يا أصدقاء ! لشدّ ما أخشى نهاية الطريق وشدّ ما أخشى تحيّة المساء " إلى اللّقاء " أليمة " إلى اللّقاء " و " اصبحوا بخير ! " و كلّ ألفاظ الوداع مرّه و الموت مرّ و كلّ شيء يسرق الإنسان من إنسان ! 2 شوارع المدينة الكبيره قيعان نار يجترّ في الظهيره ما شربته في الضحى من اللّهيب يا ويله من لم يصادف غير شمسها غير البناء و السياج ، و البناء و السياج غير الربّعات ، و المثلّثات ، و الزجاج يا ويله من ليلة فضاء و يوم عطلته خال من اللّقاء يا ويله من لم يحب كلّ الزمان حول قلبه شتاء ! 3 يا أصدقاء ! يا أيّها الأحياء تحت حائط أصمّ يا جدوة في اللّيل لم تنم لشدّ ما أخشى نهاية الطريق أودّ ألاّ ينتهي ، و لا يضيق و يفرش الرؤى المخصّله السعيده أمامنا .. في لا نهاية مديده كأفق قرية في لحظة الشروق و الأفق رحب في القرى حنون و ناعم و قرمزي يحضن البيوت و تسبح الأشجار فيه كالهوادج المسافره يا ليتنا هناك ! نسير تحت صمته العميق و نوره المضبّب الرقيق جزيرة من الحياه ينساب دفء زرعها على المياه و لا تملّ سيرها .. يا أصدقاء ! 4 اللّيل في المدينة الكبيره عيد قصير النور و الأنعام و الشباب و السرعة الحمقاء و الشراب عيد قصير شيئا .. فشيئا .. يسكت النغم و يهدأ الرقص و تتعب القدم و تكنس الرياح كلّ مائدة فتسقط الزهور و ترفع الأحزان في أعماقنا رؤسها الصغيره و ننثني إلى الطريق صفّان من مسارج مضبّبه كأنّها عندان قرية مخربه تنام تحتها الظلال وقد تمرّ مركبة ترمي علينا بعض عطرها السجين و ساعة الميدان من بعيد دقاتها ترثي المساء و تلتوي أمامنا مفارق ثلاثة ، تمتدّ في بطن الظلام و السكون و تهمسون : " إلى اللّقاء ! " *** اللّيل وحده يهون وداعه يهون فالنهار ذو عيون ، تجمّع العقد الذي انفرط لكنّ دربنا طويل و ربّما جزناه أشهرا و أشهرا معا لكنّنا يوما سنرفع الشراع كلّ إلى سبيل فطهّروا بالحبّ ساعة الوداع ! للشاعر