رد: انا وهو الذي يمشي في الظلام لمن يملك القدرة على النجاة فقط
انا وهو الذي يمشي في الظلام لمن يملك القدرة على النجاة فقط
نهآية الجزء الأول.. : الفصل الخآمس..
..........
-5-
(( بدايتي معه.. ))
( (( إن ما تعيشينه الآن إن هو إلا بداية فقط..!! )) )
........
أنهى الرجل كلامه ثم نظر إلي قائلاً:
(( هل كلامي واضح بالنسبة لك يا آنسة..؟؟ ))
كانت ملامح الخوف والمفاجأة قد ظهرت تماماً على وجهي الذي أصبح لون مائلاً إلى الإصفرار..
بقيت واجمة إلى أن أعاد الرجل سؤاله علي:
(( كلامي واضح يا آنسة..؟؟ ))
أجبته مستدركة:
(( آه.. أعني.. أنا.. ))
استجمعت قواي وأكملت : (( أنا.. مصابة بلعنته الآن..؟؟ ))
أجابني من فوره :
(( بما أنك قد بلغت ما حكيت عنه في رسالته فأنت بذلك في بداية طريقكِ معه..
أحب أن أنوه لك عن أن لعنته تصيب كل من استهزأ به أو بأساطيره ))
لم أعقب على كلامه..
بقيت فقط واجمة فاغرة فيّ ناظرة إلى الأرض..
ثم قال (( اسمحي لي بالإنصراف ولكن قبل أن أخرج..))
مد يده لي بورقة صغيرة تحمل رقماً من الواضح بأنه قد كتب بعناية..
وأكمل (( هذا هو رقمي ان احتجتي لأي مساعدة.. ))
سألته مقاطعة:
(( هل أنت مصاب لعنة هذا ال (( هو )) يا سيدي..؟؟ وإلا لماذا أراك مهتماً وعلى علم كبير به..؟؟))
توقف برهة ثم أكمل مشيه دون أن ينظر إلي..
فأكملت قائلة: (( بالتأكيد مصاب بلعنته.. وإلا لما استطعت أن تروي لي تلك القصة وتفوه عن كلام يخصه..))..
فتح الباب ليخرج.. ولكنه توقف لحظة ليقول :
(( عليك أن تعرفي أنه لايمكنك أن تحصلي إجابة لكل أسئلتك.. هناك أمور لايمكنك معرفتها.. لأنك لن تفهمي كنهها أبداً ))
أومأ برأسه محياً إياي.. ثم خرج وأغلق الباب خلفه..
تاركاً إياي في حالة يرثى لها..
.......
مرت ساعتين إلى الآن و أنا لا أزال بنفس الحالة..
جالسة وحدي في غرفتي.. فوق سريري..
ضامَّةً ساقي إلي..
جلست أفكر فيما قاله ذلك الرجل..
شعرت بالرعب يتسل إلى عمودي الفقري ليخرج من جسدي على شكل قشعريرة رهيبة..
(( حسناً.. وإن كنت الآن ملعونة من قبل ذلك ال (( هو )).. أما من وسيلة تنقذني منه..؟؟!! ))
نظرت إلى ساعتي فإذا بها تشير إلى الثانية عشرة..!!
آآه لماذا.. لماذا أبكي..؟؟
في حياتي لم أشعر بمثل هذا الخوف من وقت معين..!!
لم أتمكن من كتم الدموع التي بداخلي.. أمسكت بوسادتي وانفجرت فيها باكية..!!
لكن..
ماهذا الخدر الغريب الذي أشعر به في أطراف جسدي..
أن ا... خ..ا..ئ..ف..
.............................. ...
......
أستيقظت في اليوم التالي لأجد نفسي نائمةً أمام المرآة..
موجهة ساعتي إليها..!!
ماذا..؟!!
كيف حدث هذا..؟؟!!
و منذ متى..؟؟!! أعني..
نظرت إلى وجهي الذي بدت عليه علامات التعب والإرهاق..
و إلى ساعتي التي ذهلني منظرها.. ليس مرعباً ولكن الغموض الذي يحيط بها هو ما يجعلها مرعبة جداً..
فلقد كانت ساعتي.. بلا أرقام..!!
و خصوصاً مكان الرقم 12.. اختفى تاركاً أثراً كأثر حرق ما..
لا أعلم من أي جحيم خطرت على بالي فكرة أن لعنة ذلك ال (( هو )) قد جعلتني أفعل ما فعلت..
ولكن لماذا..؟؟
هل ياترى..
هل يا ترى قمت بفتح بوابته.. بوابة (( هو ))..؟؟
لم أحتمل المزيد..
فتحت الباب خارجةً من غرفتي أبحث عن أحد لأخبره بكل شيء.. كل شيء..
فلعله يلعن مثلي فنساعد بعضنا على تخطي ما نحن به.. أو يشاركني الموت فلا أشعر بالغربة..!!
ولكن لحظة..!!
يبدو أنه لا أحد في البيت.. هل خرجوا وتركوني لوحدي..؟؟ لا أعتقد..!!
ذهبت إلى المطبخ.. فغرفة أمي.. غرفة المعيشة..
لا أحد في البيت فعلاً.. لا أحد..
انطلقت مسرعة إلى الخارج لأبحث عنهم..
ويا ليتني مت قبل أن أفعل ذلك..
فلقد اكتشفت لا حقاً أن أهل المدينة كلهم قد اختفوا..!!
لم يبقى سواي أنا..!!..
ترى..
هل يريد هذا ال (( هو )) قتلي بسبب الإكتئاب.. أم يريد قتلي بطئ ليستمتع بتعذيبي..؟؟
آآآه سواءً أردا قتلي مباشرة أو بطئ..
هو لا يعلم أني سأموت رعباً قبل أن يقوم (( هو )) بذلك..!!!............
بدآية الجزء الثاني : الفصل 6
-6-
(( هذه نهايتي..!! سأموت بالتأكيد ))
( (( لعلمك..!! كل كلمة أقولها كفيلة بقتلك وكفيلة بجعلك تموت بطء..!! )) )
.............................. ..........
أعلم تماماً أنه من المضحك أن أختبئ داخل الدولاب حاملة في يدي سكيناً كبيرة..
خصوصاً في مدينة خالية تماماً من السكان..
ولكني فعلت ذلك..
كنت أبكي وأتمتم بأذكار كثيرة.. وأدعو الله أن يجنبني الخطر والشر..!!
لا أعلم مما كنت أريد حماية نفسي..
أعلم أن (( هو)) لن يؤذيني ما دمنا نهاراً.. أو.. قد يستطيع من يعلم..!!
ولكنه الخوف من المجهول..
أشعر وكأن أحداً سيظهر لي وسط هذا السكون القاتل ليقضي علي.. سأكون له من الشاكرين فعلاً على إراحته لي بسرعة..
فهو بطريقة قتله لي كيفما كانت أرحم عندي من البقاء في جحيم السكون هذا..
يا إلهي.. حتى العصافير والقط لا أثر لها..!!
مالذي جرى يا ترى..؟؟
..........
مرت خمس ساعات على اختبائي بهذه الطريقة..
بالتأكيد شعرت بالجوع الشديد.. و لكني لا أزال خائفةً تماماً..
لامشكلة من أن أحضر بعض الطعام وأعود إلى مخبئي من جديد.. أليس كذلك..؟؟
تحركت في حذر شديد وفتحت الدولاب..
أوه لم أكن أتوقع أن تغرب الشمس بمثل هذه السرعة..!!
خرجت من غرفتي مسرعةً لأشتم رائحة طعام مطبوخ .. تلك الرائحة المحبة إلى النفس.. إنها أمي..!!
آآآه وصوت التلفاز الذي يوحي بأن إخوتي موجودون في غرفة المعيشة..
يا إلهي لم أكن أعرف مدى حبي لهذا الصوت المزعج..!!
أسرعت إلى الطابق السفلي راجية من الله أن أقف أمام المطبخ لأرى أمي الحبيبة أمامي..
نزلت.. وقفت أمام المطبخ..
ههه هل عرفت ما وجدت..؟؟ لا لا.. ليس وحشاً..
لأني لم أجد شيئاً على الإطلاق..!!!
.............
وقفت واجمة للحظات أمام المطبخ.. فإذا به فارغ تماماً إلا مني ومن ظلي..
ومثله غرفة المعيشة..
يكسوهما ذلك الون البنفسجي الذي يدل على أن شمس اليوم سترحل.. وتركني وحيدة في ظلمة اليل القاسية..
اتجهت إلى الثلاجة لأحضر شيئاً آكله.. لأني أبداً لا أرغب في البقاء وحدي في البيت دون أن أختبئ..
حتى وإن كان إختباءً من لاشي.. على الأقل سأشعر بعض الأمان..
فتحت الثلاجة..
آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ..!!
آآآه.. آآه.. آآآآآآآآآآآآآآآآآآه..
أخذت أصرخ وأجري خارجةً من البيت.. تعثرت في طريقي عدة مرات واصطدمت بالعديد من الأشياء التي أجهل كنهها.. كنت أركض.. أركض بجنون إلى اللامكان من هول ما رأيت..!!
حتى سقطت مرة أخرى مغشياً علي..!!
لقد كانت الثلاجة فارغة.. فارغة تماماً من الأشياء الطبيعية التي نعهدها داخل الثلاجات الطبيعية..
ولكنها كانت مليئة تماماً.. تماماً..
بأوصالٍ بشريةٍ كاملة..!!
.......
هاه..!!...
فتحت عيني لأجد نفسي في غرفتي.. التي اكتست بلون أشعة الشمس الدافئة..
تحركت قليلاً فوق السرير لأتمكن من رؤية الغرفة بوضوح..
كل شيء سليم في مكانه..
ما عدا جسدي الذي يحمل بعض الرضوض في عدة مناطق منه..
رضوض.. من أي..
تذكرت فجأة كل ما مررت به مسبقاً..
المدينة الخالية من السكان.. الأطراف البشرية التي كدت أموت بسببها..
لم أنتظر لحظة أخرى..
هرعت إلى النافذة لأرى ما يدور بالخارج..
غريبة..!! كل شيء طبيعي..
الأطفال يلعبون والسيارات تروح وتجيء.. إذاً دورة الحياة تمشي بشكل طبيعي..!!
تذكرت أمي وإخوتي..
خرجت من غرفتي صارخة (( أم ي..!!! ))
فردت علي مستغربة من صراخي..
آآه ما أروع صوتها الحنون وهو يوبخني على صوتي العالي..
أخذت أجري متجهة إلى الطابق السفلي لأراها..
كانت جالسة كعادتها في ذلك الكرسي المحب إليها..
ارتميت بين أحضانها باكية.. وهممت أقبل يديها ورأسها في نهم شديد..
بينما أخذت هي تهون علي وتسألني عن سبب بكائي الذي تجهله..
آآه يا غالية.. لو لا خوفي عليك مما أعيشه لأخبرتك.. لا أريد لك أن تعذبي مثلي الآن..
لم أكن أعلم لماذا ولكني.. شعرت بان هذه هي آخر مرة أرى فيها أمي..
هل.. هل أقول لها وداعاً.. لا.. ستشعر بأن شيئاً غريباً يحدث لي عندها..
لذلك اكتفيت بترك دموعي وأفعالي تودعها كل بطريقته..
آآه يا أمي.. ليتني أموت هنا.. بين أحضانك.. أموت فلا أحيا أبدا..
............
طلبت من أمي أن تنام معي اليلة.. على أمل أن تمنعني إن قام ((هو)) بأمري بفعل شيءٍ غريب..!!
وفقت هي أمام إلحاحي الشديد عليها.. مقنعة إياها أني اشتقت إلى أيام الطفولة وحسب..!!
آآه لو تعلم السبب الحقيقي..!!
شعرت وهي نائمةٌ إلى جانبي وكأن أمان وطمأنينة العالم كله معي الآن..
فعلاً.. كنت أشعر بقوة غريبة لا يقوى حتى ((هو )) على سلبها مني..
إن للأمهات طاقة غريبة لها قدرة عجيبة على طرد الأرواح الشريرة والشياطين المرعبة و إعطائنا الأمان والطمأنينة منذ صغرنا..
أغمضت عيني في سعادة..
وغفوت.. غفوت كما يغفو الطفل الصغير..
.........
(( بابين كبيرين يخفيان خلفهما النهاية.. أحدهما يقود إلى نهايته.. والآخر يقود إلى نهايتك ))
دونج..!! دونج..!!
(( ههاه..!! ))
فتحت عيني و أنا أشهق فزعة..
ما هذا الصوت العالي..؟؟!!
أين أنا..؟؟..
أخذت أتلفت يمنة ويسرة لأتعرف معالم المكان أكثر..
كانت غرفة من الطراز القديم.. القديم جداً..
تلك التي تشعرك بجو القلاع القابض للنفس.!
الون الأحمر يكسو معالم الغرفة كلها تقريباً..
التي أخذ الظلام يسيطر على أركانها مداعباً الظلال التي تتولد من تراقص اللهب داخل تلك المدفئة الكبيرة..
شهرت بقشعريرة رهيبة سرت في جسدي كله جعلتني أضم نفسي لأخف من قوتها..!
يارب.. أين أنا..؟؟
نزلت من فوق ذلك السرير.. متجهة إلى الباب الوحيد الموجود في الغرفة
(( يا إلهي لا أزال بثياب نومي كما أنا .!! ))
فتحته..
ثم عدت لأغلقه قبل أن أكتشف ما خلفه من عالم أجهله تماماً..
سألت نفسي عدت مرات إن كنت فعلاً أملك القوة الكاملة لفتحه..
فتوصلت إلى أني إن كنت سأموت خارجاً فسأموت هنا أيضاً رعباً من تلاعب الظلال بأعصابي.. وأنا ذات خيال واسع جداً..
لذا.. أفضل أن أموت وأنا أحاول..!!
وفتحت الباب لأكتشف ما خلفه..
((ألم يكن من الأفضل لي أن أموت رعباً من الظلال داخل الغرفة..؟؟!!))
----------------------------------------
--------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثآني.. الفصل 7
-7-
(( متى ستكون نهايتي..؟؟!! ))
( أنا مجرد دمية يلعب بها ((هو)) كيفما شاء..!! )
أخذ الباب يفتح عما خلفه مصدراً أزيزاً ثقيلاً وكأنه يبكي ألم مفاصله..
كان الجو العام معتماً تماماً وعطناً إلى درجة الإختناق..!!
مشيت خطوتين خارج حدود الغرفة على أطراف أصابع قدمي المرتجفتين..
ما لبثت أن نزلت كلتا قدمي على الأرض حتى سمعت..
(( بست..!! ))
(( هه..!! ))
تلفت حولي إلى أن وقع نظري عليها..!!
(( بست..!! ))
(( آآآه..!! ))
صرخت فزعة من شكلها القبيح..
إنها..!! إنها..!!
تلك العجوز.. تحمل نفس الإبتسامة الخبيثة على وجهها..
ولكنها هذه المرة كانت قد أظهرت شعرها ولم تغطيه كالعادة..
وكانت تحمل في يدها شمعة كبيرة.. أدت إلى إظهار ملامحها بطريقة مميتة في تلك الظلمة الشيطانية..!!
كان شعرها أشعثًاً أبيضاً بطريقة بشعة..!! والتجاعيد كانت وكأنها حفرت بقوة على وجهها الذي امتلئ بقع غريبة أراها لأول مرة..
رفعت إصبعها إلي تشير أي اقتربي..
ولكني ما لبثت أن هرعت إلى داخل الغرفة مغلقة الباب خلفي بكل قوتي..
(( آآه..آآه..هاه..!!))
اسندت ظهري إلى الباب.. حتى أمنعها من الدخول إن حاولت..
أخذت أجول بنظري سريعاً في أرجاء الغرفة حتى أتبين أي شيء يمكني أن أصرع تلك العجوز منكوشة الشعر به..!!
ولكني للأسف لم أجد شيئاً سواي.. أنا والشمعة وتلك المدفئة المقيتة والسرير الضخم..
المخرج الوحيد من هذه الغرفة هو الباب من خلفي..
(( مستحيل..!! ))
لن أستخدمه ما دامت تلك الشيطانة المتجسدة خلفه..!!
طق طق طق طق..!!
((هاه..!! ))
إنها.. إنها.. تدق الباب علي..
طق طق..!!
يا إلهي ماذا عساني أفعل..
(( قلبي.. قلبي.. آآآه كم يؤلمني..!! ))
طاخ..طأاخ.. طاخ..!!
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآه هه..!! ))
جريت لأقفز متجهة إلى ركن السرير لأحتمي بالجدار خلفي..
وطرقها الكابوسي الملح ما يزال مستمراً..!!
طاخ طاخ..!!
أخذت تضرب بطريقة مفزعة جداً..
رباه.. كيف لتلك العجوز أن تضرب بمثل هذه القوة.. و..!!
ربما ليست العجوز هي من يضرب على الباب..!!
أخذت جميع أطرافي ترتجف بلا توقف..
ودموعي تنهمر من عيني كالشلال..
لكني لم أشعر بهذا كله.. أصبت بالخدر تماماً تماماً..
عندما سقطت الباب هاوياً على الأرض مستسلماً لطرق من كان خلفه..!!
لأسقط أنا ((كالعادة )) مغشياً علي دون سابق إنذار..!!
...........................
استيقظت لأجد نفسي أمام مرآة غرفتي (( إذا فأنا في منزلي ))
كنت جالسة أمام ممسكة بساعتي التي كانت موجهة إليها تماماً..
كما في السباق..
الأرقام كلها مختفية و خانة الرقم 12 محترقة تماماً..
ولكن شكل المرآة لم يكن كعادته..
فلقد كان مكسورة من المنتصف.. وكأن أحدً قد رماها بشيءٍ تقيل..
كان الزجاج منتشراً في كل مكان.. وقفت بحذر لأستطيع الحركة دون أن يؤذيني الزجاج..
مشيت إلى وسط الغرفة قاصدة بقعة كانت أشعة الشمس مركزة عندها طالبة للدفء.
فلقد كان جسدي بارداً كالثلج.. كالثلج فعلاً..
و لوهلة جلست أتذكر ما حصل لي..
كلما تذكرت شيئاً جديداً أخذ جسدي يرتجف تلقائياً بطريقة مفزعة..
وكلما تذكرت أنه لا أحد يقدر على مساعدتي أخذت عيناي تذرفان الدموع بغزارة..
هذه المرة.. أخذت أبكي بحرقة..
(( مالذي فعلته لأجني هذا المصير.. مالذي فعلته حتى أجلب لنفسي هذا الكابوس اللا منقطع ..!! ))
لا أعلم مالذي ذكرني برقم هاتف ذلك الرجل الغريب الذي زارنا قبل يومين.. أو هو كان بالأمس.. أم.. أم..!!
وقفت متجهةً إلى التقويم السنوي لأعرف كم التاريخ اليوم..
ولكني تفاجأت لكون أوراق التقويم جميعها كان بيضاء فارغة.. فارغة تماماً من أي شيء..!!
(( أوه..لا ..!! ))
أخذت أتمتم بعبارات كمتقطعة في أثناء تقليبي لصفحات التقويم.. آملة أن أجد أي حرفٍ يهديني إلى طلبي..
ولكني لم أجني سوى الصفحات البيضاء التي أخذت تستهزء بملامح الأسى والإستسلام على وجهي كلما قلبت صفحةً فارغة لأتجه إلى غيرها.. وهكذا..!!
أمسكت بالتقويم قاذفةً إياه على الأرض بكل قوتي..
ولكنه لم يصدر صوتاً يوحي بآرتطامه بالأرض.. أو تمزق صفحاته..
لأنه.....
لأنه اختفي فجأةً وكأن شيئاً لم يكن..!!
((........... ))..!!
وقفت أتلفت حولي إلى أرجاء الغرفة..
(( مم..م.. من.. من فعل هذا..؟؟!! ))..
بسرعة اتجهت إلى رقم ذلك الرجل الغريب الذي وضعته في درج المرآة..
فتحت الدرج بحذر..
أمسكت بالورقة محاولةً تبين الرقم منها.. لأكتشف بأني أحاول قراءة الأرقام من ورقة
محترقة..!!
(( كيف هذا..؟؟!! ))
كانت الورقة سلمية إلا من جزء احترق فيها وهو الجزء الذي حمل الأرقام..!!
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آ......))
صرخت صرخةً أجبرني بعدها ذلك الصوت على الخرس..!!
إنه ذلك الص..ص..وت..!!
ذلك الصوت من قبل..!!
تك تك تك تك تك..!!
ولكن من أين..؟؟
تحركت بتحفز شديد داخل الغرفة لاكتشف مصدر الصوت..
ولكني لم أحصل على نتيجة..
لم يبقى غير مكان واحد لاشك في أن الصوت قادمٌ منه..
هل حزرت ما هو..؟؟!!
سأريحك من التفكير وأخبرك بالإجابة..
لقد كان الصوت صادراً من الحمام.. حمام غرفتي..
من المرآة بالتحديد..!!
الجزء الثآني الفصل 8
.............................. ...
-8-
(( لا يزال الوقت مبكراً.. ))
( ((هو)) لا يريد غيري الآن ليقضي عليه.. )
مشيت باتجاه الحمام ضامة ساعتي إلى صدري..
شاعرةً بدقات قلبي الشديدة..
أمسكت مقبض الباب وفتحته..
كم أكره شعور الترقب ذاك الذي ينتابك لما خلف الأشياء المغلقة..
لوهلة تخيلت نفسي واقفة أمام وجه تلك العجوز البشعة..!!
حاولت جاهدةً منع نفسي من الإسترسال في خيالي.. و دخلت الحمام..
كانت المرآة سوداء تماماً.. سوداء بطريقة كابوسية توحي وكأن شيئاً سيخرج منها في التو والحظة..
لاحظت أني كلما اقتربت من المرآة ازداد ذلك الصوت..
الصوت الذي كان يصدر من المرآة والساعة معاً في نفس الوقت..!!
تك.. تك تك تك..!!
ألا يشبه صوت عقارب الساعة.. أو.. ربما يكون هو ذاته..
تك.. تك تك تك تك تك ..!!
بلى إنه هو..
اقتربت أكثر من المرآة ليزداد بذلك الصوت الموتر المخيف..
(( بالتأكيد.. إنها بوابته الثانية إلي.. ))
أسرعت الخروج من الحمام.. بدلت ملابسي و خرجت من البيت..
هناك فكرةً لا بأس بها تدور في رأسي قد تخف بعضاً من الذي أعيشه الآن..
على الأقل قد تخف تذبذبي مع الوقت..
اتجهت إلى شاطئ البحر.. ممسكة الساعة في يد.. و شريط لاصق قوي في يد..
أخذت أبحث عن صخرة مناسبة لربطها مع الساعة..
الحمد لله لم يكن الأمر عسيراً.. فلقد وجدت ما أحتاجه وبسرعة..
..........
أمسكت بالساعة العينة.. والتي كانت أحب ساعة إلى قلبي..
وربطها بشدة إلى الصخرة التي وجدتها..
ومن ثم رميتهما بكل قوتي في البحر..
لكم كانت سعادتي كبيرة حين أخذت أنظر إلى الصخرة وهي تغرق بالساعة إلى الظلمات..
ما لبثت أن إطمئنت إلى أن الساعة قد اختفت تماماً عن ناظريّ..
حتى عدت مسرعة إلى البيت..
(( أنا فعلاً أريد أن أعرف ما سيحدث لي في هذه اليلة..!! ))
...........
وأخيراً وصلت..
كان المنزل هادئاً كما تركته.. خالياً مثله مثل المدينة من أي مخلوق سواي..!!
صعدت مسرعة إلى غرفتي لأكمل ما بقي لي من الوقت هناك.. استعد لما قد أواجهه اليلة..
فتحت باب غرفتي لأفاجئ بمنظر مرآتي المكسورة..
منظرها الذي أوقف سريان الدم في عروقي ..
وجعلني أقف مدهوشة للحظات لا أوقى على الحركة..!!
((منذ متى كانت المرآة تنزف...؟؟!! ))
لا تصدقني إن شئت..
لكن إياك أن تقول بأني كاذبة..
فلقد كانت تنزف بحق..!!
تنزف بطئ شديد وكأنها تبكي بصمت..!!
وكانت كلما سال منها المزيد من قطرات الدم كلما ازدادت التشققات فيما تبقى من زجاجها..
(( إيه..!! لن أستطيع المشي داخل الغرفة بهذه الطريقة ))..!!
فلقد كان مدخل الغرفة كله غارقاً تقريباً في الدماء.. ليست كالدماء العادية..!!
بل كانت تملك لزوجة مقرفة..!!
...................
أخذت أخطو بحذر خارجة من غرفتي متجهةً إلى غرفة أمي..
بالتأكيد لن أتمكن من البقاء في الغرفة مع هذه المرآة الملعونة..
((آآه لماذا الأرض باردة هكذا..؟؟!!))
وما أن خرجت من غرفتي حتى تنفست الصعداء أني لم أدس على تلك الدماء المقرفة..
الآن يجب علي أن
(( بست..!! ))
(( واه..!!!! ))
كانت هي.. العجوز منكوشة الشعر نفسها.. تقف أمامي عند باب غرفة أمي...!!
ممسكة في يدها بفأس مغطى تماماً بالدماء..!! وهي تنظر إلي مبتسمة تلك الإبتسامة الخبيثة التي لا تغادر وجهها البشع..!!
أخذت تقترب مني وتوجه الفأس اتجاهي كلما خطت خطوة إلى الأمام..
(( هه..!! ههاهههها..!! ))
ما بالها..؟؟ مالذي ستفعله معي هذه المجنون..؟
ودون أن أفعل شيئاً أعطيتها ظهري متجهة بكل قوتي نحو باب البيت لأهرب منها..
لا أعلم بأي قوة تمكنت من الحاق بي..
صحيح أني لست بتلك السرعة.. ولكن من البديهي جداً أن أي عجوز لن يقدر على الحاق بي..!!
ولكنها فعلت..!!
لوهلة من الزمن شعرت بأنها قد توقفت عن الحاق بي..
تاركةً العنان لصوتها البشع في نشر ضحكاتها الشيطانية من مكانها..
(( وما شأني أنا بها ..؟؟!! ))
تجاهلتها و أكملت الجري نحو الباب..
(( آآه اقتربت ))..!!
وه..!!
(( أين هو الباب ))..؟!!
يستحيل أن أخطأ في معرفة مكان باب الخروج لبيتي.. ولكني فعلاً لم أجده..
لم يكن مكانه غير جدار خال تماماً كخلو عقلي من الأفكار الآن..
(( بست..!! ))
التفت بطئ لأجدها واقفةً خلفي ممسكة بذات الفأس ولكنها لم تكن مبتسمة هذه المرة..
بل كانت فاغرة فاها لا تغلقه أبداً.. ولعابها يسيل منه إلى الأرض..
مصدرة أصواتا وهمهمات شيطانية لا معنى لها..!!
(( ههه..هههها .. هممها...!! ))
حاولت الهرب ولكنها كانت تحاصرني أينما ذهبت..
رافعة ذلك الفأس المرعب في وجهي..
(( منذ متى كانت تلك الساعة هناك..؟ ))
أخذت أباغتها حتى هربت من محاصرتها لي.. وانطلقت مسرعة إلى سطح البيت..!!
كنت أسمعها خلفي تصرخ بوحشية..
(( وكأني لمحت ساعة أخرى عند الدرج..!! ))
فتحت الباب المؤدية إلى السطح بقوة لأخرج إلى..
(( هاوية..؟!!! ))
لاشيء خلف الباب..!! غير الظلام التام..!!
لا شيء غير هاوية مرعبة... لا يوجد حدود لعمقها و بشاعتها..!!
(( بست..!! ))
(( هه..!! ))
لوهلة نسيت أمر تلك العجوز وأخذت أتأمل النتيجة التي انتهيت بها..
(( هل سأموت الآن ياترى..؟ ))
قبل أن أجد إجابة على سؤالي كانت قد دفعتني.. إلى تلك الهاوية..
إلى اللانهاية منها..!!
(( سأغمض عيني الآن حتى أرتاح للأبد. وأخيراً..))
سأرتاح..
(( ............. ))..!!
.............................. .................... ...........
--------------------------------------------------------------------------------
الجزء الثآني الفصل 9
-9-
(( هل سأنجو..؟؟ ))
(هذا هو رقمي ان احتجتي لأي مساعدة )..
.......
(( أآه..ه ه.... ))
فتحت عيني بطئ..
(( آآه كم تؤلماني..!! ))
هاه..!!
(( مالذي جاء بي إلى هنا..؟؟ ))
كنت مستليقةً على إحدى أسرة المستشفيات..
وقد وضعت على جسدي العديد من الرباطات والأشرطة..
لم أكن أجرؤ على الحركة.. فلقد كان جسدي يؤلمني بشدة..!!
حاولت رفع يدي لأمسك برأسي الذي كاد ينفجر من الصداع..
حتى رأسي لم يسلم من هجوم الأربطة عليه..
(( أتشو..!! ))
آآآآآه لم أكن أعلم بأن العطاس مؤلم إلى هذه الدرجة..!!
(( هل استيقظتِ أخيراً..؟ ))
(( هه..؟ ))
كان واقفاً أمامي تماماً.. بنفس هيئته السابقة..
ولكنه هذه المرة كان مبالغاً في اخفاء وجهه بتلك القبعة الغريبة موجهاً وجهه إلى الأرض.. ولا أعلم لماذا..
إنه ذات الرجل الذي أتى لزيارتنا تلك اليلة.. وقام بشرح قصة ((هو)) لي..!!
مالذي جاء به إلى هنا...؟!!
(( لماذا لم تطلبي مساعدتي..؟ ))
حركت فمي لأتكلم ولكن أشار إلي بالسكوت وأكمل:
(( لم تجدي الرقم الذي اعطيتك إياه.. صحيح..؟؟ ))
نظرت إليه مندهشة غير قادرة على الكلام..
بطريقة أو بأخرى.. أنا أشعر بالخوف منه هذه المرة.. على عكس أول مرة قابلته فيها.. كنت أشعر بأنه قد يساعدني على الخلاص مما أنا فيه..
أخذ يكمل كلامه دون أن ينظر إلي مباشرة..:
(( ها أنا أتيت لأرى إن كنت تحتاجين للمساعدة. وأعتقد بل موقن بأنك تحتاجينها.. وحالك الآن أكبر دليل على ذلك .. ))
أخذت أتكلم بصعوبة قائلة:
(( أنا لاأعلم مالذي أتى بي إلى هنا أصلاً.. كل ما أذكره هو أني.. ))
(( بست..!! ))
(( آآآآها آآآآه,, ))
كانت تقف إلى جانبي ممسكة بمشرط كبير في يدها..!!
أخذت أشير إليها وأصرخ إلى ذلك الرجل قائلة:
(( إنها هي.. هي من دفعتني من عند الباب ))
قاطعني وهو لايزال ينظر إلى الأرض
(( وأنا من جلبك إلى هنا.. ))
((هاه..؟!! ))
أخذت أنظر إليهما ورأسي يكاد ينفجر من الأفكار التي تدور به..
(( هل هما متفقان ياترى,..؟؟!! ))
(( بست..!! ))
(( آآآه توقفي أيتها ال.. ))
لم أستطع أن أكمل كلامي.. لأنها وقبل أن أكمل..
وضعت المشرط أمام عيني.. وأخذت تحركه بطئ وهي تضحك ضحكتها الشيطانية البشعة..!!
(( كوني مطيعة وإياك أن تحاولي الهرب ))
(( ماذا..؟ أأنت معي أم ضدي..؟ مالذي تحاول فعله بي..!! أكنت تكذب علي...؟؟!! ))
لم يجبني..!!
وإنما ابتسم ابتسامة صفراء مرعبة وأعطاني ظهره وخرج..
تاركاً إياي وحدي مع هذه العفريتة الآدمية..!!
ما إن استقر ستار السرير من بعده..
حتى خرجت تلك العجوز ضاحكة بطريقة توحي بالشر..
أصبحت وحدي الآن..
إنها فرصتي الوحيدة للهرب..
ولكني لا أستطيع تحريك جسدي.. فعلاً لاأستطيع..!! يبدو وكأن سقوطي ذاك قد قضى على أعضاء كلها..
لدرجة عدم قدرتي على الكلام..
(( هل هذا هو ما أراده ((هو))..؟؟ ))
أن أموت مشرحة مقطعة إلى أجزاء على يد تلك القبيحة..؟!!
(( لن أسمح له.. ))
استجمعت قوتي وحاولت الجلوس على الأقل.. ولكني فعلاً لم أستطع تحريك جسدي..
فلقد كنت على الرغم من عدم قدرتي على تحريك أطرافي..
مربوطة إلى السرير بواسطة حبل متين.. متين جدا..!!
(( آآآآآآه.. ))
أطلقتها وكلي أمل في أن ينقذني أحدهم..
ولكن لا أمل.. لا أمل أب..
(( هههآآ... إهههآآهآآهآآهآآآآ..!! ))
(( وآآه..!! ))
لقد كانت تلك العجوز تقف إلى جانبي.. ولكن.. منذ متى..؟ كيف لم أشعر بها وهي تدخل.؟؟
كما أنها لا تزال تحمل ذلك المشرط المرعب..
(( هل كان مغطى بالدماء مسبقاً.؟؟ ))
أخذت تلوح بالمشرط فوق وجهي.. ثم أخذت تمرر به فوق جسدي بطريقة عشوائية
وهي تقتل ما تبقي في عقلي من أعصاب بضحكاتها الهستيرية المجنونة..
(( ههآآآآ يهآآآآههههه,,!!! ))
(( ابتعدي عني..!!! ))
هذا كل ما استطعت الصراخ به بكل قوتي في تلك الحظات التي أخذت أفكر فيها بجميع أنواع التعذيب الشيطانية التي يمكن لهذه العجوز والتي لا أشك بتخلفها العقلي ولو للحظة أن تطبقها على جسدي باستخدام مشرط مغطى بالدماء..!!
لماذا يجب علي أن أتحمل كل ه..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآ ..!!! ))
لقد فعلتها..!! لقد..
طعنت بطني بذلك المشرط..
(( هه ههه هههآآآآآ..!! ))
أخذت تخرج المشرط وتعيد طعني به بكل قوتها..
وما لبثت أن قامت بطعن قلبي..
(( هههي ههههأأ..!! ))
جسدي ينزف بغزارة.. ورائحة دمي أخذت
تعم المكان..
ولكني..
(( هههه ههآآأأأ هههههأأأ ))
ولكني لا أشعر بالألم أبداً..!!
(( ههه ههههه هه.. ))
بدأ صوت ضحكاتها يبتعد عن مسامعي أكثر فأكثر..
هل ذهبت وتركتني..؟
أم أني مت حقاً.؟؟
(( هذا ما أرجوه ))..
.............................
ترن.. ترن..
(( هاه..!! ))
فتحت عيناي على صوت رنين الهاتف العالي..
(( منذ متى هذا الهاتف موجود في غرفتي..؟ أأ.. منذ متى أنا في غرفتي أصلاً..؟!! ))
(( أ..ألو..؟ مرحبا..؟ ))
(( وشا......زويتو... ش ))
(( ألو.. من يتكلم..؟ ))
(( ش.. ال .....ي.......و...م... شا... ))
(( ماذا..؟!! ))
(( تيت.. تيت.. تيت.. ))
قطع الخط..!!
كل ما تمكنت من سماعه هو كلمة (( اليوم ))
(( آآآآه..!! مالذي سيحصل لي اليوم أيضاً.. يا إلهي خلصني.. ))
رميت بسماعة الهاتف بعيدا عني.. ضممت جسدي إلي..
أرخيت رأسي وأخذت أبكي بشدة..
(( دموعك غالية.. ))
(( هاه,,.؟ ))
رفعت رأسي بسرعة لأجده أمامي.. ذلك الرجل بشحمه ولحمه..
ولكني.. كدت أصاب بالجنون عندما أدركت أن غرفتي وبطريقة ما.. قد أصبحت حمراء الون.!!
أخذ يكمل كلامه وهو لا يزال معطيا إياي ظهره ((أليس طويلا بشكل مخيف .؟!!))
(( لماذا تبكين..؟ أتبكين بسببه.؟.. يجب عليك الشعور بالامتنان لأنه اختارك.. اختارك أنتِ.. ))
(( اختارني لماذا...؟ ولماذا أنا بالذات..؟ ))
(( لا يحق لك أن تسألي.. هذا أمر يخصه وحده.. ))..!!
(( هاه..؟!! ومن هو ليختارني دون أن يسألني..؟!! ))
(( وهل سألته قبل أن تناديه ..؟!! ))
(( من..؟ أنآآ..؟!! أناديه..؟!! ولأي حاجة أريده.؟ ثم.. هل تراني أحب ما يفعله بي الآن.؟!! ))
(( هذا شيء يخصه.. له الأحقية بفعل ما يريد.. أما أنتِ.. فمجرد دمية يتسلى بها هو.. ))
لم أعرف بماذا أرد.. أخذت أنظر إلى جسدي الشاحب ولباسي المهترئ المغطى بالدماء..
لا أعلم مقدار الدموع التي بكيتها حتى وصلت إلى هنا.. ولكن الدموع التي أبكيها أصبحت بالنسبة لي.. متشابهة..
لوهلة تذكرت ما حدث بالأمس.. أو.. اليوم.. كلا لقد كان قبل قليل في ال.. لايهم..!!
(( لماذا تركتني وحدي مع تلك المجنونة..؟ ))
(( من.. أتقصدين شيرازكا.؟ خادمة الظلام .؟ ))
لم أجبه.. لأني وبمجرد أن عرفت اسمها أصابني الذهول..
كيف لتلك المخبولة أن تملك اسماً ..!!
أكمل كلامه قائلاً:
(( لقد كانت معي منذ أن تركتك لوحدك ))
(( ولكنها قد... ))
(( إنه ((هو))..... ))
(( ................ ))
........................
--------------------------------------------------------------------------------
نهاية الجزء الثآني.. الفصل 10
-10-
(( حياتي أو موتي كلاهما أصبحا واحداً بالنسبة لي ))
((يجب عليك الشعور بالامتنان لأنه اختارك.. اختارك أنتِ.. ))
(( ............ ))
(( ما بكِ.؟ هل أرعبتكِ.؟ ))
يا إلهي ما أغبى سؤاله..!! ثم.. هل يجدني في حال تسمح لي بالإجابة..
لقد كنت خائفة بطريقة جنونية.. أدت إلى إصابتي بالصمم..!!
لم أعرف ما أقوله.. لا أتذكر كم بقينا صامتين على هذا الحال..
ولكن لحظات صمتنا تلاشت عندما سمعتها..
(( تك.. تك.. تك .. تك.. ))
بكل هدوء وثقة.. وكأنها تحاول التلاعب بما تبقى فيّ من عقل..
(( تك.. تك.. تك.. تك.. ))
نظر إلي نظرة ذات معنى مبتسما ابتسامته الصفراء المعتادة..
لم أنتظر حتى يفتح فمه ليخبرني ما هو مصدر الصوت..
هرعت مسرعة لأفتح باب الحمام..
لأجدها أمام المرآة.. تشع لونا أحمر كالدم..
إنها ساعتي..!! التي ألقيتها في البحر.. ولكن كيف ع..
(( آآآه..!! ))
لقد.. لقد انفجرت ساعتي.. أو.. تحطمت..!! لا أدري..!! لقد تلاشت من أمامي تاركة خلفها بعض القطع الصغيرة إثر تفتها.. هذا لم يلفت نظري بقدر ما لفتني منظر مرآة الحمام التي أخذت تنزف دماً..!!
خرجت مسرعة لأرى ما إذا كان ذلك الرجل لا يزال في مكانه.. ولكنه اختفى هو الآخر..!!
هل لاختفاء ساعتي علاقة باختفائه.؟ هل من الممكن أن يكون هو.. ((هو))..؟
لم أستطع الوقوف مكتوفة اليدين.. أردت فعلا أن أعرف مالذي يحصل هنا.. إن كنت سأموت..
فافضل الموت وأنا أحاول على الأقل..
(( لا وجود لمرآة سليمة هنا ))
مرآة غرفتي والحمام.. متحطمتان تنزفان الدم..
لوهلة تذكرت الساعات الكبيرة التي رأيتها حين هروبي من تلك المجنونة قبل أن أسقط في الهاوية..
فتحت باب غرفتي لأجد إحداها أمامي.. لأول مرة أفرح حين رؤيتي لساعة منذ بداية هذا الكابوس..!!
أخذت أسحبها على الأرض بكل قوتي.. أردت أن أوصلها إلى أقرب مرآة مني..
سحبتها وضعتها أمام مرآة غرفة أمي.. ((هل كل الغرف ذات لون أحمر.؟! ))
ثم وقفت أنتظر أمام المرآة بكل ترقب..
(( هه..؟!! لم يحدث شيء..!! ))
بالتأكيد لن يحدث شيء.. الساعة تشير إلى العاشرة والنصف..
وكابوس ما يسمى ب ((هو)) لن يبدأ إن لم تكن تشير إلى الثانية عشر تماما.. لا أعلم إن كان يبدأ أو ينتهي.. فلا فرق معي.. منذ أن حلت علي هذه العنة وأنا لا أستطيع التفريق بين الماضي والحاضر.. الأمس واليوم..
لحظة..!!
خرجت مسرعة أتفحص الساعة الأخرى التي رأيتها بالأسفل عند بداية الدرج.. ((جميع أركان البيت ذات لون أحمر..!!))
نظرت إليها فإذا بها تشير إلى الخامسة والنصف.. صباحا أم مساء لا يهم.. المهم أنها بتوقيت مختلف عن الأخرى..
رائع يمكني الآن أن أغير عقرب الساعة إلى منتصف اليل.. وبذلك أكون قد نجح..
(( طاخ..!! ))
(( هه..؟ ما هذا ..؟!! ))
صوت زجاج يتحطم..!! وبقوة..!!
عدت إلى الغرفة التي وضعت بها الساعة أمام المرآة.. كنت أركض وأدعو الله في قلبي لا يكون ضر قد أصاب الساعة.. فهي أملي الوحيد لمعرفة نهاية هذا الكابوس..
ولكن حصل ما توقعته..!!
الساعة محطمة إلى أشلاء تماما أمام المرآة التي أخذت تنزف الدم من بين زجاجها المكسور..
أخذت تنزف بطئ شديد..
(( لكن.. لماذا الدم.؟!! ))
(( تسألين لماذا الدم..؟ ))
(( هاه..؟ ))
شهقت ناظرة خلفي لأجده واقفا وبكل ثقة..
(( ((هو)) يريد منك العبور بنفسك.. ))
(( وكيف لي أن أعبر.. ثم.. ما أدراك أنت بما يريده ((هو))..؟!! ))
(( مادام قد اختاركِ فهو يريد منك الذهاب إليه بنفسك.. بدمك.. ))
(( بدمي..؟!! ))
نظرت إلى المرآة المحطمة.. رعبني منظرها الدامي جداً..
(( وكيف..؟ ))
اقترب مني وأمسك بيدي اليسرى دون أي تحفظ..
قربها إليه.. ثم قام بقطع وريدها بسرعة بسكين حادة لا أدري من أين أخرجها..
لم أشعر بنفسي إلا عندما لامس الدم وجهي.. وتطايرت قطرات دمي بغزارة شديد..
(( لماذا..؟ ))
أخذ ينظر إلى الأرض المبلة بالدماء وهو لازال يبتسم ابتسامته الخبيثة..
(( ل.. م..ذ..ا .. ))
بدأت الرؤية تصبح صعبة بالنسبة لي.. أعلم تماما بأني ملقية على الأرض الآن..
لا أرى سوى الظلام.. لا أمل بأن أعيش بعد هذا الجرح العميق في وريدي..
أصبح التنفس صعبا بالنسبة لي.. استسلمت وتوقفت عن الحركة تمام..
هأنا أفقد وعي بطئ شديد..
(( ................... ))
...........
(( مفتاح واحد فقط سيوصلك إلى الحقيقة.. روحك التائهة في هذا المكان ستجد مستقرها إن عثرت عليه.. و (( هو )) سيعذب بلعنته إلى الأبد ))
......
(( هاه.!! ))
استيقظت مرعوبة.. أتنفس بسرعة جنونة..
(( أين أنا..؟ ))
أخذت أنظر حولي لأتبين معالم المكان..
إنها هي.. نفس الغرفة السابقة.. بطرازها القديم.. الذي يوحي بجو القلاع القابض للنفس
(( هل هي قلعة فعلا.؟ ))
والمدفأة التي أخذت النيرآن تتراقص داخلها.. لتكون ظلالا مرعبة تلعب في أنحاء الغرفة..
أغطية السرير المخملية الحمراء.. وستائره التي أخذت تتدلى من فوق أركانه..
ولباسي..!! ((منذ متى أرتدي هذا القميص..؟!ّ!))
كان ذي لون أبيض لؤلؤي.. وملمس حريري رائع..!!
كل الأشياء في هذه الغرفة بما فيها أنا.. كل شيء.. لا يدل على خير أبدا..
(( أشعر أن شيئا ما سيحصل قريبا.. قريبا جدا ))..
تحركت لأنزل من فوق ذلك السرير الكبير.. ((آه كم الأرض باردة ))
نظرت إلى ذات الباب الكبير..
في أول مرة جئت إلى هذه الغرفة كنت خائفة جدا من فتحه..
أما الآن.. فلقد فتحته دون أي تردد أو خوف..
فلا سبيل آخر للنجاة غيره.. أنا موقنة بأني سأجد حلا لما أنا عليه إن خرجت من هذه الغرفة..
فتحت الباب بطئ.. بصراحة..
كنت أحاول تهدئة نفسي حتى لا أفزع إن سمعت كلمة (( بست..!! )) فجأة قبل أن أنهي فتحي للبا.!
ولكني أحمد الله أني خرجت من الغرفة وقفت أتأمل ما وراء بابها دون أن أسمع تلك الكلمة..
الجو ضبابي بشدة.. كما أن هناك الكثير من الأركان التي لم تكن واضحة بالنسبة لرؤيتي.. فلقد كان الظلام قد إلتهمها كلها..
كان هناك درج يؤدي إلى نهاية مجهولة.. فلم تكن نهايته واضحة بسبب الظلام الذي أخذ يكسوها..
وحول هذا الدرج.. مساحة كبيرة تتخا بعد الممرات المظلمة وأبواب بعض الغرف التي أجهل ما بداخلها..
أنفاسي تتحول إلى بخار كلما تنفست.. وقدماي باردتان تماما..
لا أدري.. هل الجو بارد حقا..؟ أم أني مرعوبة إلى درجة أن أعصابي قد مات فلم أعد أشعر بشي إلى أن تجمدت.؟
أخذت أمشي أول خطوتين لي بعد خروجي من تلك الغرفة.. قاصدة بداية الدرج (( لماذا اخترت الدرج..؟ لا أدري))..
لم أكمل خطوتي الثالثة حتى سمعت صراخها
(( آآآهآآ.. آآآآآآآآآآآه... ))
كانت تصرخ بشدة..
(( آآهآآهآآهآآآآآآآآآآ..!!! ))
لا أعلم كيف ركضت بكل سرعتي وفتحت باب إحدى الغرف التي أمامي..
وجدتها جالسة على ركبتيها محنية رأسها إلى الأرض.. تبكي..!! تبكي بشدة..
(( آآآهآآهآآآآآآآآ ))
اقتربت منها بطىء.. ما إن أمسكت كتفها حتى رفعت رأسهأ بسرعة وأخذت تصرخ..
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآآآآآع.. ! ))
أخذت تتقيأ دما أسود الون بغزارة..!! كان يخرج من فمها وكأنه يضخ ضخاً إلى الأعلى..!!
(( أأعأأع,,!! ))
وقفت على ساقيها المتهالكتين لتمشي متجهة إلي بخطوات سريعة.. وهي لا تزال تتقيأ.
(( آآآآآآآه ))..!!
أخذت أبتعد عنها بسرعة..!!
رأسها أخذ يتدلى فوق جسمها النحيل يمنة ويسرى.. لم أستطع أن أرى وجهها بوضوح فقد كان شعرها يغطيه تماما..
(( إيع إي. آآآآآع..!! ))
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآآآآآآآآآه ))
صرخت مبتعدة عنها.. أردت أن أخرج بسرعة لأعود إلى تلك الغرفة.. لا يهمني ماهي ومن تكون..!!
أريد أن أخرج من هنا حالا..
و.. ولكن..
(( أين الباب..؟ ))..!!!
........
الجزء الثآلث.. الفصل 11..~
-11-
((مادام قد اختاركِ فهو يريد منك الذهاب إليه بنفسك.. بدمك.. ))
(( بدمي..؟!! )) ..
.............................. .............
(( يا إلهي مالذي سأفعل.. ))
(( آآآآآآآع ))
(( آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآ آآآآآهآآآآآآآآآآآآآآ آآآآ ))
أخذت تتقيأ علي..!!
لأول مرة أقابل فيها قيئا يحرق ما يلامسه كهذا.. جسدي أخذ يحترق بطيء..
(( آآآآه ))
أخذت أصرخ من كل قلبي وأنا أحاول أن أهرب منها.. أن أجد أي باب لم ألاحظه سابقا..
ولكن المصيبة هي أن هذه الغرفة خالية من كل شي تمام.. غيري أنا وهذه المسخ ونافذة زجاجية مكسورة.!!
لحظة..!! نافذة..
هرعت إليها أحاول فتحها بسرعة قبل أن تلحق بي تلك الوحش..
(( هيآآآ ))..
حاولت بكل قوتي فتحها.. ولكنها كانت عالقة تماما.. (( آآه ))..
رائع..!! لقد تمكنت فتحها.. بعد أن سقطت أرضا..!!
قد تظن بأنه لا مشكلة في ذلك.. لأقف وأكمل لأرى ما خلف تلك النافذة صحيح..؟
المشكلة التي منعتني من ذلك ستخيب ظنك تماما.. أتسأل لماذا.؟
لأني لم أتمكن من الوقوف على قدمي مطلقاً..!!!
........
ساقاي متضرتان تمام إثر تقيؤ تلك المسخ علي.. كما أن بعض أجزاء الحم بها قد تفت..
إقتربت هي مني بكل سرعتها لاهثة ..
(( إيه إيه.. ))
(( آآه ))
أحنيت رأسي لأغطيه بذراعي..
ما أن تهيأت لتلقي بما تبقى في جوفها من قيء فوق رأسي لتقتلي..
أخذ برق هائل يضرب بكل قوته.. شعرت وكآن الأرض ستشق تحتي لشدة صوته..
(( دوم ))
رفعت رأسي نحوها..
لأرى وجهها القبيح ولأول مرة.. (( إنهآ بلا أعين..!! ))
تنظر إلى النافذة
فاغرة فمها الكبير.. ومخرجة لسانها الأسود..
لترفع وجهها إلى السقف..
تنبهت حينها إلى ظل شي يكمن خلف النافذة.. ((إنها تمطر بغزارة شديدة..!! ))
أدرت نفسي اتجاه النافذة بسرعة لأرى ذلك الشيء .. ولكنه كان قد اختفى..
(( هه..؟!! ))
توقف البرق فجأة..!! والمطر أيضاً..!!
(( ولكن كي.. )) نظرت خلفي لأجد الغرفة خالية تماما من أي شيء سوانا نحن الإثنين..
الباب.. وأنا..!!
تلفت حولي لأتأكد من عدم وجود تلك المسخ.. نظرت إلى ساقاي فإذا بهما سليمتان تماما..!!
(( آآه ))..
تنهدت بغرابة..!! لم أكن أعرف هل تنهدت بسبب الحزن.. أم القلق.. أم الغضب..
أعتقد أني قد تنهدت بسبب كل شي..!!
مشيت بطئ نحو الباب الذي دخلت منه..
فتحت الباب لأنظر بترقب لما خلفه.. من الجيد أن كل شي قد كان كسابق عهدي به..
(( طآآآآآآآآآآآآآخ ..!! ))
(( هآآه..!! ))
ما إن وضعت قدماي خارج الغرفة حتى أغلق الباب نفسه خلفي بقوة شديدة..
تاركا بقوته صدى مرعبا أخذ يدوي في أرجاء المكان..
..........
مشيت بضع خطوات متجهة نحو أول غرفة كنت بها..
الخوف الذي تملك قلبي إثر آخر شيء رأيته.. سلب مني قدرتي وإرادتي على الإستمرار..
(( أريد أن أموت هناك.. ))
هذا ما أردته..
ما إن اقتربت من الباب لأفتحه.. حتى سمعت أصواتهم..
(( هههههههه ))..!!
(( هه..!! من هنا ؟!! ))
تركت مقبض الباب وتراجعت حتى أجعله خلفي..
(( ههههههههه ))..!!
(( من..؟!! ))
أخذت أتلفت حولي.. محاولة العثور على شيء يدلني إلى مصدر هذه الضحكات الطفولية..
ولكن الظلام كان يتلاعب بأعصابي كما أخذت الظلال تتلاعب بأركان ذلك المكان..
(( هههههههههههه..!! ))
أخذت ألهث خائفة في مكاني أحاول التفكير بطريقة للهرب..
بينما كنت أحدث نفسي..
(( إنها المرة الأولى التي أخاف فيها صوت الأطفال وضحكاتهم..!! ولكن هذه المرة.. ليست كل مرة..!! هناك شي غريب في أصواتهم..!! ))
اقتربت من بداية الدرج..
(( إنهم هناك.. بالأسفل.. !! ))
نظرت حولي.. إلى باب الغرفة التي كنت فيها..
(( هل أنزل يا ترى.؟))
لم أستطع أن أجيب لنفسي إجابة مرضية.. ولكنها لم تتعبني في النهاية..
هل تعلم حب النفس البشرية لمعرفة المجهول.؟ حبها لتعذيب نفسها حتى تموت رعبا..؟!!
أنا (( نفسي..!! )) قد أصبت بهذا الداء في تلك الحظة..!!
خطوت وبكل حذر أولى خطواتي نازلة إلى حيث لا أعلم..
الدرج من فوقه إلى تحته كان مظلما.. مظلما تماما.. ما عدا الدرجتين الأولى التي خطوت عليهما بخوف شديد..
ما أن استقرت قدماي على الدرجة الثانية حتى امتدت يد صغيرة إلي مخترقة سواد الظلام..!!
|