ازياء, فساتين سهرة


العودة   ازياء - فساتين سهرة و مكياج و طبخ > أقسام عامة > منتدى اسلامي > مصلى المنتدى - تفسير وحفظ القران - ادعية و اذكار
تسريحات 2013 ذيل الحصان موضة و ازياءازياء فكتوريا بيكهام 2013متاجر ازياء فلانتينو في باريسمكياج العين ماكياج دخاني makeup
مصلى المنتدى - تفسير وحفظ القران - ادعية و اذكار التفسير بالماثور والراي وامثلة عليهما يوجد هنا التفسير بالماثور والراي وامثلة عليهما قراءة القرآن أدعية أذكار شريفة و أحاديث إسلامية


 
قديم   #1

همس في كلام الخير

:: كاتبة نشيطة ::

الملف الشخصي
رقم العضوية: 159555
تاريخ التسجيـل: Apr 2011
مجموع المشاركات: 42 
رصيد النقاط : 0

التفسير بالماثور والراي وامثلة عليهما


التفسير بالماثور والراي وامثلة عليهما

بسم الله الرحمن الرحيم
سوف نبداء بحمد الله تيمننا دراسة لنوعين من انواع التفاسير كما ذكرا شيخنا الشيخ مساعد الطيار
الاول التفسير بالماثور
تفسيرالامام المفسر الفقية المورخ البارع ابن جرير الطبري
الثاني التفسير الراي
تفسير التفسير الكبير لامام فخر الدين الرازي
المطلب الاول تعريف بصاحب التفسير
المطلب الثاني منهج المفسرواسلوبة الذي اتبعة في تفسيرة
المطلب الثالث توفير الكتاب لدرستةان امكن

اولا التفسير بالماثور
كتاب الامام المفسر الفقية البارع ابن جرير الطبري
المقدمة
قبل البدء في تعريف الامام ابن جرير احب ان انقل قول الشيخ مساعد الطيار حتي لايستدرك علينا احد الاخوةفيقول ان الشيخ قد وصف تفسير ابن جرير بانة قد يدخل في التفسير بالراي المحمود
قال الشيخ
من حُكِمَ على تفسيره بأنه من التفسير بالمأثور قد حِيفَ عليه وتُنُوسي جهده الخاص في الموازنة والترجيح بين الأقوال التي يذكرها عن السلف، وأشهر مثالٍ لذلك إمام المفسرين ابن جرير الطبري، حيث يعدّه من يقابل بين التفاسير بالمأثور والتفسير بالرأي من المفسرين بالأثر، وهذا فيه حكم قاصرٌ على تفسير الإمام ابن جرير، وتعامٍ أو تجاهلٌ لأقواله الترجيحية المنثورة في كتابه.
هل التفسير منسوب إليه أم إلى من يذكرهم من المفسرين؟!
فإذا كان تفسيره هو؛ فأين أقواله وترجيحاته في التفسير؟!
أليست رأياً له؟
أليست تملأ ثنايا كتابه الكبير؟!
بل أليست من أعظم ما يميّز تفسيره بعد نقولاته عن السلف؟!
إن تفسير ابن جرير من أكبر كتب التفسير بالرأي، غير أنه رأي محمود؛ لاعتماده على تفسير السلف وعدم خروجه عن أقوالهم، مع اعتماده على المصادر الأخرى في التفسير.
كما أن تفسيره من أكبر مصادر التفسير المأثور عن السلف، وفَرْقٌ بين أن نقول: فيه تفسير مأثور، أو أن نقول: هو تفسير بالمأثور؛ لأن هذه العبارة تدل على أنه لا يذكر غير المأثور عن السلف، وتفسير ابن جرير بخلاف ذلك؛ إذ هو مع ذكر أقوالهم يرجِّح ويعلِّل لترجيحه، ويعتمد على مصادر التفسير في الترجيح. ولكي يَبِين لك الفرق في هذه المسألة: وازن بين تفسيره وتفسير عَصْرِيّهِ ابنِ أبي حاتم (ت: 327) الذي لا يزيد على ذكر أقوال السلف، وإن اختلفت أقوالهم فلا يرجح ولا يعلق عليها، أليس بين العالمين فرق؟

المطلب الاول

التعريف بابن جرير الطبري :
هو أبو جعفر ، محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري ، الإمام الجليل ، المجتهد المطلق، صاحب التصانيف المشهورة ، وهو من أهل آمل طبرستان، ولد بها سنة 224ه أربع وعشرين ومائتين من الهجرة ، ورحل من بلده في طلب العلم وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، سنة ست وثلاثين ومائتين ، وطوّف في الأقاليم ، فسمع بمصر والشام والعراق ، ثم ألقى عصاه واستقر بغداد ، وبقى بها إلى أن مات سنة عشر وثلاثمائة .

مبلغه من العلم والعدالة :
كان ابن جرير أحد الأئمة الأعلام ، يُحكم بقوله ، ويُرجع إلى رأيه لمعرفته وفضله ، وكان قد جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ، فكان حافظًا لكتاب الله ، بصيرًا بالقرآن ، عارفًا بالمعاني، فقيها في أحكام القرآن ، عالمًا بالسن وطرقها ، وصحيحها وسقيمها ، وناسخها ومنسوخها ، عارفًا بأقوال الصحابة والتابعين ومن بعدهم من المخالفين في الأحكام ، ومسائل الحلال والحرام ، عارفًا بأيام الناس وأخبارهم .. هذا هو ابن جرير في نظر الخطيب البغدادي، وهي شهادة عالم خبير بأحوال الرجال ، وذكر أن أبا العباس بن سريج كان يقول : محمد بن جرير فقيه عالم ، وهذه الشهادة جد صادقة ؛ فإن الرجل برع في علوم كثيرة ، منها : علم القراءات ، والتفسير ، والحديث ، والفقه ، والتاريخ ، وقد صنف في علوم كثيرة وأبدع التأليف وأجاد فيما صنف .

مصنفاته :
كتاب التفسير،
وكتاب التاريخ المعروف بتاريخ الأمم والملوك،
وكتاب القراءات،
والعدد والتنزيل ،
وكتاب اختلاف العلماء ،
وتاريخ الرجال من الصحابة والتابعين ،
وكتاب أحكام شرائع الإسلام ،
وكتاب التبصر في أصول الدين
وغير هذا كثير .
ولكن هذه الكتب قد اختفى معظمها من زمن بعيد ، ولم يحظ منها بالبقاء إلى يومنا هذا وبالشهرة الواسعة ، سوى كتاب التفسير ، وكتاب التاريخ .

وقد اعتبر الطبري أبا للتفسير ، كما اعتبر أبا للتاريخ الإسلامي ، وذلك بالنظر لما في هذين الكتابين من الناحية العلمية العالية ، ويقول ابن خلكان : إنه كان من الأئمة المجتهدين ، لم يقلد أحدًا ، ونقل : أن الشيخ أبا إسحاق الشيرازي ذكره في طبقات الفقهاء في جملة المجتهدين ، قالوا : وله مذهب معروف ، وأصحاب ينتحلون مذهبه ، يقال لهم الجريرية ، ولكن هذا المذهب الذي أسه على ما يظهر بعد بحث طويل ، وجد له أتباعًا من الناس ، لم يستطع البقاء إلى يومنا هذا كغيره من مذاهب المسلمين ؛ ويظهر أن ابن جرير كان قبل أن يبلغ هذه الدرجة من الاجتهاد متمذهبًا بمذهب الشافعي ، يدلنا على ذلك ما جاء في الطبقات الكبرى لابن السبكي ، من أن ابن جرير قال : أظهرت فقه الشافعي ، وأفتيت به بغداد عشر سنين .

علو همته :
كان رحمه الله عالي الهمة متوقد العزم قال : عند تفسيره للقرآن : أتنشطون لتفسير القرآن ؟ قالوا : كم يكون قدره ؟ قال : ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا هذا ما يفني الأعمار قبل تمامه فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة .

اتهامه بالوضع للروافض :
وقد اتُهِمَ رحمه الله بأنه كان يضع للروافض، وهذا رجم بالظن الكاذب ، ولعله أشبه على صاحب هذا القول ابن جرير آخر ، وهو محمد بن جرير بن رستم الطبري الرافضي .

وفاته :
مرض أبو جعفر بذات الجنب فجاءه الطبيب فسأل أبا جعفر عن حاله ، فعرّفه حاله وما استعمل وما أخذ لعلته ، وما انتهى إليه في يومه ، فقال له الطبيب : ما عندي فوق ما وصفته لنفسك شيء ، فلما كان يوم السبت لأربع بقين من شوال سنة عشر وثلاثمائة كانت منيته ودفن يوم الأحد ، ولم يؤذن به أحد ، فاجتمع على جنازته ما لا يحصى عددهم إلا الله ، وصلى على قبره شهورًا ليلاً ونهارًا .
هذا هو ابن جرير ؛ وهذه هي نظرات العلماء إليه ، وذلك هو حكمهم عليه ، ومن كل ذلك تبين لنا قيمته ومكانته .

التعريف بهذا التفسير وطريقة مؤلفه فيه :

يعتبر تفسير بن جرير من أقوم التفاسير وأشهرها ، كما يعتبر المرجع الأول عند المفسرين الذين عنوا بالتفسير النقلي ؛ وإن كان في الوقت نفسه يعتبر مرجعًا غير قليل الأهمية من مراجع التفسير العقلي ؛ نظرًا لما فيه من الاستنباط ، وتوجيه الأقوال ، وترجيح بعضها على بعض ، ترجيحًا يعتمد على النظر العقلي ، والبحث الحر الدقيق .

ويقع تفسير ابن جرير في ثلاثين جزءًا من الحجم الكبير ، وقد كان هذا الكتاب من عهد قريب يكاد يعتبر مفقودًا لا وجود له ، ثم قدّر الله له الظهور والتداول ، فكانت مفاجأة سارة للأوساط العلمية في الشرق والغرب أن وجدت في حيازة أمير ( حائل ) الأمير حمود ابن الأمير عبد الرشيد من أمر اء نجد نسخة مخطوطة كاملة من هذا الكتاب ، طبع عليها الكتاب من زمن قريب ، فأصبحت في يدنا دائرة معارف غنية في التفسير المأثور .


ما قيل في تفسيره :
ولو أننا تتبعنا ما قاله العلماء في تفسير ابن جرير ، لوجدنا أن الباحثين في الشرق والغرب قد أجمعوا الحكم على عظيم قيمته ، واتفقوا على أنه مرجع لا غنى عنه لطالب التفسير ، فقد قال السيوطي رضي الله عنه " وكتابه يعني تفسير محمد بن جرير أجل التفاسير وأعظمها ، فإنه يتعرض لتوجيه الأقوال ، وترجيح بعضها على بعض ، والإعراب ، والاستنباط ، فهو يفوق بذلك على تفسير الأقدمين " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وأما التفاسير التي في أيدي الناس ، فأصحها تفسير ابن جرير الطبري ، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة ، وليس فيه بدعة ، ولا ينقل عن المتهمين ، كمقاتل بن بكير والكلبي " .

وقال النوي : " أجمعت الامة على أنه لم يصنف مثل تفسير الطبري " .

ويذكر صاحب لسان الميزان : أن ابن خزيمة استعار تفسير ابن جرير من ابن خالوية فرده بعد سنين ، ثم قال : " نظرت فيه من أوله إلى آخره فما أعلم على أديم الأرض أعلم من ابن جرير " .

وقال ابو حامد الإسفرايني : " لو سافر رجل إلى الصين حتى يحصل على كتاب تفسير محمد بن جرير لم يكن ذلك كثيرًا " .




اختصار الطبري لتفسيره :

أن هذا التفسير كان أوسع مما هو عليه اليوم ، ثم اختصره مؤلفه إلى هذا القدر الذي هو عليه الآن ، فابن السبكي يذكر في طبقاته الكبرى " أن أبا جعفر قال لأصحابه : أتنشطون لتفسير القرآن ؟ قالوا : كم يكون قدره ؟ فقال : ثلاثون ألف ورقة ، فقالوا : هذا ربما تفنى الأعمار قبل تمامه ، فاختصره في نحو ثلاثة آلاف ورقة ، ثم قال : هل تنشطون لتاريخ العالم من آدم إلى وقتنا هذا ؟ ، قالوا : كم قدره ؟ فذكر نحوًا مما ذكره في التفسير ، فأجابوه بمثل ذلك ، فقال : إنا لله ، مات الهمم ، فاختصره في نحو ما اختصر التفسير " أ.ه .

أولية تفسيره :
هذا ونسطيع أن نقول إن تفسير ابن جرير هو التفسير الذي له الأولية بين كتب التفسير ، أولية زمنية ، وأولية من ناحية الفن والصناعة .
أما أوليته الزمنية ، فلأنه أقدم كتاب في التفسير وصل إلينا ، وما سبقه من المحاولات التفسيرية ذهبت بمرور الزمن ، ولم يصل إلينا شيء منها ، اللهم إلا ما وصل إلينا منها في ثنايا ذلك الكتاب الخالد الذي نحن بصده .
وأما أوليته من ناحية الفن والصناعة ؛ فذلك أمر يرجع إلى ما يمتاز به الكتاب من الطريقة البديعة التي سلكها في مؤلفه ، حتى أخرجه للناس كتابًا له قيمته ومكانته
ونريد أن نعرض هنا لطريقة ابن جرير في تفسيره ، بعد أن أخذنا فكرة عامة عن الكتاب، حتى يتبين للقارئ أن الكتاب واحد في بابه ، سبق به مؤلفه غيره من المفسرين ، فكان عمدة المتأخرين ، ومرجعًا مهمًا من مراجع المفسرين ، على اختلاف مذاهبهم ، وتعدد طرائقهم ،

طريقة ابن جرير في تفسيره :

تتجلى طريقة ابن جرير في تفسيره بكل وضوح إذا نحن قرأنا فيه وقطعنا في القراءة شوطًا بعيدًا ، فأول ما نشاهده ، أنه إذا أراد أن يفسر الآية من القرآن يقول " القول في تأويل قوله تعالى كذا وكذا ، ثم يفسر الآية ويستشهد على ما قاله بما يرويه بسنده إلى الصحابة أو التابعين من التفسير المأثور عنهم في هذه الآية ، وإذا كان في الآية قولان أو أكثر ، فإنه يعرض لكل ما قيل فيها ، ويستشهد على كل قول بما يرويه في ذلك عن الصحابة أو التابعين .

ثم هو لا يقتصر على مجرد الرواية ، بل نجده يتعرض لتوجيه الأقوال ، ويرجح بعضها على بعض ، كما نجده يتعرض لناحية الإعراب إن دعت الحال إلى ذلك ، كما أنه يستنبط الأحكام التي يمكن أن تؤخذ من الآية من توجيه الأدلة وترجيح ما يختار .

ويوكد ما سبق قول الشيخ مساعد الطيار وكذلك ذكرة الشيخ صالح ال الشيخ
إنكاره على من يفسر بمجرد الرأي :
ثم هو يخاصم بقوة أصحاب الرأي المستقلين في التفكير ، ولا يزال يشد في ضرورة الرجوع إلى العلم الراجع إلى الصحابة أو التابعين ، والمنقول عنهم نقلاً صحيحًا مستفيضًا ، ويرى أن ذلك وحده هو علامة التفسير الصحيح ، فمثلاً عند ما تكلم عن قوله تعالى في الآية (49) من سورة يوسف ( ثم يأتي من بعد ذلك عامٌ فيه يغاث الناسُ وفيه يعصِرون ) نجده يذكر ما ورد في تفسيرها عن السلف مع توجيهه للأقوال وتعرضه للقراءت بقدر ما يحتاج إليه تفسير الآية ، ثم يعرج بعد ذلك على من يفسر القرآن برأيه ، وبدون اعتماد منه على شيء إلا على مجرد اللغة ، فيفند قوله ، ويبطل رأيه ، فيقول ما نصه " .. وكان بعض من لا علم له بأقوال السلف من أهل التأويل ، ممن يفسر القرآن برأيه على مذهب كلام العرب ، يوجه معنى قوله ( وفيه يعصرون ) إلى وفيه ينجون من الجدب والقحط بالغيث ، ويزعم أنه من العصر ، والعصر التي بمعنى المنجاة، من قول أبي زبيد الطائي :


صاديا يستغيث غير مغاث ولقد كان عصرة المنجود

أي المقهور
وذلك تأويل يكفي من الشهادة على خطئه خلافه قول جميع أهل العلم من الصحابة والتابعين .




موقفه من الأسانيد :

ثم إن ابن جرير وإن التزم في تفسيره ذكر الروايات بأسانيدها ، إلا أنه في الأعم الأغلب لا يتعقب الأسانيد بتصحيح ولا تضعيف ، لأنه كان يرى كما هو مقر في أصول الحديث أن من أسند لك فقد حملك البحث عن رجال السند ومعرفة مبلغهم من العدالة أو الجرح ، فهو بعمله هذا قد خرج من العهدة ومع ذلك فابن جرير يقف من السند أحيانًا موقف الناقد البصير، فيعدل من يعدل من رجال الإسناد ، ويجرح من يجرح منهم ، ويرد الرواية التي لا يثق بصحتها ، ويصرح برأيه فيها بما يناسبها ، فمثلاً نجده عند تفسيره لقوله تعالى في الآية ( 94) من سورة الكهف : ( .. فهل نجعل لك خرجًا على أن تجعل بيننا وبينهم سدًا )يقول ما نصه : " روى عن عكرمة في ذلك يعني في ضم سين سدًا وفتحها ما حدثنا به أحمد بن يوسف ، قال : حدثنا القاسم ، قال : حدثنا حجاج ، عن هرون ، عن أيوب ، عن عكرمة قال : ما كان من صنعة بني آدم فهو السَّد يعني بفتح السين ، وما كان من صنع الله فهو السُّد ،ثم يعقب على هذا السند فيقول : وأما ما ذكر عن عكرمة في ذلك ، فإن الذي نقل ذلك عن أيوب هرون ، وفي نقله نظر ، ولا نعرف ذلك عن أيوب من رواية ثقاة أصحابه " أ.ه .

موقفه من القراءات :

كذلك نجد أن ابن جرير يعنى بذكر القراءات وينزلها على المعاني المختلفة ، وكثيرًا ما يرد القراءات التي لا تعتمد على الأئمة الذين يعتبرون عنده وعند علماء القراءات حجة ، والتي تقوم على أصول مضطربة مما يكون فيه تغير وتبديل لكتاب الله ، ثم يتبع ذلك برأيه في آخر الأمر مع توجيه رأيه بالأسباب ، فمثلاً عند قوله تعالى في الآية (81) من سورة الأنبياء ( ولسليمان الريح عاصفة ) يذكر أن عامة قراء الأمصار قرءوا ( الريح ) بالنصب على أنها مفعول ل "سخرنا" المحذوف ، وأن عبد الرحمن الأعرج قرأ ( الريح ) بالرفع على أنها مبتدأ ثم يقول : والقراءة التي لا استجيز القراءة بغيرها في ذلك ما عليه قراء الأمصار لإجماع الحجة من القراء عليه .

سبب عناية ابن جرير بالقراءات :
ولقد يرجع السبب في عناية ابن جرير بالقراءات وتوجيهها إلى أنه كان من علماء القراءات المشهورين ، حتى أنهم ليقولون عنه : إنه ألف فيها مؤلفًا خاصًا في ثمانية عشر مجلدًا ، ذكر فيه جميع القراءات من المشهور والشواذ وعلل ذلك وشرحه ، واختار منها قراءة لم يخرج بها من المشهور، وإن كان هذا الكتاب قد ضاع بمرور الزمن ولم يصل إلى أيدينا ، شأن الكثير من مؤلفاته .


تقديرة الاجماع الائمة


كذلك نجد ابن جرير في تفسيره يقدر إجماع الأمة ، ويعطيه سلطانًا كبيرًا في اختيار ما يذهب إليه من التفسير ، فمثلاً عند قوله تعالى في الآية ( 230) من سورة البقرة ( فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره ) يقول ما نصه : " فإن قال قائل : فأي النكاحين عنى الله بقوله : فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره ؟ النكاح الذي هو جماع ؟ أم النكاح الذي هو عقد تزويج ؟ قيل كلاهما ؛ وذلك أن المرأة إذا نكحت زوجًا نكاح تزويج ثم لم يطأها في ذلك النكاح ناكحها ولم يجامعها حتى يطلقها لم تحل للأول ، وكذلك إن وطئها واطئ بغير نكاح لم تحل للأول ؛ لإجماع الأمة جميعًا ، فإذا كان ذلك كذلك " فمعلوم أن تأويل قوله : فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجًا غيره ، نكاحًا صحيحًا ، ثم يجامعها فيه : ثم يطلقها ، فإن قال : فإن ذكر الجماع غير موجود في كتاب الله تعالى ذكره ، فما الدلالة على أن معناه ما قلت ؟ قيل : الدلالة على ذلك إجماع الأمة جميعًا على أن ذلك معناه " .


تحاكمة الي المصطلحات النحوية

تاثر ابن جرير بنحاة الكوفين و كلام العرب ، ذلك أنه اعتبر الاستعمالات اللغوية بجانب النقول المأثورة وجعلها مرجعًا موثوقًا به عند تفسيره للعبارت المشكوك فيها ، وترجيح بعض الأقوال على بعض .
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى : (حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كلٍ زوجين اثنين .. )(هود/40) نراه يعرض لذكر الروايات عن السلف في معنى لفظ التنور ، فيروى لنا قول من قال : إن التنور عبارة عن وجه الأرض ، وقول من قال : إنه عبارة عن تنوير الصبح ، وقول من قال إنه عبارة عن أعلى الأرض وأشرفها ، وقول من قال : إنه عبارة عما يختبز فيه .. ثم قال بعد أن يفرغ من هذا كله : " وأولى هذه الأقوال عندنا بتأويل قوله ( التنور ) قول من قال : التنور : الذي يختبز فيه ، لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب ، وكلام الله لا يوجه إلا إلى الأغلب الأشهر من معانيه عند العرب .

كذلك نجد ابن جرير يتعرض كثيرًا لمذاهب النحوين من البصرين والكوفين في النحو والصرف ، ويوجه الأقوال ، تارة على المذهب البصري ، وأخرى على المذهب الكوفي ، فمثلاً عند قوله تعالى : ( مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يوم عاصف )(إبراهيم/18) يقول ما نصه : " اختلف أهل العربية في رافع ( مثل ) فقال بعض نحوي البصرة : إنما هو كأنه قال : ومما نقص عليكم مثل الذين كفروا ، ثم أقبل يفسره كما قال : مثل الجنة .. وهذا كثير .

وقال بعض نحوي الكوفين : إنما المثل للأعمال ، ولكن العرب تقدم الأسماء لأنها أعرف ، ثم تأتي بالخبر الذي تخبر عنه مع صاحبه ، ومعنى الكلام : مثل أعمال الذين كفروا بربهم كرماد .. إلخ .
والحق أن ما قدمه لنا ابن جرير في تفسيره من البحوث اللغوية المتعددة والتي تعتبر كنزًا ثمينًا ومرجعًا في بابها ، أمر يرجع إلى ما كان عليه صاحبنا من المعرفة الواسعة بعلوم اللغة وأشعار العرب ، معرفة لا تقل عن معرفته بالدين والتاريخ ، ونرى أن نبه هنا إلى أن هذه البحوث اللغوية التي عالجها ابن جرير في تفسيره لم تكن أمرًا مقصودًا لذاته ، وإنما كانت وسيلة للتفسير ، على معنى أنه يتوصل بذلك إلى ترجيح بعض الأقوال على بعض ، كما يحاول بذلك أحيانًا أن يوفق بين ما صح عن السلف وبين المعارف اللغوية بحيث يزيل ما يتوهم من التناقض بينهما .

تعرضة الاجكام الفقهية

، يعالج فيه ابن جرير أقوال العلماء ومذاهبهم ، ويخلص من ذلك كله برأي يختاره لنفسه ، ويرجحه بالأدلة العلمية القيمة ، فمثلاً نجده عند تفسيره لقوله تعالى : ( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون) (النحل /8) نجده يعرض لأقوال العلماء في حكم أكل لحوم الخيل والبغال والحمير ، ويذكر قول كل قائل بسنده .. وأخيرًا يختار قول من قال : إن الآية لا تدل على حرمة شيء من ذلك ، وجه اختياره هذا فقال : ما نصه : " والصواب من القول في ذلك عندنا ما قاله أهل القول الثاني وهو أن الآية لا تدل على الحرمة وذلك أنه لو كان في قوله تعالى ذكره ( لتركبوها ) دلالة على أنها لا تصلح إذ كانت للركوب لا للأكل ، لكان في قوله ( فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون) (النحل/5) دلالة على أنها لا تصلح إذ كانت للأكل والدفء وللركوب ، وفي إجماع الجميع على أن ركوب ما قال تعالى ذكره ( ومنها تأكلون ) جائز حلال غير حرام ، دليل واضح على أن أكل ما قال ( لتركبوها ) جائز حلال غير حرام ، إلا بما نص على تحريمه ، أو وضع على تحريمه دلالة من كتاب أو وحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأما بهذه الآية فلا يحرم أكل شيء .

وقد وضع الدلالة على تحريم لحوم الحمر الأهلية بوحيه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وعلى البغال بما قد بينا في كتابنا كتاب الأطعمة بما أغنى عن إعادته في هذا الموضع ؛ إذ لم يكن هذا الموضع من مواضع البيان عن تحريم ذلك ، وإنما ذكرنا ما ذكرنا ليدل على أن لا وجه لقول من استدل بهذه الآية على تحريم الفرس " أ.ه .

اسف حدث خطا عند كتابة العنوان اجكام بدلا من احكام

واخيرا منهجهة في الخوض في في مسائل اهل الكلام

ولا يفوتنا أن نبه على ما نلحظه في هذا التفسير الكبير ، من تعرض صاحبه لبعض النواحي الكلامية عند كثير من آيات القرآن ، مما يشهد له بأنه كان عالمًا ممتازًا في أمور العقيدة ، فهو إذا ما طبق أصول العقائد على ما يتفق مع الآية أفاد في تطبيقه ، وإذا ناقش بعض الآراء الكلامية أجاد في مناقشته ، وهو في جدله الكلامي وتطبيقه ومناقشته ، موافق لأهل السنة في آرائهم ، ويظهر ذلك جليًا في رده على القدرية في مسألة الاختيار .
فمثلاً عند تفسيره لقوله تعالى : ( غير المغضوب عليهم ولا الضالين )(الفاتحة/7) نراه يقول ما نصه : " وقد ظن بعض أهل الغباء من القدرية أن في وصف الله جل ثناؤه النصارى بالضلال بقوله ( ولا الضالين ) وإضافة الضلال إليهم دون إضافة إضلالهم إلى نفسه ، وتركه وصفهم بأنهم المضللون كالذي وصف به اليهود أنه مغضوب عليهم ، دلالة على صحة ما قاله إخوانه من جهلة القدرية ، جهلاً منه بسعة كلام العرب وتصاريف وجوهه ، ولو كان الأمر على ما ظنه الغبي الذي وصفنا شأنه ،لوجب أن يكون كل موصوف بصفة أو مضاف إليه فعل لا يجوز أن يكون فيه سبب لغيره ،وأن يكون كل ما كان فيه من ذلك من فعله ، ولوجب أن يكون خطأ قول القائل : تحركت الشجرة إذا حركتها الرياح ، واضطربت الأرض إذا حركتها الزلزلة ،وما أشبه ذلك من الكلام الذي يطول بإحصائه الكتاب ، وفي قوله جل ثناؤه ( حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم ) (يونس/22) وإن كان جريها بإجراء غيرها إياها ، ما يدل على خطأ التأويل الذي تأوله مَن وصفنا قوله، في قوله ( ولا الضالين ) ، وادعائه أن في نسبة الله جل ثناؤه الضلالة إلى من نسبها إليه من النصارى، تصحيحًا لما ادعى المنكرون أن يكون لله جل ثناؤه في أفعال خلقه سبب من أجله وجدت أفعالهم ، مع إبانة الله عز ذكره نصًا في آيٍ كثيرة من تنزيله : أنه المضل الهادي ، فمن ذلك قوله جل ثناؤه : ( أفرأيت من اتخذ إلهه هواه وأضله الله على علمٍ وختم على سمعه وقلبه وجعل على بصره غشاوةً فمن يهديه من بعد الله أفلا تذكرون )(الجاثية/23) فأنبأ جل ذكره أنه المضل الهادي دون غيره ، ولكن القرآن نزل بلسان العرب على ما قدمنا البيان عنه في أول الكتاب ، ومن شأن العرب إضافة الفعل إلى من وجد منه وإن كان مشيئة غير الذي وجد منه الفعل غيره ، فكيف بالفعل الذي يكتسبه العبد كسبًا ،ويوجده الله جل ثناؤه عينًا منشأة ، بل ذلك أحرى أن يضاف إلى مكتسبه كسبًا له بالقوة منه عليه ، والاختيار منه له ، وإلى الله جل ثناؤه بإيجاد عينه وإنشائها تدبيرًا .أ.ه .
وعلى الإجمال فخير ما وصف به هذا الكتاب ما نقله الداودي عن أبي محمد عبد الله بن أحمد الفرغاني في تاريخه حيث قال : فثم من كتبه يعني محمد بن جرير كتاب تفسير القرآن ، وجوده ، وبين فيه أحكامه ، وناسخه ومنسوخه ، ومشكله وغريبه ، ومعانيه ، واختلاف أهل التأويل والعلماء في أحكامه وتأويله ، والصحيح لديه من ذلك ، وإعراب حروفه ، والكلام على الملحدين فيه ، والقصص ، وأخبار الأمة والقيامة ، وغير ذلك مما حواه من الحكم والعجائب كلمة كلمة ، وآية آية ، من الاستعاذة ، وإلى أبي جاد ، فلو ادعى عالم أن يصنف منه عشرة كتب كل كتاب منها يحتوي على علم مفرد وعجيب مستفيض لفعل " أ.ه .
هذا وقد جاء في معجم الأدباء ج18 ص6465 وصف مسهب لتفسير ابن جرير ، جاء في آخره ما نصه " وذكر فيه من كتب التفاسير المصنفة عن ابن عباس خمسة طرق ،وعن سعيد بن جبير طريقين ، وعن مجاهد بن جبر ثلاث طرق ، وعن الحسن البصري ثلاث طرق ، وعن عكرمة ثلاثة طرق وعن الضحاك بن مزاحم طريقين ،وعن عبد الله بن مسعود طريقًا ،وتفسير عبد الرحمن بن زيد بن أسلم ،وتفسير ابن جريج ، وتفسير مقاتل بن حبان ، سوى ما فيه من مشهور الحديث عن المفسرين وغيرهم ، وفيه من المسند حسب حاجته إليه ، ولم يتعرض لتفسير غير موثوق به ، فإنه لم يدخل في كتابه شيئًا عن كتاب محمد بن السائب الكلبي ، ولا مقاتل بن سليمان ، ولا محمد بن عمر الواقدي؛ لأنهم عنده أظناء والله أعلم ، وكان إذا رجع إلى التاريخ والسير وأخبار العرب حكى عن محمد بن السائب الكلبي ، وعن ابنه هشام ، وعن محمد بن عمر الواقدي ، وغيرهم فيما يفتقر إليه ولا يؤخذ إلا عنهم .




المطلب الثالث


تنزيل الكتاب من الموقع
لتنزيل الكتاب يرجى الذهاب الهذة الوصلة من الموقع

https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showth...5&pagenumber=3


https://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=7661هذا هو المنتدى ملتقى اهل الحديث


فإن هذا التفسير الجليل، باكورة عمل عظيم، تقوم به (دار المعارف بمصر)، لإحياء (تُراث الإسلام)، وإخراج نفائس الكنوز. التي بقيتْ لنا من آثار سلفنا الصالح، وعلمائنا الأفذاذ. الذين خدموا دينَهم، وعُنُوا بكتاب ربّهم، وسنّة نبيّهم، وحفظِ لغتهم، بما لم تصنعه أمةٌ من الأمم، ولم يبلغْ غيرُهم مِعْشارَ ما وفّقهم الله إليه.

فكان أَوّلَ ما اخترنا، باكورةً لهذا المشروع الخطير: كتابُ (تفسير الطبري). وما بي من حاجةٍ لبيان قيمته العلمية، وما فيه من مزايا يندر أَن توجدَ في تفسيرٍ غيرِه. وهو أعظم تفسير رأيناه، وأعلاه وأثبتُه. استحقَّ به مؤلفُه الحجةُ أن يسمَّى (إمامَ المفسّرين).

وكنتُ أخشى الإقدامَ على الاضطلاع بإِخراجه وأُعْظِمُه، عن علمٍ بما يكتنفُ ذلك من صعوباتٍ، وما يقوم دونَه من عقباتٍ، وعن خبرةٍ بالكتاب دهرًا طويلًا: أربعين سنةً أو تزيد.

لولا أنْ قوَّى من عزمي، وشدَّ من أزْري، أخي الأصغر، الأستاذ محمود محمد شاكر. وهو - فيما أعلم - خير من يستطيع أن يحمل هذا العبء، وأن يقوم بهذا العمل حقَّ القيام، أو قريبًا من ذلك. لا أعرف أحدًا غيرَه له أهلًا.

وما أريد أن أشهدَ لأخي أو أُثْنيَ عليه. ولكني أقرّ بما أعلم، وأشهد بما أَسْتَيْقن.

وقد أَبَى أخي السيد محمود إلّا أن يُلْقِيَ عليّ بعضَ العبء، بالتعاون معه في مراجعة الكتاب، وبتخريج أحاديثه، ودَرْس أسانيده. وهذا - وحدَه - عملٌ فوقَ مقدوري. ولكنّي لم أستطع التخليَ عنه، فقبلتُ وعملتُ، متوكلًا على الله، مستعينًا به.

وأسأل الله سبحانه الهدى والسداد، والرعاية والتوفيق. إنه سميع الدعاء.

كتبه
أحمد محمد شاكر
عفا الله عنه بمنه

القاهرة يوم الجمعة 4 جمادى الآخرة سنة 1374

بِسمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحيمِ

تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا

* * *

قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلَّا كُفُورًا

* * *

والحمد لله الذي أرسلَ رسولَه محمدًا صلى الله عليه وسلم بالهُدَى ودِينِ الحقِّ ليُظْهِرَه عَلَى الدِّين كُلِّه وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْركونَ. يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

* * *

اللَّهُمّ إِنّا نبرأُ إليك من كُلِّ حَوْلٍ وقوَّةٍ، ونستَعينك ونَسْتَهديك، ونعوذُ برضاكَ من غَضَبِك، فاغفر لَنا وارْحَمنا وتبْ علينا إنّك أنْتَ التَّوَّابُ الرَّحيم. ربَّنا وَلَا تجعلنَا من الذين فرَّقُوا دِينَهم وَكانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُون.

* * *

اللّهُمَّ اجعلنا مسلمِينَ لك، وَافِين لك بالميثاق الذي أخذتَ علينا: أن نكون قوّامين بالقِسْط شُهَداءَ على الناس، اللهُمَّ اهدنا صراطَك المستقيم، صراطَ الذين أنعمت عليهم من النبيّين والصِّدِّيقين والشُّهَداء، الذين قالوا ربُّنا الله ثم استقاموا، وعلموا أنك أنت الجبّارُ الذي خَضَعتْ لجَبرُوتِه الجبَابرة، والعزيزُ الذي ذلّتْ لعزَّته الملوكُ الأعِزَّة، وخَشَعت لمهَابة سَطْوتِه ذوُو المهابة، فلم يُرهِبْهم بغيُ باغٍ ولا ظُلْم سفّاحٍ ظالم: يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لَا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاءٌ

* * *

اللّهُم اغفر لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري، وتغمّده برحمتك، واجعله من السابقين المقرَّبين في جنّات النعيم، فقد كان - ما عَلِمْنا- من الذين بَيَّنوا كتابَك للناس ولم يكتموه، ولم يشتَرُوا به ثَمَنًا قليلًا من مَتاع هذه الحياةِ الدنيا؛ ومن الذين أدَّوْا ما لزمهم من حقِّك، وذادُوا عن سنة نبِّيك؛ ومن الذين ورَّثوا الخلَفَ من بعدهم علم ما عَلموا، وحَمَّلوهم أمانةَ ما حَمَلوا، وخلعُوا لك الأندادَ، وكفَروا بالطاغوتِ، ونَضَحوا عن دينك، وذبُّوا عن شريعتك، وأفضَوْا إليك ربَّنا وهمْ بميثاقك آخذون، وعلى عهدك محافظون، يرجون رَحْمتَك ويخافُون عذابَك. فاعفُ اللهمّ عنا وعنهم، واغفر لنَا ولهم، وارحمنا وارحمهم، أنت مولانَا فانصرنَا على القومِ الكافرين.

* * *

كان أبو جعفر رضي الله عنه يقول: "إِنّي لأعجبُ مَمنْ قرأ القرآن ولم يعلَم تأويلَه، كيف يلتذُّ بقراءته؟". ومنذ هداني الله إلى الاشتغال بطلب العلم، وأنا أصاحب أبا جعفر في كتابيه: كتاب التفسير، وكتاب التاريخ. فقرأتُ تفسيره صغيرًا وكبيرًا، وما قرأتُه مرَّةً إلّا وأنا أسمعُ صوته يتخطّى إليّ القرون: إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يعلم تأويله، كيف يلتذُّ بقراءته؟ فكنتُ أجدُ في تفسيره مصداقَ قوله رضي الله عنه. بيد أني كنتُ أجدُ من المشقّة في قراءتِه ما أجد.

كان يستوقفني في القراءةِ، كثرةُ الفُصُول في عبارته، وتباعُد أطراف الجُمَل. فلا يسلم لي المعنى حتى أعيد قراءة الفقرة منه مرتين أو ثلاثًا. وكان سبب ذلك أنّنا ألفنَا نهجًا من العبارة غيرَ الذي انتهج أبو جعفر، ولكن تبيَّن لي أيضًا أن قليلًا من الترقيم في الكتابِ، خليقٌ أن يجعَل عبارته أبينَ. فلما فعلتُ ذلك في أنحاءٍ متفرقة من نسختي، وعدتُ بعدُ إلى قراءتِها، وجدتُها قد ذهب عنها ما كنت أجد من المشقّة. ولما راجعتُ كتب التفسير، وجدتُ بعضَهم ينقلُ عَنْه، فينسبُ إليه ما لم أجده في كتابه، فتبيَّنَ لي أن سبب ذلك هو هذه الجمل التي شقّت عليَّ قراءتها. يقرؤها القارئ، فربّما أخطأ مُرادَ أبي جعفرٍ، وربَّما أصابَ. فتمنَّيت يومئذٍ أن ينشر هذا الكتاب الجليلُ نشرةً صحيحة محقّقة مرقّمةً، حتى تسهُل قراءتُها على طالب العلم، وحتى تجنّبه كثيرًا من الزَّل في فهم مُرَاد أبي جعفر.

ولكنْ تبيَّن لي على الزمن أن ما طبع من تفسير أبي جعفر، كانَ فيه خطأ كثير وتصحيفٌ وتحريف، ولما راجعتُ التفاسير القديمة التي تنقلُ عَنْه، وجدتُهم يتخطّونَ بعض هذه العبارات المصحفة أو المحرفة، فعلمتُ أن التصحيف قديم في النسخ المخطوطة. ولا غرو، فهو كتابٌ ضخْمٌ لا يكادُ يسلُم كلّ الصواب لناسخه. وكان للذين طبعوه عذرٌ قائمٌ، وهو سقم مخطوطاته التي سلمت من الضياع، وضخامة الكتاب، واحتياجه إلى مراجعة مئات من الكتب، مع الصبْر على المشقة والبَصَر بمواضع الخَلَل. فأضمرتُ في نَفْسي أن أنشُر هذا الكتابَ، حتى أؤدّي بعض حقِّ الله عليَّ، وأشكرُ به نعمةً أنالُها - أنَا لَهَا غيرُ مستحقّ - من ربٍّ لا يؤدّي عبدٌ من عباده شكرَ نعمة ماضيةٍ من نعمه، إلَّا بنعْمة منه حادثةٍ توجِب عليه أن يؤدّي شكرها، هي إقدارُه على شكر النعمة التي سلفت؛ كما قال الشافعي رضي الله عنه.

وتصرَّم الزَّمن، وتفانت الأيّامُ، وأنا مستهلَكٌ فيما لا يُغْني عنّي شيئًا يوم يقوم الناس لربّ العالمين. حتَّى أيقظَنِي عدوانُ العادِين، وظُلْم الظّالمين، وطغيانُ الجبابرة المتكبّرين، فعقدت العزمَ على طبع هذا التفسير الإمامِ، أتقرَّبُ به إلى ربِّ العالمين، ملك يوم الدين.

وأفضيتُ بما في نفسي إلى أخي الأكبر السيد أحمد محمد شاكر - أطال الله بقاءه، وأقبسني من علمه- فرأى أن تنشره "دار المعارف"، باكورةَ أعمالها في نشر (تُراث الإسلام). ولم يمض إلا قليل حتى أعدَّت الدار عُدّتها لنشر هذا الكتاب الضخم، مشكورةً على ما بذلته في إحياء الكتاب العربيّ.

وكنت أحبُّ أن يكون العمل في نشر هذا الكتاب مشاركة بيني وبين أخي في كلّ صغيرةٍ وكبيرة، ولكن حالت دون ذلك كثرة عمله. وليتَه فَعَل، حتى أستفيد من علمهِ وهدايته، وأتجنّبَ ما أخاف من الخطإ والزل، في كتابٍ قال فيه أبو عمر الزاهد، غلام ثعلب: "قابلتُ هذا الكتاب من أوّله إلى آخره، فما وجدتُ فيه حرفًا خطأً في نحو أو لغة". وأنَّى لمثلي أن يحقّق كلمة أبي عمر في كتاب أبي جعفر! ونحن أهل زمانِ أُوتوا من العجز والتهاون، أَضعافَ ما أُوتي أسلافُهم من الجدّ والقدرة!

فتفضل أخي أن ينظُرَ في أسانيد أبي جعفر، وهي كثيرة جدًّا، فيتكلّم عن بعض رجالها، حيثُ يتطلب التحقيق ذلك، ثم يخرِّج جميع ما فيه من أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. فإن وجدَ بعد ذلك فراغًا نَظَر في عملي وراجعه واستدرك عليه. فشكرتُ له هذه اليدَ التي طوّقني بِها، وكم له عندي من يدٍ لا أملك جزاءَها، عنْد الله جزاؤها وجزاءُ كلّ معروفٍ. وحسبُه من معروف أنّه سدّد خُطايَ صغيرًا، وأعاني كبيرًا.

وتوليتُ تصحيحَ نصّ الكتاب، وضبطه، ومقابلته على ما بين أيدينا من مخطوطاته ومطبوعاته، ومراجعته على كتب التفسير التي نقلت عنه. وعلّقتُ عليه، وبيّنت ما استغلقَ من عبارته، وشرحتُ شواهده من الشعر. وبذلتُ جُهْدي في ترقيمه وتفصيله. فكلّ ما كان في ذلك من إحسانٍ فمن الله، وكلّ ما فيه من زَلَلٍ فمنّي ومن عجزي، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

والنسخ المخطوطة الكاملة من تفسير الطبري، لا تكادُ تُوجَد، والذي مِنْها في دار الكتب أجزاءٌ مفردة من الجزء الأوّل، والجزء السادس عشر، ومنها مخطوطة واحدة كانت في خمسة وعشرين مجلَّدًا ضاع منها الجزء الثاني والثالث، وهي قديمةً غير معروفة التاريخ. وهي على ما فيها تكادُ تكون أصحّ النسخ. وهي محفوظة بالدار برقم: 100 تفسير.

فجعلتها أمًّا لنشر هذا الكتاب. أما سائر المخطوطات فهي سقيمة رديئة، لم تنفع في كثير ولا قليل، فضْلًا عن أنها قطع صغيرة منه.

فنهجتُ نهجًا آخر في تصحيح هذا التفسير، وذلك بمراجعة ما فيه من الآثار على كتاب "الدرّ المنثور" للسيوط، "وفتح القدير" للشوكاني، فهما يكثران النقل عن تفسير أبي جعفر. أما ابن كثير في تفسيره، فإنه لم يقتصر على نقل الآثار، بل نقل بعض كلام أبي جعفر بنَصِّه في مواضع متفرقة، وكذلك نقل أبو حيان والقرطبي في مواضع قليلة من تفسيريهما. فقابلتُ المطبوع والمخطوط من تفسير أبي جعفر على هذه الكتب. وكنت في هذا الجزء الأوَّل من التفسير أذكر مرجع كلّ أثرٍ في هذه الكتب، ثم وجدتُ أن ذلك يطيل الكتاب على غير جدوى، فبدأت منذ الجزء الثاني أغفل ذكر المراجع، إِلّا عند الاختلاف، أو التصحيح، أو غير ذلك مما يوجب بيان المراجع.

وراجعتُ كثيرًا ممّا في التفسير من الآثار، على سائر الكتب التي هي مظّنة لروايتها، وبخاصّة تاريخ الطبري نَفْسِه، ومن في طبقته من أصحاب الكتب التي تروي الآثار بالأسانيد. وبذلك استطعتُ أن أحرّر أكثرها في الطبري تحريرًا أرجو أن يكون حسنًا مقبولًا.

أمّا ما تكلّم فيه من النحو واللغة، فقد راجعته على أصوله، من ذلك "مَجاز القرآن" لأبي عبيدة، "ومعاني القرآن" للفراء، وغيرهما ممّن يذكر أقوال أصحاب المعاني من الكوفين والبصرين.

وأما شواهدُه فقد تتبعتُ ما استطعتُ منها في دواوين العربِ، ونسبت ما لم يكن منها منسوبًا، وشرحتُها، وحققت ما يَحتاجُ إلى تحقيق من قصائدها، مختصرًا في ذلك ما استطعت.

وقد رأيتُ في أثناء مراجعاتي أنّ كثيرًا ممن نقل عن الطبري، ربّما أخطأ في فهم مُرَاد الطبري، فاعترض عليه، لمّا استغلقَ عليه بعضُ عبارته. فقيدت بعضَ ما بدا لي خلالَ التعليق، ولم أستوعِبْ ذلك استيعَابًا مخافة الإطالة، وتركت كثيرًا مما وقفتُ عليه من ذلك في الجزء الأوّل، ولكني أرجو أنْ أستدرِك ما فاتني من ذلك في الأجزاء الباقية من التفسير إن شاء الله ربُّنَا سبحانه.

وبيّنتُ ما وقفتُ عليه من اصطلاح النحاة القدماء وغيرهم، ممّا استعمله الطبري، وخالفَه النحاةُ وغيرهم في اصطلاحهم، بعد ذلك، إلى اصطلاح مُسْتَحدَث. وربّما فاتني من ذلك شيءٌ، ولكني أرجو أنْ أبيّن ذلك فيما يأتي من الأجزاء. وقد وضعتُ فهرسًا خاصًّا بالمصطلحات، في آخر كلّ جزءٍ، حتى يتيسّر لطالب ذلك أن يجدَ ما استبهَمَ عليه من الاصطلاح في موضع، في جزءٍ آخر من الكتاب.

وكنتُ أحبُّ أن أبيّن ما انفردَ به الطبريّ من القول في تأويل بعض الآياتِ، وأشرح ما أَغْفَله المفسّرون غيرُه، ولكني خفتُ أن يكونَ ذلك سببًا في زيادة الكتاب طولًا على طوله؛ مع أني أَرَى أن هذا أمرٌ يكشف عن كتاب الطبري، ويزيدنا معرفة بالطبري المفسّر، وبمنهجه الذي اشتقّه في التفسير، ولم اختلف المفسّرون من بعده، فأغفلوا ما حرصَ هو على بيانه؟

وكنتُ أحبُّ أيضًا أن أُسَهِّل على قارئ كتابه، فأجعل في آخرِ الآياتِ المتتابعة التي انتهى من تفسيرها، مُلَخَّصًا يجمَعُ ما تفرَّق في عشراتٍ من الصفحاتِ. وذلك أني رأيتُ نفسي قديمًا، ورأيت المفسِّرين الذين نقلوا عَنْهُ، كانوا يقرأون القطعة من التفسير مفصولةً عمَّا قبلها، أو كانوا يقرأونه متفرِّقًا. وهذه القراءةُ، كما تبيِّن لي، كانتْ سببًا في كثيرٍ من الخَلْط في معرفة مُرَادِ الطبري، وفي نسبة أقوالٍ إليه لم يقلْها. لأنَّه لما خاف التكرار لطول الكتابِ، اقتصَر في بعض المواضِع على ما لا بُدَّ منه، ثقَةً منه بأنّه قد أبان فيما مضى من كتابه عن نهجه في تفسير الآيات المتصلة المعاني. والقارئ الملتمِس لمعنى آيةٍ من الآياتِ، ربَّما غَفَل عن هذا الترابُط بين الآية التي يقرؤها، والآيات التي سبقَ للطبري فيها بيانٌ يتّصل كل الاتصال بيانه عن هذه الآية. ولكني حين بدأت أفعل ذلك، وجدت الأمر شاقًا عسيرًا، وأنه يحتاجُ إِلى تكرار بعضِ ما مضى، وإلى إِطالةٍ في البيانِ. وهذا شيءٌ يزيدُ التفسيرَ طولًا وضخامة.

ولمَّا رأيتُ أن كثيرًا من العلماء كان يعيبُ على الطبري أنه حشَدَ في كتابِهِ كثيرًا من الرواية عن السالفين، الذين قرأوا الكُتُب، وذكروا في معاني القرآنِ ما ذكروا من الرواية عن أهل الكتابَيْن السالِفَيْن: التَّوراة والإنجيل - أحبتُ أن أكشف عن طريقة الطبري في الاستدلال بهذه الرواياتِ روايةً روايةً، وأبيّن كيف أخطأ الناسُ في فهم مقصده، وأنّه لم يَجْعل هذه الروايات قطُّ مهيمنةً على كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من يديه ولا من خلفه. وأحبتُ أن أبيّن عند كُلِّ روايةٍ مقالة الطبريّ في إِسنادِها، وأنه إسنادٌ لا تقوم به حُجَّةٌ في دين الله، ولا في تفسير كتابه، وأن استدلاله بها كان يقوم مقام الاستدلالِ بالشِّعر القديم، على فهم معنى كلمة، أو للدلاة على سياقِ جملة. وقد علقتُ في هذا الجزء 1: 454 ، 458 وغيرهما من المواضع تعليقًا يبينُ عن نهج للطبري في الاستدلال بهذه الآثار، وتركتُ التعليقَ في أماكنَ كثيرة جدًّا، اعتمادًا على هذا التعليق. ورأيتُ أن أدَعَ ذلك حتى أكتب كتابًا عن "الطبري المفسِّر" بعد الفراغ من طبع هذا التفسير. لأني رأيتُ هناكَ أشياء كثيرةً، ينبغي بيانُها، عن نهج الطبري في تفسيره. ورأيتني يجدّ لي كُلَّ يوم جديدٌ في معرفة نهجه، كلَّما زدتُ معرفةً بكتابه، وإلفًا لطريقته. فاسأل الله أن يعنيني أن أفردَ له كتابًا في الكلام عن أسلوبه في التفسير، مع بيان الحجّة في موضع موضعٍ، على ما تبيّن لي من أسلوبه فيه. ورحمَ الله أبا جعفر، فإنه، كما قال، كان حدَّث نفسه بهذا التفسيرِ وهو صبيٌّ، واستخار الله في عمله، وسأله العونَ على ما نواه، ثلاثَ سنين قبل أن يعمله، فأعانه الله سبحانه. ثم لما أراد أن يملي تفسيره قال لأصحابه: أتنشطون لتفسير القرآن؟ قالوا: كم يكون قدرُه؟ فقال: ثلاثون ألف ورقة. فقالوا: هذا ممّا تفنَى فيه الأعمارُ قبل تمامه! فاختصره لهم في ثلاثة آلاف ورقةٍ. فكان هذا الاختصار سببًا في تركه البيانَ عمّا نجتهد نحنُ في بيانه عند كل آية. وهذا الاختصارُ بيّنٌ جدًّا لمن يتبّع هذا التفسيرَ من أولِه إِلى آخره.

هذا وقد كنتُ رأيتُ أن أكتب ترجمةً للطبري أجْعَلُها مقدّمَةً للتفسير. ولكنّي وجدت الكتابة عن تفسيره في هذه الترجمة، لن تتيسّر لي إلا بعد الفراغ من كتابه، وكشف النقاب عمّا استبهم من منهاجِه في تفسيره. فأعرضتُ عن ذلك، وقلت أجمع ترجمةً للطبري، فجمعتُ كُلّ ما في الكتب المطبوعة والمخطوطة من ترجمة وأخبار، وما قيل في تصانيفه وتعدادها، فإذا هي قد تجاوزت ما يمكن أن يكونَ ترجمةً في صدر هذا التفسير، فآثرتُ أن أفردها كتابًا قائمًا بنفسه، سوف يخرجُ قريبًا بعون الله سبحانه.

أمّا الفهارسُ، فإِنّي كنت أريدُ أن أدعَها حتى أفرغَ من الكتاب كُلِّه، فأصدرها في مجلداتٍ مستقلّة، ولكن الكتابَ كبيرٌ، وحاجةُ الناسِ، وحاجتي أنَا، إلى مراجعة بعضه على بعض، وربط أوّله بآخره أوجبتْ أن أتعجَّل فأُفرد بعض الفهارس مع كُلّ جزء. فجعلت فهرسًا للآيات التي استدلّ بها في غير موضعها من التفسير. فقد تبيّن لي أنّه ربّما ذكر في تفسير الآية في هذا الموضع، قولًا في الآية لم يذكرُه في موضعها من تفسير السورة التي هي منها.

وأفردت فهرسًا ثانيًا لألفاظ اللغة، لأنه كثير الإحالة على ما مضى في كتابه، وليكون هذا الفهرس مرجعًا لكل اللُّغَة التي رواها الطبري، وكثير منها ممّا لم يرد في المعاجم، أو جاء بيانه عن معانيها أجودَ من بيان أصحاب المعاجم. وهو فهرسٌ لا بُدَّ أن يتم عند كُلّ جزء، حتى لا يسقط عليّ شيءٌ من لغة الطبري.

وأفردت فهرسًا ثالثًا لمباحث العربيّة، لأنّه كثيرًا ما يحيلُ على هذه المواضِع، ولأنّ فيها نفعًا عظيمًا تبيّنتُه وأنا أعمل في هذا التفسير. وزدت فهرسًا رابعًا للمصطلحات القديمة التي استحدث الناسُ غيرها، ليسْهُل على قارئ كتابه أن يجد تفسيرها في موضعها، فإِني لم أفسِّرها عند كُلّ موضع ذكرتْ فيه، لكثرة تكرارها في الكتاب. وفهرسًا خامسًا، هو ردوده على الفرق وأصحاب الأهواءِ.

وأفردتُ فهرسًا سادسًا للرجال الذي تكَلَّم عنهم أخي السيد أحمد في المواضع المتفرقة من التفسير، حتى يسهلُ على من يريد أن يحقّق إسنادًا أن يجد ضالّته. فإِنّه حفظه الله، لم يلتزم الكتابة على الرجال عند كُلّ إِسنادِ. وهذا فهرسٌ لا بُدّ منه مع كُلِّ جزءٍ حتى لا تتكرّ الكتابة على الرجال في مواضع مختلفة من الكتاب، ولتصحيح أسماء الرجال حيث كانوا من التفسير.

أما الفهرس العام للكتاب، فقد اقتصرت فيه على ذِكْرِ ما سوى ذلك، ولم أذكر فيه بدأه في تفسير كُلّ آية، لأنّ آيات المصحف مرقمة، وأثبتنا أرقام الآيات في رأس الصفحات. فمن التمس تفسير آية، فليستخرج رقمها من المصحف، وليطلبْ رقمها في تفسير الطبري من رؤوس الصفحات.

* * *

هذا، وقد تركتُ أن أصْنَع للشعر فهرسًا مع كلِّ جزءٍ، فإني سأجعلُ لَهُ فهرسًا مفردًا بعد تمام طبع الكتابِ، على نمط اخترتُه لصناعته.

وأمَّا فهارس الكتاب عامَّة، فستكون بعد تمام الكتاب كله. وهي تشتمل فهارس أسانيد الطبري، على طراز أرجُو أن أكون موفقًا في اختياره وعمله. ثم فهرس الأعلام، وفهرس الأماكن، وفهرسُ المعاني، والفهارس الجامعة لما أفردتُه من الفهارس مع كلِّ جزء. وهذا شيءٌ لا بُدَّ منه، لضبط ما في التفسير من مناحي العلم المختلفة، وليتيسّر على الطالب أن يجد بُغْيته حيث شاء من كتاب الطبري، لأنّه كثير الإحالة في كتابه على ما مضى منه.

* * *

وبعد، فقد بذلتُ جهدي، وتحرَّيتُ الصوابَ ما استطعتُ، وأردتُ أن أجعَلَ نشرَ هذا الكتابِ الإمامِ في التفسير، زُلْفَى إِلى اللهِ خالصةً. ولكن كيف يخلُص في زماننا عملٌ من شائبة تشوبهُ! فأسألُ الله أن يتقبَّل مني ما أخلصتُ فيه، وأن يغفر لي ما خالطه مِنْ أمرِ هذه الدنيا، وأن يتغمّدني برحمته يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلَا بَنُونَ، إلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ. وأضرع إليه أن يغفر لَنَا ولإخوانِنا الَّذِينَ سَبَقُونَا بالإيمان، وآخرُ دَعْوَانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين.

محمود محمد شاكر

التفسير الكبير للرازي وهذا بعض من الكتب
ثم التي تلية لتفسير بقي بن مخلد الاندلسي

كنت اود الانتقال الي الحلقة القادمو ولكني وجدت موضوع لشيخنا الفاضل مساعد الطيار في منهج الطبري في تفسيرة كتب في الملتفي الشقيق ملتقي اهل التفسير فاحبت نقلة ليكون مسك الختام

ملخص في منهج الطبري في تفسيره
الإخوة الكرام :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أما بعد :
فأقدم لكم ملخصًا موجزًا يصف طريقة ابن جرير في كتابه ، وهو من باب التذكرة ، إذ الكلام المفصل على منهج هذا الإمام لا يحتمله هذا المقام ، وما لا يُدركُ كله لا يُترك جُلُّه من أجل عدم إدراك الكلِّ .
أملى ابن جرير كتابه جامع البيان عن تأويل آي القرآن على تلاميذه من سنة ( 283 ) إلى سنة ( 290 ) ، ثمَّ قُرئ عليه سنة ( 306 ) ، وقد أطبق العلماء على الثناء على كتابه .
وقد قدَّمَ الطبريُّ لتفسيرِه بمقدمة علميَّةِ حشدَ فيها جملة من مسائل علوم القرآن ، منها : اللغة التي نزل بها القرآن والأحرفُ السبعة ، والمعربُ ، وطرق التفسيرِ ، وقد عنون لها بقوله : ( القول في الوجوه التي من قِبَلِها يُوصلُ إلى معرفةِ تأويلِ القرآنِ ) ، وتأويل القرآنِ بالرأي ، وذكر من تُرضى روايتهم ومن لا تُرضى في التَّفسيرِ .
ثمَّ ذكر القولَ في تأويلِ أسماء القرآنِ وسورِه وآيه ، ثمَّ القول في تأويلِ أسماء فاتحة الكتابِ ، ثمَّ القول في الاستعاذةِ ، ثُمَّ القول في البسملةِ .
ثمَّ ابتدأ التفسيرَ بسورة الفاتحة ، حتى ختم تفسيرَه بسورةِ النَّاسِ .
كان يُجزِّئ الآيةَ التي يُريدُ تفسيرَها إلى أجزاء ، فيفسرها جماة جملة ، ويعمدُ إلى تفسير هذه الجملة ، فيذكر المعنى الجملي لها بعدها ، أو يذكره أثناء ترجيحه عن كان هناك خلاف في تفسيرها .
إذا لم يكن هناك خلاف بين أهل التأويل فسَّر تفسيرًا جُمْلِيًا ، ثم قال : وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل .
وإذا كان بين أهل التأويل خلاف ، فقد يذكر التفسير الجملي ، ثم ينص على وجود الخلاف ، ويقول : واختلفَ أهلُ التَّأويلِ في تأويلِ ذلكَ ، فقال بعضهم فيه نحوَ الذي قلنا فيه
وقد يذكر اختلاف أهل التأويل بعد المقطع المفسَّرِ مباشرةً ، ثمَّ يذكر التفسير الجملي أثناء ترجيحه .
ومن عادته أن يُترجمُ لكل قولٍ بقوله : فقال بعضهم …. ، ثمَّ يقول : ذكر من قال ذلك ، ثمَّ يذكر أقوالهم مسندًا إليهم بما وصله عنهم من أسانيد . ، ثمَّ يقول : وقال غيرهم ، وقال آخرون … ، ثمَّ يذكر أقوالهم ، فإذا انتهى من عرضِ أقوالِهم ، رجَّحَ ما يراه صوابًا ، وغالبًا ما تكون عبارته : قال أبو جعفر : والقول الذي هو عندي أولى بالصواب ، قول من قال ، أو يذكر عبارة مقاربةً لها ، ثمَّ يذكر ترجيحَه ، ومستندَه في الترجيحِ ، وغالبًا ما يكون مستندُه قاعدةً علميَّة ترجيحيَّةً ، وهو مما تميَّزَ به في تفسيرِه .
اعتمدَ أقوال ثلاث طبقات من طبقات مفسري السلف ، وهم الصحابة والتابعون وأتباع التابعين ، ولم يكن له ترتيب معيَّن يسير عليه في ذكر أقوالهم ، وإن كان يغلب عليه تأخير الرواية عن ابن زيد ( ت : 182 ) .
ويحرص على ذكر ما ورده عنهم بالإسناد إليهم ، ولو تعدَّدت الأسانيد في القول الواحد .
وقد يورد قول الواحد منهم ويعتمده إذا لم يكن عنده غيره .
ولم يخرج في ترجيحاته عن قول هذه الطبقات الثلاث إلا نادرًا ، وكان شرطه في كتابه أن لا يخرج المفسر عن أقوال هذه الطبقات الثلاث ( ينظر : تفسير الطبري ، ط : الحلبي 1 : 41 ) .
ولهذا ردَّ أقوال أهل العربية المخالفة لأقوال السلف أدنى مخالفةٍ ، ولم يعتمد عليها إلا إذا لم يرد عن السلف في مقطع من مقاطع الآية شيء ( ينظر تفسيره للوا في قوله ( والذي فطرنا ) فقد اعتمد ما ذكره الفراء من احتمالات ) .
وإذا ذكر علماء العربية فإنه لا يذكر أسماءهم إلا نادرًا ، وإنما ينسبهم إلى علمهم الذي برزوا فيه ، وإلى مدينتهم التي ينتمون إليها ، كقوله : » قال بعض نحوي البصرة « .
وغالب ما يروي عنهم مما يتعلق بالإعراب .
اعتمد الطبري النظر إلى صحة المعنى المفسَّرِ به ، وإلى تلاؤمه مع السياق ، وقد كان هذا هو المنهج العامَّ في تفسيره ، وكان يعتمد على صحة المعنى في الترجيح بين الأقوال .
وكان لا يبين درجة إسناد الآثار إلا نادرًا ، ولم يكن من منهجه نقد أسانيد التفسير ، كما أنه لم يعمد إلى ما يقال من طريقة : من أسندك فقد أحالك .
وكان في الغالب لا يفرق بين طبقات السلف في الترجيح ، وقد يقدم قول أتباع التابعين أو التابعين على قول الصحابي .
وإن كان في بعض المواطن يقدم قول الصحابة ، خصوصًا فيما يتعلق بالنُّزول.
يقدم قول الجمهور على قول غيرهم ، وقد يعدُّه إجماعًا ، ويَعُدُّ القول المخالف لهم شاذًّا .
يَعُدُّ عدم قول السلف بقولٍ دلالة على إجماعهم على تركه ، ويرجح بهذه الحجة عنده .
لم يلتزم بالأخذ بقول الصحابي في الغيبيات .
لم يُعْرِضْ عن مرويات بني إسرائيل لأنه تلقاها بالآثار التي يروي بها عن السلف ، وقد يبني المعنى على مجمل ما فيها من المعنى المبيِّن للآية ( ينظر : تفسير الطبري ، ط : الحلبي : 1 : 274 ) .
يؤخر أقوال أهل العربية ، ويجعلها بعد أقوال السلف ، وأحيانًا بعد ترجيحه بين أقوال السلف .
لا يقبل أقوال اللغوين المخالفة لأقوال السلف ، ولو كان لها وجه صحيح في المعنى .
هذا ما أردت التنبيه عليه من منهج الطبري ، وقد بقي بعض المسائل لعل الله أن يمن بكتابتها خصوصًا ما يتعلق بالقراءات والله الموفق .


______________________________ _____

الدكتور مساعد بن سليمان بن ناصر الطيار
الأستاذ المساعد بكلية المعلمين بالرياض

مواضيع ذات صلة
لاتنسي هذا الدعاء لاطفالك
صحة نسبةهذا الدعاء الذي قيل إن جبريل أتى به النبي صلى الله عليه وسلم و
إلى كل من يشتكي نسيان القرآن وعدم القدرة على التغيير
سوره ق والتفسير
القران الكريم بجميع لغات العالم مع التفسير
تفسير سورة الهمزه..التفسير الميسر
موسوعة التفسير الموضوعي لسور القرآن الكريم
التفسير المختصر - سورة الأحزاب (33) تفسير الآيات27-33 لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي



 
قديم   #2

ياسمين بري


رد: التفسير بالماثور والراي وامثلة عليهما


التفسير بالماثور والراي وامثلة عليهما

جزاك الله الخير

 




الساعة الآن توقيت السعودية الرياض و الدمام و القصيم و جدة 11:42 AM.


 
Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024,
vBulletin Optimisation provided by vB Optimise (Pro) - vBulletin Mods & Addons Copyright © 2024 DragonByte Technologies Ltd.

Search Engine Optimization by vBSEO 3.6.0