قصص و رواياتسأَعيشُ ولَو باَحلامي
يوجد هنا سأَعيشُ ولَو باَحلامي روايات Novels و تحميل روايات و قصص روايات حب سعودية روايات احلام و عبير رومانسية عربية روايات عالمية كاملة للتحميل روايات رومانسيه احلام و عبير و قصص مضحكه قصص حزينه قصص رومانسيه حكايات عربية و قصص الانبياء افضل قصص مفيدة قصص سعودية خليجية
بَدأت أماراتُ التَوترِ تَظهرُ على الجَدّة فأَسرَعت لتُخفي الأمرَ وتقول : هيا حبيبتي , الحافلةُ
عندَ البابِ بانتِظارك
نَهضت أحلام لِتَرتديَ عباءتها , وَودعت جدتها , لتَخرجَ من البابِ بخُطواتٍ متَثاقلة , وبعَينينِ
تَرقُبُ عودةَ " ماما " .
***
دَخَلت أَحلام إلى المَدرسة .
تَلفت حَولها لِتحاكيَ نفسها : ها أنا ذا أَكبرُ يوماً بعدَ يوم ولم ترني ماما منذُ مُدةٍ طويلة .
عَادَ إليها شَريطُ الذكرياتِ الذي عايشته معَ والدتها , حِينما كانت تَركُض هنا وهناك , وتأتي
مُسرعةً لتلقي بِجَسدها الصَغير في أحضانها .
ويَومَ أَن كانت مُتعبة , فَتسهَرُ أمّها اللّيالي من أَجلِ راحَتها .
أحلام .. أحلام ..
قَطعَ على تَفكيرها يَد صديقتها وهي تَربتُ على كَتفها .
أَدارت أَحلام برأسها وقالت : سارة !
أهلا وَسهلا .
- صَباحُ الخير يا أَحلام , ما بالك ..!
يَبدو بأنك لم تَسمعي ندائي , نَاديتُكِ مرارا دُونَ أن أجَدَ ردةَ فعلٍ منك .
مآ بالُكِ عَزيزَتي ؟
- آآآآه آسفة (قالتها وهي تَضعُ يدها على فَمها ) ثم أخذت نَفساً عميقا , لِتعاودَ
الحديث : كُنتُ أفَكرُ بأمي , اشتَقتُ لها كَثيراً , لا أدري إلى مَتى سَيطولُ غيابها عَنا .
- لا تَقلقي سَتعودُ قريباً بإذنِ الله , لكن ...
ما سَبُ غيابِ أمكِ طَوالَ هذهِ الفترة .
قَطعَ تَساؤلها صَوتُ الجَرس , يُعلنُ عن بدئ الحصّةِ الأولى .
أَسرعتا في الدُخولِ إلى الفَصل , فالدَرسُ سيبدأُ بعدَ قليل .
كانَت أحلام تَغوصُ في أحلامها , وَسارة تُوقظها بَينَ الفينةِ والأخرى , لِتعاودَ الانتباهَ للدرس .
انتَهتِ الحصّة وتَوالت بَعدها الحِص , إلى أَن حانَ موعد الراحة .
***
جَلست أحلام وسارة على أَحدِ المقاعدِ في فِناء المدرسةِ الواسع .
وّأخذتا تَتَحدثان مع بعضهما البَعض إلى أن قالت سارة :
أحلام !
لَم تُغبريني عَن سَبِ غيابِ أُمك , فجَرسُ الحِصةِ لم يترك لنا وَقتاً للحديث !
تَنهدتْ أحلام بشدة , وأغمضت عينيها , وتَنفست بِعمقٍ شَديد وَقالت :
الحِكايةُ طويلةٌ يا سارة .
بدأت عندما كنتُ في العاشرةِ من عُمري بَعدَ وفاتِ أبي بسنةٍ واحدة .
في أَحدِ أيام الخَريف , طَرقَ رجل بابَ بيتنا طالباً يدَ أمي , قائلاً لنا بأنهُ سيوفّي لنا شيئاً من
كَرمِ أبي عَليه , بأَن يرعانا وَيوفرَ لنا السّعادة ويُحققَ مَطالبنا .
وافَقت أمي لِطلبه بَعدَ أن انخَدعنا جَميعا بكَلامه .
كانتِ السنةَ الأولى لنا معهُ كالجنّة , يُغدقُ علينا ممّا أعطاهُ الله من الخَيراتِ والنعم .
لكن ....
صمت أحلام هُنيهَةً من الزمن , لتستأنفَ الحديث :
لكن شيئاً فشيئاً بداَ يتغَيرُ علينا , حتى أَخذ أمي بَعيداً عنا ومَنعها من رُؤيتنا .
رَغمَ انهُ لا يزالُ ينفقُ على أمي ويُغدقُ عَلينَا من نَعيمه .
لكن ما فائدة ذلك , بَعد أَن حرمَها من رؤية فلذتِ كبدها .
وحَرمنا نَحنُ من حنانها .
أَتعلمين يا سارة !
أربع سنينَ مضت دُونَ أن أرى فيها وَجهَ أمي .
وها أنا ذا قاربتُ أن أدخل ربيعي السادس عشر دونَ أن أَراها .
حتى محادثتها لنا بالهاتف لا تَكونُ إلا بينَ فتراتٍ متباعدة .
حاولت أمي الطلاقَ منه مِراراً لكن دونَ جدوى
لكني اليَوم رأيتُ شيئاً غريباً في وَجهِ جدتي , وكأنها تُخفي عني شيئاً .
ماذا تَتَوقعينَ أن يَكون يا سَارة !
بظنك هل َتعودُ ماما إلينا ؟!
***
أَغلقت أُمُ أمل صَفحات الكتاب , بعدَ أن انتهَت من سَردِ الحكايةِ على ابنَتها .
أَلقَت أمل بجَسدها في حضنِ أمها , ورَفعت بَصرها إلى السّماء تُتمتمُ بِدعواتٍ ترجُو فيها من
الإلهِ أن يَحفظَ لها والدتها , وتَحمدهُ على نِعمهِ التي لا تُحصى .
إذ أنها تَستَطيعُ ضمها وَتقبيلها وأَخذ دفء الحَنانِ منها .
صَحيحٌ أنّ أمل لم تَرَ وجهَ أمها , لكنّ عيشها في هذا النَعيم يُهونُ عليها ذلكَ الفقد .
فَرغمَ العمى , سَيبقى للحَياةِ طعمها الخاص .
فلا شَيءَ مستَحيل .
يُمكنها أن تَحلم , تَتَخَيل , أن تَرى ضِياءَ الحقِ , وَتسمعَ صوتَ تَغاريدِ العصافِير في كُلّ صباح .
أن تَعملَ وتصنعَ ما تَشاء !
فلن يَكونَ العمى عائقاً لها عنِ المَسير .
سَتنطَلق في هَذهِ الأرض , ولن تدعَ لليأسِ طَريقاً لهُ إلى قلبها .
سَتثبتُ للعالم , أنها لا تَختلفُ عنهم بِشيء .
فَبرغمَ العمى , تستَطيعُ العيشَ ولو بأحلامها .