.." "سته و ستون " "..
.." "سته و ستون " "..
صدر أمر الشغل بذهابى لهذه المحطة البائسة
محطة الكهرباء ذات الجهد ستة وستون ألف فولت
فدخلت مع فريق العمل وقد عم السكون على المكان
توقيعات واجراءات مشددة وفتح سجلات أمر الشغل
كأنى أرى وجوههم تلتهبها حمرة الاحساس بالذنب
ويعتليها الخوف والقلق
ينتظرون هاتفا من التحكم ليعلموهم بفتح الشغل
ويغشى وجوههم الحزن
رغم أنه قد مر يومين
على الحادثة .....
لا زلت أذكرها كأنها اليوم و كأن الزمان عندها قد توقف
مدير الإدارة ورئيس قطاع الشبكات ومسئولين التحكم وغيرهم من كبار رجال شركة الكهرباء
جاءوا فى لحظة واحدة وكم هائل من الاتصالات بالمحطة على الهاتف الرئيسى والسنترال الداخلى
كلهم يسئلون عن سبب فصل الدائرة وانقطاعها على الأحمال
ومهندسون المحطة بين المطرقة والسندان
من المسئول عن هذا الانقطاع , من الذى سيأخذ الجزاء ويعاقب ؟؟؟؟
وجاء رجال الشرطة وجاءت الأسعاف ليحملون الميت .
الميت .....!!!!!!
لا !!!!!!!!! إنه لم يمت بعد لا زال مطروحا على أرض غرفة مفتاح الجهد العالى
وقد أثخنت الحروق جسمه ولا ينطق غير آه ....... آه
وعمال البناء الذين كانوا يعملون بالقرب منه فى المحطة واقفون خارج الغرفة
لا يستطيعون الدخول خوفا من صعق الكهرباء
حتى بعد أن تم فصل الدائرة لم يجرؤ أحد على أن يلمسه فقد أكل الحريق
ملابسه وتعرى جسده وشوت صاعقة التيار جلده
تورمت يداه وجسده الذان نقلا التيار على جهد ستة وستون ألف فولت
وفى غرفة التحكم كان الوضع مختلف , جلس الفنيون أمام مفاتيح التحكم
قد شاهدوا الموت بأعينهم ووقفوا واجمين !
هل هذا هو المصير ؟
هل هذه هى النهاية ؟
وقد حاصرهم المديرون بالأسئلة
لماذا دخل فى مجال الجهد وهو بالخدمة ؟
من الذى كان معه ويشرف على عمله ؟
من المسئول عن هذا الإهمال ؟؟؟؟
و هنالك قالوا
هو الذى كتب بنفسه أن الدائرة داخل الخدمة وعليها جهد عالى !
وقد كان مفتاح الخلية لم يوصل بعد
وكان على القضبان قطعة قماش ممزقة !!!!!!
ولكن الخط كان عليه ستة وستون ألف فولت
فى لحظة واحدة حدثت الفاجعة ودوى الانفجار واندلعت النيران
وجرى المهندسون يتسائلون ما الذى حدث ؟
وقام فنى باطفاءه بطفاية الحريق وإذا برجل يخرج من وسط الدخان
يبكى وينادى عليه و كان الناس يدفعونه وهو يريد الرجوع
و بعد ما تبينت ملامحه كان هو الرجل الذى شهد عليه
لقد تسبب ذلك الميت فى انقطاع الدائرة وتلف المعدات وبالتالى
حكمت علي ولديه اليتيمين الشركة بعدم أخذ تعويض ولا أى مستحقات
ونجا من العقاب من دونه وأصبح هو كبش الفدا
هل كان الخطأ خطأه أم خطأهم أم هى الجلبة التى سببها كثرة العمال فى المبنى فى ذلك اليوم
واستراحة قصيرة
كان رحمه الله يشرب فيها معهم الشاي
حدث بالفعل
|