رب العباد حباك أعظم نعمةدينا يعزُّ بعزَّه الأخيار
حُفظت بك الأخلاق بعد ضياعهاوتسامقت في روضها الأشجار
وبُعثت للثقلين بعثة سيدٍصدقتْ به وبدينه الأخبار
أصغت اليك الجن وانبهرت بماتلو، وعَمَّ قلوبها استبشار
يا خير من وطيءَ الثرى وتشرفتبمسيره الكثبان والأحجار
يا من تتوق إلى محاسن وجههشمسٌ ويفْرَحُ أن يراه نهار
بأبي وأمي أنتَ ، حين تشرَّفتبك هجرة وتشرَّفَ الأنصار
هي للعلوم قديمها وحديثهاولمنهج الدين الحنيف منار
لله درك مرشدا ومعلماشَرُفَتْ به وبعلمه الآثار
ربَّيْتَ فيها من رجالك ثُلَّةًبالحقِّ طافوا في البلاد وداروا
قوم إذا دعت المطامع أغلقوا فمها ، وإن دعت المكارم طاروا
إن واجهوا ظلماً رموه بعدلهموإِذا رأوا ليل الضلال أناروا
قد كنت قرآناً يسير أمامهموبك اقتدوا فأضاءت الأفكار
عمروا القلوب كما عَمَرْت، فما مضوإلا وأفئدة العباد عَمَار
لو قيل : مَنْ خيرُ العبادِ ، لردَّدتْأصواتُ مَنْ سمعوا : هو المختارُ
لِمَ لا تكون ؟ وأنتَ أفضلُ مرسلٍوأعزُّ من رسموا الطريق وساروا
ما أنت إلا الشمس يملأ نورُهاآفاقَنا ، مهما أُثيرَ iiغبار
ما أنت إلا أحمد المحمود فيكل الأمور ، بذاك يشهد غار
والكعبة الغرَّاءُ تشهد مثلماشهد المقامُ وركنها والدَّار
يا خير من صلى وصام وخير منقاد الحجيج وخير من يَشْتَارُ
سقطت مكانة شاتم ، وجزاؤهإن لم يتب مما جناه النار
لكأني بخطاه تأكل بعضهاوهناً ، وقد ثَقُلَتْ بها الأوزار
ما نال منك منافق أو كافربل منه نالت ذلة وصَغَار
حلّقت في الأفق البعيد ، فلا يدٌوصلت إليك ، ولا فمٌ مهذار
وسكنت فى الفردوس سُكْنَى من بهوبدينه يتكفَّل القهَّار
أعلاك ربك همة ومكانةفلك السمو ولحسود بوار
إنا ليؤلمنا تطاول كافرملأت مشارب نفسه الأقذار
ويزيدنا ألماً تخاذل أمةٍيشكو اندحار غثائها المليار
وقفت على باب الخضوع ، أمامهاوهن القلوب، وخلفها الكفار
يا ليتها صانت محارم دارهامن قبل أن يتحرك الاعصار
يا خير من وطيء الثرى، في عصرناجيش الرذيلة والهوى جرَّار
في عصرنا احتدم المحيط ولم يزلمتخبِّطاً في موجه البحَّار
جمحتْ عقول الناسِ، طاشَ بها الهوىومن الهوى تتسرَّب الأخطار
أنت البشير لهم، وأنت نذيرهمنعم البشارةُ منك والإنذار
لكنهم بهوى النفوس تشربوافأصابهم غَبَشُ الظنونِ وحاروا
صبغوا الحضارةَ بالرذيلةِ فالْتقىبالذئبِ فيها الثَّعْلبُ المَكَّارُ
ما (دانمركُ) القوم، ما (نرويجهم)؟يُصغي الرُّعاةُ وتفهم الأبقار
ما بالهم سكتوا على سفهائهمحتى تمادى الشرُّ والأشرار
عجباً لهذا الحقد يجري مثلمايجري (صديدٌ) فى القلوب ، و(قََارُ)
يا عصرَ إلحاد العقولِ، لقد جرىبك في طريق الموبقاتِ قطار
قََرُبَت خُطاك من النهاية، فانتبهْفلربَّما تتحطَّم الأسوار
إني أقول ، ولدموع حكايةٌعن مثلها تتحدَّث الأمطار:
إنَّا لنعلم أنَّ قَدْرَ نبيِّناأسمى ، وأنَّ الشانئينَ صِغَارُ
لكنه ألم المحب يزيدهشرفاً، وفيه لمن يُحب فخار
يُشقي غُفاةَ القومِ موتُ قلوبهمويذوق طعمَ الرَّاحَةِ الأغْيارُ