رد: جلسات إيمانيه في رمضان
جلسات إيمانيه في رمضان
فالعلاقة بين الصيام والتقوى ظاهرة من وجوه:
أولاً: أن الصيام من أعظم الأعمال الباعثة على تهذيب النفوس وتزكيتها وتطهيرها وهذه حقيقة التقوى، فلما كان الصيام سبباً لها نص عليها، ولهذا قال (لعلكم) وتفيد لعل الإعداد والتهيئة، وإعداد الصيام نفوس الصائمين لتقوى الله يظهر من وجوه كثيرة أعظمها شأناً، وأنصعها برهاناً، وأظهرها أثراً، وأعلاها شرفاً، أن أمره موكول إلى نفس الصائم لا رقيب عليه فيه إلا الله -تعالى-، وفي هذه المراقبة من كمال الإيمان بالله والاستغراق في تعظيمه وتقديسه أكبر معد للنفوس، ومؤهل لها لضبط النفس ونزاهتها في الدنيا، ولسعادتها في الآخرة. [تفسير المنار2/146]
ثانياً: أن الصوم فيه وقاية من المحرمات والآثام؛ لأنه حبس للنفس عنها. فهو أعظم سبب للوقاية منها، فلذلك جعل التقوى غاية للصيام. يؤكد ذلك أن التقوى مشتقة من (التوقي) وأخذ الوقاية، وهذا الصوم أكبر حافز لتحصيلها، وخير أداة من أدواتها، وأحسن طريق موصل إليها، ويشهد لذلك قوله -صلى الله عليه وسلم-: (الصيام جنّة). [أخرجه البخاري 2/670 برقم 1795 ومسلم 2/806 برقم 1151]
ثالثاً: أن الصيام فيه وقاية للجسم من الأمراض والعلل والأدواء الناشئة عن الإفراط في تناول اللذات، وهو يدخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الصيام جنة). وهو بهذا المعنى أصل قديم، ومنه ترك البراهمة أكل لحوم الحيوان، الاقتصار على النبات أو الألبان، وكان حكماء اليونان يرتاضون على إقلال الطعام بالتدريج حتى يعتادوا تركه أياماً متوالية .[التحرير والتنوير2/159]
4- بصيرة: وجه التصريح بعلة الصيام وحكمته.
لما كانت فوائد الصيام فوائد حسية ومعنوية عظيمة لها شأن كبير في بناء المجتمع المسلم، نبه الله على خيرية الصيام وأفضليته .. فالصيام شرعه الله إيقاظاً للروح، وتصحيحاً للجسد، وتقوية للعزيمة، وتعويداً على الصبر، وإيقاداً لمشاعر الرحمة، وتدريباً على كمال التسليم لله والانقياد لأوامره، ورعاية أمانته فيما كلفنا به، ففيه كمال العبودية لله بغاية التسليم، وهذه الحكمة هي القدر المشترك في كل عبادة، والغاية السامية من كل فريضة، ولن يكون الإنسان عبداً لله إلا بتحقيقها، وفي الصوم يظهر ذلك أزود من غيره. [صفوة الآثار والمفاهيم (3/113)]
|