رد: حملة /لا للصداقة بين الرجل والمرأة ؟( حب الذئاب لل فتياتنا )
حملة /لا للصداقة بين الرجل والمرأة ؟( حب الذئاب لل فتياتنا )
وسائل الإغراء:
قصة يوسف ليست مجرّد قصّة تأريخية وقعت مرّة واحدة وانتهى الأمر.. نعم، هي
قصة لها ظروفها وملابساتها الخاصّة، لكنّ فحواها يتكرّر.. فكم من فتاة أغوت
فتى، وكم من شابّة استدرجت شاباً. وكم من إمرأة أوقعت رجلاً في شباكها؟
فمنهم مَن لبّى واستجاب فحصد الإثم والعذاب، ومنهم من خاف مقام ربّه ونهى
النفس عن الهوى. ولقد ورد في بعض الأحاديث أنّ من بين من يظلّهم الله في
عرشه يوم لا ظلّ إلا ظلّه شاب دعته إمرأة إلى إرتكاب الفاحشة فأبى واستعصم.
والعكس يقع أيضاً، فكم من شاب حاول إغراء فتاة بمختلف الأساليب، ليجرّها إي أجواء المعصية أو مستنقع الفاحشة؟
هنا، نحن أمام حالة الإغراء التي تواجه الشبان في حياة تكثر فيها صور
الإغراء وتتسع مساحته. وهناك من يقول – كما هو رأي بعض الغربيين – "أفضل
طريقة لمواجهة الإغراء هو أن تستجيب له".
وهي نظرة مادِّية بحتة تقول للشاب الجائع: كُلْ كلّ شيء حتى الممنوع،
وللشاب العطشان: إشرب كلّ شيء حتى المحرّم، فهي تعلِّمه كيف يستجيب لشهوته
دون النظر إلى الوسيلة التي تشبع بها تلك الشهوة، ودون حساب لما يترتب على
انكبابه وتهافته على شهواته من تحطّم شخصيته وإنسحاق إرادته أمام اللذّة.
وقد يؤدِّي إشباع شهوة دون تفكّر وإلتزام إلى حرمان الإنسان من نعم كثيرة
أو الإبتلاء ببلاء أو مرض أو مشاكل مستعصية، وقد قيل: "وكم من شهوةٍ أورثت
ندماً كثيراً".
يوسف (ع) يقول لنا كشباب: إنّ مواجهة الإغراء صعبة لا يفلت من قبضتها إلا
مَن بنى شخصيته الإيمانية بناءً واعياً ورصيناً بحيث يتدبّر عاقبة الأمر،
فإن كان راشداً أمضاه وإن كان غياً انتهى عنه. ولم يكن الله سبحانه وتعالى
ليطلب منّا أن نتأسّى بيوسف لو كان التأسي به مستحيلاً (لا يُكلِّفُ اللهُ
نفساً إلاّ وُسْعَها) (البقرة/ 286).
فكيف إذاً نواجه الإغراء؟
المواجهة تتمّ بأحد أمرين:
* الإبتعاد – مهما أمكن – عن الأجواء المشحونة بالإغواء، المغرية بالمعصية،
المشجّعة على الوقوع في مستنقع الرذيلة. ورد في الحديث: الحلال بين ، والحرام بين ، وبين ذلك شبهات ، فمن ؛ أوقع بهن ؛ فهو قمن أن يأثم ، ومن اجتنبهن ؛ فهو أوفر لدينه ، كمرتع إلى جنب حمى ، وحمى الله الحرام .
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1732
خلاصة حكم المحدث: صحيح
* وإذا حاصرتنا تلك الأجواء، فإنّنا نهرب منها إلى الله، فهو ملاذنا الآمن،
تماماً كما فعل يوسف (ع). والهروب إلى الله يتمّ بمعرفته ومخافته وطاعته
ورجائه والثقة به والتوكل عليه.
فـ(يوسف) هذا الشاب (ولمّا بلغ أشدّه) (يوسف/ 22)، والأشدّ إستكمال القوّة
الجسدية والعقلية، يواجه الإغراء المحموم في سنٍّ تفتح غريزته وشهوته
باللجوء إلى الله (لو لا أن رأى بُرهان رَبِّه) (يوسف/ 24)، بتدبّر عاقبة
الإقدام على الفحشاء (إنّ الذينَ اتّقوا إذا مَسّهُم طائِفٌ من الشّيطانِ
تذكّروا فإذا هُم مُبْصِرُون) (الأعراف/ 201).
فالمؤمن الصادق الإيمان قد ترتسم غشاوة أمام عينيه، لكنّه بخلاف غيره من
المستجيبين إستجابة عمياء للإغراء ونداء المعصية، سرعان ما يزيح تلك
الغشاوة عن عينيه ليعود بصره حادّاً يرى الأشياء بأحجامها رؤية واضحة.
واللجوء إلى الله في مثل هذه المواقف لجوء إلى ركن وثيق (كذلكَ لنصرفَ عنهُ
السُّوء والفحشاء) (يوسف/ 24). وهذا كلّه يجري ضمن معادلة (إنّ اللهَ لا
يغيِّر ما بقومٍ حتّى يُغيِّروا ما بأنفسِهِم) (الرعد/ 11).
ابتعد عن الفحشاء والمنكر متراً يبعدك الله عنه ميلاً.. صن نفسك من الحرام
في لحظة الإغراء، يَزِد الله في صبرك وصلابتك ومقاومتك وممانعتك بما لا
تحتسب به.. إهرب إليه يحتضنك ويرعَك.. استعن به في المواقف الحرجة يمددك
بعونه ولطفه.. إتّقه يجعل لك مخرجاً.
ولهذا يرى بعض المفسِّرين لقوله تعالى (ولنصرفَ عنهُ السُّوء) أنّ الصّرف
عن السُّوء والفحشاء ليس أمراً بعيداً عن حرِّية الإرادة والإختيار. فالله
تعالى لم يجبر (يوسف) على الإبتعاد عن المعصية، بل أثار أمامه الأفكار التي
تبعده عنها بشكل تلقائي، وهي الإلتزام بشريعته والإنسجام مع خطوط هذه
الشريعة.
وثمة سؤال مهم: لماذا فضّل (يوسف) السجن على إرتكاب الفاحشة (ربّ السجن أحبّ إليَّ ممّا يدعونني إليه) (يوسف/ 33)؟
إنّ إرتكاب الفاحشة، والإستجابة للإغراء، وممارسة الجنس بشكل محرّم، يمكن
أن يمثِّل عند بعض الشبّان والفتيات نوعاً من أنواع الحرِّية. والسجن كما
هو معروف حجز وحجب لتلك الحرِّية. لكنّ (يوسف) كما يرى بعض المفسِّرين
يوازن بين حرِّية الجسد في خط الشيطان وحرِّية الروح في خط الرحمن، فيختار
الثانية لأنّها أحبّ إليه، يما يحمل في داخله من معرفة بالله وبالشيطان،
وبالحلال وبالحرام، وبالإستقامة وبالإنحراف.
متى يكون (السجن) أحبّ إلينا من (الحرِّية)؟
عندما تأسرنا الحرِّية لتحيلنا إلى عبيد لشهواتنا المحرّمة وغرائزنا
المنفلتة ونزواتنا الطائشة، وإذ ذاك لا تكون حرِّية وإنّما قيد يكبّلنا
ويشلّ إرادتنا ويسحق شخصيتنا بأقدام الذلّ. ورد في الحديث: "فوّض الله
للمؤمن أموره كلّها إلا أن يكون ذليلاً".
وبإختصار، فإنّ المقاومة للإغراء لا تأتي إلاّ من خلال بناء متين للمحتوى
الداخلي لشخصية الشاب أو الفتاة، أي أنّها تأتي نتيجة خطّة تربوية إيمانية
متكاملة. من خلال الإلتزام بالصّلاة والصِّيام وغيرهما من الفروض الدينية،
وكذلك قراءة القرآن والدعاء وذكر الله على أيِّ حال، فإنّ هذه جميعاً
تنمِّي في الإنسان الإيمان وتقوِّي إرادته في مواجهة الشيطان، قال تعالى:
(أتل ما أوحيَ إليكَ مِنَ الكتاب وأقمِ الصّلاة إنّ الصّلاة تنهى عنِ
الفحشاءِ والمُنكَرِ ولَذكرِ الله أكبر واللهُ يعلمُ ما تصنعون) (العنكبوت/
45).
فعملية الرّفض كانت دائماً نتاج روح عتيدة وأبيّة يراقب فيها العبد ربّه،
ويتمرّد معها على النوازع الذاتية، والعوامل الخارجية التي تريد أن تحرفه
عن الخط المستقيم.
(إنّ الشّيطانَ لكُم عدوٌّ فاتّخذوهُ عَدوّا) (فاطر/ 6).
(إنّ كَيْدَ الشّيطانِ كانَ ضَعيفاً) (النِّساء/ 76).
لا تتّبعُوا خطواتَ الشّيطان فإنّهُ يأمرُ بالفحشاء والمُنكر) (النور/ 21).
(إنّ الشّيطانَ للإنسانِ عَدوَّ مبين) (يوسف/ 5)
|