تفسير سورة الأعراف
الآية 156
( واكتب لنا فى هذه الدنيا حسنة وفى الآخرة إنا هدنا إليك ، قال عذابى أصيبُ به من أشاءُ ورحمتى وسعت كّل شئ ، فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون )
قال موسى : اللهم اجعل لنا فى الدنيا والآخرة نصيبا من الحسنات والثواب فنحن رجعنا وتبنا عن ذنوبنا ورجعنا إليك
قال تعالى لموسى : أنى أفعل ما أريد أعذب من أريد وأغفر لمن أريد وأرحم جميع المخلوقات رحمة واسعة
سأوجب رحمتى للمؤمنين المتقين الذين يقيمون الصلاة ويدفعون الزكاةمن مالهم وأنفسهم ويطيعونى ويصدقون بآياتى
الآية 157
( الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والأغلال التى كانت عليهم ، فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولئك هم المفلحون )
ويغفر للذين يؤمنون بالرسول الذى كتبت صفاته فى التوراة وفى الإنجيل
وهذا الرسول يأمرهم بالخير وينهاهم عن الشر
ويحل لهم ما حرموه على أنفسهم ولم ينزل الله به أمر مثل ما حرموه من الإبل والأنعام
ويحرم عليهم أكل الخبيث من الطعام كلحم الخنزير والخمر والربا
ويسقط عنهم ما قيدوا أنفسهم به من أمور فلهم اليسر وليس التعسير
فمن يؤمن به ويعظمه وينصره ويتبع القرآن الذى بلغ به فهم المفلحون فى الدنيا والآخرة
هكذا كان التبشير فى الكتب السماوية ومع الأنبياء جميعا بمحمد صلى الله عليه وسلم
الآيات 158
( قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السموات والأرض ، لآ إله إلا هو يحى ويميت ، فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون )
يا محمد : قل لجميع الناس فى جميع الأقطار على الأرض أنا رسول من الله إليكم جميعا
فالله هو الذى يملك السموات والأرض وجميع ما فيهن
الله هو الذى يحي ويميت
وهو الذى أرسلنى فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى وصف لكم فى الكتب السماوية وبشرتم به
الذى يصدق بالله قولا وعملا ويؤمن بكلامه فى القرآن واتبعوا طريقه وهذا هو الصراط المستقيم
الآيات 159 ـ 162
( ومن قوم موسى أمةٌ يهدون بالحق وبه يعدلون * وقطعناهم اثنتى عشرة أسباطا أمما ، وأوحينا إلى موسى إذ استسقاه قومه أن اضرب بعصاك الحجر ، فانبجست منه اثنتا عشرة عينا ، قد علم كل أناس مشربهم ، وظللنا عليهم الغمام وأنزلنا عليهم المن والسلوى ، كلوا من طيبات ما رزقناكم ، وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون * وإذ قيل لهم اسكنوا هذه القرية وكلوا منها حيث شئتم وقولوا حطة وادخلوا الباب سجدا نغفر لكم خطيآتكم ، سنزيد المحسنين * فبدل الذين ظلموا منهم قولا غير الذى قيل لهم فأرسلنا عليهم رجزا من السماء بما كانوا يظلمون )
وليس جميع قوم موسى فى زمانهم كانوا فاسقين ولكن كان منهم مجموعة يتبعون الحق ويعدلون به
طلب بنوا اسرائيل من موسى الماء والسقيا ، فسألها الله ، فقال له أضرب بعصاك حجرا تخرج منه الماء
وقد فعل وانفجرت 12 عين من الحجر وقسم بنوا اسرائيل أنفسهم وفقا لهذه العيون وأصبح موسى يحمل هذا الحجر معه فى مسيرتهم كلما احتاجوا للماء ضرب الحجر بالعصا
وظلل الله بالسحب على بنوا اسرائيل فى الطريق إلى الأراضى المقدسة ورزقهم الله العسل( السلوى ) والسمان ( المن ) ( وهو طائر بين العصفور والحمام ) للتغذى عليها ، ولكنهم كانوا يظلمون أنفسهم بالرغم من آيات الله لهم ، وقال لهم أدخلوا قرية من القرى فى الطريق لعلهم يسهل لهم أسباب العيش وطلب منهم أن ينحنوا شكرا لله ويقولوا اللهم حط عنا خطايانا واغفر لنا ، فالبعض الذى آمن فعل ما قيل له والبعض زاد عتوا فرفض ورفع رأسه تحديا للسماء وقال ( حنطة ) بدلا من حطة استهزاءا بالقول ، فأنزل الله عليهم غضبه فأصابهم بالطاعون
والحنطة هى القمح
الآية 163
( وسئلهم عن القرية التى كانت حاضرة البحر إذ يعدون فى السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم ، كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون )
واسأل اليهود يا محمد عن أصحاب القرية التى كانت تقع على البحر وقد خالفوا أمر ربهم عندما نهاهم عن صيد البحر يوم السنت فتحايلوا ليخالفوا شرع الله فكانت تأتى الحيتان ( شرعا ) ظاهرة على سطح الماء يوم السبت وباقى الأيام لا تأتيهم ليختبرهم الله بفسقهم وخروجهم على طاعته
فقد حرم الله فى التوراة العمل يوم السبت فى فترة من الزمان أختبارا لهم لكثرة تمردهم .
وقيل أن أهل مدينة أيلة بين مدينة مدين وجبل الطور ، وكانت تقع على بحر القُلزُم وكانوا متمسكين بدين التوراة فى تحريم السبت ، فى ذلك الزمان ، فكانت حيتانهم قد ألفت منهم السكينة فى هذا اليوم الذى كان يحرم عليهم فيه الصيد بالبحر ، وأيضا جميع المكاسب والتجارات والصناعات ، فكانت تأت الحيتان كثيرة مسترسلة يوم السبت ، ويوم لا يسبتون لا تأتيهم حيث كانوا يصطادونها ، وكان ذلك اختبارا لهم من الله بسبب فسقهم المتقدم ، فلما رأوا ذلك احتالوا على إصطيادها فى يوم السبت ، فنصبوا لها الشباك والحبال، وحفروا الحفر التى يجرى معها الماء إلى المصائد ، فإذا دخل السمك لا يستطيع أن يخرج ، فكانوا يفعلون ذلك يوم الجمعة وتدخل الحيتان يوم السبت فتحبسها المصائد وتظل بها يوم السبت ثم يأخذونها يوم الأحد .
ولذلك غضب الله عليهم وعلى إحتيالهم وإنتهاكهم محارمه.
|