تمارسه الكبيرات في السن عن طريق التدليك ويزعمن شفاءه للأمراض
«لتيخ» يفيد في الأمراض والعلل أم مجرد موروثات وتجارب شخصية؟



الترفيع والتمريخ ويسمى في بعض اللهجات «ترديد الأرحام» وهو من أنواع الطب الشعبي المتوارث عبر الأجيال.

سابقاً كانت النساء يتوارثنه كعلم يفترض بالعارفات منهن إتقانه ومعرفته وقد ورد هذا الفن في بعض متون كتاب القانون للطبي والفيلسوف ابن سيناء. وبالرغم من التقدم العلمي والطبي والثورة المعلوماتية إلا ان العودة للجذور والتمسك بالتقاليد تأخذ سمة بارزة في مجتمعاتنا العربية فنلاحظ أن بعض النساء تشد الرحال من دولة إلى أخرى عندما يأتي على مسامعها ذكر «المراخة الفلانية» التي تجيد مهنة التدليك لأعضاء الجسم وترفيع وترديد الأرحام للنساء.
وفي هذا التحقيق سلطنا الضوء على بعض جوانب هذا العالم المجهول التي أثارت علامات استفهام كبيرة وكثيرة حول هذا الموضوع.

حالات تأخر الحمل

التقينا بالسيدة «حنان 25سنة» لتحدثنا عن تجربتها مع التمريخ فتقول: تزوجت منذ سنة ونصف السنة ولم يكتب لي الله الحمل استخدمت إبراً منشطة وكلوميد وحبوب الحليب ثم سمعت عن مراخة ممدوحة بسمعتها الطيبة في الامارات وقامت بتمريخي، وقالت عندك ميلان بالرحم في الجهة اليسرى ولن يتم لك الحمل حتى ينظف الرحم وتنزل الدورة وعملت لي تمريخاً وهو عبارة عن مساج وأعطتني بعض الأعشاب استخدمها أنا وزوجي ونزلت الدورة والحمدلله.

وها أنا انتظر الفرج القريب بإذن الله وخصوصا انها تقرأ آيات من القرآن الكريم أثناء التمريخ.

أما نوال سلمان 35 سنة فتقول: غابت عني الدورة لمدة ثلاثة أشهر ولم تنزل ولا يوجد حمل ذهبت للمراخة وبعدها بيومين نزلت الدورة والحمدلله.

ثم أدلت السيدة سهام 27 سنة بدلوها في هذا الموضوع فقالت: أول مرة ذهبت للمراخة لم أكن أثق بهن لكن غابت عني الدورة لمدة شهرين بدون حمل مع ألم شديد في البطن وأحست بتعب وإرهاق فذهبت في يوم دورتي المعتادة ومرختني وقالت عندك سد في الأرحام والتمريخ يساعد في اخراج السوائل وتستمر مدة التمريخ خمس دقائق لمدة ثلاثة أيام في موعد الدورة المعتاد مع بعض الأعشاب وقد لاحظت نتيجة متقدمة وأحست براحة ونزلت الدورة الشهرية في موعدها والحمدلله.

القرآن والأذكار

وعن بعض الطرق المعتادة لتمريخ الأرحام تقول أم معاذ:

الطرق الشعبية في العلاج الطبيعي لها طرق عديدة ومأمونة العواقب وبدون آثار جانبية ولكنها تتطلب وقتاً فعندما اذهب للمراخة عند تأخر الدورة الشهرية تبدأ بدهن البطن بزيت زيتون مقروء عليه وتقوم بتدليك البطن بشكل دائري من الأعلى إلى الأسفل واتجاهات مختلفة ثم تنتقل إلى الظهر وتبدأ من الأعلى إلى آخر فقرة في الظهر. وأثناء التمريخ تقرأ الآيات والأذكار الشرعية والدعاء للمريض بالشفاء ويتطلب عدة دقائق لعدة أيام وصفت لي بعض الأدوية الشعبية مثل الحلبة والمرة والسميرة تؤخذ مع العسل على الريق وكل وصفة بما يتناسب مع حالة المرض وشدته.

شهادة عالمية

وتوقعت عند البداية عن عدد المراخات في مدينة الرياض قليلات ولكن المفاجأة عندما وجدت محترفات حصلت على شهادات من مراكز عالمية مثل المراخة - أم محمد - التي دعمت عملها بالدراسة والتدريب في أحد المراكز المتخصصة بالعلاج الطبيعي في ألمانيا فقالت:

أمضيت في هذا المجال قرابة 9 سنوات بدايتي معه عندما ذهب زوجي لألمانيا للدراسة فذهبت معه ودرست فن المساج لمدة ثلاث سنوات والذي كان يطبق على أجسامنا عملياً نحن المتدربات وعندما حضرت للرياض بدأت أطبق ذلك على المقربين ودعمت ذلك بالأعشاب والقرآن والدعاء لي ولمريض بالمساعدة والفائدة بإذن الله وكانت أكثر من يأتي لي من النساء يشتكين من أمراض عضوية وهي في حقيقة الأمر نفسية أساسها الاكتئاب الحاصل من الحياة المدنية ولأن مشرط الجراح ليس فيه خط عودة بعكس الطب الشعبي وعندما تأتيني المرضية أبدأ معها أولاً بالمساج وقراءة القرآن وتلاوة الأذكار والدعاء للمريض حتى ترتاح المريضة أثناء الجلسة.

ولعلم ان التدليك والمساج يرفع المناعة من الأمراض بمعدل 80 حتى ولو مرة في الشهر. وبالنسبة لامكانية الحمل مع التدليك والتمريخ فتقول أم محمد:

من المعروف ان التمريخ وخصوصاً بالأعشاب يعتبر مهماً جداً وهو المعروف - بالريكي - وهو نوع من أنواع العلاجات التي تساعد الإنسان على التغلب على الأمراض عن طريق رفع المناعة الداخلية للجسم والتمريخ للأرحام هو تنشيط للبويضات والجهاز المناعي.

وقد حاولت إدراج عشبة - الشذاب - التي تزرع في المنطقة الجنوبية بكثرة إلى برنامجي العلاجي سواء عن طريق خلطها مع ماء الورد أو عمل كريم موضعي على الجلد وهو ضد التحس وهو طارد للأرواح الخبيثة والشياطين ويعمل على تحسين نفسية المريض وهو أمر معروف عند السابقين.

مراكز متخصصة

ثم تابعت أم محمد قولها: أوجه نداء إلى المسؤولين في وزارة الصحة والأكاديمين في مجال الصيدلة وصناعة الأدوية بالأعشاب بتبني فكرة تقنين الطب الشعبي المدعم بالطب الحديث والنظر إلى هذا الفن بعين فاحصة والعمل على استقطاب المهتمين بهذا الفن والمختصين واعطائهم الفرص المناسبة والمتاحة لإبراز قدراتهم.

كما كان لدولة عمان السبق في هذا المجال في وجود مجمع خاص بالطب الشعبي المتوارث مدعوما من وزارة الصحة ومن الحكومة حتى يكون مكاناً لاستقطاب المرضى من أنحاء العالم.

ويظل الطب الحديث ينظر إلى الدليل والنظرية العلمية بعيداً عن الانطباعات والتجارب الشخصية فتقول اخصائية النساء والولادة بمستشفى قوى الأمن بالرياض الدكتورة فايزة المطري: أصبحنا الآن في عصر الطب المسند بالدليل ونحتاج إلى معلومات دقيقة ودراسات علمية وليس مجرد موروثات وتجارب شخصية تفتقر إلى الدليل التجريبي فإلى الآن لم نستدل بأي دليل في كتبنا أو مراجعنا العلمية تثبت مدى مصداقية هذا الموضوع من عدمه بالمقابل فالحل الصحيح والعلمي هو مراجعة الطبيب لتحديد نوع المرض وربما نلجأ للتدليك مع حركات رياضية معينة تفيد في حالات ارتخاء الأرحام ولها نجاحات مختلفة بين النساء ولا تفيد الرحم والأربطة بل الأعراض المصاحبة للأمراض. وقد تلعب الحالة النفسية دوراً هاماً من ناحية الاعتقاد بالمرض والشفاء منه وهو الوهم الذي يصيب البعض وربما الراحة النفسية للراقي أو المراخة تبعث الاحساس بالشفاء وأنا لا أنكر ان هنالك فائدة لكن لابد من الدليل العلمي.

إيحاءات نفسية

وفي هذا الشأن أكد رئيس قسم العقاقير بكلية الصيدلة بجامعة الملك سعود ومدير مركز أبحاث النباتات العطرية والسامة بالجامعة الدكتور جابر القحطاني ان العامل النفسي والإيحائي هما الركيزة في هذه الممارسات ويقول: «الطب الحديث هو ما يقوم على تجارب وأبحاث طويلة، أما ما يحدث في جلسات التمريخ والتداوي العشوائي بالأعشاب القائم على مبدأ «إذا ما يفيد لم يضر» فهو مجرد إيحاءات نفسية بالشفاء يعمل المريض على تهيئة نفسه قبل المجيء إلى المعالج ومن ثم تعمل الهرمونات لدى الشخص لتحفزه للشفاء وتماماً كما يحدث لدى الدجالين الذين يدعون الالهام ولهم طرق عديدة في اقناع المريض بمصداقيتهم. والأمر أوله وآخره نفسي بحت يصنعه المريض قبل المجيء وهؤلاء الفئة تتاجر بمعاناة الناس وتستنزف جيوبهم.