الملف الشخصي
رقم العضوية:
105598
تاريخ التسجيـل:
Mar 2010
مجموع المشاركات:
487
رصيد النقاط :
0
والله عز وجل عند ظن عبده به
والله عز وجل عند ظن عبده به
بسم الله الرحمن الرحيم
>ما أحوج الإنسان في زمن طغت فيه المادة , وتعلق الناس فيه بالأسباب إلا من
رحم الله , إلى أن يجدد في نفسه قضية الثقة بالله , والاعتماد عليه في قضاء
الحوائج , وتفريج الكروب , فقد يتعلق العبد بالأسباب , ويركن إليها , وينسى مسب
الأسباب الذي بيده مقاليد الأمور , وخزائن السماوات والأرض , ولذلك نجد أن الله عز
وجل يبين في كثير من المواضع في كتابه هذه القضية , كما في قوله تعالى :
{وكفى بالله شهيدا} (الفتح 28) , وقوله : {وكفى بالله وكيلا } (الأحزاب 3) , وقوله :
{ أليس الله بكاف عبده } (الزمر 36) , كل ذلك من أجل ترسيخ هذا المعنى في
النفوس , وعدم نسيانه في زحمة الحياة , وفي السنة قص النبي صلى الله عليه
وسلم قصة رجلين من الأم السابقة , ضربا أروع الأمثلة لهذا المعنى .
والقصة رواها البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم ( أنه ذكر رجلا من بني إسرائيل , سأل بعض بني إسرائيل أن
يُسْلِفَه ألف دينار , فقال : ائتني بالشهداء أُشْهِدُهُم , فقال : كفى بالله شهيدا , قال :
فأتني بالكفيل , قال : كفى بالله كفيلا , قال : صدقت , فدفعها إليه إلى أجل مسمى ,
فخرج في البحر , فقضى حاجته , ثم التمس مركبا يركبها يقْدَمُ عليه للأجل الذي
أجله , فلم يجد مركبا , فأخذ خشبة فنقرها فأدخل فيها ألف دينار , وصحيفةً منه إلى
صاحبه , ثم زجَّجَ موضعها , ثم أتى بها إلى البحر , فقال : اللهم إنك تعلم أني كنت
تسَلَّفْتُ فلانا ألف دينار , فسألني كفيلا , فقلت : كفى بالله كفيلا , فرضي بك ,
وسألني شهيدا , فقلت : كفى بالله شهيدا , فرضي بك , وأَني جَهَدتُ أن أجد مركبا
أبعث إليه الذي له , فلم أقدِر , وإني أستودِعُكَها , فرمى بها في البحر حتى ولجت
فيه, ثم انصرف , وهو في ذلك يلتمس مركبا يخرج إلى بلده , فخرج الرجل الذي كان
أسلفه ينظر لعل مركبا قد جاء بماله , فإذا بالخشبة التي فيها المال , فأخذها لأهله
حطبا, فلما نشرها , وجد المال والصحيفة , ثم قَدِم الذي كان أسلفه , فأتى بالألف
دينار , فقال : والله ما زلت جاهدا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل
الذي أتيت فيه , قال : هل كنت بعثت إلي بشيء , قال : أخبرك أني لم أجد مركبا
قبل الذي جئت فيه , قال : فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت في الخشبة , فانْصَرِفْ
بالألف الدينار راشدا )
هذه قصة رجلين صالحين من بني إسرائيل , كانا يسكنان بلدا واحدا على ساحل
البحر , فأراد أحدهما أن يسافر للتجارة , واحتاج إلى مبلغ من المال , فسأل الآخر أن
يقرضه ألف دينار , على أن يسدها له في موعد محد , فطلب منه الرجل إحضار
شهود على هذا الدين , فقال له : كفى بالله شهيدا , فرضي بشهادة الله , ثم طلب
منه إحضار كفيل يضمن له ماله في حال عجزه عن السداد , فقال له : كفى بالله
كفيلا , فرضي بكفالة الله, ما يدل على إيمان صاحب الدين , وثقته بالله عز وجل , ثم
سافر المدين لحاجته , ولما اقترب موعد السداد , أراد أن يرجع إلى بلده , ليقضي
الدين في الموعد المحد , ولكنه لم يجد سفينة تحمله إلى بلده , فتذكر وعده الذي
وعده , وشهادةَ الله وكفالتَه لهذا الدين , فكر في طريقة يوصل بها المال في موعده ,
فما كان منه إلا أن أخذ خشبة ثم حفرها , وحشى فيها الألف الدينار, وأرفق معها
رسالة يبين فيها ما حصل له , ثم سوى موضع الحفرة , وأحكم إغلاقها , ورمى بها
في عرض البحر , وهو واثق بالله , متوكل عليه , مطمئن أنه استودعها من لا تضيع
عنده الودائع , ثم انصرف يبحث عن سفينة يرجع بها إلى بلده , وأما صاحب الدين ,
فقد خرج إلى شاطئ البحر في الموعد المحد , ينتظر سفينة يقدُم فيها الرجل أو
رسولا عنه يوصل إليه ماله , فلم يجد أحدا , وجد خشبة قذفت بها الأمواج إلى
الشاطئ , فأخذها لينتفع بها أهله في الحطب , ولما قطعها بالمنشار وجد المال
الذي أرسله المدين له والرسالة المرفقة , ولما تيسرت للمدين العودة إلى بلده ,جاء
بسرعة إلى صاحب الدين , ومعه ألف دينار أخرى , خوفا منه أن تكون الألف الأولى
لم تصل إليه , فبدأ يبين عذره وأسباب تأخره عن الموعد , فأخبره الدائن بأن الله عز
وجل الذي جعله الرجل شاهده وكفيله , قد أدى عنه دينه في موعده المحد .
إن هذه القصة تدل على عظيم لطف الله وحفظه , وكفايته لعبده إذا توكل عليه
وفوض الأمر إليه , وأثر التوكل على الله في قضاء الحاجات , فالذي يجب على
الإنسان أن يحسن الظن بربه على الدوام , وفي جميع الأحوال , والله عز وجل عند
ظن العبد به , فإن ظن به الخير كان الله له بكل خير أسرع , وإن ظن به غير ذلك فقد
ظن بربه ظن السوء
<FONT color=darkslateblue size=2>:084: منقول للفايدة