمدينة النبوية من الأقمار الصناعية ، وإذا أظهر ما فيها زادها الله تشريفاً وتعظيماً مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد بدا كالقصر الأبيض في وسط المدينة ، وعلق بعض العلماء بأنه ولأول مرة في التاريخ يكون لون المسجد النبوي في مثل هذا اللون ، اللهم سلم .. اللهم سلم … أخيّتي أزيلي عنك هذه الغشاوة .. أفيقي ، إن التبرج من كبائر الذنوب , ويترتب عليه دخول النار والحرمان من الجنة وناهيك بذلك ، قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه " صنفان من أهل النار لم أرهما .. وذكر منهما : ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة ، لا يدخلن الجنة و لا يجدن ريحها وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا " ورواه مالك في الموطأ عن أبي هريرة وجاء فيه "وريحها يوجد من مسيرة خمس مائة عام" ... فيالله هل بقي عندك بعد هذا كله حيرة أو تردد في الإقلاع والبراءة الكاملة من هذه الكبيرة .. وهل لازلتِ تقدِّمين رِجْلاً وتؤخرين أخرى نحو الاستقامة وسلوك المحجة البيضاء ، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك ... أخيتي :حجابَك ، فإنه حجابُك من النار !! غربيات لا يبغين بالإسلام بدلاً!! أختاه .. وأنت تتراجعين إلى الوراء وتنـزلين عن مكانك العالي، ألم يخطر لكِ ببال أيّ امرأة أنتِ؟ وأيّ دين تنتسبين إليه ؟!! ألم تسمعي عن تلك النصرانية التي أروي لك قصتها من تجرِبتي في الغربة دون واسطة ، وقد كنا في رحلة دعوية وترفيهية و ما إن غربت شمس ذلك اليوم إلا وقد جاءت البشائر بإسلامها وانشراح صدرها لدين الإسلام وارتدائها للحجاب ، وعندما سألنا كيف تم ذلك ؟ قالت : إن سبب اعتناقها للإسلام هو ما رأته من مظاهر الحشمة والحياء بين المسلمات ومن تركهن للاختلاط والتبرج الذي دمر قيم الأسرة والمجتمع في بلادهم وما رأته من اصطفاف المسلمين للصلاة في الجانب الآخر في مشهد هو غاية في التأثير .. والشيء المثير حقا أن أولئك النسوة اللاتي كن سببا لهدايتها ،كان كلهن من الأمريكيات اللاتي اخترن الإسلام على ما سواه من الأديان وتعبدن لله لا سواه وعضضن بالنواجذ على لا إله إلا الله .. واقتدينَ بأمهات المؤمنين فلبسنَ الحجاب الكامل دون أن يُرى من إحداهن شيء !! أخيّة .. ألم تعلمي عن تلك المرأة النصرانية الأخرى التي رأت فتيات مسلمات يمشين في الطريق وتشرفن بارتداء الحجاب ، وبعد أن سَألتْ عن خبرهن وقيل لها أنهن يَدِنَّ بالإسلام، اتجهت إلى دراسة هذا الدين حتى انتهى بها المطاف إلى اعتناقها للإسلام !! إن هذا المشهد الذي قد يظنه البعض عاديا وغير مؤثر، قد كان له الدور الأول في إنقاذ نفس إنسان من النار ، وجريان مثل أجر هذه الأخت المهتدية لهاتيك الفتيات المحجبات وهن غافلات لا يدرين عن أمرها شيئاً . وأما مشاعر هؤلاء المسلمات بعد ذلك وسعادتهن وراحتهن فلا تسألي !! هذه مجموعة من الغربيات اللاتي ذقن طعم الإيمان ولذة الاستقامة على هذا الدين يقلن : "زادني الحجاب جمالاً ـ الحجاب إعلان عام بالالتزام ـ الحجاب شعار تحرر ـ الحجاب يوفر لي مزيداً من الحماية ـ عندما أسلمتُ أصررتُ على ارتداء حجابي بالكامل من الرأس إلى القدم ـ الحجاب جزء مني، من كياني، فقد ارتديته قبيل إسلامي لإحساسي أنني أحترم نفسي وأنا أرتديه". وأخريات منهن يصرخن : " أحس في قلبي رقة لم أعهدها قبل إسلامي ـ شعرتُ أنني كنت دائماً مسلمة ـ اكتسبتُ من الإسلام القوة لمواجهة الناس ـ أجاب الإسلام عن جميع تساؤلاتي ـ وجدت في الإسلام ضالتي وعلاج أزمتي ـ قبل إسلامي كنتُ لا شيء ـ أصبح هدفي الأسمى الدفاع عن هذا الدين ـ صارت الصلاةُ ملاذي والسجود راحتي وسكينتي ـ فرحتي لا تُوصف ـ شدتني العلاقة المباشرة بين العبد وربه ـ المرأة الغربية لا تعرف ماذا تريد ـ تعرفتُ إلى وحدانية الله فبكيت ـ المرأة الغربية ليست متحررة كما قد تتوهم المسلمة ـ نطقتُ بالشهادتين فسرتْ في عروقي قوة خارقة ـ الإسلام هو الذي أعطاني الأمان ـ اكتشفت كنوزاً كنت أجهلها ". ومن الكلمات التي تعبر عن الفرح الغامر الذي يستنطق الدمعة من الجفن ، ومن هذا الذي تفيض به قلوب الداخلات في دين الله كلمات اليونانية "تيريز" تصرخ حتى ليكاد أن يصل صوتها إلى نجوم السماء الزهر : "لا أريد أن أتحدث، ففرحي بالإسلام لا يوصف أبداً، ولو كتبتم كتباً ومجلدات لن تكفي لوصف شعوري وسعادتي، أنا مسلمة، مسلمة، مسلمة، قولوا لكل الناس إنني مسلمة وسعيدة بإسلامي، قولوا لهم عَبْر وسائل الإعلام كلها: "تيريز اليونانية أصبحت خديجة : بدينها، بلباسها، بأعمالها، بأفكارها"(4). ويطيب لي هنا أن أُثَـنّي بقصة العالمة الألمانية ( زيغريد هونكة ) صاحبة الكتاب الشهير "شمس العرب تسطع على الغرب" والذي بينتْ فيه ، كما هو معلوم ، فضل مدنية المسلمين وثقافتهم على الغرب ونهضته الأخيرة بعد عصور الظلام التي غطتْ أوربا في غطيطها قرونا طويلة .. زيغريد هونكة التي تَمَلّك حب العرب وحضارتهم ومجدهم شَغاف قلبها بما لا يكاد أن يكون له مثيل بين الأوربيين ، وأحبت الإسلام لحبها لهم ولعلمها بأنه هو الذي أخرجهم بين الأمم خير أمة أخرجت للناس .. وقد حدثني بخبرها الدكتور علي الدفاع عالم الرياضيات المعروف في جامعة البترول بالظهران بنفسه مشافهة قال : كنت في أحد المؤتمرات العلمية في أوربا وقد تحدثتُ إلى الدكتورة هونكة وكنت مطلعا على كتاباتها وإنصافها لعقيدتنا وحضارتنا ورأيتُها وقد كبِرت سِنُّها قلت لها : إن لي حلم جميل أرجو له أن يتحقق !! فقالت لي : وما هذا الحلم ؟؟ قال فأجبتُها : بأن حياتك العلمية والثقافية الطويلة في الدفاع عن مآثر العرب والمسلمين وتاريخهم أرجو أن يكون لهذه الحياة الحافلة وهذه السيرة العلمية المميزة تكملة جميلة وأن تختم بأحسن ختام وذاك بأن تدخلي في الإسلام!! قال محدثي وقد رأيتُ عينيها قد اغرورقتا بالدموع ثم قالت لي بالعربية الفصيحة : "بيني وبين ذلك قاب قوسين أو أدنى" قال فما مر عام أو أكثر حتى سمعتُ خبر اعتناقها للإسلام ، وسمعتُ خبر وفاتها بعد ذلك بمدة رحمها الله .. انتهى. وعندما سُئلتْ في أحد المؤتمرات الإسلامية ما نصيحتها للمرأة العربية التي تريد طي الماضي وخلع الحجاب ، قالت زيغريد هونكة : " لا ينبغي لها أن تتخذ المرأة الأوربية أو الأمريكية أو الروسية قدوة تحتذيها، أو أن تهتدي بفكر عقدي مهما كان مصدره ، لأن في ذلك تمكينا جديدا للفكر الدخيل المؤدي فقدها لمقومات شخصيتها ، وإنما ينبغي عليها أن تستمسك بهدي الإسلام الأصيل ، وأن تسلك سبيل السابقات من السلف الصالح ، اللاتي عشنه منطلقات من قانون الفطرة التي فطرن عليها ، وأن تلتمس العربية لديهن المعايير والقيم التي عشن وفقا لها، وأن تكيف تلك المعايير والقيم مع متطلبات العصر الضرورية وأن تضع نصب عينيها رسالتها الخطيرة الممثلة في كونها أم جيل الغد العربي، الذي يجب أن ينشأ عصاميا يعتمد على نفسه " (5) ومثلها قالت الصحفية الأمريكية ( هيلسيان ستاسنبري ) بعد أن قضت في إحدى العواصم العربية عدداً من الأسابيع .. وعندما عادت إلى بلادها لم يكن ذلك ليمنعها من أن تدلي بشهادتها و تمحض نصيحتها حيث تقول : " إن المجتمع العربي كامل وسليم، ومن الخليق بهذا المجتمع أن يتمسك بتقاليده التي تقيّد الفتاة والشاب في حدود المعقول . وهذا المجتمع يختلف عن المجتمع الأوربي والأمريكي، فعندكم أخلاق موروثة تحتِّم تقييدَ المرأة، وتحتم احترام الأب والأم، وتحتم أكثر من ذلك عدم الإباحية الغربية، التي تهدم اليوم المجتمع والأسرة في أوروبا وأمريكا .. امنعوا الاختلاط، وقيّدوا حرية الفتاة، بل ارجعوا إلى عصر الحجاب، فهذا خير لكم من إباحية وانطلاق ومجون أوروبا وأمريكا" .(6) حسرات وعبرات !! وإن مما أخشاه عليكِ يا أختي الغالية أن تكوني في مثل حال هذه المرأة المسلمة وحسرتها وهي تقول: " كنت شابة يافعة أحب الحياة وأكره ذكر الموت ..أغادر مجلس رفيقاتي متى ما تتحدث إحداهن عن حادث أليم أو مرض عضال !! وكنت أتابع أخبار الموضة بشغف وشوق أركض لأجل أن ألحقها فلا يفوتني منها خبر .. حتى عباءتي لم تتركها الموضة على حالها ، فقد أغراني حب الجديد بأن أتفنن في طريقة لبسي لها فتراني حيناً أضعها على كتفي لا على رأسي لأجل أن أظهر زينتي وشيئا من أناقتي .. أما نقابي بل قل نقاب الفتنة ، فقد بدأت ألبسه تمشياً مع الموضة وتحججاً واهياً بعدم الرؤية ، عيناي أظهرتهما كحيلتين .. من خلال فتحات نقابي ، ومضيت أتابع عيون من حولي ، وتحملني غفلتي وسذاجتي على أن أزهو فرحاً كلما رأيت أعين المارة ترمقني بإعجاب أو استغراب ! وذاتَ مرة سافرتُ إلى بلد غربي ولم أكتف بتجميل حجابي وحسب ، ولكنني خلعته ورميت به في مقعد الطائرة التي أقلتني مسافرة ! وفي تلك البلاد شد بصري منظر امرأة متحجبة لا يظهر منها شيء ، عباءة طويلة فضفاضة ، خمار طويل مسدل ... اقتربتُ منها فسمعتها تتكلم بلهجة أجنبية صرفة !! تعجبت وتساءلت أتراها امرأة عربيه مقيمة ، اعتادت لغة القوم وتحدثتْ بها بهذه الطلاقة والقدرة ؟! فضولي دفعني لأن أطرح عليها سؤالاً : أ عربية أنتِ .؟؟ قالت : لا ! بل أنا كندية مسلمة ، دخلتُ الإسلام منذ سنة ونصف ، ومن حينها وأنا كما ترين أرتدي حجابي وأسير وعزتي وفخري بديني الجديد يسيران معي ..! وضعتُ أنا يدي على رأسي بحثتُ عن حجابي ! لم أجده .. تذكرتُ أني رميتُ به على مقعد الطائرة .. ردَّدتُ كلمات ساخنة بيني وبين نفسي..يا الله ..يا رب.. أ أجنبية لم تعرفك ولم تؤمن بك إلا منذ سنة ونصف ، وأنا .. أنا جدي مسلم وأبي مسلم وأمي وأخي بل قومي كلهم مسلمون .. نشأتُ على طاعتك وتربيت في بيت يؤمن أهله بك ، فكيف أتخلى بهذه السهولة عن حجابي وتتمسك هي به !! " . (7) واسمحي لي أن أقتطع من وقتك قليلاً لأحدثك بقصة تلك الفتاة التي وُلدتْ ونشأت في بلاد الإسلام ، ولكنها ما عرفت هذا الدين حيناً من الدهر، فأتركها تتحدث عن نفسها بنفسها : " عندما تزوجتُ ،ذهبتُ مع زوجي إلى فرنسا لقضاء ما يسمى بشهر العسل ، وكان مما لفت نظري هناك ، أنني عندما ذهبت للفاتيكان في روما وأردت دخول المتحف البابوي أجبروني على ارتداء البالطو أو الجلد الأسود على الباب ..هكذا يحترمون ديانتهم المحرفة ..وهنا تساءلت بصوت خافت : فما بالنا نحن لا نحترم ديننا ؟؟!! وفي أوج سعادتي الدنيوية المزيفة قلت لزوجي : أريد أن أصلي شكرا لله على نعمته ، فأجابني: افعلي ما تريدين ،فهذه حرية شخصية !! وأحضرتُ معي ذات مرة ملابس طويلة وغطاء للرأس ، ودخلت المسجد الكبير بباريس فأديت الصلاة ، وعلى باب المسجد أزحتُ غطاء الرأس ، وخلعتُ الملابس الطويلة ، وهممتُ أن أضعها في الحقيبة ، وهنا كانت المفاجأة .. اقتربتْ مني فتاة فرنسية ذات عيون زرقاء لن أنساها طول عمري ، ترتدي الحجاب .. أمسكتْ يدي برفق وربتتْ على كتفي ، وقالت بصوت منخفض : لماذا تخلعين الحجـــاب ؟ ألا تعلمين أنه أمر الله ؟!! كنت أستمع لها في ذهول ، والتمستْ مني أن أدخل معها المسجد بضع دقائق ، حاولت أن أفلتَ منها لكنّ أدبها الجم ، وحوارها اللطيف أجبراني على الدخول ،سألتني : أتشهدين أن لا إله إلا الله ؟ ..أتفهمين معناها ؟؟..إنها ليست كلمات تقال باللسان ، بل لا بد من التصديق والعمل بها... " لقد علمتني هذه الفتاة أقسى درس في الحياة .. اهتز قلبي ، وخضعت مشاعري لكلماتها ثم صافحتني قائلة : انصري يا أختي هذا الدين !! ثم خرجتُ من المسجد وأنا غارقة في التفكير لا أحس بمن حولي "(8) . إلى آخر كلامها.... فالحمد لله فقد كانت هذه الأخت الفرنسية سبباً لهداية هذه المرأة العربية وهي كانت سببا لتوبة زوجها ، وكلاهما صار بعد ذلك داعية إلى الله ، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم !!! أيّ امرأة أنتِ بين النساء!! أختاه .. وإنما سُقتُ لك هذه الأمثلة وهي غيض من فيض لأقول لك ما قاله الله عز وجل: ( أَلَم يَأْنِ للَّذَينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُم لِذِكْرِ اللهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الحَقِّ وِ لا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبلُ فَطَالَ عَلَيهِمُ الأَمَدُ فَقَسَتْ قُلوبُهُمْ وَكَثِيرٌ مِنهُمْ فَاسِقُونَ ).. فيا ريحانة الفؤاد ويا سليلة الأمجاد ، آن لك أن تعودي إلى ربكِ وخالقكِ ورازقكِ وإلى دينكِ ، الذي لن تفلحي إلا بالتمسك به وإلا بالتوبة من سكرة هذه الغفلة المهلكة ، التي تكاد أن تلقي بك في متاهات الضلالة وفي دروب الغواية والعياذ بالله ... آن لك أن تتجللي بحجابك الكامل لا الحجاب المزوق المزيف ، وآن لك أن تعيدي حياءك وسترك وعباءتك الأولى على رأسك سيفاً في وجه الباطل الذي عربد وكاد أن يلقي بكِ في شراك العدو لولا أن الله سلم .. لقد آن لك أن تعلمي أن صرح هذا الباطل الذي أغراك مظهره ، والذي أمسى ينتفخ حتى صار كالبالون الكبير، يوشك أن ينفجر لأدنى شوكة تصيبه من هنا أو هناك .. وإلا فأنت تقرأين قول الله عز وجل في محكم التنـزيل: ( وَقُل جَاءَ الحَقُّ وَ زَهَقَ البَاطِلُ إِنَّ البَاطِلَ كَانَ زَهُوقَاً ) فإن من عادة الباطل أن يزهق حينما يجيء الحق ، وقال تعالى في الآية الأخرى : ( بَلْ نَقْذِفُ بِالحَقِّ عَلَى البَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِق ) … وآن لك – يا أخية - أن تَقْطَعي تلك اليد الآثمة التي تسللت وامتدت إلى خماركِ وجلبابكِ ، وقطّعتْ أثوابكِ يمَنةً ويَسرةً ، ولم تبق عليك إلا لباساً يظهر أكثر مما يستر والله المستعان !! فيا شقيقة الرجال ويا مصنع الأبطال..كوني صخرةً صُلبةً في جدار الأمة ، و لا تكوني سهماً في كنانة الأعداء يشدخون به هامة الفضيلة وعالية الكرامة !! وإياك إياك أن يؤتى الإسلام من قبلك ! أختاه .. أخوفك بالله الذي يعلم السر وأخفى أن تظني أنّ ما تفعلينه من إنقاص حجابكِ وحياءكِ شيئاً فشيئاً ، يوماً بعد يومٍ ، ذكاء أو فطنة !! ( أَلا إنَّهُم يثْنُونَ صُدُورَهُم ليَسْتَخفُوا مِنهُ ألا حِينَ يَسْتَغشُونَ ثِيَابَهُم يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَ مَا يُعْلِنُونَ ) . وحذّر الله من سبيل المنافقين وقال عنهم: ( يُخَادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَ مَا يَخدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُم وَ مَا يَشْعُرُونَ ) . وإني أعيذكِ بالله من ذلك وأذكِّرَكِ أن ذلك ظلمٌ لنفسكِ أولاً وقبل كل شيء ، ثم إنه ظلم لأهلكِ ومجتمعكِ وأمتكِ وإعانةٌ على الفساد والإفساد. واعلمي يا أخية أن الله عز وجل يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته كما جاء في الحديث ..ولا إِخالكِ تقدمين على مغامرة مخطورة كهذه ، خصمكِ فيها الله جل جلاله الجبار المنتقم .. وفي الصحيح المتفق عليه " إن الله يغار ، وإن المؤمن يغار ، وإن غيرة الله أن يأتي المؤمنُ ما حرم الله عليه " . وإن من أخطر تبعات التبرج والسفور أنه سنة في الإسلام سيئة ، عليكِ من وزرها ووزر من تبعكِ فيها إلى يوم القيامة ، من النساء اللاتي لازلن يترددن في منـزلة بين المنـزلتين ، ومن صغيرات اليوم / أمهات الغد اللاتي صرن ينظرن كيف تفعلين فيقلدن - دون أن ينقص من أوزارهن شيئاً - وقد جاء في القرآن المجيد ( لِيَحمِلُوا أَوزَارَهُم كَامِلَةً يَومَ القِيَامَةِ وَمِنْ أَوزَارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيرِ عِلمٍ أَلا سَاءَ مَا يَزِرُونَ ) . ألا وإن كل ما هو محرم على البالغة ، لا ينبغي أن تنشّأ عليه الصبية ، ولا تقولي إنها صغيرة فإنها غداً كبيرة ! يا دُرّة حُفظتْ بالأمس غالية واليوم يبغونها للـهو والطربِ يا حُرة قد أرادوا جعلها أمة غربية العقل،لكنّ اسمها عربي هل يستوي من رسول الله قائده دوما،وآخر هاديه أبو لهب ؟ وأين من كانت الزهراء أسوتها ممن تقفتْ خطى حمالة الحطب أختاه لستِ ببنتٍ لا جذور لها ولست مقطوعة مجهولة النسب أنت ابنة العُرب والإسلام عشتِ به في حضن أطهر أمٍ من أعز أب فلا تبالي بما يلقون من شُبهٍ وعندك العقل إن تدعيه يستجب سليه:من أنا؟ ما أهلي؟ لمن نسبي ؟ للغرب أم أنا للإسلام والعرب ؟ لمن ولائي؟ لمن حبي ؟ لمن عملي؟ لله أم لدعاة الإثم والكذب ؟ حول تحرير المرأة لقد زعموا - ومنهم من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا - أنهم يريدون تحريرك ! فأسألك بالله أحقاً أنكِ رقيق تباع في سوق النخاسة ؟ أخبريني.. منذ متى وأنت كذلك .. حاشا وكلا ، ولكنهم يريدون تحريرك من حريتك الحقة بعد إخراجك من بيتكِ وعفافكِ ، من أجل أن تكوني رقيقاً لشهواتهم الدنيئة ، وقد سمّوها بغير اسمها ، ومن أجل أن تصبحي وتمسي مطمعاً لقلوبهم المريضة الفاسدة .!! ( وَالله يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيكُم وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيمَاً ) . ولا أحسب القوم جاءوا بجديد ، فطريق الشيطان واحدة وخطواته لم تتغير قِيد أنملة ..وما إثارة نعرة العداء بين الجنسين إلا لوثة من لوثاتهم التي نقلوها عن سادتهم في الضلالة من الغربيين ، ولها أصل في التوراة المحرفة ثم نقلتها يد التحريف إلى الإنجيل أيضا ، فيما طُوِّرَ بعد بما سُمِّي بحركة "النسوية " (Feminism). ومن تتبع تاريخ هذه الحركة في المجتمعات الأوروبية والأمريكية و ما آلت إليه ، تالله يفتأ يذكر نعمة الهداية إلى الحنيفية السمحة ! وقد وظفوها - وهي الآن عندنا أيضاً - لذرِّ الرماد في العيون لإخفاء أهدافهم الخبيثة من جانب ، ولإشعال مشاعر الحقد عند المرأة بدعوى أنها في صراع مع الرجل لتفكيك وخلخلة ترابط الأسرة والمجتمع من جانب آخر ، على مبدأهم إياه " فرق تسد " ، وكذبوا وصدق الله : ( وَ لا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَ تَذْهَبَ رِيحُكُم ) . ودعواهم هذه نقض لأوثق عرى الإيمان ألا وهو مبدأ الولاء و البراء وهو أصل من أصول عقيدتنا وأنى لهم .. قال تعالى (وَالمُؤمِنُونَ وَالمُؤمِنَاتُ بَعْضُهُم أَولِيَاءُ بَعْضٍ) ، (وَالمُنَافِقُونَ وَالمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُم مِّنْ بَعْضٍ) ، بل جاء في سورة الروم ما هو أعظم دستور في التاريخ لطبيعة العَلاقة بين الرجل والمرأة في سياق الامتنان وفي لحاقه التفكر في عظيم آيات الرحمن قال جل جلاله : (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِّن أَنفِسِكُم أَزْوَاجَاً لِتَسكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بَينَكُم مَّودَّةً وَ رَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرُونَ ) .. فهي علاقة مودة للأبد ورحمة لا عداوة ونكد !! وقال صلى الله عليه وسلم " النساء شقائق الرجال " وكان من آخر كلامه " استوصوا بالنساء خيراً " ، قالها يوم كان الغرب - وبقي كذلك قروناً عديدة مديدة - يقيم المؤتمرات حول هل للمرأة روح أم لا ؟ وهل المرأة إنسان أم شيطان ؟؟؟!!! وعندنا نحن المسلمين امرأة واحدة مؤمنة صالحة ، خير من ملء الأرض من الرجال الكفرة الفجرة .. وإنما الصراع منذ الأزل بين أهل الحق وأهل الباطل وليس كما يقولون في صحافتهم وإعلامهم فلا تنطلِ عليك هذه الحيلة الماكرة !! ... ( وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُم وَعِندَ الله مَكْرُهُم وَإِن كَانَ مَكْرُهُم لِتَزُولَ مِنهُ الجِبَالُ ، فَلا تَحْسَبَنَّ اللهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقَام ) . مؤتمرات أم مؤامرات وأما الغرب الصليبي واليهودي ودعاواه في مؤتمراتهم وآلتهم الإعلامية الضخمة ، التي أجلبوا فيها بخيلهم ورَجِلِهم ، فإنه أحقر من أن يلتفت إليه - وأنا شاهد عليه والله شهيد على ما أقول - ، فالمرأة عندهم تحت ظلال الحرية المزعومة حذاء -إي وربي- يلبسه أراذلهم من شاء متى شاء ويخلعه متى شاء إذا شاء ، بل هي عندهم أهون من ذلك و لا يسمح المقام أن أقول أكثر من ذلك فهذا مقامُ تلويح لا مقامُ تصريح !! وأكتفي هنا بمثال واحد عن أشهر ممثلة أمريكية وقد جعلوها صنما للفتنة يعبد من دون الله ، ألا وهي مارلين مانرو .. وقد عاشت تعاسة لا يشبهها تعاسة حتى أقدمت على الانتحار ، ثم اكتشف محقق قضيتها رسالة في صندوق الأمانات كُتب عليها لا تفتح قبل وفاتها .. وقد كتبتْ فيها بخط يدها إلى فتاة تطلب نصيحتها : "احذري المجد .. احذري كل من يخدعك بالأضواء .. إني أتعس امرأة على هذه الأرض ..لم أستطع أن أكون أماً .. إني امرأة أفضل البيت..الحياة العائلية الشريفة الطاهرة ، بل إن هذه الحياة العائلية لهي رمز سعادة المرأة بل الإنسانية ...الخ " !! (9) ولو أنهم سمعوا صوت عقلائهم لتجنبوا كثيرا من الرزايا ، ومن ذلك كلمة الفيلسوف الألماني شوبنهور في بدايات القرن العشرين الميلادي وقد أصاب كبد الحقيقة يقول : " اتركوا للمرأة حريتها المطلقة كاملة دون رقيب ، ثم قابلوني بعد عام لتروا النتيجة ، و لا تنسوا أنكم سترثون معي للفضيلة والعفة والأدب ، وإذا متُّ فقولوا : أخطأ أو أصاب كبد الحقيقة " (10) والعجيب أن الغرب و ما يدعو إليه في مؤتمراتهم تلك -وآخرها كان في نيويورك / يونيو عام 2000- ، و ما تشتمل عليه من المؤامرات ومن توصيات مخجلة ، داعية إلى تدمير المرأة والأسرة ومن صنوف الرذائل التي لا ترضاها بهيمة الأنعام فضلا عن الإنسان الذي كرمه الله ، كل ذلك متحقق في مجتمعاتهم وفي المرأة الغربية على أكمل وجه !! إذا لماذا كل هذا الضجيج لماذا ؟؟ .. أجل لكي يصدِّروا هذا الأوبئة إلى مجتمعات العالم الثالث وغايتهم الأولى هو العالم الإسلامي برمته على طريقة " إياكِ أعني واسمعي يا جارة " !! و ما عاد هذا يخفى على ذي لب ، فقد صاروا لا يطيقون أن يروا ثوب الكرامة و لا عباءة الفضيلة عندنا ، بعد أن تعروا منهما ورأوا أنهم سائرون في طريق ليس فيه رجعة ، ويريدون أن يأخذوا معهم من استطاعوا من بني جلدتنا ، فهم حقا دعاة على أبواب جهنم من أطاعهم قذفوه فيها !! أمَا لو كانت دعوى تحرير المرأة عندهم فيها بعض خير للمسلمين لوضعوها في السراديب وغلّقوا عليها الأبواب ، تماماً كما يفعلون في شأن التقنية والصناعات الأساسية والثقيلة وصناعة الإلكترونيات الدقيقة و رقاقات الحاسب الآلي ..!! ولكن القوم كما قال ربنا فيهم وهو أصدق قائل: "وَدٌّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً " ، وفي الآية الثانية ( وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ لَو يَرُدُّونَكُم مِنْ بَعْدِ إيمَانِكُم كُفَّارَاً حَسَدَاً مِنْ عِندِ أَنفِسِهِم ) .. بل شموخ الإيمان أختي الغالية .. أيّ امرأة أنت بين النساء تحمل القرآن بيمينها والسنة .. رضِيتْ بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً ورسولاً .. أبعد أن توَّجكِ الله بأبوين مؤمنين صالحين ورضعتِ لُبانة الإيمان منذ الصغر ، ونشئتِ في بيت مسلم ملؤه الطهر ، وتعلق قلبُكِ كلمةَ التوحيد ومعنى الإخلاص ، تكونين كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً ؟؟ أيجوز لك بعد تلك الكرامة أن تكوني تبعا لمخلفات الغرب الفكرية والخلقية والاجتماعية ..؟؟ ألا تعلمين أن المرأة الغربية عندما تراكِ كَلِفة بتقليدها والسير على خطاها تنظر إليك باحتقار وازدراء شديدين كما عبر عن ذلك بعضهن ..؟؟ أيجوز لك هذا التهافت وهذا السقوط المريع ؟؟ كلا والذي لا إلهَ غيرُه !!! ارفعي رأسك اعتزازاً بدينكِ الحق ، واشمخي بأنفكِ شموخ الإيمان لا كبراً و لا بطراً ..! واختاري من الطريقين ما هو أليق بتكريم الله لكِ ! واسلكي أحسن النجدين فكوني من الشاكرين لا من الكافرين !! وإن الله عز وجل قال في محكم كتابه عن مآل الخلائق ومصائرهم : ( فَرِيقٌ في الجَنَّةِ وَفَرِيقٌ في السَّعِيرِ ) !! نعم في يوم القيامة ، يوم الحسرة ، يوم الندامة : " إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ 103 وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لِأَجَلٍ مَّعْدُودٍ 104 يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ 105 فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُواْ فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ 106 خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ 107 وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُواْ فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ إِلاَّ مَا شَاء رَبُّكَ عَطَاء غَيْرَ مَجْذُوذٍ 108 " .. فاختاري يا أخية من الطريقين ما يوصلك إلى أحسن الغايتين .. وأحسبك قادرة على ذلك .. وأسأل الله لي ولكِ التوفيق والسداد .. |
رد: الىاخيتي بنت عالم وناس
ياوردة من قطاف العفاف
إن الناظر إلى حال نساء زماننا يتفطّر قلبه ألماً وحسرة .. وتدمع عينه حزناً وقهراً .. فقد أصبح حجابهن زينة ، وسترهن تفسّخ وعريّ ، متّبعات في ذلك الخريطة التي رسمها أعداؤنا من الشرق والغرب ..! فهل عرفنا في الإسلام عباءةً مطرّزة ..؟.. وهل سمعنا بطرحةِ مزركشة ..؟.. أم هل رأينا في تاريخ الإسلام غطاء وجهٍ شفاف ؟!! إنه والله أمرٌ يتقطّع له نياط القلب ويندى من هوله الجبين .. فالإسلام فرض الحجاب لحكمةِ عظيمة .. وفوائد جسيمة .. الحجاب عبادة فيها السعادة .. وجمال يفوق كل جمال .. وراحة تنسي كل راحة !! فرض الله الحجاب ليستر المرأة عن الأجانب ، بل عن أعدائها من الجنس الآخر ، ليحميها من ذئاب البشر .. وأعداء العفاف والطهر ، ليحفظها من أعين الماكرين الخائنين .. ويرفعها عن مستنقعات العار وأوحال الرذيلة ! حجب الإسلام المرأة عن الرجال كي تبقى درةً غالية ، وجوهرة مصونة ، لا تعبث بها أيدي السارق ، ولا تطولها عين الغادر ... حجب الإسلام المرأة لتبقى عزيزةً نظيفة ، عفيفةً شريفة ، ويتمناها التقي ، ويخشاها الشقي ! فقد قال بعض أهل الفساد عندما سئلوا عن نظرتهم للفتاة المتحجبة : نحن نخشى الاقتراب من الفتاة المحجبة ، ونستحي من النظر إليها مع كونها محجبة حجاباً كاملاً ولا يظهر منها ظفر ! فنبتعد عن طريقها ، و نغار عليها من نظرات الرجال وكأنها أخت لنا أو أم أو قريبة ! سبحان الله !! هذا كلام ذئاب البشر عن الفتاة المحجبة .. فما بالكِ أختي الحبيبة بكلام الأتقياء الأنقياء الشرفاء ..؟ إنهم يدعون لكل فتاة محجبة بأن يحفظها الله من كل سوء ، وأن يثبتها على صراطه المستقيم .. وأن ييسر لها الخير حيث يكون ، ويصرف عنها الشر مهما يكون .. بل إن بعضهم ليفتخر بها ويعتز بحجابها ويتمنى أن تكون زوجته أو أبنته أو أخته ! فالحجاب عزة وفخر للمرأة والرجل معاً .. ولم يكن الحجاب يوماً منقصةً أو مذلةً أو ظلماً . بل إن الإسلام أعزّ المرأة بالحجاب وصانها بالخمار وحفظها بالغطاء .. المرأة المسلمة المحجبة كالملكة في بيتها،وكالسيدة في قومها..لا تمشي إلا بمعية حارسها الشخصي !! يرافقها في السوق والمستشفى والشارع،ويوصلها إلى عملها – إن كانت عاملة – ويحميها و يحرسها من الكلمات والنظرات المؤذية . يمشي معها بعزةٍ وفخر ... وتمشي معه بطمأنينةٍ وأمان ..! فهي لا تخشى على نفسها من كيد الأعداء لأنها محجبة – والحجاب شعار العفاف والطهر- وبوجود حارسها يحميها ويحفظها بحفظ الله ... يحرسها أبوها أو أخوها أو زوجها أو ابنها أو أحد محارمها الذين سرَتْ نار الغيرة في عروقهم .. وتمشّت بين شرايينهم ودمائهم . فلن يسمحوا لأحد بالاقتراب منها أو الحديث معها ،، فأي سعادة وراحة وحرية أكثر من هذه ؟! وتذكري أختي الحبيبة ... أن من تركت الحجاب فقد عصَت رب الأرباب ، وتنازلت عن الشرف والعفاف ، وعرضَت نفسها لأشرار الذئاب – ظانَّةً – أنها أجمل امرأة في أعينهم ، وما علمَت أنها كالحلوى المكشوفة لا يأخذها إلا الحشرات والهوام !! أما الإنسان العزيز النظيف لا يرضى بأن يأخذ هذه الحلوى لأنه يعلم أنها لم تبقَ مكشوفةً إلا لقذارتها وفسادها ومرور الدواب عليها ..! فالمرأة كتلك الحلوى .. إن بقيت محجبة مصونة رغبها كل من رآها ، و إن كانت متبرجة متفسخة عافها الكل ولم يأتها إلا حشرات البشر ليأخذوا منها أنظف ما فيها وأعز ما تحمله ثم يتركونها ملقاةً على الأرض تدوسها الأقدام .. ويتأفف منها الكرام ! فهل ترضين هذا لنفسكِ أختي الحبيبة ؟.. هل ترضين المذلة والسقوط؟ أم الرفعة والعزة والكرامة ؟ أمامك طريقان فاختاري أحدهما .. فإما نجاة وإما عذاب في الدنيا والآخرة !! أختي الغـالية ... قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً ) . فتأملي معي كيف بدأ الله بزوجات وبنات محمد صلى الله عليه وسلم .. بدأ بالعفيفات الطاهرات ، الصالحات الزاهدات .. أمرهن بالحجاب والجلباب ، ونهاهن عن التكشف والتبرج وهن أمهات المؤمنين وسيدات نساء الجنة ، ومن أمِرنَ بالتحجّب والتستر عنهم هم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهم أجمعين .. أصحاب القلوب الطاهرة والنفوس العفيفة ..!! فما بالكِ أخيتي برجال ونساء زماننا ؟!! ما بالكِ بمن يقضون ساعات طوال أمام قنوات الفساد والدمار وتشبعت قلوبهم بحب الشهوات المنكرات ، وطارت عقولهم شوقاً إلى لقاء حبيبة ، أو رؤية جميلة ، أو سمـاع صـوت خليلـة !! فو الذي نفسي بيده إن الأمر بالحجاب ليشتدّ ويغلّظ في زماننا هذا ، وإن مسئوليتك أمام الله عظيمة لأنك موضع فتنة - وهي أعظم فتنة على أمة محمد صلى الله عليه وسلم - قال عليه الصلاة والسلام :" ما تركت بعدي فتنةً أشدّ على الرجال من النساء " . وقلوب الرجال في هذا الزمان مريضة – إلا من رحم ربي ، وقليل ما هم – وأعينهم تصول وتجول في مجتمعات النساء ، ونفوسهم تتوق إلى الشر والفساد .. ثم تأتي الفتاة المتبرجة السافرة عن محاسنها لتأجج نار الفتنة في صدورهم وتساعدهم على الاقتراب منها ، والوقوع معها في مستنقعات الفساد والعار ، وفي النهاية يخرج ذلك الشاب من مستنقعه ليغسل ما به من قاذورات ونجاسات بماء التوبة ويعيش حياته من جديد - هذا إن كان له قلب حيّ يخشى عذاب الله – أما أنتِ أيتها المسكينة فستبقين عاراً على نفسك و أهلك ولن يغفر لك المجتمع زلتك ، أو يتجاوز عن جريمتك .. حتى لو غسلتِ قلبكِ بماء التوبة والرجوع إلى الله .. فمن سيغسل جسدك مما أصابه من خراب ودمار ؟؟! أظنكِ فهمتِ ما أرمي إليه فانتبهي قبل فوات الأوان ، وقبل أن تقعي فتندمي .. ولن ينفع ساعتها ندم ولا بكاء ، ولا حزن ولا دموع ...! ( وإن العاقل الذي يتأمل ما وصل إليه حال النساء اليوم ليحترق أسى ، ويذوب حياءً ، ويكتوي لوعةً ، ويلتهب حرقة !.. حق للقلوب المؤمنة أن تتقطع ألماً ، وحان للأعين الصادقة أن تبكي دماً ، فكيف يهنأ المؤمن زاداً ، وكيف يسيغ شراباً ، ويبشّ هانئاً ، وينام قريراً ، وهو يرى ما يمض الأجسام .. ويمزق الأفئدة ، ويبدد القلب ..! لقد حقق هؤلاء النساء أمنية ( أوسكارليفي ) اليهودي عندما قال : { نحن اليهود لسنا إلا سادة العالم ومفسديه .. ومحركي الفتن وجلاّديه } .. إن لليهود باعاً كبيراً في مجال تحطيم الأمم عن طريق المرأة .. ولقد لقيت المرأة المسلمة من التشريع الإسلامي عناية فائقة كفيلة بأن تصون عفتها وتجعلها عزيزة الجانب ، سامية المكان ، وإن الشروط التي فرض عليها في زينتها وملبسها لم تكن إلا لسد ذريعة لفساد ، وهذا ليس تقييداً لحريتها بل حماية لها أن تسقط في درك المهانة ووحل الابتذال ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله حييّ ستّير يحب الحياء والستر ".....) أ.هـ [ من رسالة ( الجمال ) لعائشة القرني ] فالحرب ضدك أختي الحبيبة تدور ، وأنتِ الهدف والغاية .. إن أعداءنا من الغرب يعقدون جلسات مطوّله يصممون فيها لكِ موديلاً جذاباً .. يأخذ العقول ويجذب القلوب إليكِ و يذهب بالأبصار .. أتعلمين لم هذا الموديل ..؟ إنه لعباءتك التي فُرِضَت عليكِ لتسترك وتصرف الأعين عنكِ ولتعيشي عفيفةً نظيفة ...! استدرجوا في خلع حجابك من على رأسك لينتصروا عليكِ ويخرجوكِ من بيتك متبرجة سافرة ، قد خلعتِ الحياء قبل أن تخلعي الجلباب .. ولا حول ولا قوة إلا بالله ! ويبين لنا الشيخ محمد الهبدان – حفظه الله – كيف حدث هذا التدرج بخلع الحجاب في شريطه ( قصة عباءة ) : [ فبدأوا بخطوة العباءة الخفيفة الشفافة واستمروا عليها فترة ليست بالقصيرة .. ثم انتقلوا إلى خطوة أخرى وهي العباءة القصيرة .. حتى إذا مر عليها زمن – وتحركت القلوب المؤمنة – لتظهر العباءة الطويلة .. انزعجوا منها فقالوا : لا ضير .. اجعلوها طويلة ولكن فيها قيطان بأطراف العباءة فقط .. ووقفوا قليلاً عند هذه الخطوة ! لم يجدوا من يعارض ، الكثيرات معجبات ، والإقبال يتزايد !إذاً فلتخرج موضة العباءة على الكتف فهي أيسر للمرأة والدين يسر! وبعدها فُتِحَ الباب على مصراعيه ، و انهدر سيل من البلاء ، تارةً بتشكيلات من القيطان ذات اليمين وذات الشمال ، وتارةً بالكلف العريضة ذات الفصوص اللامعة ، ثم الدانتيل الجميل لتكون اليد أجمل ، ثم المخرمة والمطرزة من الخلف و الأمام ، ثم أخيراً أبواناً مختلفة من التطريز ] . وأضافوا ألواناً مختلفة كالأصفر والأحمر والأخضر والبرتقالي ، ومنهم من صمم عباءة للعروس وعباءة للجامعة ، و للمدرسة والسهرة والطبيبة ... فإنا لله وإنا إليه راجعون ! وإن مما يزيد الطين بلاً .. ويحرق القلب ويدمع العين أن من صممت هذه الموديلات ولهذه الأغراض هي امرأة مسلمة ..! نسأل الله أن يهديها ويردها إليه رداً جميلاً .. لقد تخلت عن دينها وأخلاقها وجمالها ، ونسيت أو تناست أن خمار المرأة يجملها و يزيدها وقاراً و بهاءً .. حتى إذا دخلت الجنة – نسأل الله أن نكون من أهلها – فإنها تتبعل وتتجمل لزوجها بهذا الخمار ! وفي الحديث " ولنصيفها ( خمارها ) على رأسها خير من الدنيا وما فيها" وعند الإمام أحمد – رحمه الله – " ولنصيف امرأة من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها " وعند البزار وابن أبي الدنيا "... ولو أخرجت الحورية نصيفها لكانت الشمس عند حُسنه مثل الفتيلة في الشمس لا ضوء لها ... ". فإذا كان هذا الجمال في الخمار فكيف بجمال من تلبس الخمار ؟ وسبحان الله الذي أتقن كل شي !!... وبمناسبة ذكر الخمار أقول لمن تركت الخمار فضلاً عن النقاب والحجاب : انظري كيف كان الخمار من محاسن الجمال على رأس الحورية في الجنة ، في حين تتعلل الواحدة منكن بأنها لا تلبس الخمار لأنها لا تكون فيه أنيقة ولا تليق فيه ، وأخرى تتعلل بأنها ستلبسه بعد الزواج ، والعجيب أن بعض النساء تلبسه أيضاً لأنها – كما تقول – ترى جمالها وأناقتها وشخصيتها فيه ، وأقول للأخيرة هذه : اجعليها لله فالأعمال بالنيات .أ.هـ [ امتاع السامعين في وصف الحور العين / ص 6-7 ] يقول ابن القيم في وصف عرائس الجنات : ونصيف إحداهن وهو خمارها ليـست له الدنيا من الأثمانِ لله هاتيك الخيام فكم بهـا للقلب من علَقٍ ومن أشجانِ فيهن حور قاصرات الطرف خيـ ـرات حسان هن خير حسانِ خيرات أخلاق حسان أوجهاً فالـحسن والإحسان متفقانِ ؟!.. أبعد هذا تشكِّين في وجوب تغطية الوجه..!؟ سؤال ؟: الفرح والحزن .. تلك المشاعر أين تبدو؟ حديث العيون وفتنتها.. أين يكمن؟ الاهتمام أو اللامبالاة.. كيف نحس بهما ؟ علامات الجمال والملاحة.. مشاعر الحب أو الكراهية. كلها نقرأها في صفحات الوجه.. فهل توافقينني الرأي ...؟ عزيزتي... لو قدمت لك سبع صور (لأيدي نساء)، وطُلب منك أن تحددي المرأة الجميلة من الدميمة من خلال صور أيديهن فقط ! أظنك ستقولين بتعجب: بالتأكيد لن أستطيع تحديد ذلك، فقد تكون اليد جميلة بينما صاحبتها دميمة، فمن الظلم أن أحكم على جمال امرأة من خلال يدها!! أحسنت يا موفقة.... فإنك لو حكمت على جمال امرأة من خلال صورة يدها لخالفك الجميع في ذلك بينما لو قدمت لك سبع صور لوجوه نساء مختلفات، لحددت مباشرة الجميلة من الدميمة دون أن تحتاجي لأن تطلبي رؤية يدها ولا قدمها!.. فالأمر واضح أمامك وسيؤيدك الجميع إلى ما ذهبت إليه.. قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي -رحمه الله-: (( ولا يخفى أن وجه المرأة هو أصل جمالها، ورؤيته من أعظم أسباب الافتتان بها -كما هو معلوم- والجاري على قواعد الشرع الكريم هو تمام المحافظة والابتعاد عن الوقوع فيما لا ينبغي)) -أضواء البيان (6/200)-. أخيتي انتبهي! نعم انتبهي جيدًا...! قفي الآن أمام المرأة وتحسسي وجهك بيديك.. وتأملي تلك النضارة.. تأمليها بعمق.. هل هان عليك أن تلفحه النار؟ فيسقط الجلد وتبقى العظام!... احفظي وجهك في الدنيا من تلك النظرات الحارقة ليحفظه الله من حرقة جهنم.. واستريه عن غير محارمك فإن الفتنة إن لم تكن في الوجه والعينين فأين تكون؟!... نعم ... إن لم تكن في الوجه فأين تكون ... ؟؟ تعرفي على مصدر الفتنه و استريه لا تظهريه ..فان عزنا بإسلامنا و حجابنا .... زعموا السفور و الاختلاط وسيلة *** للمجـد قوم في المجانة أغرقوا كذبوا متى كان التعرض للخـنا *** شيئاً تعز به الشعوب وتسبقُ اللهم احفظنا من التبرج والسفور وثبتنا أمام تيارات الغرب الحاقدة . [ كتاب (كيف تحتسبين الأجر في حياتك اليومية) لـ( هناء الصنيع ) ] قال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْأِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( النور:31) 0 و العباءة المطرزة و الملونة و المخرمة من زينة المرأة التي حرم الله عليها أن تظهرها لغير محارمها المذكورين في الآية السابقة .. بل إن هذا النوع من العباءة يحتاج إلى عباءة تستر الزينة عن أعين الرجال ! أختـاه ... أختــاه ... أختـــاه ... أختاه يا بنت الخليـج تحشمـي *** لا تـرفعي عنكِ الخمار فتندمي هذا الخمار يزيد وجهـك بهجـةً *** و حلاوة العينيـن أن تتحجبي صوني جمـالكِ إن أردتِ كرامةً *** كي لا يصون عليكِ أدنى ضيغمِ لا تعرضي عن هدي ربكِ ساعةً *** عضي عليه مدى الحياة لتغنمي نعم .. لا تعرضي عن هدي الله فيعرض الله عنك ، فتذكري معي قوله تعالى : ( وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً * وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيراً * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى ) الله أكبر أختي الحبيبة !!... هل استغنيت عن رحمة الله حتى في ذلك اليوم العظيم ؟!..وكيف يقبل عليكِ الله برحمته – وهو والله غني عنكِ وعن عبادتك – ثم تعرضين وتشترين الحياة الدنيا بالآخرة ؟... إنه والله خسران مبين . واعلمي أن الله لم يظلمكِ بهذا الحجاب ، بل أنصفكِ ورفعكِ ورفع شأنك بهذا الخمار . ما كان ربكِ جائراً في شرعه *** فاستمسكي بعراه حتى تسلمي ودعي هراء القائلين سفاهة ً *** إن التقدم في السفـور الأعجمِ إن الذين تبـرأوا عن دينهم *** فهـمُ يبيعـون العفاف بدرهمِ حلل التبرج إن أردتِ رخيصةً *** أما العفاف فدونه سفك الدمِ أختـــاه ... أرجـــوك ... لا تمنحي المستشرقين تبسماً *** إلا ابتسامة كاشرٍ متجهّمِ أنا لا أريد بأن أراكِ جهولةً *** إن الجهالة مرة كالعلقمِ فتعلمي وتثقفي و تنوري *** والحق يا أختاه أن تتعلمي لكنني أمسي وأصبح قائلاً *** أختاه يا بنت الخليج تحشمي واعلمي أختاه أنه ما نزعتِ الحجاب .. وتخلت عن الجلباب .. وسارت سافرةً أمام الأجانب إلا امرأةً فقدت الحياء .. وحاشاك أنت تكوني كتلك ! فإنه لا إيمان بلا حياء ، ولا جمال في المرأة بلا حياء ، وما مُدِحَت المرأة إلا بحيائها وعفتها وأدبها ، وكانت مثلاً يضرب به في الحياء .. فقد روي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت:كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدّ حياءً من العذراء في خدرها . ويؤلمني والله أن أكثر الفتيات في زماننا هذا قد فقدن الحياء - أو على أقل تقدير - لم يعد للحياء عندهن شأن .. بل هو رمز ودليل على الساذجات ..! فيا أختي الكريمة ... صوني حياءك صوني العرض لا تهني *** وصابري واصبري لله واحتسبي إن الحيـاء مـن الإيمـان فاتخذي *** منه حليّك يـا أختاه واحتجبي و يـا لـقبح فتـاة لا حيـاء لها *** و إن تحلّت بغالي الماس و الذهبِ إن الحجاب الذي نبغيه مكرمـة *** لكـل حواء ما عابت و لم تعبِ نريد منهـا احتشاماً عفةً أدبـاً *** وهـم يريدون منها قلة الأدبِ ! و إن أردتِ واضطررت للسفر لخارج بلاد المسلمين – المتمسكين بحجابهم – فلا تفرطي في حجابك بزعم أنه غريب على أهل تلك البلاد ، وأنك سوف تجذبين الأبصار إليك !! فإن هذه حيلة شيطانية تسعى لنزع حجابك بأي حال من الأحوال . ودينك - أختي الحبيبة – يدعوك إلى التميّز ، فلعل الله أن يهدي بك وبحجابك قلوباً غافلة جاهلة .. وتذكري أن الحجاب عبادة وليس بعادة ، أمرنا الله بالتعبد به ولا يجوز لأحد الاجتهاد في حكمه بعد حكم الله فيه .. كما أنه لا يمكن الاجتهاد في حكم الصلاة في بلاد الكفار بعد أن حكم الله فيها .. فهل ستستجيبين لمن يقول لكِ اتركي الصلاة في بلاد الكفر لأنك تجذبين الأبصار إليك ؟ لا أظنك ستستجيبين لهذه الدعوى الباطلة والتي لا يقرها دينك .. كذلك الحجاب عبادة مثل الصلاة فكيف حُقَّ لكِ أن تجتهدي فيه وتغيري من حكم الله فيه وأنتِ تقرئين قول الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً ) 0 أختــاه ... يا من نطق فمك بـ ( لا إله إلا الله ) وأيقن قلبكِ بها ، وعملَت جوارحك بمقتضاها .. أكملي دينك بحجابك ولا تنظري لحثالة البشر وأتباعهم ، فما يملون عليكِ إلا ذنوباً وعاراً تتلطخين بها في دنياكِ وأخراكِ ! فتذكري أن باب التوبة مفتوح ما لم يحضركِ الموت ، وتيقني أن الله لن يردكِ خائبة وقد قال : ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) 0 وقبل الختام أودّ أن أذكّركِ أخيتي بشروط الحجاب الشرعي : 1) أن يكون ساتراً لجميع البدن . 2) أن يكون فضفاضاً لا شفافاً ولا معطراً يفوح منه البخور . 3) أن لا يكون به ما يزينه من الفصوص و الكريستالات و القيطان و غيرها مما يجعله كفستان الفرح لو كان لونه أبيض ... ! و لا أقل من ذلك و لا أكثر فيجب خلوّه من الزينة . 4) أن تكون العباءة على الرأس ، لأن العباءة على الكتف فيها تشبه بالرجال ، ولا يجوز للمرأة أن تتشبه بالرجال في جميع الأحوال ، قال صلى الله عليه وسلم : " لعن الله المتشبهات بالرجال " أو كما قال عليه الصلاة والسلام . وقد حرم العلماء عباءة الكتف لما فيها من الفتنة .. ولكونها تشبهاً بالرجال . وكما ذكرت لكِ أختي الحبيبة .. أدركي نفسك قبل فوات الأوان .. وإن هوى بكِ إبليس لمعصيةٍ *** فأهلكيه بالاستغفار ينتحبِ بسجدةٍ لكِ في الأسحار خاشعةً *** سجود معترفٍ لله مقتربِ وخير ما يغسل العاصي مدامعه *** والدمع من تائبٍ أنقى من السحبِ واحتسبي الأجر عند الله كلما أردتِ لبس هذه العباءة ، وتأملي معي ( كم مرة تخرجين في الأسبوع ) ... ؟ ففي كل مرة تلبسين فيها هذه العباءة محتسبة أجرك على الله فسوف تنالين أجراً عظيماً ، وحسنات لا حصر لها سترينها في كتابك ( يَوْمَ يَنْظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ) !... أسأل الله العلي العظيم أن يريني و إياكِ الحق حقاً ويرزقنا إتباعه ، ويرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، وأن يهدي ضال المسلمين ويردنا إليه رداً جميل |
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
زادك الله من فضله:icon_idea:
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
الى من لبست النقاب المتبرج
· فإنني أتألم كثيرا كلما شاهدت فتاة تحمل في قلبها الخير، وتسعى لما فيه عز أمتها وصلاح أخواتها. أتألم كلما رأيتها وقد انساقت وراء موضة النقاب، فأصبحت ترتديه كغيرها دون أدنى تفكير منها بعواقبه أو محاذيره المستقبلية. · قد تقولين: إنني ما ارتديت النقاب إلا لغرض بريء، ويعلم الله أنني لم أسرف ولم أتجاوز. وقد ترتاحين أنت فعلا مع النقاب فترين الطريق وتبصرين البضاعة، لكن ماذا لو تحول لبس النقاب بصوره المختلفة إلى ظاهرة؟ أتستطيعين بعدها. إيقاف موج فتنته الهادر؟! ألم تستمعي- وأنت الملتزمة- إلى القاعدة الفقهية التي تنص على أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح؟ · ربما ترددت زميلتك في لبس النقاب، وحينما رأتك تلبسينه هان عليها أمره، بل ربما قلدتك جارتك ولم تكن نيتها حسنة كنواياك... ألا تتحملين ذنبها؟! ألا تعلمين أن من سن سنة سيئة في الناس فعليه وزرها؟! أيرضيك أن تكوني ممن سن سنة لبس النقاب في مجتمعنا الذي التزمت نساؤه تغطية وجوههن كاملة؟! · سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: بعض!الفتيات تشجع وتحرض قريباتها وزميلاتها على لبس النقاب العصري الذي هو أقرب إلى النافذة الصغيرة منه إلى النقاب الذي كان معروفا؟ فهل تعتبر هذه ممن يسن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة؟ · فأجاب فضيلته: "نعم، إذا كانت تدعو إلى نقاب تكون به الفتنة فإنها تكون ممن سن سنة سيئة عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة". · فأقول: يا معشر المنتقبات والمبرقعات، اتقين الله في الرجال، فكم من فتاة منتقبة أفسدت على بعض الأزواج زوجاتهم!! وكم من فتاة مبرقعة أفسدت على بعض الشباب حياتهم!! وكم من فتاة منتقبة أو مبرقعة أفسدت على بعض الرجال دينهم!! فاحذري يا أختي المنتقبة أن يفسد الله عليك زوجك، أو يفسد عليك حياتك، أو يفسد عليك دينك. وفي هذه الرسالة المتواضعة أحببت إلقاء الضوء على النقاب الذي انتشر بكثرة، وإليك فتاوى علمائنا، وكذلك توجيهات لأولياء أمور المنتقبات والمبرقعات. لم لا يغض الرجال أبصارهم؟ · من أعجب ما سمعت عن لابسات النقاب عندما نصحت إحداهن في السوق وقد أخرجت نصف وجهها من خلال فتحة تسميها نقابا، فنصحت بلبس الخمار الذي يغطي وجهها وترك ما تسميه نقابا؟ قالت: ! لا يغض الرجال أبصارهم؟ وهذا من الحق الذي أريد به باطل، فالواجب على الرجال غض أبصارهم في كل حال، ويجب على المرأة أن تعينهم على ذلك بإخفاء محاسنها عنهم وعدم إبداء شيء من زينتها ومفاتنها، أما أن تتعمد إظهار ذلك بلبس النقاب أو البرقع فهذا مما لا يجوز، كما أن فيه تعاونا على الإثم والعدوان. · وقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما نصيحتك لمن إذا نصحت بترك لبس النقاب لأن عيني المرأة فتنة للرجال قالت: لم لا تغضون أبصاركم عنا؟ · فأجاب فضيلته: "الجواب أن يقال: إن الله تعالى قال في كتابه العزيز: ((وقرن في بيوتكن ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى وأقمن الصلاة وآتين الزكاة وأطعن الله ورسوله إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهير)) الأحزاب: 33، ومن المعلوم أن المرأة محط أنظار الرجال، فإذا خرجت إلى الرجال في حال تؤدي إلى الفتنة فإن الناس سوف ينظرون إليها، وتكون قد عرضت هؤلاء الرجال للفتنة. · لذا قال الله تعالى: (( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن )) الأحزاب: 53، فاحتجاب المرأة عن الرجال طهارة لقلبها ولقلوبهم. وإظهارها لمفاتنها- لا سيما محاسن وجهها- سبب لمرض قلوب الرجال وافتتانهم بها. حكم لبس النقاب وبيعه · لقد تفننت بعض النساء- هداهن الله- بلبس أشكال من النقاب والبرقع لا يشك مسلم فضلا عن عالم بأنها فتنة، وحيث إن هناك من اتخذ بيعها تجارة ومهنة له خاصة النساء؟ فقد سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: · فأجاب فضيلته: "هذه لا تجوز، لأنه قد ظهر الحاجب من فوق العين وجزء من الجبهة أيضا، وهذا لا يجوز؟ لأن النقاب إنما هو بقدر ما ترى المرأة ما وراء الستار، ونصيحتنا لمن يتاجر بها ألا يتاجر بها لأنه حرام ". النقاب العصري مبدأ فتنة · سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: ما نصيحتكم للفتيات اللاتي تركن غطاء الوجه الكامل- الذي عرفت وتميزت به نساء هذه البلاد- ولبسن النقاب العصري؟ · فأجاب فضيلته: "نصيحتي لنساء المسلمين عموما ونساء هذا البلد خصوصا: أن يتقين الله، ويحافظن على الحجاب الساتر للوجه وسائر الجسم؟ عملا بقوله تعالى: ((ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى )) الأحزاب: 33،، وألا يتحولن من الحجاب الكامل إلى الحجاب الناقص أو ما يسمى بالحجاب الخادع، ولا يكن من الكاسيات العاريات المائلات المميلات، اللاتي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنهن من أهل النار، وأنهن لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها. وما يسمى بالنقاب العصري لا شك أنه مبدأ فتنة وشر وتحول مخيف ". نقاب اليوم نوع من السفور · سئل فضيلة الشيخ صالح بن فوزان الفوزان: كثر الحديث حول النقاب ومدى حله أو حرمته، بماذا تنصحني فضيلة الشيخ حول هذا الموضوع؟ · فأجاب فضيلته: "الواجب على المرأة المسلمة التزام الحجاب الساتر لوجهها وسائر بدنها، درءا للفتنة عنها وعن غيرها. والنقاب الذي تعمله كثير من النساء اليوم نوع من السفور، بل هو تدرج إلى ترك الحجاب. فالواجب على المرأة المسلمة أن تبقي على حجابها الشرعي الساتر، وتترك هذا العبث الذي تفعله بعض السفيهات من النساء اللاتي تضايقن من الحجاب الشرعي، فأخذن يتحايلن على التخلص منه ". · أما فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين حفظه الله فبعد أن بين الأصل في النقاب قال: "في وقتنا هذا لا نفتي بجوازه، بل نرى منعه، وذلك لأنه ذريعة إلى التوسع فيما لا يجوز... " إلى أن قال: "ولهذا لم نفت امرأة من النساء لا قريبة ولا بعيدة بجواز النقاب أو البرقع في أوقاتنا هذه، بل نرى أنه يمنع منعا باتا، وأن على المرأة أن تتقي ربها في هذا الأمر، وألا تنتقب؟ لأن ذلك يفتح باب شر لا يمكن إغلاقه فيما بعد". لماذا يمنع النقاب ويفتى بعدم جوازه؟ · سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما دام الأصل في النقاب الإباحة؟ فلماذا يمنع ويفتى بعدم جوازه؟ · فقال فضيلته في إجابة مفصلة نقتطف منها قوله: "... الشيء إذا كان مباحا ويوصل إلى محذور شرعي فإن الحكمة تقتضي منعه، وهذه قاعدة معروفة عند أهل العلم؟ فالشيء المباح: إذا كان وسيلة أو ذريعة إلى شيء محرم صار ممنوعا". أيتها المبرقعة! ضعي فوق البرقع غطاء · سئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: ما حكم البرقع إذا لم يتخذ للزينة وإنما للستر، ومع ذلك يوضع غطاء عليه؟ · فأجاب فضيلته: "البرقع الذي للزينة ولكن تغطي المرأة وجهها لا بأس به؟ لأنه لا يشاهد، فستغطيه غطوة فوقه، لكن البرقع الذي يظهر ولا يغطى لا نفتي بجوازه؟ لأنه فتنة، ولأن النساء لا يقتصرن على هذا... ". · وعلى هذا فيجب منع تلك البراقع التي تتخذ للفتنة باتساعها وأشكالها، ويجب على من اعتدن لبس البرقع من نساء البادية أن يضعن فوقه خمارا يستر أعينهن، كما لا يجوز لهن لبس البراقع الواسعة ولو غطي بخمار شفاف؟ فهو أقرب للحجاب الكاذب منه للخمار الساتر، ويجب على أولياء أمور المبرقعات منعهن منه؟ غيرة عليهن، ومنعا لفتنتهن للرجال. قصص في الغيرة لأولياء المبرقعات والمنتقبات · قال سعد بن عبادة رضي الله عنه: لو رأيت رجلا مع امرأتي لضربته بالسيف غير مصفح، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أتعجبون من غيرة سعد؟ والذي نفسي بيده، لأنا أغير منه، والله أغير مني ". · فما الذي دهى بعض المسلمين؟! يسمحون لنسائهم بكشف وجوههن أو ترقيق الخمار لأسباب تافهة وبحجج واهية ؟! وماذا دهى بعض شبابنا؟ حيث يرضون لنسائهم بلبس البرقع الذي يجمل المرأة ويظهر زينتها، أو النقاب الذي يظهر جمال عينيها، وقد لا يرضى ولكنه لا يمنعها من ذلك؟ فهل زالت الغيرة من قلوبهم على أعراضهم؟! · سئل فضيله الشيخ محمد بن صالح العثيمين: بعض الرجال يسمح لزوجته أو أخته بلبس النقاب، وينكر على من ينصحها بتغطية وجهها كاملا؟ فهل يأثم بذلك؟ وبماذا تنصحونه؟ · فأجاب فصيلته: "نظرا لما اعتاد النساء عندنا من تغطية الوجه كاملا وترك النقاب، ونظرا لما حدث من السماح لهن بالنقاب من التوسع فيه حتى صرن يخرجن الحاجب والوجنة، ويحصل بذلك شر وبلاء، فإننا نرى أن ينظر الإنسان إلى المصالح والمفاسد، ويتجنب ما فيه المفسدة". · الغيرة الغيرة يا معشر الأزواج: · فأرونا معاشر الأزواج الغيرة على نسائكم، وامنعوهن من لبس ما فيه فتنة؟ فأنتم مسئولون عنهن أمام ربكم يوم القيامة، يوم تسألون عن الأمانات هل حفظتموها؟ وعن الرعية هل رعيتموها؟ فماذا أعددتم للسؤال؟ هل يجب على ولي المرأة منعها من لبس النقاب؟ · سئل فضيلة الشيخ عبدالله الجبرين: ما نصيحتكم للرجال الذين يسمحون أو يأمرون نساءهم بلبس النقاب الذي أصبح موضة تتجمل به بعض النساء، وترك غطاء الوجه الكامل؟ · فأجاب فضيلته: "نصيحتنا للذين سمحوا لنسائهم بلبس هذا النقاب أو أمروهن بلبسه أن يتفكروا في أثره عليهن، فإنه مجلبة للشر، وجاذب لهن إلى المعاكسة، وسبب في ميل الرجال إليهن،فعاقبته سيئة، والرجل الغيور لا يرضى لنسائه بكونهن محل ميل الرجال الأجانب (غير المحارم). ومتى رأى أو علم من امرأته المعاكسة أو مخاطبة الرجال اشمأز ونفر من ذلك؟ فكيف يقر أسبابه مثل هذا اللباس الذي هو أقوى سبب لهذه الفتنة؟! ". · وسئل فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين: هل يجب على ولي أمر المرأة أن يمنعها من لبس النقاب، لا سيما وهو يراها مجملة لعينيها وما حولهما، لافتة للأنظار في السيارة وعند الإشارات وفي الأسواق؟ · فأجاب فضيلته: "نعم، يجب على ولي أمر المرأة إذا اتخذت نقابا يلفت النظر أن يمنعها من ذلك؟ لأن الله تعالى يقول: (( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون )) التحريم: 6 ". عليكم بالنصيحة ! · إن المسلم! ليعجب من بعض الرجال الذين تلبس نساؤهم نقابا يظهر نصف وجهها أو ربعه، فإذا نصحه ناصح بأن يأمر زوجته بلبس الخمار الذي يغطي وجهها كاملا أحمر وجهه، وانتفخت أوداجه، وقال: ما دمت معها فلن يضرها ذلك، ولا علاقة لأحد بزوجتي!! · وقد سئل فضيلة الشيخ! صالح بن فوزان الفوزان: بم توجهون الدعاة والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر الذين يواجهون :أعددا كبيرة من المنتقبات في الأسواق والشوارع والحدائق ونحوها؟ · فأجاب فضيلته: "ننصح للمسلمين عموما وللقائمين على أمور الحسبة خصوصا، أن يحذروا النساء من التساهل بالحجاب وما يجر إلى السفور، لما في ذلك من الفتنة والشرور العظيمة على المجتمع، وألا يتبعوا خطوات الشيطان الذي يتدرج بهم إلى الباطل؟ فأولا يأمر بلبس النقاب، ثم يأمر بكشف الوجه كله، ثم لسفور والعري كما فعل بالمجتمعات الأخرى، والله أعلم ". دمعة غدير · كم بكيت لأن فستاني لا يعجب الحاضرات! كم بكيت لأن فريقي المفضل خسر المباراة! كم بكيت لضياع النسخ الأصلية لأشرطة غناء فناني المفضل! كم بكيت لأن تجعيد شعري لم يعجب الحاضرات، كم بكيت وبكيت.. كدت أنتهي وبكائي لا ينتهي، كنت أبكي بحثا عن السعادة، وبينما أنا في دياجير الظلام وصحاري التيه هداني ربي إلى بصيص من النور ساقه إلي عبر شريط إسلامي كان بالنسبة لي نقطة تحول وعلامة بارزة، أسأل الله أن يحرم اليد التي قدمته لي على النار. · بفضل الله عدت وما أجملها من عودة! وبفضله حييت وما أجملها من حياة! وبفضله بكيت وما أجمله من بكاء! بكيت حسرة وندما على الماضي أيام الغفلة والضياع. · دمعه الماضي دمعة، ودمعة الحاضر دمعة، لكن شتان بينهما، دمعة الماضي عذاب وإحباط وحسرة أخشى أن تكون حجة علي في الآخرة، ودمعة الحاضر خشية وسعادة وسمو وأنس أرجو أن تكون سببا في أن يظلني الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله. ويا أسفاه · ويا أسفاه على من عرضن مفاتنهن للرجال في الأسواق وغيرها بحجة الحرية! ووضعن العباءة على الكتف بحجة الأناقة! ولبسن البنطال والثياب المفضحة مسايرة للموضة! ولبسن النقاب الفاتن بحجة ضعف النظر! ولبسن المطرز والمزركش من العباءات والخمر الشفافة بحجة وجودها في الأسواق! واستحسن القيطان في أكمام العباءة بحجة أنه أسود... فإلى الله المشتكى. · حفظ الله نساءنا بحفظه،وأحاطهن برعايته، وسترهن في الدنيا والآخرة، وهداهن للتمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ففيهما الحفظ والعفاف في الدنيا، والسعادة والفوز في الآخرة. وصلى الله وسلم على محمد وعلى آله وصحبه وسلم. |
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
لماذا الخوف من الحجاب
يشكل حجاب المرأة بالنسبة لكثير من الناس معضلة من معضلات العصر الكبرى ، فقد انقسمت الآراء إزاء هذا الموضوع إلى قسمين : قسم معاد للحجاب يعتبره عائقاً في طريق تقدم المرأة وحريتها وإنسانيتها ، وقسم ينظر إليه نظرة شرعية لا مجال لرفضها أو إبداء الرأي فيها. ويرى أنصار الفريق الأول أن الحجاب إنما هو مقرون بفترة زمنية محددة انتهت مع انتهاء عهد الرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة والتابعين من بعده ، إضافة إلى كونه لا يعتبر فرضاً على نساء المسلمين كافة بل هو يختص بنساء النبي عليه الصلاة السلام ، ويقولون أن عدم ارتداء الحجاب ليس من الكبائر التي تُدخل النار ، بل هو من الصغائر اللمم التي يعفو عنها الله سبحانه وتعالى . أما أنصار الفريق الثاني ، فهم أيضاً ينقسمون إلى فئتين : الفئة الأولى أيقنت بما جاء به الإسلام ، والتزمت الحجاب عملاً بقول الله سبحانه وتعالى : { وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضلا ضلالا مبيناً }سورة الأحزاب ، آية 36. أما الفئة الثانية ، وهم المعنيون بهذا المقال ، فهم يترددون في الالتزام بأوامر الله عز وجل ، ويعجزون عن تطبيق أحكامه الشرعية ، والأسباب في ذلك متنوعة ، منها : -1- ضعف الإيمان بالله سبحانه وتعالى ، إذ أن الإيمان لا يكون فقط إيماناً بالقلب بل هو "اعتقاد بالجنان ، ونطق باللسان ، وعمل بالأركان " ، فالمرأة التي تقول عندما تسئل لماذا لا تتحجب؟ " الله بعد ما هداني ، الله يهديني " إنما تجهل معنى الإيمان ومعنى الهداية ، فالهداية لا تكون إلا بعد الأخذ بالأسباب عن طريق اتباع الحق الذي أرشد إليه الله عز وجل عباده في القرآن الكريم والسنة النبوية ، وإصلاح النفس ، عندئذ يحدث التغيير وهداية التوفيق من الله عز وجل القائل : { إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم } سورة الرعد ، آية 11. ومثال على هذا الالتزام ما ذكرته كتب الحديث عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : "يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما أنزل الله { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } شققن مروطهن واختمرن بها" (البخاري ) . فإنهن لم يتباطان بل التزمن بأوامره عز وجل ، مؤمنين بفرضيتها وراجين الأجر والثواب عليها . -2- الجهل بأحكام الدين الإسلامي ، فقد فُرض الحجاب على المؤمنات بقوله عز وجل : { وليضربن بخمرهن على جيوبهن } سورة النور ، الآية 31 . فالخُمر في اللغة جمع خِمار ، وهو غطاء الرأس ، والجيوب : جمع جيب ، وهو فتحة الصدر من القميص ونحوه ، فهذه الآية واضحة في فرضها للحجاب على المرأة المؤمنة ، إلا أن للبيئة العامة المحيطة بالمرأة أثرها البالغ في جهلها بأحكام دينها ، وتتنوع هذه البيئة بين البيت والمدرسة ... كما أن لشهوات النفس الأمارة بالسوء دورها في تنفير المرأة من العلم وترغيبها بالاختلاط والسفور والإباحية في اللباس والتصرفات التي يحرمها الشرع والتي يشكل الالتزام بالحجاب عائقاً في طريقها . -3- ارتباط مفهوم الحجاب بمغالطات فكرية ناجمة عن عادات وتقاليد ومفاهيم خاطئة كثيراً ما تمس بالعقيدة الصحيحة ، وتؤدي إلى الوقوع في المخاوف والهواجس المتعددة ، ومن هذه المغالطات : -أ- أن الحجاب يكون في الكِبر ، وبعد أن تبلغ المرأة سناً معينة ، وتزوج أبناءها ، حينئذ تتفرغ لنفسها فتحج ، وتتحجب وتلتزم عبادة ربها ... وكأنها على علم مسبق بمدة انتهاء الأجل ، أو كأنها على يقين أنها في تلك الفترة ستقدر على عبادة لم تَعْتَدها ، أو أنها ستقوم بما لم تقم به من قبل، وصدق المثل الذي يقول : " من شبَّ على شيء شاب عليه " . -ب- أنّ الحجاب يقف في طريق سعادة الفتاة التي تنتظر الزواج ، فالخاطب يفضل الفتاة السافرة على المحجبة ولو كان ملتزماً في بعض الأحيان ، فهو يأمل أن يحجِّبها بعد الزواج ويكسب بها أجراً !! وهذا الأمر ، وإن كان يحصل في بعض الحالات ، إلا أنه لا يعتبر قاعدة عامة ، وعلى المرأة التي ترغب في الزواج أن تعلم بأن " الطيور على أشكالها تقع " ، وأن عدم التزامها سيجعلها عرضة لنوعية من الخطاب الذين لا يتمتعون بالمستوى الإيماني المطلوب تميّز الخاطب به تنفيذاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه ، إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض ) رواه الترمذي . -ج- أن الحجابَ يمنع المرأة من إيجاد عمل بعد تخرُّجها ، إذ أن كثيراً من المؤسسات ترفض توظيف المرأة المحجبة ، وإذا صادف أن شاءت إحدى الموظفات الالتزام فإن مصيرها قد يكون الطرد. وهذا الأمر ، وإن كان يحصل في بعض المؤسسات ، وعند بعض الأشخاص الذين يسعون وراء المغريات التي تقدمها العاملة لديهم ، إلا أن على المسلمة التي ترغب في الالتزام بالحجاب أن تتأكد أن الحجاب لا يمكن أن يكون عائقاً أمام طلب الرزق ، فكم من فتيات غير محجبات لا يجدن عملاً ؟ والتأخير في إيجاد العمل إنما هو من قضاء الله ، وابتلاء من الله عز وجل لمعرفة صدق اليقين عند المرأة ، وحينئذ لا بد أن يكون هذا العمل عند الشخص المناسب وفي المكان المناسب ، فالشخص الذي يختار المرأة المحجَّبة لتعمل عنده ، فهو إنما يبحث عن الكفاءة كما أنه يؤمن بالطريق الذي اختارته تلك الفتاة كمنهج لحياتها. -د- إن فكرة الالتزام بالحجاب تصطدم في بعض الأحيان مع هواجس ومخاوف متنوعة ، فبعض النساء يخفن من مواجهة أهلهن بهذه الرغبة ، لعلمهن المسبق برفض الأهل لهذه الخطوة ، أو لخوفهن من مواجهة محيطهن الخارجي الذي يستهزئ بالحجاب ومن يرتديه ويعتبره ظاهرة غير حضارية ، وهو دليل تخلف وتراجع، وإلى هذه المرأة نقول : تذكري أختي المؤمنة قول رسول لله صلى الله عليه وسلم : ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ) ، رواه الترمذي ، وتذكري أن عدم التزامك تحت هذه الحُجة لن يرفع عنك الإثم لقول الله عز وجل : { كل نفس بما كسبت رهينة } سورة المدثر ، آية 38. فبادري إلى الالتزام بأوامر الله عز وجل وأحسني التوكل عليه فهو القائل : { فإذا عزمت فتوكل على الله } سورة آل عمران ، آية 159. وهو القائل : { ومن يتوكل على الله فهو حسبه} سورة الطلاق ، آية 3 ، فلا بد أن يمدك بالعون في مهمتك ، لأن قلوب البشر بين يديه ، فهو القادر على تحويل الرفض إلى قبول ، وتحويل المعصية إلى طاعة . أما المستهزئين ممن حولك فتذكري قول الله عز وجل فيهم : { ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة } سورة البقرة ، آية 212. -هـ- أن الحجاب يفقد المرأة الأناقة التي تحرص عليها كثير من النساء ، فهن يعتبرن أن الحجاب يفقدهن جمالهن ويجعلهن يظهرنن أكبر من سنهن الحقيقي ، وإلى هؤلاء نقول كما قال تعالى :{ قل إن الموت الذي تفرون منه فإنه ملاقيكم } سورة الجمعة ، آية 8. وصدق الشاعر الذي يقول : " وزائرة للشيب لاحت بمفرقي *** فبادرتها خوفاً من الحتف بالنتف فقالت : على ضعفي استطعت ووحدتي *** رويدك حتى يلحق الجيش من خلفي" ونقول أيضاً : إن الإسلام لم يمنع الزينة والتبرج عن المرأة بشكل كلي ، بل هو خصهما بالزوج، ومنعهما عن أعين المتطفلين العابثين ، الذين يسعون إلى الفتنة والفساد في الأرض ، ولا أخال امرأة عاقلة تسعى إلى كسب اهتمام مثل هؤلاء الأشخاص. وختاماً فإن أسباب عدم الالتزام بالحجاب متنوعة ومتعددة ، وهي تختلف من امرأة إلى أخرى ، تبعاً لنفسية وظروف كل واحدة ، وإن كانت في أغلب الأحيان ناتجة عن اتباع الهوى الذي نهى الله سبحانه وتعالى عنه بقوله : { وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى * فإن الجنة هي المأوى } سورة النازعات ، الآيتان 40،41 . |
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
الحجاب الشرعي وحجاب النفاق
لشيخ صالح الفوزان حفظه الله الحمد لله رب العالمين وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وبعد: يجب أن يكون لباس المرأة المسلمة ضافيا: يستر جميع جسمها عن الرجال الذين ليسوا محارمها. ولا تكشف لمحارمها إلا ما جرت العادة بكشفه من وجهها وخفيها وقدميها. وأن يكون ساترا لما وراءه فلا يكون شفافا يرى من ورائه لون بشرتها. وألا يكون ضيقا يبين حجم أعضائها..في صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : « صنفان من أهل النار لم أرهما: نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات ، ورؤوسهن مثل أسنمة البخت، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، ورجال معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها عباد الله » قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( وقد فسر قوله صلى الله عليه وسلم : « كاسيات عاريات » بأن تكتسي ما لا يسترها. فهي كاسية وهي في الحقيقة عارية. مثل من تكتسي الثوب الرقيق يصف بشرتها أو الثوب الضيق الذي يبدي تقاطيع خلقها، وإنما كسوة المرأة ما يسترها فلا يبدي جسمها ولا حجم أعضائها لكونه كثيفا واسعا ) ، انتهى وألا تتشبه بالرجال في لباسها ، فقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم المتشبهان من النساء بالرجال ، ولعن المترجلات من النساء. وتشبهها بالرجل في لباسه أن تلبس ما يختص به نوعا وصفة في عرف كل مجتمع بحسبه. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في مجموع الفتاوى : ( فالفارق بين لباس الرجال والنساء يعود إلى ما يصلح للرجال وما يصلح للنساء. وهو ما يناسب ما يؤمر به الرجال وما تؤمر به النساء. فالنساء مأمورات بالاستتار والاحتجاب دون التبرج والظهور ، ولهذا لم يشرع للمرأة رفع الصوت في الأذان، ولا التلبية، ولا الصعود إلى الصفا والمروة، ولا التجرد في الإحرام كما يتجرد الرجل. فإن الرجل مأمور بكشف رأسه وألا يلبس الثياب المعتادة، وهي التي تصنع على قدر أعضائه فلا يلبس القميص، ولا السراويل، ولا الخف. إلى أن قال: وأما المرأة فإنها لم تنه عن شيء من اللباس لأنها مأمورة بالاستتار والاحتجاب، فلا يشرع لها ضد ذلك. لكن منعت أن تنتقب وأن تلبس القفازين، لأن ذلك لباس مصنوع على قدر العضو ولا حاجة بها إليه. ثم ذكر أن تغطي وجهها بغيرهما عن الرجال. إلى أن قال في النهاية: وإذا تبين أنه لا بد من أن يكون بين لباس الرجال عن النساء، وأن يكون لباس النساء فيه الاستتار والاحتجاب ما يحصل مقصود ذلك ظهر أصل هذا الباب وتبين أن اللباس إذا كان غالبه لبس الرجال نهيت عنه المرأة إلى أن قال: فإذا اجتمع في اللباس قلة الستر والمشابهة نهي من الوجهين. والله أعلم ) . انتهى وألا يكون فيه زينة تلفت الأنظار عند خروجها من المنزل: لئلا تكون من المتبرجات بالزينة. والحجاب معناه أن تستر المرأة جميع بدنها عن الرجال الذين ليسوا من محارمها كما قال تعالى : { ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن.. } [النور:31] وقال تعالى : { وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب } [الأحزاب:53] والمراد بالحجاب ما يستر المرأة من جدار أو باب أو لباس ، لفظ الآية وإن كان واردا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فإن حكمه عام لجميع المؤمنات، لأنه علل ذلك بقوله تعالى : { ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن } [الأحزاب: 53]، وهذه علة ، فعموم علته دليل على عموم حكمه ، وقال تعالى : { يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن } [الأحزاب:59] قال شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في مجموع الفتاوى : ( والجلباب هو الملاءة، وهو الذي يسميه ابن مسعود وغيره الرداء وتسميه العامة الإزار. وهو الإزار الكبير الذي يغطي رأسها فلا تظهر إلا عينها ومن جنسه النقاب ) . انتهى ومن أدلة السنة النبوية على وجوب تغطية المرأة وجهها عن غير محارمها حديث عائشة- رضي الله عنها- قالت : « كان الركبان يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات فإذا حاذوا بنا سدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزنا كشفناه » [رواه أحمد، وأبو داود، وابن ماجه]. وأدلة وجوب ستر وجه المرأة عن غير محارمها من الكتاب والسنة كثيرة، وإني أحيلك أيتها الأخت المسلمة في ذلك على: - رسالة الحجاب واللباس في الصلاة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله. - ورسالة الحجاب للشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله. - ورسالة الصارم المشهور على المفتونين بالسفور للشيخ حمد بن عبد الله التويجري. - ورسالة الحجاب للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله. فقد تضمنت هذه الرسائل ما يكفي. واعلمي أيتها الأخت المسلمة أن الذين أباحوا لك كشف الوجه من العلماء- مع كون قولهم مرجوحا- قيدوه بالأمن من الفتنة. والفتنة غير مأمونة خصوصا في هذا الزمان الذي قل فيه الوازع الديني في الرجال والنساء، وقل الحياء، وكثر فيه دعاة الفتنة، وتفننت النساء بوضع أنواع الزينة على وجوههن مما يدعو إلى الفتنة، فاحذري من ذلك أيتها المسلمة، والزمي الحجاب الواقي من الفتنة بإذن الله. ولا أحد من علماء المسلمين المعتبرين قديما وحديثا يبيح لهؤلاء المفتونات ما وقعن فيه. ومن النساء المسلمات من يستعملن النفاق في الحجاب فإذا كن في مجتمع يلتزم الحجاب احتجبن، وإذا كن في مجتمع لا يلتزم بالحجاب لم يحتجبن. ومنهن من تحتجب إذا كانت في مكان عام وإذا دخلت محلا تجاريا، أو مستشفى، أو كانت تكلم أحد صاغة الحلي، أو أحد خياطي الملابس النسائية كشفت وجهها وذراعيها كأنها عند زوجها أو أحد من محارمها. فاتقين الله يا من تفعلن ذلك. ولقد شاهدنا بعض النساء القادمات في الطائرات من الخارج لا يحتجبن إلا عند هبوط الطائرة في أحد مطارات هذه البلاد، وكأن الحجاب صار من العادات لا من المشروعات الدينية. أيتها المسلمة: إن الحجاب يصونك ويحفظك من النظرات المسمومة الصادرة من مرضى القلوب وكلاب البشر، ويقطع عنك الأطماع المسعورة، فالزميه، وتمسكي به، ولا تلتفتي للدعايات المغرضة التي تحارب الحجاب أو تقلل من شأنه، فإنها تريد لك الشر كما قال الله تعالى : { ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما } [النساء:27]. وإذا خرجت المرأة إلى المسجد للصلاة فلا بد من مراعاة الآداب: تكون متسترة بالثياب والحجاب الكامل: قالت عائشة- رضي الله عنها-: « كان النساء يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ينصرفن متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس » [متفق عليه] وأن تخرج غير متطيبة: لقوله صلى الله عليه وسلم : « لا تمنعوا إماء الله، مساجد الله وليخرجن تفلات » [رواه احمد، وأبو داود]. معنى « تفلات » : أي غير متطيبات. وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهدن معنا العشاء الآخرة » [رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي]. وألا تخرج متزينة بالثياب والحلي: قالت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها : « لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى النساء ما رأينا لمنعهن من المسجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها » [متفق عليه] وإن كانت المرأة واحدة صفت وحدها خلف الرجال لحديث أنس رضي الله عنه حين صلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « قمت أنا واليتيم وراءه وقامت العجوز من ورائنا » [رواه الجماعة إلا ابن ماجة] وعنه: «صليت أنا واليتيم في بيتنا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأمي خلفنا -أم سليم- » [رواه البخاري]. وإن كان الحضور من النساء أكثر من واحدة فإنهن يقمن صفا أو صفوفا خلف الرجال، لأنه صلى الله عليه وسلم « كان يجعل الرجال قدام الغلمان، والغلمان خلفهم، والنساء خلف الغلمان » [رواه احمد] وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها » [رواه الجماعة إلا البخاري]. ففي الحديثين دليل على أن النساء يكن صفوفا خلف الرجال، ولا يصلين متفرقات إذا صلين خلف الرحال، سواء كانت صلاة فريضة أو صلاة تراويح أو كسوف أو صلاة عيد أو صلاة جنازة. وإذا سها الإمام في الصلاة فإن المرأة تنبه بالتصفيق ببطن كفها على الأخرى ولقوله صلى الله عليه وسلم : « إذا نابكم شيء في صلاتكم فليسبح الرجال ولتصفق النساء » وهذا إذن إباحة لهن في التصفيق في الصلاة عند نائبة تنوب ومنها سهو الإمام. وذلك، لأن صوت المرأة فيه فتنة للرجال فأمرت بالتصفيق ولا تتكلم. وإذا سلم الإمام بادرت النساء بالخروج من المسجد، وبقي الرجال جالسين: لئلا يدركوا من انصرف منهن لما روت أم سلمة قالت « إن النساء كن إذا سلمن من المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن صلى من الرجال ما شاء الله. فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال » . قال الإمام النووي- رحمه الله- في المجموع: "ويخالف النساء الرجال في صلاة الجماعة في أشياء: أحدها: لا تتأكد في حقهن كتأكدها في الرجال. الثاني: تقف إمامتهن وسطتهن. الثالث: تقف واحدتهن خلف الرجل لا بجنبه بخلاف الرجل. الرابع: إذا صلين صفوفا مع الرجال، فآخر صفوفهن أفضل من أولها". انتهى. ومما سبق يعلم تحريم الاختلاط بين الرجال والنساء. وإذا كان الاختلاط ممنوعا في موضع العبادة فغيره من باب أولى. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. |
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
الله لا يحرمني منك يا اختي بارك الله فيك رح اقرا الموضوع بانتباه و ان شا الله رح اكون قد المهمة يا رب
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
جزاكى الله كل خير وجعلة فى ميزان حسناتك
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
ام حبيبة جزاكي الله خيرا
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
بارك الله فيك و جعله الله في ميزان حسناتك
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
عائشة تسلمي حبيبتي
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
تسلمووووو
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
جزاكى الله كل خير
|
رد: الادلة القاطعة لفرضية ستر الوجه
0000000000000
|
| الساعة الآن توقيت السعودية الرياض و الدمام و القصيم و جدة 02:57 AM. |
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025,
vBulletin Optimisation provided by
vB Optimise (Pro) -
vBulletin Mods & Addons Copyright © 2025 DragonByte Technologies Ltd.