يا نفس احذري فعليك رقيب وعتيد
اتعجب كثيرا عندما اسمع عن اناس فقدوا احترامهم لانفسهم من خلال الشبكة العنكبوتية " الانترنت "
واتعجب اكثر عندما اجدهم بين البشر مرموقين ومبجلين ومحترمين
و أتسائل لماذا هذه الازدواجية في الشخصية
لماذا هم امام الرقيب البشري أسوياء؟
لماذا نسوا الرقيب الذي لا يغفل ولا ينام؟
لماذا غفلوا عقاب الله؟
لماذا غفلوا لحظة الموت؟
لماذا لا نربي أنفسنا على مراقبة الله لنا في جميع إعمالنا وأقوالنا ظاهرة و باطنة؟
لماذا لا نربي أنفسنا على تعظيم الله وتوقيره والخوف منه على الدوام؟
وأتعجب عندما اسمع عمن يخاف من دخول أمه أو والده إلى غرفته فيسارع في إغلاق الجهاز خوفا من أن يروا مالا يرضيهم حتى ولو لم يكن هذا الشيء معصية
عظم قدر البشر ولم يعظم قدر خالق البشر
لو تيقنا وتيقظنا أن الله يرانا دائما يسمعنا ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور لسيرنا على الصراط المستقيم وما زلت الأرجل وما سقطت في وحل الرزيلة والمعصية
أيليق بأحد بعد ذلك أن يتساهل في علم الله به، ونظره إليه، أيقبل أحد أن يراه مولاه حيث نهاه؟، أو يفقده حيث أمره.
وإذا خلوت بريبة في ظلمة والنفس داعية إلى الطغيان
فاستحي من نظر الإله وقل لها إن الذي خلق الظلام يراني
وقال اخر
ولا تحسبن الله يغفل ساعة ولاأن ماخفي عليه يغيب
لهونا لعمر الله حتى تتابعت ذنوب على آثارهن ذنوب
وقال أخر
كأن رقيبا ًمنك يرعى خواطري وآخر يرعى ناظري ولساني
ولذلك لا يجب ان نجعل الله أهون الناظرين الينا، وهو سبحانه عالم السر والنجوى، ويعلم عنا ما لا نعلم عن انفسنا
وعلينا ان نعيش وفي قلبنا اسم الله الرقيب
قال تعالى: {إن الله كان عليكم رقيباً}(النساء- 1).
وقال تعالى حكاية عن عيسى عليه السلام : {فلما توفيتنى كنت أنت الرقيب عليهم}(المائدة\117).
والرقيب: هو المطلع على ماأكننتة الصدور القائم على كل نفس بما كسبت,الذى حفظ المخلوقات وأجراها على أحسن نظام وأكمل تدبير.
قال تعالى ((وما تكون في شأن وما تتلوا منه من القرآن ولا تعملون من
عمل إلا كنا عليكم شهودا إذ تفيضون فيه وما يعزب عن ربك من مثقال ذرة
في الأرض ولا في السماء ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين))
( يونس)
قال الحافظ بن كثير في تفسير الآية :
يخبر الله نبيه (صلى الله عليه وسلم) أنه يعلم جميع أحواله وأحوال أمته وجميع الخلائق في كل ساعة ولحظة وأوان وأنه لا يعزب عن علمه وبصره مثقال ذرة في حقارتها وصغرها في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر منها ولا أكبر إلا في كتاب مبين _ وهو اللوح المحفوظ_
قال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن الإحسان
( أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم تكن تراه فإنه يراك ) متفق عليه .
وعلينا ترديد دائما عبارة الله ناظري , الله شاهدي , الله مطلع علي
وترديدها في كل وقت وكل حين ليس باللسان فقط وإنما بالقلب والجوارح واستشعار أهميتها ومعناها
فالمراقبة عبادة عظيمة وهي: " دوام علم العبد، وتيقنه بإطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه " .
قال ابن القيم رحمه الله في " مدارج السالكين " :
من منازل { إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَنَسْتَعِينُ } منزلة المراقبة ..
وهي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه..
فاستدامته لهذا العلم ، واليقين بذلك هي المراقبة ..
وهي ثمرة علمه بأنَّ الله سبحانه :
رقيب عليه ..
ناظر إليه ..
سامع لقوله ..
مطلع على عمله ..
ومن راقب الله في خواطره ؛ عصمه الله في حركات جوارحه ..
قال أحدهم : والله إني لأستحي أن ينظر الله في قلبي وفيه أحد سواه ..
وقد قيل لبعضهم :
متى يهش الراعي غنمه بعصاه عن مراتع الهلكة ؟
فقال : إذا علم أن عليه رقيبا .
وقيل : المراقبة مراعاة القلب لملاحظة الحق مع كل خطرة وخطوة .
اقوال السلف الصالح عن المراقبة
كان ابن عمر رضي الله عنه، في سفر، فرأى غلاماً يرعى غنماً، فقال له:
تبيع من هذه الغنم واحدة؟
فقال: إنها ليست لي، فقال: قل لصاحبها إن الذئب أخذ منها واحدة،
فقال العبد: فأين الله!!
فكان ابن عمر يقول بعد ذلك إلى مدة: قال ذلك العبد: فأين الله.
قال الجنيد: سمعت أبا عبد الله الحارث بن أسد يقول:
إن المراقبة تكون على ثلاث خلال، على قدر عقل العاقلين ومعرفتهم بربهم، يفترقون في ذلك، فإحدى الثلاث الخوف من الله، والخلة الثانية الحياء من الله، والخلة الثالثة الحب لله.
فأما الخائف فمراقب بشدة حذر من الله تعالى، وغلبة فزع.
وأما المستحيي من الله فمراقب بشدة انكسار وغلبة إخبات.
وأما المحب فمراقب بشدة سرور وغبطة نشاط وسخاء نفس، مع إشفاق لا يفارقه، ولن تكاد أن تخلو قلوب المراقبين من ذكر اطلاع الرقيب بشدة حذر من قلوبهم أن يراهم غافلين عن مراقبته
قال أبو سعيد:
كان لي معلم يعلمني الخوف ثم ينصرف فقال لي يوما إني معلمك خوفا يجمع لك كل شيء قلت ما هو قال مراقبة الله عز وجل.
عن عبد الله بن سهل قال: سمعت حاتما الأصم يقول اختلفت إلى شقيق ثلاثين سنة فقال لي يوما أي شيء تعلمت؟
فقلت: رأيت رزقي من عند ربي فلم أشتغل إلا بربي،
ورأيت أن الله تعالى وكل بي ملكين يكتبان علي ما تكلمت به فلم أنطق إلا بالحق،
ورأيت أن الخلق ينظرون إلى ظاهري والرب تعالى ينظر إلى باطني فرأيت مراقبته أولى وأوجب، فسقطت عني رؤية الخلق،
ورأيت أن الله مستحثا يدعو الخلق إليه فاستعددت له متى جاءني لا أحتاج يقتلني يعني ملك الموت،
فقال لي: يا حاتم ما خاب سعيك.
قال ذوالنون : علامة المراقبة ..
إيثار ما أنزل الله ..
وتعظيم ما عظَّم الله ..
وتصغير ما صغَّر الله ..
وقال إبراهيم الخوَّاص :
المراقبة هى ..
خلوص السرّ والعلن لله جلَّ في علاه ..
من علم ..أنَّ الله يراه حيث كان ..
وأنَّ الله مطلع على باطنه وظاهره وسره وعلانتيته ..
واستحضر ذلك في خلوته ..
أوجب له ذلك العلم واليقين ..
ترك المعاصي والذنوب ..
وقالوا : أعظم العبادات مراقبة الله في سائر الأوقات ..
فالنفس كالطفل إن تتركه شب على حب الرضاع وإن تفطمه ينفطمِ
ولا تقف مراقبة الله عند حد معين . . فهي وظيفة العمركما يقال
ومن ذلك قول بعض السلف : جاهدت نفسي أربعين عاماً حتى استقامت
فقال له الآخر
وهل استقامت ؟؟؟ !!!!
ومن العبارة السابقة - وإن كان فيها شيئاً من المبالغة - يتضح لنا أن المجاهدة - وهي من مراقبة الله - ليست أمراً سهلاً يمكن أن يمتلكها الفرد بسهولة ثم يستمر عليها بنفس المستوى ولا تتغير . . بل هي أمر عظيم يحتاج إلى معالجة ومجاهدة مستمرة
واعلمي يا نفس ان عليك اربع شهود لا محالة سيشهدون عليك امام الله عز وجل يوم القيامة فاحذري ان يشهدوا بما لا يسرك ويشهدوا عليك بما يسوءك
عليك اربع شهود بقلم سلطان العمري
فأما الشاهد الأول
فهو هذه الأرض التي نمشي عليها ونأكل عليها وننام عليها ونطيع الله عليها ومنا من يعصي الله عليها
هذه الأرض لها يوم ستتحدث فيه وتتكلم فيه بما عملت عليها- يا عبد الله –
سوف يأتي اليوم الذي تفضحك فيه وتكشف أسرارك
ولعلك تقول ما هو الدليل على أن الأرض ستشهد يوم القيامة
فأقول :
يقول الله تعالى ( إذا زلزلت الأرض زلزالها * وأخرجت الأرض أثقالها * وقال الإنسان مالها * يومئذ تحدث أخبارها )
وقوله ( يومئذ تحدث أخبارها)
فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله
" أتدرون ما أخبارها "
قالوا : الله ورسوله أعلم ،
فقال " فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمه بما عمل على ظهرها ،
تقول : عملت كذا وكذا يوم كذا كذا ، فهذه أخبارها "
رواه الترمذي (3353) وقال حديث حسن.
وأما الشاهد الثاني :-
فهم الملائكة الذين يكتبون علينا أعمالنا ويسجلون علينا سيئاتنا وحسناتنا
قال تعالى ("وإن عليكم لحافظين* كراماً كاتبين* يعلمون ما تفعلون") .
لأن الملائـكة الكاتبين قد كتبوا أقوالكم وأعمالكم ،
قال تعالى
(" أم يحسبون أن لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون ") .
وبعد تلك الكتابة من الملائكة ، يا ترى ماذا سيجري بعد ذلك ؟
عندما تموت سيطوى كتابك
ولكنك سوف تلتقي معه عندما تخرج من قبرك
وسوف تعطى هذا الكتاب الذي كتبته عليك الملائكة في الدنيا
وسوف يأمرك الله جـل وعـــــلا بأن تقرأه عندما تقف بين يديه
قال تعالى (" ونخرج له يوم القيامة كتابا يلقاه منشورا * اقرأ كتابك كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا")
إنها لحظة عجيبة ،
إنها ساعة حرجة عندما يقف العبد حافياً عارياً أمام الجبار جل جلاله
ومع العبد كتاب وهذا الكتاب هو ديوان الحسنات والسئيات
فما هو شعورك يا من كان ليلة في السهر على القنوات ونهاره في النوم عن الصلوات ؟
ما حالك يا عبد الله عندما ترى سيئاتك في ذلك الكتاب ؟
ويا ليت الأمر ينتهي عند مجرد رؤيتك له بل تؤمر بقراءته ..
فماذا ستقرأ وماذا ستجد ؟
ماذا ستقرأ يا شارب الدخان؟
ماذا ستقرأ يا من عق والديه؟
ماذا ستقرأ يا من أهمل تربية أبناءه؟
ماذا ستقرأ يا آكل الربا ؟
قال تعالى (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه)
وأقول لتلك الفتاه التي غفلت عن ربها وأعرضت عن طاعة مولاها ماذا ستجدين في ذلك الكتاب الذي (لا يغادر صغيرة ولا كبيرة الإ أحصاها)؟؟
يا أختاه
ستقرأين أعمالك هناك فماذا ستقرأين ؟
أما لباسك فحرام
أما وقتك فضياع في الآثام .
يا أختاه
الأمر خطير، فمتى ستحذرين؟
أوصيك أن تحفظي هذه الآية:
(" ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحداً").
وأما الشاهد الثالث
فهي الجوارح التي هي من نعم الله علينا: اليدان والقدمان واللسان والعينان والأذنان بل وسائر الجلود...
ستأتي يوم القيامة لتشهد عليك يا عبد الله وستشهد عليك يا أختاه...
إنه مشهد لا مثيل له
يقف العبد أمام ربه
ويبدأ الحساب
ثم تبدأ الجوارح لتكشف الأسرار ولتخبر بالفضائح والجرائم التي فعلتها في أيامك السابقة
" اليوم نختم على أفواههم "
وبعد ذلك ماذا يجري
"وتكلمنا أيديهم ".
وهل يقف الحد عند ذلك ؟
لا
بل " وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون".
فيا حسرتاه ...
عندما تنطق اليدان وتخبر عنك أيها الإنسان وتقول يارب : بيده اشترى المجلات الماجنة