اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا
فلم يبق من العلوم النافعة علم إلا بينه لهم ، فإن القرآن تبيان لكل شيء ، فعلوم الأصول وعلوم الفروع والأحكام ، وعلوم الأخلاق والآداب ، وعلوم الكون ، وكل ما يحتاجه الخلق من ذلك اليوم إلى أن تقوم الساعة ، في القرآن بيانه والإرشاد إليه ، وهو الذي إليه المرجع في جميع الحقائق الشرعية والعقلية ، ومحال وممتنع أن يأتي علم صحيح لا محسوس ولا معقول ينقض شيئا مما جاء به القرآن ؛ فإنه
تنزيل من حكيم حميد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه
أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا
- ص 304 - إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
فهذه الآية جمعت بين نوعي العلوم ، فإن العلوم وسائل ومقاصد ، وهو الحق الذي يقول الله في كتابه ، وعلى لسان رسوله ، ونوع وسائل ، وهو الهداية إلى السبيل إلى كل علم وعمل ، كما أن قوله تعالى :
ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا
جمعت الكمال في ألفاظه ومعانيه ؛ فألفاظه أوضح الألفاظ وأبلغها وأحسنها تفسيرا لكل ما تفسره من الحقائق ، بوضوحها وأحكامها وقوامها ، ومعانيه كلها حق ، وذلك أنه تمت كلمة ربك صدقا وعدلا ، صدقا في أخبارها ، وعدلا في أحكامها : أوامرها ونواهيها :
ومن أحسن من الله حكما لقوم يوقنون
فأحكامه على الإطلاق أحسن الأحكام وأنفعها للعباد ، فهذا في شرعه ودينه ونظيره في خلقه ، الذي أحسن كل شيء خلقه ، وبدأ خلق الإنسان من طين .
وقد جمع الله في كتابه بين المتقابلات العامة ، وذلك لكمال هذا الكتاب وأحكامه