رد: الحسد بين عذاب النفس و عقاب الجبار
الحسد بين عذاب النفس و عقاب الجبار
الحسد يحطم أواصر الأخوة والرحمة
هؤلاء أخوة يوسف
عليه السلام
حطموا أنفسهم و أخيهم وأبيهم حسدا ليوسف الذى أستأثر بحب أبيهم
**************
إن حب الأبناء لا يتجزأ ولا يختلف فى نفوس الآباء، إلا أن بعض الأبناء ببرهم لآبائهم قد يأسرون قلوب الآباء أكثر من العاقين منهم ، ولكن بالرغم من العقوق فقلوب الآباء لا تكره ، ولا يتسنى لها أن تقسوا فتلك فطرة الله التى فطر الله الخلق عليها ــ إلا الشواذ ــ لتستمر الحياة على الأرض .
ولكن الأبناء لا يدركون ذلك ولا يحيطون بالمعنى إلا بعد أن يصبحوا آباء ، وهذا يوسف ابن الحبيبة راحيل ، جميل الخلقة والخلق ، قد أسر قلب أبيه يعقوب فأحبه ...
وتبدأ قصته مع والده وأخوته حين خرج يعقوب فارا من عقاب أخيه العيص وتوعده له بالقتل حين طلب أبوه إسحاق أن يصنع له طعاما ليدعوله ، وكان شيخا يتعد سن التسعون من عمره وضعف بصره ، فذهب العيص إلى الصيد وصناعة الطعام لأبيه ، فأرادت الأم رفقا أن ينال إبنها الأصغر يعقوب نصيبا من دعاء أبيه فنصحته بأن يصنع طعاما لأبيه ويقدمه له على أنه أخيه .
وحدث مالم تحمد عقباه من كشف المستور ، فثارت ثورة العيص وأقسم على قتل أخيه بعد موت أبيه ، وتخشى الأم على ولدها الأصغر الذى أنجبته بعد عقر ، فنصحت إبنها بالهروب عند خاله لابان فى حران ، والزواج من إحدى إبنتيه لحين هدأة ثورة أخيه .
ويذهب يعقوب من الشام إلى حران جنوبا مارا بأرض فضاء ليسدل عليه الليل أستاره ويرى رؤيته بأن الملائكة تصعد وتهبط على سلالم نصبت بين السماء والأرض ، ويقول له الرب
" إنى سأبارك عليك وأكثر ذريتك وأجعل هذه الأرض لك ولمن بعدك "
ويستيقظ يعقوب من نومه فرحا ، ويعقد العزم بأن يعود إلى هذه الأرض بمشيئة الله ليبنى معبدا بها لعبادة الرب . ثم يستكمل مسيرته إلى حران فيرى إبنة خاله _ راحيل الجميلة _فتؤسر قلبه ويطلب من خاله الزواج بها .
ويخدعه الخال بعد استئجاره سبعة سنوات بأن يزوجه الأخت الكبرى ـ ليا ـ قبيحة المنظر ، ولا يكتشف ذلك إلا فى صباح العرس .
ويتحمل يعقوب مشقة الإستئجار سبعة سنوات أخرى ليفوز بالزواج من الحبيبة راحيل ،وتمر السنون ، ومشقة الحياة معها تزداد وإبتلاءات الرب ، ويصبر يعقوب على عدم الإنجاب ، ويدعوربه فيقبل الله دعوة الأب إسحاق ودعوة يعقوب الإبن ليفوز بإبن جميل لأمه راحيل ، ويفوز بأحد عشرآخرين من ليا والإماء لزوجاته
ولكن لايمكن له أن يملك مشاعر الحب الزائد ليوسف ابن راحيل الحبيبة ، الذى كان رفيقا بأبيه ، فتبدأ مشاعر الحسد والغيرة بين الأبناء وأخيهم يوسف ويجلسون ليتشاورون فى أمره ، كيف يمكن التخلص منه والإستئثاربحب أبيهم ، ويتخبطهم الشيطان ، فمن قائل نقتله لنتخلص منه ، ومن قائل نلقى به فى البئر ، ومن ... ومن ...
ويستقر الأمر على إلقائه فى البئر ، وتلطيخ قميصه بالدم إدعاءا لأبيهم أن اكله الذئب ، وهم فى ذلك حمقى ، إتخذوا من مخاوف أبيهم أسبابا ولم يحكموا الفعله ، فلو كانوا صادقين فى إدعائهم لمزق الذئب قميصه ولكن الحقد والحسد أغفل اعينهم وعقولهم عن إحكام التدبير
وتمر السنون وقلب نبى الله يعقوب يظل متعلقا برحمة الرب والأمل فى عودة الإبن المفقود ، ويفقد بصره من شدة الحزن ويعتصر قلب الأب المحب على الإبن الغالى نتيجه لهذا الحسد من الأخوات لأخيهم ويتعرض الإبن لإبتلاءات لا حصر لها بسبب ما وقع عليه من ظلم إخوته وأحقادهم فيتعذب بين مرارة الرق وآلام الأسر والسجن والتهم الباطلة والدعوة إلى الفواحش وغضب الرب ، وصبر واعتصم بالله حتى كافأه الله نتيجة إيمانه وصبره بأن يملك الأرض ويملك قوت إخوته ليتعطف عليهم ويعطيهم من فضل الله ، وتدب الحسره فى نفوسهم إذ بعد أن كانوا يتألمون غيره من حب أبيهم أصبح يفوز بحب أعظم فى نفس أبيهم وحب الله وتفضيله عليهم، وأنزل قرآنا يعزه به على مر السنين إلى يوم الحشر
وما تجنى نفس من حقدها إلا الحسرة وما أصابت إلا ما كتب الله لها.
وقصة يوسف وأخوته يحكو لنا الله تفاصيلها كاملة فى كتابه الكريم لنعتبر فى سورة يوسف .
|