ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ

ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ (https://fashion.azyya.com/index.php)
-   قصص و روايات (https://fashion.azyya.com/81)
-   -   ظلمة .. غرفه ~ (https://fashion.azyya.com/269729.html)

انســـآنة غيـــر 07-27-2011 04:11 PM

ظلمة .. غرفه ~
 
.
.



أقتربُ منها فتبتعد هي عني .. تُشعرني بأنها لا ترغبُ في رؤيتي حتى ..
لم أفهم ماتعنيه نظراتها .. وابتساماتها الصفراء الباهتة .. ولم أعي ماتقصده بحركات يديها التائهة ..
تبدو كحركاتٍ تلقائية اعتادت القيام بها وإعادتها مراراً وتكراراً .. تتحدثُ بعباراتٍ مقطوعة مترددة .. غير مركزة ..
يتخللها نظرات مرتبكة نحو باب الغرفة التي أصرت أن تُدخلني إليها .. لم أعلم سر إصرارها .. وقد كُنتُ أرغب أن نتحدث في أي مكان آخر من
منزلها غير هذه الغرفة الكئيبة .. التي طالما جلستُ فيها باكياً حين كنتُ صغيراً .. أراها كبيرة عليّ .. تتسعُ لصرخاتي وآلامي الصغيرة
.. واليوم لشدة ضيقها عليّ تخنقني فأُجاهد لأخذ أنفاسي .. رائحتها كما هي لم تتغير ..

وكأن الزمن توقف عندها ولم تمر السنوات العشرين بها لتغيرها ولو قليلاً ..
جُلتُ بصري في كل أرجائها وأركانها ليس فقط لأبحث عما يمكن أن يتغير لاحقاً في هذه الغرفة وليس فقط لأتذكر بكائي الصغير فيها ..


ولكن حتى أتشاغل عن حديث أمي المتقطع التي كانت تثير به شفقتي بقدر حيرتي .. فيبدو أن الغرفة ليست وحدها التي بقيت على حالها .. بل أمي أيضا ظلت على حالها كما هي .. خائفة .. مترقبة .. خجلة .. تخشى أن يدخل زوجها فجأة فيجدني معها ..

أتحدثُ إليها وأطمئن على أحوالها .. وحين أسألها عن خوفها منه .. تُجيبني أنه يرى قيامه بواجبه تجاهها على أكمل وجه وما من داعي لسؤال أحدٍ عنها ..وأقولُ لها إني ابنها ولستُ أحد .. تُذكرني أنه زوجها ..
وهو المسئول عنها وتهربُ سريعاً من نظراتي المتسائلة عن أشياء وأشياء في الماضي والآن ..

وتفن في إدارة دُفة الحديث الى مواضيع أخرى فتحدثني عن إخوتي وتحدثني عن أعمال المنزل الكثيرة التي تنتظر أن تقوم بها .. وكأنها تريد مني الإنصراف .. فأدعي عدم الفهم لعلي أتمكن من البقاء معها أكثر ..
لأراها وأسمع الصوت الذي أسمعه دائما يُناديني في مُخيلتي .. فزياراتي لها قليلة ..
ولم تسمح لي الظروف من قبل أن أجلس إليها كما سمحت هذه المرة .. وعلى غير رغبةٍ مني ولا منها .. سمع كِلانا صوت المفتاح يُدار في الباب فانتفضت هي قائمة ..

ورفعتُ عيني معها .. وأنا لا أكاد أُصدق ردة فعلها هذه .. وماهي إلا لحظات .. حتى أصبح زوجها باب الغرفة .. مرت لحظات قمتُ بعدها لأُسلم عليه ..فمد يده لي بجفوة وغِلظة كعادته ..وكأنه لايأبه لوجودي في بيته ..
كان يُحرك المفاتيح بيده وينظر إليّ نظرات باردة جامدة وكأنه يطردني دون كلمات .. لم أشأ أن أغادر البيت أُودع أمي مباشرةً بعد وصوله ..
إنما فضلتُ أن أنتظر قليلاً ..

نظرتُ إلى أمي فإذا بها مُنحنية وقد زاد خوفها ..فكرتً أنه لا جدوى من البقاء أكثر .. ودعتها ..
فتح زوجها لي الطريق الى الباب .. فخرجتُ على الفور من البيت الجامد .. البارد ..
عاودتني تلك الملامح القاسية واليدين القويتين اللتين طالما ضربتاني دونما رحمة ..

أحسستُ بألم الضرب من جديد .. بعد عشرون عاماً لم أخافه هذه المرة .. ولكني أكرهه أكثر الآن .. حرمني من أمي صغيراً .. وهاهو يُبعدني عنها كبيراً .. حرمني حتى من مشاركتها لي في أهم محطات حياتي .. ومع هذا إزدتُ إصراراً اليوم على أن لا أتوقف عن زيارتها سأظلُ أفعل حتى يُدرك هو أني كبرتُ ولم أعد أخافه أو أخشاه ..
ولعلي في المرات المقبلة أتمكن من تغيير الغرفة الكئيبة .. وتغيير البيت .. وتغيير أمي .. وربما هو أيضاً ...




الساعة الآن توقيت السعودية الرياض و الدمام و القصيم و جدة 04:37 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024,
vBulletin Optimisation provided by vB Optimise (Pro) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.


Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0