لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين
هذه المنة التي امتن الله بها على عباده المؤمنين أكبر المن ، بل هي أصلها ؛ وهي الامتنان عليهم بهذا الرسول الكريم ، الذي جمع الله به جميع المحاسن الموجودة في الرسل ؛ ومن كماله العظيم هذه الآثار التي جعلها الله نتيجة - ص 33 - رسالته ، التي بها كمال المؤمنين علما وعملا ، وأخلاقا وآدابا ، وبها زال عنهم كل شر وضر ، فبعثه الله من أنفسهم وأنفسهم وقبيلتهم ، يعرفون نسبه أشرف الأنساب ، وصدقه وأمانته وكماله الذي فاق به الأولين والآخرين ، ناصحا لهم مشفقا ، حريصا على هدايتهم . يتلو عليهم آياته فيعلمهم ألفاظها ، ويشرح لهم معانيها ، ويزكيهم أي : يطهرهم من الشرك والمعاصي والرذائل وسائر الخصال الذميمة ، ويزكيهم أيضا أي : ينميهم ، فيحثهم على الأخلاق الجميلة ، فإن التزكية تتضمن هذين الأمرين : التطهير من المساوئ ، والتنمية بالمحاسن ؛ ويعلمهم الكتاب وهو القرآن ، والحكمة وهي السنة .
فالكتاب والسنة بهما أكمل الله للرسول وأمته الدين ، وبهما حصل العلم بأصول الدين وفروعه ، وبهما حصلت جميع العلوم النافعة ، وما يترتب عليها من الخيرات ، وزوال الشرور ، وبهما حصل العلم اليقيني بجميع الحقائق النافعة ، وبهما الهداية والصلاح للبشر .