ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ

ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ (https://fashion.azyya.com/index.php)
-   منتدى اسلامي (https://fashion.azyya.com/56)
-   -   سلسلة رحلتي إلى النور طالبة الحق (https://fashion.azyya.com/197659.html)

أسلامى حياتى 12-06-2010 02:38 PM

رد: سلسلة رحلتي إلى النور طالبة الحق
 
محمد ؟؟؟؟

يا جدتي محمد ؟؟؟؟

يا الله !!!
يا الله !!!

...

كيف ؟؟
...
متى ؟؟
...
أين ؟؟
...

هكذا دون مقدمات ,,

هكذا هو موت الفجأة ,,

هكذا هي أقدار الله ,,

هكذا هو قضاء الله ,,

هذه هي سنة الحياة ,,

لا استشارة عند الموت ,,

الكل كان يظن أنه الابن الصغير في بداية الأمر ,, كيف لا وهو المريض ,,

فيقدر الله بحكمته أن يحيى المريض و يتوفى المعافى ,,

توفي محمد ,, ابن خالي الكبير ,, قرة عيني والديه ,,

محمد الذي يبلغ من العمر 18 سنة ,,

محمد الذي كان يدرس نهارا و ينظف المكاتب ليلا ليجهز توأمه للزواج كما يحب هو ,,

محمد الذي اذا كلم عماته من خلال الكاميرا (عبر النات ) لا يقدر على رفع رأسه من الطاولة حياء ,,

محمد الذي وعد الجميع ,, وقال انتظروني ,, اني آتيكم هذا الصيف اٍن شاء الله لأعرف أحبة حرمتني منهم الدنيا ,,

محمد الذي يسر الله له بفضله و منه أن يعتمر وهو صغير ,,

محمد قرة عيني أبيه ,,

كيف لا , وهو الرفيق , و هو الصديق , وهو الاخ و الابن ,,

كيف لا و اٍذا رأيتهما تظن أنهما اٍخوة و ليسا أبا و اٍبنا ,,

كيف لا , وهو الذي كان دونا عن أخته الوحيدة , ودونا عن الطفل الصغير المدل , يأتي أبوه ليقبله ليليا قبل النوم ,,

كيف لا وهو الذي دائما يصر على أبيه و أحيانا يوقضه من نومه ليذكره : ألست من تقول لي دائما علينا بالرياضة و ,, هيا نطلق لنجري ,, هيا نطلق لنتسابق ,, و كان يذكر أباه اذا حدث اخوته عنهما أنه دائما الاسبق في الجري ,, كان يلاعب أباه و يلاعبه ,

كيف لا و كان مؤنسه في غربة شديدة الظلام ,, حيث لا صحبة صالحة و لا عيشة هنيئة ,,
و لكن ,,

هل هذا يمنع أن يأخذ الله منه صفيه ؟

بل هذه هي قمة المعركة مع الدنيا ,, أتراه الثبات أم الخذلان والعياذ بالله ,,

اليوم يمحصك الله يا خالي اٍن شاء الله ,, اليوم لعلك تسطر مصيرك الأخروي ,, و الله أعلم ,

اليوم يزداد البلاء مع اِزدياد الايمان ان شاء الله ,, و لتثبيه باٍذن الله ,,

لا أزكيك يا خالي ,, و لا أزكي ابنك و لا أهلك جميعا ,, أحسبكم على خير و الله حسيبكم ,, و كفى بالله عليما بأحوال خلقه و قلوبهم ,,


...


كان ليلتها يلاعب أخاه و أخته و يشاكسهما ,

ثم ناموا كما ناموا من قبل ,, فمنهم من ردّ الله عليه روحه و منهم من أبقاها ,,

في ساعة لعلها من ساعات اليل ,, تحس مريم بالاختناق ,, تحس بضيق ,, تسارع اٍلى أخيها التوأم ,,

سبحان الله ,,

فتجده يشخر شخيرا غير عاديا ,, و كان حينها في سكرات الموت ,,

تنادي أمها و تسارع هاته الأخيرة اٍلى حبيب قلبها ,, اٍلى من حملت و أنجبت و أرضعت فربت ,, فأطعمت وسقت بفضل الله وحده ,, اٍلى من بكى و شكى اٍليها ,, اٍلى من داعبها ,, اٍلى من عانقها ,, اٍلى ,,

اليوم ينتهي العمل ,, و تبقى رحمة ربك ,,


تحمله بين أحضانها و تنادي :
"محمد , محمد يا بني رد علي " ,, هكذا كانت تناديه و قد بدأت تفيض روحه اٍلى خالقها ,,

تنادي و قلبها و عقلها لا يكادان يصدقان ما قد ج اء بالحق ,,

"وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد"

تنادي زوجها و تقول " يا فلان , يا فلان , ابني .. ابني .."

فيرد و قد ذهلتُ فيما بعد لما علمت بما رد ,,

...

يقول لها : " كبري ,, كبري و احمدي الله "

تقول كلماته كانت و كأنها صفعة على الوجه لأفيق ,, لأعرف أن اِبني يموت ,

أخذوه على السيارة لنقله للاسعاف ,, و لكن ,, اٍسعاف من يا هذا ,,

قد جاءه الضيف الذي لا يُرد مخذولا أبدا ,,

قد جاءه ملك الموت ,,

اٍسعاف من يا هذا ,,

تقول لم أجد ما أفعل في تلك الحظات غير أني سارعت اٍلى الشباك و فتحته و تضرعت الى الله " اللهم ارحمن ي"

فاضت روحه الى خالقها ,,

اِنتهى عملك يا محمد ,,

اِنتهى سعيك في هذه الدنيا ,,

كما سينتهي سعي و سعي الجميع ,,

رحمك الله يا محمد ,, رحمك الله يا محمد ,

أسلامى حياتى 12-06-2010 02:40 PM

رد: سلسلة رحلتي إلى النور طالبة الحق
 
اليوم المصيبة ليست واحدة ,,

أحسست أن البلدة كلها اهتزت ,,

لحسن سيرة خالي و لحبهم له و قد كان من يصل رحمه حتى وهو في الغربة , و لعظم مصيبته ,

اليوم مصيبة الموت على أهله و علينا ,

اليوم مصيبة فقدانه الأبدي في الدنيا ,, بعد اِنتظار طويل ,

اليوم مصيبة الأهل الذين ...

...

مصيبة الأهل الذين يفكرون في اٍرسال ميتهم ليُدفن في بلدهم المسلم ,, بلد الأهل ,, بلد عسى يكون لهم فيه مستقر الدنيا في يوم ما ,

هكذا كان اِقترح خالي الذي في بلدنا على أخيه المغترب ,, فكّر ,, ثم قر أن يرسله بمشيئة الله ,,

يا الله ,, يا الله كم قوّاك الله يا خالي لتقر ذلك القرار ,,


...


بعد ساعات من الحادثة ,, أكّلم مريم ,, محاولة أن أصبّرها ,, و لكن من التي تتكلم ,, عسى الله أن يرحمنا برحمته ,,

" مريم حبيبتي ,, صبركم الله ,, ثبتكم الله ,, الحمد لله ,, اصبروا "

كنت أكلمها و لا أعرف كيف أكلمها ,, و لكن لعلي كنت أحاول أن أسيطر على حزني الشديد في ذلك الوقت و أن أثبتها قليلا ,,

فوجئت بها الا و تقول :" الحمد لله , الحمد لله , فقط ترحموا عليه ,, فقط ترحموا عليه ,, الحمد لله , ثابتون باٍذن الله , ثابتون باٍذن الله "

"اٍن شاء الله غاليتي ,اٍن شاء الله ,, صبركم الله"

فوجئت أنها ليست في حالة انهيار ,, فوجئت أنها قدرت على أن تكلمني ,, فوجئت أنها تتكلم و الحزن يملأ كلامها و لكن الثبات قد غلب عليه و الله أعلم ,

يا الله ,, هذا توأمها ,, هذا أخوها الذي عاش معها السراء و الضراء ,,

لكن ,, لكن رحمة ربك فوق كل شيئ ,, فاٍنّ من أنزل البلاء ينزل الصبر و ينزل الثبات ,, و ماذلك علىّاللهبعزيز.

تزاحم المُعزّون ,, و دخل أهل زوجة خالي حيث يقطنون بلدة غير بلدتنا ,, و الكل بدأ يعزي بعضه ,,

دار عزاء ,, معزون ,, باكون ,, و الميت و لا أهله موجودون ,,

الحمد لله على كل حال ,,


...



أما هناك فقد التف أهل الغربة من الجيران و الأصحاب على أهل خالي يواسونهم و يصبرونهم ,, كيف لا و قد كانوا يسعدون في أعراسهم و أفراحهم معا,, فاليوم يتعاونون على الثبات ,, و على التذكير بالله ,,



*****



بدأت اٍجراءات سفر الميت وبدأت الاتصالات من هنا و هنالك ,,

أما عن أهل الغربة فقد سارعت زوجة خالي اٍلى القنصلية تاركة صفيها المتوفى في المستشفى حتى أنها لم تره من بعد ما اخذوه من أحضانها , و تحاول بشتى الطرق أن تسافر معه ,,

لم يهتموا لشيئ ,, المهم تسافر مع اِبنها ,, المهم ترى اِبنها وتودعه قبل أم يدفن ,, المهم تجد أهلا يصبرونها ,, ضاقت عليها الدنيا بما رحبت ,,

و أما عن الاهل هنا ,, في البلدة ,, فالكل مرتبك ,, أحاسيس متضاربة على الاخر ,, حزن ,, "فرح" ,, شوق ,, مصائب قد التفت حولنا فلا تجد على أيها تصبر ,, الا ,, الا أن هنالك أمل في رؤيته قبل موته ,,

المعزون لما سمعوا بخبر قدومه ,, لعلهم أصروا على البقاء حتى يرونه ,,

مرت الساعات ,, و الاتصالات بين خالي الحبيب و اخوته لا تتوقف ,,

تهيأ الشاب المتوفى للسفر ,, نعم تهيأ ,, هيؤوه بأبهى الحلل ,, اليوم يومك يا محمد ,, اليوم تسافر اٍلى البدة التي تحب و تشتاق ,, اليوم ترى أهلك ,, اليوم تكلم زملائك عن وطنك و لا يحدثونك هم عنه ,, اليوم الموعود يا محمد ,, اليوم الموعود ,, " أليس هذا هو اليوم الذي تنتظر من سنين ؟؟ "


و بعد محاولات ,, يا حسرتاه على أم اختارت أن لا تذهب اٍلى اِبنها في المستشفى لتودعه و تحاول هنا و هنالك للسفر معه ,, ثم ,, ثم ,,

ثم يقدر الله أن لا تنال لا هذا و لا ذاك ,, كان ألم لا يعلمه اٍلا من ذاقه ,, اِنتهى ,, كتب الله لك غاليتي أن يكون آخر عهدك باِبنك بين أحضانك ,,


...



قرب العصر و الكل ينتظر ,,

الكل على أحر من الجمر ,,

اليوم يصل محمد اِبن خالي بعد خمسة عشر سنة ,,

و الله ما بقي من الوقت لرؤيته لكأنه أطول مما مضى ,,

لا أنسى تلك الساعات و الدقائق و الحظات الاخيرة كم كانت صعبة ,,

القلوب مشتاقة ,, و كأنه هنالك أمل أننا سنراه ثم سيبقى بيننا ,,

كيف سنتركه يذهب ,, لقد اِفتقدناه و اشتقنا اٍليه خمسة عشر سنة ,,

اليوم يعود الى أهله , اٍلى جدّاته , الى أعمامه و عمّاته , اٍلى أخواله و خالاته , الى أهل البلدة و الجيران و الصحبة التي لم تنس ذلك الشخص ,, ينتظرون رؤية اِبنه عساه يخبرهم عن حال ابيه ,, لكن اين هو من الكلام الآن,,


...


الدموع تجري و ناس تصبر هنا و ناس تصبر هنالك ,,

كنا نسعى اٍلى تنفيذ ما أراد خالي في كل شيئ ,, كان يوصينا بالهاتف ,, لا تفعلوا كذا ,, اِفعلوا كذا ,, قبره هكذا ...اٍلخ . كان يحاول اِجتناب بعض البدع التي أصبحت عادة و لاحول و لا قوة اٍلا بالله ,

الكل يحاول الثبات ,, منهم من علم أمر الله و يحاول القول سمعنا و أطعنا ,, و منهم تلبية لرغبة خالي ,,

قرُب الوقت ,, و دقّات القلوب بدأت تتسارع ,, لا أتذكر نفسي اٍلا و كنت في حالة اِرتجاف شديدة ,, لا أكاد أقوى على الوقوف ,, جمدت الدموع لبعض الوقت ,,

" أتحبون محمد ,, أتحبون محمد ؟؟؟ اثبتوا ,, لا تصيحوا ,, خالي يوصيكم ,, ارجوك يا فلانة ,, ارجوك يا فلانة ..."

كانت هذه بعض الكلمات التي كنت أرددها و أنا في حالة الارتجاف ,,

اِصطف الجميع وكأنه هنالك عريس سيدخل ,, أو أمير متوج ,,

أحسست قلبي ازدادت نبضاته عن العادة حتى يكاد يخرج من صدري ,,

حالة ارتجاف شديدة ,, لم أعد أحتمل ,,

لا أسمع الى أصوات رجال ,, و صلوا !! وصلوا !!

كاد قلبي أن يقف لولا رحمة ربي بي ..

نظرنا فرأينا خالتي قد دخلت باكية بشدة ,, دخلت و معها بعض أبنائها ,,

قد كانوا هم من ذهبوا لاستقبال الميت من المطار لكونهم يقطنون بالعاصمة ,,

سلم البعض على خالتي و عزّاها ,,

انتظرنا بعض الحظات ,, و سمعنا السيارة قد وقفت ,,

لم أعد أحتمل ,, بدأت بالبكاء ,, و الارتجاف يزدادا ,,

وجدت أخت زوجة خالي التي أحب جدا ,, وهي تقول لي " ألست من كنت تصبريننا الآن و تثبتيننا " ,,

أمسكت بيدي بقوة تثبتني و قد كنا أول من بالباب الداخلي للمنزل ,,

ترى بعضهم يصبّر بعض ,,

الكل يربط على قلب أخيه ,,

الكل يتهامس ,,

قد حان الوقت ,,

الآن نرى الغائب ,,

مابك يا نفسي ,,

أليس هذا حلم حياتك الأكبر ,,

أليس هذا ما تتمني ,,

ألست كنت تحملين بهذا اليوم منذ طفولتك ,,

الأحبة يصلون اليوم يا نفسي ,,

سترينهم اٍن شاء الله ,,

مابك يا نفسُ لا أراك سعيدة ,,

أحساسي لا يُعبّر عنها ,,

اختلطت الاحاسيس و اضطربت ,,

أصبحت أحس من نوع من الخوف الشديد ,, لا أعرف من ماذا ,,

أحسست بنوع من الدوار ليس لشيئ الا لأن أمل سنوات طوال صعُب تحقيقه ,, و اليوم في ساعات يتحقق ,, لا أنفُس مُهدت لهذا القاء و لا قلوب تجهزت ,,

أحسست في لحظات و كأني بين عالم الدنيا و الآخرة ,,

فعلا ,, كان ذلك هو الاحساس ,,


...


قدم موكب الميت ,,

و يا الله على هذا الموقف ,,

دخلوا وكان النعش فوق الأكتاف ,,

يا الله ,, دخلت يا محمد لمنزل حلمت كثيرا بالدخول اٍليه ,,

لكن الدخول غير الدخول ,,

الحمد لله رب العالمين ,, رب حليم كريم ,,

سارع الرجال بوضع النعش بالداخل ,, على كنبة كانت قد هُيئت له ,

تسارعت القلوب الى ابن الاخ , ابن الاخت , ابن الابن , ابن الابنة , ابن الصديق , ابن الجار , ابن القريب ,, اٍلخ ,

للأسف دخل الحابل و النابل قبل أن يدخل بعض الأقارب ,,

كان للغرفة بابان بحيث دخل حتى من يعرف خالي من بعيد لرؤية الميت ,

تنظر فيصعب عليك التميز بين دموع رجل و امراة ,,

الكل يبكي بكاء مريرا,,

أثبتُ الناس في ذلك الموقف لا يقدر على تمالك نفسه أمام ما رأى ,,

الحمد لله الحليم الكريم ,,

الكل يريد الدخول ,,

و الرجال يحرسون الباب و يقولون ,, سارعوا و اٍلا سنأخذه ,, سيؤذن العصر قريبا ,,

يا الله ,, رحماك يا أرحم الراحمين ,,

تفطر قلبي و تمزق أشلاء مما سمعت ,,

انتهى القاء ؟؟؟؟

اٍنتهت الزيارة ؟؟؟؟

متى قدم حتى تأخذوه ؟؟؟؟


...


كلمات يقولها الرجال في ذلك الوقت ويكررونها كأنها السكين التي تمر على أعناقنا فلا تقطعه فيعيدون التمرير ,,

يا الله ,, اللهم ارحم ضعفنا ,, اللهم ارحم ضعفنا ,,


...

أسلامى حياتى 12-06-2010 02:41 PM

رد: سلسلة رحلتي إلى النور طالبة الحق
 
لم أر اٍلا أمي تتوسل زوج أختها أن يدخلها اٍليه ,, و أدخلها بعد اٍلحاح ,,

اِختلط الزوار عليه حتى لا تعرف من رآه ممن لم يره ,,

لم أحاول التقدم كثيرا ,,

رأيت ابن عم أمي ينظر اٍلي بشفقة و قال لي أدخلي سريعا و انظري اليه ,,

فتح لي الباب فدخلت ,,

كنت قبل أن يأتي الميت أجول بين الأقارب و أقول " رجاء , رجاء ,, اذا دخلتم اليه عليكم بالدعاء ,, عليكم بالدعاء ,, ان الملائكة تحاذيه و تؤمن على أدعيتكم ,, ادعو حتى لانفسكم "

آآآآآآه و من الموصي ؟؟

دخلت بيت الجلوس حيث كان موجودا و كان المكان مزدحما جدا ,,

دخول من هنا و هنالك ,, تسمع أصوات باكية و أصوات الرجال الذين يريدون الاسراع في الخروج بالميت للصلاة عليه ,

توجهت اٍلى النعش ,, نظرت اٍلى وجه الميت ,, ( سامح الله من أفتاني بجواز ذلك - مع العلم أني علمت أن الأصل في ذلك أن تغضّ المرأة بصرها عن الميت كما تغضه عن الحي... و الله أعلم )


و يا الله ,, يا الله ,,

فقر في الزاد و فيضان في الاحساس و موقف تتجمد التعابير أمامه ,,

و الله رأيت منظرا لم أره من قبل , و أحسست بشيئ لا أظني أحسست به من قبل ,,

لا تراني الا انطق "بسم الله , بسم الله بسم الله , بسم الله .... "

و ربي أني لا أزكي أحدا على الله ,, انما كان هذا ما أحسست ... و الله أعلم ,

كانت أول مرة في حياتي أرى ميتا مباشرة ,,

كان وجهه مصفرا ,,, كانت سماته أقرب ما تكون اٍلى الابتسام ,, لا أعرف كيف أصف ,, فعلا لا أعرف ,,

شعرت بطمئنينة في وجهه و الله أعلم ,,

و الله حين رأيته و كأني نظرت اٍلى شيئ من الآخرة ,,

الكل يتزاحم لرؤيته ,,

"ما شاء الله " ,, "ماشاء الله " ,, "نور" ,, "ماشاء الله ",,

كانت هذه الكلمات التي أسمع ,,

مما جعل تدافع الجميع لؤيته ,,

كان في الاثناء ابن خالتي استجابة لطلب خالي المغترب ,, يصور الميت ,,

كان هذا طلب خالي من حرقته على ابنه ,, و لكن على علمي أن التسجيل تم اِتلافه قبل أن مشاهدته بطلب من أهل خالي ايضا ,,

..

انتهى القاء ,,

وجب الخروج ,,

الكل اشتد به الألم ,,

و هاج شوق سنين ,,

و أفاق الكل أن الرحيل لا مفر منه و أن الوداع هو الأخير ,

نعم ,

كان الوداع الاخير ,,


...


كانت زيارتك قصيرة جدا يا محمد ,,

لكن أملنا في جنتك هو من صبّرنا ,,

فعسى الله أن يرزقكها في الفردوس الأعلى و كل المؤمنين ,,

اٍنه ولي ذلك و القادر عليه ,,

دُفن الميت ,,

و كانوا يتحدثون عن يُسر حمل نعشه و يُسر دفنه ,,, و الله أعلم ,,



*****




أما هنالك ,, فقد كانوا قد أرسلوا قرة أعينهم مُتوفى ,, و لا يقدر أحد أن يتبعه اٍلى قبره ,, لا تشيع جنازته ,, و لا حضور دفنه و لا وضعه في القبر و لا حث التراب عليه ,,

كان الفراق صعب ,,, و كان الوداع أصعب ,,

لكن اِيمان قلب المؤمن يبقى كفيلا بلملمة جروح الدنيا مهما كان عمقها ,,



...



بعد أن أفقت قليلا من دهشتي وحزني الشديد ,,أصبحت أسال من يعترضني ,, " بالله عليكم ,, أرأيتم ما رأيت ,, أرأيتم ما رأيت" ,, فالكل أكد لي و قال لي " نعم ",,

ذهبتُ اٍلى أمي " أمي أكل الأموات هكذا ,, هل هذه سمات الاموات " ,, "قالت لي لا يا ابنتي" ,, قلت لها "أرأيت ما رأيت" , قالت لي" نعم" ,,

اِطمئنت قليلا حينها و أصبحت أشعر بسعادة ,, كيف لا و كأني أرى علامات حسن الخاتمة على وجهه ,,

أذن العصر فصلينا ,,

جمعت الأطفال حولي و حاولت بما أقدر أن أجعلهم يدعون له ,,

أصبح الكل يدعو بصوت عال براءة شديدة ,, بعضهم يدعو بما يعرف , و الآخر يعيد دعائي ,,

و أحيانا كنت أدعو وهم يؤمنون علي ,,

اِرتحت كثيرا بجلستي معهم ,,, كان أملي في ربي كبير في رحمته ,,

أذّن المغرب ,,

و صلينا ,,

صليت صلاة أتذكرها للآن ,,

و كأني لم أصل صلاة مثلها ,,

أحسست بقرب شديد من الله ,, أحسست بخشية شديدة لله ,, أحسست باستفاقة كبرى ,,

أحسست أنه وجب علي أن أستحضر الموت في كل حين ,,

و لا أخفيكم سرا ,, كانت دموعي مختلطة بين دموع على فقدان الميت , وبين دموع على حزن خالي و أهله و بين دموع على نفسي ,,

كنت أفكر أحيانا "ترى ,, و أنا ,, كيف ستكون عاقبتي" ,,

لعلي كنت أغبط محمد على ما بدا عليه ( و الله أعلم بأحوال خلقه و خواتيمهم) ,, و أتساءل بين الفينة و الأخرى ترى ,, أين هي روحه الآن ,, ترى ما حاله ,, ترى ماذا أجاب ملائكة الموت عند السؤال ,, ترى هل وُسّع له قبره ,, و كنت أحاول أن أُغلّب حسن ظني بربي حتى يرحمه ,,


...



كان اليوم اٍربعاء و كانت المدة عطلة ( أسبوعان ) ,, و تليها كانت الاختبارات ,,

كنت قد خطت للبقاء باذن الله في منزلنا أسبوعا ثم الرجوع

للمبيت الاسبوع الثاني حتى أستطيع المراجعة ,,

لكن عندما تغيرت الاوضاع لم أعد أريد العودة للمبيت ,, اٍلا استجابة لرغبة الامي التي أخذت تحاول اقناعي بالالتفات لدراستي حتى لا أضيع السنة ,, و كانت تصبرني بأن زوجة خالي مازات تحاول العودة اٍلى الوطن فلعلها تتمكن من لك خلال أيام و بالتالي ارجع حينها للقاءه ,,

مع نهاية الاسبوع (السبت و الأحد بالنسبة لنا ) جهزت نفسي للسفر مع أخي ,, ثم انطلقنا على بركة الله ,,

وصلت الى المبيت وأحسست أني تركت قلبي هنالك ,, مع الاهل ,,

نمت وقلت لعل الغد أفضل ,,

لكن يبدو أني أخطئت التفكير حين قررت المجيئ للمبيت للمراجعة و الله أعلم ,,

صورة الميت و أجواء الحزن لم تفارقني ,,

عيوني لا تكاد تجف ,,

وجدت أن أهلي هنالك استطاعوا الصبر أكثر مني ,,

بت أنام و أصحى و أنا مع الأموات ,,

بقيت على هاته الحالة مدة طويلة ,,

أصبحت أرى رؤى غامضة في اليل لا أتذكرها و لكنها تشترك في أن ما يخيم عليها هو الغموض ,, و الخوف ,, و السحاب الداكن ,, اٍلخ ,,

لا أتذكرها فعلا ,, و لكن المشكلة أن مقتطفات منها تأتينا طوال النهار سواء كنت أدرس أو أفعل أي شيئ و على غفلة ,, دون أن أحاول تذكرها ,,


...


وصلت زوجة خالي بفضل الله و منه و جوده و كرمه بعد أسبوع تقريبا من موت ابنها رحمه الله ,

فقر أخي و لعله من أجلي حينما رأى أني لم أعد أحتمل البقاء كثيرا أن نسافر يوم الجمعة اٍن شاء الله ,,

يعني بعد وصولها بيومين تقريبا ,,

كان البكاء هو الطاغي طبعا على لقاء الاحبة ,,

و لكن الصبر هو الأطغى ,,

هذا ما كانت تتسم به زوجة خالي و لله الحمد ,,

كنتُ اٍذا كلمتها في الهاتف لا تقول اٍلا الحمد لله الحمد لله الحمد لله ,,

و كذلك خالي و أبناءه ,

اِجتمع أهلنا و أهل زوجة خالي في منزل جدتي و منهم من بات معها مثل أمها و أختها التي ربتها ,,

حمدَت الله أن استطاعت أمّها ان تستوعب قليلا عودة ابنتها و تفرح بها ,, لأن أمها المسكينة أُبتليت كثيرا في حياتها مما أفقدها وعيها نوعا ما في آخر سنها ,, لكن كانت امرأة رغم كبر سنها بشاشتها و طيبتها على وجهها رغم عينيها الدامعتين دائما ,, و لا أزكيها على الله ,,

أسلامى حياتى 12-06-2010 02:43 PM

رد: سلسلة رحلتي إلى النور طالبة الحق
 
اٍنطلقنا أنا و أخي بالسيارة يوم الجمعة ,,

كنا نسير و لأول مرة أتمنى جدا أن يسرع أخي بالسيارة على غير العادة حيث كنت أطلب منه العكس ,,

و الله أحسست بقلبي قد سبق السيارة ,,

شعور لا يوصف ,,

اليوم أرى زوجة خالي ,,

يا الله ,,

اليوم أرى أُناسا قد كنت أحبهم في بعض الوقت حبي للصحابة ,,

اليوم أرى أحبة في الله أحبتهم حبا عظيما ,,

كنت أنظر على يميني و أرى الشاحنات العالية التي كانت عادة تخيفني ,, وجاءني احساس أنه لعلي أموت قبل الوصول ,,

الفرحة التي كنت فيها غير عادية البتّة ,, و كان الحزن جامعها ,,

غير مصدقة أني سأرى زوجة خالي اليوم ,, سبحان الله ,, سبحان الله ,,

وصلنا للبلدة و مررنا بمنزلنا أولا ثم انطلقنا اٍلى منزل جدتي ,,

أحسست أن قلبي سيخرج من مكانه ,, أبى اٍلا أن يسبقني ,,

توقفت السيارة ,, و لم ألتفت لأخي و لأول مرة يطلب مني أن أنتظره حتى ندخل معا ,, استحياء من الموقف ,,

لم أستطع ,, آآآآسفة يا أخي ,, انتظرته بعض الثواني و لكن قلبي سبق ,,

أسرعت اٍلى داخل المنزل كنت أسمع أصواتا يتحدثون بالداخل ,, هل هو صوتها ؟؟ يا الله ,,

دخلت فاذا باِبنة خالي الكبير تعترضني تريد أن تمازحني و تمنعني من الدخول ,, لست قابلة لأي مزاح حينها ,,

صدتها عني و دخلت مسرعة فاذا بي أراها ,,

يا الله ,,

يا الله ,,

يا الله ,,

أخيرا يا حبيبة قلبي ,,

و الله ,, و الله ,, و رب النفس التي بين جنبيّ لكان وجهها مميزا عن كل الوجوه ,,

كانت تحمل من النور الذي أدهشني و الله ,, اللهم اٍني لا أزكي عبدك و لكني أصف رأيت و ما أحسست ,,

قامت لتستقبلني و اِرتميت في احضانها ,,

لم اكن أعي من الموجودون ,,

لم اكن أعي شيئا ,,

اِرتميت في أحضانها و أخذت أقبلها بما وسعت ,,

أجهشنا بالبكاء بعد ما كانت قد سكنت قليلا ,,

كانت تقبلي و تحضني بشدة و تقول " يا فلانة" "يا بنيتي " ...

بقينا على تلك الحالة دقائق ,, ثم أصبح الاهل يحاولون ابعادي عنها بلطف حتى لا تتواصل في البكاء و قد كانت عينيها متعبة قليلا ,,

لم أنتبه لأحد ,, كنت أحضنها بشدة و كنا في بحور من الدموع ,,

تكلمني أمي تلاطفني ,, "ألا تسلمين علي ؟" ,

كانت أول مرة أدخل فيها بعد سفر و كأني لم أرى أمي ,,

لكن دون جدوى ,, لم أستطع ,,

جلست على الكرسي ثم طلبت مني أن أجلس على ركبتيها حتى أطمئن قليلا و قالت لي لا تخافي ,, ستبيتين اليلة في حضني ان شاء الله ,,

حينها ارتحت قليلا و جلست بجانبها و لكني أحسست أن قلبي نبضاته في تصاعد و ضاق صدري و أصبحت أتنفس بصعوبة ,,

أصبحوا يحاولون تهدئتي ,, " انتهى " ,," الان هي بجانبك" ,," و ستبيتين في حضنها ان شاء الله " ,, "اهدئي" و أصبحوا يمازحوني ,,

كنت أتلفظ بكلمات بصعوبة ,, بتقطع ,, " الآن ,, الآن ,, الآن لا أريد من الدنيا شيئا ,, الان لا اريد من الدنيا شيئا ,, كنت خائفة أن أموت قبل رؤيتها .."

...


يا الله ما أحلمك و أكرمك ,, يا الله سبحانك اٍنما آتينا فضلا كبيرا ,,
فضلا عظيما ,,

رأيتها في دنياي قبل آخرتي ,,

اللهم لك الحمد ,, اللهم لك الحمد ,,

هدأتُ قليلا و أصبحت أتأمل فيها كثيرا و هي تسألني عن حالي ,,

و الله و كأن النور يتلألأ من وجهها ,,

كانت اٍذا بكت تبكي بهدوء بالغ وهي تقول الحمد لله الحمد لله الحمد لله ,,

كانت دائما تردد التحميد وأحيانا تدعو " اللهم اِرحم ضعفنا اللهم اِرحم ضعفنا "

كانت بشوشة مع الاطفال و الكبار و الكل ,,

في أيام تواجدها معنا و كأن البركة نزلت على البيت ,,

كنا ( النساء ) نجتمع في غرفة واحدة و نصلي معا و كان الأطفال يُجانبوننا و قد أصبحت البنات الصغيرات يطلبن من أمهاتهن حجاباتهن و جلابيبهن ليلبسنها ,,

في اليل أوفت بوعدها و نادتني و نمت بين أحضانها و كان معنا بعض الاهل في نفس الغرفة ايضا ,,

يا الله ما أكرمك و أحلمك ,,

سبحان ربي ,, سبحان ربي ,,

في تلك اليلة ,, بقيت تقص علينا ما ذكرتُه آنفا من بعض تفاصليل الموت ,,

مر اليومان و كأني في حلم أخاف أن أصحو منه ,,

لم أر و لم أسمع منها الا الصبر و الحمد لله ,, ما عدى آخر يوم كانت سترجع فيه الى أهلها في الخارج ,, و كنتُ قد سافرت حينها من أجل الاختبارات و الدراسة ,, قد قيل لي أنها تأثرت حينما أحست أنها سترك ابنها من جديد و ترحل ,, كانت في تلك الايام تحس بالاستئناس أنها في نفس الارض التي دُفن فيها ,, فلما كان آخر يوم ,, أصبحت تبكي بكاء مريرا و قالت " اللهم أقم الساعة" ,, ثم سريعا ما استغفرت و بقي الحمد هو كلامها ,, و الحمد لله ,,

أما هنالك ,, في أرض الغربة ,, فنظرا لان ابنة خالي و أخاها الصغير لم يتمكنا من السفر مع أمهما و نظرا لحالة الحزن التي كانت مسيطرة ,, أخذ خالي ابنيه و سافر بهما على السيارة اٍلى بلد مجاور حتى يخرجا من تلك الحالة قليلا و لأن المنزل أصبح كئيبا خاصة بعد سفر زوجة خالي ,,

بعد رجوعها من السفر ,, طلبت من زوجها أن يقوم بالتصدق بكل ما يخص ابنها المتوفي – رحمه الله – من ملابس و كل ما يملك و قرا أيضا تغيير المنزل ,, نظرا لأن زوجة خالي أصبحت تتذكر ابنها بكل ركن من أركان هذا المنزل ,, كذلك خالي أصر على أن يبقى موعد زفاف ابنته نفسه ,, ألاوهو تقريبا بعد حوالي شهرين من الحادثة ,, و كانت العادة في بلادنا ,, و أقول الأغلب و ليس الكل والله أعلم ,, أنه في مثل هذه الحالات تتأجل الافراح حزنا على وفاة الميت ,, و خاصة اٍذا كان قريبا بصفة مباشرة لأهل الزفاف,

حان وقت العرس ,, و لم يتيسر لأحد من الاهلين لا أهل خالي و لا أهل زوجته السفر و الحضور ,,

مر العرس كأحسن ما يكون و الحمد لله ,, لم تكن أجواء الحزن طاغية كما تخيلنا و كما كنا متعودين في أعراس تلي بعض مصائب الموت ,,

الحمد لله رب العالمين ,,

في السنة القادمة يسر من لا يتعسر عليه شيئ لخالي و زوجته الحج للمرة الثالثة على التوالي ,,

رغم أن ظروفهم المالية لا تسمح بالمرة ,, و الحمد لله رب العالمين ,,

و ذلك لأنهما وعدا أم زوجة خالي بأن يصاحبانها في حجّها ,, و بما علمت كان خالي قد حج حينها لابنه المتوفي بماله الذي كان يجمعه لتزويج أخته ,,

بعد أشهر تمكنت زوجة خالي من العودة للبلاد من جديد و كان هذه المرة معها اِبنيها و الحمد لله ,,



*****



اليوم ,, مر عامان تقريبا على وفاة محمد – رحمه الله - ,

خالي و زوجته أصبحا جدين لأول حفيدة لهما ,, و الحمد لله ,,

و مازال الأمل في أن نرى خالي و أن تعود عائلته بين الأهل و الأقارب قائما ,, و الحمد لله ,,

أسلامى حياتى 12-06-2010 02:45 PM

رد: سلسلة رحلتي إلى النور طالبة الحق
 
بالنسبة لي ,, يوم التقيت زوجة خالي أول مرة ,, كانت أمي تهيئني لخبر سيئ ,, و الحمد لله على كل حال ,,

بعد أن هدأ روعي من حرارة القاء ,, و كانت تعلم أمي أن الخبر لن يخفى علي طالت المدة أم قصرت ,,

قالت لي " يا فلانة ,, لقد توفي شخص ما " ,,

صُدمت ,,

و تسارعت الافكار في ذهني ,,

الكل مجتمع ,, الاقارب و الأهل ,, و ليس هنالك علامات أسى على الوجوه ,,

لم أفهم ما الامر ,, أحسست بمصيبة قادمة ,, لكني لم أعرف من أي جهة ستأتي ,,

و لكني أتذكر و الله أعلم أني سارعت بالاسترجاع قبل ذكر اسم المتوفي ,

قالت لي توفي " فلان " ,, " أخ صديقتك ايمان " ,,

أحسست أن عقلي تجمد و ضاع تركيزه في كل شيئ ,

" من ايمان يا أمي " ,, و كان لي من الصديقات الحميمات ثلاثة ,, صديقتان في نفس البلدة و نكون ثلاثيا منذ أن كان عمرنا 15 سنة و لحد الآن و الحمد لله و كانت احداهما "ايمان" ,,

و صديقة أخرى تُدعى " ايمان أيضا " في بلدة مجاورة ,

كان المفروض مع ذكر اِسم الميت أعرف من هي "ايمان" , و من هو المتوفي ,,

أكدت أمي لي أن المتوفي هو أخ صديقتي ايمان التي ذكرت بداية ,,

مسكتُ رأسي و اِبتعدتُ عن الجميع ,,

لحقتني أمي و كانت تقول لي " يا بنيتي انك مؤمنة ,, انك مؤمنة ",,

كنت أقول " رباه رباه , لم أعد أحتمل" – غفر الله لي –

فأخذت أمي تصبرني و كنت أرد عليها بأني و الله لم أعد أقوى على الاستيعاب ,,

قلت لها يوم تُوفي محمد ابن خالي صدقت حينها فقط أو بالاحرى استوعبت أن محمد ابن عمتي قد تُوفي ,,

و الآن فقط بدأت أستوعب أن محمد ابن خالي قد تُوفي ,,

يا الله رُحماك ,,

حاولت الاتصال بصديقتي و لكني لم أستطع أن أكلم سوى أختها ,,

و لا أنكر أن وجود زوجة خالي بيننا ليلتها كان قد خف علي كثيرا ,, أو بالاحرى و كأني تناسيت شيئا لم يقدر عقلي على استيعابه ,

من الغد ,, ذهبت لأعزي صديقتي وجدتها في حالة يُرثى لها ,,

حاولت تصبيرها بقصة موت ابن خالي و صبر أهله رغم أنهم لم يحضروا جنازته ,,

لكن موت الفجأة لا يصبر عليه اٍلا من قد حصّن قلبه بقوة الايمان قبل المصيبة ,,

الحمد لله رب العالمين ,

الحمد لله الذي الذي ينزل الصبر مع البلاء ,,

الحمد لله الذي لا نُوفيه حقه علينا بالحمد و الشكر ,,

تواصلت معي حالة الرؤى الدائمة التي كنت أراها أولا طوال السنة تقريبا ,,

حيث كنت أرى في اليلة رؤى أو أحلاما غامضة و أستفيق فلا أتذكر شيئا ثم تفاجئني بعض المقتطفات منها في وسط النهار ,,

حتى تعبت جدا ,, و قلق علي أهلي ,,

كان عيشي مع الموت أكثر من الحياة ,, والله أعلم ,

كنت أتخيل نفسي في القبر ,,

أصبحت دائمة التفكير و التوهان ,,

و بكائي لا يكاد ينقطع ,,

الحمد لله ,, الحمد لله , الحمد لله ,,

تعلمت من الحادثة الصبر و الثبات ,,

تعلمت أن الدنيا اٍلى زوال ,,

وأصبحت أتخيل وفاة أقرب الناس مودة اٍلى قلبي و احاول تثبيت نفسي ,,

كانت نقطة ضعف بالنسبة لي موت الأحبة ,,

لكن توالي مصائب الموت علي تدريجيا في تلك الفترة أحسبُ أنه قواني نسبيا و الله أعلم ,

و كنت أقول كلمات نطقتها مع أول مصائب تلك السنة ,, حادثة جيراننا حيث توفي الأب و الأم و الاِبن معا ,,

كنت أقول " اللهم اجعلنا نتقيك في النفس الذي نتنفسه "

الحمد لله رب العالمين ,,

مما تغير في أيضا أني في تلك الفترة بعد وفاة ابن عمتي ,, لبست القفازين و كنت قبلها في جدال مع أحدى الاخوات في هذه المسألة و كنت أنتظرها أن تأتيني بالأدلة المقنعة ,,

لم يتيسر لها أن تأتيني بالأدلة كما وعدتني لكني بعد الخبر وجدت نفسي أرتديهم و انا لا أعرف هل هذا واجب أم لا,

و لكن بعد فترة أحسست بالارتياح و بالطمئنينة للقرا الذي أخذته و الذي سبب لي مشاكل فيما بعد و الحمد لله ,,

تعلمت في تلك الأشهر الصعبة أن أسعى للتقوى نوعا ما ,, و الله أعلم ,,

تعلمت أنه وجب علي أن أهيأ نفسي لدار القرار و أهيأ من حولي على قدر استطاعتي ,,

و أن ملك الموت لا يستشير ميتا و لا يطرق بابا للاستئذان ,,

علمت و تعلمت أن بعد عسر يسرا ,, و أن مصائب الموت ليست نهاية الحياة ,, و انِما هو بلاء للتمحيص لمواصة الامتحان و الثبات بكرم الله و فضله ,,

حاولت أن أتعلم دروسا في الصبر ,

الحمد لله و الشكر لله ,,

الحمد لله الذي أبقانا أحياء حتى نكتب هاته الكلمات ,,

الحمد لله الذي نسأله حسن الخاتمة و حسن العاقبة و حسن المستقر ,,

الحمد لله الذي أغنانا في لحظات عن الدنيا و زينتها بطلب الاخرة و عُلُوّها و نسأل الله أن يثبتنا على هذا السؤال باٍخلا ص اٍلى يوم الدين ,

- ملاحظة : نقل الأحداث كان كما تذكرت و كما أحسست و من وجهة نظري ,, أستغفر الله و أعتذر اٍن أخطأت في تفصيل ما , و لا أزكي أياّ كان على الله و ,, الله هو الحسيب على خلقه.


الساعة الآن توقيت السعودية الرياض و الدمام و القصيم و جدة 09:36 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024,
vBulletin Optimisation provided by vB Optimise (Pro) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.


Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0