|
رد درس مبادئ الآخلاق فى القرأن العظيم فعاليات ملتقى أزياء الصيفى
دروس مبادئ الآخلاق فى القرأن العظيم
[CENTER]
[IMG][/IMG]
لقد حدد رسول الإسلام الغايه الأولى من بعثته, والمنهاج المبين في دعوته بقوله: "وإنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق".0 (مالك).0
فكأن الرسالة التي خطت مجراها في تاريخ الحياة, وبذل صاحبها جهدا كبيرا في مد شعاعها وجمع الناس حولها, لا تنشد أكثر من تدعيم فضائلهم, وإنارة آفاق الكمال أمام أعينهم, حتى يسعوا إليها على بصيرة.
والعبادات التي شرعت في الإسلام واعتبرت أركانا في الإيمان به ليست طقوسا مبهمة من النوع الذي يربط الإنسان بالغيوب المجهولة, ويكلفه بأداء أعمال غامضة وحركات لا معنى لها. كلا, كلا, فالفرائض التي ألزم الإسلام بها كل منتسب إليه, هي تمارين متكررة لتعويد المرء أن يحيا بأخلاق صحيحة, وأن يظل مستمسكا بهذه الأخلاق, مهما تغيرت أمامه الظروف.
إنها أشبه بالتمارين الرياضية التي يقبل الإنسان عليها بشغف, ملتمسا من المداومة عليها عافية البدن وسلامة الحياة.0
والقرآن الكريم والسنة المطهرة, يكشفان - بوضوح - عن هذه الحقائق. فالصلاة الواجبة عندما أمر الله بها أبان الحكمة من إقامها, فقال: " وَأقِمِ الصَّلاةَ إنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنْكَر".(العنكبوت, 45).0
فالإبعاد عن الرذائل, والتطهير من سوء القول وسوء العمل, هو حقيقة الصلاة, وقد جاء في حديث يرويه النبي عن ربه:" إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي, ولم يستطل على خلقي, ولم يبت مصرا على معصيتي, وقطع النهار في ذكري, ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب".0 (البزار).0
والزكاة المفروضة ليست ضريبة تؤخذ من الجيوب, بل هي - أولا - غرس لمشاعر الحنان والرأفة, وتوطيد لعلاقات التعارف والألفة بين شتى الطبقات.0
وقد نص القرآن على الغاية من إخراج الزكاة بقوله :" خُذْ مِنْ أمْوَالهِمْ صَدَقَة تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا". (التوبه, 103).0
فتنظيف النفس من أدران النقص, والتسامي بالمجتمع إلى مستوى أنبل هو الحكمة الأولى.0
ومن أجل ذلك وسع النبي صلى الله عليه وسلم في دلالة كلمة الصدقة التي ينبغي أن يبذلها المسلم فقال: "تبسمك في وجه أخيك صدقة, وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة, وإرشادك الرجل في أرض الضلال لك صدقة, وإماطتك الأذى والشوك والعظم عن الطريق لك صدقة, وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة, وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة".0 (البخاري).0
وهذه التاعليم في البيئة الصحراوية التي عاشت دهورا على التخاصم والنزق تشير إلى الأهداف التي رسمها الإسلام, وقاد العرب في الجاهلية المظلمة إليها.
وكذلك شرع الإسلام الصوم, فلم ينظر إليه على أنه حرمان مؤقت من بعض الأطعمة والأشربة, بل اتبره خطوة إلى حرمان النفس دائما من شهواتها المحظورة ونزواتها المنكورة.
وإقرارا لهذا المعنى قال الرسول صلى الله عليه وسلم :" من لم يدع قول الزور, والعمل به, فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه ".!!0 (البخاري)
وقال :" ليس الصيام من الأكل والشرب, إنما الصيام من اللغو والرفث, فإن سابك أحد, أو جهل عليك, فقل : إني صائم ".0 (ابن خزيمة).0
والقرآن الكريم يذكر ثمرة الصوم بقوله :" كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّّذين مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُوْنَ :[COLOR="rgb(75, 0, 130)"].0(البقرة,183).0
وقد يحسب الإنسان أن السفر إلى البقاع المقدسة - الذي كُلّف
َ به المستطيع واعتبر من فرائض الإسلام على بعض أتباعه - يحسب الإنسان هذا السفر رحلة مجردة عن المعاني الخلقية, ومثلا لما قد تحتويه الأديان أحيانا من تعبدات غيبية. وهذا خطأ, إذ يقول الله تعالى - في الحديث عن هذه الشعيرة- :"الْحَجُّ أشْهُرُ مَعْلُمات, فَمَنْ فِيهنَّ الحَجُ فَلاَ رَفَثَ, وَلاَ فُسُوقَ, وَلاَ جِدَالَ في الْحجِّ, وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خِيْر يَعْلَمْهُ الله, وَتَزَوَّدُوا فَإنَّ خَيْرَ الزَّادْ التَّقْوَى, وَاتَّقُونِ يِا أُولي الأَلْبَابِ ".0 (البقرة,197)
هذا العرض المجمل لبعض العبادات التي اشتهر بها الإسلام, وعرفت على أنها أركانه الأصيلة, نستبين منه متانة الأواصر التي تربط الدين بالخلق.
إنها عبادات متباينة في جوهرها ومظهرها, ولكنها تلتلقي عند الغاية التي رسمها الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله :" إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ".0
فالصلاة والصيام والزكاة والحج, وما أشبه هذه الطاعات من تعاليم الإسلام, هي مدارج الكمال المنشود, وروافد التطهر الذي يصون الحياة ويعلي شأنها. ولهذه السجايا الكريمة - التي ترتبط بها أو تنشأ عنها - أعطيت منزلة كبيره في دين الله.
فإذا لم يستفد المرء منها ما يزكي قلبه, وينقي لبه, ويهذب بالله وبالناس صلته, فقد هوى.
قال الله عز وجل :" إِنَّهُ مَنْ يَأْتِي رَبَّهُ مُجْرِما فَإنِّ لَهُ جَهَنَّمَ لاَ يَمُوتُ فِيهَا وَلاَ يَحْيَا, وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنا قَدْ عَمِلَ الصَالِحَاتِ, فَاُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرْجَاتُ العُلى. جَنَّاتُ عَدْن تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الانْهَارُ خَالِدِيْنَ فِيهَا, وَذَلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى ".0 (طه, 73-76).0
[/COLOR]
|