 |
  |
|
|
|
|
#1 |
|
عضوة شرفية |
هل الحق يعرف بالقلة؟!
هناك معاير مختلفة لمعرفة الحق لدى كثير من الناس,لعلنا في مقال لاحق سنحاول عرض الكثير منها بشيء من التفصيل,لكني في هذا المقام أريد على عجالة من أمري أن أسلط الضوء على واحد من هذه المعاير التي يلجأ لها بعض الناس سيما إذا ما ضيق عليهم ,لتقرير رأي أو موقف ما.
في الحين الذي يلجأ البعض الآخر إلى نقيضه ,يلجأ هؤلاء عند تبنيهم لأقوال شاذة أعرض عنها حمله الشريعة جيلا بعد جيل وعفا عليها الزمان حتى أصبحت نسيا منسيا,وأثرا بعد عين,وصارت مجرد تراث يتناقله الأجيال,ليكون مثالا من الأمثلة الكثيرة,الدالة على التنوع الفكري الذي كان يعيشه أسلافنا. وإذا ما كان لابد من فائدة عملية نستفيدها من ذلك,فإنما هي النظر في هديهم عند اختلاف وجهات النظر ليس غير. يتمسك هؤلاء الى رد دعوى الشذوذ,بأن الله تعالى ذم الكثرة ومدح القلة في مثل قوله تعالى{وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله} وقوله تعالى {وقليل من عبادي الشكور} ولست أعجب أن يصدر هذا من أنصاف المتعلمين المتعالمين وما أكثرهم ولكن العجب عندما يصدر هذا ممن يتصدر للإفتاء والإفادة ,ويحشر هو نفسه في زمرة العلماء المتحررين,ولو كلف نفسه إلقاء نظرة سريعة في شيء من كتب التفسير لعرف أنه أبعد المذهب وانه كما قيل قديما: نزلوا بمكة في قبائل هاشم........ونزلت بالبيداء أبعد منزلِ يقول شيخ المفسرين محمد ين جرير الطبري رحمه الله : يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تطع هؤلاء العادلين بالله الأنداد، يا محمد، فيما دعوك إليه من أكل ما ذبحوا لآلهتهم، وأهلوا به لغير ربهم، وأشكالهم من أهل الزيغ والضلال، فإنك إن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن دين الله، ومحجة الحق والصواب، فيصدوك عن ذلك . وإنما قال الله لنبيه:(وإن تطع أكثر من في الأرض)، من بني آدم، لأنهم كانوا حينئذ كفارا ضلالا فقال له جل ثناؤه: لا تطعهم فيما دعوك إليه، فإنك إن تطعهم ضلت ضلالهم، وكنت مثلهم، لأنهم لا يدعونك إلى الهدى وقد أخطأوه. وفي تفسير البغوي : { وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله } عن دين الله، وذلك أن أكثر أهل الأرض كانوا على الضلالة.أه ولا أطيل بذكر أقوال المفسرين فهم متفقون على هذا المعنى,فلآيات تحكي واقعا كان يعيشه المسلمون يوم نزولها,فهم في مقابل المشركين والكافرين برسالتهم قليل جدا,ولهذا يقول القرطبي رحمه الله :{وإن تطع أكثر من في الأرض}أي : الكفار.أه وفي الحقيقة أن الآيات إنما هي أمر بلزوم الإسلام والثبات عليه ,وعدم الضعف والرضوخ الى الضغوط التي كان يمارسها المشركون وهم أكثر أهل الأرض حينها على المسلمين لترك دينهم. ولا زلنا حتى اليوم نعيش قلة بالنسبة لغير المسلمين ,إذ أن عدد المسلمين لا يكاد يتجاوز المليار و نصف المليار,في حين يعيش على وجه الأرض اليوم ما يقارب سبعة مليارات نسمة,وما أشد الحرب على الإسلام وما أعظم الجهود التي يبذلها أعداؤه لإماته بعد أن يوجد وأده قبل أن يولد,بعد أن أقلق مضاجعهم السرعة المذهلة التي لانتشاره مع ضعف الجهود المبذول من أهله,فالآية تحذرنا من الضعف في مواجهة هؤلاء,وعدم الطاعة لهم في ترك أداء رسالتنا الخالدة,لأن تركها هو الكفر بالله العظيم وليس ثمت وقوع في الضلال أكبر من هذا. وأين هذا مما ذهب إليه هؤلاء في هذا الاستدلال العجيب و الغريب على تراثنا. وقد بذل علماؤنا جهودا مضنية لبيان طرق الاستدلال,والأساليب التي يعين على فهم النص فهما منضبطا,وتنوعت في ذلك تصانيفهم, ما بين منثور ومنظوم ومختصر ومبسوط,وضعوا لذلك فنا خاصا,حسما لمادة هذه الفوضى التي نعيشها اليوم في الاستدلال. ولكن للأسف الشديد تجاهل كثير من هؤلاء هذا العناء الكبير وتلك الأفكار التي كانت نتاج قرون طويلة. ولم يقل أحد من علماء المسلمين في يوم ما أن القلة من علامات أو أدلة كون القول صحيحا,أو إذا أردت أن تعرف الحق فانظر الى قلة أهله. كلا.. بل الأمر على عكس ذلك تماما,فالنظر الى الكثرة واعتبارها,هي الطريقة السائدة عند العلماء,وقد أفاض علماء الأصول في هذا في أبواب الترجيح,ومثلهم علماء الحديث والجرح والتعديل ينظرون الى الكثرة عند التعارض في الرواية,وحتى عند تعارض أئمة الجرح والتعديل في حال الراوي. إن العلماء في كل زمان يسلكون هذا المسلك لبيان أحقية ما قالوه,ومصنفات أهل السنة تزخر بذلك في الرد على من خالفهم,وإذا قرأت كتاب أصول أهل السنة والجماعة,أو السنة للخلا والإبانة والإيمان لابن مندة, والعقيدة الحموية لابن تيمية,واجتماع الجيوش الإسلامية لابن القيم الجوزية, وغيرها لرأيت كيف يحشدون كلام المتقدمين والمتأخرين,وان الكثرة من علامات معرفة الحق,وأن الحق يندر أن يغيب عن السواد الأعظم وجماهير علماء المسلمين ليظفر به قليلون. وإذا نظرت في هذه المقالة كقضية عقلية كان فسادها ظاهرا جدا,فإن العقل يدرك أن اتفاق الأكثرين على قول ما يكون أبعد عن الخطأ من قول الأكثرين,هذا شيء بديهي, هل عشرة اتفاق عشرة عقول في قضية معينة كاتفاق ألف عقل؟! فإذا كثرت الأدوات والأسباب لتحقيق شيء كان ذلك أعون على تحقيق النتيجة,فما لنا نعكس القضية؟! هل يمكن أن يصمد جيش من مئة ألف أمام مئات الآلاف من الجيوش الجرارة؟! لعلك تسارع وتقول نعم ممكن,وأنا أيضا أقول هذا,لكن هل توقع حصول النصر لهذا الجيش الصغير مثل توقعه لذلك الغطمطم الذي يأكل الأخضر واليابس؟! أقطع بأن الجواب:لا. وإذا نظرت في قوله تعالى {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة} لرأيت أن فيها إشارة الى هذا المعنى الذي ذكرته,فإن غلبت القليل للكثير خلاف العادة,لكن هذه العادة تتغير بالإيمان وبإذن الواحد الديان. إن في ذاكرتي كثير من الأمثلة والنصوص والفروع الفقهية,التي تؤكد ما قلت,لكني آثرت أن أقف هنا,كي أتيح لإخواني المشاركة وإثراء هذا الموضوع,آملا أن نستفيد جميعا من تعدد وجهات النظر وكثرتها. |
|
|
#2 |
|
|
رد: هل الحق يعرف بالقلة؟!
مشكوره ياعسل
|
|
|
#3 |
|
|
رد: هل الحق يعرف بالقلة؟!
شكرلكم
|
|
|
#4 |
|
|
رد: هل الحق يعرف بالقلة؟!
جزاك الله خيراً أختي
وجعل الله ما قدمتي في ميزان حسناتك |
|
|
#5 |
|
|
رد: هل الحق يعرف بالقلة؟!
شكرلكم
|
