|
#1 | |
:: كاتبة مميزة :: |
طواغيط
الطواغيت وأنواعها
وعلاقتها بالشرك فتحت مذكراتى القديمة وما كنت أكتب فى مقتبل حياتى من كتابات راجية بها وجه الله تعالى لأتعرف على مسببات الشرك ومداخله لأتقى شره وأتجنب موجباته ولأحذر قرائى منه مخافة علينا عند لقاء الله من عقابه ، ومخافة أن تحبط أعمالنا ونحن لا نشعر ، فوجدت ما أتقدم إليكم بأن تسمحوا لى بإعادته على مسامعكم لنتجنب ما كثر منه فى تلك الأيام فلا نسقط فى هاوية الشرك وعقاب الجبار ، ونرجوا رحمة الرحمن ، فأرجوا السماح لى بالحديث معكم فى حلقات ليتسع لى المجال معكم ولتتابعونى فى ذكر الله لنكتسب دعاء الملائكة السائحون ومغفرة الودود . وأبدأ الحديث بتعريف لمعنى الطاغوت الطاغوت هو كل معبود من دون الله ، وهو كل ما يشرك بعبادته عبادة الله سبحانه وتعالى وهو راض . يقول الله عز وجل : فى الآية 257 من سورة البقرة ( الله ولىّ الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور ، والذين كفروا أولياؤهم الطاغوت يخرجونهم من النور إلى الظلمات ، أولئك أصحاب النار ، هم فيها خالدون ) يخبر سبحانه وتعالى بأنه يهدى من اتبعوا هديه إلى سبل السلام ويخرجهم من الشك والضلال إلى النور ، أما الكافرين فيزيدهم ضلالا على ضلالتهم ويزين لهم الشيطان أعمالهم وبخرجهم من طريق الهداية إلى طريق الغواية والكفر والجحيم ويتبين من هذه الآية معنى الطاغوت ، وهو ما يجعله الفاسقون وليا ونصيرا من دون الله وجاء العلى القدير بالفعل ( يخرجونهم ) فى صيغة الجمع لبيان أن الطاغوت له عدة أنواع وأكثر من شئ بعينه أنواع الطواغيت : النوع الأول هو الذى يمثل أخطر أنواع الطواغيت وأسوأها وهو ذلك الذى يتبع طاعته وعبادته الإشراك بالله بشرك الدعوة ، ومنها الأصنام ، وأولياؤها هم الذين اتخذوا منها وسيطا لله وعبدوها ، فقدموا لها القرابين وحجوا إليها وطافوا حولها فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى مقتبل ظهور الدعوة الإسلامية ، وفى مقتبل كل دعوة دينية سماوية ، وما زالت بعض الشعوب حتى الآن تعبد أصناما وتحج إليها فى عصرنا هذا ، منها فى الهند والصين وغيرهما .. ومنها أيضا النار التى عبدها المجوس والفرس واتبعوا نفس السلوك الذى سلكه عبدة الأصنام فى تقديسها . والشمس التى قدسها بعض الغافلون ، والكواكب التى سخروا أنفسهم لما لا يرفع عنهم أذى ولا يضرهم ولا ينفع إلا بما شاء الله له من نفع وهم لهذه الطواغيت عبيدا وليسوا بعبادا بما أذلوا أنفسهم لها بعبادتهم . وأيضا البقر التى عبدوها لتقربهم إلى الله وكذب ما يزعمون . وقد كانت هذه المعتقدات تناسب عقلا جاهلا فى حجاب عن الحقائق العلمية وتفسير الظواهر الطبيعية ، ولكن مازال البعض فى غيابات الجهل وظلام البصيرة ، فأوجد الإنسان لنفسه طواغيتا تتناسب مع المسيرة المدنية فاوجد لنفسه ضرائح ينوح ويبكى إليها ويرجو ويتوسل ويتضرع إليها لترفع أذى وتشفى مريضا وتربط بالله ، وتعلق بالأحجبة والتمائم ظنا بأنها تمنع حسدا أو ترفع أذى . وهذه آيات كريمة تكشف لنا عن أنواع أخرى من الطواغيت : يقول سبحانه وتعالى : ( وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم فى الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين ) ومن هذه الآية من سورة العنكبوت 25 يتضح نوعا من الناس يطيعون آخرين تقربا وحبا وتوددا فى الدنيا فيما نهى الله ، وهذا المطاع هو ذلك الطاغوت الذى يشرك به شرك محبة . ومن مثال ذلك طاعة الأهل والأصدقاء فيما يغضب الله أو التودد لأهل الكتاب فى خارج حدود ما شرع الله ، وما أكثر ما نرى هذه الأيام . يقول سبحانه نافيا الفضل لمن يفعل ذلك : ( الذين يتخذون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ، أيبتغون عندهم العزة ، فإن العزة لله جميعا ) فعلينا أن نبحث فى أقرب من حولنا ولن نتعب فى البحث ، ثم نبحث فى أنفسنا فقد تكون أنفسنا طاغوتا لو أطعناها فيما يغضب الله لنتنبه ونكفها النفس والهوى : قد يكونا طاغوتا ، فهذا عدونا الأزلى إبليس يتوعد ويحكو فيقول كما جاء فى الحديث الشريف عن أبى بكر رضى الله عنه قال ـ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يقول إبليس أهلكتهم بالذنوب ، فأهلكونى بالإستغفار ، فلما رأيت ذلك منهم أهلكتهم بالأهواء فيحسبون أنهم مهتدون فلا يستغفرون " . فقد يميل الهوى والنفس إلى الباطل فيحيد عن الطريق المستقيم ، ويبتدع إلى الضلال سبيلا ــــــ وما أعظم حب الإنسان لنفسه ـــــــــ فيغفل عن عن الصواب وعن الإستغفار ، وقد يستزيد من الإعوجاج ناسيا أن عدوه قد استخدم ضده أخطر سلاح ، استخدم ضده سلاح لا يخشاه إلا من خشى الله وكان يقظا حذرا باستمرار وفوق ذلك فهو يحبه ويحب استرضاءه ، فما أهون مقاومة الإنسان لنفسه ، وما أصعب صدود هذه النفس عن هواها إلا من حباه الله عزيمة وقوة وخشية من الرحمن . فالحذر كل الحذر من النفس ولا تلومن إلا نفسك ، ولا تتبع هواك فيدعك الله ورسوله فى ظلمات جهلك . فقد قال تعالى : ( أرءيت من اتخذ إلهه هواه أفأنت تكون عليه وكيلا ) الفرقان وهل الحاكم الظالم طاغوتا ؟ لنتدبر معا الآيات حتى نعرف الإجابة : يقول الله عز وجل ): ولا تطيعوا أمر المسرفين * الذين يفسدون فى الأرض ولا يصلحون ( .. الشعراء فطاعة الحاكم الظالم الذى يفسد فى حكمه ويحكم بشريعة من مبتدع ومن قوانين وضعية ليس له من الحق سبيل تعتبر عبادة لطاغوت فالعبادة تعنى الطاعة وكذلك طاعة الشيطان وطاعة الدجالين والمشعوذين والسحرة إنما هى عبادة لطواغيت وللأسف الكثيرين يتبعون ويقولون نحن لا نقدسهم ولا نعبدهم ... نقول لهم طاعتكم لهم عبادة وتقديس لأفكارهم وآرائهم والتزام بما نصحوا من باطل هو عبادة وهو نوع من الشرك بالله فقد تركت طاعة الله لتتبع غيره فهذه هى العبادة مواضيع ذات صلة |