|
#1 | |
عضوة شرفية |
أسرتي مسوليتي
الحمدُ لله رَبِّ العالمين ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على أشرفِ الأنبياءِ والمُرسلين ، وعلى آلهِ وصحبه أجمعين . وبعد ؛؛ الأُسْرةُ : أهلُ الرجل وعشيرتُه .. والأُسْرةُ تتكونُ مِن أبٍ وأُمٍّ وأبناء .. وهى وِحْدةٌ مِن وِحدات المُجتمع ، وعُنصرٌ فعَّالٌ فيه .. و يقولُ نبينا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( كُلُّكُم راعٍ ، وكُلُّكُم مَسئولٌ عن رعيَّتِه )) متفقٌ عليه . وبما أَنِّي عُضوةٌ داخل هذا المُجتمع الصغير ( الأُسْرة ) ، فأنا مَسئولةٌ عنه ، ولا بُدَّ أن يكون لي دورٌ فاعِلٌ فيه ،، و مَسئوليتي تَمتدُّ إلى أمي وأبي وأختي وأخي .. مِن غير المُمكن أنْ أعيشَ وحدي ، وأسعى لمصالح نفسي ، وأتركُ أهلي لحالهم .. مِن غير المُمكن أنْ أعزلَ نفسي عَمَّن حولي ، ولو بدت منهم بعضُ الأخطاء .. مِن غير المُمكن أنْ أُنيرَ الطريقَ لِمَن هُم بعيدين عَنِّي ، وأتركُ أهلي في ظلامٍ دامِس .. مِن غير المُمكن أن يتعب أهلي في تربيتي وتعليمي ، ثُمَّ لا يجدون مِنِّي إلا الجفاء والجُحودَ والنُّكْران .. ف لكنْ : ما المطلوبُ مِنِّي بما أنِّي مَسئولةٌ في هذا المَقام ؟ وما هو دوري ؟ يقولُ رَبُّنا تبارك وتعالى : يا أَيُّها الَّذِينَ ءَامَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ والحِجَارَةُ التحريم/6 ،، فهذا أحدُ دوري في الأُسْرة . لكنْ : كيف أفعلُ ذلك ؟ أولاً : بنقل ما أعرفُ مِن أمور ديني وما يحتاجونه مِنها إليهم . ثانيًا : بالنُّصْح والتوجيه لِمَن يحتاجُ ذلك مِن أفرادِ أُسْرتي . ثالثًا : أمرُهُم بالمعروف ، ودعوتُهم إليه ، وتشجيعُهُم عليه . رابعًا : نهيهُم عن المُنكر ، إنْ ظهر منهم . لكنْ : كيف يكونُ نهي عن المُنكر ؟ هل أضرِب ؟ هل أشتم ؟ هل أُعَنِّف ؟ هل أهجُر ؟ يقولُ رسولُنا صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم : (( مَن رأى منكم مُنكرًا فليُغيِّره بيده ، فإنْ لم يستطع فبلسانه ، فإنْ لم يستطع فبقلبه ، وذلك أضعفُ الإيمان )) رواه مُسلم .. فإنْ رأيتُ مُنكرًا ، فعلَىَّ أنْ أُبادِرَ بتغييره بيدي إنْ استطعت ؛ كأنْ يكونَ شئٌ يحتاجُ إلى إتلافٍ كآلاتِ اللهو والغناء ، أو صورٍ ذوات الأرواح ، أو تلفاز ( بتغيير القناة ) ، وغيرها . لكنْ : قد يُؤدِّي هذا التغيير إلى ما لا تُحمَد عُقباه ، فماذا عَلَىَّ ؟ عَلَىَّ في هذه الحالة أنْ أستخدمَ لساني ؛ بأنْ أنصح ، وأُبَيِّنَ حُرْمَةَ الأمر . لكنْ : قد يُعَرِّضُني ذلك لشئٍ مِن الإهانةِ أو الضرب مِن قِبَلِ والدىَّ أو أحدهما .. إذًا .. عَلَىَّ الإنكارُ بالقلب ؛ بأنْ أُغادرُ المكانَ مَثلاً ، أو أُبدىَ استيائي مِن الأمرِ دُون كلام .. و الأبُ مَسئولٌ داخل أُسْرته ، مَسئولٌ عنها ، وعن أفعالها ، وهو مُطالَبٌ بعدٍ مِن الواجبات ، وعليه تقعُ كثيرٌ مِن المسئوليات تجاه أُسْرته .. ومِن ذلك : - الإنفاقُ عليهم .. يقولُ رسولنا صلَّى اللهُ عليه وسلَّم : (( دينارٌ أنفقته في سبيل الله ، ودِينارٌ أنفقته في رقبة ، ودِينارٌ تصدَّقتَ به على مِسكين ، ودِينارٌ أنفقته على أهلك ، أعظمُها أجرًا الذي أنفقته على أهلك )) رواه مُسلم . - تعليمُهم أمور دينهم ، ومنها : الصَّلاة وما يتعلقُ بها مِن أركانٍ واجباتٍ وسُنَن ومُبطلات ،، والصَّوم ومُفسداتِه ،، إلى غير ذلك .. يقولُ رَبُّنا سبحانه وتعالى : وَاْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا طه/132 .. ومِنها : أمرُ الزوجة والبنات بلبس الحِجاب الشرعىِّ الكامِل .. ومُعالجة التقصير إنْ وُجِد .. وخلق جَوٍّ مِن التعاون والمَحبَّة داخل الأُسْرة . ومِن الناس مَن تخلَّى عن مَسئوليته ، أو تغافلها ، أو تجاهلها ، ولم يعبأ بها ، ولم يُعطها اهتمامًا .. ف مِن الآباء مَن ترك أُسْرته ورحل عنها ، بلا نفقة ، ونسى أو تناسى أنَّ ورائه مَسئولياتٍ كبيرة رُبَّما تكونُ أهم مِمَّا رحل له . ومِنهم مَن عاش بين زوجته وأولاده ، لكنَّ دوره قد غاب ، فلم يُشاركهم حياتَهم ، ولم يتضح دورُه بينهم . ومِنهم مَن رأى زوجتَه مُتبرجةً كاشفةً ولم ينصحها ، بل لم يأمرها بالتزام شرع الله وستر نفسها ، ولبس حِجابها الشرعىّ . ومِنهم مَن رأى أولاده لا يُصَلُّون ، ولم يأمرهم بالصَّلاة ، بل لم يستاء مِن ذلك ، وكأنَّ الأمرَ عادىٌّ جدًا ، وكأنَّه يكفي أنْ يُصلِّىَ هو ، أمَّا أولادُه فلا مُشكلة ..! صلَّوا أو لم يُصلُّوا ، الكُلُّ عنده سواء . ومِن الآباء مَن جرى وراء مَصالحه ، وترك مَصالحَ أُسْرته ، ولم يُعْرها اهتمامًا . وفي تعامُلي ونُصحي لِكُلِّ فردٍ مِن أفرادِ أُسْرتي ، لا بُدَّ أنْ أُراعي مُستواه العُمْرِىّ ، و مَدى قُربه مِنِّي ، و تقبُّله لنُصحي ، مع احتمال ما قد يظهر منه من الرفض لقولي ، وعدم الاهتمام بنُصحي .. ف تقديمُ النصيحةِ لأمي - مَثلاً - يختلفُ عن تقديمها لأبي .. و مَسئوليتي تجاه أختي تختلفُ عن مَسئوليتي تجاه أخي ،، و لا بُدَّ مِن وضع ذلك في الحُسْبان . وهذه المسئوليةُ تعني أنَّ عَلَىَّ واجباتٍ تجاه أُسْرتي ، لا بُدَّ لي مِن الالتزامِ بها .. وبالتزامي بهذه الواجبات ، وبالتزام كُلِّ فردٍ مِن أفرادِ أُسْرتي بواجباته تجاه أُسْرتنا الصغيرة ، تبقى أُسْرتُنا عُنصرًا فعَّالاً مِن عناصِر المُجتمع ، ولا يقتصرُ نفعُها داخليًا ، بل يمتدُّ للمجتع المُسلم أجمع .. فبِداية تطوُّر المُجتمع وتحوُّلِه للأفضل يبداُ مِن الأُسْرة . |