|
#1 | |
:: كاتبة ألماسيّـة :: |
حتى تكون عند ربك مرضيا
لما أثنى الله عز وجل على إسماعيل قال : ( وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَّبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ) فهل تريد أن تكون عند ربّك مرضيّـاً ؟ إن رضا الله عز وجل مطلوب مُدرَك ورضا الناس مطلوب لا يُدرك قال سهل بن أبي سهل الحنفي – شيخ الشافعية بخراسان - : إذا كان رضا الخلق معسوراً لا يُدرك ، كان رضا الله ميسوراً لا يُترك ، إنا نحتاج إلى إخوان العشرة لوقت العُسرة . فالخلق إن قصّرت في حقّهم غضبوا وإن أسأت لم يغفروا وإن زللت لم ينسوا ! قال ابن حزم رحمه الله : وأنا أعلمك أن بعض من خالصني المودة ، وأصفاني إياها غاية الصفاء في حال الشدة والرخاء ، والسعة والضيق ، والغضب والرضا تغير عليّ أقبح تغير بعد اثني عشر عاماً متّصلة في غاية الصفاء ، ولسبب لطيف جداً ما قَدّرت قط أنه يُؤثر مثله في أحد من الناس ، وما صلح لي بعدها ، ولقد أهمني ذلك سنين كثيرة هماً شديداً . اهـ . إن اجتهدت في طلب رضاهم عدّوك طيّباً مسكينا ! أو ظنّوك تريد منهم مصلحة لنفسك ! وإن أرادوا منك شيئا لم يعذروك وإن طلبوا منك حاجة وجب عليك تلبيتها وإلا كنت الذي لا نفع فيه ! قال ابن القيم رحمه الله : غالب الخلق إنما يريدون قضاء حاجاتهم منك ، وإن أضرّ ذلك بدينك ودنياك ، فهم إنما غرضهم قضاء حوائجهم ولو بمضرّتك ، والرب تبارك وتعالى إنما يريدك لك ، ويريد الإحسان إليك لك لا لمنفعته ، ويريد دفع الضرر عنك ، فكيف تعلق أملك ورجاءك وخوفك بغيره ؟ اهـ . أمّـا ربك سبحانه وتعالى فيُريد منك أيسر من هذا يُريدك لك – كما قاله العالم الرباني – يُريدك لنفسك .. لنفعك .. لحاجاتك يُريد منك - حتى يرضى عنك - أن تعبده ولا تشرك به شيئا يقول الله لأهون أهل النار عذابا : لو أنّ لك ما في الأرض من شيء كنت تفتدي به ؟ فيقول : نعم . فيقول : فقد سألتك ما هو أهون من هذا وأنت في صلب آدم ؛ أن لا تشرك بي ، فأبيت إلا الشرك . رواه البخاري ومسلم . يُريد منك كلمات معدودات في كل يوم فيرضى عنك قال رسول الله : من قال إذا أصبح وإذا أمسى : رضيت بالله ربا ، وبالإسلام دينا ، وبمحمد رسولا ؛ إلا كان حقا على الله أن يرضيه يوم القيامة . رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه والنسائي في الكبرى . وأهون من ذلك أن تشرب شربة من الماء فتحمد ربّك عليها أو تأكل أكلة فتحمد الله عليها فيرضى عنك ملك الملوك وديّان يوم الدّين قال رسول الله : إن الله ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة فيحمده عليها أو يشرب الشربة فيحمده عليها . رواه مسلم . ثم تأمل الخصال التي ذكرها الله عز وجل في صفات إسماعيل عليه الصلاة والسلام فأول صفة ذكرها أنه صادق الوعد ، يفي بوعده مع ربّه ومع الناس . وتأمل كيف قدّم هذه الصِّفة على إقامة الصلاة والزكاة والأمر بهما ؟ كما قدّم الله عز وجل في صفات المؤمنين الإعراض عن اللغو على إقامة الزكاة وعلى حفظ الفروج ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ ) الآيات . مما يدلّ على أهمية هذه المعاني الجميلة والأخلاق الفاضلة في شريعة الإسلام . فاطلب رضا من إذا رضي أثابك وأرضاك مواضيع ذات صلة |