عرف الفينيقيون أكثر ما عرفوا بالتجارة. لقد أنشأوا في فينيقيا بضع دول مدينية, ولكن ندرة الأرض المنزرعة في بلادهم جعلتهم يتطلعون إلى ما وراء شواطئها, ومن هنا أخذت سفائنهم تجوب البحر الأبيض المتوسط حاملة إلى بلدانه ضروبا مختلفة من السلع. والواقع أنهم أسوا عدة مستعمرات أو محطات تجارية أعظمها قرطاجة, وصلوا إلى الجزر البريطانية وشواطئ أوروبا الغربية, وأبحروا حول القارة الإفريقية. ويذهب بعض الباحثين إلى حد النص على أنهم عبروا المحيط الأطلسي واكتشفوا أميركا قبل كولمبس بألف وثمانمئة عام أو يزيد, وذلك استنادا إلى بعض الآثار والنقوش التي اكتشفت فيها والتي يظن أنها فينيقية. ليس هذا فحسب , بل إن من الباحثين من يقول ان الفينيقين اكتشفوا نجم القطب وأدركوا أهميته في تحديد الجهات وأنهم استنبطوا خطوط الطول والعرض واستخدموها في الخرائط الجغرافية. وأيا ما كان فمن الثابت أن الفينيقين اكتشفوا الصباغ الأرجواني, وبرعوا في بناء السفن, وصناعة الزجاج, وصناعة الخزف, والأختام المعدنية, وفي فن العمارة أيضا. ولكن أعظم مآثرهم الحضارية هو من غير ريب استنباطهم الأبجدية الفينيقية ونشرها في العالم .