رد: بابا آخر من يعلم وماما حافظة أسراري
بابا آخر من يعلم وماما حافظة أسراري
يعتمد كنان على أمه كحجة غياب أثناء سهره مع أصحابه ليلاً: تعرف أمي أين أذهب، ومع من أجلس. لهذا، هي توافق على خروجي من المنزل ليلاً من دون إخبار أبي.
ماذا لو عرف والدك؟ يجيب: سيعتقد أن خروجي من البيت لن يكون إلاّ على حساب دراستي. لهذا، ومنعاً لأي انفعال أفضل أن أترك الموضوع لأمي، التي تتفهم حاجتي إلى الترفيه والتسلية.
يأخذ موسى قواسمة (طالب جامعي) دور المدافع عن الأم وما تقوم به من إخفاء لأفعال أبنائها، فيقول: لا تضر الأم بأبنائها حين تخفي تصرفاتهم عن الأب، فهي بالفعل أقدر على التعامل معنا ومع مشكلاتنا، إنها تحمينا وتعالج أخطاءنا البسيطة بقلبها وحكمتها.
ما أكثر الأشياء التي تخفيها والدتك عن أبيك في شأنك؟ يجيب: تساعدني أمي على التحرك بحرية، سواء أكان في الخروج من المنزل برفقة أصحابي، أم في التوقيت الذي اختاره. لهذا، فإن المسألة هي عبارة عن هامش حرية أكبر.
صديقة
بجاد المهندس (طالب جامعي) من الشباب الذين يؤمنون بأن الأب هو المسؤول عن كونه آخر من يعلم، فانشغالات الأب وعدم تفرغه لشؤون البيت، هي من الأسباب التي تجعل الأم تتسلّم دوره في الوقوف على تصرفات الأبناء، وأخطائهم أحياناً. على حد قوله.
- هل حدث أن أخفت والدتك بعض أخطائك عن أبيك؟
يجيب: بالطبع، فأمي هي صديقتي التي تداري بعض التفاصيل التي قد تزعج الوالد. لهذا أنا أأتمنها على أسراري الصغيرة التي قد تغضب والدي. لا يعتقد أن في ذلك التصرف تغييباً لدور الأب، فالأدوار موزعة في البيت، لكن الأب، وبإرادة منه، هو آخر من يعلم.
الأبناء مستفيدون
تعتقد إيمان عودة (طالبة جامعية) أن المستفيد الأول من غياب الأب عن دوره كرقيب وحسيب، هو الأبناء الذين يخشون الخضوع لمراقبة ذويهم. فصورة الأب التقليدية، بحسب تعبيرها: تفرض إحساساً من الخوف، الأمر الذي يشجع فكرة استبعاده عن بعض تفاصيل الحياة اليومية للأبناء وتسليم قيادة البيت للأم.
لماذا الأم؟ تجيب إيمان بعفوية: لأنها المخلوق الذي لا يعرف أن يقول لا في وجه أبنائه. مع هذا، لا تؤمن إيمان بضرورة تتبع الأب سلوكيات أولاده بتفاصيلها الصغيرة مادام قد اتفق مع زوجته على وضع قواعد التربية الأساسية التي تؤثر في سمعتهم وأخلاقياتهم وسلوكهم كما تقول.
قراءة في النتائج
كيف تنظر الأمهات إلى نتائج الاستطلاع، الذي أبعد الأب عن دوره وجعله آخر من يعلم؟
لا تستغرب فريدة محمد (ربة منزل) ما أظهرته نتائج الاستبيان التي كشفت حقيقة أن الآباء هم آخر من يعلم، فحب الأم لأبنائها من وجهة نظرها: قد ينقلب على الأبناء أنفسهم، وبدلاً من أن يحصدوا الخير الذي ترجوه، يحصدون الخطأ تلو الخطأ، وتكون بالتالي كمن تدفعهم إلى قلة احترام والدهم. وتشير فريدة إلى أنه متى ما كسرت الأم صورة الأب، ماتت القيمة التي يحملها كرب عائلة. وتذهب فريدة إلى ما هو أبعد من ذلك، لتلفت إلى أن إخفاء أخطاء الأبناء عن الآباء، يولّد عندهم نوعاً من الاستهتار بها، فتفقد هيبة الأم ووقارها، بسب الكذب الذي تمارسه على والدهم على مسمع ومرأى منهم.
نقطة ضعف
تعترض رحمة أبو بكر (ربة منزل) على فكرة أن تكون الأم أول من يعلم، وتُرجع موقفها هذا إلى اعتقادها أن عاطفة تمنعها من أداء دورها التربوي بشكل صحيح. وتقول: لهذا، على الأب أن يكون حاضراً حتى لا يغرق المركب وتخرب العائلة.
حضور رب الأسرة في كل كبيرة وصغيرة، هو ضرورة تربوية من وجهة نظر رحمة، التي ترى أنه يكفي أن يشعر الأبناء بسلطته ليهابوه، ويمتنعوا عن ارتكاب أخطاء قد لا تغتفر لهم. فالأم، مهما تعاملت مع المشكلة بشدة، ستضعف أمام كلمة ماما وتغفر ما يصعب غفرانه أحياناً. كما تقول.
وتعلق نهى تاج السر، (ابنة رحمة) بدورها على قيام الأم بمتابعة شؤون أبنائها بمعزل عن الأب، فتلفت إلى أن ذلك يهز صورته، ويؤثر في احترام أبنائه له، ما يخفف من عاطفتهم تجاهه، لأنه سيكون مصدر الرفض والتأنيب والعقاب في البيت. كما تقول.
في المقابل، تدافع فاطمة شاهين (ربة منزل) عن دور الأب الذي لا يمكن أن يغيب، مشيرة إلى أن التجربة لم تثبت قدرة الأم على تسلُّم زمام الأمور من ألفها إلى يائها. وتلفت إلى أن دور الأم لا يلغي دور الأب. وتضيف: من الصعب أن تتمتع الأم بقدرة الأب على ضبط البيت وإعطاء التوجيهات الصحيحة في مكانها.
هل يعرف الأب؟
بناء على ما تقدم، هل يعرف الأب أنه آخر من يعلم؟
لا ينظر بدر الشامسي إلى متابعة الأم شؤون أبنائها، على أنه احتكار وتغييب لدوره كأب، ويقول في هذا السياق: تكون الأم في بعض الحالات أكثر قدرة على التعامل مع بناتها على وجه الخصوص، لهذا يبتعد الأب بإرادته معتمداً على حكمة زوجته. لهذا، لا يجد بدر في عبارة الأب آخر من يعلم، ما لا يليق بالأب. ويقول: يعلم الأب بأمور الأبناء في الحالات التي تستوجب منه أن يعلم، وما من زوجة ستخفي أخطاء أبنائها عن زوجها، إلاّ إذا كانت قادرة على حلها بنسبة مئة في المئة.
هناك خطوط حُمر يضعها أولياء الأمور في ما بينهم، توجب ضرورة التزام الأم بها، حتى ولو كان الأب غائباً أو مشغولاً. يقول الشامسي. ويحدد هذه الخطوط بالإشارة إلى أنها تتعلق بسلوكيات الأبناء العامة، مواعيد خروجهم وعودتهم إلى البيت، ونوعية الأصحاب التي يختارونها. لافتاً إلى أنه يجب على الأم الالتزام بهذه النقاط، مهما أرادت حماية أبنائها من التأنيب والعقوبة.
سفينة بقائدين
بدوره، يعترف عصام طاهات، بأن قيادة السفينة قد تتحمل قائدين بالتناوب، ووفقاً للظروف. ويقول: يعرف الرجل عادة، ما إذا كانت زوجته قادرة على تولي مسؤولية الأبناء أم لا. لهذا، حين تمارس الزوجة صلاحياتها كمسؤولة، تكون على قدر الثقة والإمكانات.
أما في ما يتعلق بالأمهات اللواتي يحجبن أخطاء أبنائهن تخوفاً من ردِّ فعل الآباء، فيعتبر عصام أنهن يدفعن الأبناء إلى ارتكاب المزيد من الأخطاء. وإذ يذكِّر بالمثل القائل: الله يرحم من بكّاني ورباني، يؤكد أن التربية الصحيحة لا تكون بالكلام الجميل والتستر عن الأخطاء.
|