هذا لطف منه سبحانه لأنه اللطيف، ..اقرا هدا الكلام
هذا لطف منه سبحانه لأنه اللطيف، ..اقرا هدا الكلام
:sdgsdgh:
كل يوم يوصل إليك رزقك من مأكل أو مشرب وملبس ومسكن وصحة دون أن يذكرك بنفسه قائلا لك، أنا الذي فعلت ذلك، هذا لطف منه سبحانه لأنه اللطيف، واللطيف أيضا هو العالم بدقائق الأمور وخفاياها، فهو يعلم الأسرار للطفه وخفائه عن الأعين، وهو أيضا يعلم غوامض وبواطن وخلفيات الأشياء وحقائقها ومكوناتها، هذا من معاني اللطيف، فهو عالم بالبواطن لأنه يعلم السر وأخفى، ومع ذلك هو لطيف بعباده محسن إليهم، ومهيئ لمصالحهم من حيث لا يحتسبون.
فاليوم حر شديد مثلا، فربنا عز وجل يهيّء لأهل هذه البلدة إنضاج فاكهتهم، وهم لا يعرفون، وبعد شهر ترى هذه الفاكهة معروضة في الأسواق بوضع جيد وجميل وطعم طيب ولذيذ، فمن أنضج هذه الفاكهة طَوَال هذه المدة ؟ الله عز وجل، إنه لطيف بعباده، فساعة حر، وساعة برد، وساعة ماء غزير، وساعة ماء قليل، وأنت لا تدري فاللطيف بعباده هو البَرُّ بهم والذي يلطف بهم من حيث لا يعلمون، ويهيّء مصالحهم من حيث لا يحتسبون، ومن قول الله عز وجل : " اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ العَزِيزُ " (الشورى: 19)
واللطيف سبحانه لما كان عالما ببواطن الأمور ودقائق الأشياء، وحقائق الكائنات، رتب لها ترتيبا عجيبا بنقلها من حال إلى حال، يتناسب معها في أطوارها ونموها:
الطفل الصغير يجب أن يُغيّر أسنانه، لأنه لو نبتت له أسنان نهائية ثابتة وفمه صغير جداً، فمنظره بشع، فأسنانه كبيرة والفم صغير، ولو نبتت له الأسنان وهو يلتقم ثدي أمه فيمكن أن يؤذيها أذى مؤلماً لا تحتمله، فهذا الطفل يكون في السنة الأولى بدون أسنان ثم أسنان لبنية، ومن بعد، ربنا عز وجل يُبدّل لهذا الطفل أسنانه، فالله لطيف، ولا يوجد طبيب في الأرض يستطيع أن ينزع سناً لطفل من دون أن يبكي، حتى أن حقنة المخدر مؤلمة جداً، فيبكي منها و لكن ربنا عز وجل يذيب هذا السن شيئاً فشيئاً ثم يأكله الطفل مع اللقمة ولا يشعر بشيء، فمعنى لطيف كما قال الإمام الغزالي : " هو من يعلم حقائق المصالح وغوامضها ثم يسلك في إيصالها إلى مستحقها سبيل الرفق دون العنف".
وأحياناً قد يُكرِهُك الله على شيء ما، ليس فجأةً بل بالتدريج خلال خمس سنوات مثلاً، وتأتيك منه بعض المتاعب، أزاح منك بالمائة خمساً من محبته وبعد أسبوعين تأتي متاعب جديدة فيزاح بالمائة عشر، و بعد أسبوعين متاعب جديدة بالمائة خمس عشرة وبعد شهرين أو ثلاثة تقول زهقت روحي ولم أعد أطيق ذلك، فهناك شيء غير صحيح قد تعلقت به، فربنا عز وجل نزعه منك شيئاً فشيئاً بلطف.
على هذا النحو تم تحريم الخمرة إذ كان العرب متعلقين بها تعلقاً شديداً، فلو أمرهم أن يتركوا الخمرة بآية واحدة فربما ارتدَّ بعضهم، أو نصفهم عن الإسلام، لكن الله لطيف، قال: "وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا ۗ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ" (النحل: 67)
فقط .. ألطف إشارة إلى أن الخمر هي رزق ولكنه ليس حسناً، فقال: تتخذون منه سَكَراً، مادة مُسكِرة، ورِزقاً حسناً: تظنون أنه حسن وهو مسكر فليس بحَسَن، هذه أول إشارة. وبعد ذلك قال: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَىٰ حَتَّىٰ تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّىٰ تَغْتَسِلُوا ۚ ..."(النساء: 43)
يعني إن شربْتَ فلا عليك ولكن دعه عند الصلاة، وبعد ذلك قال: "يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ ۖ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا ۗ وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ (البقرة: 219)"
المنافع للذين يتاجرون بها ويعيشون على دخلها، ثم يقول الله عز وجل: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" (المائدة: 90)
مثلاً: إن الوالد إذا ارتكب ابنه مخالفة للشرع أو للأخلاق، فيمكن أن يعاقبه بعنفٍ وقسوة، ولكن الأجدى أن يتابعه ويراقبه ويشجعه ويكافئه ويعاقبه ويعرض عنه ويراوح في كل ذلك، وبعد شهرين أو ثلاثة يستقيم طواعية وقناعة، فأنت نقلته من حال التلّبُس بهذه المخالفة إلى حال التوبة منها بطريقة لطيفة من دون أن تُحطِمُهُ، أو تجرحه، أو تَسحَقَهُ، أو ترضَّه رضاً ودون ألم وعنف، والمربي المؤمن لطيف، ينقل من يعالجه ويربيه من درجة إلى درجة بالرفق واللطف.
دخل رجل إلى المسجد فأحدث جلبة وضجيجاً وَشَوّشَ على المصلين يريد أن يلحق مع الرسول ركعة، فلما انتهى قال عليه الصلاة والسلام لهذا الذي أحدث جلبة وضجيجاً، زادك الله حِرصاً ولا تعد ! لقد ترفق به، ولذلك فإن الله رفيق يحب كل رفيق.
وإن الله يعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف، وعلموا ولا تعنفوا فإن المعلم خير من المعنف
|