يا للسخرية ...
يا للسخرية ...
:0108:بعد احتساء كوب القهوة الفريد من نوعه ...الذي أعدته من بعد أن نال الحزن منها ما يريد واكتساها الهم و غطاها الأسى ...
جلست على مقعدها المجاور للنافذة ... تتأمل المنظر الذي لم تفارقه منذ سنوات بل وحفظت كل تفاصيله ... لأنها لم تغادره شبرا واحد منذ أن سكنت هناك ...
تراقصت سنوات عمرها المنصرمة أمام عيناها ... فقد كانت ترقب أيامها الراحلة وزهورها الذابلة ...
ابتسمت بسخرية ... عادت لها الذكريات وكل ما مر عيها عام منصرم من الذكريات زاد تبسمها لسخرية القدر ...
وقفت وأعادت الوسادة لحالها الأول ...
جرجرت رجلاها المثقلتان من تعب السنين في أرجاء المنزل ...
هنا ربت أولادها ...
وهناك مكان نومهم ...
وهناك نعم هناك لعبوا وضحكوا ...
ومن هناك خرجوا ولم يعودوا ...
شعرت بدمعة متمرده نزلت من عيناها ...
مسحتها بكل ثقة ... وقالت : سيعودون لي يوما ...
ألقت بجسدها المثقل بهموم السنين على تلك الأريكة التي حملت ألمها وحزنها أكثر ممن كان حولها ...
ومن ثم عادوا ...
نعم الفعل عادوا ... ولكن ليحملوها جثة هامدة لا حراك فيها ...
لم يفتحوا عليها الباب ليقولوا ها نحن هنا ... عدنا بعد أن طال غياب ... بعد أن اشتد الهجر ...ها نحن نعود لنحمل عنك عبء السنين ... بل عادوا ...
ليغلقوا عليها قبرها ...
عادوا بعد أن مضى من سنوات العقوق تسعا ...
عادوا ليحملوها جسد لا حنان به ...
عادوا بعد أن أخذ الزمان منها ما شاء ...
عادوا وكأنهم لم يعودوا لأنهم بالفعل ما عادوا ... فمن انتظرت عودتهم رحلت عنهم ودون وداع ...
فيا ليتهم لم يعودوا ...
كل من حمل بداخله معظم خصال الإنسانية ... ليس إلا ظل يستظل به لفترة من الزمن محدودة ومن ثم يرحلون ويتركونه ليأون لكل من هو ذو قوة وبأس شديد ... ليعودوا بعد ذلك منهكين يبحثون عن الظل ولكنهم لا يجدونه ...
يا للسخرية ...
|