الغريب
غريبٍ في ظلمةِ الليـل يشكـو
ما دهاهُ مـن وحـدةٍ واغتـرابِ
لاحَ للعيـنِ مشرقـاً و منـيـراً
وهْوَ يشكو من صخرِهِ و الهضابِ
تَحسَبُ الأرضُ أنـهُ فـي عُـلاهُ
قد نأى عـن مخالـبٍ و ذئـابِ
و عيـونٍ ترنـو بنظـرةِ حقـدٍ
و أيـادٍ تُلقـي سهـامَ عـتـابِ
قلتُ يا بدرُ .. و المناجاةُ تحلو ..
و دموعي تكاد تفضح مـا بـي:
لم تـزل مُلهـمَ الأديـبِ فنونـاً
و معينَ الساري و حارس بابـي
لم تبُحْ يوماً مُـذ خُلِقْـتَ بِسِـرٍّ
قلتُـهُ فـي ملالتـي و اكتئابـي
ترمقُ الأرض شامخاً ، لا تُبالـي
عاشَ هذا ، أو راحَ ذا في الترابِ
تختفي أحياناً ، و تطلـعُ أخـرى
سائلاً عن أحوالنا فـي الغيـابِ
فترانا من حزننـا فـي وجـومٍ
قد غرقنا في حَيرةٍ و اضطـرابِ
نحنُ أهلُ الأرضِ المساكينُ عشنا
في صراعٍ ، كأنَّنـا أهـلُ غـابِ
ينهشُ القادرُ الضعيـفَ جهـاراً
ويُريقُ الدِّمـا بكـأسِ الشـرابِ
أيها البـدرُ أنـت أحسـنُ حـالاً
من بني الأرض رغم كلِّ الصِّعابِ
فاحمـدِ اللهَ أن خُلِقْـتَ أنيـقـاً
و فتيّـاً فـي عُنفـوانِ الشبـابِ
مُشرقاً في السما ، و لم تكُ إنساً
ذا نُيـوبٍ قـواطـعٍ و حِــرابِ
**
**
نظر البدرُ مُشفقـاً ، و تـوارى
صامتاً في العلياءِ خَلفَ سحـابِ
غابَ ، والقلبُ لم يـزل يتلظـى
من شقاءٍ في غربتـي و عـذابِ
|