رد: يارب خذني والحال بي جميل .. !! حصـــريا
يارب خذني والحال بي جميل .. !! حصـــريا
رأسي وقلبي يؤلمانني .. وهذا أمر غير جديد .. غير جديد البتة ..
عندي مشكلة في النوم .. أيضا أمر غير جديد ..
منذ سنوات وأنا أعاني من هذا الأمر ..
كنت في المستشفى وكنت أمر بجانب مكتب إحدى
استشاريات الأعصاب والصحة النفسية ،
كانت تجلس بهدوء وتقرأ في كتاب . .
طرقت بأناملي طرقات خفيفة على
الباب ثم ابتسمت وسلمت عليها وقلت لها مباشرة أنا عندي مشكلة ..
ابتسمت وقالت : أقطع كشف وتعال ، فأخبرتها أنه مجرد استفسار بسيط ..
- أنا عندي Sleeping disorder .
- منذ متى ؟
- من سنوات ؟
ثم تبادلنا الكلام لعشر دقائق تقريبا ، وفي نهاية الكلام قالت لي :
توقف عن التفكير وحمل الآخرين وهمومهم معك إلى السرير.
وحينها سألتها عما إذا كانت تستطيع هي فعل ذلك ؟
أجابتني بشكل مباشر : لم أكن استطيع .. ولكنني تعلمت ذلك مع الأيام ..
ثم صمتت قليلا وقالت : بعد ستين عاما من العمر تتعلم الكثير !!
...
لا استطيع التوقف عن التفكير في ذلك الإبن الذي
رافق والده في المستشفى لمدة 13 عاما كاملة .
ترك الحياة خلفة وأصبحت المستشفى هي دنياه وعالمه ..
الأطباء والطبيبات والممرضون والممرضات هم
عائلته الكبيرة وأصدقاؤه.
ترك بيته وعمله وكل مباهج الحياة لأجل والده .
كل ما تذكرت قصة هذا الإنسان
– قرأتها في مجلة الأسرة العدد 180 –
تقتلني التفاصيل الصغيرة التي كانت تحيط به ،
أفكر كيف اتخذ هذه القرار ، كيف عاش أول أسبوع ،
كيف تأقلم مع رائحة المستشفى والأدوية والمطهرات ،
كيف تأقلم مع كل هذا البياض الذي تتلون به المستشفيات ،
كيف تأقلم مع النوم في المستشفى ،
ما الذي كان يدور في باله وهو
ينظر إلى والده الذي لا يستطيع الكلام ،
كيف نمت مشاعره في المستشفى البارد ،
هل كانت له أحلام وتناساها ،
هل كان سعيدا ، كم مرة بكى فيها ،
هل وجد من يشاركه حزنه ،
هل اشتاق لغرفته في المنزل ،
هل كان يقرأ في المستشفى ، كم كتابا قرأ ،
هل كان سريره في المستشفى مريحا ،
كم مرة أيقظه الممرضون ،
هل أصبح نومه خفيفا جدا بسبب حياته في المستشفى ،
هل تعود على سماع الصراخ في المستشفى ،
هل تعود على سماع الأنين ،
كم مرة اشتاق لشيء ولم يجده لأنه في المستشفى ،
كيف كان ينظر لأبيه ، هل كان ينظر إليه وهو نائم ،
كيف كان دعاؤه ، كم مرة دعا لوالده ،
هل مل من تكرار المناظر ذاتها ،
كم مرة فكر فيها في مستقبله ،
ما الذي كان يدفعه للابتسام ،
ما الذي كان يحبه ،
وما الذي كان يكرهه ..
كيف أمضى هذه الـ 13 عاما وهو
يرى والده تسلب الحياة منه ،
هل كان يتحدث إلى قلبه .. ما الذي كان يقوله ،
كم آهة أطلقها ولم يسمعها أحد .. ؟؟؟؟
...
|