رد: مبشرات بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم
مبشرات بقدوم الرسول صلى الله عليه وسلم
بحيرا الراهب
قال بن إسحاق:
خرج أبو طالب فى ركب تاجرا إلى الشام ومعه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان حينذاك بن اثنتى عشرة عاما ، فلما نزل الركب بصرى من ارض الشام وبها راهب يقال له: بحيرا فى صومعه له ، وكان إليه علم اهل النصرانية ، ولم يزل فى تلك الصومعة منذ قط راهب فيها إليه يصيرعلمهم عن كتاب - فيما يزعمون- يتوارثونه كابرا عن كابر.
فلما نزلوا ذلك العام ببحيرا قريبا من صومعته صنع لهم طعاما كثيرا وذلك عن شىء رآه وهو فى صومعته ، وقالوا انه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الركب حتى أقبل وغمامه تظله من بين القوم ، ثم أقبلوا فنزلوا فى ظل شجرة قريبا منه فنظر إلى الغمامة حين أظلت الشجرة ، وتهصرت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها.
فلما رأى بحيرا ذلك نزل من صومعته وأمر بطعام فصنع ثم أرسل إليهم ليطعمهم.
قال أحدهم : والله يا بحيرا إن لك لشأنا اليوم ، ماكنت تصنع هذا بنا وقد كنا نمر بك كثيرا فما شانك اليوم؟
قال بحيرا : لا يتخلفن أحد منكم عن طعامى.
قالوا: يا بحيرا ما تخلف أحد إلا غلام وهو أحدثنا سنا فتخلف فى رحالنا.
قال: دعوه فليحضر هذا الطعام معكم.
فلما حضر ورآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته ، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم وتفرقوا قام إليه بحيرا وقال له : ياغلام أسألك بحق اللات والعزى الا أخبرتنى عما أسألك عنه – وإنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما – فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له: لا تسألنى باللات والعزى شيئا فوالله ما أبغضت شيئا قط بغضها.
فقال له بحيرا: فبالله ألا ما أخبرتنى عما أسألك عنه؟
فقال له : سلنى عما بدا لك.
فجعل يسأله عن أشياء من حاله ومن نومه ومن هيئته وأموره فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فوافق ذلك ما عند بحيرا من صفته ثم نظر إلى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه موضعه من صفته التى عنده.
فلما فرغ أقبل على عمه أبى طالب فقال: ما هذا الغلام منك ؟ قال إبنى.
قال بحيرا : ماهو بإبنك وما ينبغى لهذا الغلام ان يكون أبوه حيا.
قال : فإنه ابن اخى.
قال : فما فعل أبوه.؟ قال : مات وأمه حبلى به. قال: صدقت ارجع بإبن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود ، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت ليبغنه شرا فإنه كائن لإبن أخيك هذا شأن عظيم فأسرع به إلى بلاده.فخرج به عمه أبو طالب سريعا حتى أقدمه مكة
حين فرغ من تجارته بالشام
|