الحج.. وجوبه وفضله
الحج.. وجوبه وفضله
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأَشْهَد أَن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.
وبعدُ:
قال - تعالى -: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ [الحج : 28].
وقال - تعالى -: فِيهِ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ الَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ [آل عمران : 97].
وقال - سبحانه -: وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ [الحَج: 27].
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((بُنِيَ الإسلامُ على خَمْسٍ: شهادة أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان))
وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال في خُطبته: ((أيها الناس، قد فَرَضَ اللهُ عليكُمُ الحَجَّ؛ فحجوا)).
وعن أبي سعيد الخُدْريّ - رضي الله عنه - قال: قال النبيُّ - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ الله - تعالى - يقول: إنَّ عبدًا أَصْحَحْتُ له جسمَه، وَسَّعْتُ عليه في معيشته، تمضي عليه خمسة أعوام لا يَفِدُ إليَّ - لمَحْرُومٌ))
فهذه الآيات والأحادِيث المتقَدِّمَة فيها بيان أنَّ الحجَّ ركنٌ مِن أركان الإسلام، وفريضةٌ من فرائضه العِظام.
والقَوْلُ الرَّاجح مِن كلام أهل العلم: أنَّ الحجَّ يجب على الفَوْر، فمَن اسْتطاع الوُصول إلى البيت ولم يحجَّ، فهو على خَطَرٍ عظيم، وما يُدريه؟ لعلَّه يأتيه الأَجَل وهو لم يقضِ هذه الفريضة العظيمة.
عن عمر - رضي الله عنه - أنَّه كان يقول: "لقد هممتُ أن أبعثَ رجالاً إلى هذه الأمصار، فينظروا كلَّ مَنْ كان له جِدَةٌ ولم يحج، فيضربوا عليهم الجزية؛ ما هُمْ بمسلمين، ما هم بمسلمين"
وعن الفضل بن عَبَّاس - رضي الله عنه - عن النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: ((مَنْ أراد الحجَّ فلْيَتَعَجَّل، فإنَّه قد يمرض المريض، وتضلُّ الضالَّة، وتَعرض الحاجة))
وعن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال : ((تَعَجَّلُوا إلى الحجِّ؛ فإنَّ أحدكم لا يدري ما يَعْرِضُ له)).
ومن فضائل الحج:
أولاً: أنَّ الحجَّ يهدم ما كان قبله منَ الذنوب؛ فعن عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في قصة إسلامه، وفيها: "فلمَّا جعل الله الإسلام في قلبي، أتيتُ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - فقلتُ: "ابسطْ يمينكَ؛ فلأبايعكَ، فبسط يمينه"، قال: "فقبضتُ يدي"، قال: ((ما لك يا عمرو؟))، قال: "قلتُ: أردتُ أن أشترطَ"، قال: ((تشترطُ بماذا؟))، قلتُ: "أن يُغفَر لي"، قال: ((أما علمتَ أنَّ الإسلامَ يهدم ما كان قبله، وأنَّ الهجرة تهدم ما كان قبلها، وأنَّ الحجَّ يهدم ما كان قبله؟))
وعن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((مَنْ حجَّ لله فلم يَرْفُث ولم يفسُق؛ رجع كيومٍ ولدته أمُّه))
ثانيًا: أنَّ الحجَّ أفضل الأعمال بعد الإيمان والجهاد؛ عن أبي هُريرة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - سُئل: أيُّ العمل أفضل؟ قال: ((إيمانٌ بالله ورسوله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حجٌّ مبرورٌ))
ثالثًا: أنَّ النَّفقة في الحجِّ تُضاعف الأجر لصاحبها، كما يُضاعَف أجرُ المجاهد؛ فعن بُرَيْدَة - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((النَّفَقة في الحجِّ كالنَّفقة في سبيل الله؛ بسبعمائة ضعف))
رابعًا: أنَّ الحجَّ إذا كان خالصًا لِوَجْه الله، ومُوافقًا لسنَّة النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - وكانت نفقته من كسبٍ حلالٍ طيِّبٍ؛ فجزاؤه الجنة.
عن أبي هُريرة، أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((العمرة إلى العمرة كفارةٌ لما بينهما، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلا الجنَّة))
خامسًا: أنَّ الحجَّ والعمرة من أعظم أسباب الغِنى؛ فعن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - أنَّ النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((تابعوا بين الحجِّ والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر والذنوب، كما ينفي الكِيرُ خَبَثَ الحديد))
وفضائل الحج ومنافعه الدينيَّة والدنيويَّة كثيرة جدًّا، وقد أشار الله إليها بقوله: لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ الَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ [الحج : 28].
والحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبيِّنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
|