وصية أم لابنتها ليلة زفافها
وصية أم لابنتها ليلة زفافها
أوصت امرأة ابنتها وصية ليلة زفافها فقالت لها :
أي بنية ! إن لو استغنت عن الزوج بسبب غنى أبويها ، وشدة حاجتهما إليهما لكنت أغنى الناس عن ذلك ، ولكن للرجال خلقنا كما خلق لنا الرجال .
أي بنية ! إن الوصية لو تركت لفضل أدب , أو لتقدم حسب ، لتركت لذلك منك ، ولكانت أبعد شيء عنك ، ولكنها تذكير للعاقل ، وتنبيه للغافل .
أي بنية ! إنك تركت البيت الذي فيه نشأت ، والعش الذي فيه درجت ، إلى بيت لم تعرفيه ، وقرين لم تألفيه . قد أصبح بملكه عليك اليوم مليكا ، فكوني له أمة ، يكن لك عبدا وشريكا . واحفظي له مني خصالا عشرا ، تكن لك ذكرا وذخرا .
أما الأولى والثانية : فهي الرضى بالقناعة ، والمصاحبة له بحسن السمع له والطاعة .
وأما الثالثة والرابعة : أن تتفقدي موضع عينيه ، وتعهدي موضع أنفه ، فلا تقع عينه منك على قبيح ، ولا يشم منك إلا أطيب ريح .
وأما الخامسة والسادسة : فالتحري لوقت طعامه ، والهدوء عنه حين منامه ؛ فإن حرارة الجوع ملهبة ، وتنغيص النوم مغضبة .
وأما السابعة والثامنة : فالحفاظ له على خصوصيته وماله ، والاهتمام بحشمه وعياله ؛ فإن الخصلة الأولى من التدبير ، والثانية من حسن التقدير .
وأما التاسعة والعاشرة : فألا تفشي له سرا ، ولا تعصي له أمرا ؛ فإنك إن أفشيت سره ، أوغرت صدره ، وإن عصيت أمره لم تأمني غدره .
ثم اتقي مع ذلك الفرح عنده إن كان ترحا ، والحزن بين يديه إن كان فرحا ؛ فإن الأولى من التقصير ، والثانية من التكدير . واعلمي يا بنية ! أنك أشد ما تكونين له إعظاما ، أشد ما يكون لك إكراما . وأشد ما تكونين له موافقة ، أطول ما تكونين له مرافقة .
والله يصنع لك الخير وأستودعك الله .
|