* فائدة : قوله تعالى :
لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا
- ص 325 - جمع الله فيها الحقوق الثلاثة : الحق المختص بالله الذي لا يصلح لغيره ، وهو العبادة في قوله :
وتسبحوه بكرة وأصيلا
والحق المختص بالرسول ، وهو التوقير والتعزير ، والحق المشترك ، وهو الإيمان بالله ورسوله .
* فائدة : ذكر الله اليقين في مواضع كثيرة من القرآن في المحل العالي من الثناء ، أخبر أن اليقين هو غاية الرسل بقوله :
وليكون من الموقنين
وأنه بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين ، وأن الآيات إنما ينتفع بها الانتفاع الكامل ( الموقنين ) ، فحقيقة اليقين هو العلم الثابت الراسخ التام المثمر للعمل القلبي والعمل البدني .
أما آثار اليقين العلمية فثلاث مراتب : علم اليقين ، وهي العلوم الناتجة عن الأدلة والبراهين الصادقة الخبرية ، كجميع علوم أهل اليقين الحاصلة عن خبر الله وخبر رسوله وأخبار الصادقين ، وعين اليقين وهي مشاهدة المعلومات بالعين حقيقة ، كما طلب الخليل إبراهيم من ربه أن يريه كيف يحي الموتى ، فأراه الله ذلك بعينه ، وغرضه عليه السلام الانتقال من مرتبة علم اليقين إلى عين اليقين ، وحق اليقين : وهي المعلومات التي تحقق بالذوق ، كذوق القلب لطعم الإيمان ، والذوق باللسان للأشياء المحسة .
وأما آثاره القلبية فسكون القلب وطمأنينته ، كما قال إبراهيم :
ولكن ليطمئن قلبي
وقال صلى الله عليه وسلم : البر ما اطمأن إليه القلب ، وفي لفظ : الصدق ما اطمأن إليه القلب ، فإن العبد إذا وصل إلى درجة اليقين في علومه اطمأن قلبه لعقائد الإيمان كلها ، واطمأن قلبه لحقائق الإيمان وأحواله التي تدور على محبة الله
- ص 326 - وذكره ، وهما متلازمان ، قال تعالى :
ألا بذكر الله تطمئن القلوب
فتسكن القلوب عند الأخبار فلا يبقى في القلب شك ولا ريب في كل خبر أخبر الله به في كتابه وعلى لسان رسوله ، بل يفرح بذلك مطمئنا عالما أن هذا أعظم فائدة حصلتها القلوب ، ويطمئن عند الأوامر والنواهي مكملا للمأورات ، تاركا للمنهيات ، راجيا لثواب الله ، واثقا بوعده .
ويطمئن أيضا عند المصائب والمكاره فيتلقاها بانشراح صدر واحتساب ، ويعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم ، فيخف عليه حملها ، ويهون عليه ثقلها ، وقد علم بذلك آثارها البدنية ، فإن الأعمال البدنية مبنية على أعمال القلوب ، فأهل اليقين هم أكمل الخلق في جميع صفات الكمال ، فإن اليقين روح الأعمال والأخلاق وحاملها ، والله هو الموفق الواهب