رد: اهواااال القبور.....*$ارجــو التثبيت$*
اهواااال القبور.....*$ارجــو التثبيت$*
البهائم سمعت ذلك وأدركته كما حادت برسول الله بغلته وكادت تلقيه لما مر بمن يعذب في قبره .
فعن زيد بن ثابت قال : بَيْنَمَا النّبِيّ صلى الله عليه وسلم فِي حَائِطٍ لِبَنِي النّجّارِ، عَلَىَ بَغْلَةٍ لَهُ، وَنَحْنُ مَعَهُ، إِذْ حَادَتْ بِهِ فَكَادَتْ تُلْقِيهِ. وَإِذَا أَقْبُرٌ سِتّةٌ أَوْ خَمْسَةٌ أَوْ أَرْبَعَةٌ فَقَالَ: "مَنْ يَعْرِفُ أَصْحَابَ هَذِهِ الأَقْبُرِ؟ " فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا . قَالَ: "فَمَتَىَ مَاتَ هَؤُلاَءِ؟ " قَالَ: مَاتُوا فِي الإِشْرَاكِ. فَقَالَ: " إِنّ هَذِهِ الأُمّةَ تُبْتَلَىَ فِي قُبُورِهَا. فَلَوْلاَ أَنْ لاَ تَدَافَنُوا ، لَدَعَوْتُ اللّهِ أَنْ يُسْمِعَكُمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ الّذِي أَسْمَعُ مِنْهُ ". ثُمّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا بِوَجْهِهِ، فَقَالَ : "تَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنْ عَذَابِ النّارِ" قَالُوا: نَعُوذُ بِاللّهِ مِنْ عَذَابِ النّارِ. فَقَالَ: "تَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ" قَالُوا: نَعُوذُ بِاللّهِ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ. قَالَ: "تَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنَ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ " . قَالُوا: نَعُوذُ بِاللّهِ مِنْ الْفِتَنِ، مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ . قَالَ: "تَعَوّذُوا بِاللّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدّجّالِ" قَالُوا: نَعُوذُ بِاللّهِ مِنْ فِتْنَةِ الدّجّالِ.
قال القرطبي ـ رحمه الله تعالى ـ :
وإنَّما حادت به البغلة لما سمعت من صوت المعذبين ، وإنَّما لم يسمعه من يعقل من الجن والإنس لقوله عليه الصلاة والسلام " لولا أن لا تدافنوا …الحديث " .
فكتمه الله سبحانه عنا حتى نتدافن بحكمته الإلهية ولطائفه الربانية ؛ لغلبة الخوف عند سماعه ، فلا نقدر على القرب من القبر للدفن ، أو يهلك الحي عند سماعه، إذ لا يطاق سماع شئٍ من عذاب الله في هذه الدار لضعف هذه القوى ، ألا ترى أنه إذا سمع الناس صعقة الرعد القاصف أو الزلازل الهائلة هلك كثير من الناس ، وأين صعقة الرعد من صيحة الذي تضربه الملائكة بمطارق الحديد التي يسمعها كل من يليه ؟ وقد قال في الجنازة : " لو سمعها الإنسان لصعق " .
قلت : هذا وهو على رؤوس الرجال من غير ضرب ولا هوان ، فكيف إذا حل به الخزي والنَّكال واشتد عليه العذاب والوبال؟
فنسأل الله معافاته ومغفرته وعفوه ورحمته ومنه.
التخويف من أهوال القبور
عن أبى هريرة أن رسول الله قال : إذا حضر المؤمن أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون : اخرجي راضية مرضية عنك إلى روح الله وريحان ورب غير غضبان ، فتخرج كأطيب ريح مسك حتى إنَّه ليناوله بعضُهم بعضاً حتى يأتوا به باب السماء ، فيقولون : ما أطيب هذه الريح الطيبة التي جاءتكم من الأرض فيأتون به أرواح المؤمنين ، فلهم أشدُّ فرحاً به من أحدكم بغائبه يقدم عليه فيسألونه ماذا فعل فلان ؟ ماذا فعل فلان ؟ فيقولون : دعوه فإنَّه كان في غم الدنيا فإذا قال : أما أتاكم قالوا : ذهب به إلى أمه الهاوية .
وإن الكافر إذا احتضر أتته ملائكة العذاب بمسح فيقولون : اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله عز وجل ، فتخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتوا به باب الأرض فيقولون : ما أنتن هذه الريح ، حتى يأتوا به أرواح الكفار.
قال عمر بن عبد العزيز لبعض جلسائه : يا فلان لقد بت الليلة أتفكر في القبر وساكنه ، إنك لو رأيت الميت ثلاثة في قبره لاستوحشت من قربه بعد طول الأنس منك به ، ولرأيت بيتاً تجول فيه الهوام ويجرى فيه الصديد ، وتخترقه الديدان مع تغير الريح وبلي الأكفان بعد حسن الهيئة وطيب الريح ونقاء الثوب .
وعنه أيضا أنه ـ رحمه الله ـ شيع جنازة فلما انصرفوا تأخر هو وأصحابه ناحية عن الجنازة ، فقال له بعض أصحابه : يا أمير المؤمنين جنازة أنت وليها تأخرت عنها وتركتها . فقال : نعم ناداني القبر من خلفي : يا عمر بن عبد العزيز ألا تسألني ما صنعت بالأحبة قلت : بلى . قال : أحرقت الأكفان، ومزقت الأبدان ، ومصصت الدم ، وأكلت اللحم .
قال :ألا تسألني ما صنعت بالأوصال . قلتُ : بلى !
قال : نزعت الكتفين من الذراعين ، والذراعين من العضدين ، والعضدين من الكتفين ، والوركين من الفخذين ، والفخذين من الركبتين ، والركبتين من الساقين ، والساقين من القدمين ، ثم بكى. ثم قال :
ألا إنَّ الدنيا بقاؤها قليل ، وعزيزها ذليل ، وغنيها فقير ، وشابها يهرم ، وحيها يموت ، فلا يغرنكم إقبالها مع معرفتكم بسرعة إدبارها ، فالمغرور من اغترَّ بها .
أين سكانها الذين بنوا مدائنها ، وشقوا أنهارها ، وغرسوا أشجارها ، وأقاموا فيها أياماً يسيرة ، غرتهم بصحتهم فاغتروا بنشاطهم ، فركبوا المعاصي ، وإنهم كانوا ـ والله ـ في الدنيا مغبوطين بالمال على كثرة المنع عليه محسودين على جمعه .
ماذا صنع التراب بأبدانهم والرمل بأجسادهم ، والديدان بعظامهم وأوصالهم، كانوا في الدنيا على أسرة ممهدة ، وفرش منضودة بين خدم يخدمون، وأهل يكرمون ، وخيران يغصون ، فإذا مررت فنادهم إن كنت منادياً ، وسر بعسكرهم ، وانظر إلى تقارب منازلهم ، واسأل غنيهم ما بقى من غناه ، واسأل فقيرهم ما بقى من فقره ، واسألهم عن الألسن التي كانوا بها يتكلمون ، وعن الأعين التي كانوا بها ينظرون ، واسألهم عن الجلود الرقيقة والوجوه الحسنة والأجساد الناعمة ما صنع بها الديدان تحت الألوان وأطلت اللحمان ، وعفَّرت الوجوه ، ومحت المحاسن ، وكسرت الفِقَار ، وأبانت الأحشاء ، ومزقت الأشلاء ، وأين حجابهم ، وبوابهم ؟؟ أين خدمهم وعبيدهم ؟؟ وجمعهم ومكنونهم ؟؟ والله ما فرشوا فراشاً ، ولا وضعوا هنالك متكئاً ، ولا غرسوا لهم شجراً ، ولا أنزلوهم من اللحد قراراً.
أليسوا في منازل الخلوات والبلوات ؟ أليس الليل والنهار عليهم سواء ؟ أليس هم في مدلهمة ظلماء ؟ وقد حيل بينهم وبين العمل ، وفارقوا الأحبة.
فكم من ناعم وناعمة أصبحت وجوههم بالية ، وأجسادهم عن أعناقهم نائية ، وأوصالهم متمزقة ، وقد سالت الحدقات على الوجنات وامتلأت الأفواه دماً وصديداً ، ودبت دواب الأرض في أجسادهم ، ففرقت أعضاءهم ثم لم يلبثوا والله إلا يسيرا ، حتى عادت العظام دميماً.
قد فارقوا الحدائق ، وصاروا بعد السعة إلى المضايق ، وقد تزوجت نساؤهم ، وترددت في الطرق أبناؤهم ، وتوزعت الورثة ديارهم وتراثهم .
فمنهم : ـ والله ـ الموسع له في قبره الغض الناضر فيه المتنعم بلذته ، ومنهم : المعذب في قبره المضيق عليه فيه ، النادم على ما فرط .
يا ساكن القبر غداً
ما الذي غرك من الدنيا ؟ هل تعلم أنك تبقى أو تبقى لك ؟ أين دارك الفيحاء ونهرك المطرد ؟ وأين ثمرتك الحاضر ينعها ؟ وأين رقاق ثيابك ؟ وأين طيبك وأين بخورك ؟ وأين كسوتك لصيفك وشتائك ؟
أما رأيته قد نزل به الأمر فما يدفع عن نفسه دخلاً وهو يرشح عرقاً ، ويتلظى عطشاً ، يتقلب في سكرات الموت وغمراته ، جاء الأمر من السماء ، وجاء غالب القدر والقضاء ، جاء من الأمر الأجل ما يمتنع من هيهات.
يا مغمض الوالد والأخ والولد وغاسله ... يا مكفن الميت وحامله… يا مخليه في القبر وراجعاً عنه … ليت شعري كيف كنت على خشونة الثرى … ليت شعري بأي خديك يبدأ البلى … وأي عينيك سالت أولاً … يا مجاور الهلكات صرت في محل الموتى… ليت شعري ما الذي يلقاني به ملك الموت عند خروجي من الدنيا وما يأتيني من رسالة ربى !
ثم انصرف فما بقى بعد ذلك إلا جمعة ثم مات ـ رحمه الله ـ .
يتبع
|