|
#1 | |
عضوة |
النهي عن الصيام في النصف الثاني من شعبان
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله نبينا و حبيبنا محمد أما بعد: السؤال: هل يجوز الصيام بعد نصف شعبان ؟ لأنني سمعت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصيام بعد نصف شعبان ؟ الإجابة: الحمد لله روى أبو داود (3237) والترمذي (738) وابن ماجه (1651) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « إذا انتصف شعبان فلا تصوموا » . صححه الألباني في صحيح الترمذي (590) . فهذا الحديث يدل على النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ، أي ابتداء من اليوم السادس عشر. غير أنه قد ورد ما يدل على جواز الصيام . فمن ذلك : ما رواه البخاري (1914) ومسلم (1082) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا تقدموا رمضان بصوم يوم ولا يومين إلا رجل كان يصوم صوما فليصمه » فهذا يدل على أن الصيام بعد نصف شعبان جائز لمن كانت له عادة بالصيام ، كرجل اعتاد صوم يوم الاثنين والخميس ، أو كان يصوم يوما ويفطر يوما . . ونحو ذلك . وروى البخاري (1970) مسلم (1156) عن عائشة رضي الله عنها قالت : « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان كله ، يصوم شعبان إلا قليلا » . واللفظ لمسلم . قال النووي : قولها : « كان يصوم شعبان كله ، كان يصومه إلا قليلا » الثاني تفسير للأول ، وبيان أن قولها "كله" أي غالبه اهـ . فهذا الحديث يدل على جواز الصيام بعد نصف شعبان ، ولكن لمن وصله بما قبل النصف . وقد عمل الشافعية بهذه الأحاديث كلها ، فقالوا : لا يجوز أن يصوم بعد النصف من شعبان إلا لمن كان له عادة ، أو وصله بما قبل النصف . هذا هو الأصح عند أكثرهم أن النهي في الحديث للتحريم . وذهب بعضهم ءكالرويانيء إلى أن النهي للكراهة لا التحريم . انظر : المجموع (6/399ء400) . وفتح الباري (4/129) . قال النووي رحمه الله في رياض الصالحين (ص : 412) : ( باب النهي عن تقدم رمضان بصوم بعد نصف شعبان إلا لمن وصله بما قبله أو وافق عادة له بأن كان عادته صوم الاثنين والخميس ) اهـ . وذهب جمهور العلماء إلى تضعيف حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان ، وبناء عليه قالوا : لا يكره الصيام بعد نصف شعبان . قال الحافظ : وقال جمهور العلماء : يجوز الصوم تطوعا بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه، وقال أحمد وابن معين إنه منكر اهـ من فتح الباري . وممن ضعفه كذلك البيهقي والطحاوي . وذكر ابن قدامة في المغني أن الإمام أحمد قال عن هذا الحديث : ( ليس هو بمحفوظ . وسألنا عنه عبد الرحمن بن مهدي ، فلم يصححه ، ولم يحدثني به ، وكان يتوقاه . قال أحمد : والعلاء ثقة لا ينكر من حديثه إلا هذا) اهـ والعلاء هو العلاء بن عبد الرحمن يروي هذا الحديث عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه . وقد أجاب ابن القيم رحمه الله في "تهذيب السنن" على من ضعف الحديث ، فقال ما محصله : إن هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ، وإن تفرد العلاء بهذا الحديث لا يعد قادحا في الحديث لأن العلاء ثقة ، وقد أخرج له مسلم في صحيحه عدة أحاديث عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه . وكثير من السنن تفرد بها ثقات عن النبي صلى الله عليه وسلم ، وقبلتها الأمة وعملت بها . . ثم قال : وأما ظن معارضته بالأحاديث الدالة على صيام شعبان ، فلا معارضة بينهما ، وإن تلك الأحاديث تدل على صوم نصفه مع ما قبله ، وعلى الصوم المعتاد في النصف الثاني ، وحديث العلاء يدل على المنع من تعمد الصوم بعد النصف ، لا لعادة ، ولا مضافا إلى ما قبله اهـ وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن حديث النهي عن الصيام بعد نصف شعبان فقال : هو حديث صحيح كما قال الأخ العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني ، والمراد به النهي عن ابتداء الصوم بعد النصف ، أما من صام أكثر الشهر أو الشهر كله فقد أصاب السنة اهـ مجموع فتاوى الشيخ ابن باز (15/385) . وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين (3/394) : وحتى لو صح الحديث فالنهي فيه ليس للتحريم وإنما هو للكراهة فقط ، كما أخذ بذلك بعض أهل العلم رحمهم الله ، إلا من له عادة بصوم ، فإنه يصوم ولو بعد نصف شعبان اهـ وخلاصة الجواب : أنه ينهى عن الصيام في النصف الثاني من شعبان إما على سبيل الكراهة أو التحريم ، إلا لمن له عادة بالصيام ، أو وصل الصيام بما قبل النصف . والله تعالى أعلم . والحكمة من هذا النهي أن تتابع الصيام قد يضعف عن صيام رمضان . فإن قيل : وإذا صام من أول الشهر فهو أشد ضعفا ! فالجواب : أن من صام من أول شعبان يكون قد اعتاد على الصيام ، فتقل عليه مشقة الصيام . قال القاري : والنهي للتنزيه ، رحمة على الأمة أن يضعفوا عن حق القيام بصيام رمضان على وجه النشاط . وأما من صام شعبان كله فيتعود بالصوم ويزول عنه الكلفة اهـ والله أعلم . مواضيع ذات صلة |