ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ - التكنولوجيا في التعليم : ورقة مفاهيمية

تحديد المفهوم

حداثة مفهوم التربية التكنولوجية وضراوة تداخلها مع أشكال المعرفة الإنسانية كافة؛ إنتاجاً واستهلاكاً، تجعل منها إحدى نقاط الجذب والاهتمام من جانب المركز، من حيث أن التكنولوجيا نشاط إنساني ثقافي تماماً كما هو الطب، والفن، والقانون، والرياضة، ومن حيث كونها مشروعاً اجتماعياً، يتجاوز التقنية إلى حد إعادة إنتاج السياق بمجموع معارفه وطرق اتصاله وتواصله، وبالتالي الأفراد ورؤيتهم للذات والموضوع، وحراكهم الاقتصادي والاجتماعي، وتوظيفهم لمصادرهم، ومهنيتهم، ومهاراتهم ... الخ.
من هذه النظرة "الشمولية" للتكنولوجيا كنشاط إنساني ثقافي اجتماعي يتم تمحص في الفاعليات الذهنية والنفسية والاقتصادية للفرد والمجتمع خلال الأطوار المختلفة لعملية التفاعل مع التكنولوجيا: الحاجات وتجلياتها في التصميم، والإنتاج وعمليات الاستقصاء وحل المشاكل المرافقة، والاستخدام والتطوير.
التكنولوجيا من الرؤيا التربوية المعاصرة مرتبطة بكلٍّ من العلوم الطبيعية والعلوم الاجتماعية. واستيفاء لأهداف المركز نحو اللحاق، ومن ثم الإضافة إلى النتاج المعرفي البشري، نرى وجوب تعلم وتعليم التكنولوجيا بشكل تكاملي عبر المناهج المختلفة، وفي المواضيع كافة، وأن لا تُفصل في كتاب مدرسي جامد وثابت ينأى إلى التعداد والجمع والتصنيف، الأمر الذي سيجعله يفشل دائماً في اللحاق كماً ونوعاً في المتغيرات اليومية في موضوع على حافة التطور البشري.
لماذا تستخدم "التكنولوجيا كنشاط إنساني ثقافي اجتماعي" كمنطلق؟
حصيلة التجارب العملية التي وقف عليها المركز في التفاعل مع موضوع منهاج التكنولوجيا تفيد أن واقع تعليم هذا الموضوع مدعاة للقلق، تتجلى أوجهه في عوامل عدة؛ من أهمها ما استشف من خلال المشاهدات الصفية ومجموعات النقاش البؤرية مع معلمي ومعلمات المنهاج، سواء أكانوا من أصاحب تخصص العلوم أم من متخصصي الحاسوب. إن نظرتهم لمادة التكنولوجيا لا تتعدى كونها استكمالاً لمادة العلوم. إن خبرة المعلم في تعليم مثل هذه المادة قليلة، ولعله من غير المنصف -وفي ظل سياق كامل يقصر فيه الأداء المؤسساتي؛ عند التوجهات، وتوفير المصادر والكوادر، وإعداد الأدلة والنماذج التي يمكن أن يحتذي بها- أن نلقي باللائمة على المعلم وحده في تصحيح الخلل.
كما أن محتوى منهاج التكنولوجيا وأنشطته يفشلان، في معظم الأحيان، في حث المعلم على ترجمة مفهوم التكنولوجيا على أنه نشاط إنساني اجتماعي. فالمتفحص في محتوى كتب التكنولوجيا للصفوف المختلفة، يجد عرضاً للآلات والماكينات والتقنيات المختلفة كنواتج للتكنولوجيا التي صنعها الإنسان، ويعرض المبادئ العلمية التي بنيت على أساسها هذه التكنولوجيا. أما الأنشطة، فيركز معظمها على الجانب التطبيقي من خلال عرض طرق وخطوات يتبعها المتعلم في صنع نماذج لتقنيات مختلفة.
لكي نعلِّم "تكنولوجيا" كنشاط إنساني اجتماعي للمتعلمين، علينا أن نعلِّم العمليات الذهنية والطرائق العلمية؛ "الاستقصاء وحل المشكلات" التي يتبعها التكنولوجي في عمله. كذلك علينا أن نربط التكنولوجيا بالحياة اليومية والاجتماعية التي يعيشها المتعلم، وأن نتحدث عن طبيعة التكنولوجيا وعلاقتها بالعلوم والمجتمع، ونتحدث عن تاريخ التكنولوجيا، ومشاكلها، والمعضلات الاجتماعية الناجمة عنها، وعن دور المجتمع بفئاته في التحكم في نتاج التكنولوجيا.