ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ - مطلقة متزوجة من رجلين .

حدثني وهو متأثر مما حصل بينه وبين زوجته فقال: بعد تفكير طويل قبلت الزواج من مطلقة ولديها ابن وحيد عمره عشر سنوات، ومرت أيام الخطبة بسلام، ولكني فوجئت بعد أن تزوجنا وعشنا مع بعضنا في مسكن الزوجية بأن الطفل يأتي لينام بيننا، فسكتُّ في الأيام الأولى وقلت لعله لم يعتد الانفصال عن والدته المتعلقة به ولكن الوضع استمر بعد ذلك فأصبح (الابن وعمره عشر سنوات) لا يرضى إلا أن ينام مع والدته فحدثتُ أمه لتوجهه في ذلك وكانت الصدمة بالنسبة لي عظيمة عندما ردت علي أمه بأنها تريده أن يكون معها في السرير وأنها من يوم طلاقها من والده تعلقت بوحيدها ولن تصبر على فراقه.

ثم قال لي وبصوت هادئ: فحاولت إقناعها ونصحها وصبرت على ذلك كثيراً ثم تدخلت أمها في المشكلة وبعد ذلك أهلها ثم ذهبت إلى بيت أهلها ولا مانع عندها اليوم من طلاقها ولا تضحي بولدها وتبتعد عنه وقت المنام فقط..

عند سماعي لقصته، في البداية لم أعرف ماذا أجيبه وأرد عليه لأن في الموقف غرابة، مطلقة يوفقها الله إلى زوج جديد صالح ومع هذا تضحي به وتمتنع عن حق من حقوق الزوجية ولا تريد أن تتنازل عنه، علماً بأن زوجها أخبرها في البداية أنه على استعداد ليكون أباً جديداً لهذا الابن يحسن معاملته وقد حصل هذا فعلاً في أيام الزواج الأولى.

إن تعلق الأم بأبنائها أمر فطري كما تعلقت أم موسى عليه الصلاة والسلام بولدها حيث وصف الله تعالى قلبها قائلاً: {وأصبح فؤاد أم موسى فارغا} ولكن هذا التعلق بولدها الوحيد لم يكن على حساب حق من حقوق الله تعالى أو هدم بيت أو تدمير مجتمع بل بالعكس من ذلك كله فقد تعاملت مع هذا التعلق بمنتهى الرقة وتم توظيفه لبناء بيت ومجتمع.

إن هذه المطلقة لو فكرت قليلاً ونظرت بعيداً فإن صبرها على طلبات زوجها لن يمكث كثيراً فابنها بعد سنة أو سنتين سيتعايش مع الوضع الجديد وستكون له صحبة صالحة وستعوض نقص الأبوة عنده وكل ذلك ميزات قد فقدتها بقرارها هذا بالإضافة إلى أنها خسرت زوجها فأي منطق هذا الذي تحكم به. إن هذه المطلقة تريد أن تتزوج رجلين بوقت واحد: ابنها وزوجها وهذا غير صحيح، إن المشاعر والعواطف من نعم الله علينا فلا ينبغي أن تكون سبباً في حرماننا من الأجر والثواب ومن سعادتنا العائلية ومن هدم حياتنا، بل بل لابد أن نتعامل مع انفعالاتنا ومشاعرنا بشيء من الحكمة والمنطق لنكون سبباً في سعادتنا واستقرارنا.

إن أكثر الجرائم في العالم حدوثاً إنما هي بسبب الأهواء وعدم ضبط المشاعر لأن المشاعر إذا لم تضبط تبعها السلوك ومن ثم العمل وغالباً ما تكون النتائج سيئة، ولهذا علمنا رسول الله [ ضبط المشاعر وكل نصوص السنة والسيرة فيها تربية لنا في ذلك ولعل أشهرها عندما رأى رسول الله [ امرأة عند قبر زوجها وهي جزعة فنصحها بإدارة عواطفها بحكمة فردت عليه (إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي) فتركها ومشى ثم تبعته تعتذر منه فقال لها: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» وهذه قاعدة ذهبية في إدارة الذات وعواطف الانسان.