رد: ب قلم .../ يحيى بن موسى الزهراني ..!
ب قلم .../ يحيى بن موسى الزهراني ..!
5- المجاهر بنفسه المستعلن ببدعته :
استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : " ائذنوا له ، بئس أخو العشيرة ، أو ابن العشيرة " [ أخرجه البخاري ومسلم ] .
قال القرطبي : في الحديث جواز غيبة المعلن بالفسق أو الفحش ونحو ذلك من الجور في الحكم والدعاء إلى البدعة [ فتح الباري ] .
ومما يدل على اتصاف هذا الرجل بما أحل غيبته ما جاء في آخر الحديث ، حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم : " أي عائشة ، إن شر الناس من تركه الناس أو ودعه اتقاء فحشه " .
قال الحسن البصري : ليس لصاحب البدعة ولا الفاسق المعلن بفسقه غيبة [ شرح أصول الاعتقاد ] .
وقال زيد بن أسلم : إنما الغيبة لمن لم يعلن بالمعاصي [ شعب الإيمان ] .
والذي يباح من غيبة الفاسق المجاهر ما جاهر به ، دون سواه من المعاصي التي يستتر بها .
قال النووي : كالمجاهر بشرب الخمر ومصادرة الناس وأخذ المكس . . . فيجوز ذكره بما يجاهر به ، ويحرم ذكره بغيره من العيوب [ شرح صحيح مسلم ] .
وينبغي أن يُصنع ذلك حسبة لله وتعريفاً للمؤمنين لا تشهيراً وإشاعة للفاحشة أو تلذذاً بذكر الآخرين .
قال ابن تيمية : وهذا كله يجب أن يكون على وجه النصح وابتغاء وجه الله تعالى ، لا لهوى الشخص مع الإنسان مثل الإنسان مثل أن يكون بينهما عداوة دنيوية أو تحاسد أو تباغض. . . فهذا من عمل الشيطان و إنما الأعمال بالنيات [ مجموع الفتاوى 28 / 221 ]
.السادس : التعريف :
فإذا كان الإنسان معروفًا بلقب، كالأعمش والأعرج والأصم والأعمى، والأحول ، وغيرهم جاز تعريفهم بذلك، ويحرم إطلاقه على جهة التنقص، ولو أمكن تعريفه بغير ذلك كان أولى.
فهذه ستة أسباب ذكرها العلماء وأكثرها مجمع عليه ، ودلائلها من الأحاديث الصحيحة المشهورة ، وإليك بيان ذلك :
عن عَائِشَةَ رضي الله عنها أن رجلاً اسْتَأْذَنَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " ائْذَنُوا لَهُ ، فَبِئْسَ ابْنُ الْعَشِيرَةِ أَوْ بِئْسَ أَخُو الْعَشِيرَةِ ، فَلَمَّا دَخَلَ أَلَانَ لَهُ الْكَلَامَ ، فَقُلْتُ لَهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ قُلْتَ مَا قُلْتَ ، ثُمَّ أَلَنْتَ لَهُ فِي الْقَوْلِ ، فَقَالَ : " أَيْ عَائِشَةُ إِنَّ شَرَّ النَّاسِ مَنْزِلَةً عِنْدَ اللَّهِ ، مَنْ تَرَكَهُ أَوْ وَدَعَهُ النَّاسُ اتِّقَاءَ فُحْشِهِ " [ متفق عليه ] .
احتج البخاري رحمه الله تعالى بهذا الحديث في جواز غيبة أهل الفساد ، وأهل الريب .
وعنها رضي الله عنها قَالَتْ : قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَا أَظُنُّ فُلَانًا وَفُلَانًا يَعْرِفَانِ مِنْ دِينِنَا شَيْئًا " [ أخرجه البخاري ، وقَالَ اللَّيْثُ بن سعد : كَانَا رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُنَافِقِينَ ] . [ الأذكار 489 ، الزواجر 556 ] .
علاج الغيبة :
الغيبة مرض فتاك ، وسقم قتال ، ومن علم خطورته وجب عليه الابتعاد عنها ، فهو طريق موصل لغضب الرب سبحانه ، مفض لعقابه وعذابه ، فإذا عرف المغتاب أنه تعرض لسخط الله تعالى يوم القيامة ، بإحباط عمله ، وإعطاء حسناته من اغتابه ، ويحمل من أوزاره وسيئاته ، وأنه يتعرض لهجوم من يغتابه في الدنيا ، وقد يسلطه الله عليه ، لأنه ظالم ، ظلم من اغتابه ، فإذا علم المغتاب ذلك ، فواجب عليه أن يتقي الله تعالى ويخافه في سره وعلانيته ، ويخشى عقوبته الآجلة قبل العاجلة ، فعليه أن يقلع عن ذنبه ويستغفر الله تعالى ويتوب إليه ، ويتحلل من اغتابه إن كان قادراً على ذلك ، أو يدعو له في كل موطن اغتابه فيه .
وينبغي من عرضت له الغيبة أن يتفكر في عيوب نفسه ، فيتداركها ويسعى لإصلاحها ، ويستحيي أن يعيب الناس وهو معيب ، كما قال بعضهم :
فإن عبت قوماً بالذي فيك مثله فكيف يعيب الناس من هو أعور
وإن عبت قوماً بالذي ليس فيهم فذلك عن الله والناس أكبر
وإن ظن أنه سليم من العيوب ، فليتشاغل بالشكر على نعم الله عليه ، ولا يلوث نفسه بأقبح العيوب وهو الغيبة ، وكما لا يرضى لنفسه بغيبة غيره له ، فينبغي أن لا يرضاها لغيره من نفسه .
ولينظر في السبب الباعث على الغيبة ، فيجتهد في قطعه ، فإن علاج العلة يكون بقطع سببها . [ مختصر منهاج القاصدين 214 ] .
ومن أهم الأمور التي يُستعان بها للتخلص من الغيبة ما يلي :
1- تقوى الله عز وجل والاستحياء منه :
ويحصل هذا بسماع وقراءة آيات الوعيد والوعد وما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم من أحاديث تحذر من الغيبة ومن كل معصية وشر، ومن ذلك قوله تعالى : " أم يحسبون أنا لا نسمع سرهم ونجواهم بلى ورسلنا لديهم يكتبون " [ الزخرف80 ] .
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اسْتَحْيُوا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ " قَالَ : قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّا نَسْتَحْيِي وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، قَالَ : " لَيْسَ ذَاكَ ، وَلَكِنَّ الِاسْتِحْيَاءَ مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ ، أَنْ تَحْفَظَ الرَّأْسَ وَمَا وَعَى ، وَالْبَطْنَ وَمَا حَوَى ، وَلْتَذْكُرِ الْمَوْتَ وَالْبِلَى ، وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ تَرَكَ زِينَةَ الدُّنْيَا ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ ، فَقَدِ اسْتَحْيَا مِنَ اللَّهِ حَقَّ الْحَيَاءِ " [ أخرجه الترمذي وأحمد وحسنه الألباني في صحيح الجامع برقم 935 ]
.2- تذكر مقدار الخسارة التي يخسرها المسلم من حسناته :
ويهديها لمن اغتابهم من أعدائه وسواهم ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ؟ " قَالُوا : الْمُفْلِسُ فِينَا ، مَنْ لَا دِرْهَمَ لَهُ وَلَا مَتَاعَ ، فَقَالَ : " إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِي ، يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلَاةٍ ، وَصِيَامٍ ، وَزَكَاةٍ ، وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا ، وَقَذَفَ هَذَا ، وَأَكَلَ مَالَ هَذَا ، وَسَفَكَ دَمَ هَذَا ، وَضَرَبَ هَذَا ، فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ ، فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ ، أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ ، فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ، ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ " [ أخرجه مسلم ] .
وروي أن الحسن قيل له : إن فلاناً اغتابك ، فبعث إليه الحسن رطباً على طبق وقال : بلغني أنك أهديت إلي من حسناتك ، فأردت أن أكافئك عليها ، فاعذرني ، فإني لا أقدر أن أكافئك على التمام .
:
" يتبع "
|