رد: الحسد بين عذاب النفس و عقاب الجبار
الحسد بين عذاب النفس و عقاب الجبار
ماهو الحسد...؟
هو تمنى زوال نعمة الغير ،واستكثارها على صاحبها ثم تمنيها للنفس، وهذا يدعو الشخص إلى التطلع إلى أسرار الغير ، وتتبعهم ، وتتبع أخبارهم ، والعداء لهم ، فيورث الأحقاد والغيرة ،
فيسقط الشخص فيما لا يحمد عقباه .
والحسد فى مضمونه إعتراض على قدر الله موزع الأرزاق والأقدار ، وعدم الرضا بعطائه وقضائه .
هذه الصفة تجعل صاحبها دوما فى صراع مع آلام نفسية عندما ينقب عن شئون غيره ، فيجد هذا فى خير ، وهذا فى نعيم ، وهذا سعيد ، وهذا يمتلك ، هذا ينام وهذا يستيقظ ، ويقارن أحواله دائما بأحوال الآخرين ، فينقبض قلبه حسرة ، ويستطير عقله ، وتتقلص أمعاءه وأحشاءه فتمرض من الحقد والحسد والألم ، وينسى أن الشر والخير كلاهما فتنة الله وإختباره للعباد .
قال تعالى ( كل نفس ذائقة الموت. ونبلوكم بالشر والخير فتنة وإلينا ترجعون).الأنبياء35
وقد تفضح الحسود عيناه لحقده ، فتلتهب نارا عند رؤية سعادة الآخرين ، وربما لا يشعرون به ، ولا يعبأون بما هو فيه ، وقد يلمحون ذلك فى عينيه ،فينفرون منه ، ويمتنعون عن معاملته ، ويهابون أن يطلع لأخبارهم ، فيصبح منبوذا محقرا ، ثم يأتيه غضب الرب الذى قد يستعجل له العذاب فى الدنيا ، أو قد يؤخره إلى يوم القيامة
وتمتد نيران حقده لتحرق الغير ، وتبدأ النيران من قلبه وتنطلق إلي لسانه ، فتندلع فيه تعبيرات تنم عما استقر في نفسه فيكرهونه ويتباعدون عن التعامل معه أو معاشرته ، وقد تخوض في أمره الألسنه فبالتالي تقع فالخطيئة بالغيبة ويصير كالوباء يهرب منه وتخفى الأسرار عنه .وفي ذلك ينهانا الله ورسوله في كثير من الآيات والأحاديث نذكر منها التالي :
قال الله تعالى : ( أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله ) النساء 54
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم : " إياكم والحسد فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب ـ أو قال العشب ــ " رواه أبو داود.
وقال صلي الله عليه وسلم عن العين :
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " العين حق ، ولو كان شئ سابق القدر سبقته العين " . رواه مسلم
ونهى صلى الله عليه وسلم عن التحاسد والتباغض فقال برواية عن أبي هريرة رضي الله عنه : " لا تحاسدوا ولا تناجشوا ، ولا تباغضوا ولا تدابروا ، ولا يبع بعضكم على بيع بعض ، وكونوا عباد الله إخوانا ، المسلم أخو المسلم ، لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره ، التقوى ها هنا ــ ويشير إلى صدره ثلاث مرات ــ بحسب إمرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم ، كل المسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله ، وعرضه . " رواه مسلم
نظر إبليس نفسه بطريق المقايسه بينه وبين آدم ورأى نفسه أشرف منه ، وامتنع عن تلبية أمر ربه بالسجود وأصرعلى العصيان ، وتعداه إلى توعد ذرية آدم بالغوايه والإفساد ، ليصيبهم ما أصابه من حقد وعذاب دام منذ بدء الخليقه حتى يوم الدين.
إذ قال : قال تعآلي : ( قال ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك قال أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين * قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين * قال أنظرنى إلى يوم يبعثون * قال إنك من المنظرين * قال فبما إغويتنى لأقعدن لهم صراطك المستقيم ) الأعراف 12-16
والحسد يدعوصاحبه للتجسس والنظر في بيت الغير وهذا ما نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه ، فعن سهل بن سعد الساعدي ، أن رجلا ً جحر باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم مدري يحك به رأسه ، فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لو أعلم أنك تنظرني لطعنت به في عينك ".
وقال صلى الله عليه وسلم : " إنما جعل الإذن من أجل البصر " رواه مسلم
وسمع عنه صلى الله عليه وسلم أن قال : " من اطلع في بيت قوم بغير إذنهم فقد حل لهم أن يفقئوا عينه " رواه مسلم
ويزهدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فالدنيا ، ليضمن لنا هدؤء النفس والخاطر ، ويقينا بأس بعض وبأس انفسنا ، ويرفع ما قد يجلبه لنا الحسد من تباغض فيقول مطرف عن أبيه : أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ [ الهاكم التكاثر ]
قال : " يقول ابن آدم : مالي مالي ، قال : وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت ، أو لبست فأبليت ، أو تصدقت فأمضيت " .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " يقول العبد مالي مالي ، إنما له من ماله ثلاث : ما أكل فأفنى ، أو لبس فأبلى ، أو أعطى فأقتنى ، وما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس " رواه مسلم والبخاري
وعن أنس ابن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يتبع الميت ثلاث فيرجع إثنان ويبقى واحد : يتبعه أهله ، وماله ، وعمله، فيرجع أهله وماله ، ويبقى عمله ".
|