|
#1 | |
عضوة شرفية |
ما حكم دفن جثة المسلم في البحر ؟
ما حكم دفن جثة المسلم في البحر ؟السنة التي جرى عليها عمل المسلمين في كافة الأعصار السالفة واللاحقة : أن يدفن الميت في حفرة تحت الأرض ، وهذا هو الموافق لقوله تعالى : ( مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ، وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى ).الحمد لله :الجواب :
السنة التي جرى عليها عمل المسلمين في كافة الأعصار السالفة واللاحقة : أن يدفن الميت في حفرة تحت الأرض ، وهذا هو الموافق لقوله تعالى : مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ ، وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ ، وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى. " فدَلَّ قَوْلُهُ تَعَالَى : وَفِيها نُعِيدُكُمْ عَلَى أَنَّ دَفْنَ الْأَمْوَاتِ فِي الْأَرْضِ هُوَ الطَّرِيقَةُ الشَّرْعِيَّةُ لِمُوَارَاةِ الْمَوْتَى . فَمَا تأْتِيهِ بَعْضُ الْأُمَمِ غَيْرِ الْمُتَدَيِّنَةِ مِنْ إِحْرَاقِ الْمَوْتَى بِالنَّارِ ، أَوْ إِغْرَاقِهِمْ فِي الْمَاءِ ، أَوْ وَضْعِهِمْ فِي صَنَادِيقَ فَوْقَ الْأَرْضِ ، فَذَلِكَ مُخَالِفٌ لِسُنَّةِ اللَّهِ وَفِطْرَتِهِ ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ اقْتَضَتْ أَنَّ الْمَيِّتَ يَسْقُطُ عَلَى الْأَرْضِ فَيَجِبُ أَنْ يُوَارَى فِيهَا . وَكَذَلِكَ كَانَتْ أَوَّلُ مُوَارَاةٍ فِي الْبَشَرِ حِينَ قَتَلَ أَحَدُ ابْنَيْ آدَمَ أَخَاهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ ، قالَ يَا وَيْلَتى أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هذَا الْغُرابِ فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِيفَجَاءَتِ الشَّرَائِعُ الْإِلَهِيَّةُ بِوُجُوبِ الدَّفْنِ فِي الْأَرْضِ ". انتهى من التحرير والتنوير لابن عاشور (16 / 240) وقال صدِّيق حسن خان : " ويجب دفن الميت أي مواراة جيفته في حفرة ، بحيث لا تنبشه السباع ، وتمنعه من السباع ، ولا تخرجه السيول المعتادة ، ولا خلاف في ذلك ، وهو ثابت في الشريعة ثبوتاً ضرورياً ". الروضة الندية (1 /174) وقال الشيخ ابن عثيمين : " دفن الميت أيضاً فرض كفاية ؛ لأن الله تعالى امتن به على العباد فقال تعالى: أَلَمْ نَجْعَلِ الأَرْضَ كِفَاتًا *أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا، فكما أنَّ علينا إيواء المضطر في البيوت ، وستره فيها عند الضرورة ، فكذلك علينا ستر الميت في قبره . وكذلك قوله تعالى: ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ، فإن هذا سيق على سبيل المنة ؛ لأن الله أكرمه بدفنه ، ولم يجعله كسائر الجيف تلقى في المزابل والأسواق والأفنية ، بل أكرمه بدفنه وستره ". الشرح الممتع (5 / 264) يجب دفن الميت في حفرة تحت الأرض ، ولا يجوز إلقاؤه في البحر أو دفنه في غرف فوق سطح الأرض ؛ لأن شرط القبر أن يكون حفرة تحت مستوى الأرض . والحاصل : أنه يجب دفن الميت في حفرة تحت الأرض ، ولا يجوز إلقاؤه في البحر أو دفنه في غرف فوق سطح الأرض ؛ لأن شرط القبر أن يكون حفرة تحت مستوى الأرض . ولكن إذا تعذر دفن الميت في الأرض، كأن يموت في سفينة في عرض البحر ، ولا يمكن الانتظار بجثته حتى الوصول إلى الساحل ، ففي هذه الحال يرخص في دفنه في الماء للضرورة . وأما من مات في البحر ، وكان بالإمكان الانتظار به حتى الوصول للساحل أو جزيرة قريبة لدفنه في الأرض ، فيجب الانتظار. عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أَبَا طَلْحَةَ قَرَأَ سُورَةَ بَرَاءَةً ، فَأَتَى عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ: انْفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً ،فقال: مَا أَرَى رَبَّنَا تَعَالَى اسْمُهُ إِلَّا يَسْتَنْفِرُنَا ، شَبَابًا وَشُيُوخًا ، جَهِّزُونِي ، فَقَالَ لَهُ بَنُوهُ: قَدْ غَزَوْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى قُبِضَ ، وَغَزَوْتُ مَعَ أَبِي بَكْرٍ حَتَّى مَاتَ ، وَغَزَوْتُ مَعَ عُمَرَ ، فَنَحْنُ نَغْزُو عَنْكَ, فَقَالَ: جَهِّزُونِي. فَجَهَّزُوهُ وَرَكِبَ الْبَحْرَ ، فَمَاتَ فِي غَزَاتِهِ تِلْكَ ، فَلَمْ يَجِدُوا لَهُ جَزِيرَةً يَدْفِنُونَهُ فِيهَا إِلَّا بَعْدَ سَبْعَةِ أَيَّامٍ ، وَلَمْ يَتَغَيَّرْ . رواه ابن حبان في صحيحه (16/152) ، وأبو يعلى (6/138) ، والبيهقي (4/10) ، وصححه النووي في خلاصة الأحكام (2/1031). وأما إذا خُشي من الانتظار به أن يتغير ، فيغسل ويكفن ويصلَّى عليه ، ثم يُلقى في البحر. ومن الفقهاء من قال [ الشافعية ] : يجعل بين لوحين ، ولا يثقل بشيء استحباباً ؛ لعله يصل إلى الساحل ، فيصادفه من يدفنه. ينظر: الذخيرة للقرافي (2/480). المجموع شرح المهذب (5/286) ومنهم من قال [ الحنابلة ] : يثقل بشيء ليرسب في قعر البحر ؛ " لِأَنَّهُ يَحْصُلُ بِهِ السَّتْرُ الْمَقْصُودُ مِنْ دَفْنِهِ ، وَإِلْقَاؤُهُ بَيْنَ لَوْحَيْنِ تَعْرِيضٌ لَهُ لِلتَّغَيُّرِ وَالْهَتْكِ ، وَرُبَّمَا بَقِيَ عَلَى السَّاحِلِ مَهْتُوكًا عُرْيَانًا ، وَرُبَّمَا وَقَعَ إلَى قَوْمٍ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ". المغني (2/ 373) قال ابن المنذر: " إنْ كَانَ الْبَحْرُ الَّذِي مَاتَ فِيهِ الْمَيِّتُ الْأَغْلَبُ مِنْهُ أَنْ يُخْرِجَ أَمْوَاجَهُ إِلَى سَوَاحِلِ الْمُسْلِمِينَ ، يُفْعَلُ بِهِ مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ ، فُعِلَ مَا قَالَهُ أَحْمَدُ". الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/ 465) قال المرداوي : " وَلَا مَوْضِعَ لَنَا الْمَاءُ فِيهِ بَدَلٌ عَنْ التُّرَابِ إلَّا هُنَا ، فَيُعَايَى بِهَا ".الإنصاف (2/505) والله أعلم 1 - من التحرير والتنوير لابن عاشور (16 / 240). 2 - الروضة الندية (1 /174). 3 - الشرح الممتع (5 / 264). 4 - رواه ابن حبان في صحيحه (16/152) ، وأبو يعلى (6/138) ، والبيهقي (4/10) ، وصححه النووي في خلاصة الأحكام (2/1031).. 5 - ينظر: الذخيرة للقرافي (2/480). المجموع شرح المهذب (5/286). 6 - المغني (2/ 373). 7 - الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (5/ 465). 8 - الإنصاف (2/505). مواضيع ذات صلة |