ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ

ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ (https://fashion.azyya.com/index.php)
-   منتدى اسلامي (https://fashion.azyya.com/56)
-   -   تـفـرٍيـغ حـلـقـات بـرٍنـامج ـآ‘لأخــلاق لـعـمـرٍو (https://fashion.azyya.com/95643.html)

مجاهدة فى سبيل الله 11-11-2009 09:58 AM

تـفـرٍيـغ حـلـقـات بـرٍنـامج ـآ‘لأخــلاق لـعـمـرٍو
 


مـقـدمـة فـٍي ـآ‘لأخــلاق

أعوذ بالله العلي العظيم من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً .





سنشرع في بداية سلسلة الأخلاق ، في كل مرة نتعرض لخلق من الأخلاق هو كيف نرسخه في أنفسنا ؟ وكيف نتعامل به ؟ وكيف نتخلق به ؟ كيف ننميه ليكون خلقا من أخلاقنا وسلوكا من سلوكياتنا في الحياة ؟ وأنا أعلم أن الكثيرين سيتساءلون لماذا الأخلاق بالذات ؟ ولمَ لا نتحدث عن السيرة أو حكايات الصحابة ؟ لماذا الأخلاق وما هي القيمة التي ستعود علينا من دراستها ؟ لذلك أنا جعلت الشريط الأول مقدمة في الأخلاق أتحدث فيها عن أهمية الأخلاق وما هو هدفنا منها ؟ في الحقيقة هناك أربعة أهداف من دراستنا لهذه السلسلة : -


الهدف الأول : أن هذه الأخلاق هي الهدف الأول من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم... نعم... ، إن أول هدف من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم : ضبط الأخلاق أتتعجب ؟ ؟؟؟?!!!اسمع هذا الحديث " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " وفكر فيه . الرسول صلى الله عليه وسلم بعث لماذا ؟ لرحمة البشر ، لخير البشر ، لصلاح البشر ، لهداية البشر ، ألم يقل الله تعالى : " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " فكر معي في هذه الآية .


تخيل لو أن مجتمعا يسوده الغش ، تسوده الكراهية ، تسوده خيانة الأمانة ، تسوده الفواحش ...، هل يكون في هذا المجتمع مكان للرحمة ؟ هل هذا مجتمع آمن ؟ هل هو مجتمع راضٍ؟ لو أن هذا المجتمع كان أفراد شركة واحدة هل ستنجح ؟ لو كان هذا المجتمع عائلة واحدة هل ستسودها الرحمة وتكون متحابة ومترابطة فيما بينها ؟ إذن هل رأيت العلاقة بين : " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ، و "وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " يعني أنه لا رحمة بين العالمين " لا هداية ، لا صلاح ، لا اطمئنان بين مجتمع من المجتمعات إلا بشيء واحد ألا و هو " الأخلاق " .


نقطة أخرى : قد تظن أن العبادات من صلاة ، صوم ، حج ، ذكر دعاء أهم من الأخلاق لكني أقول لك :- لا !!!! الأخلاق أهم . وكيف ذلك ؟ يا جماعة كل هذه العبادات هدفها الأسمى ضبط الأخلاق … فيصبح خُلُق حضرتك سوياً ومنضبطاً ، ولو فقدت عبادة من هذه العبادات ضبط الأخلاق تصبح تمارينا رياضية ليس إلا .


ولنبدأ .


1. بالصلاة: يقول الله عز وجل " وأقم الصلاة إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " . إذن من لا تنهاه صلاته عن الفحشاء والمنكر أيكون قد أدى صلاته أم لا ؟ إنه لم يؤد إلا تمارينا رياضية ، ما هي قيمة الصلاة الأساسية؟؟ ما هو انعكاسها على خلقك .
يقول الله عز وجل في الحديث القدسي : " إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل بها على خَلقي ولم يبت قصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ، ورحم المسكين وابن السبيل ورحم الأرملة ورحم المصاب " . تمعن معي ؟ ما هي العلاقة بين آداء الصلاة وتقبلها والرحمة بالأرملة ؟ هناك علاقة... إذا لم تجعلك صلاتك رحيما بالناس فأنت إذن لم تصل . ألاحظتم المعنى والعلاقة ؟؟؟


2. الصدقة: يقول الله عز وجل " خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها " . هدف الصدقة والزكاة هو التزكية ، فما معنى التزكية ؟ هي التربية العميقة على حسن الخُلق ، أرأيت إذن كل آية من آيات الفرائض تجدها تخدم خُلقا معينا وتحث عليه. و أين يكمن معنى التزكية إذا تصدقت ؟ ، أنت إذا تصدقت ستتعلم الرحمة ، سترحم الضعيف ، ستتعلم الكرم ، ستكره الكــبْر. النبي أيضاً يعلمنا أن هناك صدقات أخلاقية تفوق صدقات الأموال . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- تبسمك في وجه أخيك صدقة " ، تخيل ، إذا أردت أن تتصدق وليس في جيبك مال ، تستطيع أن تبتسم في وجه أخيك وتكون بذلك قد تصدقت . " تبسمك في وجه أخيك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة ، وإرشادك الرجل في أرض الضلال صدقة ، وإفراغك من دلوك في دلو أخيك صدقة ، وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق صدقة ، وإرشادك للرجل الضرير صدقة ، وأعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " . أرأيتم مفهوم الصدقات ؟؟؟؟ كيف أن إرشاد الرجل لطريق يجهله صدقة ، وأن تفرغ من إنائك في إناء أخيك صدقة ، وأن تنظر لوجه أخيك المؤمن كفيفا كان أم بصيرا صدقة وهكذا . ...


وأنا هدفي يا جماعة من درس اليوم أن أجعل كل واحد منكم يستشعر إرادة اغيير ما بنفسه من أعماقه ويريد أن يحسن خُلقه ، وهذه أصبحت قضية مهمة ، لم تعد القضية أن أرتدي الحجاب فقط ، وأنني عندما أرتديه أكون قد أديت كل ما علي من أوامر الدين ، لا أبداً .. إن المعنى الحقيقي لهذا الدين يكون في يندرج تحت : " أين أخلاقك من الإسلام ؟ "


3. الصيام : يقول النبي صلى الله عليه وسلم " فإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ، ولا يفسق ، ولا يجهل ، وإن شاتمه أحدكم أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني امرؤ صائم " . تخيل ، أصبح يوم صيامك يوم تتجسد فيه أخلاقك ، أصبح يوما لتبيان الأخلاق ، لأنه لا يصح أن أشتم أو أتشاجر أو أفسق أو أجهل أو أن أرفع صوتي أو أجادل لأني صائم ، وصيامي هذا يجعلني مسلما على خلق. أرأيتم : إذن اكتشفنا أن الهدف من الصلاة التحلي بالأخلاق ، و الهدف من الصيام أيضا كذلك


4. الحج : يقول الله تبارك وتعالى :- " الحج أشهر معلومات فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج " . الحج يا جماعة تدريب قاس على انضباط الأخلاق ، فعندما تكون قاصد الحج وأنت مستحضر النية ، صار لزاما عليك ألا تزاحم حتى و إن زاحمك أحدهم عند الطواف ، إذا شاتمك أحد فلا ترد عليه ، والمقصود هنا أقل ما يصدر من الكلام غير المقبول ، مثل " أفُ لك " مثلاً قد تحتاج منك الاستغفار وتوبة في الحج ... إنه تدريب قاس لك على مدار عشرين يوماً لضبط نفسك و ترسيخ الأخلاق فيها يتساءل الكثيرون ترى لم كان موسم الحج موسما واحد يجتمع فيه كل المسلمين ، ترى لمَ لا يحج المصريون في شهر رجب مثلاً ، واليمنيون في شهر آخر... أي أن يحج الناس كل من بلده في أوقات متفرقة فجبل عرفات راسخ بمكانه لا يتزحزح عنه ما الداعي لاجتماع الكل عليه في وقت واحد أتراه سيغير مكانه بعد هذا الموسم المحدد ؟؟؟ طبعا لا !!!! الهدف أن يجتمع الكل بتعداد الملايين من مسلمي العالم في وقت واحد و في أوج الزحام و تداعياته ، عليك أن تبرهن على تحكمك بضبط نفسك و تحليك بحسن الأخلاق ... أرأيت ما هو الهدف من الحج وأن يكون ملايين المسلمين معاً على جبل عرفات في وقت واحد ، و جميعهم يرمون الجمرات في وقت واحد ، وجميعهم في منى وجميعهم في المزدلفة... لماذا ؟ إنها رسالة تربوية مفادها : عيشوا معاً واحتكوا ببعضكم و اجعلوا الأخلاق سمتكم ستستطيعون ضبط أخلاقكم في وسط هذا المكان الضيق خلال عشرين يوما ، هل ستعود بعد ذلك وتعجز عن ضبط أخلاقك مع أبيك وأمك ويعلو صوتك ؟ مع جيرانك وفي بيتك ؟





أرأيتم " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " ما معناها ؟ وإن ضبط الأخلاق أول وأهم هدف من البعثة المحمدية .


- بعض الناس تظن أن أهم شيء في الدين أن يتعلم المسلم ، يحفظ القرآن يتعلم أمور الفقه وعلم المواريث و … و … و لكن و لكن أين أخلاقك ؟ يقول إنها في المقام الثاني ، لا ...أبداً ، اقرؤوا معي هذه الآية والتي وردت على لسان سيدنا إبراهيم " ربنا وابعث فيهم رسولاً منهم يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم" . البقرة الآية 129ولاحظ معي هنا الترتيب :- أن يأتي رسول من هذه الأمة : ليتلو عليهم الوحي ويعلمهم ، ويحسن أخلاقهم ( يزكيهم ) . هذه الآية أتت في القرآن 4 مرات ، مرة على لسان سيدنا إبراهيم وثلاث مرات على لسان الله عز وجل ، وهذه المرات الثلاث على لسان الله كان الترتيب فيها مختلفا ، يقول الله عز وجل :" كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ "البقرة(151) لاحظت الترتيب هنا : سيدنا إبراهيم عندما دعا طلب العلم أولاً ثم التزكية لكن الله عز وجل ذكر التزكية أولاً أي أن الأخلاق هي التي تتصدر الأمر . ما هي قيمة مسلم حفظ القرآن وليس بصادق ، ما هي قيمة علم دون خلق كل هذا لا يساوي شيئا . إذن هل ندرك قيمة الخلق هل نتحلى بها و نعيش بها و هل هدفنا الأول من دراستنا لهذه السلسلة " هو ضبط الأخلاق " .


الهدف الثاني : - إن هناك انفصالا شديدا لدينا بين الأخلاق والعبادات ، بين الدين والحياة ، داخل المسجد يكون منضبطا ...الحجاب الشرعي والصلاة يؤديان على أكمل وجه ، خارج المسجد تصبح شخصا آخرا ...إذن أين الأخلاق ؟ ستجيب : مادامت العبادات منتظمة فلا أهمية للأخلاق !!!! الحياة شيء ، والدين و تأدية العبادات شيء آخر ، خطأ يا جماعة ، هذا الفصل ليس من الإسلام في شيء الإسلام وحدة واحدة ، كل متكامل ، وينتج عن هذا الفصل الصارخ نوعان من البشر :


الأول : عابد سيئ الخلق ، والثاني : حسن الخلق سيئ العبادة . نموذجان مشوهان ليسا من الإسلام في شيء إذن هدفنا من هذه السلسلة يا جماعة أن نكون عباد ذوي أخلاق حسنة.


يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن ، قيل من يا رسول الله ، قال : من لا يأمن جاره بوائقه " . لاحظوا كم أنّ الإيمان مرتبط بالأخلاق ، مثال : التي نشرت ثيابها المغسولة مبتلة فوق ثياب جارتها و هي جافة ، كتب عليها ملك الشمال سيئة . نعم سيئة كتبت عليك ، هل فكرت فيها من قبل ؟ هل خطرت على بالك من قبل من ترك سيارته أمام مستودع جيرانه وذهب ليصلي ركعتين أتراها قد قبلت صلاته ؟ نحن هنا وقعنا في خطأ يقلل من ثواب حضورنا لهذا الدرس ، جميعنا هنا ترك سيارته أمام باب المسجد لأنه يريد أن يوفر على نفسه عناء المسير إلى سيارته التي أودعها مكانا يبعد عن المسجد بعد خروجه ، ما ذنب الجيران و أهل المنطقة هنا ؟؟؟، كلنا يحسب أنه على صواب فنحن في بيت الله نتدارس ونتعبد ، كلا أبداً نحن مخطئون أرأيتم إننا نفعل أشياء كثيرة خاطئة ونظن أن ليس لها علاقة بالإسلام ...لا ،أبدا الإيمان والأخلاق شيء واحد . .. كل لا يتجزأ


جاء أناس لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون : فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها تؤذي جيرانها ، قال : هي في النار ، تخيل يقال أنها تذكر : أي انتشر صيتها من كثرة الصيام والصلاة والصدقة وفي مدينة النبي ، ولكنه قال : هي في النار . ثم ذكر للنبي صلى الله عليه وسلم أن فلانة تذكر من قلة صلاتها وصيامها وصدقتها غير أنها لا تؤذي جيرانها ، قال : هي في الجنة . بالمناسبة هي ليست دعوة للإقلال من الصلاة نحن لا نريد إصلاح شيء على حساب الآخر ، نحن نريد الانضباط في الاثنين معا نريد الموازنة . حديث آخر للنبي صلى الله عليه وسلم :- " إن شر الناس منزلة يوم القيامة من يتركه الناس اتقاء شره " تخيل !!!! نجد الأب يحذر ابنه إياك أن تلمس أو تضرب ابن هذه الجارة لأنها " ستجمع علينا أهل البناية إذا ما فعلت " و تتسبب في مشكلة نحن في غنى عنها . أما عن حجابها فهو شرعي ما شاء الله ، ما قيمة هذا الحجاب و الناس تتجنبك اتقاء لشرك . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :- " الإيمان بضع وسبعون شعبة – أو وستون شعبة – أعلاها " لا إله إلا الله " ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان ، فما قولك فيمن فتح شباك سيارته وأخرج بقايا ما كان يأكله وألقى بها في الشارع ، ومن أخرجت لبانة من فمها وألقت بها على الأرض في الشارع ، هل تصدق أنك بذلك قد فقدت شعبة من إيمانك ، فعلا قد فقدتها ... أنت مطالب بإماطة الأذى عن الطريق ويكون ذلك من دلائل إيمانك ، فماذا عمن يفعل العكس...ما بالك بمن تطلب من ابنها أن ينزل مبكراً ليلقي بالقمامة في الشارع قبل أن يستيقظ الجيران ، ترى هل صلت الفجر ؟ و إن صلته أين صلاتها مما فعلت ...؟؟ إننا نريد أن نسترجع العلاقة بين الإيمان والأخلاق ، و نرسخها فتعتبر آثما إذا ما ارتكبت خطأ أخلاقيا ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم " الحياء والإيمان قرناء جميعاً ، إذا رفع أحدهما ، رفع الآخر " . الحياء والإيمان يا جماعة ، ما أوطد العلاقة بينهما


مثلا : طالبة بالجامعة تقهقه ضاحكة بأعلى صوتها " أين حياؤها ؟ " و إذا ما أذن لصلاة الظهر تدخل المسجد لتصلي و قد تبكي من فرط الخشوع في صلاتها . الحياء والإيمان قرناء جميعاً .


إذن تريد أن تعرف مستوى قوة إيمانك ، أخبرني ما مستوى تخلقك أخبرك إن كنت قريبا من الله أو بعيدا عنه ؟


وهذا ما نريد أن نؤصله بداخلنا ونخرج به من هذه السلسلة . مثال : من خرج بسيارته ويعلم أن ليس بها بنزين كاف وصعد بها الجسر فتعطلت لاستنفاذها ما كان بها من وقود فكان سببا في توقف الكثيرين وسط الطريق هل هو ( آثم ) نعم هو آثم. ولا تقل لي أن ليس لذلك علاقة بالدين ، لا ، إنه لب الدين ، أرأيتم إلى أي درجة نحن بحاجة لتصحيح مفاهيمنا ؟ كما أننا بحاجة لتغيير سلوكيات كثيرة هي من صحيح الإيمان . يقول النبي صلى الله عليه وسلم في تصحيحه لمفهوم خاطئ لدينا عن الإفلاس . أتدرون ما المفلس ، قالوا : من لا درهم له ولا متاع قال : المفلس من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وضرب هذا وسفك دم هذا وأكل مال هذا فيأخذ هذا من حسناته ، وهذا من حسناته ، حتى إذا فنيت حسناته ، أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار " . - أرأيتم ؟؟؟ أتمعنتم المقصود ؟؟؟ ،


لذلك إذا دققنا في القرآن اكتشفنا شيء عجيب ، كلما تحدث الله عن صفات المؤمنين ، وجدت أن ترتيب الصفات في سياق الحديث صفة أخلاقية بعدها صفة عبادية ، أخلاق = عبادة = أخلاق = عبادة . مثال : في سورة –المؤمنون- قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ(2)وَالَّذِينَ هُمْ عَنْ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ(3)وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ(4)وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ(5)إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ(6)فَمَنْ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْعَادُونَ(7)وَالَّذِينَ هُمْ لِأَمَانَاتِهِمْ وَعَهْدِهِمْ رَاعُونَ(8) أرأيتم كيف تكون صفات المؤمنين خلق وعبادة وتأمل الآية جيداً وبالاثنين معاً يكون المؤمنون . مثال آخر تأمل الآيات التالية من سورة الفرقان:


" وَعِبَادُ الرَّحْمَانِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا(63)" -(خُلُق)- "وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا (64) "-( عبادة )-"وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا اصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَامًا(65)" "إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا(66)" -( عبادة )- "وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا(67)" وفي سورة الماعون : " فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ(4)الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ(5)الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ(6)وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ(7) " ما الذي أتى بـ " الماعون " بعد ترك الصلاة ؟ إنه التكامل في فهم الإيمان ونحن نريد أن نكون كذلك وهدفنا كل مرة سيكون كذلك . إذن ما هي الأخلاق التي سنتناولها ؟


التواضع: كيف أكون متواضعا ، وما هي صفات المتواضعين ، سيد المتواضعين صلى الله عليه وسلم " كيف كان ؟


الحـــلم: كيف نتعلمه ونتدرب عليه ؟


الهدف الثالث : أن نكون قوما عمليين ، ماذا يعني هذا ؟ هناك أناس مدمنو دروس ، طوال الأسبوع يحضر يوما هنا و يوما هناك وهكذا .لكن ماذا استفدت ؟ نحن نحفظ الدروس بطريقة ممتازة...و لكن اعلموا ما شئتم أن تعلموا فلن تؤجروا حتى تعملوا بما علمتم . كفانا سماع ولنبدأ في التطبيق ، كل أسبوع سنتواصى بخلق معين نأخذه معاً ثم نطبقه طوال الأسبوع .


الهدف الرابع : إننا نريد أن نخرج لمجتمعنا وبلدنا أناس متميزين حسني الأخلاق ونريد أن نبلغ رسالة : من أين يأتي المميزون ؟ من المسجد؟ ، من أين تستفيد المجتمعات والدول ؟ من نماذج خرجوا من المساجد صالحين – أمناء – مخلصين – عباد – يتقنون أعمالهم – صادقون – يحبون بلادهم. إذا ظهرت هذه النماذج سيختفي النموذج المشوه الذي ذكرناه قبل قليل " عابد سيئ الخلق ، نفتن الناس ونغريهم بعبادتنا ثم نفتنهم بسوء أخلاقنا ، فيسألون قائلين ، أنت تريدني أن أكون مثل هذا المتدين الذي يصلي لكنه ينام طوال النهار بالعمل؟؟ لا ، لا أريد أن أكون مثله . كلنا لدينا أخطاء في السلوك نريد أن نضبطها معاً من خلال هذه السلسلة . و كانت هذه أهداف دراستنا لهذه السلسلة .


والآن دعونا نعلم فضل حسن الخلق : وستستغربون كثيرا و تتعجبون .ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : " ما من شيء أثقل في ميزان العبد يوم القيامة من حسن الخلق " . أثقل ما يوضع في ميزان العبد يوم القيامة ليست الصلاة ولا الزكاة ولكنه حسن الخلق – ألا تتشوق لتحسين خلقك بعد كل ما سمعت و بعد هذا الثواب العظيم . يقول النبي صلى الله عليه وسلم :" إن أحسن الناس إسلاماً أحسنهم خلقاً " . ويقول " أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً " أترون كيف تسير الأحاديث تمعنوا العبارات " أثقل – أحسن – أكمل " . أكملهم إيماناً أحسنهم خلقاً حتى ولو كانت معلوماته الدينية أقل حتى و إن كانت عباداته ما تزال محتاجة لضبط . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إن أقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم خلقاً ".يقول أيضاً : " أكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق " . جاء وفد لنبي الله صلى الله عليه وسلم : " وسألوا النبي : من أحب عباد الله إلى الله ؟ قال : أحسنه خلقاً " . أرأيت أهمية أن تحسن أخلاقك ، وإن لم تدرك ذلك فاعلم أنك تسير في اتجاه آخر ...تريد أن تحفظ القرآن ، وأن تدرس علوم الدين .. كل هذا مهم وسنتدارسه سوياً ، لكن أيــــن أنت من تحسين أخلاقك؟؟؟و قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديث له: " ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ، ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله ألا أخبركم بأحبكم إليّ : قالوا بلى يا رسول الله : قال أحسنكم خلقاً " . ويقول أيضاً : " إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم " ولذلك من دعاء النبي صلى الله عليه و سلم : " اللهم اهدني بأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت " . أرأيتم حرص النبي ، وهو الذي قال عنه الله عز وجل " وإنك لعلى خلق عظيم " فإذا نظر للمرآة قال : " اللهم كما حسنت خَلقي فأحسن خُلُقي " ، أرأيت حرصه وإصراره ، هل أنت على سنته سائر و تدعو بهذا الدعاء ، لا أنت حينما تنظر للمرآة تنشغل بشيء آخر بجمالك فترى أن ليس هناك من يضاهيك جمالا و أناقة … يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " أنا زعيم – أي ضامن – ببيت في أعلى الجنة لمن حسن خلقه " تخيل !!! النبي صلى الله عليه وسلم يضمن لك بنفسه بيتا في أعلى الجنة ، ألن تبحث عما سيكون لك سببا في حصولك عليه ؟ سأخبركم بشيء و لا تغضبوا مني؟؟ ، إننا نستسهل الأمور – نبحث عما يكون سهلا لنفعله (نصلي – نقرأ القرآن – نلقي السلام بعبارة - السلام عليكم- في الهاتف) و نشكر بعضنا بعبارة -جزاكم الله خيرا-ً ، نلبس الحجاب .. وأصبحنا متدينين بسهولة ، لكن من الصعب علينا أن نضبط أخلاقنا من الصميم . إننا نبحث عن أسهل الطرق لنكون ملتزمين ولكن أين الأخلاق ؟ أين أخلاق الملتزمين . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم ، فسعوهم ببسطة الوجه وحسن الخلق .تريد أن تفوز بحب الناس ؟؟ ، اجعل وجهك بشوشا وحسن أخلاقك .هل ترسخ بأنفسنا و تجسد بأعمالنا حسن الخلق ؟. أريد أن أطرح عليكم سؤالا : هل أن الأخلاق قابلة للتغيير أم أن هذا مستحيل ؟؟ هل من الممكن أن يصبح البخيل كريما؟؟ ، أم أن ذلك شيئ غير قابل للتغيير ؟؟هل كتب بجيناته الوراثية ، أنه بخيل و لن يكون إلا كذلك ؟؟هل من الممكن أن يصبح العصبي حليماً بالناس ؟؟، هل يمكن أن تتحول فتاة لا تستحي في تعاملاتها إلى فتاة حييّة ؟ هل التغيير ممكن أم لا ؟.


يعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم قائلا : " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر " . يريد صلى الله عليه وسلم أن يعلمنا أن الأخلاق قابلة للتغيير ، وإياك أن تحسب أنك غير مؤهل للتغيير ... أبداً والله ...يا جماعة كثـــُـر هم الذين تغيروا بعدما التزموا بدينهم فتتعجب كيف أصبح فلان هادئاً هكذا بعد أن كان لا يطاق . كيف ذلك ؟؟بكل بساطة لقد اختار لنفسه حديث النبي صلى الله عليه و سلم " إنما العلم بالتعلم ، وإنما الحلم بالتحلّم ، وإنما الصبر بالتصبّر.." إذن فالطبائع قابلة للتغيير ، وإلا فلماذا نحن هنا نتحدث ونتدارس عن حسن الخلق إذا لم يكن الحال كذلك ..


سأضرب لكم مثلا : النفس مثل الطفل يخلق ناقصا فينمو ويكتمل بالغذاء ، النفس كذلك تكتمل وتنضج ، فكما أن البدن الضعيف العليل يتجرع الدواء ويتحمل مرارته ليقوى و يشفى ... النفس أيضا تصيبها أسقام تتمثل في الأخلاق السيئة ) محتاجة لمجاهدة وصبر . أنا أقول لك هذا الكلام حتى تأتي المرة القادمة وأنت على استعداد وعلى يقين تام أن نفسك وأخلاقك قابلتان للتغيير بنص حديث النبي صلى الله عليه وسلم وطبقاً لقاعدة أن نفسك مثل بدنك ... فالسمين ينحف إذا ما اتبع نظام حمية قاس ويصبر أمام شهيته و يقاوم حبه لأكلة مفضلة


كذلك الكاذب إذا ما جاهد نفسه و قاوم سوء خلقه صار صادقا مثل ذاك الذي قاوم السمنة ...


ضعيف البنية يداوم على تمارين كثيرة يجري ، يعود نفسه على تمارين يومية و يظل على تلك الحال يوما بعد يوم و يتحمل ويبذل جهدا حتى يصبح ذا لياقة كذلك النفس تتعلم فضائل الأخلاق بالتربية ، بالصبر ، بالمجاهدة . إذن هلا بادرنا بنية التغيير ؟ هناك من يتساءل كيف لي أن أعرف عيوب نفسي ؟ كيف أعرف أن لدي أخلاق سيئة وأريد تحسينها ؟ تريد معرفة ذلك إليك أربع نقاط تمكنك من ذلك :


1- من صديق ناصح ( صاحب الصالحين ) .


2- من عدوك ( اسمع أعدائك )، اسمعي ما تقول عنك فتاة تغار منك ... اسمع ما يردده عنك خصمك في العمل ... وإياك أن تصم أذنيك لربما قال شيء سيفيدك .


3- حضور مثل هذا الدرس .


4- أن تدرس وتعرف أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم .


و النقطة الأخيرة أهم النقاط كلها ...من أكمل الناس أخلاقاً ؟ النبي صلى الله عليه وسلم فقد قال فيه سبحانه و تعالى " وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ(4) " –سورة القلم- ،هل تريد أن تبلغ مبلغ الفضيلة من الأخلاق ، اسمع عن تواضع النبي صلى الله عليه و سلم ، عن حلمه ، عن معاملته للنساء ، وتعلم ...تعلم من كل ذلك. و لذلك سنستشهد بأخلاق النبي وأفعاله في كل الدروس القادمة و في كل خلق سنتدارسه . يقول الله عز وجل " لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21) " –سورة الأحزاب-هل تعلمون لماذا ؟ لأن الله عز وجل جمع في الـ 23 سنة فترة بعثة النبي كل ما يحتاجه المرء في حياته حتى يوم القيامة ، إنك لن تستطيع أن تقتدي بأي نبي آخر مثل محمد صلى الله عليه وسلم .تستطيع أن تقتدي بكل نبي في صفة معينة ، فقد كان سيدنا عيسى عليه السلام شابا عازبا مجاهدا لنفسه زاهدا في الدنيا . لكن أتستطيع أن تجد فيه ما تقتدي به إذا ما تزوجت ؟ طبعا لا لأنه لم يتزوج ...... أتستطيع أن تقتدي به كأب ؟؟، كجد ؟؟ ...لا ، كيف كان يعامل زوجاته ؟؟ لا تستطيع الاقتداء بسيدنا سليمان كحاكم غني شاكر متصدق........ لكن هل تستطيع الاقتداء به كفقير صابر؟؟؟... من الذي كان فقيراً وغنيا؟؟ ؟ من الذي كان قوياً وضعيفا؟؟ ؟ من الذي كان حاكماً ومحكوماً ؟؟؟ من الذي كان أباً وجداً؟؟ ؟ من الذي كان عازبا ؟؟ لذلك قال تعالى : "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " .





و في خضم حديثنا عن الأخلاق لابد وأن نغوص في سيرة النبي صلى الله عليه و سلم و نتتبع صفاته فهو النبي الوحيد الذي ليس له خصوصية تخفى ...نعلم عنه كل شيء ، عن علاقاته بزوجاته و بم اتسمت ؟ داخل بيته...، وهو نائم في فراشه .. ليست هناك أي جزئية في حياته تعد خصوصية لم يطلع أحد عليها أو تعد جانبا مظلما مبهما ... لذلك سأختم هذا الدرس بنقطة وجوب محبة النبي صلى الله عليه وسلم ، لأننا إذا طالبنا باقتفاء أثر ه صلى الله عليه و سلم فيما عرف عنه من أخلاق دون وجود تعلق به و حب خاص صادق له ، عندها للأسف لن يعدوه قدوتهم ...لن يستشعروا قوة ما سيقال لهم لذلك رأيت أن نغرس في قلوبنا محبة النبي صلى الله عليه وسلم غرسا فيكون ذلك مدخلنا للأخلاق في أحاديثنا اللاحقة . لأنه على قدر محبتك للنبي ستقتدي بأخلاقه . يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من نفسه وولده وماله " . وأنا أروي هذا الحديث ،مرّر الثلاثة بقلبك، وأخبرني هل النبي فعلاً أحب إليك منهم ، هل نحن متعلقون به صلى الله عليه وسلم بهذه الشدة و محبون و مفضلون له . - يقول الله عز وجل " قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنْ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(24) " . سورة التوبة الأية 24.اعتبر الله أن من يحب هؤلاء – مع ملاحظة أن جميعهم حلال – أكثر من الله والرسول فاسق ... تخيلوا ... يروي عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول : كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم ومعنا بعض أصحابه ، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيدي ومشى ، يقول عمر : وجدت نفسي أقول والله يا رسول الله إني أحبك ، فقال له النبي : أكثر من ولدك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من أهلك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من مالك يا عمر ؟ قال : نعم ، قال : أكثر من نفسك يا عمر ؟ قال : لا ، - لقد كان عمر صادقا من البداية - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لا يا عمر ، لا يكمل إيمانك حتى أكون أحب إليك من نفسك يقول عمر : فخرجت وفكرت ثم عدت لأهتف بها : والله يا رسول الله أنت أحب إلى من نفسي ، فقال رسول الله : الآن يا عمر – أي الآن اكتمل إيمانك الآن ، فقال عبد الله بن عمر ، يا أبت ماذا فعلت بنفسك لقد خرجت لدقائق وعدت ( هل تملك مفتاحا لقلبك ) ، فقال : يا بني خرجت فسألت نفسي من أحتاج يوم القيامة نفسي أكثر أم رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت حاجتي إليه أكثر من حاجتي لنفسي ، وتذكرت كيف كنت في الصراط وما أنقذني إلا هو ، أنقذني الله به ، فأحببته أكثر من نفسي ، فقال عبد الله بن عمر : يا أبت إن نسيت كل شيء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما هو الشيء الذي لا تنساه أبداً ؟ فقال : إن نسيت ما نسيت لا أنسى يوم أن ذهبت إليه أقول : ائذن لي أن أخرج إلى العمرة يا رسول الله ، فقال : لا تنساني يا أخي من صالح دعاؤك ، يقول عبد الله بن عمر : فوالله لا أنسى هذه الكلمة أبداً.يقول أبو بكر الصديق يصف حبه للنبي صلى الله عليه وسلم ، يقول : كنا في الهجرة ونحن عطشى ، فجئت بمرقة لبن – القليل من اللبن – فقلت لرسول الله : اشرب يا رسول الله ، فيقول فشرب النبي حتى ارتويت – أنا – أترون الحب ، أترون التعلق بنبي الله صلى الله عليه وسلم . دخل النبي صلى الله عليه وسلم على " ثوبان " خادمه وكان غائباً طوال اليوم فقال له ثوبان : أوحشتني يا رسول الله - أترون قوة التعلق – ترى عندما يذهب أحدكم للحج أو العمرة هل سيقف أمام قبر النبي ويقول له أوحشتني يا رسول الله من قلبه ؟ أنا أعرف رجلا كان يتحدث في مؤتمر فقال ( محمد بن عبد الله ) مجردة هكذا ، فأدى عمرة خصيصاً ليعتذر له . عندما دخل النبي صلى الله عليه و سلم على " ثوبان " وجده يبكي فقال : ما يبكيك يا ثوبان ، قال : أوحشتني ، قال : أهذا ما يبكيك ؟ قال : لا يا رسول الله ، قال فما الذي يبكيك ؟ قال : تذكرت مكانك في الجنة ومكاني فذكرت الوحشة في الجنة ، وأنى لا أكون معك في الجنة فقال له النبي : يا ثوبان الرجل يحشر مع من أحب . – تريد أن تعلم مكانك في الجنة في قاع الجنة أم في عدن أم في الفردوس انظر إلى درجة حبك للنبي وتعلقك به . سيدنا أبو بكر الصديق يوم إسلام أبيه " أبو قحافة " يوم فتح مكة – وقد أسلم متأخرا جداً بعد أن أصبح عجوزا و فقد البصر – فأخذه أبو بكر وذهب به إلى رسول الله صلى الله عليم وسلم ليعلن إسلامه فقال له رسول الله : يا أبا بكر هل تركت الشيخ في بيته وذهبنا نحن إليه ؟ فقال أبو بكر : أنت أحق أن يأتي إليك يا رسول الله ، فأسلم أبو قحافة ، فبكى أبو بكر من فرحته ، فقالوا له : هذا يوم فرح ، أبوك أسلم ونجا من النار فما الذي يبكيك ؟ قال أبكي : لأني أحب أن الذي يبايع النبي الآن أبو طالب وليس أبي لأن ذلك كان سيسعد النبي أكثر . فتخيل مدى العلاقة والحب ، إن فرحتي لفرحة النبي أكبر من فرحتي بأبي، أين نحن من هذا الحب ؟ ومن هذا التعلق ؟؟؟فهذا جذع شجرة يحب النبي صلى الله عليه وسلم ، حيث كان النبي يخطب في مسجده من على جذع شجرة قبل أن يقام منبره حتى تراه الناس ، فعندما بنوا له المنبر ترك الجذع وأصبح يخطب من على المنبر ، فسمعنا للجذع أنينا – كما يقول الصحابة – لفراق النبي صلى الله عليه وسلم ، فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم ينزل من على المنبر ويمسح على الجذع ويقول له : ألا ترضى أن تدفن هاهنا وتكون معي في الجنة ؟ فسكن الجذع .. هو موجود بمكانه حتى اليوم ، في الروضة أمام المنبر مدفون هناك . الجذع نطق وشعر بحلاوة قرب النبي صلى الله عليه وسلم ونحن بعيدون. سيدنا " سواد " يقف يوم غزوة بدر في وسط الجيش – وهو صحابي سمين – فيقول النبي استووا ( استقيموا ) فيذهب النبي ليجد سيدنا سواد يخرج عن الصف قليلاً فقال استو يا سواد فقال : نعم يا رسول الله ، فالتفت النبي وعاد فوجد " سواد " ما زال غير مستو ، فجاء النبي بسواك ونخزه في بطنه وقال : استو يا " سواد " – فنحن في وقت معركة والأمر جدي – قال : أوجعتني يا رسول الله ، فكشف النبي عن بطنه وقال : اقتص يا سواد ، اقتص يا سواد ، فانكب سيدنا سواد على بطن النبي صلى الله عليه وسلم يقبلها يقول : هذا ما أردت هذا ما أردت ، فيقول له النبي وما حملك على هذا يا سواد ؟ فيقول : يا رسول الله أظن أن اليوم يوم شهادة فأحببت أن يكون آخر عهدي بالدنيا ملاصقة جسدي لجسدك . صلى الله عليه وسلم . صلى الله عليه وسلم ...صلى الله على محمد صلى الله عليه و سلم صلوا عليه و سلموا تسليما

مجاهدة فى سبيل الله 11-11-2009 09:59 AM

حـلـقـة ـآ‘لأدب وٍـآ‘لـذوٍق
 


حـلـقــة ـآ‘لأدب وٍ ـآ‘لـذوٍوٍق


أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن الرحيم ، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً.


- خلق هذه المرة، الجميع يستغربه على الإسلام، إنه خلق (الذوق، الأدب، سمو النفس، التعامل الراقي مع الناس).


- البعض قد يتساءل: وما علاقة هذا الخلق بالإسلام؟ وأنا أنوي في هذا الدرس أن أصل بكم إلى أن هذا الخلق أصله من الإسلام.


بداية: ما معنى الذوق والأدب:


أقصد به أدبيات التعامل مع الناس، اقصد به النفس المرهفة، أقصد به الروح الجميلة، أقصد به الجمال، النظافة، النظام، أقصد به الحس المرهف والنفس الشفافة التي تدرك الخطأ بسرعة من نظرة العين، وابتسامة الوجه.


وهذا الخلق خلق إسلامي صميم ، وأنا أعلم أن ما زال بداخلكم تعجب, ما علاقة هذا الخلق بالدين ؟ وأن عنوان المحاضرة لا يشدكم هذه المرة ، وأنكم تقولون أن ما أنوي الحديث عنه إنما هو أولى به الدبلوماسيين مثلا ، أو يدرس في مدارس أجنبية هم من يقدرون هذا الحديث ، لكن ما علاقتنا نحن بهذا ؟


ونحن في مجتمعاتنا لدينا 4 أنواع من الناس (الأنماط) في تعاملهم مع هذا الخلق:


- النوع الأول : من يعتقد أن الأدب، الذوق، الحضارة، الرقي، الخلق الرفيع إنما هي قيم غربية، أوروبية ونحن تعلمناها منهم، لذلك نحن نتعلمها في المدارس الأجنبية ، ونرسل لها أولادنا ليتعلموا الذوق والأدب في التعامل ويشبوا على ذلك وحديث اليوم إنما هو موجه لهذا النوع على وجه الخصوص وسنرى سويا أصل هذا الخلق.


- النوع الثاني: إنهم أناس تربوا وشبوا على هذا الخلق في منازلهم، ويتخيلون أن الإسلام عكس ذلك، وعندما يسمع عن المتدينين يعلم أنك تعني عدم اللياقة، عدم النظام، عدم النظافة …… وأصبح الذوق حاجز بينه وبين التدين. وهنا أقول لهم: لا إن هذا الحاجز الذي وضعتموه بين الذوق والرقي والحضارة والأدب والتدين إنما هووهم فالذوق أصله من ديننا الإسلامي.


- النوع الثالث: ناس يرون أن الإسلام في المسجد فقط, و لا علاقة له بما هو خارجه من أدبيات وإدارة وتعاملات.


- النوع الرابع : هو شاب متدين، ملتزم فهم الإسلام كعبادة وصلاة وذكر وقيام ولكن ليس لديه ذوق – وأرجو ألا تغضبوا مني – فكره بذلك بقية الناس في التدين وممكن يكون من بينهم والده ووالدته ويقولون أنظر : من وقت تدينه وهو مهمل في هيئته وأحواله ! إنه متدين حريص على عبادته ، حريص على إرضاء الله عز وجل ولكنه لا يتفهم أن الذوق من القيم الإسلامية التي جاء بها النبي صلى الله عليه وسلم.


وأنا اليوم أريد أن أقول لهذا النوع: أرجوك افهم الإسلام كدين متكامل. لذلك أنا أعتبر أن هذا الخلق من أهم الأخلاق الإسلامية التي يجب أن نتحلى بها ولا يقل أهمية عن الصدق أو الأمانة.


وهدفي في النهاية من هذه الرسالة أن أرسخ معكم مفهوما مهما جداً، أننا نفخر بانتمائنا للإسلام.


- وليس معنى حديثي معكم عن الذوق أنكم لا تتعاملون بذوق بالعكس فأنا أعلم أن جميعنا تربى وتعلم الذوق في بيته، لكنه يتعامل به لأنه من أدبيات التعامل خصوصا من أولاد الأصول وليس لأنه من الإسلام، أو لأن الإسلام هو من طلب مننا التعامل على هذا النحو، لكني هنا لأقول لكم أن ما تتعاملون به من أدب وذوق إنما مرجعيته ومرده للإسلام.


ولنبدأ حديثنا بعد هذه المقدمة الطويلة بأنواع الأدب والذوق:


أنواع الأدب والذوق

1) أدب مع الله


2) أدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.


3) أدب مع الخَلق (الناس).





أدب مع الخَلق (الناس)

ولنبدأ بالأدب مع الناس لنختم بالأدب مع الله عز وجل:


وفي الحقيقة عندما حاولت حصر ما جاء به الإسلام عن الأدب والذوق وجدت نفسي تائها ووجدت أنه لا بد من الترتيب لذلك، سنبدأ بالأدب والذوق في منزلك، ثم بالأدب والذوق في الشارع، ثم بالأدب والذوق مع من تزورهم … وهكذا.


الأدب والذوق في داخل بيتك :


وهنا لا بد أن نبدأ بالأدب والذوق مع والديك، وأنا هنا لا أتحدث عن بر والدين حتى لا تخلط الأمور، ولأن الموضوع كبير جداً فأنا أكتفي بضرب أمثلة فقط لأدلل لك على مدى أهمية الأدب والذوق في الإسلام.


مثلا : أحدنا جاء إلى منزله ومعه صنف يحبه ويشتهيه من أصناف الطعام ويخاف أن يراه أبوه أو أمه ويأخده منه فإذا به يخفيه، أو يأكله في الطريق، أو يأكله مع أصدقائه وأكرر إنني لا أتحدث هنا عن بره بوالديه ولكني أتحدث عن ذوق المسلم مع أبيه وأمه وتقدير الإسلام لهذا الذوق . وسأروي لكم قصة :


- أحد الصحابة في عهد النبي كان يحتضر فجاءه إخوانه يقولون له : أنطق بالشهادتين فما استطاع ، عقد لسانه ، فجاءوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فالأمر خطير : إنه صحابي منضبط في صف النبي صلى الله عليه وسلم ، طائع لله ورسوله ، فسأل النبي : أله أم ؟ فقالوا نعم يا رسول الله ، فذهب إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم يسألها عن بر ولدها بها فقالت : لقد كان باراً بي، ولكنه كان يأتي بالفاكهة والطعام يخبؤها عني، فيطعم أولاده ، ولا يطعمني. فلم يستطع نطق الشهادتين لأنه لم يكن يتعامل بذوق معه أمه ! فيوقد النبي ناراً ويقول للأم سنحرقه طالما لا تسامحينه، فتقول: سامحته يا رسول الله. فلما تحرك قلبها، ينطق لسانه: اشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.


- انظر لهذه الواقعة ولتقدير الإسلام لذوق التعامل مع الأم في موقف صغير :


أنه كان يعطي الفاكهة لأولاده ولا يعطي لأمه. وقس على ذلك أفعالك .


من الأدبيات أيضاً: أن تنادي عليك أمك وأنت منشغل فلا ترد عليها:


يأتي الإسلام ويضرب لنا في هذه النقطة مثل وحديث طويل ويحكيه لنا رسول الله صلى اله عليه وسلم يقول : " كان فيمن قبلكم رجل يسمى " جريج العابد " ، كثير الصلاة ، فإذا هو في المحراب يصلي جاءت أمه ، و نادت عليه وهو يصلي ، فقال : يا رب أمي وصلاتي – كان حائرا – فأقبل على صلاته فانصرفت أمه ، ثم جاءت في اليوم التالي : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته فانصرفت أمه فجاءت في اليوم الثالث : يا جريج ، فقال : أيا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته فانصرفت الأم وغضبت فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر في وجوه .... وقالت كلمة معناها الزانيات ، فسلطت عليه امرأة زانية حملت في ابن وقالت إنه ابن " جريج " ، فقاموا إليه بني إسرائيل يضربونه ويؤذونه حتى أنجاه الله في النهاية. " لكن ما أريد أن أصل إليه من هذه القصة أنه كان عابداً وباراً بوالدته ، ولكنه أوذي لأنه لم يرد عليها ثلاثة مرات نادت فيها عليه ، وأنا أهدي هذه القصة لشاب ذهب يصلي الجمعة وتأخر ساعتين عن أهله وهم ينتظروه على الغداء ، وليس لشاب شغلته العبادة عن أهله ولكني أهديها لفتاة تجلس مع صديقاتها بالساعات ، منغلقين على أنفسهم وتأبى أن تمنح أمها 1/2 ساعة تجلس فيه معها.


حتى في الاستئذان للدخول على الأب والأم :


تجد آية في القرآن تتكلم فقط عن أدب الدخول على الأب والأم غرفة نومهم في قرآن يتلى ليوم القيامة ؟ نعم


" يا أيها الذين آمنوا ليسئذنكم الذين ملكت أيمانكم والذين لم يبلغوا الحلم منكم ثلاث مرات " (النور,58) آية تضع قاعدة من قواعد الذوق، الأطفال تحت سن البلوغ لا بد وأن يستأذنوا ثلاث مرات : قبل صلاة الفجر، وحين تضعون ثيابكم من الظهيرة ومن بعد صلاة العشاء.هل هذا دين جاء لينظم الحياة في المسجد أم في المنزل ؟ لا إنه جاء لينظم الحياة داخل غرفة النوم ! لا إله إلا الله .


جاء رجل لنبي الله صلى الله عليه وسلم وقال له: يا رسول الله أأستأذن على أمي؟ قال: نعم، قال: يا رسول الله أستأذن على أمي ؟ قال: نعم، قال : يا رسول الله أأستأذن على أمي ؟ قال: أتحب أن تراها عارية ؟ ، قال: لا يا رسول الله، قال: فاستأذن على أمك. " وخرجت الأجيال وكبرت على الاستئذان على الأب والأم بتعاليم وأدبيات وذوقيات الإسلام.


فلقد انتقل الإسلام بالبشرية إلى الحضارة والمدنية، لذلك كان موقف مثل ذلك غريب على هذا الرجل.


ولنأتي إلى الذوق مع الزوجة، ونحن لا نزال مع الذوق في البيت.


مثال: نشاهد في الأفلام والمسلسلات الأجنبية، الرجل الأوربي مع زوجته في مطعم ما يأكلون، فإذا به يقطع قطعة اللحم ويضعها في فم زوجته بالشوكة، والشباب والفتيات يعجبون جدا بمثل هذا الموقف ويقولون: يا للرومانسية ! ونكبر نحن على تقليد مثل هذه التعاملات مدعين التمدن من خلال تقليد الأوربيين فما بالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " أعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته " ! والآن إلى من مرجعيتك؟


وهناك مشكلة أخرى : الكثير من البيوت تهدم ويتفرق الزوجان قبل الزواج بقليل بسبب تأسيس البيت فإما أهل العروسة يغالون ويبالغون في طلباتهم ، أو أن الزوج لا يريد أن يوفر للزوجة مثل الحياة والمستوى المعيشي الذي كانت تحياه فتفشل الزيجة. أنظر إلى ذوقيات النبي في مثل هذه الحالة.


- النبي صلى الله عليه وسلم تزوج زوجاته وكلهن يسكن بجوار المسجد النبوي في المدينة المنورة والمنطقة كلها صحراوية وزوجاته تعودن على هذا المناخ ، ثم تزوج النبي بالسيدة : ماريا المصرية ، إنها من أرض النيل والخضرة ، وهذا هو النبي القائد والمسئول عن الدعوة وعن تعليم القرآن ويأخذ بيد الصحابة ويقوم الليل ، ينتبه لهذه الذوقيات البسيطة ، فلا يسكن الرسول صلى الله عليه وسلم السيدة ماريا بجانب زوجاته ، ولكنه يسكنها في منطقة تسمى العوالي : لأنها منطقة زراعية .. صلى الله عليه وسلم . أترى المراعاة الدقيقة وذوقه في التعامل مع زوجته، فقد كان يستطيع أن يسكنها مع زوجاته. لكنه لم يفعل ..


وأنا أخشى هنا أن يفهم كلامي على أن الأهالي يريدوا كل بناتهم يسكنوا على النيل!


- لذلك على العكس كان النبي غير ذلك عندما زوج ابنته السيدة فاطمة جاءها عريس (لقطة) إنه رجل مؤمن، يعتمد عليه ويا سعد من تتزوجه، لكنه فقير فزوجه إياه على ما يملك، وقد كان ما يملك حصيرة، وسادة حشوها ليف! ، لا أقول إننا سنفعل كذلك اليوم ، ولكن راعوا ذوقيات قدرة الرجل ، ولا تختلفوا على ماديات. ومع ذلك أنا أقول من ذوقيات الإسلام أن تراعي المستوى الاجتماعي والمادي للزوجة.


نعود ثانية لشيء آخر في ذوقيات التعامل مع الزوجة :


- الزوجة في وقت المحيض : وكيف أن حالتها النفسية تكون مختلفة ، وفي هذا الوقت هناك أزواج كثيرين يرفضون التعامل مع الزوجة بأي شكل في هذا الوقت وفي الحقيقة هذا من عدم الذوق ، وأنظر هنا لذوق النبي صلى الله عليه وسلم :


- تقول السيدة عائشة: كنت في أثناء المحيض، أشرب من الإناء فيأخذه النبي وينظر إلى موضع شفتي، ويضع فيه (فمه) على موضع شفتي!


وكان النبي يقصد هذا في هذه الفترة على وجه التحديد ليراعي نفسيتها التي تحتاج لذلك في هذه الفترة. هل بعد ذلك نقول الغرب و تقاليد الغرب؟


يا جماعة أنا لم آتي بجديد فهذه الأحاديث نحن على علم بها، ولكننا لا ندرك أنها تضع لنا أساسيات الذوق والأدب في التعامل لذلك لا بد أن ننتمي للإسلام بفخر.


من الأدبيات أيضا في التعامل مع الزوجة: أن نراعي في لحظة ضعفها أو غضبها:


- السيدة عائشة ذات مرة وهي تجلس مع النبي صلى الله عليه وسلم فإذا بصوتها يرتفع في لحظة دخول سيدنا أبي بكر الصديق ، فكاد أن يضربها ، فجاء النبي وحال بينه وبينها وهدأ أبو بكر ، وذهب أبو بكر ، فوجد النبي السيدة عائشة منكسرة فقد كانت ستهان وتضرب الآن ، فقال لها النبي يهون عليها : أرأيت كيف حلت بينه وبينك ؟ إنه ذوق النبي في التعامل مع زوجته والتهوين عليها في لحظة إنكسار .


- أزواج كثيرين لا يتعاملون مع زوجاتهم بذوق ورقة في التعامل ، دائما يهددون "سأتزوج عليك" ، " سأنفصل عنك" وهذا الحديث حتى ولو مزاحاً يجرح كثيراً.


- السيدة عائشة كانت تجلس ذات مرة مع النبي تحكي له عن قصة عشرة أزواج مع زوجاتهم ، قصة طويلة جداً وفي نهايتها ذكرت له قصة رجل يدعى "أبا زرع" كان رجل رقيق مع زوجته يحبها وتحبه ويعيش معها أجمل عيشة ، إلا أنه طلقها ، فنظر إليها النبي وقال لها : كنت لك كأبي زرع لأم زرع غير أني لا أطلقك. فقد راعى النبي قلق السيدة عائشة بعض الشيء فأراد أن يسكن روعها بذوقه وسرعة بديهته.


- من عدم مراعاة الذوق أيضا في التعامل مع الزوجة: يأتي الرجل من عمله الغائب فيه طول اليوم – إلى بيته متجهم الوجه، ويجلس ليفتح الصحف ويظل يتصفحها ثم يدخل لينام ! وهذا يؤذي الزوجة. صحيح قد تكون متعبا ومرهقا من عملك طوال اليوم ، لكنك لن تكون أكثر إنشغالا من النبي صلى الله عليه وسلم. انظر إليه في بيته : كل زوجات النبي يخبرن عنه أنه كان في بيته هاشا باشا ، وكان ضحاكا في بيته – أي أنه يضحك ويضحك من حوله – وكان يجلس معنا يحدثنا ونحدثه ، فإذا أذن للصلاة كأنه لا يعرفنا ولا نعرفه . ولكنه كان يجلس معهن ويتحدث إليهن لم يغلق على نفسه الباب ويقول إنني متعب ومثقل بمشاكل عدة.


في مسألة الشكل والتزين: يريد الزوج دائماً من زوجته التزين والتحلي له، أما هو فلا يهم، لا يهتم بشكله وأناقته أمامها.


وهذا هو عبد الله بن عباس – وهو من أعلم الصحابة - يقول: إني أحب أن أتزين لزوجتي كما أحب أن تتزين هي لي.


في الحقيقة مفاهيم الذوق في الإسلام عالية جداً وراقية جداً.


آخر مثال سنتحدث فيه يخص المعاشرة الزوجية بين الرجل و:


وكيف أن القرآن تحدث عن ذوق التعامل بينهما في الفراش، فالإسلام لم يترك صغيرة أو كبيرة. اسمع هذه الآية :


"نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم ، وقدموا لأنفسكم"


إذن وقدموا لأنفسكم تعني: الملاطفة والمداعبة قبل المعاشرة إنه من الذوق في العلاقة الزوجية.


والقرآن قد عبر عن ذلك بكلمة كلها ذوق " وقدموا لأنفسكم ".


من الأدب والذوق في بيتك : سنة جميلة :


إذا أردت الدخول إلى بيتك فمن السنة والذوق أن تقرع جرس الباب أولا وتنتظر ثواني ثم تفتح الباب.


وذلك لسببين : الأول : لأن الإسلام يحب أن ترى امرأتك في أحلى صورة ويمكن يكون شعرها أو ملبسها غير مهندم فلا يجب أن تراها هكذا أعطيها فرصة أن تعدل من نفسها ، لأنه من الذوق أيضا أن تقابلك هي أيضا في أبهى صورة "إذا نظر إليها سرته"


والثاني : أن هناك رجال من طبعهم تخوين الزوجة ، والنبي يريد أن ينزع من قلبه وعقله هذه النقطة ، لأنه لا يصح ولا يجوز أن تتعامل مع زوجتك بهذه الصورة أعطيها الأمان دائما، اقرع الجرس أولا ونبهها لمجيئك ثم أدخل عليها.


- ما هذه الذوقيات الراقية؟ إنها بسيطة لكنها تفرق في التعامل.


- الأدب والذوق في الشارع :


وفي الحقيقة ذوقيات التعامل والسلوكيات المهذبة مهدرة في الشارع المصري ولكننا سنتناول سلوكا سلوكا ونتحدث عنه :


1- طريقة المشي: علمونا في بيوتنا : إياك أن تتسكع في مشيتك، أو تسير تتخبط في الحجارة والطوب في الأرض ، أليس كذلك؟


واسمع ماذا كانوا يقولون عن النبي صلى الله عليه وسلم :


" كان إذا مشى أسرع دون الجري ، مشية بها جدية كلها أدب وذوق ، مشية ليس بها تراخي ، وليس بها جري .


- حتى أن القرآن ذكر مسألة المشي وقال " وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هوناً " مشية هينة ، فيها ذوق وعدم تكبر أو تعالي ، فيها هدوء ورصينة.


من السلوكيات المهدرة أيضا في الشارع المصري : نفير السيارات (الكلاكسات) .


- شاب يريد أن ينادي صديق من تحت بيته فيستعمل آلة التنبيه بإسراف وبدون ذوق لأنه متكاسل عن الصعود إليه ، حتى هذه النقطة يتدخل فيها القرآن :


" إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون، ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرا لهم ". (الحجرات 4.5) أدب من الأدبيات في التعامل.


صحيح هو يتحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، لكنه درس أيضا لتنظيم سلوكيات الناس، هذا ينادي وهذا ينادي …


من السلوكيات الأخرى: وأنت تقود سيارتك تأبى أن يسبقك من يقود سيارة خلفك أن يتخطاك أو يسبقك، وتضيق عليه الطريق، فاسمع :


" يأيها الذين آمنوا إذا قيل لكم تفسحوا في المجالس فافسحوا، يفسح الله لكم " . (المجادلة.11)


- يقول عمر بن الخطاب: ثلاثة يصفين لك ود أخيك منهم: " وأن تفسح له في المجلس".





- (أن تفسح له) هنا تنطبق على كل شيء: أن تفسح له في المسجد، أن تفسح له في الطريق بين السيارات، أن تفسح في العزاء ! نعم، ألا تلاحظ أن كل من يدخل إلى سرادق يدخل وهو قلق متوتر لأن كل العيون عليه، فماذا إذا أخذت بيده وأجلسته ألن تكون بذلك قد أنقذته وأنهيت حالة قلقه.


وتنطبق أيضا في المدرج بالكلية، أن تفسح لزملائك. إنها آية في القرآن تعلمك الذوق وأن تفسح لأخيك !


من السلوكيات الخاطئة : إلقاء القمامة في الشارع .


وأنت تقود سيارتك، تلتفت حولك، إذا كان لا أحد يراك تلقي بما معك من قمامة . ولكن النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا " إماطة الأذى عن الطريق صدقة " فما بالك بالذي يلقي بالأذى في الطريق ؟! كيف يكون إثمه؟


" الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها : إماطة الأذى عن الطريق " إذن إماطة الأذى عن الطريق جزءً من الإيمان ، وكأن الذوق أصبح جزءاً من الإيمان. جعل أيضا المحافظ على نظافة الطريق متصدق – في الحديث السابق – إذن نحن في حاجة لفهم إسلامنا بشكل صحيح، لماذا تخاف الناس من الإسلام والالتزام ؟ إذا كان كله ذوق وأدب بهذا الشكل.


فكر معي: لقد قال النبي هذا الحديث " إماطة الأذى عن الطريق صدقة " والجزيرة العربية كلها صحراء وهل ستفرق ؟ بالعكس إننا لا نشعر بتأنيب ضمير إذا ألقينا القمامة ونحن مسافرين على الطريق الصحراوي.


لكن النبي يعلمنا الحضارة من 1400 سنة ، وكأنه يقول هذا الحديث لنا هذه الأيام.


الأسوأ من إلقاء القمامة : من يبصق في الطريق .


- اسمع هذا الحديث: يقول النبي صلى لله عليه وسلم " إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه ابن آدم " وهذا يكفيك لتتعلم الذوق في كل شيء، فانظر إلى أي شيء يتأذى منه ابن آدم وأعلم أن الملائكة تتأذى منه أيضا.


تتأذى من كل شئ : من البصاق ؟ من السجائر ؟ ، رائحة الجوارب ؟ من … نعم تنطبق على كل ذلك.


- إن الذوق والأدب واللياقة أصل من أصول الإيمان.


يقول النبي : " إياكم والجلوس في الطرقات " قالوا : يا رسول الله ما لنا بد إنما هي مجالسنا ، يقول النبي : " إن أبيتم إلا الطريق فاعطوا الطريق حقه " ، قالوا : وما حق الطريق يا رسول الله : قال : " غض البصر ، وكف الأذى ، ورد السلام، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ". إنهم يسألون عن أدبيات الشارع.


الأدب والذوق في الزيارة :


وسأخبرك بسنن النبي، وأنا لا أعلم هل هي حضارة أم سنة أم قيمة جمالية ؟


أولا : تذهب لزيارة شخص بدون ميعاد " يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ". (النور.27). وفي وقتنا الحالي معنى تستأنسوا: أن تقوم بإجراء مكالمة تليفونية تستأذن في الحضور، وانظر إلى التعبير القرآني: تستأنسوا: أي أنك تضمن أن صاحب البيت سيستأنس بك ويمكن أن تستشف ذلك من نبرة صوته بالتليفون. انظر إلى الذوق في هذه الكلمة "وتسلموا على أهلها"، أي أن السلام يأتي بعد الاستئذان وبعد الذهاب للمنزل.


- أما إذا كان ليس على استعداد لاستقبالك فلا تغضب " وإن قيل لكم ارجعوا فارجعوا هو أزكى لكم." (النور.28). إذن يعلمك القرآن أنه من الأدب أن ترجع ولا تغضب.


- إذا أخذت موعدا وذهبت في الموعد المحدد. انت الآن تقف أمام البيت. تذكر أن والدتك وأنت صغير كانت تعلمك ألا تقرع الجرس وتقف في وجه الباب مباشرة لأن ذلك ليس من الذوق ، أما الرسول صلى الله عليه وسلم فهو يوصيك بنفس الوصية ، يقول النبي في معنى الحديث : " لا تقفوا أمام الباب ولكن شرقوا أو غربوا " – أي تقف على يمين أو يسار الباب – أيضا تعلمنا في بيوتنا ألا تقرع الجرس باستمرار وأكثر من مرة حتى لا يضجر أصحاب المنزل ، الرسول أيضا يعلمنا ذلك ، يقول صلى الله عليه وسلم : " الاستئذان ثلاثاً " ومن السنة أن تترك وقتا من الزمن بين كل من هذه المرات الثلاثة حتى تتيح له الفرصة إذا كان يصلي أو بالحمام … ،


" الاستئذان ثلاثاً فإن لم يؤذن لك فارجع " فلا تصر وتطرق على الباب وعلى الجرس بإلحاح لأنك تعتقد أن هناك من بالداخل ، لا يصح " وإذا قيل لكم ارجعوا فارجعوا " .


- وصلنا لقرع الباب ، ومن بالداخل يسأل : من ؟ فلا تقل : أنا ، يعلمنا الإسلام أن نقول أسماءنا مباشرة. يقول جابر بن عبد الله جئت إلى النبي فطرقت الباب، فسأل من ؟ فقلت: أنا، فيقول: فسمعته يقول من الداخل: أنا، أنا ؟ - وكأنه كرهها – فتعلمها الصحابة ، فكان النبي إذا سأل : من ؟ قال هذا : أنا أبا ذر يا رسول الله ، وتقول الأخرى : أنا أم هانئ يا رسول الله ، وهكذا تعلمها الصحابة ،من 1400 سنة ، إنه الإسلام الذي لم يترك صغيرة ولا كبيرة .


- فتح لك الباب فدخلت وأغلقت الباب بشدة من ورائك. هذا ليس من الذوق، يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ، ولا ينزع من شيء إلى شانه" .


- شيء آخر : صاحب المنزل دعاك إلى وليمة (عزومة) فأنت تذهب وتصطحب معك صديق لك ، أو أنك تقول لوالدتكم أن صديقا لك سيأتي لتناول الغذاء عندك ثم تفاجئها بـ 6 اشخاص . هذا ليس من الذوق.


النبي صلى الله عليه وسلم ذهب هو وخمسة من الصحابة إلى أحد الأنصار والذي دعاهم إلى طعام ، وهم يسيرون في الطريق تبعهم سادس ، فأول ما وصلوا عند باب الأنصاري فقال له النبي – للأنصاري - : إن هذا تبعنا فإن شئت أن تأذن له دخل ، وإن شئت رجع ! قال: بل أأذن له يا رسول الله.


- أما نحن فقد نقول خمسة من ستة أشخاص لن تفرق كثيرا، ولن يلاحظ, لكن النبي صلى الله عليه وسلم يقول لنا : لا ، ويعلمنا غير ذلك.


دخلت إلى بيت مضيفك ووجدت التليفون، فطلبت منه أن تتحدث بالتليفون وأجريت مكالمة (مباشر) أو دولية مثلا وأخذت تتحدث نصف ساعة وهذا لا يصح ، وليس من الذوق في شيء ، يقول النبي صلى الله عليه وسلم :


" ما أخذ بسيف الحياء فهو حرام " ما تأخذه من صاحبه وهو يصمت لحيائه منك فهو حرام ! تخيل، ما هذا الدين ؟

مجاهدة فى سبيل الله 11-11-2009 10:02 AM

حـلـقـة ـآ‘لأدب وٍـآ‘لـذوٍق 2
 




ذهبت للزيارة وجلست طويلا جداً، يتنزل قرآن ليقول لك " وإذا طعمتم فانتشروا " بعدما تتناول الطعام، انتشر، لا تطل على الناس.


- الإمام الشافعي له قصة: جاءه من يزوره في مرة وأطال، فأخذ يحضر له الطعام يأكل وينتظر، يأكل وينتظر – أي يطيل – ثم قال له: أخشى أن أكون قد أثقلت عليه يا إمام، فقال له : أنت ثقيل علي وأنت في منزلك!


أنظر حتى عتابه له كان بذوق ، فالجملة تحمل معنيين.


قررت أن تزور قريب لك وتقيم عنده يومين أو أسبوع ، وزوجته رحبت بك ولكن في المقابل ، أنت غير مهتم وغير منظم في البيت حتى أصبح رأٍساً على عقب وتستضيف أناس في البيت وتسهر معهم لوقت متأخر … يقول النبي صلى الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلى المدينة وكان قد نزل ضيفا على بيت رجل يدعى " أبو أيوب الأنصاري " لفترة ما حتى يبنى المسجد النبوي ويبنى بيت للنبي صلى الله عليه وسلم ، وقد كان بيت ( أبا أيوب ) مكون من دورين ، فقال للنبي – من ذوقه – أنت تسكن في الدور الأعلى وأنا أسكن في الدور الأسفل ، حتى لا تدب قدمه فوق النبي صلى الله عليه وسلم ، كان النبي صلى الله عليه وسلم أيضا كله ذوق ، فقال له النبي : لا لأن الكثيرين من الصحابة وغيرهم من سيزور النبي ، فإذا كان أبو ايوب وزوجته في الدور الأول فسينزعجوا من كثرة الزوار ، لكن عندما يكونوا بالدور الأعلى فلن ينزعجوا ولن يضيق على زوجته.


- عندما تذهب لزيارة أحد ، تدخل وتجلس في أي مكان وهذا لا يصح ، فلا بد أن تجلس في المكان الذي يختاره لك صاحب المنزل ، وذلك حتى لا تكشف المنزل كله مثلا ، أو تضيق على زوجته يقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لا يجلس أحدكم على تكرمة الرجل إلا بإذنه " التكرمة : أي السرير.


والمعنى ألا تجلس على شيء من خاصة الرجل إلا بإذنه.


تخيلوا الشخصية التي تتصرف بهذا الشكل ، ألا تكون محبوبة ، ألا تكون متحضرة فالحضارة ليست تكنولوجيا ، وليست بغلو ثمن ما أرتديه، أو بالسيارة ألتي أركبها إنها الأدب والذوق في التعامل ، والذي قد نكون قد تربينا عليه في بيوتنا ، ولكننا ها نحن نقول إنه من 1400 سنة ، وأن مرجعيتنا للإسلام في كل صغيرة وكبيرة .


عيادة المريض: لا تطل في زيارتك لمريض حتى لا تثقل عليه إلا إذا كان هو مستأنسا لجلستك معه، لكن الأصل ألا تطل.


- جاء أربعة ليزوروا الإمام أبو حنيفة وهو مريض وأطالوا جداً، فقال لهم: قوموا فقد شفاني الله عز وجل.


الأدب والذوق مع الجيران :


النبي يعلمنا أنه من السنة إذا حضرت إلى منزلك ومعك أكل نادر أو فاكهة حلوة وجيرانك تطلعوا إليها أو رأوها معك فلا بد أن تعزم عليهم ، وألا تخبأها من الأساس ، لكن لا تستعرض بها وقد رأوها إلا وتعزم عليهم منها.


لكن الرجل يأتي ومعه كيس تفاح مثلا، ويخرج التفاحة يعطيها لأولاده أمام الجيران ليظهر لهم أنه بيت عز، هذا من قلة الذوق.


- من الذوق إنك إذا طبخت طبخة ولها رائحة نفاذة أن تعزم على جيرانك منها.


- من الذوق أيضا ألا تعلو بحائطك عن حائط جارك إلا بإذنه ، ونحن لأن مشكلتنا في معظم العمارات, الناس تعلو بأدوار وحوائط وتقطع عن الأدوار السفلى الشمس والهواء ودون استئذانهم.


الذوق في المسجد :


1- أن تفسح به بالطبع 2- ألا تتخطى الرقاب (بقدمك وأنت تمر) 3- أن تغلق تليفونك المحمول ! نعم، والله إن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه (بن آدم).


- الرجل ينعم الله عليه بلحظة خشوع في الصلاة وإذا بالموبايل يرن فجأة يخرجه من هذه اللحظة فإذا به يكره صاحب التليفون ويمكن أن يدعو عليه في صلاته ، وتتأذى منه الملائكة.


4- أحيانا عندما نحاول أن نقاوم بعض العادات التي جبل عليها الناس وهي ليست من السنة بشكل خطأ، وهنا تحضرني قصة لا أنساها:


كان هناك رجل كبير " شيخ " لا يعمل السنة جيدا ، فبعدما انتهى من صلاته وسلم ، مد يده لمن يصلي بجواره وقال :حرما – طبعا حرما وجمعاً بعد الصلاة هذه لم ترد عن الرسول صلى الله عليه وسلم وليست بالسنة ، لكنها عادة – فالشاب الذي على يمينه مد يده إليه وقال : جمعاً ، أما الشاب الذي على يساره فقال له : أنها ليست من السنة ولم يمد يده للرجل ، فقال له الرجل : إذن قلة الذوق هي التي وردت في السنة؟ فقد كان من الممكن أن يمد الشاب يده ليسلم على الرجل ثم يفهمه بعدها على حدة أن هذه العادة ليست من السنة . فننتبه يا إخواننا لهذه الذوقيات البسيطة في التعامل .


5- من الذوقيات أيضا ألا تفرق بين اثنين في المجلس وتجلس بينهما, من السنة أن تستأذنهما أو تجلس إلى جوارهما.


الذوق في الدعوة إلى الله : إلى الشباب والإخوان الذين أحبوا الدين وأحبوا أن يكلموا الناس عن الدين ، إليهم هذه الذوقيات :


إذا وجدتم أحدا يتصرف بشكل خاطئ : انظروا إلى الحسن والحسين أحفاد النبي صلى الله عليه وسلم ، وجدا رجلا يتوضأ بشكل خاطئ ، فوضعا خطة ذكية. ذهب أحدهما إلى الرجل وقال له : أيها الرجل إن أخي يدعي أنه يتوضأ أفضل مني ، وأنا أقسم أني أتوضأ كما يتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاحكم بيننا وقل أينا يتوضأ اصح ، فدخل الأول وتوضأ على مهل وكما تقول السنة تماماً ، ثم دخل الآخر فتوضأ مثل أخيه ، فنظر إليهما الرجل وقال : والله إني لا أجيد الوضوء كما توضأتما ، فقالا : جزاك الله خيرا وذهباً. انظر كيف يكون الذوق في تصحيح الخطأ وفي الدعوة إلى الله ، فرقت كثيرا عن رجل يذهب إليه ويقول " يا عم الحاج إن ما تفعله خطأ وانظر إلى الصحيح ".


-كان النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد وإذا برجل إعرابي يتبول في المسجد ! تخيل في المسجد النبوي ، فقام الصحابة وكادوا يقتلوه ، فقال لهم النبي : اتركوه حتى يكمل بولته ! تخيلوا ، وأنظر إلى حكمة النبي وذوقه في معالجة الموقف : فقد حدث ما حدث ، وإذا هاجموه وهو يتبول ؟ تخيل كيف سيكون موقفه وهو يجري بهذا المنظر ؟ !


- كلنا نعلم أن سيدنا جبريل عليه السلام لم ينزل بالآذان ، وكان المسلمين يفكرون كيف يجمعوا الناس للصلاة ، فرأى منهم واحد رؤية فيها صيغة الآذان ، وكان قد رأى هذه الرؤية سيدنا عمر بن الخطاب أيضا ، فأتيا النبي يجريان يبلغاه بما رأيا ، فقال النبي : إنها لرؤية حق ، ولكن مر بها بلالاً لا تؤذن أنت به يا من رأيت الرؤية ، قلها لبلال فإنه أندى منك صوتاً – صوته أحلى – حتى لو كان فلان أقرب منه لله ؟ ، لا بل يؤذن من كان صوته أفضل وأحلى ، إنها قيمة جمالية في الإسلام ، وأتى بعدها آلاف المؤذنين الذين يتباهوا بجمال الصوت استجابة لكلمة قالها النبي من 1400 سنة.


الإمام أبو حنيفة كان يحب أن يقوم الليل ، وكان يسكن بجواره مباشرة شاب فاسد ، دائماً يأتي مخمورا ليلا ويظل يغني فكان يشوش على الإمام ، فعلم الإمام أنه لو نهاه وهو في هذه الحالة لن ينتهي ، فكان الشاب يغني ويقول : " أضاعوني ، أضاعوني " ، وفي ليلة جاء الإمام ليصلي فلم يسمعه يغني فسأل عنه : أين الشاب الذي كان يغني " أضاعوني " ، فقالوا له : أمسكت به الشرطة لأنه يشرب الخمر ، فأراد الإمام أن يدعوه ولكن بشكل آخر ، فذهب إلى الشرطة وقال لهم : هلا تركتموه من أجلي فقالوا له : إنه مخمور دائماً ، فألح في طلبه حتى تركوه. فأخذه الإمام وقال له أركب ورائي على بغلتي وظل طوال الطريق صامتاً ، فعندما وصلوا إلى البيت ، قال له : هل أضعناك يا فتى ؟ فقال : لا والله ، والله لا أعود لها أبدا – يقصد الخمر – أرأيتم اللطف والذوق مع الناس ماذا عساه أن يفعل؟


الذوق في حديثك مع الناس :


من السلوكيات الشهيرة والتي لا تدل على الذوق : أن تفاطع الناس في حديثهم ولا تدع لهم الفرصة للكلام.


انظر للنبي صلى الله عليه وسلم ، يأتيه رجل كافر ويعرض عليه كلاما سخيفا وكله استهزاء بالدين. يقول له: يا محمد إن كان ما تفعله هذا تريد به مالا ، فلك الأموال حتى تصير أغنانا ، وإن كان ما تفعله هذا تريد أن تصبح به ملكاً ملكناك علينا ، كلها أمور سخيفة ، وهذا الرجل يدعى عتبة بن ربيعة ، وعندما جاء النبي قال له : يا ابن أخي إني عارض عليك أمور يعرضها عليك قومك فاسمع مني ، فقال له النبي : تكلم يا أبا الوليد ، أسمع – انظر إلى ذوق النبي – ورغم كل ما قاله لم يقاطعه النبي مرة واحدة ، وبعدما انتهى ، سأله النبي : أفرغت يا أبا الوليد ؟ انظر إلى الأدب ، ولاحظ أنه يناديه بكنيته : "أبا الوليد".


فقال له : نعم ، انتهيت ، فقال له النبي : إذن اسمع مني : فقرأ النبي سورة فصلت حتى وصل للآية " فإن أعرضوا فقد أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " فخاف الرجل ، فوضع الرجل يده على النبي صلى الله عليه وسلم وقال له : ناشدتك بالرحم أن تسكت – أي حلفتك بصلة القرابة بيننا – فسكت النبي صلى الله عليه وسلم . أرأيت أدب الحوار.


في يوم الطائف : ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بالحجارة من قبيلة ثقيف، آذته بالضرب والشتم والحجارة والبصاق على وجهه ، وشجت رأس سيدنا زيد بن حارثة خادم النبي ، وتخضبت قدمي النبي بالدم ، وفي وسط هذا يبحث النبي عن مكان يحتمي به من الحجارة فوجد بستانا صغيرا اختبأ فيه ، فرق أصحاب البستان للنبي وقد غطاه الدم ، فأرسلوا له صبيا صغيرا اسمه (عداس) – 12 سنة – وهو نصراني ، قالوا له : أعطي قطفا من العنب لهذا الرجل – فهم لم يتعرفوا على النبي – فوضع الصبي الطبق أمام النبي فتناول النبي واحدة وقال بصوت عال : بسم الله ، فقال له الصبي : إن أهل هذه البلاد لا يقولون هذا الكلام ، فقال النبي : ما اسمك ؟ قال الصبي : عداس ، فقال له : من أي البلاد أنت يا عداس ؟ ، قال له : من (نينوى) ،فقال النبي: من بلد الرجل الصالح : يونس بن متى ؟ فقال له الغلام : وما يدريك ما يونس بن متى ؟ فقال النبي : ذلك أخي ، كان نبيا ، وأنا نبي ، فانكب الغلام على قدم النبي يقبله ، عندما كنت أسمع هذه القصة من قبل كنت أتعجب ما الذي دفع الصبي ليقبل قدم النبي ؟ وقد توصلت للآتي :


1- أن النبي بدأ الحوار بـ " بسم الله " فلا تخفي كلمات الإيمان لكي يحبك الناس.


2- عندما سأله النبي " ما اسمك " وهذه من مفاتيح الحوار الجيدة أن تسأل من تحدثه عن أسمه.


3- وقد استخدم الاسم مباشرة وسأله من أي البلاد أنت يا عداس . وأنت تقف مع شاب وتسأله عن اسمه ، فيقول لك : أحمد ، وبعد دقيقة تقول له : إنني سيعد جداً بمقابلتك يا محمد ، لأنك لم تركز في الاسم ، لكن النبي استخدم الاسم مباشرة حتى لا ينساه ، وحتى يحبب النبي الصبي فيه .


4- ثم سأله عن بلده ، وعندما أجاب قال له من بلد الرجل الصالح : انظر إلى نعته للرجل ، وعندما قال : يونس بن متى ، أتى باسم أبيه تأكيدا للرجل ، وقال : إنه أخي ، ثم قال : كان نبي ، وأنا نبي ، وكأنه ينسب نفسه إليه ، وهذا من ذوقه وأدبه . فانكب الغلام على قدمي النبي يقبلهما .


من الذوق أيضا ومما علموه لنا في بيوتنا، ألا نتكلم بصوت خفيض، (الوشوشة)، وألا نثرثر كثيرا. وكذلك النبي نهانا عن الثرثرة وكان إذا تكلم أسمع . وعلمنا شيء جميل : إنه عندما يكون هناك ثلاثة يقفون معاً ، نهانا النبي عن أن يتناجي اثنان دون الثالث ، إلا إذا كنتما وسط أناس كثيرة ، أو وسط أربعة مثلا ، وذلك حرصا على مشاعر الثالث.


وأنا أعلم فتاة في انجلترا أسلمت بسبب هذا الأدب:


فمن الأدب أيضا : إنه إذا كان هناك ثلاثة ، منهم اثنان يتحدثان لغة أخرى لا يعلمها الثالث ، من الأدب أن تتحدث باللغة التي يعملها الثالث حتى لا يشعر أنهما يتحدثان عنه ، فهذه الفتاة الإنجليزية كانت تعمل بمكان ويعمل معها فيه إثنان مصريان ، فكانا يتحدثان بالعربية سويا ، وكلما جاءت هذه الفتاة أكملا حديثهما بالإنجليزية ، وحدث ذلك أكثر من مرة ، حتى لاحظت الفتاة وسألتهما لم تفعلان ذلك ، فأخبراها أن ذلك من السنة في دينهم وأن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرهم بذلك وهنا قالت بالنص : نبيكم هذا حضاري جداً ، فأسلمت هذه الفتاة بعدها بـ 6 اشهر وتقول أن أول ما دخل قلبي من الإسلام كانت هذه الذوقيات في هذا الدين.


من الذوق أيضا يا شباب ألا يكون لسانك بذئ ، الشباب الآن اعتادوا على أن يسبوا بعضهم. وأنا أذكر لكم هنا :


- أحد التابعين كان معه ابن صغير وكان هناك كلب مر أمامهم ، فقال له الطفل : سر يا كلب يا ابن كلب ، فقال الرجل بغضب شديد لابنه : إياك أن تقول هذا ، فقال له الصبي : لم يا أبت ؟ فهو كلب وأبوه كلب فقال الرجل : يا بني أنت قلتها للتحقير لا للإثبات ، أي لا لكي تثبت أنه أبوه كلب ؟ إنما أردت تحقيره ، ولا ينبغي أن يخرج من لسانك مثل هذا .


- نريد أن نصل لهذا الخلق العظيم: ألا تؤذي شعور إنسان في الكلام ، كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ، ولا يقول : يا فلان أنت فعلت كذا .


- وانظر إلى سيدنا يوسف عليه السلام : بعدما ضيعه إخوته ، وألقوه في البئر ، وتاه عشرين سنة وتعذب كثيرا بسببهم. ، انظر للآية بعدما عاد إليه أبوه وأمه وإخوته وتحققت رؤياه : " ورفع أبويه على العرش ، وقال : يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقا، وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن – ولم يقل إذا أخرجني من السجن والجب حتى لا يؤذي مشاعر إخوته فهم موجودون ، انظر إلى الرقي وجاء بكم من البدو ، من بعد أن نزع الشيطان بيني وبين إخوتي . مع أن الشيطان نزع بينهم هم ليكيدوله له ، لكنه لم يرض أن يقول أن الشيطان ضحك على إخوته ونسب كل ما حدث للشيطان الذي أفسد العلاقة بينه وبين إخوته ، وبدأ بنفسه (بيني) / هل رأيتم الذوق والأدب ، هل ستؤذي بعد ذلك جارتك بالكلام؟ هل ستؤذي زوجك بالكلام ؟


الذوق مع أصحاب المراكز العليا :


أستاذك في الجامعة (الدكتور) ، الوزير ، رجل العلم ……………


من السنة أن تنزله منزلته – إلا في حالة الحرب – انظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم عندما أرسل إلى كسرى ملك الفرس والذي يسجد للنار : من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم الفرس ، وعندما أرسل إلى ملك الروم : من محمد رسول الله إلى هرقل عظيم الروم ، وكان يستطيع أن يقول إلى هرقل الكافر أو كسرى الكافر لكنه ينزل الناس منزلتهم بين أقوامهم . أترى الأدب.


- إياك أن تذهب لأستاذك في الجامعة وتقول له: " أنت " ، تقول له : حضرتك وهذا من الذوق والأدب الإسلامي .


الذوق مع أصحاب الفضل عليك :


ومنهم معلمك ، إياك أن تعتقد أنه من الرجولة أن تسخر من معلمك.إنه من أصحاب الفضل عليك ألم يعلمك ؟ ، كذلك من علمك الدين ، من أخذ بيدك في طريق الإسلام والالتزام ، أي أحد له فضل عليك.


- وأنظر إلى العباس عندما سأله رجل: أيكما أكبر أنت أم رسول الله ؟ - والعباس أكبر – فقال : هو أكبر مني ، وأنا ولدت قبله.


- سيدنا أبو بكر والنبي صلى الله عليه وسلم : دخلا المدينة يوم الهجرة ولم يعلم أهل المدينة بعد أيهما رسول الله ، وكان أبو بكر متقدم براحلته فظن الناس أنه النبي ، فأخذوا بخطام ناقته ، فلم يشأ أن يحرجهم فأخذ بعباءته وظلل بها النبي ، ففهم الناس وجروا جميعهم نحو ناقة النبي.


- أحيانا من طول العشرة بينك وبين مدرسك تفقد أدبك وذوقك معه. مثل أن يكون يعطي لك درس خصوصي في المنزل ، فتتباسط معه في الحديث. وهذا عيب في حقه فهو له فضل عليك .


انظر إلى الإمام الشافعي : يقول : لا استطيع أن أقلب الورق بصوت مرتفع بين يدي أستاذي حتى لا أزعجه.


ويقول الشافعي : لا أستطيع أن أشرب الماء أمام أستاذي إجلالا له.


الذوق في الجنائز:


تجد السيدات في الجنائز في وسط تلاوة القرآن، وأم أو أخت أو زوجة المتوفي تبكي ، كل منهما تتحدث مع جارتها ، وكذلك الرجال.


يقول النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله يحب الصمت في ثلاث: عند الزحف، وعند قراءة القرآن، وفي تشييع الجنائز.


أخيرا في الذوق مع الناس :


1) المبالغة في الذوق تعد من قلة الذوق :


مثال: وأنت تزور مريضا, تخفف في الزيارة، لكن المريض طلب منك بإلحاح أن تجلس معه، فأنت تقسم على أن تذهب وتقول هذا ما تعلمناه وهذا من الذوق، لا المبالغة والتكلف في الذوق من قلة الذوق.


يقول الإمام الشافعي: أثقل إخواني على قلبي: من يتكلف لي وأتكلف له وأحب إخواني إلى قلبي من أكون معه كما أكون وحدي.


2) المبالغة في الجدية ليست من الذوق:


أي أنك لا تضحك مثلا أبدا مدعي الجدية والذوق. هذا ليس من الذوق .


الأدب مع الله

1- صيانة فكرك من أن تلحق بالله أي نقيصة.


مثال : (ليه يا رب عملت في أولادي كده؟) هذه قلة أدب مع الله عز وجل).


2- صيانة قلبك أن يلتفت لغير الله عز وجل.


أليس عيبا أنت تلتفت لغيره وتفكر فيما سواه وأنت تصلي بين يديه؟


3- صيانة أفعالك من أن تفعل شيء يكرهه الله عز وجل.


مثال : تنظر لامرأة في الطريق ، تصاحب فتاة ، تترك صلاة ، تفعل ذنب كذا .. كل هذا من سوء الأدب مع الله.


يقول العلماء : من تأدب بهذه الثلاثة : فكره مع الله ، وقلبه مع الله ، وأفعاله لله ومع الله فهو من أهله محبة الله.


أرأيت الأدب مع الله يصل بك إلى أي مرتبة ؟





من نماذج الأدب مع الله :


سيدنا عيسى بن مريم عندما يقول له الله يوم القيامة :


" وإذا قال الله يا عيسى بن مريم أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله ؟". فيجيب:" إن كنت قلته فقد علمته ، تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك " الله على الأدب ، كان من ممكن يقول له : لا لم أقل وكيف ذلك و …… لكنه اكتفى بأدب وذوق مع الله أن يبجل ويرفع علمه على أنه يقول مثل هذا ولا يعمله وهو يعلم كل شيء فقال مكملا : إنك علام الغيوب ، ما قلت لهم إلا ما أمرتني به وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم ، فلما توفيتني كنت أنت الرقيب عليهم ، أنت على كل شيء شهيدا ، إن تعذبهم فإنه عبادك ، وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم " ما رأيكم في الأدب ؟


قصة سيدنا موسى مع الخضر :


الخضر فعل 3 أشياء : 1) خرق السفينة 2) قتل الغلام 3) بنى الجدار لليتيمين. انظر عندما تحدث عنهم :


الفعلين الأولين في ظاهرهما شر فألحق بنفسه عند الحديث قائلا :


" أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها " ولم يلحق العمل بالله. " وأما الغلام فكان أبواه مؤمنين فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا، فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه".


فقال: خشينا وأردنا ولم يقل: أراد الله حتى لا يلحق عمل الشر بالله حتى لو في الظاهر.


لكن عندما تحدث عن الجدار " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهم وكان أبوهما صالحاً فأراد ربك أن يبلغا أشهدهما ويستخرجا كنزهما". هنا قال أراد ربك: لأن العمل فيه خير إذن فمن الله.


الناس جميعا متفاوتون عند الله على حسب أدبهم مع الله عز وجل ، ولذلك ربنا لعن اليهود وأحد أسباب لعنتهم اجترائهم و قلة أدبهم مع الله عز وجل " وقالت اليهود يد الله مغلولة ، غلت أيديهم ولعنوا بما قالوا بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء"


لقد سمع الله قول الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء " إنهم اليهود أيضا لقد لعنوا بسبب سوء أدبهم مع الله.


أما نحن فمتفاوتون أيضا مع الله عز وجل في الأدب .


منا من يترك المعاصي أدبا مع الله .


ومنا من يقوم الليل ولكنه يرتدي أفضل عباءة عنده ويتعطر بأطيب العطور قائلا: إنه يتجمل للقاء الله عز وجل.


ومنا من يستاك (أي يستعمل السواك) قبل كل صلاة حتى تكون رائحة فمه جيدة وهو مشرف على مقابلة الله عز وجل.


ومنا من يسمع آذان الصلاة ويقف لينصت له تعظيما لشعائر الله عز وجل.


وإذا سمع القرآن أطرق أدبا مع الله عز وجل.


الأدب مع الله درجات يا شباب، وأنا هنا أشبهها بملك طلب مقابلة أحد رعيته، يا ترى سيدخلون عليه واحد غير مهذب أم سيدخلون واحد شديد الأدب ؟


فكذلك الله عز وجل يدخل عليه الناس بقدر أدبهم معه تبارك وتعالى، ولذلك أكثر الناس أدبا هو أكثر من يدخله الله عليه ، لذلك الوحيد الذي دخل سدرة المنتهى للقاء الله عز وجل في رحلة الإسراء والمعراج هو رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أكمل الناس أدبا.


فقال عنه الله: "ما زاغ البصر وما طغى" في هذا اللقاء من شدة أدبه مع الله.


هذا هو الأدب يا إخوان وحقا أنه من تهاون في الأدب مع الله حرم السنن وكثرت معاصيه.


أوصيكم بالأدب مع الله والأدب مع رسول الله ومحاولات التخلق بالأدب مع الناس.


تم بحمد الله.

مجاهدة فى سبيل الله 11-11-2009 10:03 AM

حـلـقـة ـآ‘لـصـدق
 


حــلــقــة ـآ‘لــصــدق

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم


إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً.





الصدق صفة ملازمة للأنبياء، فهي صفة لصيقة بالنبي وكلما امتدح الله عز وجل نبيا في كتابه، وصفه بأنه صادق، صدّيق.


"واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صدّيقاً نبياً"، "واذكر في الكتاب إدريس إنه كان صدّيقاً نبياً"، "واذكر في الكتاب إسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولاً نبياً". سورة مريم. وهكذا نرى أنها كانت صفة لصيقة بالأنبياء لدرجة تصل للكمال الذي لا يضاهيها ريبة واحدة أو يشك فيها لحظة واحدة، إذن فهي صفة أساسية في النبي.


كان النبي بين أهله وعشيرته يتصف بصفة "الصادق الأمين"- قبل بعثته وبين أصحابه وأتباعه بعد البعثة هو "الصادق المصدوق".


- حتى أنه يوم صعد فوق جبل الصفا – بعد 3سنوات من بعثته – عندما أمر بالجهر بالدعوة: "فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين"(سورة الحجر 94), يصعد الجبل ويقول كلاما هو أقرب لعدم التصديق حتى يختبر إلى أي مدى هم يصدقونه. يجمع القبائل كلها و ينادي فيهم: "أرأيتم إن أخبرتكم أن خلف هذا جبل خيلاً تريد أن تغير عليكم، أكنتم مصدّقي؟ - ومن سافر للحج أو العمرة يعلم أن جبل الصفا قصير، وسهل رؤية الخيل لو كانت وراءه فعلاً – فقالوا: ما جربنا عليك كذباً قط، فقال: فإني لكم نذير بين يدّي عذاب شديد".


حتى أبو لهب عندما قام ليرد عليه لم يستطع أن يقول له أنت كاذب، إنما قال له تباً لك, أجمعتنا لهذا؟ - أرأيتم الصفة راسخة عند النبي لأي مدى؟ أما بعد البعثة فهو الصادق المصدوق. يروي ابن مسعود : حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة – ويأتي العلم الحديث ليثبت هذه الحقيقة والتي كان لا يتخيلها الصحابة وقتها – ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يرسل إليه الملك فينفخ فيه الروح .. إلى آخر الحديث.


هذا الكلام لم يشهده الصحابة مثلما شهدنا نحن اليوم مع التقدم والسونار الذي يحدد اليوم عمر المولود، لكن الصحابي عندما روى الحديث قال : حدثنا الصادق المصدوق وصدقوا فعلاً ما قاله النبي.


إذن نحن نتحدث عن صفة الأنبياء الأصيلة واللازمة لهم وخاصة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وتخيل لو أنه ثبت على أحد الأنبياء أنه كذب ولو مرة هل سيصدق بعد ذلك في رسالته؟


بل إن الله سبحانه وتعالى لا يعاملنا إلا صدقاً، يقول الله تبارك وتعالى:


"الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه، ومن أصدق من الله حديثاً" ويقول أيضاً: "والذين أمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً، وعد الله حقاً، ومن أصدق من الله قيلاً".( سورة النساء).


هل تصدق بيوم القيامة ؟ وبالجنة تمام اليقين؟ فليس هناك أصدق من الله إذن إذا كنت مصدّقا بالجنة، فأين استعدادك لها؟ أمستعد أنت ليوم القيامة؟ وإذا كنت مصدّقا بالنار فأين خوفك منها؟


وستجد أن هناك معاني كثيرة مشتقة من الصدق لا نلاحظها : مثل :


كلمة صديق : هي مشتقة من الصدق، لأن الصديق هو الذي يصدق في معاملته لك فلا يخونك أبداً.


الصدقة: لا تتعجب، فهي دليل صدقك مع الله بشكل عملي, إذن فهي من الصدق.





فضل الصدق، وأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الصدق

يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم :"إن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة – وكأن الصدق طريقك للجنة مباشرة – وإن الرجل ليصدق ويتحرّى الصدق حتى يكتب عند الله صدّيقاً، وإن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار- وكأن طريق النار من الكذب – وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً".


بالله عليك ماذا تريد أن تكتب عند الله؟


تخيلوا إنه من الممكن أن يكون بيننا من يكتب عند الله كذاباً ويحشر يوم القيامة بهذه الصفة، ويقرأ صحيفته كلما قلب فيها وجد نفسه منعوتا عند الله بأنه كاذب حتى أن الملائكة تعرف أن هذا كذاب.


وآخر بسيط جداًَ ممكن يكون طالب أو امرأة في بيتها تتحرى الصدق وتأتي يوم القيامة وينادى عليها هكذا.


(الصدق يهدي إلى البر) : اختار النبي كلمة يهدي وكأن الصدق هو الذي يأخذ بيدك إلى الجنة، وإذا كذبت فسيأخذ الكذب بك إلى النار.


وانظر لكلمة (يتحرى) : أي أنك تبحث عن الدقة في صدقك فلا تترك كذيبة.


(الكذب يهدي إلى الفجور): اختار "الفجور" لأنها الاسم الجامع لكل أنواع الشرور وكأن كل الشر يأتي بسبب الكذب.


يقول النبي صلى الله عليه وسلم:" اضمنوا لي ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة، اصدقوا إذا كذّبتم، وأوفوا إذا عاهدتم، وأدّوا إذا اؤتمنتم، واحفظوا فروجكم، وغضّوا أبصاركم، وكفّوا أيديكم".


حديث النبي صلى الله عليه وسلم: " من يضمن لي ما بين لحيّيه – عظام الفك ويقصد اللسان – وما بين رجليه – يقصد الفرج – اضمن له الجنة" من الضامن هنا؟ النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح ( رواه الترمذي).


يقول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن الصدق طمأنينة والكذب ريبة" (رواه الترمذي). وكأن النبي يعبر عن دخائل نفسك، وأنت تصدق الحديث بم تشعر؟ الراحة والاطمئنان, أليس كذلك؟ لا تشعر بقلق، لا تشعر بتردد، وجهك لا يتغير لونه من الكذب.


وإذاً فهنا الحديث علمنا أننا عندما نتعامل مع الصادق نشعر بالطمأنينة وعندما تتعامل مع الكاذب أنت قلق، لا تعرف ماذا سيفعل، لا تثق فيه.


فتخيلوا لو أن المجتمع كله يسوده الكذب، سيكون القلق إلى أي مدى؟ والعكس لو أن المجتمع يسوده الرحمة ويسوده الصدق، الناس مطمئنة بعضها البعض، إذن فالمجتمع تسوده الثقة.


حديث النبي صلى الله عليه وسلم: "كبرت خيانة أن تحدث أخاك حديثاً هو لك به مصدّق وأنت له به كاذب". تتحدث مع صديقك وهو يعتقد أنك صادق وأنت تكذب عليه، ثم تقول لأصدقائك: إنه ساذج لقد صدّقني، إذا كان هو ساذج فأنت خائن عند الله.


لذلك لا تغضب إذا فعلها أحد معك، فهو خائن.


حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" آية المنافق ثلاثة : إذا حدث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا أؤتمن خان".


حديث النبي صلى الله عليه وسلم حديث صحيح (رواه الترمذي): "إذا كذب العبد تباعد عنه الملك – الملك الموكل بك – ميلاً من نتن ما جاء به – من نتانة الكذب (الكلام الغير صادق) فإذا كان الأمر كذلك عند الملك، فكيف يكون عند الله؟ الملك بعد ميلاً فكيف سيغضب عليك الله؟ وإذا بعد الملك مَن المسيطر عليك وقتها؟ إنه الشيطان.


يقول الصحابة: "ما كان هناك خلق أبغض إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب". الذين يحبون النبي صلى الله عليه وسلم ويتمنون أن يحبهم النبي، ويصلون عليه لأنه يعلمون أنه يرد عليهم الآن، هل تريدون أن يبغضكم، فهو يبغض الكذب.


يقول الصحابة :" ما كان هناك خلق أبغض إلى رسول الله من الكذب، ولقد كان الرجل يحدث الكذبة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فيتغير – قلب النبي على الرجل – فلا يزال النبي في نفسه – لا يطيقه – حتى يعلم أنه أحدث منها توبة".


نتعلم من هذه القصة نقطتين:


1) وأنت تكذب تخيل أن النبي صلى الله عليه وسلم تغير قلبه عليك وغضب منك.


2) النبي يظل متغيرا من ناحيتك حتى تتوب.


أريت أن الكذب من الممكن أن يُمحى من صحيفتك ويرضى عنك الله إذا تُبت من الكذب.


- يقول النبي في حديث له : "أن من علامات الساعة الصغرى كثرة الكذب" أن يشيع الكذب في المجتمعات.


- والعلماء يقولون أن من استدام على الكذب أتى بكبيرة من الكبائر تخيل ! ولنبحث هاتين النقطتين:


لماذا الكذب من علامات الساعة ؟


لأن الكون قائم على صفة أصيلة وهي الحق "خلق السماوات والأرض بالحق" ، وما الذي يُفسد الحق ؟ السبل الأساسية لهدم الحقائق والمؤدية للباطل هي الكذب، فتخيلوا أن الكذب ينتشر وينتشر حتى يصير المعروف منكرا، والخير شراً، والحق باطلاً – تهدم وتغلب الحقائق كلها حتى لا يعمل الناس أين الحقائق، أين الخير وأين الشر ؟ وقتها تقوم الساعة. وتزول السماوات والأرض لأن الأساس ضاع و هو الحق– ولذلك من علامات حفظ الأرض أن تظل الناس مصدقة ومؤمنة بالحق وتنكر الكذب فتعلم أن ما زال في الأرض بقية.


لذلك نقول أن ما زال في بلادنا وأممنا أمل كبير، فمازال الناس تصدق الحق وتعلم الحق وتنظر إلى الحق.


إذن لماذا الكذب والاستمرار عليه يعد من الكبائر؟


لأن الكذب يظل يسري على اللسان حتى تصدق نفسك من داخلك وتتخيل أنك على الحق ويمكن أن تتعصب لرأيك ولنفسك مع أنك على الباطل هذه مرحلة ، ثم تنتقل لمرحلة ينتقل الكذب لأفعالك ، أصبحت أفعالك مناقضة لأقوالك ، وأصبحت كل أحوالك وعاداتك وتصرفاتك كذب في كذب .. أنت يقينا من أصحاب الكبائر فأنت تغش ، وتستبيح الحرمات .. لذلك فإن الكذب يفتح باب الكبائر.


- ولندلل على ذلك: تعالى نقول لإنسان افعل كل المعاصي ما عدا الكذب.


- فتاة تصادق فتى دون علم أهلها.. لن نطلب منها قطع العلاقة ولكننا سنطلب منها ألا تكذب. مرة بعد الأخرى وبعد الإهانات والعقوبات التي ستتعرض لها من أهلها ليس أمامها إلى أن تعود للكذب حتى تستطيع الاستمرار في العلاقة، أو أنها تقطع العلاقة.


- في مرة عدت متأخرا إلى المنزل من سهرة حدث فيها معاصي، وطلبنا منك أن لا تذكر الأمر, وسألك أبوك أين كنت؟ ماذا ستفعل؟


- إذن إذا أردت أن تغلق باب الكبائر، أول شيء تفعله أن تقلع عن الكذب ستعاني في البداية لكنك بعد قليل ستفضل أن تقلع عن كل المعاصي والكبائر حتى لا تضطر للكذب. أرأيتم قيمة الصدق؟


- يقولون أيضاً : أن الكذب يؤدي لا محالة إلى النفاق . تخيل !


حتى أن الله سبحانه وتعالى عندما يصنف الناس يقسمهم إلى صنفين صادق ومنافق في قوله تعالى : "ليجزي الله الصادقين بصدقهم ويعذب المنافقين إن شاء أو يتوب عليهم".( سورة الأحزاب 24). ما الذي أتى بصفة المنافقين هنا؟ ألا تكون للكاذبين؟ ذلك أن الكاذب لا بد وأن يكون في النهاية منافق.


- ولذلك أساس الإيمان الصدق، و أساس النفاق الكذب، لذلك لا يمكن أن يجتمع في قلبك الإيمان والكذب ولا بد أن يطرد أحدهما الآخر.


أثر الكذب يوم القيامة:


يقول الله تبارك وتعالى: "ويوم القيامة ترى الذين كذبوا على الله وجوههم مسودة، أليس في جهنم مثوى للمتكبرين" (سورة الزمر 60)


وينادي الله يوم القيامة: "هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم".( سورة المائدة 119).


حتى لو أدى الصدق بك إلى مهالك في الدنيا فسينفعك يوم القيامة وتستبشر بهذا النداء ويحدث الله تعالى عن الأنبياء "وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم ومنك ومن نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثاقاً غليظاً ليسأل الصادقين عن صدقهم".(سورة الأحزاب 8)


بداية الآية كانت تتحدث عن الأنبياء إذن فهم من سيسألون عن صدقهم فكيف بالكاذبين أن يسألوا عن صدقهم، إذا كان موسى وعيسى ونوح بل ومحمد صلى اله عليه وسلم سيسألهم الله عن صدقهم، فبالله عليك ماذا ستفعل أنت؟


- لا تتعجب من قيمة الصدق فكما قلنا هو قوام السماوات والأرض، وإذا زال ستقوم الساعة.


- في حديث الشفاعة للنبي صلى الله عليه سلم ، أن النبي بعد طول موقف الحساب يوم القيامة وهو شيء قاس (خمسين ألف سنة والناس تقف حفاة عراة وتدنو الشمس من الرؤوس) ومن الألم الشديد يبدأ الكافرون يطلبون من الله أن ينجيهم من هذا الموقف حتى لو بدخولهم جهنم، وتذهب البشرية المليارات والبلايين من الناس لكل نبي من الأنبياء يريدون أن يشفع لهم حتى ينتهوا من الحساب ، حتى يقول النبي : أنا لها ، أنا لها – صلى الله عليه وسلم ويسجد تحت العرش وينادي الله سبحانه وتعالى يقول له الله : ارفع رأسك يا محمد ، سل تعط, واشفع تشفع.


- إنني أحكي هذه الحكاية ، لأن من ضمن الأنبياء الذين سيلجأ إليهم البشرية في هذا الموقف سيدنا إبراهيم يقولون له : يا خليل الرحمن ، يا أبا الأنبياء اشفع لنا عند الله فيقول سيدنا إبراهيم : "نفسي ، نفسي ، لست لها ، لست لها " ، لقد كذبت ثلاث كذبات منها عندما قلت " بل فعلها كبيرهم هذا " في حادثة تكسير الأصنام ..


اعتبرها كذبة مع أنها تورية للحفاظ على الحق ، وفعلها ليثبت للكفار أنهم على الباطل لكنه الصادق الذي ترهف نفسه لأي كذبة ، وشعر أنها كبيرة وتمنع من الشفاعة فما بال الذي يأتي يوم القيامة وحياته كلها كذب ، والمصيبة أنه لا تتأزم نفسه ولا ترهف نفسه لذلك ولخطورة الكذب.


- يقول الله تبارك وتعالى و هو يصف نوعية من الناس الكاذبين, الذين تعودوا الكذب أنه سيأتون يوم القيامة يكذبون على الله سبحانه وتعالى ! تخيل. "ثم لم تكن فتنتهم إلا أن قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ، أنظر كيف كذبوا على أنفسهم وضل عنهم ما كانوا يفترون"


وصل بهم التعود والإصرار على الكذب إلى الحد الذي جعلهم يحلفون بالله أمام الله عز وجل بالكذب ! فيقول الله عنهم, إنهم كذبوا على أنفسهم ولم يكذبوا على الله.





ما هي أسباب الكذب: لماذا يكذب الناس؟

خوفك من أن تقع في مصيبة أو مشكلة (إذا أتزنقت)

- وهذا هو السبب الأعم عند الناس – زوجة ظلت تشاهد التلفزيون طوال اليوم، وجاء زوجها ليسألها عن الطعام، ستصبح مشكلة ويحدث خصام بينهما مثلا إذا قالت له الحقيقة، فتضطر للكذب (الموقد فيه مشكلة مثلا، …)


إذن السبب هنا هو الخروج من المأزق الحرج واعتقادي أن كلمة الكذب هذه هي التي ستنقذني من هذا الموقف.


أليس هذا هو السبب الشهير الذي يقع أغلبنا في الكذب بسببه؟ طالب مثلا رسب في الامتحان ، لم يذاكر ، وينتظر أبوه النتيجة لا يستطيع أن يخبره بالحقيقة ، فيقول له أنه نجح ويفاجئ الأب بعد 4 سنوات برسوب ابنه، موظف ولم يخلص في عمله وسأله مديره عن العمل المكلف به ، فيخاف من العقاب فيضطر للكذب ..


- المشكلة أنك تعتقد أن هذه الكذبة هي التي ستنجيك، لكن لو علمت أن ما فعلت سيوقعك في شرور ومشاكل أشد، وأنه سيزداد غضب من تريد إرضاؤه عليك كما سيغضب الله منك بل وسيكشف كذبك أمامه. إذن ما رأيك ؟ هل تكذب وتنقذ من موقف اللحظة ثم تكشف بعد ذلك فيكون موقفك أصعب ؟ أم تصدق وتتحمل العقاب ويعرف عنك أنك صادق؟


يقول النبي صلى الله عليه وسلم "تحروا الصدق وإن رأيتم الهلكة فيه ، فإن فيه النجاة" ، حديث جميل – إن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم – العلماء يقولون "لو وضع الصدق على جرح لبرأ" ، لو أنك فعلت خطأ ما ومجروح منه ووضعت عليه الصدق لبرأت، وأحيانا العلاج يؤلم الجرح لكنه يشفي في النهاية.


- يقول عمر بن الخطاب: "لئن يضعني الصدق – أي يضعني في مرتبة دنيا – وقلما يضع- أحب إلي من أن يرفعني الكذب، وقلما يرفع".


أن يكون شكلي سيء أمام الناس وأكون صادق ، خير من أن يكون شكلي جيد أمام الناس وأنا كاذب.


- يقول عمر بن عبد العزيز "والله ما كذبت كذبة منذ أن علمت أن الكذب يشين بأهله".


- يقول جنيد : " حقيقة الصدق أن تصدق في وضع لا ينجيك فيه إلا الكذب " وهذا هو أعظم الصدق أن تصدق في وضع أنت متأكد فيه أن كلمة كذب واحدة هي التي ستنجيك.


سأحكي لك قصة حدثت في عهد النبي:


خرج النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ،و معه (30 ألف صحابي) والحر شديد في شهر أغسطس ، المسافة بعيدة حوالي 1000 كيلو.قبل الخروج بدأ المنافقون يستأذنون النبي صلى الله عليه وسلم . لكن كان هناك ثلاثة من الصحابة الصادقين لم يخرجوا (تخاذلوا) ومنهم (كعب بن مالك) وهو الذي يروي لنا هذه القصة ، فيقول أخذ كل يوم يمر يقول سألحق بهم غداً ، سألحق بهم غداً، حتى قطعوا مسافة لن يستطيع اللحاق بهم فيها ، وأخذ يمشي في المدينة لا يجد سوى المنافقين حتى انتهى النبي من غزوته وعاد ، فيقول: فلما قفل النبي صلى الله عليه وسلم عائدا حضرني بثي – أي شدة حزني – ماذا سأخبره ؟ وكيف أخرج من سخطه غداً ؟


- أليس هذا ما يحدث لك ؟ ومن الذي تهابه أو تخاف سخطه؟ أبوك ؟ أمك ؟ زوجك ؟ وهذا هو النبي صلى الله عليه وسلم – فيقول فطفقت أتذكر الكذب وأختار أكثر كذبة سيصدقها النبي ويعذرني بها – أليس هذا ما يحدث لك ؟ فلما عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم ذهب عني الباطل فأجمعت صدقه – أي نويت على صدق الرسول – تخيل لو أنك في هذا الموقف وتخلفت عن الجهاد معه في سبيل الله – فجاء النبي وجلس في المسجد ، والمنافقون اتفقوا على الدخول مرة واحدة ومكثوا يتسمحون النبي ويحلفون له والله حدث كذا وكذا وهذا ما منعنا ، فقبلهم النبي في علانيته واستغفر لهم في سره ، وجدد لهم البيعة وخرجوا فرحين ورأى كعب بن مالك ذلك ، أي أن الكذب قد أفلح أمامه ، فيقول : فنظر إلي النبي وتبسم تبسم المغضب ، وقال لي : تعال ، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه.


فسأله النبي: ما خلفك ؟ ألم تكن قد ابتعت ظهرك ؟ أي اشتريت جملا يحملك. قال: يا رسول الله لو جلست عند ملك من ملوك الدنيا لخرجت من عنده بعذر, لقد أوتيت جدلا – أي يستطيع الكذب بحلو الكلام – ولكن يا رسول الله لئن حدثتك اليوم حديثا يرضيك عني ليوشكن الله أن يسخطك علي ، ولئن حدثتك حديث صدق تجد فيه علي – أي تغضب مني فيه – وإني لأرجو فيه رضى الله ، والله يا رسول الله ما كان عندي عذر – يحلف له بالله – وما كنت أقوى ولا أيسر حالا من يومها ! – ألا تستطيع أن تفعل ذلك مع والدك ، مع مديرك في العمل ؟ ليس لي عذر ! – ولكن ليس من باب الاستعلاء (وأعلى ما في خيلك أركبه) لا ، وسيدنا كعب أيضا لم يقصد ذلك إنما هو الصدق. فقال النبي : أما هذا فقد صدق – أي أن الباقين لم يصدقوا والنبي علم ذلك – قم حتى يقضي الله فيك ، فيقول : فقمت ، ونهى النبي عن كلامنا نحن الثلاثة أربعين يوما ثم زيدت عشرة أيام. فكانوا خمسين يوما لا يكلمهم أحد من الصحابة ولا النبي.


– هل معنى أنه صدق ألا يعاقب؟ لا, فالنبي يريد أن يعلمنا أنك لا بد وأن تصدق وتتحمل العقاب ، فلا تقل إذا صدقت والدي سيحرمني من المصروف إذن الكذب أنفع ، لا ، أصدق وتحمل نتيجة خطأك – وظلوا هكذا حتى ضاقت الأرض بما رحبت على كعب بن مالك ، كما وصف القرآن في سورة التوبة – فيقول سيدنا كعب : فلما خرجت من عند النبي جاءني أناس من قبيلة أبي سلمة من الأنصار يقولون لي ،لو كنت كذبت وتعللت بأي شيء مثل فلان وفلان, ألم تر أن النبي قد استغفر لهم ، واستغفار النبي لك يمحو ما فات ، يقول حتى هممت أن أعود إلى النبي فأكذب نفسي ! – وهو يحكي لك ترددات النفس ، وهذا ما يحدث لنا – وظل الوضع كما هو ولا يكلمهم أحد حتى نزلت توبة الثلاثة في قرآن يتلى إلى يوم القيامة " لقد تاب الله علي النبي … وعلى الثلاثة الذي خلفوا … وآخر الآية يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين" قلدوا كعب بن مالك ، واصدقوا ..


لم لا نجرب ونتفق على الصدق ويحدث ما يحدث ستمر كغيرها ولكنك ستعرف بين الناس بالصادق ، ولذلك بعد ما مرت الخمسين يوما ذهبت لأسلم على النبي في المسجد – والكلام هنا لكعب بن مالك – فيقول : فاستنار وجهه من الفرحة ، وكنا نعرف ذلك عن النبي إذا ابتسم وفرح لشيء استنار وجهه كأنه القمر ، فنظر إلي رسول الله ، فقلت له : يا رسول الله والله ما نجاني إلى الصدق ، وإن من توبتي ألا أحدث بعد ذلك إلا صدقا – والله ما كذبت بعدها كذبة ، وإني لأرجو أن أستديم عليها حتى أموت . هل نستطيع أن نكون هكذا ؟





جلب المنفعة لنفسك

سبب ثاني من أسباب الكذب : جلب المنفعة لنفسك (جاه – منفعة – رياسة – مال – مكانة في المجتمع …) وهذا النوع أخبث واشد وأسوأ عند الله من النوع الأول وهذا النوع هو الذي يؤدي إلى النفاق ، لأنك ستبدأ في الغش ، وتستبيح الحرمات وتستبيح دماء ، فلا يعقل أنك لتجلب المنفعة ستكذب فقط . وهذا النوع هو الذي أهلك أبا جهل. الناس تعتقد أن أبا جهل كان يكذب النبي لأنه معتقد أنه كاذب بالفعل ، لكن الحقيقة أنه كان يعلم أنه صادق ، والدليل حادثة شهيرة في السيرة ، كان النبي صلى الله عليه وسلم قد مر على أبي جهل وصديق له يدعوهما للإسلام ، فقال له أبو جهل : أنت كاذب يا محمد ولا أصدقك ، فالنبي تركه وغادر وهو حزين ، وبعد ما غادر قال أبو جهل لصديقه : أنا أعلم أنه صادق .


- ولقد رواها صديقه لأنه أسلم بعد ذلك – ولكن يمنعني أن أؤمن به أننا – أي قبيلته – وقبيلة بني عبد مناف – قبيلة سيدنا محمد – كنا فرسي رهان أي يسابقان بعضهما في النفوذ والجاه والمنافع – يقولون منا كذا ، نقول منا كذا ، نقول : ونحن منا كذا ، أي عندنا كذا ، فنقول : ونحن عندنا كذا – حتى قالوا : ونحن منا نبي ، فأنى لنا بها ؟ فلن أصدقه أمام الناس.


تخيل أنه سيصبح في قعر نار جهنم لأنه كان حريص على منفعة شخصية، فإياك أن تكون من هذا النوع.





لإيذاء الآخرين

السبب الثالث للكذب: لإيذاء الآخرين، بسبب حقد أو غل أو حسد


أنت تحقد على شخص ، فتكذب لكي تسبب له مشكلة أو ورطة ، تكره إنسان فتكذب لكن تحقر من مقامه ، فانتبه فمن الممكن أن تكذب كذبة في عرض شخص تجعل الناس تلوك في عرضه فتهوي بك في النار سبعين خريفاً . وهذا السبب عاقبته خطيرة.





أن تكذب للكذب

تستلذ بالكذب وأنا أحيل هذا النوع للأحاديث النبوية التي ذكرناها في البداية . إنه شيء خطير.


- سئل النبي صلى الله عليه وسلم: " أيكون المؤمن جباناً ؟ قال: نعم، قالوا: يا رسول الله, أيكون المؤمن بخيلا ؟ قال: نعم، قالوا يا رسول الله: أيكون المؤمن كذاباً، قال: لا ". أرأيتم ؟ وكأننا ممكن نعذرك في لحظة ضعفت فيها يدك فكنت بخيلا – ولكن ليس معنى هذا أن تكون بخيلا أو جباناً – أو نعذرك في لحظة جبنت فيها نفسك، ولكن لن نعذرك إذا كذبت.


فتخيل لو أنك تكذب للكذب ؟ أين عذرك ؟





أنواع الصدق

وهي ثلاثة: صدق النية، صدق اللسان، صدق العمل.


صدق النية

: أي أن تعمل كل عمل في حياتك بنية خالصة لله, بنية صادقة لله، فلا تبتغي في هذا العمل إلا و جه الله، أسال نفسك مثلا : لما أذاكر ؟ أذاكر لكي أنجح ، لأني لا بد أن أذاكر ، فما رأيك لو أخذت ثواب على هذه المذاكرة ؟ وكيف ذلك ؟


بأن تأخذ نية في مذاكرتك ولتكن أن يكون المسلم متفوقا، أو بنية إرضاء والديك وبذلك تأخذ ثواباً، فالنية تحول العادة إلى عبادة.


- أتمنى أن أكون غنيا، لماذا ؟ ليكون معي المال وأسعد نفسي به. لا, اصدق النية لتأخذ ثوابا. قل أريد أن أكون غنيا لأنفق في سبيل الله، ولكي أحرص على مظهري وملبسك بنية ترغيب الناس في الدين، وبذلك يصبح كل ما تبذله من غنى في ميزان حسناتك من صدق النية.


- أريد أن أتزوج، لماذا ؟ لأنها سنة الحياة. اصدق النية لتأخذ ثوابا ، قل أريد الزواج لأعف نفسي ، لاستقر نفسيا فأعبد الله بشكل أفضل ، لأنشئ بيتا مسلما ملتزما .فتصبح كل لحظة في زواجك بثواب.


- أرأيتم إسلامنا جميل إلى أي مدى ؟ و يتعامل مع القلوب إلى أي مدى ؟ فأنت تذاكر، وتتزوج وبدون مجهود ستأخذ ثواب عظيم فقط أصدق النية ، سيهون كل تعب في البيت مثلا: غسيل ، طهي ، تنظيف … ، ستجد تلال حسنات يوم القيامة دون أن تفعل شيء ، فقط بصدقك النية في أعمالك.


- يقول النبي صلى الله عليه وسلم " من طلب الشهادة بصدق، بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه ". تخيلوا إن ممكن سيدة بسيطة تأتي يوم القيامة مع الشهداء، مع حمزة بن عبد المطلب ! وتخيل شاب صغير لم يتح له الجهاد حتى يموت يأتي يوم القيامة مع السيدة سمية ! هيا انوي الشهادة ولكن بصدق، فستبلغ منازل الشهداء وإن مت على فراشك.


- يقول الله تبارك وتعالى ، " فإذا عزم الأمر فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم " ويضرب لنا النبي مثلا فيقول " الدنيا لأربعة نفر : الأول معه مال وطامع لله ، ينفق أمواله ليل نهار في سبيل الله ، والثاني : ليس معه شيء ولكنه يقول : لو كان عندي مثل فلان لفعلت مثلما فعل ، يقول النبي : فهما في الأجر سواء .. تخيل! ، أنك لوقت قلت مثلا : لو كان عندي مالاً لبنيت هذا المسجد ، فتأتي يوم القيامة ومعك ثواب بناء مسجد ، ولو أنك قلت : لو كان عندي مثل علم فلان لملأت الدنيا دعوة إلى الله ، فتأتي يوم القيامة في منزلته وربما أفضل منه ، لأن كان يدعو بدون إخلاص ، وأن تمنيت وأنت مخلص . أرأيت كيف أن صدق النية شيء عظيم.


إذن تريد أن تأخذ تلالا من الحسنات يوم القيامة, اصدق النية.


- أرأيتم أن من الصدق صدق النية والعزم.


صدق اللسان

: و هو المشهور بيننا.


وأذكركم بدعاء النبي: "اللهم إني أسألك لساناً صادقاً" تخيل لو أن النبي يدعو بها, فكم نحتاج نحن لندعو بها في اليوم. والإسلام يعلمنا أن هناك أنواع لصدق اللسان.


1) صدق اللسان في القرآن :


يقول النبي صلى الله علين وسلم ، " من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده في النار " إياك أن تفتي بغير علم في تفسير القرآن ، أو تأتي عند آية لتبني عليها رأيك وتأولها مثل آية الحجاب في القرآن ، وتقول أنها أتت لزوجات النبي فقط إذن إياك وأن تكذب على القرآن ، أو تقول فيه بغير علم.


2) الصدق في أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم:


يقول النبي : " من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده في النار " لذلك إذا كنت غير متأكدا من رواية حديث قل " أو كما قال " ، أو قل " إن صحت هذه الرواية عن الني صلى الله عليه وسلم " ، ولذلك يقول النبي :


""من روى عني حديثا وهو يرى أنه كذب، فهو أحد الكذابين".


3) الصدق في التجارة :


يقول النبي صلى الله عليه وسلم " التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء " حديث النبي " يا معشر التجار ، فرفعوا رؤوسهم وأبصارهم – فقال : إن التجار يبعثون يوم القيامة فجاراً إلا : من اتقى وبر وصدق " أخي التاجر : انتبه ، إن لم تصدق ستبعث مع الفجار يوم القيامة.


حديث النبي صلى الله عليه وسلم " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا ، فإن صدقا وبينا ، بورك لهما في بيعهما ، وإن كذبا وكتما عيوب السلعة فعسى أن يربحا ربح ما ويمحق بركة بيعهما.


4) الصدق في الشهادة :


إياك أن تشهد في المحكمة، أو تشهد في موضوع ما وأنت غير متأكد.


يقول الني صلى الله عليه وسلم : " ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ، قالوا : بلى يا رسول الله ، قال أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين وقتل النفس ، وكان متكئا فجلس – وقال : ألا وقول الزور ، وشهادة الزور ، ألا وقول الزور وشهادة الزور ، فظل يكررها حتى قلنا : ليته سكت ".


- تشعر وكأنه كلما كان ضرر الكذبة يعم عددا أكبر، كلما كان الوزر يوم القيامة شديدا. إذن الكذب ليس كله درجة واحدة، وليس الحساب عليه حسابا موحدا، فعلى قدر ما أضلت كذبتك أناس كثيرين على قدر ما ستعذب بها يوم القيامة.


- النبي صلى الله عليه وسلم رأى رؤية : " أنه رأى رجل يفتح فمه فيشقه شقين فيقول : فأتاني رجلان فقالا لي : من يشق شقيه هذا الكذاب ، يكذب الكذبة فتحمل عنه – أي يعمل بها كل الناس منه – فتبلغ الآفاق فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة.


5) من أنواع الكذب الخطيرة : الكذب عند الزواج فهو يخفي عيوبه:


كان متزوجا قبل ذلك ولا يقول، تشتكي من مرض ما ولا تقول. فانتبهوا لقد حدث موقف مع النبي مثل هذا وقال: " دلستم علي " فهذا تدليس.


6) من أنواع كذب اللسان أيضا : الكذب على الأطفال.


تخيل أن هذا النوع له باب من السنة بمفرده ! لأنهم سيتعلمون ويكبرون مثل أبيهم ويتوارث الكذب في العائلة. الأب يقول لأبنه: إذا اتصل بي أحد فأنا غير موجود، الأب يقول للابن: إذا سألتك أمك عني فقل لها كذا، وهو بذلك يربي ولدا مدربا على الكذب بالله على الآباء والأمهات.


كان النبي يجلس في بيت أحد الصحابة، فرأى زوجة الصحابي تنادي على ابن لها وتقول له: تعال أعطيك شيئاً، فنظر النبي إلى يدها وقال لها: ماذا تريدين أن تعطيه؟ قالت: معي تمر يا رسول الله، قال: لو أنك ليس معك شيء تعطيه إياه لكتبت عليك كذبة ! ، ونحن في بيوتنا .. حدث ولا حرج.


لا تكذبوا على أولادكم حتى لا يكبرون كذابين.


7) من الأنواع أيضا: كذب المزاح وكثير من الشباب يقع فيها.


يقول النبي صلى الله عليه وسلم " ويل لمن يحدث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ، ويل له " تريد أن تضحك أصدقاءك فتفعل شيء لم يحدث وتحكي عنه وتزيد في الكلام ، وهم يضحكون في الوقت الذي يضحكون فيه يقول النبي لك : ويل لك ، ويل لك .


- كان الرسول صلى الله عليه وسلم يمزح ولا يقول إلا صدقا، لا أقول لك لا تمزح ولكن إياك والكذب والناس تستهين بهذا النوع.


- يقول النبي " أنا زعيم – ضامن – ببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً ".


8) النوع الأخير من كذب اللسان ما نطلق عليه " كذبة بيضاء "


- يقول النبي صلى الله عليه وسلم، وقد دخلت عليه أحدى الصحابيات تقول له: أقول الطعام الذي اشتهيه لا أشتهيه، هل تكتب علي كذبة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن الكذب يكتب كذبة حتى تكتب الكذيبة كذيبة " وكأن النبي ينظر للناس في القرن الحالي وهم يقولون أنها كذبة بيضاء ويخبرهم أن الكذبة البيضاء كذيبة.


صدق العمل :


يقول الله تبارك وتعالى: " وقل ربي أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق، واجعل لي من لدنك سلطاناً نصيرا "


يا رب اجعل لي في كل مكان أدخله عملا صادقا، واجعل لي كل خروج من مكان بصدق، لا تجعل دخولي وخروجي إلى كذب وإلى افتراء وإلى حرام، اجعل كل مقصدي في دخولي وخروجي هو الصدق. أترى التعبير القرآني الجميل ؟


يقول الله تبارك وتعالى " من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا لله عليه " (سورة الأحزاب 23)


وأنا أريدكم أن تتعلموا شيئاً في تعاملكم مع الله، لن تصدق مع الله في شيء إلا وسيجعلك تناله كما طلبته، فقط اصدق معه. وسأضرب لكم أمثلة لأناس صدقوا لعمل مع الله.


- يوم غزوة بدر جاء عمير بن الحمام فقال : يا رسول الله : أرأيت إن قاتلت هؤلاء الناس – يعني الكفار – وقتلوني أأنا في الجنة ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : نعم ، ثم قال النبي : قوموا إلى جنة عرضها السماوات والأرض ، قال : عمير بن الحمام : بخ بخ – وهي لفظ استحسان مثل (الله الله ) – فقال له النبي : ما يحملك يا عمير على قول بخ بخ ؟ قال :إني أرجو أن أكون من أهلها – قالها بصدق – فقال له النبي : أنت من أهلها، فكان في يده ثمرات يأكلها ، فنظر إلى هذه الثمرات وقال : أما بيني وبين الجنة إلا هذه الثمرات إنها لحياة طويلة ! فألقى الثمرات ودخل وقاتل فمات شهيدا – رضي الله عنه, صدق مع الله فصدقه الله.


- النبي صلى الله عليه وسلم بعد غزوة خيبر والغنائم توزع ، النبي قال نصيب فلان من الغنائم كذا ، فأخذوا الغنائم وذهبوا بها إليه ، فقال لهم : ما هذا ؟ قالوا نصيبك من الغنائم ،فجاء إلى النبي فقال : والله ما على هذا اتبعتك يا رسول الله ولكن اتبعتك على سهم ها هنا – وأشار إلى نحره – فنظر إليه النبي وقال : إن تصدق الله يصدقك ، وتأتي المعركة التالية ويموت الرجل شهيدا ولكن العجيب أنهم وجدوا السهم حيث أشار، فأتوا به النبي صلى الله عليه وسلم فقلب يديه متعجبا يقول : أهو هو ؟ قالوا: نعم يا رسول الله ، فقال : صدق الله فصدقه الله .


- أمنيتك أن تكون داعية تدعو الناس ، أصدق ، تعلم ، أقرأ ، اتق الله وسيحدث وتكون كذلك ، أمنيتك أن تكون من قوامين الليل البكائين : ادع الله ، واجتنب المعاصي ، واجتهد .. سيحدث .


أمنيتك أن تتزوج امرأة تقية صالحة، غض بصرك، احفظ لسانك من الحرام ادع الله وسيحدث.


تتمنى أن يكون إبنك مثل صلاح الدين ادع وقم بتربيته على هذا سيحدث " إن تصدق الله يصدقك "


- كان عبد الله بن جحش يوم أحد يقول في دعائه قبل الغزوة – والصحابة جميعهم يدعون : يا رب إني أسألك غدا رجلا من الكفار شديد القوة أقاتله ويقاتلني ثم أقتله ، ثم ترزقني رجلا من الكفار شديد القوة أقاتله ويقاتلني ثم أقتله ، ثم ترزقني رجلا من الكفار شديد القوة أقاتله فيقتلني ويبقر بطني ويقطع أذني ويجدع أنفي فآتيك هكذا يوم القيامة ، فتقول لي : لم حدث هذا لك يا عبد الله ؟ فأقول : فيك يا رب ، فتقول : صدقت .


ويأتي يوم أحد، يقول سعد بن معاذ فظللت أبحث عنه، فوجدت عجبا. وجدته وقد بقرت بطنه وقطعت أذنه وجدعت أنفه وبجواره اثنين من الكفار قتلى. (صدق الله فصدقه الله ) تخيل أحدا يدعو على نفسه بهذا (إن تصدق الله يصدقك)


- جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم خيبر رجل (عبد حبشي أسود الوجه نتن الرائحة ، رث الثياب) فقال له : يا رسول الله كنت كافرا مع هؤلاء اليهود وأسلمت فهل يا رسول الله إن قاتلتهم اليوم أدخل الجنة ؟ قال النبي: نعم. فقال : يا رسول الله إني أسود الوجه نتن الرائحة رث الثياب أأدخل الجنة ؟ فقال له النبي : نعم ، فقاتل فمات شهيدا ، فقال لهم النبي : احملوه إلى خيمتي ، فوقف النبي أمامه وقال : أراك كنت نتن الرائحة فحسن الله رائحتك ،و كنت أسود الوجه وقد بيض الله وجهك ، وأرى بجوارك الآن زوجتان من الحور العين ينفضان عنك التراب يقولان كرم الله من كرمك ، وقتل الله من قتلك .


وهو أسود الوجه … لكن المسألة ليست بالمظاهر ولا بالأصل والحسب والنسب. المسألة مسألة صدق مع الله .


- انظر إلى صدق علي بن أبي طالب كان يدعو ويقول " اللهم ارزقني شهادة في سبيلك بعد عمر طويل في سبيلك " فعاش طويلا ومات شهيدا.


- وانظر إلى صدق عمر بن الخطاب عندما دعا وقال " اللهم ارزقني شهادة في بلد نبيك " وهي هكذا لا تعقل فكيف لأمير المؤمنين أن يستشهد داخل المدينة وهي معقل الإسلام ؟ ولكنه يموت شهيدا في بلد النبي صلى الله عليه وسلم.


- انظر إلى صلاح الدين الصادق وهو يقول: كيف أضحك والمسجد الأقصى أسير؟ فما رؤى ضاحكاً إلى يوم فتح المسجد الأقصى. أترون الصدق ؟


- أما أنت فهل أنت صادق مع الله ؟ أتنوي الصدق مع الله ؟


أرأيتم أن الصدق ليس في اللسان فقط، على أهميته – لكن الصدق نية وعقل. نية وعمل ولسان, فإذا استكملت الثلاثة كتبت صديقا. أرأيت لماذا سمي أبو بكر رضي الله عنه بالصديق ؟


لأنه استكمل أحوال الصدق الثلاثة في كل أحواله وسكناته ونظراته وتصرفاته كان الصادق المصدق .


و لكن ما ثواب الصديقين ؟


إنها ثاني درجة بعد الأنبياء يقول الله عز وجل " ومن يطع الله ورسوله فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاً ".( سورة النساء 69) ولاحظ ترتيب الآية فقد قال: النبيين والصديقين ثم الشهداء. تخيل أن مرتبة الصديقين أعلى من مرتبة الشهداء وتأتي بعد النبوة ولماذا جاءت قبل الشهادة؟ لأنك لن تبلغ درجة الشهادة إلا إذا كنت صديق. العبد الأسود رزق الشهادة بعد يوم واحد لأنه كان صادقاً.


متى يجوز الكذب ؟

يجوز الكذب في ثلاث حالات فقط .


كما قال العلماء :


1) في الحرب : لأن الحرب خدعة.


2) عند الإصلاح بين الناس: تذهب لهذا وتقول له أن فلان يمدحك وهو يسبه.


3) على الزوجة: ولكن انتبه فلا يجوز أن تخونها ثم تكذب عليها ويقول العلماء حللوا لنا، ولكن يكون الكذب فيما يرضيها ويصلحها وليس خيانة لها. مثال: تخبرها بأنها أجمل امرأة في العالم وهي ليست بالقدر الكافي من الجمال..

مجاهدة فى سبيل الله 11-11-2009 10:04 AM

حـلـقـة ـآ‘لـرٍحـمـة
 


حــلـقــة ـآ‘لــرٍحــمــة

أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ، بسم الله الرحمن ، إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فهو المهتد ، ومن يضلل فلن تجد له وليا مرشداً .





مازلنا نذكر يا إخوان إننا نتناول هذه الأخلاق لنتدرب على التخلق بها, ومن أجل التغيير ..


يقول الإمام ابن الجوزي، إنه كان يحضر درسه في كتاب " صيد الخاطر " آلاف مؤلفة فكان يأتيه الرجل يقول له : لم أنم أمس شوقا للدرس ، فأقول له : ينبغي ألا تنام الليلة القادمة وليست الماضية ، إن كنت استفدت من الدرس.





خلق اليوم هو خلق محبب إلى النفس ، لكنه للأسف خلق غاب عن البشرية ، صارت الأرض مفتقدة لهذا الخلق ، فلما غاب هذا الخلق انتشرت الجريمة ، لما غاب هذا الخلق صارت القنابل النووية تدوي هنا وهناك ، لما غاب هذا الخلق صار الملايين يقتلون في لحظة … إنه خلق الرحمة.


ورغم أنه محبب فعلا للنفوس إلا أنه صار غائبا بين البشرية، وأصبح الأصل هو الظلم أما الرحمة فصارت نادرة في دنيا البشر.


لذلك من المهم جداً أن تجيد هذا الخلق، ولا يكفي أن تتعرف عليه, لأن هذا الخلق إذا طبقته كما ينبغي في الدنيا ضمنت أن ترحم يوم القيامة، حتى لو افتعلته افتعالا حتى تجيده يضمن لك الرحمة يوم القيامة.





يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "إنما يرحم الله من عباده الرحماء"


يقول الله تبارك وتعالى: " الراحمون يرحمهم الله "


" ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء "


إذن ارحموا من تتعاملون معهم في الأرض حتى تنالوا رحمة الله، وأنت أحوج ما تكون لرحمة الله تعالى. إنه خلق النجاة يوم القيامة, إنه المنجي يوم القيامة.


أنت الآن تستطيع أن تعرف إذا كان الله سيعاملك برحمة يوم القيامة أم لا سل نفسك: هل أنا رحيم ؟


وانظر إلى الارتباط الشديد بين رحمتك للناس في الدنيا ورحمة الله بك يوم القيامة. أرأيت الارتباط بين الأخلاق والعبادة؟ بين الأخلاق والدين؟ وإن رحمتك يا رب يوم القيامة بعبدك مرتبطة بمدى تطبيقه لهذا الخلق أم لا ؟


ولنبدأ بالحديث عن :





رحمة الله سبحانه وتعالى

وهو كلام قريب إلى النفوس ، حبيب إلى القلب ، يرقق القلوب ، ويستجمع الملائكة لتحرسنا وتحيطنا بأجنحتها ، فرأيت لكي أحدثك كيف نتراحم بيننا لا بد وأن أحدثك عن رحمة الله سبحانه وتعالى حتى نتصف بصفات الله عز وجل الرحمن الرحيم.


يقول الله تبارك وتعالى: " كتب ربكم على نفسه الرحمة " لا إله إلا الله وهذه الآية موجودة مرتين في سورة واحدة سورة " الأنعام ".


بماذا تشعر عندما تقرأ هذه الآية ؟ إنه الاطمئنان ، لا تخف فالأصل في صفات الله عز وجل " الرحمة " أما الغضب فنتيجة أعمالك ، أنت تخطئ فيغضب لكنها ليست صفة لازمة لله تبارك وتعال.


يقول الله تبارك وتعالى مخاطبا النبي صلى الله عليه وسلم: " فإن كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة " وإذا سألنا واسعة إلى أي مدى ؟ تأتي آية تالية وتقول " ورحمتي وسعت كل شيء " .


ولذلك من قمة رحمة ربنا في خلقه لليل والنهار ، أنهما لا يأتيان فجأة ، وإنما تدريجيا ، تخيل لو أننا الآن نهارا ًثم فجأة وبدون أن يحدث غروب تدريجي تجد الظلام فجأة ، هل تعلم شكل الاضطرابات العصبية التي من الممكن أن نتعرض لها ؟ والعكس إذا كان هناك ظلام وفجأة أصبح هناك ضوء شديد.


ولذلك من رحمة الله أن يقول عز وجل " والليل إذا عسعس, والنهار إذا تنفس " أي تنفس نفس نفس، برحمة الله عز وجل، أرأيت آثار رحمة الله بنا والتي لا نلاحظها وهي تحدث كل يوم ويراها كل البشر.


وانظر إلى رحمة أخرى في الكون ، يقول الله تبارك وتعالى " وهو الذي ينزل الغيث " الغيث : هو الماء الغزير ، فبدون الماء تفسد الأرض ، فمن رحمته أن ينزل الغيث " وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته " انظر إلى قوله : وينشر رحمته ، تشعر أن الله ينزل الغيث يوزع به رحمته على عباده, تحمله الرياح " مبشرات بين يدي رحمته " لا إله إلا الله .


يقول الله تبارك وتعالى: " فانظر إلى آثار رحمة الله، كيف يحيى الأرض بعد موتها " كيف يحي الأرض بعد موتها، تخيل لو أننا فقدنا هذه الرحمة، رحمة نزول المياه من السماء.


يقول الله تبارك وتعالى: " أرأيتم الماء الذي تشربون، أأنتم أنزلتموه من المزن – السحب – أم نحن المنزلون ؟ لو نشاء لعلناه أجاجاً – مملح – تخيل لو نزل الماء مالحاً ؟ إذن فهي رحمة ونعمة نزل الماء من السماء عذبا .


وانظر إلى رحمة العلاقات الاجتماعية التي أنزلها الله، فهو الذي أودع في قلوب الآباء والأمهات رحمتهم بأولادهم، فكيف أن كل الآباء والأمهات في الكون حتى آباء وأمهات الحيوانات لديهم رحمة بالوليد منذ ولادته.


والرحمة أيضا بين أفراد العائلة, فمن الذي أودع في قلبك حب عمك؟ ومن الذي أودع بذرة أن تحب خالك في قلبك ؟ من أين أتت ؟ تخيل كل هذا وهي رحمة واحدة ، هي التي تسير الأرض منذ أن خلقت ، والله عنده الـ 99 لا إله إلا الله الرحمن الرحيم.


وأنظر كيف ألف بين هذين القلبين ؟ " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها، وجعل بينكم مودة ورحمة".


وكأن الأصل الذي يبنى عليها البيت هو الرحمة، لكنها هما من يفسدان هذه الرحمة بمعصيتهم، وبعدهما عن طاعة الله وما يرضي الله وهنا تبدأ تنزع الرحمة.


من آثار رحمة الله أيضا بنا: أنه لا يأخذنا بذنوبنا, أليس كذلك ؟ كم مرة نذنب ؟ وكم مرة يتركنا ، ويمهلنا؟


اسمع هذه الآية وفكر في حالك وتذكر العشرين عاماً التي مرت من حياتك:"وربك الغفور ذوالرحمة لويؤاخدهم بما كسبوا لعجل لهم العذاب.." سورة الكهف.


لو يؤاخذنا بما نفعل ، كان حرمك من أن تقرأ أو تسمع مثل هذا الكلام ، لكنك كنت تعصي أمس وأتاح لك أن تسمع مثل هذا الكلام اليوم, وجعل الملائكة تشهد على حضورك ، ويقول للملائكة الآن : " أشهدكم يا ملائكتي أني قد غفرت لفلان " أرأيت الرحمة؟


قد تكون أجرمت جرما لو عرف به أبوك وأمك لما سامحاك ليوم القيامة لكن الله رحمك وأعطاك فرصة أخرى لتسمع كلامه اليوم.


يقول الله تبارك وتعالى : ولولا فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم", " ولولا فضل الله عليكم ورحمته ما زكى منكم أحداً" – لم ينقي أحد من المعاصي أبدا لولا رحمته – يقول الله تبارك وتعالى : "إن نشأ نغرقهم فلا صريخ لهم ولا هم ينقذون إلا رحمة منا ومتاعاً إلى حين" (سورة يس, 43,44)


ومن رحمته أيضا أن يسترك بعد المعصية. تخيل أن يسترك بعد المعصية. تخيل أنك كلما عصيت يكتب على بيتك، أو أنك عندما تعصى تخرج منك ريح خبيثة تفضحك، لأن الذنوب لها رائحة ! والله ما استطاع أن يجلس أحد مع أحد من نتن روائح المعاصي. لكن رحمته تستر. لا إله إلا الله .


أحد الرجال سرق فقبضوا عليه وأخذوه إلى سيدنا عمر بن الخطاب: فأخذ يصيح: أقسم بالله إنها أول مرة، فقال عمر: كذبت: إن الله لا يفضح عبدا من أول مرة. سيدنا عمر يعرف قانون الرحمة الذي يعاملنا به الله عز وجل. من رحمته: تيسير التوبة.


يقول الله تبارك وتعالى: " فتلقى آدم من ربه كلمات فتاب عليه". (البقرة.37)


عندما عصى سيدنا آدم وأكل من الشجرة, لم يكن يعلم كيف يتوب ؟ إنه نادم من داخله، لكن ماذا يفعل لكي يتوب الله عليه وماذا يقول ؟ لم يكن يعلم. فالآية تقول: " فتلقى آدم من ربه كلمات " إذن ربنا قال له إذا قلت هذه الكلمات سأغفرلك ! لا إله إلا الله. مع أن آدم أخطأ، يلقنه الله كيف يتوب ! سبحان الله . ما هي هذه الكلمات ؟ قال له " قل يا آدم: " ربنا ظلمنا أنفسنا وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين".


ليس العجب في عبد يتذلل ويتودد إلى سيده، لكن العجب كل العجب من سيد يتودد إلى عبده، يتودد إليه برحمته. فيا سبحان الله.


من رحمته: إرسال الرسل، وإنزال الكتب، وسن الشرائع الإسلامية فالشريعة رحمة من ربنا.


يقول الله تبارك وتعالى:" وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون".( سورة الأنعام, 155)


لذلك يا إخواني: احفظوا هذه الجملة جيدا " إن الشريعة الإسلامية كلها مبنية على الرحمة " حتى تعيشوا أنتم حياة كلها رحمة وهداية.


لذلك إياك وأن تعتقدوا أن فيها ظلم، لكن ربما قال قائل: كيف تقطع يد السارق مثلا ؟ وجلد الزاني و…؟و يعتقد أن الحدود في الشريعة الإسلامية ظالمة. أبدا إنها رحمة بالمجتمع وحتى يصان المجتمع الإسلامي، وأنتم ترون الآن كيف تنتشر الجريمة ومعدلات الاغتصاب والشذوذ و …… إذن فمن رحمة الله إنزال الكتب والرسل.


من رحمة الله أيضا أنه جعل يوم القيامة. تخيل !


اسمع تركيب هذه الآية معي : " كتب على نفسه الرحمة ليجمعنكم إلى يوم القيامة" من رحمته أنه يجمعكم يوم القيامة,لماذا ؟ حتى ترد المظالم ، وحتى يأخذ كل من : حرم نفسه من المعاصي ، عانى ليحضر درسا أو يسمع كلام الله, غض بصره وكان يتمنى أن ينظر, ثوابه. وحتى يأخذ الظالم نصيبه من العذاب.


الحمد الله الذي جعل يوم القيامة، تخيلوا أن هناك أناسا يأتون يوم القيامة كالمسافر الذي عاد ولاقى أهله مسروراً. أناس تعبوا في الدنيا، أناس ظلموا وافتريَ عليها في الدنيا، ناس بذلت، صامت، صلت، قامت الليل، تحجبت، غضت بصرها …… طبعا يأتوا فرحين مسرورين يوم القيامة، معهم حق.


أما الفاسق أو العاصي فيأتي يوم القيامة كالسجين ، الهارب من السجن عشرات السنوات وقد قبض عليه . تخيل الفارق الكبير بين الاثنين ؟ لذلك من رحمة الله أن جعل يوماً للقيامة.


من رحمته أيضا : أن خلق !


نعم، فمن آثار رحمة الله علينا أنه خلق لجلب العاطفة إلى الرجل ولولا ذلك ما كان يوجد على الأرض من العاطفة والود ما فيها، والدليل على ذلك:


النبي صلى الله عليه وسلم يقول: عاش آدم في الجنة، فاستوحش – شعر بالوحدة – فخلقت حواء، فقال لها: من أنت ؟ ولم خلقت؟ فقالت : أنا سكن لك، الآية واضحة " ليسكن إليها " أرأيتم العلاقة بين الرجل و ؟ وكيف كرم الإسلام ؟ وكيف أن النساء أصبحن شقائق للرجال ؟ وأنه ليس هناك تفرقة بين الرجل و في الإسلام.


من رحمة الله بنا: أنه أنزلنا الأرض !


ستتعجب بالطبع وتقول لا، فيا ليتنا دخلنا الجنة مباشرة ولم ننزل للأرض و … لكن في الحقيقة نزولنا الأرض رحمة من الله بنا ، فطبيعة النفس البشرية أنها لا ترضى أو لا يروق لها ما تصل إليه بسهولة وبسرعة ، وتمله بعد قليل – ولكن يعجبها الشيء الذي تصل إليه بصعوبة وعناء أليس كذلك ؟


هذا هو الأب يظل يشقى ويكد طوال عشرين سنة لجمع أموال, يشتري بها سيارة يخاف عليها أن تخدش, ويأتي الابن وتصبح قطعاً صغيرة بسبب تصادم بها واستهتاره في القيادة، ويقول للأب بمنتهى البساطة لم أنت غاضب؟ لأنه لم يتعب في شرائها فلا يشعر بقيمتها.


لذلك من رحمة الله . أنت لا بد وأن تنزل إلى الأرض وتشتاق الجنة، واعبد الله 60، 70 عاما وأنت لا تراه، لذلك أكثر الناس التي تستمتع برؤية الله في الجنة من عبدوه بحق في الدنيا، والذين تركوا المعصية في الدنيا من أجل رؤيته في الآخرة. أرأيت رحمة الله هنا؟


من رحمته أيضا عز وجل: تنغيص الدنيا !


وأكيد جميعنا تنغصه الدنيا وليس بنا سليم معافى، وهذا التنغيص وكثرة البلاء والتكدير في الدنيا إنما هو من رحمته حتى لا تركن وترتاح بشدة للدنيا ولكي تشتاق للجنة ، فلا تصبح الدنيا غايتك. إنك تخرج منها الآن وهي مكدرة وفيها مشاكل ونحن نبكي وننوح ، فما بالك لو خرجت منها وأنت مرتاح وهي هنيئة ؟ فمن رحمته بك أنه كدرها عليك لتعرف أنها ليست مستقرك وليست دائمة لك أبداً.


أترى هذه الرحمات العجيبة؟


من رحمته : أن هذه الرحمة عمت البشرية حتى الكافرين فيها .


انظر إلى الرزق, وكيف أنه لا يمنعه عن الكفار. لم يمنع عنهم الهواء. أليست الأرض أرضه والسماء سماؤه؟ لكنه يتركهم يتنفسون، ويشربون ويأكلون .. سبحان الله إنها رحمة منه .


ولا ننسى سيدنا إبراهيم عندما جاءه شيخ فدعاه إلى الطعام وأوقد سيدنا إبراهيم النار لنضج الطعام ، فجاء الشيخ وسجد أمام النار – كان من عبدة النار – فقال له : قم, أتعبد النار ؟ فقام الرجل. وعدل إبراهيم عن إطعامه لأنه من عبدة النار.


فنزل إليه سيدنا جبريل وقال له: يا إبراهيم – يقول لك الله عز وجل – لم تتحمله ساعة وأنا أتحمله منذ ستين عاما ؟ فجرى سيدنا إبراهيم إلى الشيخ وقال له: هلم إلى الطعام، فقال له: لم ؟ قال: عاتبني ربي فيك، فقال الرجل: إله رحيم لا بد وأن يعبد فأسلم !


سيدنا إبراهيم أيضا عندما دعا قال: " وإذا قال إبراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا وارزق أهله من الثمرات – ثم اشترط شرطا – من آمن منهم بالله واليوم الآخر فيكمل الله الآية ويقول – قال: "ومن كفر". وهذا من رحمة الله.


الساعة الآن توقيت السعودية الرياض و الدمام و القصيم و جدة 11:14 AM.

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024,
vBulletin Optimisation provided by vB Optimise (Pro) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.


Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0