هذا ما حدث معي...
استغربت من الموضوع وأكملت صمتي ولكن في داخل نفسي أقول سبحان الله وسبحان مبدل الأحوال...
وأكملنا طريقنا وأخي على محياه ابتسامة عريضة، أما أنا فمنبهرة ومنذهلة لما أراه حولي, وفجأة لمحت رجلا عجوزا يبدو عليه الفقر يتقدم بخطوات بطيئة فرق قلبي لحاله، وما أن وصلنا أمامه حتى أخذ أخي يسلم عليه ويصافحه بكل حب ويسأله عن أحواله وأخباره كأنه يعرفه، وضع أخي يده اليمنى في جيبه وما كاذ يخرجها حتى وجدت أمامه ثلاث او أربع شبان ورجلان يسلمون على العجوز ويسألون عن حاله وأخذ كل واحد منهم يعزمه ليضيفه في بيته... أما أخي فابتسم إليهم وقال وما أكاد أسمع ما يقول لبعد مكاني عنهم: "لا إخواني أنا أولى به منكم... وقال العجوز: "لا يا أبنائي أنا اشكركم لكني والحمد لله لست بحاجة إلى شيء, إن حدث واحتجت لشيء فإنكم أول من ألجأ إليهم بعد الله إن شاء الله ", وأخذ أخي ما في جيبه من مال دون أن ينظر إليهم وقال للعجوز: "تقبل مني هذه الهدية", وقال العجوز مبتسما: "جزاك الله خيرا يا ابني"،
ثم التفت اخي إلى من خلفه و أنا في تعجب لما أرى وأسمع وأقول في نفسي الحمد لله ما زال هناك خير في الناس... وأشار إلي بأن هيا نذهب, فأخذت أسرع في خطواتي حتى وصلت اليه, وقال لي وجهه يحمل ابتسامة عريضة: "سامحيني أختي تركتك تنتظرين طويلا", لم أجد أي كلمة أقولها له, فأنا حتى الآن لم أخرج بعد من المفاجآت التي شاهدتها منذ الصباح.
"ها نحن قد وصلنا": قالها لي أخي وسلم علي وفارقني...
وأخذت أصعد سلالم عمارة المدرسة لكن أوقفني صوت يناديني باسمي, التفت ورائي وإذا هي فتاة مرتدية حجابها تناديني وتقول لي: "ألا تنتظريني؟"، وسلمت عليها, وقالت: "كيف حالك؟"، قلت: "الحمد لله"... لكن المفاجاة بعد تدقيقي بوجهها وجدت أن تلك الفتاة هي زميلة لي في المدرسة, نعم إنها هي لكن...؟، لكن أنا لم يسبق لي أن رأيتها بحجاب قط, متى ارتدت الحجاب؟، فقلت في نفسي الحمد لله، الله يهدي من يشاء...
ثم أكملنا صعودنا حتى وصلنا إلى طابق المدرسة، وإذا بي أشم رائحة جميلة منبعثة من باب المدرسة فقلت لزميلتي: "ما هذه الرائحة الجميلة؟"، فأجابتني: "إنه عطر المدرسة", فاستغربت وقلت في نفسي سبحان الله تحولت رائحة دخان السجائر إلى عطر ذي رائحة طيبة... سبحان الله!!!
واصلنا واصلت استغرابي وتعجبي من كل ما أراه...
لكن أيضا لاحظت شيء غريب في المدرسة ألا وهو: عدم وجود جنس ذكوري فيها, فسألت زميلتي عن ذلك فقالت لي باستغراب كبير وابتسامة أكبر: "أخيتي منذ سنتين وهذه المدرسة تستقبل الإناث فقط, والآن فقط جاء على بالك أن تسألي!!!"، وأخذت تمازحني وتقول: "يبدو أنكِ لم تنامي جيدا", وبعد أن أنهينا الحديث توجهنا إلى مكتب السكرتيرة لنسلم عليها وقوبلت بشيء فيه ما فيه من الغرابة. السكرتيرة أيضا تلبس حجاب!!!، سبحان الله وتستمع للأناشيد عوضا عن الأغاني، سبحان الله....
ها هي ذا انتهت الحصة وخرجنا لنستريح قليلا ثم نكمل حصنا. وشعرت بعطش شديد فذهبت لأشرب ماء وفي طريقي لفت انتباهي غرفة مكتوب على بابها مسجد واستغربت للأمر وجعلني فضولي أفتح باب تلك الغرفة وإذا بي أجده حقا مسجدا... أعجبني ما رأيت وسرت كثيرا وحمدت الله فبعد أن كنت أذهب للصلاة في البيت بين الحص لأني لا أجد مكانا أصلي فيه. وقلت وأنا أكلم نفسي لكن هذه المرة بصوت خارجي: "سبحان الله, سبحان الله, سبحان الله.... كل شيء تبدل وتغير في يوم وليلة... سبحان مبدل الأحوال"، وشكرت الله على ما رأيت مع أنها كانت مفاجأة غريبة لكنها مفرحة, فقد ملأت نهاري بتسبيح لله لما رأيت من تغيرات يعمل الكثيرون منا ليحققوها في أعوام وأنا لمحتها و عشتها في يوم واحد فقط, فسبحان الله...
أرجو ألا أكون قد أطلت عليكم بقصتي الغريبة هذه، أو بالأحرى الحلم الجميل الذي تمنيت ألا أستيقظ منه أبدا, هكذا حلمي بأن تكون حياتي... وأظن أن حلمكم يشبه حلمي, أليس كذلك...؟!
تخيلوا لو أن ما حلمت به يتحقق...؟!
تخيلوا لو أن هذا الحلم يتجسد في واقعنا ونلمسه في حياتنا...؟!
إن شاء الله يحقق أحلامي وأحلامكم وأحلامنا جميعا...
|